الدراما السورية في موسم 2023.. صراعات فكرية وسباق ضد الزمن
مسلسلات تستثمر نجاحاتها السابقة وأعمال جديدة تستغل انتشار المنصات.
المشهد الفني السوري ورشة فنية لا تهدأ
تسير حركة الإنتاج في الدراما السورية بشكل متصاعد، بعد سنوات عانت فيها بسبب الحرب وتشتت مبدعي المشهد الفني بين الداخل والخارج وحالة الاستقطاب السياسي الذي عانت منه الدراما بشكل ساهم في تشتيت الجهود. في الموسم الحالي نشهد حضورا قويا للدراما السورية من حيث الإنتاج المحلي والمشاركة في الدراما العربية. فماذا عن خارطتها المبدئية كما كشفتها حركة الإنتاج؟
يحضر الصراع ضمن المشهد الدرامي السوري في أروقة الإنتاج إضافة إلى الصراع الذي تقوم عليه في حكاياتها، فالتضاد في التوجهات الفكرية حاضر بقوة، البعض يحرص على تقديم أعمال تحاكي ظروف الحياة اليومية القاسية التي يحياها المجتمع السوري، وآخرون يستثمرون نجاحات سابقة في تقديم دراما اجتماعية تعرض مشاكل إنسانية ونفسية مختلفة، وفريق ثالث يتمترس في إنتاجات البيئة الشامية، مستندا إلى نجاحات جماهيرية سابقة، لكنها مازالت مطلوبة إلى الآن. وإضافة إلى كل ذلك يقدم فريق أعمالا درامية مشتركة تحقق رواجا كبيرا ويتابعها الجمهور بشغف، وهي الدراما التي يتهمها البعض بالرضوخ لمتطلبات السوق الإنتاجية والابتعاد عن المحتوى الجيد.
وسط كل هذه الصراعات انطلق الموسم الدرامي السوري للعام 2023 منذ فترة وبدأت الجهات الإنتاجية في سوريا تنفّذ خططها في سباق مع الوقت، فتحول المشهد الفني السوري إلى ورشة فنية لا تهدأ.
من يطلع على خارطة الإنتاج السورية في هذا الموسم سيلحظ أن هناك موسما دراميا هاما بصدد التشكل، وهو الأمر الذي فرضته عوامل إنتاج الدراما السورية والعربية على حد السواء، بتأثيرات تنافس قنوات العرض ومنصات المشاهدة المختصة. فما يزيد عن العشرين عملا نفذت أو تنفذ الآن في الدراما السورية، ومن المرجح أن يصل العدد إنتاجيا إلى ضعف الرقم مع مرور الوقت المتبقي لبدء الموسم في رمضان القادم.
منصات المشاهدة الإلكترونية، التي لا تنتظر عادة بدء الموسم الرمضاني، بدأت بتنفيذ خطتها منذ أشهر وأنجزت العديد من الأعمال، فقدم الكاتب والمخرج محمد عبدالعزيز مسلسلين قصيرين هما “إيكو” للكاتب سيف رضا حامد و”البوابات السبع” من تأليفه.
الموسم الدرامي السوري الحالي تظهر فيه معالم جديدة، تفرض وجودها، منها دخول العديد من الأسماء الجديدة
كما قدم سمير حسين مسلسله “وصايا الصبار” عن نص للكاتب فادي حسين، وقدم يزن شربتجي مسلسل “العرافة” عن نص للكاتب حمزة اللحام، وطرح مكسيم خليل “بيت الممسوك” لزهير الملا. أما الأعمال الطويلة التي سيتم عرضها على القنوات التلفزيونية فبدأت مرحلة تصويرها في جو مشحون بمسابقة الزمن لتحقيق عوامل الأمان وجودة تحقق الرواج في وقت مبكر.
