يسرا تكسر نمطية أدوارها الفنية بالسخرية في مسلسل "أحلام سعيدة"
النميمة وحكايات النساء الخاصة مصدران لثراء الدراما المصرية.
قضايا تؤرق المرأة المصرية
كسرت الفنانة المصرية يسرا الصورة النمطية للأدوار التي اعتادت على لعبها في الدراما والسينما لتقدم هذا العام مسلسلا اجتماعيا كوميديا، نأى بها عن التراجيديا والرومانسية المعتادتين، حيث طرحت من خلاله ظواهر اجتماعية تنتشر في المجتمعين المصري والعربي وترتبط أساسا بالمرأة.
القاهرة- لفت العرض الثاني الذي تقدمه قناة “الحياة” المصرية حاليا الانتباه إلى طبيعة الدور الساخر الذي تقدمه الفنانة المخضرمة يسرا في مسلسل “أحلام سعيدة” بعد أن تاه وسط الزحام بسبب كثرة الأعمال الموازية في أثناء عرضه الأول خلال موسم رمضان الماضي، وأصبح العمل الدرامي يحظى بمتابعة كبيرة في الوقت الراهن.
قد تُظلم بعض الأعمال الجادة عندما تعرض في موسم رمضان الذي يتسابق فيه النجوم والمنتجون والمعلنون على جذب المشاهدين وسط كثافة درامية نادرة فالعديد يعتبرونه “فاترينة” أو بوابة يمكن أن تتسلل منها المسلسلات إلى عقول وقلوب الجمهور.
قدمت يسرا دورا مختلفا عن مسيرتها العامة، فمسلسل “أحلام سعيدة” يمكن وصفه بأنه أشبه بخطوة لتجديد الدماء في شرايينها الفنية، حيث تخلت عن التراجيديا المعتادة والرومانسية الساخنة التي برعت في تقديمهما عبر السينما والدراما.
في هذا العمل قامت يسرا بأداء دور يصعب وصفه بأنه كوميدي صرف أو تراجيدي خالص، لأنه يجمع بينهما في قالب واحد بصورة سلسة يشعر المشاهد معها بأن يسرا بلغت مستوى مرتفعا من النضج الفني يمكنها من أداء ألوان متباينة من الشخصيات.
ضحك مثل البكاء
تنقلت يسرا بين المشاهد المختلفة بنعومة ظاهرة تشير إلى دراستها العميقة للدور وقدرتها على تقمص دور “فريدة” كسيدة تنحدر من طبقة أرستقراطية ومغرمة بجمع التحف وتتعامل باستعلاء مع من حولها من الرجال والنساء، وعرف عنها التسلط والتعالي، مع مسحة واضحة من السخرية يصعب حصرها في قالب كوميدي واحد، ويمكن إدراجها كنوع من أنواع الكوميديا السوداء التي تحوي ضحكا مثل البكاء.
لم تتقبل فريدة أو “ديدة” كما تلقبها صديقاتها فقدان بصرها إثر حادث أليم تعرضت له أثناء سيرها بأحد شوارع القاهرة إذ صدمتها سيارة مجهولة ودارت شكوكها لوقت طويل حول شقيقها “صالح” الذي أدى دوره الفنان عماد رشاد، المغرم بجمع الأموال، بحجة أنه لا يريد منحها ميراثها واعتقدت أنه انتقم منها للتخلص من إلحاحها.
نسجت مؤلفة المسلسل هالة خليل هذا الخيط الرفيع واستثمرت فنيا في الحادث كمحور رئيسي للعمل، لكن تشعبت منه حزمة كبيرة من المواقف وفرت له مساحة كبيرة للحركة الرأسية والأفقية، حيث ظل صالح تطارده لعنات فريدة ومخاوفها، واتهاماتها الصريحة له أمام النيابة بأنه من قام بتدبير الحادث ليتخلص منها ويحرمها من ثروتها ولم تقتنع بحصوله على إخلاء سبيل من النيابة لعدم وجود دليل قاطع يدينه.
