لدراما الرمضانية المصرية تنوع قوالبها لاستقطاب جمهور منصة "شاهد"
التركيز على المسلسلات الاجتماعية القصيرة لمنافسة المنصات الرقمية.
الاثنين 2023/01/23
مسلسلات تبحث عن فرصة لجذب الجمهور
صارت منصة «شاهد» منافسا شرسا للقنوات التلفزيونية، حيث تحتكر أكبر نسب المشاهدة بما تقدمه للجمهور المصري من أعمال درامية تحترم تغيّر الذائقة الفنية وضوابط سوق الدراما. كما أنها لا تربط المشاهد بشروط محددة للعرض وإنما تتيح له مشاهدة المسلسل في أي زمان ومكان ودون إعلانات مزعجة بات حضورها على شاشات التلفزيون يأخذ حيزا زمنيا أكبر من ذلك المخصص للحلقة الواحدة من أي مسلسل.
القاهرة - أدرك منتجو الدراما المصرية أخيرا أن تنوع القوالب في موسم مسلسلات رمضان المقبل هو السبيل الوحيد لاستقطاب جمهور منصة “شاهد” السعودية التي نجحت في تثبيت أقدامها في سوق الدراما، وغيرها من المنصات الرقمية الناطقة بالعربية، في ظل زيادة الإقبال عليها من جانب الكثير من الفئات بسبب اعتمادها سياسة عدم التقليد والتنوع الدرامي وتحاشي الدوران في فلك قوالب ساذجة، بما يغطي متطلبات شرائح مختلفة.
ومن السهل أن يكتشف المتابع للصناعة الدرامية المصرية استعدادا لموسم رمضان المقبل الأبعاد التي دفعت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية (حكومية) التي تحتكر غالبية الأعمال الفنية لتنويع الأشكال الدرامية، بين الاجتماعية والشعبية والكوميدية والصعيدية والتاريخية والدينية، مع مضاعفة المسلسلات القصيرة التي لا تزيد عن 15 حلقة، كما يحدث على منصة شاهد المفتوحة، بعدما أدركت خطأ تقديم أعمال نمطية.
واعتادت المنصات الرقمية الناطقة بالعربية التوسع في عرض المسلسلات في شهر رمضان، والتعامل مع الجمهور بفكر متطور على مستوى التنوع والإثارة والتشويق، وتقديم قوالب فنية تتنوع بين القصيرة والطويلة، ما عرّض القنوات الفضائية لخسائر فادحة، على مستوى الإقبال الجماهيري، وتراجع عوائد الإعلانات، مع تفضيل الكثير من نجوم الصف الأول عرض أعمالهم عبر المنصات لكثافة المشاهدين.
تحكم في مواعيد البث
نادر عدلي: المنصات تحافظ على جماهيريتها بعروض طوال العام
حققت منصة ‘شاهد’ نموا ملحوظا العامين الماضيين على وقع هجرة الكثير من المشاهدين لشاشات التلفزيون التي تتلاعب بالجمهور وتتحكم في مواعيد بث المسلسلات الهامة في توقيتات معينة، وإغراقها في الإعلانات التي تصيب المشاهد بالاشمئزاز والملل.
وأعلنت الشركة المتحدة في مصر قائمة طويلة من المسلسلات المقرر عرضها في موسم رمضان المقبل، وقالت إنها اتجهت نحو التنوع وعدم الإطالة في الحلقات لإثراء الموسم الدرامي، فيما يبدو أنها لن تمانع أيضا التقديم على منصة شاهد ببعض الأعمال بحكم وجود بروتوكول تعاون بين الطرفين، بعد فترة طويلة من الصراع الخفي، ومحاولة كل طرف استقطاب الجمهور إلى منصته، حيث تملك الشركة المتحدة منصة “واتش ات” الرقمية.
وكانت بدايات عمل ‘شاهد’ مع انطلاق حركة الترفيه في السعودية منذ خمس سنوات، ومثّلت أزمة للشركة المنتجة للأعمال الدرامية في مصر، حيث تعاقدت المنصة مع العديد من نجوم الصف الأول، وأنتجت أعمالا خاصة بها، عرضتها لجمهورها باشتراكات زهيدة أو سوقتها عبر فضائيات سعودية بعدد محدود من الفواصل الإعلانية أو دون إعلانات على شاهد.
