عودة دراما السيرة الذاتية في مصر تصطدم بمشكلتي الورثة والإنتاج
"الضاحك الباكي" يمزج بين التاريخ وسيرة الريحاني لتجاوز الممانعات.
دراما خاضعة لشروط ومعايير مشددة
لم تجد دراما السيرة الذاتية مكانا لها خلال السنوات الماضية لانصراف الإنتاج نحو الأعمال الاجتماعية والرومانسية، عدا عن المشاكل التي عادة ما تصاحب الاشتغال على سير الفنانين والرموز وما تفرضه على المؤلفين من حذر ودقة في كتابة القصة والخضوع لشروط ورثة لا يهتمون للقيمة الفنية للعمل، لكنها تسجل منذ أشهر عودة قوية جعلت العديد من المنتجين يفكرون في إنجاز مشاريع درامية جديدة أو العمل على استكمال المشاريع المتوقفة سابقا.
القاهرة – أعاد عرض مسلسل “الضاحك الباكي” الذي يقدم سيرة الفنان الراحل نجيب الريحاني على قناة “سي.بي.سي” المصرية الجدل حول أعمال السيرة الذاتية التي تراجعت خلال السنوات الماضية بسبب ما يحيط بها من مشكلات تتعلق بضخامة الإنتاج وتدخلات ورثة الشخصيات في السياق الدرامي ومطالبتهم في مرات عديدة بوقف التصوير، ووصل الأمر أحيانا حد وقف العرض كما حدث مع مسلسل “العملاق” الذي كان يقدم سيرة الأديب الراحل عباس محمود العقاد.
وطرح مسلسل “الضاحك الباكي” الذي أذيعت أولى حلقاته السبت تساؤلات عدة حول ما إذا كان يشكل مقدمة لعودة الاهتمام بهذا النوع من الدراما من عدمه، والأسباب التي قادت إلى تأخر عرضه نحو عشر سنوات بعد انتهاء المؤلف محمد الغيطي من كتابة قصته، وهل يتماشى مع الألوان الدرامية الجاذبة لجمهور الشباب في الوقت الحالي؟
يوثق المسلسل لفترة حافلة عاشها نجيب إلياس ريحانة، الشهير بنجيب الريحاني، من خلال شكل الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية لمصر في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، متضمنة حياته بداية من ميلاده عام 1892 وحتى وفاته عام 1949، وفي هذا السياق يتم عرض العديد من قصص الفن والمسرح وحكايات عن الراحل في تلك الحقبة الزمنية.
أكبر من سيرة ذاتية
فايزة هنداوي: السيرة تحتاج إلى تدقيق ودراسة للبيئة المحيطة بالشخصيات
حاول القائمون على المسلسل تفادي الاعتراضات التي من الممكن أن تواجههم من قبل ورثة الريحاني، وتركزت غالبية التصريحات التي سبقت عرضه على أن المسلسل يحوي جملة من الأهداف بخلاف السيرة الذاتية التقليدية، ويصف حال المسرح مع بداية القرن الماضي، كما يسلط الضوء على أبرز الأحداث السياسية، وفي القلب منها ثورة 1919، وتأثر مصر بالحربين العالميتين الأولى والثانية، وتأثير ذلك على الفن.
ويجسد الفنان عمرو عبدالجليل دور الفنان الراحل نجيب الريحانى، ويشارك في بطولة العمل المطرب مصطفى شوقي ويلعب دور المطرب سيد درويش، وفردوس عبدالحميد تقوم بدور والدة نجيب الريحاني، فضلا عن رزان مغربي في دور المطربة بديعة مصابني، وبمشاركة عدد كبير من الفنانين، والمسلسل قصة وسيناريو وحوار محمد الغيطي، ومن إخراج محمد فاضل.
ولا تتمثل مخاوف دراما السيرة الذاتية في التكلفة الباهظة فقط، مع مشاركة أكثر من مئة ممثل، لكن في وقف التصوير بناء على أحكام قضائية لصالح أهالي الشخصية المقدمة، وينفر وقف العرض العديد من الشركات التي تخشى أن تصطدم بأزمات تكبدها خسائر مالية، لأن نجاح العمل غير مضمون، فقد لا يجذب شرائح شبابية تفتقر إلى شغف التعرف على فنانين أبدعوا وعاشوا في الماضي.