الاجتماعي في المقدمة
منذ سنوات سيطر الشكل الاجتماعي على حركة الدراما السورية، محتلا مكانة التاريخي والشامي سابقا، فمع وجود منصات العرض وظهور الأعمال القصيرة تزايدت حركة الإنتاج في الشكل الاجتماعي الذي بلغ حجم الإنتاج فيه حتى الآن ما يزيد على نصف عدد الإنتاج الكلي، وفيها سينتج “مال القبان” للكاتبين علي وجيه ويامن الحجلي ومن إخراج سيف سبيعي، و”كانون” من تأليف علاء المهنا وإخراج إياد نحاس، و”خريف عُمر” من تأليف يزن مرتجى وحسام شراباتي وإخراج المثنى صبح، و”الكرزون” من تأليف مروان قاووق ورنين عودة وإخراج رشاد كوكش، و”صبايا” من تأليف محمود أدريس وإخراج فادي وفائي.
ومن المسلسلات الاجتماعية كذلك نجد “تحت الرماد” من تأليف حازم سليمان وإخراج عامر فهد، و”السراديب” من تأليف رفعت الخطيب وهلال الأحمد وإخراج كنان إسكندراني، و”فويس” من تأليف زهير الملا وإخراج أمير نعمو، و”العرافة” من تأليف حمزة اللحام وإخراج يزن شربتجي، ونجد أيضا “صدى” من تأليف سيف رضا حامد وإخراج محمد عبدالعزيز، و”احتمال” من تأليف تمام زليق وإخراج سليم سموع، و”عين الشمس” لمجموعة من الكتاب ومن إخراج يزن أبوحمدة.
بينما ظهرت في شكل دراما البيئة الشامية أربعة أعمال منها “مربى العز”من تأليف معن علي صالح وإخراج رشا شربتجي، و”حارة القبة” من تأليف أسامة كوكش وإخراج رشا شربتجي، و”زقاق الجن” من تأليف محمد العاص وإخراج تامر إسحاق، و”باب الحارة” (الجزء الثالث عشر) من تأليف مروان قاووق وإخراج منال عمران، و”العربجي” من تأليف عثمان جحا ومؤيد النابلسي وإخراج سيف سبيعي.
وفي شكل الخيال العلمي يقدم مسلسل “البوابات السبعة”، وهو من تأليف وإخراج محمد عبدالعزيز، ومن المؤكد أن المرحلة القادمة ستحمل تغيرات في الأعداد، لكن الواضح أن البعد الاجتماعي والبيئة الشامية سيكونان في المقدمة.
يظهر نجوم الفن السوري في الموسم الجديد بحضور قوي، فتحضر أسماء بسام كوسا وعباس النوري وأيمن زيدان ومنى واصف وسلوم حداد ورشيد عساف وقصي خولي وتيم حسن وباسل الخياط وسلافة معمار وكاريس بشار وباسم ياخور وسمر سامي وعبدالمنعم عمايري وأمل عرفة وآخرين من أهم التجارب التمثيلية التي قدمت على مدى سنوات الدراما السورية إلى المشاهد العربي وساهمت في رواجها.
استثمار النجاح
أعمال مختلفة كليا
يشكل الموسم الحالي للبعض حضورا قويا في أكثر من عمل واحد، مثل سلوم حداد وبسام كوسا وباسم ياخور وعبدالمنعم عمايري وأمل عرفة وخالد القيش، كما تحضر رشا شربتجي وسيف سبيعي في عملين لكل منهما والكاتب زهير الملا في عملين أيضا.
ومن أهم ما يميز موسم الدراما السورية للعام 2023 استثمار النجاح الجماهيري والفني الذي حققته بعض الأعمال لتنفيذ دراما جديدة. فمن أهم الأعمال التي اعتمدت على النجاح السابق مسلسل “مال القبان”، الذي كتبه علي وجيه ويامن الحجلي اللذان صارا عنوانا راسخا لنجاح الأعمال التي يقدمانها، فعبر خمسة أعمال سابقة تبوّآ مكانة مرموقة في تاريخ الدراما السورية المعاصرة، كان من أهمهما مسلسل “مع وقف التنفيذ” في الموسم السابق و”على صفيح ساخن” في الموسم الذي سبقه.