ووجد الطرفان في العام الماضي أنه لا سبيل لتحقيق استفادة مشتركة من الموسم الدرامي في رمضان سوى بالتعاون، وتم إبرام مذكرة تفاهم لإنتاج أعمال مشتركة ومواجهة القرصنة معا، والسماح لمنصة “شاهد” وقنوات “إم.بي.سي” باستغلال حقوق عرض أعمال من إنتاج الشركة المتحدة، ما عكس أسباب التنوع في الصناعة الدرامية المصرية والسعي نحو إنتاج مسلسلات تتناسب مع جمهور المنصات.
ويستهوي عدد كبير من المشتركين في منصة “شاهد” الأعمال القصيرة، وهو ما فعله منتجون مصريون لاستقطاب الجمهور الزاحف خلف المنصات، والاستفادة المادية من تسويق هذه الأعمال عبر “شاهد”، وغيرها، بما يخدم الدراما المصرية لتظل في قائمة المنافسة العربية، وسيظهر قريبا التنوع بوضوح في القوالب الفنية.
الاستعداد لرمضان أولا
الدراما المصرية تحاول أن تعمل بفكر وعقلية المنصات الرقمية لاستقطاب الجمهور الهارب من شاشات القنوات إلى منصة "شاهد"
أكد الناقد الفني نادر عدلي أن أزمة الدراما المصرية حاليا تتمثل في أنها تكثف جهودها لموسم رمضان فقط، ما يصب في صالح المنصات الرقمية التي تتيح للمشاهد مسلسلات طوال العام، وتحافظ على جماهيريتها باستمرار عرض الأعمال المميزة في رمضان وغيره، ولذلك فإن الكم وحده لا يكفي، فالمهم ميزة المحتوى.
وأضاف لـ”العرب” أن ما يغذي منصة “شاهد” أنها تتيح الدراما العادية والطبيعية أمام الجمهور، ولا تخضع للرقابة أو التوجه، كما يحدث في بعض الأعمال المصرية، وبالتالي فالصناعة الدرامية في مصر حاليا تعمل لسوق رمضان، وتغذي شهية المنصات المنافسة طالما استمرت في التصنُع وتصدير صورة مغايرة عن الواقع.
وتعوّل منصة “شاهد” في زيادة الإقبال عليها خلال رمضان المقبل على اتساع دائرة القطيعة بين الجمهور والقنوات المصرية، فعدد المشتركين في الإنترنت بمصر تجاوز الخمسين مليون شخص، والحصول على اشتراك رمزي من بعض هؤلاء كفيل بتحقيق مكاسب ضخمة للمنصة، ويستفيد صناع الدراما والقنوات من الإعلانات.
وشملت قائمة المسلسلات المصرية المقرر عرضها في رمضان المقبل مسلسل “العمدة”، وهو من نوعية الدراما الشعبية، بطولة محمد رمضان وزينة وهالة صدقي وإيمان العاصي ومي كساب ومنة فضالي وأحمد داش وبيومي فؤاد وفريدة سيف النصر، وتأليف وإخراج محمد سامي.
وهناك مسلسل “سره الباتع”، من نوعية الدراما العصرية التاريخية، بطولة أحمد فهمي، ريم مصطفى، أحمد السعدني، حنان مطاوع، حسين فهمي، عمرو عبدالجليل، بيومي فؤاد، صلاح عبدالله، أحمد وفيق، هالة صدقي، نجلاء بدر، منه فضالي، أحمد عبدالعزيز، محمود قابيل، عايدة رياض، خالد سرحان.
ويضم المسلسل مجموعة من النجوم العرب ضمن ميل منتجي الدراما المصرية للاستعانة بهم لزيادة قاعدة التسويق والجماهيرية في الدول العربية، حيث يضم الكويتية شمس، والتونسية رانيا التومي، والسوري نضال نجم.
