فايز قزق ممثل ذو حضور خاص في موسم درامي حافل
الفنان المتمكن من أدواته لا يضيع بين الدراما والكوميديا.
وجه للسلطة الفاسدة
يحدث أن يشارك الممثلون في أكثر من عمل درامي تلفزيوني في موسم واحد، مع وجود العشرات من الأعمال التي تقدم في كل عام. وفي موسم الدراما السورية الرمضانية للعام الحالي يشارك الممثل فايز قزق في العديد من الأعمال التي حققت له حضورا خاصا لدى المشاهدين، حيث ظهر في عملين في الجانب الاجتماعي وعمل ثالث في شكل دراما البيئة الشامية وحقق فيها جميعا حضورا خاصا.
يتابع الجمهور السوري باهتمام مسلسلي “كسر عضم” و”مع وقف التنفيذ” اللذين يتحدثان عن المجتمع السوري في ضوء مآلات الحرب وانعكاساتها الخطيرة على المجتمع والناس، ومن خلال هذين العملين يظهر رجل السلطة الفاسد المتمتع بالمكانة العالية التي تمكنه من التسلط على الناس وارتكاب العديد من التجاوزات والمظالم. ويقدم هذه الشخصية الممثل فايز قزق في المسلسلين، كما يقدم في مسلسل “الكندوش” شخصية ثالثة تمتلك حضورا مختلفا.
“الحكم” كانت هي الشخصية الأهم التي قدمت في مسلسل “كسر عضم” للكاتب علي معن صالح والمخرجة رشا شربتجي. وفيه يقدم قزق شخصية جدلية فيها ملامح القسوة والقوة، وهي تجسيد لرجل في السلطة يعيث فسادا في بلده مع مجموعة من المتنفذين أمثاله. فيكون ضمن دوائر السطوة المالية التي تنهب الجميع وتقتات على أرزاقهم، ويقوم بعمليات التهريب بالرغم من أن ابنه ضابط يلاحق هذه الحالات، وتدفعه الأحداث إلى مواجهة مصير مأساوي بوفاة ابنه الضابط ريان منتحرا (سامر إسماعيل).
وتعدّ شخصية الحكم محورية في مسلسل “كسر عضم” وتشكل بوجودها دوائر متتالية من الأحداث الدرامية التي تتوالد منعكسة عن أفعالها، وجاء تفاعل الجمهور معها لكونها تذكره بالعديد من الشخصيات المشابهة والحقيقية التي سبق وأن سمع عنها أو عرفها في يومياته، فامتلك رغبة جارفة في معرفة مصيرها ونهايتها. وما أكد وجود الشخصية بشكل قوي التعامل البصري مع هذه الشخصية السوداوية الذي رسمته رشا شربتجي مخرجة العمل بالتعاون مع مدير الإضاءة نزار واوية.
وكرست زوايا وتقنيات التصوير سوداوية وقسوة الرجل من خلال الإضاءة المعتمة وكذلك نمط الملابس الداكن والحركات القليلة والكلام الذي ينطق به بشكل مختصر وحازم.
شخصية مغايرة
مشوار بين الكوميديا والتراجيديا
وكان لأداء قزق دور كبير في تقريب معالم الشخصية من ذاكرة الناس، من خلال معالم الوجه الجامدة والعابسة وشد عضلات الوجه إلى درجة توحي بالغضب الدائم. وغير بعيد عن فضاء هذه الشخصية كانت شخصية “أديب” في مسلسل “مع وقف التنفيذ” تأليف علي وجيه ويامن الحجلي وإخراج سيف الدين سبيعي. وهي شخصية متنفذة فاسدة تمتلك القسوة والشدة والنوازع التي لا تمنعها من القيام بأي فعل في سبيل تحقيق مطامحها حتى على حساب الغير شعارها في ذلك “الغاية تبرر الوسيلة”.
ويبدو أديب في طبيعته شخصية أكثر عفوية من الحكم، الأهدأ والأكثر مكرا وقسوة، فأديب انفعالي عنيف لا يتورع عن القيام بأفعال هوجاء مثل ضرب زوجته عندما يرى موجبا لذلك. وغير خاف أن الشخصيتين تتشابهان في عدة تقاطعات جمعت بينهما، منها تقاطعات شكلية من حيث كونهما تجسدان مفهوم رجل السلطة الفاسد وسطوته ونفوذه على المجتمع، ومن حيث المضمون بالنوازع القاسية والإجرامية التي يمتلكانها ويسلطانها على الناس.
