تطورات إنتاجية وانتكاسات إبداعية تدعم تمصير الدراما
"سوتس بالعربي" ينجح في بناء توليفة فنية تضاهي النسخة الأجنبية.
نسخة محترفة تضاهي سوتس الأميركي
فرض التطور الإنتاجي في عالم الدراما والتوجه أكثر نحو المنصات الإلكترونية نمطا جديدا من المسلسلات يعرف بـ"الفورمات" وهو إعادة تقديم أعمال عالمية ناجحة للجمهور المحلي، مما يجعل الأعمال المصرية في مقارنة مع المسلسلات الأصلية. ورغم أنه يكشف مدى تطور القدرات الإنتاجية في هذا القطاع، لكنه يوضح أكثر حجم الانتكاسة الإبداعية التي تدفع المنتجين إلى استسهال تكرار نسخ ناجحة مسبقا.
القاهرة - استطاع مسلسل "سوتس بالعربي" أن يجذب شريحة واسعة من جمهور دراما رمضان في مصر هذا العام ممن لديهم الشغف بالتعرف على مدى قدرة صناع المسلسلات مجاراة القدرات الإبداعية للدراما الأجنبية، وتمكن من توظيف النجاح الذي حققته النسخة الأميركية من المسلسل التي جرى عرضه بشكل متتالي على تسعة أجزاء، آخرها قبل ثلاث سنوات، ليؤكد أن هناك فرصة لاستنساخ أو تمصير المحتويات الدرامية والفنية بصورة متطورة تخدم العمل الفني.
يطرح العمل الذي يعد امتداداً لأعمال مصرية جرى اقتباسها من أعمال الأجنبية من قبل تساؤلات عديدة حول ما إذا كانت الظاهرة إيجابية أم سلبية، وهل تخدم التطور الدرامي أم تقوده نحو الاستسهال؟ وهل من يمكن أن تساعد صناع الدراما على دعم قدراتهم الإبداعية أم تظلم كتابا ومؤلفين قد لا تتوافر فرصة أمامهم لتسويق أفكارهم؟
يجري طرح الأسئلة على أشكال مختلفة من الاقتباس سواء أكان ذلك بشكل احترافي عبر “الفورمات” التي تحظى بأطر قانونية تحكم عمل القائمين على المسلسل المصري ونسخته الأصلية وتحظر ادخال تعديلات على التسلسل الرئيسي للأحداث وفكرته إلا في أضيق الحدود، ودائما ما يكون ذلك بالتوافق بين الطرفين أو من خلال التوسع في تمصير أفكار الأعمال الأجنبية بوجه عام، وهو ما يمكن تسميته أحيانا سرقة الأفكار الأجنبية وتحويلها لسيناريو وحوار يتماشى مع البيئة التي يُعرض فيها المسلسل.
رامي المتولي: الدراما المصرية تحاول التوسع في تقديم أعمال أجنبية
تحقق الأعمال الدرامية المصرية المأخوذة بنظام “الفورمات” نجاحاً جماهيرياً كبيراً في العادة، وقد ظهر ذلك في مسلسلات: “جراند أوتيل”، و”الآنسة فرح”، و”ستات بيت المعادي” و”هبة رجل الغراب”، و”قواعد الطلاق الـ 45″، الأمر الذي يجعل العديد من المنتجين يلجأون إليها كاستثمار آمن يحقق عوائد فنية جيدة.
ويمكن تقبل التكلفة الإنتاجية المضاعفة إذا كان المردود سيكون إيجابيا، نتيجة شراء حقوق المحتوى واستخدام ديكورات تتماشى مع طبيعة العمل الرئيسي للمحافظة على فكرته الجوهرية، وهي معادلة فطن لها صناع مسلسل “سوتس بالعربي” ونجحوا فيها خلال الحلقات التي أذيعت حتى منتصف شهر رمضان.
