من ذاكرة الحرب
انتصار الدنان
سير
(إسماعيل شموط)
شارك هذا المقال
حجم الخط
ما زلت أذكر ذلك اليوم، يوم امتلأت سماء صيدا بالدخان، وبأصوات مخيفة، وبرائحة البارود.
كنت حينها صغيرة، وكنت في المدرسة، أجري امتحانات نهاية العام الدراسي، لكنني لم أستطع ورفاقي إنهاء تلك الامتحانات.
عدت مع أخوتي وأمي إلى البيت سيرًا على الأقدام، خائفين أن تصيبنا قذائف تلك الطائرات، لكن ما إن وصلنا إلى البيت حتى اشتد القصف، شعرت أمي بخوف كبير، لكني لم أكن أشعر بذلك الخوف، فسألتها عن سبب خوفها، أجابت: "بسبب الاجتياح الإسرائيلي".
سألت: ماذا يعني ذلك؟
ـ لقد اتخذ العدو الصهيوني قرارًا عسكريًّا باجتياح لبنان، ليقضي على المقاومين (الفدائيين) الفلسطينيين المتواجدين في جنوب لبنان، وفي العاصمة بيروت. قرّر العدو الصّهيونيّ أن يشنّ حملةً عشوائيّة ضدّ المدنيين الآمنين، بحجّة ضرب "المخربين". هكذا كان يسميهم العدو. "المخرّبون" الّذين يريدون محاربتهم هم أصحاب قضية وأصحاب أرض، لهم الحقّ في أن يحاربوا، ويقاتلوا ويستشهدوا من أجل استعادة أرضهم واستعادة كرامتهم، هذه الأرض تصغر أمامها كلّ الدّنيا.
شن العدو الصهيوني غزوه في معظم الأراضي اللّبنانيّة (هجوم بالطّائرات جوًّا، وبالدّبابات برًّا، وبالبارجات البحريّة تمدّ حممها صوب كلّ ما يقع تحت ناظريها)، ولا تشتمّ من حولك إلا رائحة الغضب والحزن، والموت تعبق رائحته بدم الشّهداء الّذي روى تراب الأرض، رواها بدم المظلومين والمقهورين.
استطاع جيش العدو الإسرائيليّ التّقدم نحو معظم المناطق الجنوبيّة، وبطائراته الحربيّة بدأ يشنّ هجومه على مخيم عين الحلوة، وعلى منطقة صيدا. لم يستثنِ من هجومه المسعور الأطفال والشّيوخ والنّساء، كان يلقي بنيران طائراته ودباباته وبوارجه حتى على المستشفيات، والملاجئ الّتي أوى إليها النّاس. الموت انتشر في كلّ الأنحاء، ومقبرة ساحة الشّهداء في مدينة صيدا تشهد على مدى همجية العدو الإسرائيليّ، وفتكه بأرواح النّاس.
وما زلت أتذكر حين أمطرت علينا السماء أوراقًا، كان قد كتب فيها "جيش الدّفاع الإسرائيليّ يحذّركم من وجود المخرّبين بينكم. سلّم تسلم، ومن يسلم، فليرفع الرّاية البيضاء للحرص على سلامته".
الناس جميعًا خافوا، ورفعوا الرايات البيضاء فوق أسطح بيوتهم، إلا مقاومو مخيم عين الحلوة، ظلوا يقاتلون حتى آخر لحظة ممكنة.
بدأ الهجوم البرّيّ، ولم تسلم من بطشهم حتّى الحيوانات. دخلوا منطقتنا. كنا حينها في الملجأ الصغير الوحيد في المنطقة، لم يكن ملجأ بالمعنى الصحيح، لكنه كان غرفة واسعة في فيلا، ضمت المئات من أهل المنطقة.
سمعنا صوت جنازير الدبابات، وطبعًا بعد سكوت القصف، وبعد قليل راح مناد ينادي النّاس بمكبّر للصوت: "جميع الذّكور الّذين تبلغ أعمارهم الخامسة عشَرة وما فوق يجب عليهم التّجمع في ساحة المنطقة، ومن تبقى من النّساء والأطفال، والشّيوخ عليهم ترك بيوتهم والنّزوح نحو منطقة صيدا صوب البحر".