وقدمت الدراما والسينما مجموعة من أعمال السير الذاتية التي حقق بعضها نجاحا، ولم يحظ البعض الآخر بالنجاح نفسه، منها فيلم “ناصر 56” وفيلم “أيام السادات”، ومسلسلي “إمام الدعاة” الذي تناول سيرة الشيخ محمد متولي الشعراوي، و”قاسم أمين”، علاوة على مسلسلات “أم كلثوم” و”حليم” و”قلبي دليلي” عن قصة حياة ليلى مراد، و”أبوضحكة جنان” عن حياة الفنان الراحل إسماعيل ياسين، و”الشحرورة” عن سيرة الفنانة صباح، و”أسمهان”، و”السندريلا” عن حياة سعاد حسني، و”فاروق” عن الملك فاروق، و”نزار قباني”، و”تحية كاريوكا”، و”الأيام” عن قصة حياة الأديب طه حسين.
وتوقف عدد من مشروعات السير الذاتية نتيجة اعتراض ورثة الشخصيات، بينها مسلسل كان يُعد له الكاتب عبدالرحيم كمال ليقدم من خلاله السيرة الذاتية للأديب المصري الراحل نجيب محفوظ، حيث هددت أسرته باللجوء إلى القضاء لمنع استكماله، كذلك ما حدث مع الفنان الراحل أحمد زكي الذي كان ينوي الفنان محمد رمضان تقديم سيرته الذاتية بعد اتفاقه مع السيناريست بشير الديك، إلا أن أسرته رفضت الفكرة وهددت باللجوء إلى القضاء، فتوقف الديك عن الكتابة وألغي المشروع.
ماجدة موريس: دراما السيرة الذاتية والتاريخية في طريقها للعودة
وهناك مشروعات منتظرة تتناول سيرا ذاتية قد ترى النور في المستقبل، بينها مسلسل يقدم السيرة الذاتية للموسيقار بليغ حمدي، وآخر يقدم سيرة الفنان رشدي أباظة، والمطرب محمد فوزي، والفنانة داليدا، ما زالت في مرحلة الإعداد.
أكبر من الدراما
قالت الناقدة الفنية فايزة هنداوي إن تقديم أعمال السيرة الذاتية لا بد أن يحظى بأهمية أكبر لدى إنتاج الدراما لتعريف الأجيال الحالية بالرموز التي حققت نجاحات سابقة في الفن المصري أو في مجالات أخرى، غير أن هذا النوع يصطدم بمجموعة من العقبات التي تؤدي إلى عزوف من المؤلفين عنها، لأنها تناقش تفاصيل شائكة في حياة المشاهير، وتبقى بحاجة إلى دراسة وافية عن الشخصيات المقدمة واختيار الممثلين بما يقنع المشاهدين الذين عاصر بعضهم تلك الشخصيات، وهو أمر نجح فيه الفنان أحمد زكي عندما قدم السيرة الذاتية للرئيسين الراحلين جمال عبدالناصر وأنور السادات.
وأضافت لـ”العرب” أن كتابة هذا النوع من الأعمال بحاجة إلى تدقيق كبير ودراسة وافية للبيئة المحيطة بالشخصيات، وبحاجة إلى كُتاب على درجة عالية من الاحتراف وقد لا تحقق بعض الأعمال نجاحاً لأن كتابتها لم تكن على القدر المطلوب، والأعمال التي كتبت بحرفية كبيرة حققت نجاحاً، مثل أم كلثوم وقاسم أمين وأسمهان.
وأوضحت هنداوي أن أعمال السيرة الذاتية صالحة لتكون حاضرة في كافة العصور وعبر مختلف أدوات العرض سواء أكانت عبر المنصات الرقمية التي تولي اهتماماً أكبر بالأعمال القصيرة أو شاشات التلفزيون، والفيصل في العمل هو جودته، وعدم اعتماد منتجيه على المط غير المفيد لأهداف تجارية ترتبط بموسم رمضان مثلا، لكن فئات الشباب تنجذب لمسلسلات الأجزاء العديدة التي تقدمها الدراما الأجنبية لجودتها.
ويتخوف بعض النقاد من عدم تحقيق مسلسل “الضاحك الباكي” نجاحاً يضاهي أعمالا أخرى قدمت حول السيرة الذاتية، لأن موعد عرضه جاء بعيداً عن موسم رمضان، ومع بدء العام الدراسي الذي تبتعد فيه الكثير من الأسر عن شاشات التلفزيون، وهو ما يعني أن العرض غير موات لتحقيق النجاح التسويقي.
◙ مسلسل "الضاحك الباكي" لا يعد التجسيد الأول لشخصية الريحاني، فقد سبق وقدم العديد من الفنانين هذه الشخصية
كما أن الأعمال الاجتماعية لا تزال هي الأكثر جذبًا للمشاهدين، ومناقشة فترة تاريخية سلطت مجموعة من المسلسلات والأفلام الضوء عليها في القرن الماضي قد لا تكون جذابة للمشاهدين مرة أخرى، لكن النجاح الذي حققه فيلم “كيرة والجن” مؤخرا يعيد صياغة هذه المعادلة بصورة إيجابية.