بالنظر إلى المسلسل الأميركي “سوتس” الذي ولدت فكرته من تجربة عايشها مؤلفه آرون كروس في حي المال والأعمال الأميركي (وول سترتب)، وتقوم قصته على مغامرة يبرع فيها أحد المحامين يعمل لدى شركة كبرى تتخصص في المحاماة، حيث يقوم بتعيين شباب يتسم بذكائه الحاد وإلمامة بالقانون كمساعد له، بالرغم من أنه لا يحمل شهادة جامعية في القانون، ويعقد معه اتفاقاً سرياً، ويتعاونان معاً في العمل على الكثير من القضايا الصعبة.
تنتقل شخصيات الحكاية في النسخة المصرية ليتم الاستعانة بأحد المباني التجارية في مدينة الشيخ زايد، الواقعة في محافظة الجيزة المجاورة للقاهرة، والتي تضاهي من حيث الشكل نفس البيئة الأميركية التي جرى فيها تصوير المسلسل الأصلي، كما أنها تتناسب بدرجة كبيرة مع المناخ العام الذي تدور فيه الأحداث الأصلية.
يجسد الفنان المصري آسر ياسين شخصية المحامي البارع زين ثابت، فيما يؤدي شخصية تلميذه آدم منصور الفنان الشاب أحمد داوود والاثنان يعملان داخل مكتب محاماة تديره فريدة وتقوم بدورها الفنانة الأردنية صبا مبارك.
"الفورمات" تبرهن على أن هناك انتكاسات إبداعية وعدم قدرة على النجاح عبر مسلسلات تعكس الواقع المحلي
يحقق المسلسل أكثر من عنصر يجعله قادراً على تحقيق نجاح على المستوى العربي أسوة بالنسخة الأجنبية، إذ أنه يبرز عالم جديد يعيشه البعض من المصريين فيما يتعلق بقضايا الشركات وأزمات التعاقدات بعيدا عن المعروف عن عالم المحاميين المتخصصين في القضايا الجنائية والأحوال الشخصية، إلى جانب أنه يسلط الضوء على قضية تسلق الرجل المسحوق ويتمثل في الشاب آدم منصور إلى قمة الهرم الاجتماعي ويمنح الأمل للمشاهدين للخروج من حياتهم المهمشة.
يشارك في بطولة “سوتس بالعربي” ريم مصطفى ومحمد شاهين وتارا عماد ومصطفى درويش، وتمصير محمد حفظي وياسر عبدالمجيد، وإنتاج طارق الجنايني بالتعاون مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، وإخراج عصام عبدالحميد.
أكد الناقد الفني رامي المتولي لـ”العرب” أن القائمين على صناعة النسخة المصرية استطاعوا توظيف أبطاله بطريقة أظهرت وجود تماثل مع النسخة الأجنبية، وهناك تطور ملحوظ على مستوى اختيار الممثلين وتوافقهم مع الشخصيات التي قاموا بتأديتها، وتمكن العمل من أن يوضع في مقارنة مقبولة مع العمل الأساسي.
فايزة هنداوي: الاقتباسات لا تمثل إضافة فنية للدراما المصرية
وأضاف أن هذا النوع من المسلسلات يحقق نجاحاً جماهيرياً وإنتاجياً بنسبة تتجاوز 90 في المئة، ولا يمكن القول بأنه لا يخدم تطور الدراما المصرية التي عانت بوجه عام من التراجع، وهناك محاولات حثيثة من جهات عدة لإيجاد تنوع في الأفكار والموضوعات والقضايا المطروحة من خلال دراما رمضان بما يعيد إليها رونقها.
وأوضح أن “الفورمات” أو الأشكال المعمول بها تتماشى مع طبيعة التطور الإنتاجي الموجه إلى المنصات الإلكترونية التي تعتمد على أسواق عربية واسعة قد لا يكون من المفيد التركيز على قضايا محلية بحتة، حيث تحاول الدراما المصرية ملاحقة التطورات الحاصلة على مستوى التوسع في تقديم أعمال أجنبية تتسق مع طبيعة الجمهور المحلي، وأن هناك حركة فنية سريعة في هذا الاتجاه.
يمكن تعريف “الفورمات” بأنها مجموعة من العناصر الثابتة التي يتم من خلالها إنتاج عناصر متغيرة وفقاً لثقافة كل بلد، كأنها وصفة لكيفية إعداد مسلسل جيد في أي مكان في العالم، وتتضمن شرحاً كاملاً للعمل وآليات تنفيذه ونماذج موضحة بالصوت والصورة لضمان الوصول لأعلى جودة.