احتارت أمّي في أمرها، ماذا تفعل؟ إلى أين تذهب، وهي لا تملك حتّى قوت يومها. نظرت إلي وأخويّ والمرارة تقتل قلبها، والخوف يعتريها. مالت إليّ وسط الخوف والدّمار، وسألتني عن الحل، ماذا ستفعل فهي لا تملك إلاّ بؤسها والخوف.
وبصوت هادئ رقيق طلبت منها أن تفتح حصالتي، وتأخذ منها ما كنت أدّخره من مالٍ لتعليمي. المال الّذي كنت أدّخره من مصروف يومي من أمّي الّتي كانت تتعب في تحصيله، وتذلّ لأجله. كنت أخاف أن أهدر المال على أشياء لا تعنيني، أو كنت أتغاضى عنها إشفاقًا على حال أمّي.
ضحكت أمّي منّي، وما صدّقت ما قلته، أيعقل أن تحرم طفلة نفسها ممّا يحبه جميع الأطفال؟ أأصدّق ما أسمعه؟ تساءلت أمّي.
وتحت إلحاحي، وافقت ونفّذت ما طلبته منها، لكنها رأت ما لم تكن تتوقّعه. وجدت ما سيكفيها، وما سيرد عنها العوز، وما سيسدّ جوعنا في الأيّام العصيبة القادمة التي لا مفرّ منها.
المكان الّذي نزحنا إليه لم يكن آمنًا، وأكل منّا الألم والجوع والخوف، والخطر والبرد.
خرجنا من الملجأ مع جمع كبير من أبناء المنطقة، وفي طريقنا إلى المجهول، كنّا نسير مع عدد كبير من الأشخاص، أشخاص نعرفهم، وآخرون لا نعرفهم، أولئك الناس الذّين أُجبروا على ترك بيوتهم، تعتريهم ظنون عدّة، خوف، وجع، ألم، شكّ، أيكون إجبارنا على الخروج من بيوتنا شبيه بلجوء الفلسطينيين عام 48، الذين خرجوا من فلسطين، وما زالوا إلى اليوم في أصقاع الأرض يهيمون على وجوههم.
في طريقنا كانت المشاهد التي أراها تتغيّر بتغيّر المكان، شاهدت ما لم أره من قبل. الطّريق مخيفة موجعة مؤلمة مرعبة، "أرعبتني". الموت حولي يسير ويهديني إلى الطّريق، الشّهداء ملقون على جانبي الطّريق، تناثرت أشلاؤهم تحت خزانة، أو خارج المنزل، أو في ملعب مدرسة، لا يهم، المهم أن عدد الشّهداء الأبرياء من الأطفال والشّيوخ والنساء كان كبيرًا جدًّا.
في ساحات ملاعب مدرسة الإنجيلية في صيدا، كانت الجثث ملقاة فوق بعضها، متراكمة كتراكم هموم الناس، الّتي لا تفارقهم أبدًا.
هذه المدرسة تركها الطّلاب ليحتموا من هجمات العدو في الملاجىء والبيوت الّتي قد تكون آمنة. كانت هذه الملاعب أمكنة للعصافير الغرّيدة الّتي تصدح بأنغامها الرّاقصة، وبعد الهجمات العبثية صارت ملاعب للطّيور الّتي صوّب الصّيّادون أسلحتهم نحوها، وقتلوها قبل أوانها، وسقوا بدمائهم غليل أيّامهم الحاقدة.
البيوت الّتي كانت ممتلئة فرحًا وبهجة، دُمّرت فوق رؤوس أهلها من همجيّة هجمات طائرات العدوّ الصّهيونيّ الّتي حصدت الأخضر واليابس، وحصدت الورود البرّيّة المتفتّحة لاستقبال أملٍ جديدٍ بالحياة. الأجساد تقطّعت أوصالها، وأصبحت أشلاءً تتلذّذ بها الحيوانات الجائعة، كوجبات لسدّ جوعها.