ومن نوعية الدراما الشعبية أيضا هناك مسلسل “ضرب نار”، الذي يضم في بطولته ياسمين عبدالعزيز وأحمد العوضي وماجد المصري وسهير المرشدي ودنيا المصري.
التعددية الدرامية في مصر هي السبيل الوحيد لمواجهة غزارة إنتاج منصة "شاهد"
وعلى مستوى الأعمال الكوميدية يعود النجم أحمد مكي للموسم الثاني على التوالي، في مسلسل “الكبير أوي 7”، بطولة رحمة أحمد، محمد سلام، بيومي فؤاد، هشام إسماعيل، مصطفى غريب، حاتم صلاح، عبدالرحمن ظاظا، سما إبراهيم.
ويندرج مسلسل “سوق الكانتو” تحت بند الدراما الشعبية التي تمتد إلى حقب زمنية قديمة، وهو من بطولة أمير كرارة، مي عزالدين، فتحي عبدالوهاب، مها نصار، عبدالعزيز مخيون، تامر نبيل، ثراء جبيل، سلوى عثمان، غفران محمد، ضياء عبدالخالق، أحمد التهامي، شريف إدريس، وتدور الأحداث في إطار شعبي عام 1920.
ولا يخلو موسم رمضان من الدراما الصعيدية التي تأتي هذا العام عبر مسلسل “عملة نادرة”، بطولة نيللي كريم، جمال سليمان، جومانا مراد، أحمد عيد، كمال أبورية، فريدة سيف النصر، ندا موسى، محمد لطفي، مريم الخشت، محمد فهيم، نهى صالح.
وبدا واضحا أن هناك اتجاها لعدم زيادة المسلسلات الصعيدية التي تتناول المجتمع في جنوب مصر أمام تشبع الجمهور من هذه القوالب الفنية، فقد كان كل موسم رمضاني يتضمن أكثر من عمل يندرج تحتها، لكن هذا العام تغيرت الصورة وبدأ الاتجاه نحو الأعمال التي تستحوذ على اهتمام الناس في المنصات، على رأسها الدراما الاجتماعية، باعتبار أن المشاهد بحاجة لمحتوى مؤثر وواقعي.
يتوسع منتجو الدراما المصرية هذا العام في إنتاج الأعمال التي لها أبعاد اجتماعية، بعد أن نجحت في تحقيق جماهيرية واسعة الأعوام الماضية كونها تلامس قضايا واقعية، وهي إحدى الجرعات الفنية التي تفوقت فيها المنصات الرقمية نسبيا، على القنوات في المواسم الأخيرة، سواء بمسلسلات اجتماعية مصرية أو عربية.
أعمال من الواقع
محمد رفعت: تنوع الأعمال يوازن بين جماهيرية المنصات والقنوات الفضائية
ومن المقرر عرض ثلاثة أعمال درامية اجتماعية مصرية من إنتاج الشركة المتحدة، الأول يحمل اسم “جميلة”، بطولة ريهام حجاج، عبير صبري، سوسن بدر، يسرا اللوزي، أحمد وفيق، هاني عادل، هشام إسماعيل، نبيل عيسى.
ويحمل المسلسل الاجتماعي “حمدالله على السلامة” طابعا كوميديا، وهو من بطولة يسرا، مايان السيد، محمد ثروت، شيماء سيف، محمود حجازي، والمطرب عنبة.
فيما ينضم “حضرة العمدة”، وهو مصنف ضمن القوالب الاجتماعية، بطولة روبي، أحمد رزق، محمود عبدالمغني، وفاء عامر، بسمة، سميحة أيوب، لطفي لبيب، صلاح عبدالله وأحمد بدير، دينا، ومحمد محمود عبدالعزيز، وإدوارد، ومحمود حافظ.
ولا تزيد المسلسلات القصيرة التي ركّز عليها صناع الدراما المصرية ضمن موسم رمضان المقبل عن 15 حلقة، واستهدفت مناقشة قضايا اجتماعية، وخلت بشكل شبه كامل من الإثارة لتوصيل رسالة سلسة وبسيطة للجمهور بعيدا عن عشوائية الطرح، وتشويه صورة المجتمع، لتجنب الانتقادات التي طاردتها في الماضي.