◙ المسلسل ناقش مجموعة من القضايا النسوية من خلال ثلاث نساء جمعهن القلق والأرق عند طبيبة متخصصة
ظل القلق يلاحقها ليلا ونهارا بعد الحادث الذي تحول إلى ذكرى أليمة تؤرقها في كل تصرفاتها، لأنها سيدة حريصة على الاحتفاظ بكبريائها حتى لو جارت عليها الأيام وغيّرت من أحوالها، وحرمتها من بصرها، وابنها الوحيد فضل العيش مستقلا عنها وشق عصا الطاعة عليها، ومن قبل ذلك أمها التي أورثتها جينات نفسية معقدة.
وجاءت الاستدارة الفنية في المسلسل عندما بدأت تتكشف ملامح تؤكد أن شقيقها صالح لم يرتكب الحادث أو خطط له، وتبين أن صديقتها القريبة منها “شيرين” وقامت بدورها الفنانة غادة عادل مسؤولة عن الحادث، والتي عاشت فترة في صراع وتناقض بين البوح بهذا السر وبين الاكتفاء بالاقتراب منها ومساعدتها قدر المستطاع.
استقرت في النهاية على الاعتراف لها، وهو ما وقع على فريدة كالصاعقة ولم تغفر لها الجريمة التي بدلت مسار حياتها، ولم ترتح سوى بتسليمها إلى القضاء للقصاص منها قبل أن تسامحها في الحلقة الأخيرة ويلتئم شمل الصديقات الثلاث.
ناقش مسلسل “أحلام سعيدة” مجموعة من القضايا النسوية من خلال الثلاثي فريدة وشيرين، ومعهما ليلي التي قامت بدورها مي كساب، وجمعهن القلق والأرق وقلة النوم عند طبيبة متخصصة في معالجة هذه الحالات فصرن صديقات.
لكل منهن قصة تقود إلى حكايات فرعية نسجتها بحنكة المؤلفة هالة خليل، وهي أيضا مخرجة ومن أعمالها البارزة أفلام “أحلى الأوقات” و”قص ولصق” و”نوارة”.
قالت هالة خليل في أحد حواراتها إن المسلسل كان في الأصل سيناريو لفيلم قامت بكتابته عام 2012 بدافع داخلي عندها، وهي عادتها عندما تجد قضية نسوية مناسبة فتقوم بمناقشتها من وجهة نظرها، وهي سمة غالبية الأعمال التي قدمتها.
فضل المنتج جمال العدل، وصاحب شركة “العدل غروب”، إسناد العمل إلى المخرج عمرو عرفة كي لا تحتار خليل بين الكتابة والإخراج، فتركيزها على التأليف واختيار مخرج آخر يمنح العمل درجة عالية من التماسك في البناء الفني، خاصة أن كتابة معظم الحلقات تمت خلال فترة قصيرة.
لم يكن المسلسل كاملا وقت الشروع في التصوير قبيل رمضان، وأدخلت على فكرة الفيلم تعديلات بعد أن تقرر تحويله إلى مسلسل، من بينها شخصية الخادمة “صدفة” وقامت بدورها الفنانة شيماء سيف التي أضفت طابعا كوميديا على الكثير من مشاهدها، ناهيك عن قناعة المنتج جمال العدل بأن قيام رجل بإخراج عمل يتناول مشاكل السيدات يخلق قدرا من التوازن الفني.
أجاد عمرو عرفة، وهو شقيق المخرج الكبير شريف عرفة، توظيف الأفكار التي حواها المسلسل، بما يتماشى مع ما قدمه من أعمال سابقة حققت نجاحات، مثل أفلام: “أفريكانو” و”جعلتني مجرما” و”السفارة في العمارة”، وكان “أحلام سعيدة” أول عمل لعرفة منذ مسلسله “لمعي القط” الذي عرض منذ خمسة أعوام، بعد تعاونه السابق مع يسرا وغادة عادل ومي كساب في مسلسل “سرايا عابدين” وعرض عام 2014.
ووراء الثلاثي، يسرا وغادة ومي، الكثير من قصص النميمة والحكايات التي منحت “أحلام سعيدة” فرصة لتحقيق النجاح، حيث الكيمياء الشخصية بينهن مرتفعة، وتقسيم الأدوار كان دقيقا، وجميع التقاطعات التي حدثت أو جمعت بينهن صبت في صالح العمل، فلكل منهن حكاية تعالج قضية اجتماعية تؤرق المرأة في مصر.