ولا شك أن تقديم شخصيتين متقاربتين في موسم واحد سيعقد مسألة أدائهما بالنسبة إلى الممثل أولا وكذلك في تقبل الجمهور لهما ثانيا. وهذا ما دفع أصواتا من المشاهدين إلى تشكيل ردود فعل عبرت عنها من خلال العديد من المشاركات على مواقع التواصل الاجتماعي بتحفظها على وجود شخصيتين متقاربتين لنفس الممثل وفي ذات الموسم. الأمر الذي دفع فايز قزق إلى التأكيد بأنهما غير متماثلتين إلا من حيث كونهما تعبران عن حالة رجل السلطة الفاسد، وأن الحلقات القادمة ستحمل فوارق عديدة تمايز بين الشخصيتين.
أداء قزق له دور كبير في تقريب معالم شخصية الحكم من ذاكرة الناس، من خلال معالم الوجه الجامدة والعابسة
أما الشخصية الثالثة التي قدمها فايز قزق في الموسم الحالي كانت “أبوالآس” في مسلسل “الكندوش” تأليف حسام تحسين بك وإخراج سمير حسين وهو من أعمال البيئة الشامية. واسم الشخصية مستوحى من نبات الآس الذي يوضع على القبور كونه يعيش لزمن أطول متمتعا بلونه الأخضر الغض.
وتمثل شخصية آبوالآس رجلا يعمل حانوتيا في حي شعبي، لكنه يمتلك قدرا من الذكاء والحكمة والذاكرة الحية وكذلك القدرة على رواية الحكايات، فيجتمع لديه ليلا عدد من السمار وهم يستمعون لحكاياته ومغامراته المختلفة في عالم الأحياء والأموات. البعض يخشى الاقتراب من محله متوجسين من هالة الموت، لكن آخرين يلجأون إليه يوميا لكي يستمتعوا بحكاياته.
وليست شخصية أبوالآس أساسية في العمل، بمعنى حجم مشاركتها أو تأثيرها في تكوين الأحداث، لكنها تمتلك حالة خاصة قلما وجدت في الدراما السورية. فهي شخصية تمتلك حضورا خاصا يجمع بين مقومات الخوف والشغف. فعمله كحانوتي ووجود التوابيت في المكان يولد في النفس حالة من الرهبة، لكن طبيعة الشخصية وطريقة تعاملها مع محيطها، تكسر تلك الحالة وتجعلها متقبلة من الناس.
كان من المفترض أن يقدم الشخصية الممثل أيمن رضا، لكنها آلت للممثل فايز قزق الذي وضع عليها بعض الإضافات بعد تعرفه على ملامحها، فاقترح على المخرج كسر حاجز الرهبة الذي يمكن أن يوجد بسببها عن طريق إيجاد عنصر الحكاية التي تتردد على لسانها بشكل دائم طارحة الحكم والنوادر.
كوميديا في بداية الطريق
أداء الكبار مقنع
من يعرف تاريخ فايز قزق المهني لن تخفى عليه انطلاقته المدوية التي ظهر بها من خلال السينما في فيلم رسائل شفهية عام 1991، تأليف وإخراج عبداللطيف عبدالحميد في ثاني أفلامه مع مؤسسة السينما في سوريا. في ذلك الفيلم قدم قزق شخصية كوميدية (إسماعيل) مع رنا جمول (سلمى)، وهو رجل يحب ابنة قريته لكنه لا يستطيع أن يعبر لها عن ذلك الحب.
ولا تبادله سلمى الحب لضخامة أنفه، فيبادر إلى نقل رسائل حبه إليها عبر صديقه الوسيم الذي تحبه سلمى دون أن تعلم أن رسائل الحب التي كان يقرأها ويكتبها هي لإسماعيل.
في تلك الشخصية حقق فايز قزق حضورا لافتا ونجح الفيلم بشكل كبير وعرض في الصالات السورية لمدة أشهر، وهو الأمر الذي لا يحدث كثيرا، وحقق عائدات جيدة. ولم تغب شخصية إسماعيل عن ذاكرة الجمهور السوري، وكثيرا ما يتم الحديث عنها بكثير من الحنين. ومكمن إعجاب الجمهور السوري بهذه الشخصية هو قدرة الممثل فايز قزق الذي يتمتع بملامح جادة على أداء شخصية كوميدية حققت للجمهور الكثير من الضحك.