ومن هذه الأعمال، مسلسل “تحت الوصاية”، وهو مسلسل مستوحى من قصة حقيقية، من بطولة منى زكي، دياب، نسرين أمين، رشدي الشامي، مها نصار، خالد كمال، محمد عبدالعظيم.
علاوة على مسلسل “مذكرات زوج”، بطولة طارق لطفي، خالد الصاوي، عائشة بن أحمد، ومسلسل “الصفارة”، وهو كوميدي اجتماعي، من بطولة أحمد أمين، طه دسوقي، آية سماحة، حاتم صلاح، محمود البزاوي، أنعام سالوسة.
وتقدم النجمة دنيا سمير غانم مسلسلا كوميديا من 15 حلقة، لم يتم الاستقرار بعد على اسمه النهائي، ويشاركها البطولة محمد سلام، بيومي فؤاد، سيد رجب، سلوى خطاب، بينما يطل النجم ياسر جلال على جمهوره عبر مسلسل بعنوان “علاقة مشروعة”، وتشاركه البطولة مي عمر وداليا مصطفى.
ياسمين عبدالعزيز تنافس بمسلسل "ضرب نار"
ويرى البعض من النقاد الفنيين أن منتجي الدراما المصرية يحاولون أن تعمل المنصات الرقمية بفكر وعقلية لاستقطاب الجمهور الهارب من شاشات القنوات إلى منصة “شاهد”، أو غيرها، وتلبية رغبات الجيل الجديد الذي أصبح يصاب بالملل من المسلسلات الطويلة، والتقليدية أو التي تناقش قضايا مكررة، مثل المخدرات والقتل والخيانة.
ويعتقد هؤلاء أن التعددية الدرامية في مصر هي السبيل الوحيد لمواجهة غزارة إنتاج منصة “شاهد” وإمكانياتها المادية الضخمة التي تتيح لها تكوين شعبية جماهيرية واسعة، عكس المنتجين المصريين الذين يعانون من مشكلات في التمويل، بالتالي لا سبيل لتحقيق الاستفادة المشتركة بين الطرفين سوى التشارك بدلا من التصارع الخفي.
وقال الناقد الفني محمد رفعت إن التُخمة في الأعمال المصرية المقرر عرضها رمضان المقبل تتطلب الاحترافية في تقديمها، قبل أن يهرب جمهورها للمنصات التي تمنحه حرية قرار المشاهدة وتوقيتها وتحديد ما يمكن مشاهدته في الوقت الذي يناسبه.
وأوضح لـ”العرب” أن التنوع في المسلسلات الرمضانية بما يلبي احتياجات كل الشرائح يحقق نوعا من التوازن بين جماهيرية المنصات والقنوات الفضائية، لكن الأعمال القصيرة سوف تظل الأكثر جذبا للأجيال الجديدة الشغوفة بالمنصات لكونها تقدم لهم أعمالا شيقة برسائل جيدة ومن دون إطالة أو فواصل تصيب بالملل، بما يؤثر على متعة المشاهدة.
وميزة المنصات الرقمية بالنسبة إلى الجمهور، ولو أغرقته القنوات بأعمال متنوعة في رمضان، أنها تتيح للمشاهد حرية مطالعة الإعلان أو تمريره لاستكمال حلقة المسلسل، والجمهور وحده من يحدد توقيت العرض، في حين أن المحطات التلفزيونية لديها خارطة ومواعيد بث للمسلسلات لا تتناسب مع ظروف نسبة كبيرة من المشاهدين.
وإذا تمسك صناع الدراما في مصر بالسير على نفس الوتيرة دون إدراك حالة الانقلاب التي حدثت في عادات وثقافات المشاهدين، فإنه مهما كان كمّ المسلسلات كبيرا ويلبي تطلعات الجمهور من حيث المحتوى تبقى المنصات المستفيد الأول من كل ذلك، في ظل اتجاه بعضها لتغذية شهية جمهورها بعروض تبدو مجانية لمتابعة الدراما المصرية التي تُعرض بشكل مستفز.