ويواصل الكاتبان في مسلسل “مال القبان” التناول الاجتماعي لأبرز قضايا المجتمع السوري، إذ تدور أحداث المسلسل (من إخراج سيف سبيعي) في سوق كبير، بكل ما يحمله من صراعات وتشابكات بين الشخصيات وبما يكشفه من تناقضات وخفايا في النفوس البشرية.
وفي ملمح آخر لاستثمار النجاح الجماهيري، قدمت المخرجة رشا شربتجي بالتعاون مع الكاتب علي معين صالح مسلسل “مربى العز”، في استثمار لنجاح كبير حققاه في الموسم الماضي من خلال مسلسل “كسر عضم”. وفي الاتجاه ذاته ورغبة من الجهات المنتجة في متابعة تحقيق هذا النجاح أرادت تنفيذ جزء ثان من المسلسل، رغم اعتذار كل من الكاتب والمخرجة عن تقديمه بداعي أنه لا يحتاج إلى ذلك، مما دفع الجهة المنتجة إلى تقديم المسلسل في جزئه الثاني باسم “السراديب”، وهو من تأليف رفعت الخطيب وهلال الأحمد ومعالجة درامية لرند الحديد، أما الإخراج فسيكون للمخرج كنان إسكندراني الذي ساهم في تنفيذ مسلسل “كسر عضم” سابقا.
ويعد حضور مسلسل “صبايا”، بعد سنوات من التوقف عن متابعة الإنتاج فيه، نوعا من استثمار النجاح السابق، فالعمل ظهر منذ سنوات وقدم ضمن خمسة أجزاء في خمسة مواسم، ويحضر حاليا في جزء سادس، وهو من تأليف محمود إدريس وإخراج فادي وفائي ومشاركة عدد من فنانات سوريا.
واستثمارا للنجاح الجماهيري يحضر مسلسل “باب الحارة” الشهير في جزئه الثالث عشر رغم الأصوات الكثيرة التي كانت ومازالت تتعالى ضده، فمنتجو العمل يصرحون بأنهم لن يتوقفوا عن تقديمه طالما أنه يشكل مادة مطلوبة من قبل القنوات والناس، رغم الامتداد الزمني الطويل الذي سار فيه والتغيرات الجوهرية التي طالته في أجوائه وشخوصه.
وفي إطار النجاح واستثماره أيضا تقدم الجهة المنتجة لمسلسل “الكندوش” ثاني أجزاء العمل في الموسم الحالي، فتجربة “الكندوش” رغم تعثرها الفني لاقت حضورا على القنوات التلفزيونية، واستطاعت الجهة المنتجة توزيعه على العديد من الجهات العارضة، مما دفعها إلى تقديم مسلسل ثان لها في شكل البيئة الشامية حمل اسم “زقاق الجن”، وهو من تأليف الكاتب محمد العاص وإخراج تامر إسحاق. وفي استثمار لحضور الممثل أسامة الروماني في الدراما السورية استقطبته جهة إنتاجية ليكون بطل عملها “تحت الرماد”، وهو من تأليف حازم سليمان وإخراج عامر فهد، ويحكي العمل عن شخصيات وأحداث بين لبنان وسوريا.
تجارب جديدة ومشتركة
استثمار النجاح سمة غالبة في حركة الإنتاج
تظهر في الموسم الدرامي السوري الحالي معالم جديدة، تفرض وجودها، منها دخول العديد من الأسماء الجديدة إلى المشهد الفني السوري. من الجديد، دخول يزن شربتجي مدير الإضاءة الشهير أول تجاربه الإخراجية في مسلسل قصير آخر حمل عنوان “العرافة”، وهو فكرة بشار الصارم وسيناريو حمزة اللحام، كما قدم الكاتب والمخرج محمد عبدالعزيز أول مسلسل خيال علمي في تاريخ الدراما السورية من خلال “البوابات السبع”، ويقدم المخرج أمير نعمو أولى تجاربه الإخراجية التلفزيونية القصيرة من خلال مسلسل “فويس”، وهو من تأليف زهير الملا.