صور لعبوديّةٍ جديدةٍ من نوعٍ مختلفٍ، صور لآلام شعب لا تلتئم جروحه إلاّ باسترجاع الحقّ المغتصب. الجنود الصّهاينة منتشرون في كلّ الأماكن، وفي جميع الطّرقات يمنةً ويسرةً، مزروعون كالبلاّن، امتدّوا في درب حياتنا، شوكهم عقّد حياتنا، وأذلّنا وشرّدنا، جعلنا بلا وطنٍ، وما زلنا ننزف.
كانوا يحاولون مساعدة النّاس، يناولونهم الماء والطّعام، على اعتبار أنّهم زهور تنير الدّرب. اقتربوا مني، حاولوا مساعدتي، ابتعدت وارتعشت خوفًا، شعرت بدنو أجلي.
إنّها المرّة الأولى الّتي أحسّ فيها بهذا الإحساس، إحساس بالموت. تابعت سيري مع الناس، وصلت إلى مكانٍ ممنوع الوصول إليه، سمعت أصواتَ صراخٍ، التفتُّ فإذ بي أرى مقاومين أُسرهم العدو، وكبّل أيديهم بالقيود المطّاطيّة، وأجبرهم على خلع ملابسهم، وأُلقى بهم تحت أشعّة الشّمس الحارقة، في انتظار أن يدخلوا إلى مركز التّحقيق، ليحقّق معهم.
تابعت سيري. وصلنا إلى البحر. هناك، كان العدو يحجز أعدادًا كبيرة من الشّباب، على شاطئ البحر يسيرون حفاةً، بلا ملابس، مقيدي الأيدي، الدّبّابات خلفهم، والطّائرات المروحيّة فوق رؤوسهم. يعذّبون، أمّا نحن فقد نال منّا الجوع والعطش والخوف، إلى أن سُمح لنا بالعودة إلى بيوتنا.
انتصار الدنان
سير
(إسماعيل شموط)
شارك هذا المقال
حجم الخط
ما زلت أذكر ذلك اليوم، يوم امتلأت سماء صيدا بالدخان، وبأصوات مخيفة، وبرائحة البارود.
كنت حينها صغيرة، وكنت في المدرسة، أجري امتحانات نهاية العام الدراسي، لكنني لم أستطع ورفاقي إنهاء تلك الامتحانات.
عدت مع أخوتي وأمي إلى البيت سيرًا على الأقدام، خائفين أن تصيبنا قذائف تلك الطائرات، لكن ما إن وصلنا إلى البيت حتى اشتد القصف، شعرت أمي بخوف كبير، لكني لم أكن أشعر بذلك الخوف، فسألتها عن سبب خوفها، أجابت: "بسبب الاجتياح الإسرائيلي".
سألت: ماذا يعني ذلك؟
ـ لقد اتخذ العدو الصهيوني قرارًا عسكريًّا باجتياح لبنان، ليقضي على المقاومين (الفدائيين) الفلسطينيين المتواجدين في جنوب لبنان، وفي العاصمة بيروت. قرّر العدو الصّهيونيّ أن يشنّ حملةً عشوائيّة ضدّ المدنيين الآمنين، بحجّة ضرب "المخربين". هكذا كان يسميهم العدو. "المخرّبون" الّذين يريدون محاربتهم هم أصحاب قضية وأصحاب أرض، لهم الحقّ في أن يحاربوا، ويقاتلوا ويستشهدوا من أجل استعادة أرضهم واستعادة كرامتهم، هذه الأرض تصغر أمامها كلّ الدّنيا.
شن العدو الصهيوني غزوه في معظم الأراضي اللّبنانيّة (هجوم بالطّائرات جوًّا، وبالدّبابات برًّا، وبالبارجات البحريّة تمدّ حممها صوب كلّ ما يقع تحت ناظريها)، ولا تشتمّ من حولك إلا رائحة الغضب والحزن، والموت تعبق رائحته بدم الشّهداء الّذي روى تراب الأرض، رواها بدم المظلومين والمقهورين.