أحمد حافظ
كاتب مصري
التركيز على المسلسلات الاجتماعية القصيرة لمنافسة المنصات الرقمية.
الاثنين 2023/01/23
مسلسلات تبحث عن فرصة لجذب الجمهور
صارت منصة «شاهد» منافسا شرسا للقنوات التلفزيونية، حيث تحتكر أكبر نسب المشاهدة بما تقدمه للجمهور المصري من أعمال درامية تحترم تغيّر الذائقة الفنية وضوابط سوق الدراما. كما أنها لا تربط المشاهد بشروط محددة للعرض وإنما تتيح له مشاهدة المسلسل في أي زمان ومكان ودون إعلانات مزعجة بات حضورها على شاشات التلفزيون يأخذ حيزا زمنيا أكبر من ذلك المخصص للحلقة الواحدة من أي مسلسل.
القاهرة - أدرك منتجو الدراما المصرية أخيرا أن تنوع القوالب في موسم مسلسلات رمضان المقبل هو السبيل الوحيد لاستقطاب جمهور منصة “شاهد” السعودية التي نجحت في تثبيت أقدامها في سوق الدراما، وغيرها من المنصات الرقمية الناطقة بالعربية، في ظل زيادة الإقبال عليها من جانب الكثير من الفئات بسبب اعتمادها سياسة عدم التقليد والتنوع الدرامي وتحاشي الدوران في فلك قوالب ساذجة، بما يغطي متطلبات شرائح مختلفة.
ومن السهل أن يكتشف المتابع للصناعة الدرامية المصرية استعدادا لموسم رمضان المقبل الأبعاد التي دفعت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية (حكومية) التي تحتكر غالبية الأعمال الفنية لتنويع الأشكال الدرامية، بين الاجتماعية والشعبية والكوميدية والصعيدية والتاريخية والدينية، مع مضاعفة المسلسلات القصيرة التي لا تزيد عن 15 حلقة، كما يحدث على منصة شاهد المفتوحة، بعدما أدركت خطأ تقديم أعمال نمطية.
واعتادت المنصات الرقمية الناطقة بالعربية التوسع في عرض المسلسلات في شهر رمضان، والتعامل مع الجمهور بفكر متطور على مستوى التنوع والإثارة والتشويق، وتقديم قوالب فنية تتنوع بين القصيرة والطويلة، ما عرّض القنوات الفضائية لخسائر فادحة، على مستوى الإقبال الجماهيري، وتراجع عوائد الإعلانات، مع تفضيل الكثير من نجوم الصف الأول عرض أعمالهم عبر المنصات لكثافة المشاهدين.
تحكم في مواعيد البث
نادر عدلي: المنصات تحافظ على جماهيريتها بعروض طوال العام
حققت منصة ‘شاهد’ نموا ملحوظا العامين الماضيين على وقع هجرة الكثير من المشاهدين لشاشات التلفزيون التي تتلاعب بالجمهور وتتحكم في مواعيد بث المسلسلات الهامة في توقيتات معينة، وإغراقها في الإعلانات التي تصيب المشاهد بالاشمئزاز والملل.
وأعلنت الشركة المتحدة في مصر قائمة طويلة من المسلسلات المقرر عرضها في موسم رمضان المقبل، وقالت إنها اتجهت نحو التنوع وعدم الإطالة في الحلقات لإثراء الموسم الدرامي، فيما يبدو أنها لن تمانع أيضا التقديم على منصة شاهد ببعض الأعمال بحكم وجود بروتوكول تعاون بين الطرفين، بعد فترة طويلة من الصراع الخفي، ومحاولة كل طرف استقطاب الجمهور إلى منصته، حيث تملك الشركة المتحدة منصة “واتش ات” الرقمية.
وكانت بدايات عمل ‘شاهد’ مع انطلاق حركة الترفيه في السعودية منذ خمس سنوات، ومثّلت أزمة للشركة المنتجة للأعمال الدرامية في مصر، حيث تعاقدت المنصة مع العديد من نجوم الصف الأول، وأنتجت أعمالا خاصة بها، عرضتها لجمهورها باشتراكات زهيدة أو سوقتها عبر فضائيات سعودية بعدد محدود من الفواصل الإعلانية أو دون إعلانات على شاهد.