وفي بعض الأحيان توفر الشركة المالكة لحقوق المنتج الأصلي منتجين يساعدون الشركة الحاصلة على التراخيص في خروج العمل للنور.
يراهن صناع مسلسل “سوتس بالعربي” كما الحال بالنسبة لغالبية القائمين على مسلسلات “الفورمات” على تحقيق انتشار عربي نتيجة ضعف أرقام مشاهدة الكثير من الأعمال الأجنبية بما فيها التي تحقق نجاحاً كبيراً في بلدانها الأصلية.
وأكد المنتج طارق الجنايني في تعليق له على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أن عدد مشاهدي النسخة الأجنبية من المسلسل في العالم العربي يتراوح بين مليون إلى مليوني شخص على أقصى تقدير، وهناك أكثر من 300 مواطن عربي لديهم الفرصة لمشاهدته الآن، والنجاح الأهم يتمثل في تسويق العمل عالميًا بعد أن اختارت شركة “إن بي سي يو” وهي شركة إعلام وترفيه أميركية، العمل ليكون أول مسلسل ناطق بالعربية من توزيعها وستبدأ وضعه في كتالوجاتها بداية من شهر سبتمبر القادم.
تصدر مسلسل “سوتس” الأميركي قوائم المشاهدة على منصة نتفليكس بالتوازي مع عرض النسخة المقتبسة منه بالعربي ضمن الموسم الرمضاني الحالي.
وأوضحت الناقدة الفنية فايزة هنداوي أن الاقتباسات قد تحقق نجاحاً جماهيرياً، غير أنها لا تمثل إضافة فنية أو إبداعية للدراما المصرية، وحينما نتعامل مع هذا النوع من الأعمال نبقى أمام ترجمة حرفية للمسلسلات الأجنبية دون أن تكون هناك محفزات للتعامل مع مشكلات ضعف المحتويات الدرامية المحلية.
وشددت في تصريح لـ”العرب” على أن الدراما المصرية لا تواجه أزمة كتابة بقدر معاناتها من عدم إتاحة الفرصة لكثير من النصوص الجيدة المكتوبة لترى النور، وهناك الكثير من القضايا التي تناقش بعمق المشكلات المصرية ولا يجري الالتفات إليها ويكون التركيز على التسلية والقضايا الاجتماعية الخفيفة.
ولدى البعض من النقاد قناعة بأنه لا يمكن الحجر على الإنتاج الخاص في توسعه نحو تقديم هذا النوع من الأعمال الذي يحقق عوائد مادية تسهم في الارتقاء بالمحتوى الفني الذي تقدمه شركات الإنتاج الخاصة، لكن الجهات الحكومية المعنية بالإنتاج الدرامي لا يجب أن يسيطر عليها الفكر التجاري البحث وعليها أن تدعم تقديم أعمال ترتقي بالدراما المصرية والموضوعات التي تخاطب بها الجمهور.
وتتفق هنداوي على أن مؤلف “سوتس بالعربي” استطاع أن يضع بصمته لتمصير القضايا الغربية التي جاءت منسجمة مع النسخة الأجنبية بشكل احترافي، ولم تتوقع أن يحقق المسلسل عناصر النجاح الفني، رغم الفروق الكبيرة في الإمكانيات.
ويعد الاتجاه نحو “الفورمات” الأجنبية أمراً غير سلبي بالمرة إذا استطاع أن يحقق عوامل النجاح التي تتمثل في الحفاظ على جوهر رسالة العمل الأجنبي دون إخلال أو تطويل في الأحداث، وإذا كان ذلك بشكل شرعي يضمن احترافية العمل.
ويتمثل العامل السلبي في التوسع المفرط في هذا النوع من الأعمال التي تبرهن على أن هناك انتكاسات إبداعية وعدم قدرة على تحقيق نجاحات عبر مسلسلات تعكس الواقع المحلي وتسلط الضوء على قضايا تجذب الجمهور بأساليب تنفيذية متطورة.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
أحمد جمال
صحافي مصري
"سوتس بالعربي" ينجح في بناء توليفة فنية تضاهي النسخة الأجنبية.
