حيفا
Haifa - Haïfa
حيفا
الموقع والظهير الجغرافي: تقع مدينة حيفا على خليج عكا في الطرف الشمالي من السهل الساحلي في فلسطين، عند تقاطع درجة عرض 49َ 35ْ. وخط طول 59َ 34ْ. وهي ذات موقع جغرافي هام. حيث تمثل نقطة التقاء البحر بكل من السهل والجبل، كما أنها من أكبر الموانئ الفلسطينية . وللمدينة ظهير مباشر غني، يتكون من مناطق شمالي فلسطين ولاسيما سهل مرج ابن عامر، وظهير غير مباشر يشمل الأردن وسورية والعراق، وخاصة بعد افتتاح خط أنابيب النفط العراقي الذي يصل كركوك بحيفا في عام 1933، غير أن هذا الوضع تغير بعد عام 1948، حينما انعدم فيه الظهير غير المباشر للمدينة.
مناخها: مناخ المدينة من النموذج المتوسطي، فهو حار جاف صيفاً ومعتدل رطب شتاءً. ويراوح متوسط الحرارة السنوية بين 20ْ- 21ْ، ويكون متوسط فصل الشتاء 12ْ ومتوسط فصل الصيف 28ْ. ويبلغ معدل الأمطار السنوية 635مم، تهطل في 31 يوماً وسطياً. ويعبر مدينة حيفا نهر المقطع، بتصريف سنوي يبلغ 10 ملايين م3، غير أنه يجف في أثناء الصيف في معظم الأحيان.
النشأة والتطور العمراني: من المرجح أن نشأة المدينة كانت في موقع تل السمك الذي يرتفع قليلاً عن سطح البحر، والواقع في حيفا القديمة . أما أقدم ذكر للمدينة في المصادر العربية فقد أورده الرحالة ناصر خسرو 452هـ/1060م ثم وردت بعد ذلك عند الشريف الإدريسي وياقوت الحموي باسمها الحالي.
سُكنت منطقة حيفا منذ عصور ما قبل التاريخ، وقد اكتشفت بقايا هياكل بشرية في كهوف جبل الكرمل، غير أن أول من سكنها في العصور التاريخية كان العرب الكنعانيون. وفي عام 1191 ق.م نشبت معركة بين الفلستيين pilisti والمصريين أدت إلى سيطرة الفلستيين على كامل المنطقة الساحلية من حيفا إلى غزة. وقد تعرضت المدينة عدة مرات للإعمار والخراب تحت سيطرة الشعوب القديمة من آشوريين وكلدانيين وفرس ويونان وسلاجقة.
ويذكر الإنجيل أن السيد المسيح وطء أرض حيفا عند مروره بها مع والدته في طريقه من مصر إلى الناصرة، ومر بحيفا أيضاً بولس الرسول قادماً من عكا في عام 58م. وكانت حيفا زمن الرومان تقوم على موقع تل السمك غربي حيفا الحالية وجنوبي رأس الكرمل. وقد عثر في الموقع على رصيف بحري وعدة قبور وحمام من ذلك الزمن.
لم يكن لحيفا أهمية تذكر زمن الفتح العربي، بل كانت عكا تفوقها بالأهمية، كذلك كان الحال زمن الحروب الصليبية، وتناوبت السيطرة على المدينة من قبل المسلمين والفرنجة مرات عدة حتى استرجاعها نهائياً من قبل المماليك في عام1291م. وقد ظلت تحت حكمهم حتى الاحتلال العثماني لبلاد الشام،وأشير إليها بأنها قرية في ناحية عتليت الغربي التابع لسنجق اللجون، أحد ألوية ولاية دمشق الشام.
بقيت حيفا مهملة أيام الحكم العثماني فلم تكن في أواخره سوى قرية متوسطة الحجم، غير أنها بدأت تنمو بسرعة بعد ذلك، وبدأ كثير من الأجانب يقصدونها للاستيطان والعمل فيها. وفي عام 1905 افتتح رسمياً خط حديد دمشق - حيفا وأجريت تحسينات كبيرة على الميناء، وصارت المدينة تتصل بدمشق وحوران والأردن، وتمثل ميناء تصدير لهذه الأقاليم ونقطة عبور لوارداتها من أوربا وأمريكا، وفي عام 1918 احتلها البريطانيون وأوصلوا إليها خط السكة الحديدية من مصر، كما ربطوها بكل من بيروت وطرابلس. وجرى توسيع الميناء وتحديثه في عام 1919 ليصبح من أكبر الموانئ على البحر المتوسط. غير أن الافتتاح الرسمي للميناء كان في عام 1933.