ووجد الطرفان في العام الماضي أنه لا سبيل لتحقيق استفادة مشتركة من الموسم الدرامي في رمضان سوى بالتعاون، وتم إبرام مذكرة تفاهم لإنتاج أعمال مشتركة ومواجهة القرصنة معا، والسماح لمنصة “شاهد” وقنوات “إم.بي.سي” باستغلال حقوق عرض أعمال من إنتاج الشركة المتحدة، ما عكس أسباب التنوع في الصناعة الدرامية المصرية والسعي نحو إنتاج مسلسلات تتناسب مع جمهور المنصات.
ويستهوي عدد كبير من المشتركين في منصة “شاهد” الأعمال القصيرة، وهو ما فعله منتجون مصريون لاستقطاب الجمهور الزاحف خلف المنصات، والاستفادة المادية من تسويق هذه الأعمال عبر “شاهد”، وغيرها، بما يخدم الدراما المصرية لتظل في قائمة المنافسة العربية، وسيظهر قريبا التنوع بوضوح في القوالب الفنية.
الاستعداد لرمضان أولا
الدراما المصرية تحاول أن تعمل بفكر وعقلية المنصات الرقمية لاستقطاب الجمهور الهارب من شاشات القنوات إلى منصة "شاهد"
أكد الناقد الفني نادر عدلي أن أزمة الدراما المصرية حاليا تتمثل في أنها تكثف جهودها لموسم رمضان فقط، ما يصب في صالح المنصات الرقمية التي تتيح للمشاهد مسلسلات طوال العام، وتحافظ على جماهيريتها باستمرار عرض الأعمال المميزة في رمضان وغيره، ولذلك فإن الكم وحده لا يكفي، فالمهم ميزة المحتوى.
وأضاف لـ”العرب” أن ما يغذي منصة “شاهد” أنها تتيح الدراما العادية والطبيعية أمام الجمهور، ولا تخضع للرقابة أو التوجه، كما يحدث في بعض الأعمال المصرية، وبالتالي فالصناعة الدرامية في مصر حاليا تعمل لسوق رمضان، وتغذي شهية المنصات المنافسة طالما استمرت في التصنُع وتصدير صورة مغايرة عن الواقع.
وتعوّل منصة “شاهد” في زيادة الإقبال عليها خلال رمضان المقبل على اتساع دائرة القطيعة بين الجمهور والقنوات المصرية، فعدد المشتركين في الإنترنت بمصر تجاوز الخمسين مليون شخص، والحصول على اشتراك رمزي من بعض هؤلاء كفيل بتحقيق مكاسب ضخمة للمنصة، ويستفيد صناع الدراما والقنوات من الإعلانات.
وشملت قائمة المسلسلات المصرية المقرر عرضها في رمضان المقبل مسلسل “العمدة”، وهو من نوعية الدراما الشعبية، بطولة محمد رمضان وزينة وهالة صدقي وإيمان العاصي ومي كساب ومنة فضالي وأحمد داش وبيومي فؤاد وفريدة سيف النصر، وتأليف وإخراج محمد سامي.
وهناك مسلسل “سره الباتع”، من نوعية الدراما العصرية التاريخية، بطولة أحمد فهمي، ريم مصطفى، أحمد السعدني، حنان مطاوع، حسين فهمي، عمرو عبدالجليل، بيومي فؤاد، صلاح عبدالله، أحمد وفيق، هالة صدقي، نجلاء بدر، منه فضالي، أحمد عبدالعزيز، محمود قابيل، عايدة رياض، خالد سرحان.
ويضم المسلسل مجموعة من النجوم العرب ضمن ميل منتجي الدراما المصرية للاستعانة بهم لزيادة قاعدة التسويق والجماهيرية في الدول العربية، حيث يضم الكويتية شمس، والتونسية رانيا التومي، والسوري نضال نجم.