كيمياء بين الثلاثي
◙ توليفة درامية ناجحة
إذا كانت شخصية فريدة التي قدمتها يسرا ثرية وساخرة ومتغطرسة أحيانا وتعاني من مخلّفات فقدان البصر وغياب الابن ورحيل الزوج ونكران الأخ والمعاناة من الفراغ، فإن شخصية شيرين، مثلتها غادة عادل، نكأت جرح تأخر سن الزواج مصحوبا برغبة عارمة في الهروب منه وتفضيل الحياة بصورة مستقلة ومنفردة.
سبقت معالجة مثل هذه القضايا في أعمال مختلفة، لكن جديد “أحلام سعيدة” أن مشكلة شيرين لم تكن في عدم الرغبة في الزواج فقط، بل أيضا الطريقة التي ينشغل بها كل من حولها ورغبتهم في حثها على التزوج بأول رجل يطرق بابها بذريعة الاستقرار والراحة النفسية، الأمر الذي رفضته ولجأت إلى حيل عديدة للتخلص منه تحت إلحاح وضغوط شقيقتها التي قامت بدورها الفنانة انتصار.
تطرق الدور الذي قامت به انتصار إلى أزمة إنفاق الزوجة على المنزل، وعدم قدرة الزوج على توفير احتياجات الأسرة وما يترتب على ذلك من خلافات معلنة أو مكتومة، تجعل الحياة حافلة بمشكلات تنعكس على الأبناء، وتفشل محاولات الطرفين في معالجة التوترات من خلال التظاهر بالتفاهم أمام الآخرين.
بدت شخصية “ليلى” التي أدتها مي كساب غنية فنيا، فهي سيدة تعاني من الأرق مثل صديقتيها فريدة وشيرين، لكن لسبب مختلف، وهو عدم قدرتها على الإنجاب، ما يدفعها إلى حث زوجها على الزواج من سيدة أخرى، وتتفاجأ بأنه اتخذ هذا القرار مبكرا فتشعر بالخيانة لأنه لم يخبرها، مع ذلك بقيت العلاقة بينهما متشابكة صعودا وهبوطا، في ظل وجود زوجة ثانية غيورة تحظى بنصف أيام الأسبوع مع زوجها وقام بدوره الفنان نور محمود الذي يثبت في كل عمل أنه ممثل يستطيع تجسيد أدوار متنوعة.
النميمة وحكايات النساء الخاصة مصدران لثراء الدراما المصرية.
قضايا تؤرق المرأة المصرية
كسرت الفنانة المصرية يسرا الصورة النمطية للأدوار التي اعتادت على لعبها في الدراما والسينما لتقدم هذا العام مسلسلا اجتماعيا كوميديا، نأى بها عن التراجيديا والرومانسية المعتادتين، حيث طرحت من خلاله ظواهر اجتماعية تنتشر في المجتمعين المصري والعربي وترتبط أساسا بالمرأة.
القاهرة- لفت العرض الثاني الذي تقدمه قناة “الحياة” المصرية حاليا الانتباه إلى طبيعة الدور الساخر الذي تقدمه الفنانة المخضرمة يسرا في مسلسل “أحلام سعيدة” بعد أن تاه وسط الزحام بسبب كثرة الأعمال الموازية في أثناء عرضه الأول خلال موسم رمضان الماضي، وأصبح العمل الدرامي يحظى بمتابعة كبيرة في الوقت الراهن.
قد تُظلم بعض الأعمال الجادة عندما تعرض في موسم رمضان الذي يتسابق فيه النجوم والمنتجون والمعلنون على جذب المشاهدين وسط كثافة درامية نادرة فالعديد يعتبرونه “فاترينة” أو بوابة يمكن أن تتسلل منها المسلسلات إلى عقول وقلوب الجمهور.
قدمت يسرا دورا مختلفا عن مسيرتها العامة، فمسلسل “أحلام سعيدة” يمكن وصفه بأنه أشبه بخطوة لتجديد الدماء في شرايينها الفنية، حيث تخلت عن التراجيديا المعتادة والرومانسية الساخنة التي برعت في تقديمهما عبر السينما والدراما.
في هذا العمل قامت يسرا بأداء دور يصعب وصفه بأنه كوميدي صرف أو تراجيدي خالص، لأنه يجمع بينهما في قالب واحد بصورة سلسة يشعر المشاهد معها بأن يسرا بلغت مستوى مرتفعا من النضج الفني يمكنها من أداء ألوان متباينة من الشخصيات.