مورفولوجية المدينة: إن قرب جبل الكرمل من البحر، مشكلاً رأس الكرمل، فرض على المدينة أن تقوم على أرض سهلية وسفوح جبلية. وهكذا نجد أن ارتفاع سطح الأرض في المدينة يراوح بين 50-546م. وأدى الصدع الذي يحاذي الجبل من الشمال والشرق إلى هبوط الأرض على طوله وتشكيل خليج عكا. وقد نتج من ذلك وجود أحياء في السهل الساحلي وأخرى تتسلق سفوح الجبل، وجرى تخطيط المنطقة الممتدة من جنوب شرقي الخليج حتى مدينة عكا، إذ تشتمل على مناطق فرعية ذات وظائف متخصصة، ففي الجنوب أقيمت منطقة صناعية قريبة من الميناء وأقيمت في الوسط منطقة سكنية، وانتشرت في الشمال الأراضي الزراعية. وأما في جبل الكرمل فقد شيدت الأبنية السكنية الحديثة. وما تزال البلدة القديمة بمسجدها وأسواقها ومحلاتها التجارية تحتفظ بطابعها الشرقي. وتواصل المدينة توسعها على طول الساحل وفوق منحدرات جبل الكرمل، كذلك ظهرت ضواحي عدة من أحجام مختلفة . وبعد أن كانت مساحة المدينة لا تزيد على 54 كم2 قبيل عام 1948، وصلت إلى 181كم2 في عام 1980.
وظائف المدينة: من أهم الوظائف التي مارستها حيفا منذ أوائل القرن العشرين:
- الوظيفة التجارية: وقد ارتبطت هذه الوظيفة بأهمية الموقع الجغرافي للمدينة، والذي تعزز بشبكة طرق المواصلات الكثيفة التي ربطتها مع المدن والأقطار المجاورة، وخاصة خط سكة حديد الحجاز، دمشق - حيفا، وبالتحسينات الكبيرة التي طرأت على الميناء، بحيث أصبح المنفذ الرئيس لواردات وصادرات المنطقة. ويحتل ميناء حيفا المرتبة الأولى بين موانئ فلسطين من حيث عدد السفن القادمة والمغادرة، ومقادير السلع المستوردة والمصدرة وعدد المسافرين . وكان تطور الميناء كبيراً بعد عام 1948من حيث مضاعفة الأرصفة وزيادة المخازن وبناء أحواض السفن وإصلاحها.
- الوظيفة الصناعية: بدأت حيفا تعيش نهضة صناعية منذ ثلاثينات القرن الماضي، حين افتتحت مدرسة صناعية في عام 1936، وتخرجت فيها كفاءات صناعية خبيرة، أسهمت في إيجاد مشروعات صناعية عدة، وكان أول مشروع هو إنشاء مصفاة تكرير النفط الذي ارتبط بأنبوب نقل النفط من كركوك إلى حيفا. وتم بعد عام 1948 بناء مصنعين لتجميع السيارات وإنتاج المواد الكيمياوية والأسمدة، ومصنع للطائرات والكثير من المشروعات المتعلقة بقطاع النقل والمواصلات البرية والبحرية.
سكان المدينة: انتقلت حيفا منذ أوائل القرن العشرين من قرية متواضعة لصيادي الأسماك إلى مرفأ بحري للسفن ، ولم يزد سكانها وقتئذ على 4000 نسمة. غير أنها أخذت تنمو بسرعة كبيرة بعد ذلك لعوامل عدة أهمها الافتتاح الرسمي لخط حديد دمشق - حيفا في عام 1905 م، والتحسينات التي طرأت على الميناء في عام 1929 وافتتاحه رسمياً في عام 1933، ووصول نفط كركوك في العام نفسه ووفود المهاجرين إليها. وهكذا ارتفع عدد السكان إلى قرابة 10500 نسمة في 1916 و24500 نسمة في عام 1922. ثم قفز بعد ذلك إلى 50 ألف نسمة تقريباً في عام 1931 ونحو 100 ألف نسمة في عام 1938 وإلى 138 ألف نسمة تقريباً في عام 1945. وبعد الاحتلال الصهيوني والتهجير القسري للسكان العرب انخفض العدد إلى 97 ألف نسمة تقريباً في عام 1948، وأصبحت نسبة سكان المدينة من العرب 4% فقط . وفي عام 1950 وبعد تدفق المهاجرين الصهاينة إلى فلسطين ارتفع عدد سكان المدينة إلى 140 ألف نسمة، ووصل إلى 210 ألف نسمة في عام 1967 وإلى 262 ألف نسمة عام 2000.