ولا يعد مسلسل “الضاحك الباكي” التجسيد الأول لشخصية الريحاني في عمل فني، فقد سبق وقدم العديد من الفنانين هذه الشخصية ضمن أعمال مختلفة.
وجسد الفنان الراحل سمير غانم شخصية الريحاني في الفوازير، ومسلسل “أبوضحكة جنان” في العام 2009، وفي العام ذاته جسده الفنان أحمد راتب في مسلسل “قلبي دليلي”، كما ظهرت شخصية الريحاني في مسلسل “كاريوكا” الذي عرض عام 2012.
سرديات لأجيال جديدة
يعتبر نجيب الريحاني الذي لقب بـ”الضاحك الباكي” واحدا من رواد المسرح والسينما، وهو مصري من أصل عراقي، واشتهر بشخصية “كشكش بيه” التي طاف بها دولا عربية عديدة وحققت نجاحا كبيرا، وجمعته تجربة مسرحية مهمة مع سيد درويش، وكوّن ثنائيا “دويتو” مسرحيا مع بديع خيري وقدما أعمالا مهمة.
وأشارت الناقدة الفنية ماجدة موريس إلى أن التركيز على الصعوبات التي تواجه الفنانين في فترات صعودهم الفني تبعث رسائل للشباب وصغار الفنانين أنه ليس كل من شارك في تقديم عمل درامي أصبح فنانا يستطيع ترك بصمة في التاريخ الفني، والنجاح دائما ما تقف خلفه رحلة طويلة بحاجة إلى مزيد من تسليط الضوء عليها وتقديمها في قوالب فنية مقنعة للجمهور.
وذكرت في تصريح لـ”العرب” أن تراجع هذا النوع من الأعمال يرجع إلى أن الألوان الدرامية التي تحظى بنسب مشاهدات مرتفعة اختلفت الآن عما كان في السابق، وقد دفع طغيان الأعمال المجتمعية على التاريخية الكثير من المنتجين إلى إعادة التفكير في ما يقدمونه من أعمال، وتقديم “الضاحك الباكي” والاستعانة بالمخرج محمد فاضل بعد غياب يبعث إشارة بأن مسارات الدراما السابقة في طريقها للعودة مرة أخرى.
وأكدت موريس أن المخرج محمد فاضل يمثل جيلا أسهم في إنتاج الدراما وليس لهم مكان لائق حاليا في الأعمال المقدمة، ما يفتح المجال أمام عودة أسماء أخرى مثل إنعام محمد علي، وجمال عبدالحميد في مجال الإخراج، ومحمد جلال عبدالقوي في التأليف، وغيرهم من نجوم الفن الذين غابوا عن الشاشات لسنوات طويلة.
ويستعد المسرح المصري لتقديم عرض “كازينو بديعة”، ويسلط الضوء على حياة الفنانة الراحلة بديعة مصابني، في إطار استعراضي غنائي، وتضم المسرحية البعض من النجوم الكبار منهم سمية الخشاب وإدوارد وعلاء مرسي وهي من تأليف أحمد الإبياري وإخراج طارق الإبياري.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
أحمد جمال
صحافي مصري
"الضاحك الباكي" يمزج بين التاريخ وسيرة الريحاني لتجاوز الممانعات.
دراما خاضعة لشروط ومعايير مشددة
لم تجد دراما السيرة الذاتية مكانا لها خلال السنوات الماضية لانصراف الإنتاج نحو الأعمال الاجتماعية والرومانسية، عدا عن المشاكل التي عادة ما تصاحب الاشتغال على سير الفنانين والرموز وما تفرضه على المؤلفين من حذر ودقة في كتابة القصة والخضوع لشروط ورثة لا يهتمون للقيمة الفنية للعمل، لكنها تسجل منذ أشهر عودة قوية جعلت العديد من المنتجين يفكرون في إنجاز مشاريع درامية جديدة أو العمل على استكمال المشاريع المتوقفة سابقا.
القاهرة – أعاد عرض مسلسل “الضاحك الباكي” الذي يقدم سيرة الفنان الراحل نجيب الريحاني على قناة “سي.بي.سي” المصرية الجدل حول أعمال السيرة الذاتية التي تراجعت خلال السنوات الماضية بسبب ما يحيط بها من مشكلات تتعلق بضخامة الإنتاج وتدخلات ورثة الشخصيات في السياق الدرامي ومطالبتهم في مرات عديدة بوقف التصوير، ووصل الأمر أحيانا حد وقف العرض كما حدث مع مسلسل “العملاق” الذي كان يقدم سيرة الأديب الراحل عباس محمود العقاد.