ضحك مثل البكاء
تنقلت يسرا بين المشاهد المختلفة بنعومة ظاهرة تشير إلى دراستها العميقة للدور وقدرتها على تقمص دور “فريدة” كسيدة تنحدر من طبقة أرستقراطية ومغرمة بجمع التحف وتتعامل باستعلاء مع من حولها من الرجال والنساء، وعرف عنها التسلط والتعالي، مع مسحة واضحة من السخرية يصعب حصرها في قالب كوميدي واحد، ويمكن إدراجها كنوع من أنواع الكوميديا السوداء التي تحوي ضحكا مثل البكاء.
لم تتقبل فريدة أو “ديدة” كما تلقبها صديقاتها فقدان بصرها إثر حادث أليم تعرضت له أثناء سيرها بأحد شوارع القاهرة إذ صدمتها سيارة مجهولة ودارت شكوكها لوقت طويل حول شقيقها “صالح” الذي أدى دوره الفنان عماد رشاد، المغرم بجمع الأموال، بحجة أنه لا يريد منحها ميراثها واعتقدت أنه انتقم منها للتخلص من إلحاحها.
نسجت مؤلفة المسلسل هالة خليل هذا الخيط الرفيع واستثمرت فنيا في الحادث كمحور رئيسي للعمل، لكن تشعبت منه حزمة كبيرة من المواقف وفرت له مساحة كبيرة للحركة الرأسية والأفقية، حيث ظل صالح تطارده لعنات فريدة ومخاوفها، واتهاماتها الصريحة له أمام النيابة بأنه من قام بتدبير الحادث ليتخلص منها ويحرمها من ثروتها ولم تقتنع بحصوله على إخلاء سبيل من النيابة لعدم وجود دليل قاطع يدينه.
◙ المسلسل ناقش مجموعة من القضايا النسوية من خلال ثلاث نساء جمعهن القلق والأرق عند طبيبة متخصصة
ظل القلق يلاحقها ليلا ونهارا بعد الحادث الذي تحول إلى ذكرى أليمة تؤرقها في كل تصرفاتها، لأنها سيدة حريصة على الاحتفاظ بكبريائها حتى لو جارت عليها الأيام وغيّرت من أحوالها، وحرمتها من بصرها، وابنها الوحيد فضل العيش مستقلا عنها وشق عصا الطاعة عليها، ومن قبل ذلك أمها التي أورثتها جينات نفسية معقدة.
وجاءت الاستدارة الفنية في المسلسل عندما بدأت تتكشف ملامح تؤكد أن شقيقها صالح لم يرتكب الحادث أو خطط له، وتبين أن صديقتها القريبة منها “شيرين” وقامت بدورها الفنانة غادة عادل مسؤولة عن الحادث، والتي عاشت فترة في صراع وتناقض بين البوح بهذا السر وبين الاكتفاء بالاقتراب منها ومساعدتها قدر المستطاع.
استقرت في النهاية على الاعتراف لها، وهو ما وقع على فريدة كالصاعقة ولم تغفر لها الجريمة التي بدلت مسار حياتها، ولم ترتح سوى بتسليمها إلى القضاء للقصاص منها قبل أن تسامحها في الحلقة الأخيرة ويلتئم شمل الصديقات الثلاث.
ناقش مسلسل “أحلام سعيدة” مجموعة من القضايا النسوية من خلال الثلاثي فريدة وشيرين، ومعهما ليلي التي قامت بدورها مي كساب، وجمعهن القلق والأرق وقلة النوم عند طبيبة متخصصة في معالجة هذه الحالات فصرن صديقات.
لكل منهن قصة تقود إلى حكايات فرعية نسجتها بحنكة المؤلفة هالة خليل، وهي أيضا مخرجة ومن أعمالها البارزة أفلام “أحلى الأوقات” و”قص ولصق” و”نوارة”.
قالت هالة خليل في أحد حواراتها إن المسلسل كان في الأصل سيناريو لفيلم قامت بكتابته عام 2012 بدافع داخلي عندها، وهي عادتها عندما تجد قضية نسوية مناسبة فتقوم بمناقشتها من وجهة نظرها، وهي سمة غالبية الأعمال التي قدمتها.