بسام حميدة
Haifa - Haïfa
حيفا
مناخها: مناخ المدينة من النموذج المتوسطي، فهو حار جاف صيفاً ومعتدل رطب شتاءً. ويراوح متوسط الحرارة السنوية بين 20ْ- 21ْ، ويكون متوسط فصل الشتاء 12ْ ومتوسط فصل الصيف 28ْ. ويبلغ معدل الأمطار السنوية 635مم، تهطل في 31 يوماً وسطياً. ويعبر مدينة حيفا نهر المقطع، بتصريف سنوي يبلغ 10 ملايين م3، غير أنه يجف في أثناء الصيف في معظم الأحيان.
النشأة والتطور العمراني: من المرجح أن نشأة المدينة كانت في موقع تل السمك الذي يرتفع قليلاً عن سطح البحر، والواقع في حيفا القديمة . أما أقدم ذكر للمدينة في المصادر العربية فقد أورده الرحالة ناصر خسرو 452هـ/1060م ثم وردت بعد ذلك عند الشريف الإدريسي وياقوت الحموي باسمها الحالي.
سُكنت منطقة حيفا منذ عصور ما قبل التاريخ، وقد اكتشفت بقايا هياكل بشرية في كهوف جبل الكرمل، غير أن أول من سكنها في العصور التاريخية كان العرب الكنعانيون. وفي عام 1191 ق.م نشبت معركة بين الفلستيين pilisti والمصريين أدت إلى سيطرة الفلستيين على كامل المنطقة الساحلية من حيفا إلى غزة. وقد تعرضت المدينة عدة مرات للإعمار والخراب تحت سيطرة الشعوب القديمة من آشوريين وكلدانيين وفرس ويونان وسلاجقة.
ويذكر الإنجيل أن السيد المسيح وطء أرض حيفا عند مروره بها مع والدته في طريقه من مصر إلى الناصرة، ومر بحيفا أيضاً بولس الرسول قادماً من عكا في عام 58م. وكانت حيفا زمن الرومان تقوم على موقع تل السمك غربي حيفا الحالية وجنوبي رأس الكرمل. وقد عثر في الموقع على رصيف بحري وعدة قبور وحمام من ذلك الزمن.
صورة جوية لميناء حيفا |
بقيت حيفا مهملة أيام الحكم العثماني فلم تكن في أواخره سوى قرية متوسطة الحجم، غير أنها بدأت تنمو بسرعة بعد ذلك، وبدأ كثير من الأجانب يقصدونها للاستيطان والعمل فيها. وفي عام 1905 افتتح رسمياً خط حديد دمشق - حيفا وأجريت تحسينات كبيرة على الميناء، وصارت المدينة تتصل بدمشق وحوران والأردن، وتمثل ميناء تصدير لهذه الأقاليم ونقطة عبور لوارداتها من أوربا وأمريكا، وفي عام 1918 احتلها البريطانيون وأوصلوا إليها خط السكة الحديدية من مصر، كما ربطوها بكل من بيروت وطرابلس. وجرى توسيع الميناء وتحديثه في عام 1919 ليصبح من أكبر الموانئ على البحر المتوسط. غير أن الافتتاح الرسمي للميناء كان في عام 1933.
