ابن سبكتكين (محمود-) Ibn Spaktakeen (Mahmoud-) : سيف الدولة .

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ابن سبكتكين (محمود-) Ibn Spaktakeen (Mahmoud-) : سيف الدولة .

    سبكتكين (محمود بن ـ)
    (…ـ 421هـ/… ـ 1030م)

    أبو القاسم، السلطان محمود بن الأمير ناصر الدولة سبكتكين، من كبار القادة، فاتح الهند، لقبَّ أولاً بسيف الدولة وذلك قبل توليه السلطنة، ثم أنعم عليه الخليفة العباسي القادر بالله بلقب يمين الدولة، وأمين الدولة، واشتهر به، عاصمته غزنة (بين خراسان والهند) وفيها ولادته ووفاته، امتدت سلطته من أقاصي الهند إلى نيسابور.
    تركيُّ الأصل، مستعرب، كان والده أمير الغزاة الذين يغيرون من بلاد ما وراء النهر على أطراف سجستان، خلع عليه الخليفة العباسي خلع السلطنة وعقد له اللواء ولقبه بناصر الدولة، تمكن من الاستيلاء على العديد من القلاع بما في ذلك مدينة بُست، توفى سبكتكين عام 387هـ/997م، تاركاً ثلاثة أبناء هم محمود، نصر، إسماعيل، وكان إسماعيل هو الأصغر والمحبب لوالده، فعهد إليه ولاية العهد وهو على فراش الموت وحَمَلَ جميع أمراء البلاد أن يؤَدّوا إليه يمين الطاعة والولاء، واعتلى إسماعيل العرش في بلخ، في حين كان شقيقه محمود يعمل في ذلك الوقت قائداً لجيش خراسان من قبل الملك الساماني، حاول التفاهم معه، إلا أنه رفض، عندئذ تقدّم محمود بقواته التي كانت تعمل تحت إمرته نحو غزنة، حيث التقى وشقيقه إسماعيل في معركةٍ دارت رحاها عام 389هـ/998م، ومني إسماعيل بالهزيمة، وأُرغم على التسليم، بعد حكمٍ لم يدم أكثر من سبعة أشهرٍ فقط، وقد عامله محمود بتسامحٍ كبير، ومع هذا فقد اكتشف محمود مؤامرة يدبرها شقيقه المعزول في الخفاء، فقبض عليه وحجزه تحت رقابةٍ أمينة حتى نهاية أيامه ومن دون أن يسيء إليه. وهكذا تمكنَّ من أن ينتزع منه الملك ويؤسس الدولة الغزنوية وجعل عاصمتها غزنة، وأرسل إليه الخليفة العباسي القادر بالله خلعة السلطنة.
    كان محمود يتميز بطموحٍ وروحٍ وثابة، يحدوه أملٌ كبير في تأسيس دولةٍ مترامية الأطراف، لذا سرعان ما توجه صوب بلاد خراسان فاستولى عليها من أيدي السامانيين أولياء نعمته السابقين، وبعد هزيمة الملك الساماني إسماعيل بن نوح بن منصور، المنتصر، عهد محمود بولايتها لشقيقه نصر، الذي ما لبث أن جرت بينه وبين عبد الملك الساماني جولاتٌ جديدة من المعارك مني الساماني إثرها بالهزيمة، وبذلك انتهت الدولة السامانية عام 395هـ/1004م. وتوجه لقتال الترك فيما وراء النهر، واضعاً نصب عينيه أن يجعل حدود دولته تصل إلى ما وراء بلاد الهند، ولهذا قام بإرسال قواته إلى تلك الديار، حيث كان يغزوها كلَّ عام، وتمكنَّ من فتح بلادٍ شاسعة في تلك المناطق في المدة الواقعة بين 392ـ415هـ/1001ـ1024م، ففتح الملتان واجتاح كشمير وأنهى الدولة الإسماعيلية فيها عام 398هـ/1007م، وكذلك قام باحتلال سجستان كلها عام 399هـ/1008م، وأنهى حكم بني الصفّار فيها، وفي عام 400هـ/1009م غزا الهند، و دارت رحى واحدةٍ من أكبر المعارك بينه والقوات الهندية ونصر الله الإسلام، وعُرفتْ تلك المعركة بمعركة نارين، ثم هاجم بلاد الغور بأفغانستان عام 401هـ/1010م وتمكن من الانتصار على أعدائه الذين كان يرأسهم ابن سُورَى، حيث أُسر في تلك المعركة وسائر أفراد حاشيته، ومات مسموماً حسرةً على ما وصلت إليه حاله من مذلةٍ وهوان. وعمل السلطان محمود على نشر الإسلام في تلك الديار، واستولى على مدينة لاهور الهندية عام403هـ/1012م، وإثر تلك النجاحات التي أحرزها محمود الغزنوي والتي كانت تصل أنباؤها للخليفة العباسي ببغداد، من خلال المراسلات الجارية بين الاثنين باستمرار.