وفي الموسم الجديد يقدم الفنان مكسيم خليل أول أعماله كمخرج من خلال مسلسل “بيت الممسوك”، كما يقدم المخرج السوري – الأميركي سليم سموع مسلسل “احتمال المقتبس” عن رواية جاستين كونراد التي أعدها للدراما تمام زليق، وتدخل المغنية السورية الشهيرة فايا يونان مجال التمثيل للمرة الأولى من خلال مسلسل “ذهب غالي”.
كذلك تظهر طاقات جديدة في الكتابة للتلفزيون، كما في مسلسل “خريف عُمر” للكاتبين حسام شراباتي ويزن مرتجى وبإشراف الكاتبة رانيا الجبان، وبه يعود المخرج المثنى صبح إلى الدراما السورية بعد سنوات من الغياب، كما يقدم المخرج منال عمران مسلسل “باب الحارة” في جزئه الثالث عشر ضمن أولى تجاربه في الإخراج التلفزيوني.
وتعيش الدراما العربية المشتركة عصرها الذهبي متأثرة بانفتاح السوق أمامها على منصات العرض الفنية. وقد اتخذت بعدا جديدا في التماهي مع الدراما الأجنبية والتركية تحديدا، فبعد العديد من الأعمال التي قدمت بالاتكاء على أعمال عالمية في السينما والتلفزيون، ونجاح التجربة، ذهبت الدراما العربية إلى ما هو أوضح وراحت تعرب بعض المسلسلات العالمية خاصة التركية والأميركية.
☚ الدراما العربية المشتركة تعيش عصرها الذهبي متأثرة بانفتاح السوق أمامها على منصات العرض الفنية المختلفة
وعمدت بعض الجهات الإنتاجية إلى إنتاج أعمال عربية مشتركة تحاكي هذه الدراما. فظهرت أعمال شارك فيها مبدعون وممثلون من سوريا مثل “ستيللو” الذي حقق حضورا كبيرا، وكذلك “الثمن” الذي بدأ عرضه قبل أيام حقق من خلالها رصيدا كبيرا في المتابعة، وستدور الكاميرا قريبا لتصوير مسلسلات عديدة منها “شجرة التفاح” عن مسلسل تركي يحمل الاسم ذاته، بمشاركة فنانين من لبنان والعراق، وكذلك مسلسل “في الداخل” المأخوذ عن مسلسل تركي يحمل الاسم نفسه ويشارك فيه ممثلون من سوريا.
أما في لبنان فالحصيلة أوسع، حيث انطلقت حديثا كاميرا تصوير مسلسل “النار بالنار”، وهو من تأليف رامي كوسا وإخراج محمد عبدالعزيز وبمشاركة نجوم الفن من لبنان، وسوف يصور كله في بيروت، كما سيقدم الفنان السوري الشهير تيم حسن عملا جديدا يحمل اسم “الزند”، وهو من تأليف عمر أبوسعدة وإخراج سامر برقاوي وبمشاركة دانا مارديني.
ويقدم الكاتب والمخرج أسامة عبيد الناصر ثاني أعماله التلفزيونية من خلال مسلسل “أخيرا”، في تعاون ثان له مع الفنان قصي خولي. وسوف يشارك فنانون من سوريا في أجزاء جديدة من أعمال سابقة نفذت في لبنان، كما ستكون المشاركة السورية موجودة في مصر من خلال مسلسل “الإمام الشافعي”، عن نص للكاتبة مريم نعوم، وسيقدم شخصية الإمام الممثل المصري خالد النبوي، وسيقوم بإخراج المسلسل المخرج السوري الشهير الليث حجو ويشارك فيه الممثل خالد القيش.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
نضال قوشحة
كاتب سوري
مسلسلات تستثمر نجاحاتها السابقة وأعمال جديدة تستغل انتشار المنصات.