نسخة محترفة تضاهي سوتس الأميركي
فرض التطور الإنتاجي في عالم الدراما والتوجه أكثر نحو المنصات الإلكترونية نمطا جديدا من المسلسلات يعرف بـ"الفورمات" وهو إعادة تقديم أعمال عالمية ناجحة للجمهور المحلي، مما يجعل الأعمال المصرية في مقارنة مع المسلسلات الأصلية. ورغم أنه يكشف مدى تطور القدرات الإنتاجية في هذا القطاع، لكنه يوضح أكثر حجم الانتكاسة الإبداعية التي تدفع المنتجين إلى استسهال تكرار نسخ ناجحة مسبقا.
القاهرة - استطاع مسلسل "سوتس بالعربي" أن يجذب شريحة واسعة من جمهور دراما رمضان في مصر هذا العام ممن لديهم الشغف بالتعرف على مدى قدرة صناع المسلسلات مجاراة القدرات الإبداعية للدراما الأجنبية، وتمكن من توظيف النجاح الذي حققته النسخة الأميركية من المسلسل التي جرى عرضه بشكل متتالي على تسعة أجزاء، آخرها قبل ثلاث سنوات، ليؤكد أن هناك فرصة لاستنساخ أو تمصير المحتويات الدرامية والفنية بصورة متطورة تخدم العمل الفني.
يطرح العمل الذي يعد امتداداً لأعمال مصرية جرى اقتباسها من أعمال الأجنبية من قبل تساؤلات عديدة حول ما إذا كانت الظاهرة إيجابية أم سلبية، وهل تخدم التطور الدرامي أم تقوده نحو الاستسهال؟ وهل من يمكن أن تساعد صناع الدراما على دعم قدراتهم الإبداعية أم تظلم كتابا ومؤلفين قد لا تتوافر فرصة أمامهم لتسويق أفكارهم؟
يجري طرح الأسئلة على أشكال مختلفة من الاقتباس سواء أكان ذلك بشكل احترافي عبر “الفورمات” التي تحظى بأطر قانونية تحكم عمل القائمين على المسلسل المصري ونسخته الأصلية وتحظر ادخال تعديلات على التسلسل الرئيسي للأحداث وفكرته إلا في أضيق الحدود، ودائما ما يكون ذلك بالتوافق بين الطرفين أو من خلال التوسع في تمصير أفكار الأعمال الأجنبية بوجه عام، وهو ما يمكن تسميته أحيانا سرقة الأفكار الأجنبية وتحويلها لسيناريو وحوار يتماشى مع البيئة التي يُعرض فيها المسلسل.
رامي المتولي: الدراما المصرية تحاول التوسع في تقديم أعمال أجنبية
تحقق الأعمال الدرامية المصرية المأخوذة بنظام “الفورمات” نجاحاً جماهيرياً كبيراً في العادة، وقد ظهر ذلك في مسلسلات: “جراند أوتيل”، و”الآنسة فرح”، و”ستات بيت المعادي” و”هبة رجل الغراب”، و”قواعد الطلاق الـ 45″، الأمر الذي يجعل العديد من المنتجين يلجأون إليها كاستثمار آمن يحقق عوائد فنية جيدة.
ويمكن تقبل التكلفة الإنتاجية المضاعفة إذا كان المردود سيكون إيجابيا، نتيجة شراء حقوق المحتوى واستخدام ديكورات تتماشى مع طبيعة العمل الرئيسي للمحافظة على فكرته الجوهرية، وهي معادلة فطن لها صناع مسلسل “سوتس بالعربي” ونجحوا فيها خلال الحلقات التي أذيعت حتى منتصف شهر رمضان.
بالنظر إلى المسلسل الأميركي “سوتس” الذي ولدت فكرته من تجربة عايشها مؤلفه آرون كروس في حي المال والأعمال الأميركي (وول سترتب)، وتقوم قصته على مغامرة يبرع فيها أحد المحامين يعمل لدى شركة كبرى تتخصص في المحاماة، حيث يقوم بتعيين شباب يتسم بذكائه الحاد وإلمامة بالقانون كمساعد له، بالرغم من أنه لا يحمل شهادة جامعية في القانون، ويعقد معه اتفاقاً سرياً، ويتعاونان معاً في العمل على الكثير من القضايا الصعبة.