فضل المنتج جمال العدل، وصاحب شركة “العدل غروب”، إسناد العمل إلى المخرج عمرو عرفة كي لا تحتار خليل بين الكتابة والإخراج، فتركيزها على التأليف واختيار مخرج آخر يمنح العمل درجة عالية من التماسك في البناء الفني، خاصة أن كتابة معظم الحلقات تمت خلال فترة قصيرة.
لم يكن المسلسل كاملا وقت الشروع في التصوير قبيل رمضان، وأدخلت على فكرة الفيلم تعديلات بعد أن تقرر تحويله إلى مسلسل، من بينها شخصية الخادمة “صدفة” وقامت بدورها الفنانة شيماء سيف التي أضفت طابعا كوميديا على الكثير من مشاهدها، ناهيك عن قناعة المنتج جمال العدل بأن قيام رجل بإخراج عمل يتناول مشاكل السيدات يخلق قدرا من التوازن الفني.
أجاد عمرو عرفة، وهو شقيق المخرج الكبير شريف عرفة، توظيف الأفكار التي حواها المسلسل، بما يتماشى مع ما قدمه من أعمال سابقة حققت نجاحات، مثل أفلام: “أفريكانو” و”جعلتني مجرما” و”السفارة في العمارة”، وكان “أحلام سعيدة” أول عمل لعرفة منذ مسلسله “لمعي القط” الذي عرض منذ خمسة أعوام، بعد تعاونه السابق مع يسرا وغادة عادل ومي كساب في مسلسل “سرايا عابدين” وعرض عام 2014.
ووراء الثلاثي، يسرا وغادة ومي، الكثير من قصص النميمة والحكايات التي منحت “أحلام سعيدة” فرصة لتحقيق النجاح، حيث الكيمياء الشخصية بينهن مرتفعة، وتقسيم الأدوار كان دقيقا، وجميع التقاطعات التي حدثت أو جمعت بينهن صبت في صالح العمل، فلكل منهن حكاية تعالج قضية اجتماعية تؤرق المرأة في مصر.
كيمياء بين الثلاثي
◙ توليفة درامية ناجحة
إذا كانت شخصية فريدة التي قدمتها يسرا ثرية وساخرة ومتغطرسة أحيانا وتعاني من مخلّفات فقدان البصر وغياب الابن ورحيل الزوج ونكران الأخ والمعاناة من الفراغ، فإن شخصية شيرين، مثلتها غادة عادل، نكأت جرح تأخر سن الزواج مصحوبا برغبة عارمة في الهروب منه وتفضيل الحياة بصورة مستقلة ومنفردة.
سبقت معالجة مثل هذه القضايا في أعمال مختلفة، لكن جديد “أحلام سعيدة” أن مشكلة شيرين لم تكن في عدم الرغبة في الزواج فقط، بل أيضا الطريقة التي ينشغل بها كل من حولها ورغبتهم في حثها على التزوج بأول رجل يطرق بابها بذريعة الاستقرار والراحة النفسية، الأمر الذي رفضته ولجأت إلى حيل عديدة للتخلص منه تحت إلحاح وضغوط شقيقتها التي قامت بدورها الفنانة انتصار.
تطرق الدور الذي قامت به انتصار إلى أزمة إنفاق الزوجة على المنزل، وعدم قدرة الزوج على توفير احتياجات الأسرة وما يترتب على ذلك من خلافات معلنة أو مكتومة، تجعل الحياة حافلة بمشكلات تنعكس على الأبناء، وتفشل محاولات الطرفين في معالجة التوترات من خلال التظاهر بالتفاهم أمام الآخرين.
بدت شخصية “ليلى” التي أدتها مي كساب غنية فنيا، فهي سيدة تعاني من الأرق مثل صديقتيها فريدة وشيرين، لكن لسبب مختلف، وهو عدم قدرتها على الإنجاب، ما يدفعها إلى حث زوجها على الزواج من سيدة أخرى، وتتفاجأ بأنه اتخذ هذا القرار مبكرا فتشعر بالخيانة لأنه لم يخبرها، مع ذلك بقيت العلاقة بينهما متشابكة صعودا وهبوطا، في ظل وجود زوجة ثانية غيورة تحظى بنصف أيام الأسبوع مع زوجها وقام بدوره الفنان نور محمود الذي يثبت في كل عمل أنه ممثل يستطيع تجسيد أدوار متنوعة.