ومن نوعية الدراما الشعبية أيضا هناك مسلسل “ضرب نار”، الذي يضم في بطولته ياسمين عبدالعزيز وأحمد العوضي وماجد المصري وسهير المرشدي ودنيا المصري.
التعددية الدرامية في مصر هي السبيل الوحيد لمواجهة غزارة إنتاج منصة "شاهد"
وعلى مستوى الأعمال الكوميدية يعود النجم أحمد مكي للموسم الثاني على التوالي، في مسلسل “الكبير أوي 7”، بطولة رحمة أحمد، محمد سلام، بيومي فؤاد، هشام إسماعيل، مصطفى غريب، حاتم صلاح، عبدالرحمن ظاظا، سما إبراهيم.
ويندرج مسلسل “سوق الكانتو” تحت بند الدراما الشعبية التي تمتد إلى حقب زمنية قديمة، وهو من بطولة أمير كرارة، مي عزالدين، فتحي عبدالوهاب، مها نصار، عبدالعزيز مخيون، تامر نبيل، ثراء جبيل، سلوى عثمان، غفران محمد، ضياء عبدالخالق، أحمد التهامي، شريف إدريس، وتدور الأحداث في إطار شعبي عام 1920.
ولا يخلو موسم رمضان من الدراما الصعيدية التي تأتي هذا العام عبر مسلسل “عملة نادرة”، بطولة نيللي كريم، جمال سليمان، جومانا مراد، أحمد عيد، كمال أبورية، فريدة سيف النصر، ندا موسى، محمد لطفي، مريم الخشت، محمد فهيم، نهى صالح.
وبدا واضحا أن هناك اتجاها لعدم زيادة المسلسلات الصعيدية التي تتناول المجتمع في جنوب مصر أمام تشبع الجمهور من هذه القوالب الفنية، فقد كان كل موسم رمضاني يتضمن أكثر من عمل يندرج تحتها، لكن هذا العام تغيرت الصورة وبدأ الاتجاه نحو الأعمال التي تستحوذ على اهتمام الناس في المنصات، على رأسها الدراما الاجتماعية، باعتبار أن المشاهد بحاجة لمحتوى مؤثر وواقعي.
يتوسع منتجو الدراما المصرية هذا العام في إنتاج الأعمال التي لها أبعاد اجتماعية، بعد أن نجحت في تحقيق جماهيرية واسعة الأعوام الماضية كونها تلامس قضايا واقعية، وهي إحدى الجرعات الفنية التي تفوقت فيها المنصات الرقمية نسبيا، على القنوات في المواسم الأخيرة، سواء بمسلسلات اجتماعية مصرية أو عربية.
أعمال من الواقع
محمد رفعت: تنوع الأعمال يوازن بين جماهيرية المنصات والقنوات الفضائية
ومن المقرر عرض ثلاثة أعمال درامية اجتماعية مصرية من إنتاج الشركة المتحدة، الأول يحمل اسم “جميلة”، بطولة ريهام حجاج، عبير صبري، سوسن بدر، يسرا اللوزي، أحمد وفيق، هاني عادل، هشام إسماعيل، نبيل عيسى.
ويحمل المسلسل الاجتماعي “حمدالله على السلامة” طابعا كوميديا، وهو من بطولة يسرا، مايان السيد، محمد ثروت، شيماء سيف، محمود حجازي، والمطرب عنبة.
فيما ينضم “حضرة العمدة”، وهو مصنف ضمن القوالب الاجتماعية، بطولة روبي، أحمد رزق، محمود عبدالمغني، وفاء عامر، بسمة، سميحة أيوب، لطفي لبيب، صلاح عبدالله وأحمد بدير، دينا، ومحمد محمود عبدالعزيز، وإدوارد، ومحمود حافظ.
ولا تزيد المسلسلات القصيرة التي ركّز عليها صناع الدراما المصرية ضمن موسم رمضان المقبل عن 15 حلقة، واستهدفت مناقشة قضايا اجتماعية، وخلت بشكل شبه كامل من الإثارة لتوصيل رسالة سلسة وبسيطة للجمهور بعيدا عن عشوائية الطرح، وتشويه صورة المجتمع، لتجنب الانتقادات التي طاردتها في الماضي.