استطاع جيش العدو الإسرائيليّ التّقدم نحو معظم المناطق الجنوبيّة، وبطائراته الحربيّة بدأ يشنّ هجومه على مخيم عين الحلوة، وعلى منطقة صيدا. لم يستثنِ من هجومه المسعور الأطفال والشّيوخ والنّساء، كان يلقي بنيران طائراته ودباباته وبوارجه حتى على المستشفيات، والملاجئ الّتي أوى إليها النّاس. الموت انتشر في كلّ الأنحاء، ومقبرة ساحة الشّهداء في مدينة صيدا تشهد على مدى همجية العدو الإسرائيليّ، وفتكه بأرواح النّاس.
وما زلت أتذكر حين أمطرت علينا السماء أوراقًا، كان قد كتب فيها "جيش الدّفاع الإسرائيليّ يحذّركم من وجود المخرّبين بينكم. سلّم تسلم، ومن يسلم، فليرفع الرّاية البيضاء للحرص على سلامته".
الناس جميعًا خافوا، ورفعوا الرايات البيضاء فوق أسطح بيوتهم، إلا مقاومو مخيم عين الحلوة، ظلوا يقاتلون حتى آخر لحظة ممكنة.
بدأ الهجوم البرّيّ، ولم تسلم من بطشهم حتّى الحيوانات. دخلوا منطقتنا. كنا حينها في الملجأ الصغير الوحيد في المنطقة، لم يكن ملجأ بالمعنى الصحيح، لكنه كان غرفة واسعة في فيلا، ضمت المئات من أهل المنطقة.
سمعنا صوت جنازير الدبابات، وطبعًا بعد سكوت القصف، وبعد قليل راح مناد ينادي النّاس بمكبّر للصوت: "جميع الذّكور الّذين تبلغ أعمارهم الخامسة عشَرة وما فوق يجب عليهم التّجمع في ساحة المنطقة، ومن تبقى من النّساء والأطفال، والشّيوخ عليهم ترك بيوتهم والنّزوح نحو منطقة صيدا صوب البحر".
احتارت أمّي في أمرها، ماذا تفعل؟ إلى أين تذهب، وهي لا تملك حتّى قوت يومها. نظرت إلي وأخويّ والمرارة تقتل قلبها، والخوف يعتريها. مالت إليّ وسط الخوف والدّمار، وسألتني عن الحل، ماذا ستفعل فهي لا تملك إلاّ بؤسها والخوف.
وبصوت هادئ رقيق طلبت منها أن تفتح حصالتي، وتأخذ منها ما كنت أدّخره من مالٍ لتعليمي. المال الّذي كنت أدّخره من مصروف يومي من أمّي الّتي كانت تتعب في تحصيله، وتذلّ لأجله. كنت أخاف أن أهدر المال على أشياء لا تعنيني، أو كنت أتغاضى عنها إشفاقًا على حال أمّي.
ضحكت أمّي منّي، وما صدّقت ما قلته، أيعقل أن تحرم طفلة نفسها ممّا يحبه جميع الأطفال؟ أأصدّق ما أسمعه؟ تساءلت أمّي.
وتحت إلحاحي، وافقت ونفّذت ما طلبته منها، لكنها رأت ما لم تكن تتوقّعه. وجدت ما سيكفيها، وما سيرد عنها العوز، وما سيسدّ جوعنا في الأيّام العصيبة القادمة التي لا مفرّ منها.
المكان الّذي نزحنا إليه لم يكن آمنًا، وأكل منّا الألم والجوع والخوف، والخطر والبرد.