تنتقل شخصيات الحكاية في النسخة المصرية ليتم الاستعانة بأحد المباني التجارية في مدينة الشيخ زايد، الواقعة في محافظة الجيزة المجاورة للقاهرة، والتي تضاهي من حيث الشكل نفس البيئة الأميركية التي جرى فيها تصوير المسلسل الأصلي، كما أنها تتناسب بدرجة كبيرة مع المناخ العام الذي تدور فيه الأحداث الأصلية.
يجسد الفنان المصري آسر ياسين شخصية المحامي البارع زين ثابت، فيما يؤدي شخصية تلميذه آدم منصور الفنان الشاب أحمد داوود والاثنان يعملان داخل مكتب محاماة تديره فريدة وتقوم بدورها الفنانة الأردنية صبا مبارك.
"الفورمات" تبرهن على أن هناك انتكاسات إبداعية وعدم قدرة على النجاح عبر مسلسلات تعكس الواقع المحلي
يحقق المسلسل أكثر من عنصر يجعله قادراً على تحقيق نجاح على المستوى العربي أسوة بالنسخة الأجنبية، إذ أنه يبرز عالم جديد يعيشه البعض من المصريين فيما يتعلق بقضايا الشركات وأزمات التعاقدات بعيدا عن المعروف عن عالم المحاميين المتخصصين في القضايا الجنائية والأحوال الشخصية، إلى جانب أنه يسلط الضوء على قضية تسلق الرجل المسحوق ويتمثل في الشاب آدم منصور إلى قمة الهرم الاجتماعي ويمنح الأمل للمشاهدين للخروج من حياتهم المهمشة.
يشارك في بطولة “سوتس بالعربي” ريم مصطفى ومحمد شاهين وتارا عماد ومصطفى درويش، وتمصير محمد حفظي وياسر عبدالمجيد، وإنتاج طارق الجنايني بالتعاون مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، وإخراج عصام عبدالحميد.
أكد الناقد الفني رامي المتولي لـ”العرب” أن القائمين على صناعة النسخة المصرية استطاعوا توظيف أبطاله بطريقة أظهرت وجود تماثل مع النسخة الأجنبية، وهناك تطور ملحوظ على مستوى اختيار الممثلين وتوافقهم مع الشخصيات التي قاموا بتأديتها، وتمكن العمل من أن يوضع في مقارنة مقبولة مع العمل الأساسي.
فايزة هنداوي: الاقتباسات لا تمثل إضافة فنية للدراما المصرية
وأضاف أن هذا النوع من المسلسلات يحقق نجاحاً جماهيرياً وإنتاجياً بنسبة تتجاوز 90 في المئة، ولا يمكن القول بأنه لا يخدم تطور الدراما المصرية التي عانت بوجه عام من التراجع، وهناك محاولات حثيثة من جهات عدة لإيجاد تنوع في الأفكار والموضوعات والقضايا المطروحة من خلال دراما رمضان بما يعيد إليها رونقها.
وأوضح أن “الفورمات” أو الأشكال المعمول بها تتماشى مع طبيعة التطور الإنتاجي الموجه إلى المنصات الإلكترونية التي تعتمد على أسواق عربية واسعة قد لا يكون من المفيد التركيز على قضايا محلية بحتة، حيث تحاول الدراما المصرية ملاحقة التطورات الحاصلة على مستوى التوسع في تقديم أعمال أجنبية تتسق مع طبيعة الجمهور المحلي، وأن هناك حركة فنية سريعة في هذا الاتجاه.
يمكن تعريف “الفورمات” بأنها مجموعة من العناصر الثابتة التي يتم من خلالها إنتاج عناصر متغيرة وفقاً لثقافة كل بلد، كأنها وصفة لكيفية إعداد مسلسل جيد في أي مكان في العالم، وتتضمن شرحاً كاملاً للعمل وآليات تنفيذه ونماذج موضحة بالصوت والصورة لضمان الوصول لأعلى جودة.