المشهد الفني السوري ورشة فنية لا تهدأ
تسير حركة الإنتاج في الدراما السورية بشكل متصاعد، بعد سنوات عانت فيها بسبب الحرب وتشتت مبدعي المشهد الفني بين الداخل والخارج وحالة الاستقطاب السياسي الذي عانت منه الدراما بشكل ساهم في تشتيت الجهود. في الموسم الحالي نشهد حضورا قويا للدراما السورية من حيث الإنتاج المحلي والمشاركة في الدراما العربية. فماذا عن خارطتها المبدئية كما كشفتها حركة الإنتاج؟
يحضر الصراع ضمن المشهد الدرامي السوري في أروقة الإنتاج إضافة إلى الصراع الذي تقوم عليه في حكاياتها، فالتضاد في التوجهات الفكرية حاضر بقوة، البعض يحرص على تقديم أعمال تحاكي ظروف الحياة اليومية القاسية التي يحياها المجتمع السوري، وآخرون يستثمرون نجاحات سابقة في تقديم دراما اجتماعية تعرض مشاكل إنسانية ونفسية مختلفة، وفريق ثالث يتمترس في إنتاجات البيئة الشامية، مستندا إلى نجاحات جماهيرية سابقة، لكنها مازالت مطلوبة إلى الآن. وإضافة إلى كل ذلك يقدم فريق أعمالا درامية مشتركة تحقق رواجا كبيرا ويتابعها الجمهور بشغف، وهي الدراما التي يتهمها البعض بالرضوخ لمتطلبات السوق الإنتاجية والابتعاد عن المحتوى الجيد.
وسط كل هذه الصراعات انطلق الموسم الدرامي السوري للعام 2023 منذ فترة وبدأت الجهات الإنتاجية في سوريا تنفّذ خططها في سباق مع الوقت، فتحول المشهد الفني السوري إلى ورشة فنية لا تهدأ.
من يطلع على خارطة الإنتاج السورية في هذا الموسم سيلحظ أن هناك موسما دراميا هاما بصدد التشكل، وهو الأمر الذي فرضته عوامل إنتاج الدراما السورية والعربية على حد السواء، بتأثيرات تنافس قنوات العرض ومنصات المشاهدة المختصة. فما يزيد عن العشرين عملا نفذت أو تنفذ الآن في الدراما السورية، ومن المرجح أن يصل العدد إنتاجيا إلى ضعف الرقم مع مرور الوقت المتبقي لبدء الموسم في رمضان القادم.
منصات المشاهدة الإلكترونية، التي لا تنتظر عادة بدء الموسم الرمضاني، بدأت بتنفيذ خطتها منذ أشهر وأنجزت العديد من الأعمال، فقدم الكاتب والمخرج محمد عبدالعزيز مسلسلين قصيرين هما “إيكو” للكاتب سيف رضا حامد و”البوابات السبع” من تأليفه.
الموسم الدرامي السوري الحالي تظهر فيه معالم جديدة، تفرض وجودها، منها دخول العديد من الأسماء الجديدة
كما قدم سمير حسين مسلسله “وصايا الصبار” عن نص للكاتب فادي حسين، وقدم يزن شربتجي مسلسل “العرافة” عن نص للكاتب حمزة اللحام، وطرح مكسيم خليل “بيت الممسوك” لزهير الملا. أما الأعمال الطويلة التي سيتم عرضها على القنوات التلفزيونية فبدأت مرحلة تصويرها في جو مشحون بمسابقة الزمن لتحقيق عوامل الأمان وجودة تحقق الرواج في وقت مبكر.