خرجنا من الملجأ مع جمع كبير من أبناء المنطقة، وفي طريقنا إلى المجهول، كنّا نسير مع عدد كبير من الأشخاص، أشخاص نعرفهم، وآخرون لا نعرفهم، أولئك الناس الذّين أُجبروا على ترك بيوتهم، تعتريهم ظنون عدّة، خوف، وجع، ألم، شكّ، أيكون إجبارنا على الخروج من بيوتنا شبيه بلجوء الفلسطينيين عام 48، الذين خرجوا من فلسطين، وما زالوا إلى اليوم في أصقاع الأرض يهيمون على وجوههم.
في طريقنا كانت المشاهد التي أراها تتغيّر بتغيّر المكان، شاهدت ما لم أره من قبل. الطّريق مخيفة موجعة مؤلمة مرعبة، "أرعبتني". الموت حولي يسير ويهديني إلى الطّريق، الشّهداء ملقون على جانبي الطّريق، تناثرت أشلاؤهم تحت خزانة، أو خارج المنزل، أو في ملعب مدرسة، لا يهم، المهم أن عدد الشّهداء الأبرياء من الأطفال والشّيوخ والنساء كان كبيرًا جدًّا.
في ساحات ملاعب مدرسة الإنجيلية في صيدا، كانت الجثث ملقاة فوق بعضها، متراكمة كتراكم هموم الناس، الّتي لا تفارقهم أبدًا.
هذه المدرسة تركها الطّلاب ليحتموا من هجمات العدو في الملاجىء والبيوت الّتي قد تكون آمنة. كانت هذه الملاعب أمكنة للعصافير الغرّيدة الّتي تصدح بأنغامها الرّاقصة، وبعد الهجمات العبثية صارت ملاعب للطّيور الّتي صوّب الصّيّادون أسلحتهم نحوها، وقتلوها قبل أوانها، وسقوا بدمائهم غليل أيّامهم الحاقدة.
البيوت الّتي كانت ممتلئة فرحًا وبهجة، دُمّرت فوق رؤوس أهلها من همجيّة هجمات طائرات العدوّ الصّهيونيّ الّتي حصدت الأخضر واليابس، وحصدت الورود البرّيّة المتفتّحة لاستقبال أملٍ جديدٍ بالحياة. الأجساد تقطّعت أوصالها، وأصبحت أشلاءً تتلذّذ بها الحيوانات الجائعة، كوجبات لسدّ جوعها.
صور لعبوديّةٍ جديدةٍ من نوعٍ مختلفٍ، صور لآلام شعب لا تلتئم جروحه إلاّ باسترجاع الحقّ المغتصب. الجنود الصّهاينة منتشرون في كلّ الأماكن، وفي جميع الطّرقات يمنةً ويسرةً، مزروعون كالبلاّن، امتدّوا في درب حياتنا، شوكهم عقّد حياتنا، وأذلّنا وشرّدنا، جعلنا بلا وطنٍ، وما زلنا ننزف.
كانوا يحاولون مساعدة النّاس، يناولونهم الماء والطّعام، على اعتبار أنّهم زهور تنير الدّرب. اقتربوا مني، حاولوا مساعدتي، ابتعدت وارتعشت خوفًا، شعرت بدنو أجلي.
إنّها المرّة الأولى الّتي أحسّ فيها بهذا الإحساس، إحساس بالموت. تابعت سيري مع الناس، وصلت إلى مكانٍ ممنوع الوصول إليه، سمعت أصواتَ صراخٍ، التفتُّ فإذ بي أرى مقاومين أُسرهم العدو، وكبّل أيديهم بالقيود المطّاطيّة، وأجبرهم على خلع ملابسهم، وأُلقى بهم تحت أشعّة الشّمس الحارقة، في انتظار أن يدخلوا إلى مركز التّحقيق، ليحقّق معهم.
تابعت سيري. وصلنا إلى البحر. هناك، كان العدو يحجز أعدادًا كبيرة من الشّباب، على شاطئ البحر يسيرون حفاةً، بلا ملابس، مقيدي الأيدي، الدّبّابات خلفهم، والطّائرات المروحيّة فوق رؤوسهم. يعذّبون، أمّا نحن فقد نال منّا الجوع والعطش والخوف، إلى أن سُمح لنا بالعودة إلى بيوتنا.