نضال قوشحة
كاتب سوري
الفنان المتمكن من أدواته لا يضيع بين الدراما والكوميديا.
وجه للسلطة الفاسدة
يحدث أن يشارك الممثلون في أكثر من عمل درامي تلفزيوني في موسم واحد، مع وجود العشرات من الأعمال التي تقدم في كل عام. وفي موسم الدراما السورية الرمضانية للعام الحالي يشارك الممثل فايز قزق في العديد من الأعمال التي حققت له حضورا خاصا لدى المشاهدين، حيث ظهر في عملين في الجانب الاجتماعي وعمل ثالث في شكل دراما البيئة الشامية وحقق فيها جميعا حضورا خاصا.
يتابع الجمهور السوري باهتمام مسلسلي “كسر عضم” و”مع وقف التنفيذ” اللذين يتحدثان عن المجتمع السوري في ضوء مآلات الحرب وانعكاساتها الخطيرة على المجتمع والناس، ومن خلال هذين العملين يظهر رجل السلطة الفاسد المتمتع بالمكانة العالية التي تمكنه من التسلط على الناس وارتكاب العديد من التجاوزات والمظالم. ويقدم هذه الشخصية الممثل فايز قزق في المسلسلين، كما يقدم في مسلسل “الكندوش” شخصية ثالثة تمتلك حضورا مختلفا.
“الحكم” كانت هي الشخصية الأهم التي قدمت في مسلسل “كسر عضم” للكاتب علي معن صالح والمخرجة رشا شربتجي. وفيه يقدم قزق شخصية جدلية فيها ملامح القسوة والقوة، وهي تجسيد لرجل في السلطة يعيث فسادا في بلده مع مجموعة من المتنفذين أمثاله. فيكون ضمن دوائر السطوة المالية التي تنهب الجميع وتقتات على أرزاقهم، ويقوم بعمليات التهريب بالرغم من أن ابنه ضابط يلاحق هذه الحالات، وتدفعه الأحداث إلى مواجهة مصير مأساوي بوفاة ابنه الضابط ريان منتحرا (سامر إسماعيل).
وتعدّ شخصية الحكم محورية في مسلسل “كسر عضم” وتشكل بوجودها دوائر متتالية من الأحداث الدرامية التي تتوالد منعكسة عن أفعالها، وجاء تفاعل الجمهور معها لكونها تذكره بالعديد من الشخصيات المشابهة والحقيقية التي سبق وأن سمع عنها أو عرفها في يومياته، فامتلك رغبة جارفة في معرفة مصيرها ونهايتها. وما أكد وجود الشخصية بشكل قوي التعامل البصري مع هذه الشخصية السوداوية الذي رسمته رشا شربتجي مخرجة العمل بالتعاون مع مدير الإضاءة نزار واوية.
وكرست زوايا وتقنيات التصوير سوداوية وقسوة الرجل من خلال الإضاءة المعتمة وكذلك نمط الملابس الداكن والحركات القليلة والكلام الذي ينطق به بشكل مختصر وحازم.
شخصية مغايرة
مشوار بين الكوميديا والتراجيديا
وكان لأداء قزق دور كبير في تقريب معالم الشخصية من ذاكرة الناس، من خلال معالم الوجه الجامدة والعابسة وشد عضلات الوجه إلى درجة توحي بالغضب الدائم. وغير بعيد عن فضاء هذه الشخصية كانت شخصية “أديب” في مسلسل “مع وقف التنفيذ” تأليف علي وجيه ويامن الحجلي وإخراج سيف الدين سبيعي. وهي شخصية متنفذة فاسدة تمتلك القسوة والشدة والنوازع التي لا تمنعها من القيام بأي فعل في سبيل تحقيق مطامحها حتى على حساب الغير شعارها في ذلك “الغاية تبرر الوسيلة”.
ويبدو أديب في طبيعته شخصية أكثر عفوية من الحكم، الأهدأ والأكثر مكرا وقسوة، فأديب انفعالي عنيف لا يتورع عن القيام بأفعال هوجاء مثل ضرب زوجته عندما يرى موجبا لذلك. وغير خاف أن الشخصيتين تتشابهان في عدة تقاطعات جمعت بينهما، منها تقاطعات شكلية من حيث كونهما تجسدان مفهوم رجل السلطة الفاسد وسطوته ونفوذه على المجتمع، ومن حيث المضمون بالنوازع القاسية والإجرامية التي يمتلكانها ويسلطانها على الناس.
