الأطفال يجذبون الجمهور في دراما رمضان المصرية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأطفال يجذبون الجمهور في دراما رمضان المصرية

    الأطفال يجذبون الجمهور في دراما رمضان المصرية


    أداء استثنائي للصغار بعد تنحية المجاملات وإعلاء قيمة المواهب.


    أطفال بمواهب تنافس خبرة الكبار

    قدرات استثنائية للأطفال في الدراما المصرية تفجرت خلال موسم رمضان الحالي، ومع جنوح المخرجين نحو انتقاء المواهب عبر مسابقات واختبارات لقدراتهم التمثيلية وتنحية المجاملة لأسرهم ظهرت العديد من الأسماء التي حصدت حضورا جماهيريا لافتا في عدد من المسلسلات، سواء في الكوميديا أو التراجيديا.

    القاهرة - سحب عدد من الأطفال الضوء من ممثلين كبار في دراما رمضان هذا العام بعد أن جسّد البعض منهم أدوارهم ببراعة وتجاوزوا التعقيدات التي تضمنتها قصص الأعمال التي شاركوا فيها وارتباطها بمشكلات مجتمعية وسياسية، كنزاعات حضانة الأطفال والنفقات بين المطلقين أو الفقراء الهاربين من قهر المجتمع أو العالقين في شبكة التطرف الفكري والديني.

    يمتاز اختيار الأطفال في الموسم الحالي بالعناية الكبيرة بعيدًا عن المجاملات، فشركة مثل “العدل غروب” أعلنت عن مسابقة لاختيار طفلتين لمسلسل “فاتن أمل حربي” بطولة الفنانة نيللي كريم الذي يدور في إطار اجتماعي عن مشكلات الحضانة بعد الطلاق.

    ووضعت الشركة مجموعة من الشروط المسبقة، وهي أن الطفلتين من الضروري أن تكونا قريبتي الشبه من الفنانة نيللي كريم، وتخضع جميع المتقدمات لتجارب تمثيلية قبل الحصول على الدور، وبالفعل وقع الاختيار في النهاية على ريتال محمد ظاظا وفيروز عبدالله اللتين برعتا في تجسيد معاناة شقيقتين عالقتين وسط خلافات الأبوين وظلم القانون للمرأة.
    معادلة فنية صعبة


    بعض الأطفال المشاركين في الدراما يملكون خبرات سابقة في التمثيل، مثل منذر مهران الذي يشارك في "جزيرة غمام"

    أوجد الجمع بين معادلة التقارب الشكلي والقدرة التمثيلية والتقييم الحيادي للموهبة حالة من التناغم على المستوى البصري بين شخصيات الأبناء والآباء في العمل الرمضاني وخلق قناعات لدى المشاهد بمصداقية القصة.

    تكرر الأمر ذاته مع الطفل محمد عزازي في مسلسل “المشوار” الذي كان يحمل صفات شكلية أيضًا قريبة من بطله الفنان محمد رمضان، وتم اختياره من قبل المخرج محمد ياسين عن طريق مكتب “كاستينغ” أي يقوم بتوريد الممثلين الذين يناسبون كل دور، وجرى إخضاعه لكثير من الاختبارات وجعله يقوم بأداء بعض المشاهد التمثيلية قبل اعتماد مشاركته.

    في مسلسل “جزيرة غمام” الذي يضم عددًا كبيرا من الأطفال كان التركيز في الاختيار على الملامح الشكلية للصغار التي عبرت عن بيئة صعيدية (سكان جنوب مصر) معزولة تعاني الفقر، بملامح ريفية وإتقان اللهجة، على الرغم من صعوبتها، في تناغم وفّر إحساسا بأن البيئة التي يقطنون فيها شكّلتهم بالفعل وتركت بصماتها على معالم وجوههم.

    بعض الأطفال المشاركين في دراما رمضان يملكون خبرات سابقة في التمثيل، مثل منذر مهران الذي يشارك في “جزيرة غمام” بطولة طارق لطفي ومي عزالدين، ويجسد فيه شخصية سمير ابن إمام المسجد، وسبق له المشاركة بمسلسل “موسى” مع محمد رمضان الموسم الرمضاني الفائت، كذلك الطفل يوسف صلاح الذي يشارك في “الكبير أوي 6” بعدما حقق نجاحا في فيلم “من أجل زيكو” مع كريم محمود عبدالعزيز ومنة شلبي.