الاجتماعي في المقدمة
منذ سنوات سيطر الشكل الاجتماعي على حركة الدراما السورية، محتلا مكانة التاريخي والشامي سابقا، فمع وجود منصات العرض وظهور الأعمال القصيرة تزايدت حركة الإنتاج في الشكل الاجتماعي الذي بلغ حجم الإنتاج فيه حتى الآن ما يزيد على نصف عدد الإنتاج الكلي، وفيها سينتج “مال القبان” للكاتبين علي وجيه ويامن الحجلي ومن إخراج سيف سبيعي، و”كانون” من تأليف علاء المهنا وإخراج إياد نحاس، و”خريف عُمر” من تأليف يزن مرتجى وحسام شراباتي وإخراج المثنى صبح، و”الكرزون” من تأليف مروان قاووق ورنين عودة وإخراج رشاد كوكش، و”صبايا” من تأليف محمود أدريس وإخراج فادي وفائي.
ومن المسلسلات الاجتماعية كذلك نجد “تحت الرماد” من تأليف حازم سليمان وإخراج عامر فهد، و”السراديب” من تأليف رفعت الخطيب وهلال الأحمد وإخراج كنان إسكندراني، و”فويس” من تأليف زهير الملا وإخراج أمير نعمو، و”العرافة” من تأليف حمزة اللحام وإخراج يزن شربتجي، ونجد أيضا “صدى” من تأليف سيف رضا حامد وإخراج محمد عبدالعزيز، و”احتمال” من تأليف تمام زليق وإخراج سليم سموع، و”عين الشمس” لمجموعة من الكتاب ومن إخراج يزن أبوحمدة.
بينما ظهرت في شكل دراما البيئة الشامية أربعة أعمال منها “مربى العز”من تأليف معن علي صالح وإخراج رشا شربتجي، و”حارة القبة” من تأليف أسامة كوكش وإخراج رشا شربتجي، و”زقاق الجن” من تأليف محمد العاص وإخراج تامر إسحاق، و”باب الحارة” (الجزء الثالث عشر) من تأليف مروان قاووق وإخراج منال عمران، و”العربجي” من تأليف عثمان جحا ومؤيد النابلسي وإخراج سيف سبيعي.
وفي شكل الخيال العلمي يقدم مسلسل “البوابات السبعة”، وهو من تأليف وإخراج محمد عبدالعزيز، ومن المؤكد أن المرحلة القادمة ستحمل تغيرات في الأعداد، لكن الواضح أن البعد الاجتماعي والبيئة الشامية سيكونان في المقدمة.
يظهر نجوم الفن السوري في الموسم الجديد بحضور قوي، فتحضر أسماء بسام كوسا وعباس النوري وأيمن زيدان ومنى واصف وسلوم حداد ورشيد عساف وقصي خولي وتيم حسن وباسل الخياط وسلافة معمار وكاريس بشار وباسم ياخور وسمر سامي وعبدالمنعم عمايري وأمل عرفة وآخرين من أهم التجارب التمثيلية التي قدمت على مدى سنوات الدراما السورية إلى المشاهد العربي وساهمت في رواجها.
استثمار النجاح
أعمال مختلفة كليا
يشكل الموسم الحالي للبعض حضورا قويا في أكثر من عمل واحد، مثل سلوم حداد وبسام كوسا وباسم ياخور وعبدالمنعم عمايري وأمل عرفة وخالد القيش، كما تحضر رشا شربتجي وسيف سبيعي في عملين لكل منهما والكاتب زهير الملا في عملين أيضا.
ومن أهم ما يميز موسم الدراما السورية للعام 2023 استثمار النجاح الجماهيري والفني الذي حققته بعض الأعمال لتنفيذ دراما جديدة. فمن أهم الأعمال التي اعتمدت على النجاح السابق مسلسل “مال القبان”، الذي كتبه علي وجيه ويامن الحجلي اللذان صارا عنوانا راسخا لنجاح الأعمال التي يقدمانها، فعبر خمسة أعمال سابقة تبوّآ مكانة مرموقة في تاريخ الدراما السورية المعاصرة، كان من أهمهما مسلسل “مع وقف التنفيذ” في الموسم السابق و”على صفيح ساخن” في الموسم الذي سبقه.