ولا شك أن تقديم شخصيتين متقاربتين في موسم واحد سيعقد مسألة أدائهما بالنسبة إلى الممثل أولا وكذلك في تقبل الجمهور لهما ثانيا. وهذا ما دفع أصواتا من المشاهدين إلى تشكيل ردود فعل عبرت عنها من خلال العديد من المشاركات على مواقع التواصل الاجتماعي بتحفظها على وجود شخصيتين متقاربتين لنفس الممثل وفي ذات الموسم. الأمر الذي دفع فايز قزق إلى التأكيد بأنهما غير متماثلتين إلا من حيث كونهما تعبران عن حالة رجل السلطة الفاسد، وأن الحلقات القادمة ستحمل فوارق عديدة تمايز بين الشخصيتين.
أداء قزق له دور كبير في تقريب معالم شخصية الحكم من ذاكرة الناس، من خلال معالم الوجه الجامدة والعابسة
أما الشخصية الثالثة التي قدمها فايز قزق في الموسم الحالي كانت “أبوالآس” في مسلسل “الكندوش” تأليف حسام تحسين بك وإخراج سمير حسين وهو من أعمال البيئة الشامية. واسم الشخصية مستوحى من نبات الآس الذي يوضع على القبور كونه يعيش لزمن أطول متمتعا بلونه الأخضر الغض.
وتمثل شخصية آبوالآس رجلا يعمل حانوتيا في حي شعبي، لكنه يمتلك قدرا من الذكاء والحكمة والذاكرة الحية وكذلك القدرة على رواية الحكايات، فيجتمع لديه ليلا عدد من السمار وهم يستمعون لحكاياته ومغامراته المختلفة في عالم الأحياء والأموات. البعض يخشى الاقتراب من محله متوجسين من هالة الموت، لكن آخرين يلجأون إليه يوميا لكي يستمتعوا بحكاياته.
وليست شخصية أبوالآس أساسية في العمل، بمعنى حجم مشاركتها أو تأثيرها في تكوين الأحداث، لكنها تمتلك حالة خاصة قلما وجدت في الدراما السورية. فهي شخصية تمتلك حضورا خاصا يجمع بين مقومات الخوف والشغف. فعمله كحانوتي ووجود التوابيت في المكان يولد في النفس حالة من الرهبة، لكن طبيعة الشخصية وطريقة تعاملها مع محيطها، تكسر تلك الحالة وتجعلها متقبلة من الناس.
كان من المفترض أن يقدم الشخصية الممثل أيمن رضا، لكنها آلت للممثل فايز قزق الذي وضع عليها بعض الإضافات بعد تعرفه على ملامحها، فاقترح على المخرج كسر حاجز الرهبة الذي يمكن أن يوجد بسببها عن طريق إيجاد عنصر الحكاية التي تتردد على لسانها بشكل دائم طارحة الحكم والنوادر.
كوميديا في بداية الطريق
أداء الكبار مقنع
من يعرف تاريخ فايز قزق المهني لن تخفى عليه انطلاقته المدوية التي ظهر بها من خلال السينما في فيلم رسائل شفهية عام 1991، تأليف وإخراج عبداللطيف عبدالحميد في ثاني أفلامه مع مؤسسة السينما في سوريا. في ذلك الفيلم قدم قزق شخصية كوميدية (إسماعيل) مع رنا جمول (سلمى)، وهو رجل يحب ابنة قريته لكنه لا يستطيع أن يعبر لها عن ذلك الحب.
ولا تبادله سلمى الحب لضخامة أنفه، فيبادر إلى نقل رسائل حبه إليها عبر صديقه الوسيم الذي تحبه سلمى دون أن تعلم أن رسائل الحب التي كان يقرأها ويكتبها هي لإسماعيل.
في تلك الشخصية حقق فايز قزق حضورا لافتا ونجح الفيلم بشكل كبير وعرض في الصالات السورية لمدة أشهر، وهو الأمر الذي لا يحدث كثيرا، وحقق عائدات جيدة. ولم تغب شخصية إسماعيل عن ذاكرة الجمهور السوري، وكثيرا ما يتم الحديث عنها بكثير من الحنين. ومكمن إعجاب الجمهور السوري بهذه الشخصية هو قدرة الممثل فايز قزق الذي يتمتع بملامح جادة على أداء شخصية كوميدية حققت للجمهور الكثير من الضحك.
نضال قوشحة
كاتب سوري