    ومع أن ترشيح منذر عبدالرحمن تم من قبل شركة الإنتاج لكنه خضع لمنافسة من 60 طفلاً وجرى اختياره في حيادية مختلفة عن المواسم الرمضانية السابقة حيث كان أبناء بعض الممثلين والمخرجين يتصدرون المشهد دائمًا بصرف النظر عن قدراتهم التمثيلية.
    تأهيل الأطفال



    تظهر لمسات الإخراج والممثلين الكبار بقوة في الموسم الرمضاني الحالي في تأهيل الأطفال على مستوى الأداء وإقامة علاقات أبوية معهم تجعل من الأداء سلسا، خاصة أن قطاعا عريضا منهم يمثل لأول مرة.

    واستعانت شركة “العدل غروب” بمدربة تمثيل لتعطي طفلتي “فاتن أمل حربي” دروسًا في كيفية أداء الشخصيات ومراجعة المشاهد قبل التصوير.

    يقول البعض من النقاد إن انتشار منصات مثل تيك توك وثقافة إنشاء القنوات على موقع المقاطع القصيرة مثل يوتيوب منح الأطفال جرأة أكبر في مواجهة آلات التصوير، وقلل من الرهبة التي تواجههم في أثناء التمثيل، ويظل دور المخرجين مركزا على كيفية أقلمة الطفل على التواجد ضمن فريق عمل كبير والتعاطي مع أشخاص لا يعرفهم.

    تُظهر كيفية انتقاء الأطفال أيضًا نوعًا من الاستغلال أكثر من الموهبة خاصة في مسلسل “الكبير أوي 6” فالطفل عبدالرحمن طه الذي يلعب شخصية جوني الصغير تم القبول به من أول جلسة لأن لديه العديد من مقاطع الفيديو على منصة تيك توك يقلد فيها الفنانين وحقق الملايين من المشاهدات.

    ينطبق الأمر ذاته على الطفل يوسف صلاح الذي يلعب شخصية “حلقوم” ابن “حزلقوم”، فأغنية “الغزالة رايقة” التي أداها ضمن فيلم “من أجل زيكو” تصدرت ترند مواقع التواصل الاجتماعي لشهور وتصدح بها وسائل النقل الجماعي في مصر حتى الآن وباتت أكثر شهرة من الفيلم ذاته.

    وأجادت الطفلة ريما مصطفى أداء شخصية الطفلة المتنمرة على ابن الكبير في مسلسل “الكبير أوي”، وسبق لها أن أدت دورا شبيها في رمضان الماضي في مسلسل “خلي بالك من زيزي” بطولة أمينة خليل ومحمد ممدوح وأحدثت مشاهدها في حينه حالة من الجدل بين الجمهور، وهو ما يؤكد فكرة استغلال النجاح السابق للصغار أكثر من توظيفهم داخل العمل.

    وأكدت الطفلة ريما أنها خضعت لاختبارات من قبل مخرج مسلسل “الكبير أوي” أحمد الجندي، وحظيت برعاية الفنان أحمد مكي، وهو ما أهلها لأداء الدور بإتقان، وأطلق عليها متابعون على مواقع التواصل الاجتماعي لقب “سيدة التنمر في دراما رمضان”.
    النجاح المستمر



    لا يضمن نجاح الأطفال في بعض مسلسلات رمضان أو غيرها أن يجدوا مكانا دائما على الساحة الدرامية مستقبلا، فالطفلة ريم عبدالقادر التي برعت في دور فتاة تعاني من مرض فرط النشاط ونقص التركيز في مسلسل “خلي بالك من زيزي” العام الفائت اختفت العام الحالي، مع أن الكل توقع أن تكون نجمة هذا الموسم، لأنها تتمتع بموهبة عالية.