ويواصل الكاتبان في مسلسل “مال القبان” التناول الاجتماعي لأبرز قضايا المجتمع السوري، إذ تدور أحداث المسلسل (من إخراج سيف سبيعي) في سوق كبير، بكل ما يحمله من صراعات وتشابكات بين الشخصيات وبما يكشفه من تناقضات وخفايا في النفوس البشرية.
وفي ملمح آخر لاستثمار النجاح الجماهيري، قدمت المخرجة رشا شربتجي بالتعاون مع الكاتب علي معين صالح مسلسل “مربى العز”، في استثمار لنجاح كبير حققاه في الموسم الماضي من خلال مسلسل “كسر عضم”. وفي الاتجاه ذاته ورغبة من الجهات المنتجة في متابعة تحقيق هذا النجاح أرادت تنفيذ جزء ثان من المسلسل، رغم اعتذار كل من الكاتب والمخرجة عن تقديمه بداعي أنه لا يحتاج إلى ذلك، مما دفع الجهة المنتجة إلى تقديم المسلسل في جزئه الثاني باسم “السراديب”، وهو من تأليف رفعت الخطيب وهلال الأحمد ومعالجة درامية لرند الحديد، أما الإخراج فسيكون للمخرج كنان إسكندراني الذي ساهم في تنفيذ مسلسل “كسر عضم” سابقا.
ويعد حضور مسلسل “صبايا”، بعد سنوات من التوقف عن متابعة الإنتاج فيه، نوعا من استثمار النجاح السابق، فالعمل ظهر منذ سنوات وقدم ضمن خمسة أجزاء في خمسة مواسم، ويحضر حاليا في جزء سادس، وهو من تأليف محمود إدريس وإخراج فادي وفائي ومشاركة عدد من فنانات سوريا.
واستثمارا للنجاح الجماهيري يحضر مسلسل “باب الحارة” الشهير في جزئه الثالث عشر رغم الأصوات الكثيرة التي كانت ومازالت تتعالى ضده، فمنتجو العمل يصرحون بأنهم لن يتوقفوا عن تقديمه طالما أنه يشكل مادة مطلوبة من قبل القنوات والناس، رغم الامتداد الزمني الطويل الذي سار فيه والتغيرات الجوهرية التي طالته في أجوائه وشخوصه.
وفي إطار النجاح واستثماره أيضا تقدم الجهة المنتجة لمسلسل “الكندوش” ثاني أجزاء العمل في الموسم الحالي، فتجربة “الكندوش” رغم تعثرها الفني لاقت حضورا على القنوات التلفزيونية، واستطاعت الجهة المنتجة توزيعه على العديد من الجهات العارضة، مما دفعها إلى تقديم مسلسل ثان لها في شكل البيئة الشامية حمل اسم “زقاق الجن”، وهو من تأليف الكاتب محمد العاص وإخراج تامر إسحاق. وفي استثمار لحضور الممثل أسامة الروماني في الدراما السورية استقطبته جهة إنتاجية ليكون بطل عملها “تحت الرماد”، وهو من تأليف حازم سليمان وإخراج عامر فهد، ويحكي العمل عن شخصيات وأحداث بين لبنان وسوريا.
تجارب جديدة ومشتركة
استثمار النجاح سمة غالبة في حركة الإنتاج
تظهر في الموسم الدرامي السوري الحالي معالم جديدة، تفرض وجودها، منها دخول العديد من الأسماء الجديدة إلى المشهد الفني السوري. من الجديد، دخول يزن شربتجي مدير الإضاءة الشهير أول تجاربه الإخراجية في مسلسل قصير آخر حمل عنوان “العرافة”، وهو فكرة بشار الصارم وسيناريو حمزة اللحام، كما قدم الكاتب والمخرج محمد عبدالعزيز أول مسلسل خيال علمي في تاريخ الدراما السورية من خلال “البوابات السبع”، ويقدم المخرج أمير نعمو أولى تجاربه الإخراجية التلفزيونية القصيرة من خلال مسلسل “فويس”، وهو من تأليف زهير الملا.