    أقرّه الخليفة على ما استحوذ عليه في بلاد خراسان والهند وأطلق عليه لقب نظام الدين، وذلك عام 404هـ/1013م. تابع السلطان غزواته محاولاً استكمال فتح بلاد الهند، والتوغل فيها، ففي عام 404هـ/1013م غزا وسط الهند مفتتحاً المزيد من المدن الهندية الجديدة، وفي عام 407 هـ/1016م استولى على خوارزم بعد اغتيال أميرها المأمون بن علي آخر ملوكها وعيّن التون تاش كبير حُجَّابه عليها، وأتمَّ كذلك فتح كشمير ونشر الإسلام في ربوعها، وقد استعان بأهلها في اجتياز دروب الهند وفتح مدنها وقلاعها، تابع توغله في الأراضي الهندية خلال الأعوام 408ـ415هـ/1017ـ1024م، والاستيلاء على المزيد من المدن والقلاع، وهدم الأصنام الموجودة في تلك الأماكن، وعيّن عام 415هـ/1024م، أحمد بن ينالتكين نائباً عنه في حكم بلاد الهند، واستولى عام 416هـ/1025م على مدينة المنصورة عاصمة السند، منهياً بذلك حكم الدولة الهبّارية التي أسسها عمر بن عبد العزيز الهبّاري عام 247هـ/861م، وقد وصلت إليه في العام نفسه خِلَعٌ من صاحب مصر الفاطمي محاولاً كسب وده واستمالته إلى جانبه، وطلب منه الخطبة له على منابر البلاد، إلا أنه لم يحصل على أدنى قبولٍ من السلطان وأرسل للخليفة علماً بذلك، الأمر الذي يدل أنه كان على علاقة وطيدة وحسنة مع الخلافة العباسية، ولم يحاول شق عصا الطاعة عليها كما فعل الكثيرون غيره من وُلاة الأقاليم. وفي عام 417هـ/1026م تمكنَّ من انتزاع الرّي من مجدّ الدولة البويهي وإنهاء الحكم البويهي لها، وتابع عام 418هـ/1027م، تقدمه في تلك الأنحاء وصولاً لما وراء نهر الغانج واحتلال مدينة كجران وعمل على هدم هيكل سنومات والصنم القائم فيها، وأرسل رسالة للخليفة العباسي يخبره فيها بأمر ذلك الصنم العجيب. وفي عام 420هـ/1029م استولى نائبه في الهند على واحدةٍ من كبريات المدن الهندية وهي مدينة نرسي، وفي العام نفسه نشب القتال ضارياً بين محمود من جهة، والبويهيين والباطنيين في دامغان من جهة أخرى، فأدى إلى مقتل مجد الدولة رستم بن فخر الدولة البويهي، واستطاع ابنه مسعود عام 421هـ/1031م، من الاستيلاء على أذربيجان وإنهاء حكم بني السّالار الذي تأسس فيها عام 330 هـ/941م.
    كان محمود عاقلاً، ديّناً، خيّراً، ذا عزمٍ وصدقٍ في الجهاد، عبرَّ عنه في العديد من غزواته المتتالية لفتح الهند وكشمير والسند والري وسجستان وأذربيجان وبلاد الغور وخوارزم، وكان عنده علمٌ ومعرفةٌ كثيرة بالعلوم، أحبَّ العلماء وأحسن إليهم، وكان مجلسه مورد العلماء، وكان يجالسهم على الدوام ويناظرهم في شتى فنون المعرفة، حتى أنه كان يُعَدُّ من أعيان الفقهاء، فصيحاً، بليغاً، استعان بأهل العلم على تأليف كثيرٍ من الكتب في العديد من الميادين العلمية، والتي نُسبت إليه، منها كتاب التفريد في فقه الحنفية، والذي احتوى على مسائل في الفقه الحنفي، وله خطبٌ ورسائل. لهذا كان مقصداً للعلماء من كلِّ حدبٍ وصوب، فكان يكرمهم ويُقْبِل عليهم، ويُعظّمهم، ويُحسن إليهم، وكان عادلاً، كثير الإحسان إلى رعيته والرفق بهم، كثير الغزوات وملازماً للجهاد، قال عنه ابن كثير: «ليس فيه ما يُعاب إلا أنه كان يأخذ الأموال بكل طريق». جددَّ عمارة المشهد بطوس والذي يضم قبر الخليفة العباسي هارون الرشيد (ت193هـ)، وقبر علي بن موسى الكاظم (ت203هـ)، وأحسن عمارته، أَلّفَّ أبو النصر محمد بن عبد الجبار العتبي الأديب (ت427هـ) كتاباً في سيرة السلطان محمود وسمّاه «الكتاب اليميني»، نسبةً إلى يمين الدولة، لقب السلطان محمود الغزنوي.
    توفى محمود في غزنة بعد إصابته بمرض،و قام بالسلطنة من بعده ولده محمد، فأنفق الأموال على اللهو واللعب، فقبض عليه أخوه مسعود واستقر في الملك بعده.
    عبد الله محمود حسين
يعمل...
X