وفي بعض الأحيان توفر الشركة المالكة لحقوق المنتج الأصلي منتجين يساعدون الشركة الحاصلة على التراخيص في خروج العمل للنور.
يراهن صناع مسلسل “سوتس بالعربي” كما الحال بالنسبة لغالبية القائمين على مسلسلات “الفورمات” على تحقيق انتشار عربي نتيجة ضعف أرقام مشاهدة الكثير من الأعمال الأجنبية بما فيها التي تحقق نجاحاً كبيراً في بلدانها الأصلية.
وأكد المنتج طارق الجنايني في تعليق له على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أن عدد مشاهدي النسخة الأجنبية من المسلسل في العالم العربي يتراوح بين مليون إلى مليوني شخص على أقصى تقدير، وهناك أكثر من 300 مواطن عربي لديهم الفرصة لمشاهدته الآن، والنجاح الأهم يتمثل في تسويق العمل عالميًا بعد أن اختارت شركة “إن بي سي يو” وهي شركة إعلام وترفيه أميركية، العمل ليكون أول مسلسل ناطق بالعربية من توزيعها وستبدأ وضعه في كتالوجاتها بداية من شهر سبتمبر القادم.
تصدر مسلسل “سوتس” الأميركي قوائم المشاهدة على منصة نتفليكس بالتوازي مع عرض النسخة المقتبسة منه بالعربي ضمن الموسم الرمضاني الحالي.
وأوضحت الناقدة الفنية فايزة هنداوي أن الاقتباسات قد تحقق نجاحاً جماهيرياً، غير أنها لا تمثل إضافة فنية أو إبداعية للدراما المصرية، وحينما نتعامل مع هذا النوع من الأعمال نبقى أمام ترجمة حرفية للمسلسلات الأجنبية دون أن تكون هناك محفزات للتعامل مع مشكلات ضعف المحتويات الدرامية المحلية.
وشددت في تصريح لـ”العرب” على أن الدراما المصرية لا تواجه أزمة كتابة بقدر معاناتها من عدم إتاحة الفرصة لكثير من النصوص الجيدة المكتوبة لترى النور، وهناك الكثير من القضايا التي تناقش بعمق المشكلات المصرية ولا يجري الالتفات إليها ويكون التركيز على التسلية والقضايا الاجتماعية الخفيفة.
ولدى البعض من النقاد قناعة بأنه لا يمكن الحجر على الإنتاج الخاص في توسعه نحو تقديم هذا النوع من الأعمال الذي يحقق عوائد مادية تسهم في الارتقاء بالمحتوى الفني الذي تقدمه شركات الإنتاج الخاصة، لكن الجهات الحكومية المعنية بالإنتاج الدرامي لا يجب أن يسيطر عليها الفكر التجاري البحث وعليها أن تدعم تقديم أعمال ترتقي بالدراما المصرية والموضوعات التي تخاطب بها الجمهور.
وتتفق هنداوي على أن مؤلف “سوتس بالعربي” استطاع أن يضع بصمته لتمصير القضايا الغربية التي جاءت منسجمة مع النسخة الأجنبية بشكل احترافي، ولم تتوقع أن يحقق المسلسل عناصر النجاح الفني، رغم الفروق الكبيرة في الإمكانيات.
ويعد الاتجاه نحو “الفورمات” الأجنبية أمراً غير سلبي بالمرة إذا استطاع أن يحقق عوامل النجاح التي تتمثل في الحفاظ على جوهر رسالة العمل الأجنبي دون إخلال أو تطويل في الأحداث، وإذا كان ذلك بشكل شرعي يضمن احترافية العمل.
ويتمثل العامل السلبي في التوسع المفرط في هذا النوع من الأعمال التي تبرهن على أن هناك انتكاسات إبداعية وعدم قدرة على تحقيق نجاحات عبر مسلسلات تعكس الواقع المحلي وتسلط الضوء على قضايا تجذب الجمهور بأساليب تنفيذية متطورة.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
أحمد جمال
صحافي مصري