وفي الموسم الجديد يقدم الفنان مكسيم خليل أول أعماله كمخرج من خلال مسلسل “بيت الممسوك”، كما يقدم المخرج السوري – الأميركي سليم سموع مسلسل “احتمال المقتبس” عن رواية جاستين كونراد التي أعدها للدراما تمام زليق، وتدخل المغنية السورية الشهيرة فايا يونان مجال التمثيل للمرة الأولى من خلال مسلسل “ذهب غالي”.
كذلك تظهر طاقات جديدة في الكتابة للتلفزيون، كما في مسلسل “خريف عُمر” للكاتبين حسام شراباتي ويزن مرتجى وبإشراف الكاتبة رانيا الجبان، وبه يعود المخرج المثنى صبح إلى الدراما السورية بعد سنوات من الغياب، كما يقدم المخرج منال عمران مسلسل “باب الحارة” في جزئه الثالث عشر ضمن أولى تجاربه في الإخراج التلفزيوني.
وتعيش الدراما العربية المشتركة عصرها الذهبي متأثرة بانفتاح السوق أمامها على منصات العرض الفنية. وقد اتخذت بعدا جديدا في التماهي مع الدراما الأجنبية والتركية تحديدا، فبعد العديد من الأعمال التي قدمت بالاتكاء على أعمال عالمية في السينما والتلفزيون، ونجاح التجربة، ذهبت الدراما العربية إلى ما هو أوضح وراحت تعرب بعض المسلسلات العالمية خاصة التركية والأميركية.
☚ الدراما العربية المشتركة تعيش عصرها الذهبي متأثرة بانفتاح السوق أمامها على منصات العرض الفنية المختلفة
وعمدت بعض الجهات الإنتاجية إلى إنتاج أعمال عربية مشتركة تحاكي هذه الدراما. فظهرت أعمال شارك فيها مبدعون وممثلون من سوريا مثل “ستيللو” الذي حقق حضورا كبيرا، وكذلك “الثمن” الذي بدأ عرضه قبل أيام حقق من خلالها رصيدا كبيرا في المتابعة، وستدور الكاميرا قريبا لتصوير مسلسلات عديدة منها “شجرة التفاح” عن مسلسل تركي يحمل الاسم ذاته، بمشاركة فنانين من لبنان والعراق، وكذلك مسلسل “في الداخل” المأخوذ عن مسلسل تركي يحمل الاسم نفسه ويشارك فيه ممثلون من سوريا.
أما في لبنان فالحصيلة أوسع، حيث انطلقت حديثا كاميرا تصوير مسلسل “النار بالنار”، وهو من تأليف رامي كوسا وإخراج محمد عبدالعزيز وبمشاركة نجوم الفن من لبنان، وسوف يصور كله في بيروت، كما سيقدم الفنان السوري الشهير تيم حسن عملا جديدا يحمل اسم “الزند”، وهو من تأليف عمر أبوسعدة وإخراج سامر برقاوي وبمشاركة دانا مارديني.
ويقدم الكاتب والمخرج أسامة عبيد الناصر ثاني أعماله التلفزيونية من خلال مسلسل “أخيرا”، في تعاون ثان له مع الفنان قصي خولي. وسوف يشارك فنانون من سوريا في أجزاء جديدة من أعمال سابقة نفذت في لبنان، كما ستكون المشاركة السورية موجودة في مصر من خلال مسلسل “الإمام الشافعي”، عن نص للكاتبة مريم نعوم، وسيقدم شخصية الإمام الممثل المصري خالد النبوي، وسيقوم بإخراج المسلسل المخرج السوري الشهير الليث حجو ويشارك فيه الممثل خالد القيش.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
نضال قوشحة
كاتب سوري