ومن هذه الأعمال، مسلسل “تحت الوصاية”، وهو مسلسل مستوحى من قصة حقيقية، من بطولة منى زكي، دياب، نسرين أمين، رشدي الشامي، مها نصار، خالد كمال، محمد عبدالعظيم.
علاوة على مسلسل “مذكرات زوج”، بطولة طارق لطفي، خالد الصاوي، عائشة بن أحمد، ومسلسل “الصفارة”، وهو كوميدي اجتماعي، من بطولة أحمد أمين، طه دسوقي، آية سماحة، حاتم صلاح، محمود البزاوي، أنعام سالوسة.
وتقدم النجمة دنيا سمير غانم مسلسلا كوميديا من 15 حلقة، لم يتم الاستقرار بعد على اسمه النهائي، ويشاركها البطولة محمد سلام، بيومي فؤاد، سيد رجب، سلوى خطاب، بينما يطل النجم ياسر جلال على جمهوره عبر مسلسل بعنوان “علاقة مشروعة”، وتشاركه البطولة مي عمر وداليا مصطفى.
ياسمين عبدالعزيز تنافس بمسلسل "ضرب نار"
ويرى البعض من النقاد الفنيين أن منتجي الدراما المصرية يحاولون أن تعمل المنصات الرقمية بفكر وعقلية لاستقطاب الجمهور الهارب من شاشات القنوات إلى منصة “شاهد”، أو غيرها، وتلبية رغبات الجيل الجديد الذي أصبح يصاب بالملل من المسلسلات الطويلة، والتقليدية أو التي تناقش قضايا مكررة، مثل المخدرات والقتل والخيانة.
ويعتقد هؤلاء أن التعددية الدرامية في مصر هي السبيل الوحيد لمواجهة غزارة إنتاج منصة “شاهد” وإمكانياتها المادية الضخمة التي تتيح لها تكوين شعبية جماهيرية واسعة، عكس المنتجين المصريين الذين يعانون من مشكلات في التمويل، بالتالي لا سبيل لتحقيق الاستفادة المشتركة بين الطرفين سوى التشارك بدلا من التصارع الخفي.
وقال الناقد الفني محمد رفعت إن التُخمة في الأعمال المصرية المقرر عرضها رمضان المقبل تتطلب الاحترافية في تقديمها، قبل أن يهرب جمهورها للمنصات التي تمنحه حرية قرار المشاهدة وتوقيتها وتحديد ما يمكن مشاهدته في الوقت الذي يناسبه.
وأوضح لـ”العرب” أن التنوع في المسلسلات الرمضانية بما يلبي احتياجات كل الشرائح يحقق نوعا من التوازن بين جماهيرية المنصات والقنوات الفضائية، لكن الأعمال القصيرة سوف تظل الأكثر جذبا للأجيال الجديدة الشغوفة بالمنصات لكونها تقدم لهم أعمالا شيقة برسائل جيدة ومن دون إطالة أو فواصل تصيب بالملل، بما يؤثر على متعة المشاهدة.
وميزة المنصات الرقمية بالنسبة إلى الجمهور، ولو أغرقته القنوات بأعمال متنوعة في رمضان، أنها تتيح للمشاهد حرية مطالعة الإعلان أو تمريره لاستكمال حلقة المسلسل، والجمهور وحده من يحدد توقيت العرض، في حين أن المحطات التلفزيونية لديها خارطة ومواعيد بث للمسلسلات لا تتناسب مع ظروف نسبة كبيرة من المشاهدين.
وإذا تمسك صناع الدراما في مصر بالسير على نفس الوتيرة دون إدراك حالة الانقلاب التي حدثت في عادات وثقافات المشاهدين، فإنه مهما كان كمّ المسلسلات كبيرا ويلبي تطلعات الجمهور من حيث المحتوى تبقى المنصات المستفيد الأول من كل ذلك، في ظل اتجاه بعضها لتغذية شهية جمهورها بعروض تبدو مجانية لمتابعة الدراما المصرية التي تُعرض بشكل مستفز.
أحمد حافظ
كاتب مصري