فئران ورجال: لوحة شتاينبك بألوان القمع

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فئران ورجال: لوحة شتاينبك بألوان القمع

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	IMG_٢٠٢٣٠٣٢٨_٠٩٠١٣٤.jpg 
مشاهدات:	11 
الحجم:	60.6 كيلوبايت 
الهوية:	89734 ندى اشرف
    ما هي مظاهر القمع؟ تدور أحداث رواية شتاينبك ” فئران ورجال” حول عاملين مهاجرين: أحدهم يعاني من اضطرابات عقلية ورفيقه في رحلتهم للعمل بإحدى مزارع مدينة سوليداد بولاية كاليفورنيا. تتبع الرواية تحديات العمل في المزرعة خلال فترة الكساد الكبير في الثلاثينيات من القرن الماضي. ويشكف لنا جون شتاينبك تدريجيًا العبرة من الرواية؛ ألا وهي أن الحياة ليست عادلة. ويجسد لنا نتائج القمع من خلال معاملة كروكس، وموت كلب كاندي، والنهاية المأساوية لأبطال الرواية. أتى شتاينبك بالعديد من الأمثلة ليساعد القارئ على الوعي بسيادة الظلم وعدم المساواة على سائر فئات المجتمع. ويشير إلى مدى فداحة هذا الخطأ الجسيم. ويرى شتاينبك لظلم الحياة ألوان شتى تمس البشر بمختلف أعمارهم. وهذا ما يخطه قلم شتاينبك في الرواية بعدة طرق:
    الأقلية العرقية
    تقدم لنا رواية فئران ورجال في مطلعها الشخصيات الثانوية التي تعمل في المزرعة، فنتعرف على كروكس ونستطيع من خلال الحوار أخذ لمحة عن لون من ألوان القمع، فنستمع إلى كاندي وهو يتحدث عن الكريسماس. إذ هذا هو الوقت الوحيد الذي يتسنى للعمال فيه الشرب والإحتفال. وبينما يستسرد كاندي في الحديث نستشعر غياب العدالة التي تجعل من المرح أقصى المميزات التي يحصل عليها العمال المهاجرون. ويتجلى الدرس عندما يقول كاندي ” يسمحون للزنجي بدخول المنزل في ذلك اليوم”. فلا يسمح لكروكس دخول المنزل مع بقية الرجال لإختلاف لون بشرته كما أنهم يعاملونه بقسوة.

    ونرى المفارقة في استخدام كاندي لمثل هذه المصطلحات العنصرية رغم أنه يستلطف كروكس ويظن انه ذكي و يصفه ب” ولد جيد… يقرأ كثيرا” عوضًا عن مناداتاه باسمه، والتي تؤكد على التفرقة الظالمة في المعاملة. إذ أن شخصية كاندى ليست بالضرورة عنصرية فقد صوره الكاتب بأنه شخص لطيف. ولكن نجد شخصيات الرواية تعيش في مجتمع يتقبل العنصرية كجزء من الحياة. ومن ناحيته فإن كروكس على دراية تامة بالظلم الواقع عليه مقارنة بالآخرين فيقول ” لا يمكنني اللعب بسبب بشرتي” . ويدرك أن لون بشرته يوصد أمامه سبل النجاح ويجعله منبوذا عن الآخرين. يرسم شتاينبك صورة شاملة من خلال المعاملة التي يتلقاها كروكس للظلم الذي يمكن لأمثاله مواجهته، ليذكرنا بأن ممارسة التمييز العنصري لاتزال مستمرة في كل المجتمعات لتسلبهم فرص النجاح. ولكن لايزال بإمكاننا تحقيق العدالة عندما نتخلى عن ضغائننا المبينه على أساس عرقي.

    المعاقون وكبار السن
    وبتعمقنا في رواية فئران ورجال نرى مثال آخر على القمع. وهذه المرة على هيئة كلب كاندي العجوز. نرى الكلب الذي كان يعمل بلا كلل في رعاية الغنم وكان رفيقًا مخلصًا لكاندى، يجازى بنعته بكلب نتن عاجز ورغبة كارلسون في التخلص منه لعدم فائدته. وينطوي مشهد قتله وجره بعيدًا دون شفقة على قسوة مصير الضعفاء في المجتمع. ويقارن كاندي نفسه بالكلب ويقول ” أتمنى من أحدهم إطلاق النار علي عندما أصبح عديم المنفعة”. ونفهم من باطن كلامه أن الموت أفضل له من أن يصبح فائضا عن حاجة الحياة. ويمثل مقتل الكلب وهو ضعيف لا يقوى على المواجهة الظلم الذي يمس الضعفاء في المجتمع من إهمال أو إستغلال. ثم يدعونا شتاينبك للتفكر في معاملة الحياة لمسننين ومن أصابهم الوهن ومصيرهم في مجتمع أناني لا يرحم.

    التحييز الجنسي
    تصبح العبرة من رواية فئران ورجال جلية ونحن على مشارف النهاية. فلايزال شتاينبك يؤكد عليها بخواتيم حياة شخوصها. ويأتي مقتل زوجة كيرلي والذي بدوره يؤدي إلى مقتل ليني كنهاية واقعية تكشف الستار عن غياب العدالة رغم الجد في العمل. عاشت زوجة كيرلي حياة وحيدة، حيث استمدت شخصيتها من زواجها وواجهت إساءات مبطنة لامنتاهية منعتها من تحقيق أحلامها. وتأتي إضافة هذه الشخصية إلى الرواية كرمز يشير إلى الظلم ومرارة العيش التي تتذوقها المرأة في تلك البيئة وذاك العصر، وما توؤل إليه من أحداث مؤسفة، إذ يقوم ليني بإخافتها وينتهي به الأمر بقتلها دون قصد منه. ثم نتطرق إلى شخصية ليني التي تثير المتاعب رغم حسن نواياها، لنشهد على مثال آخر للظلم البين إتجاه ا ذهنيا آنذاك. كم تبخس الحياة حقوق من هم أمثال ليني في العيش الكريم!. ثم تأتي نهايته المأساوية كدليل دامغ على ذلك. فتظلم الحياة ليني لضعف قواه الذهنية ويرتد ذلك على زوجة كيرلي فقط لكونها امرأة.
    الأقل ثراءًا
    تكبل الاوضاع الاقتصادية في فترة الكساد في الولابات المتحدة طموح جورج. ويريد الكاتب من خلاله القول أن ولادتك لأسرة متعسرة ماليًا يجعل الحياة أكثر ظلما. يقول شتاينبك أن الظلم شائع ولا يفرق بين أعراق أو أعمار أو طبقات. ففي مرحلة ما من رحلة حياتك سوف تتذوق مراره.

    يعرض لنا شتانبيك العديد من الشخوص بمختلف الأعمار والأجناس والأعراق ليرينا شمولية الظلم وأن الحياة ليست عادلة. تمثلت في المعاملة القاسية لكروكس والحد من فرصه لإختلاف عرقه، ومقتل كلب كاندي لشيخوخته وعجزه. أما بالنسبة إلى العمال المهاجرين فالرغم من كدهم في العمل طمعًا في حياة أفضل، فلم ينل أحد منهم مبتغاه. وتكون النهاية المأساوية بمثابة تنبيه لنا لقسوة الحياة وظلمها للجميع دون إستثناء، وأنه من واجبنا السعي نحو إقامة العدل وتحقيق بعض المساواة في هذا مجتمع ظالم.
يعمل...
X