    تبقى مشكلة التقدم في العمر آفة يعاني منها الكثير من الأطفال وقد تعزلهم عن الدراما، فبعد وصولهم إلى سن البلوغ يقل الطلب عليهم ويضطرون للابتعاد فترة تعقبها عودة في مرحلة الشباب أو انزواء نهائي عن الوسط الفني.

    ربما تتغير هذه المعادلة مع ظهور توجه للاهتمام بدراما المراهقين خلقته منصات العرض الإلكترونية وشق طريقه في دراما رمضان هذا العام عبر مسلسل “دايمًا عامر” بطولة مصطفى شعبان الذي يتناول الحياة اليومية لمراهقي مدرستين متفاوتتين في المستوى الدراسي وتديرهما إدارة واحدة، وبصرف النظر عن ضعف حبكته وسذاجة بعض مواقفه فقد يمثل توجها نحو الاهتمام بمرحلة عمرية ظلت بعيدة تماما عن حلبة الدراما.

    وقالت الناقدة الفنية ماجدة خيرالله لـ”العرب” إن الأطفال يواجهون مشكلة بعد نجاحهم، تكمن في عدم عثورهم على أدوار جيدة تسمح لهم بالاستمرار في إظهار قدراتهم التمثيلية وتتم إعادة تقديمهم في الشخصيات ذاتها باستمرار.

    استمرار الممثلين الصغار له علاقة بقدرة المخرجين على تشكيلهم وتطوير قدراتهم باستمرار وثقة أسرهم في بقائهم داخل الوسط الفني

    وقد تكون بعض الأسر سببا في اختفاء الأبناء، فبعد نجاحهم يمكن أن يرفعوا سقف المطالب المادية أو ينتقوا العروض التي يتلقاها الأطفال، ومع تكرار الرفض يحدث عزوف من المخرجين في بعض الأحيان، ويمكن أن تختفي هذه المواهب كغيرها مع تأثير العمر على مظهرهم الخارجي.

    وأضافت خيرالله أن الأسرة كلمة السر في بقاء الأطفال في الفن أو الاختفاء، حيث تحاول بعض الأسر صقل مواهب الأطفال عبر الدراسة بمعهد الفنون المسرحية لنقل قدراتهم إلى مرحلة أكثر تطوّرا، والبعض الآخر يبعدهم عن المجال مع الوصول إلى مرحلة الشباب خوفا عليهم من الوسط الفني نفسه.

    ربما تكون تلك النقطة السر في استمرار غالبية أبناء الممثلين الذين دخلوا المجال كأطفال رغم اختفاء أسماء غيرهم، مثل ليلى وملك أحمد زاهر اللتين اختفتا نحو 13 عامًا بعد ظهورهما في فيلم “عمر وسلمى” في مرحلة الطفولة، وعادتا بقدرات تمثيلية أكثر تطوّرا، خاصة ليلى التي وصلت إلى مرحلة البطولة في مسلسل “في بيتا روبوت”.

    وتتجنب بعض الأسر الفنية إدخال أطفالها في سن صغيرة إلى مجال التمثيل وتفضل إرجاء الأمر حتى الوصول إلى مرحلة النضوج والشباب كي لا يتعرضوا لتلك الفجوات العمرية التي قد تصطحب معها شعورا بالإحباط، فالفنانة منة شلبي لم تدخل مجال التمثيل إلا في سن 18 عامًا مع أنها تنتمي إلى أسرة فنية، ووالدتها الراقصة زيزي مصطفى، كذلك يوسف ابن الفنان الراحل وائل نور والفنانة أميرة العايدي بدأ العمل في سن 15 عامًا، وأحمد خالد صالح الذي بدأ التمثيل وهو في عمر الخامسة والعشرين.

    استمرار الممثلين الصغار في الوسط الفني ليس مرهونا فقط بالموهبة، لكن له علاقة بمعادلة أطرافها، قدرة المخرجين على تشكيلهم وتطوير قدراتهم باستمرار وإبعادهم عن النمطية، وثقة أسرهم في بقائهم داخل الوسط الفني وتغيير الصورة الذهنية عن العاملين فيه التي تبعد الكثير من الصغيرات بمجرد وصولهن إلى سن المراهقة، وهي شروط لا تتوافر سوى لسعداء الحظ.
يعمل...
X