مورفولوجية المدينة: إن قرب جبل الكرمل من البحر، مشكلاً رأس الكرمل، فرض على المدينة أن تقوم على أرض سهلية وسفوح جبلية. وهكذا نجد أن ارتفاع سطح الأرض في المدينة يراوح بين 50-546م. وأدى الصدع الذي يحاذي الجبل من الشمال والشرق إلى هبوط الأرض على طوله وتشكيل خليج عكا. وقد نتج من ذلك وجود أحياء في السهل الساحلي وأخرى تتسلق سفوح الجبل، وجرى تخطيط المنطقة الممتدة من جنوب شرقي الخليج حتى مدينة عكا، إذ تشتمل على مناطق فرعية ذات وظائف متخصصة، ففي الجنوب أقيمت منطقة صناعية قريبة من الميناء وأقيمت في الوسط منطقة سكنية، وانتشرت في الشمال الأراضي الزراعية. وأما في جبل الكرمل فقد شيدت الأبنية السكنية الحديثة. وما تزال البلدة القديمة بمسجدها وأسواقها ومحلاتها التجارية تحتفظ بطابعها الشرقي. وتواصل المدينة توسعها على طول الساحل وفوق منحدرات جبل الكرمل، كذلك ظهرت ضواحي عدة من أحجام مختلفة . وبعد أن كانت مساحة المدينة لا تزيد على 54 كم2 قبيل عام 1948، وصلت إلى 181كم2 في عام 1980.
وظائف المدينة: من أهم الوظائف التي مارستها حيفا منذ أوائل القرن العشرين:
- الوظيفة التجارية: وقد ارتبطت هذه الوظيفة بأهمية الموقع الجغرافي للمدينة، والذي تعزز بشبكة طرق المواصلات الكثيفة التي ربطتها مع المدن والأقطار المجاورة، وخاصة خط سكة حديد الحجاز، دمشق - حيفا، وبالتحسينات الكبيرة التي طرأت على الميناء، بحيث أصبح المنفذ الرئيس لواردات وصادرات المنطقة. ويحتل ميناء حيفا المرتبة الأولى بين موانئ فلسطين من حيث عدد السفن القادمة والمغادرة، ومقادير السلع المستوردة والمصدرة وعدد المسافرين . وكان تطور الميناء كبيراً بعد عام 1948من حيث مضاعفة الأرصفة وزيادة المخازن وبناء أحواض السفن وإصلاحها.
- الوظيفة الصناعية: بدأت حيفا تعيش نهضة صناعية منذ ثلاثينات القرن الماضي، حين افتتحت مدرسة صناعية في عام 1936، وتخرجت فيها كفاءات صناعية خبيرة، أسهمت في إيجاد مشروعات صناعية عدة، وكان أول مشروع هو إنشاء مصفاة تكرير النفط الذي ارتبط بأنبوب نقل النفط من كركوك إلى حيفا. وتم بعد عام 1948 بناء مصنعين لتجميع السيارات وإنتاج المواد الكيمياوية والأسمدة، ومصنع للطائرات والكثير من المشروعات المتعلقة بقطاع النقل والمواصلات البرية والبحرية.
سكان المدينة: انتقلت حيفا منذ أوائل القرن العشرين من قرية متواضعة لصيادي الأسماك إلى مرفأ بحري للسفن ، ولم يزد سكانها وقتئذ على 4000 نسمة. غير أنها أخذت تنمو بسرعة كبيرة بعد ذلك لعوامل عدة أهمها الافتتاح الرسمي لخط حديد دمشق - حيفا في عام 1905 م، والتحسينات التي طرأت على الميناء في عام 1929 وافتتاحه رسمياً في عام 1933، ووصول نفط كركوك في العام نفسه ووفود المهاجرين إليها. وهكذا ارتفع عدد السكان إلى قرابة 10500 نسمة في 1916 و24500 نسمة في عام 1922. ثم قفز بعد ذلك إلى 50 ألف نسمة تقريباً في عام 1931 ونحو 100 ألف نسمة في عام 1938 وإلى 138 ألف نسمة تقريباً في عام 1945. وبعد الاحتلال الصهيوني والتهجير القسري للسكان العرب انخفض العدد إلى 97 ألف نسمة تقريباً في عام 1948، وأصبحت نسبة سكان المدينة من العرب 4% فقط . وفي عام 1950 وبعد تدفق المهاجرين الصهاينة إلى فلسطين ارتفع عدد سكان المدينة إلى 140 ألف نسمة، ووصل إلى 210 ألف نسمة في عام 1967 وإلى 262 ألف نسمة عام 2000.
بسام حميدة