وطرح مسلسل “الضاحك الباكي” الذي أذيعت أولى حلقاته السبت تساؤلات عدة حول ما إذا كان يشكل مقدمة لعودة الاهتمام بهذا النوع من الدراما من عدمه، والأسباب التي قادت إلى تأخر عرضه نحو عشر سنوات بعد انتهاء المؤلف محمد الغيطي من كتابة قصته، وهل يتماشى مع الألوان الدرامية الجاذبة لجمهور الشباب في الوقت الحالي؟
يوثق المسلسل لفترة حافلة عاشها نجيب إلياس ريحانة، الشهير بنجيب الريحاني، من خلال شكل الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية لمصر في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، متضمنة حياته بداية من ميلاده عام 1892 وحتى وفاته عام 1949، وفي هذا السياق يتم عرض العديد من قصص الفن والمسرح وحكايات عن الراحل في تلك الحقبة الزمنية.
أكبر من سيرة ذاتية
فايزة هنداوي: السيرة تحتاج إلى تدقيق ودراسة للبيئة المحيطة بالشخصيات
حاول القائمون على المسلسل تفادي الاعتراضات التي من الممكن أن تواجههم من قبل ورثة الريحاني، وتركزت غالبية التصريحات التي سبقت عرضه على أن المسلسل يحوي جملة من الأهداف بخلاف السيرة الذاتية التقليدية، ويصف حال المسرح مع بداية القرن الماضي، كما يسلط الضوء على أبرز الأحداث السياسية، وفي القلب منها ثورة 1919، وتأثر مصر بالحربين العالميتين الأولى والثانية، وتأثير ذلك على الفن.
ويجسد الفنان عمرو عبدالجليل دور الفنان الراحل نجيب الريحانى، ويشارك في بطولة العمل المطرب مصطفى شوقي ويلعب دور المطرب سيد درويش، وفردوس عبدالحميد تقوم بدور والدة نجيب الريحاني، فضلا عن رزان مغربي في دور المطربة بديعة مصابني، وبمشاركة عدد كبير من الفنانين، والمسلسل قصة وسيناريو وحوار محمد الغيطي، ومن إخراج محمد فاضل.
ولا تتمثل مخاوف دراما السيرة الذاتية في التكلفة الباهظة فقط، مع مشاركة أكثر من مئة ممثل، لكن في وقف التصوير بناء على أحكام قضائية لصالح أهالي الشخصية المقدمة، وينفر وقف العرض العديد من الشركات التي تخشى أن تصطدم بأزمات تكبدها خسائر مالية، لأن نجاح العمل غير مضمون، فقد لا يجذب شرائح شبابية تفتقر إلى شغف التعرف على فنانين أبدعوا وعاشوا في الماضي.
وقدمت الدراما والسينما مجموعة من أعمال السير الذاتية التي حقق بعضها نجاحا، ولم يحظ البعض الآخر بالنجاح نفسه، منها فيلم “ناصر 56” وفيلم “أيام السادات”، ومسلسلي “إمام الدعاة” الذي تناول سيرة الشيخ محمد متولي الشعراوي، و”قاسم أمين”، علاوة على مسلسلات “أم كلثوم” و”حليم” و”قلبي دليلي” عن قصة حياة ليلى مراد، و”أبوضحكة جنان” عن حياة الفنان الراحل إسماعيل ياسين، و”الشحرورة” عن سيرة الفنانة صباح، و”أسمهان”، و”السندريلا” عن حياة سعاد حسني، و”فاروق” عن الملك فاروق، و”نزار قباني”، و”تحية كاريوكا”، و”الأيام” عن قصة حياة الأديب طه حسين.
وتوقف عدد من مشروعات السير الذاتية نتيجة اعتراض ورثة الشخصيات، بينها مسلسل كان يُعد له الكاتب عبدالرحيم كمال ليقدم من خلاله السيرة الذاتية للأديب المصري الراحل نجيب محفوظ، حيث هددت أسرته باللجوء إلى القضاء لمنع استكماله، كذلك ما حدث مع الفنان الراحل أحمد زكي الذي كان ينوي الفنان محمد رمضان تقديم سيرته الذاتية بعد اتفاقه مع السيناريست بشير الديك، إلا أن أسرته رفضت الفكرة وهددت باللجوء إلى القضاء، فتوقف الديك عن الكتابة وألغي المشروع.
ماجدة موريس: دراما السيرة الذاتية والتاريخية في طريقها للعودة
وهناك مشروعات منتظرة تتناول سيرا ذاتية قد ترى النور في المستقبل، بينها مسلسل يقدم السيرة الذاتية للموسيقار بليغ حمدي، وآخر يقدم سيرة الفنان رشدي أباظة، والمطرب محمد فوزي، والفنانة داليدا، ما زالت في مرحلة الإعداد.
أكبر من الدراما
قالت الناقدة الفنية فايزة هنداوي إن تقديم أعمال السيرة الذاتية لا بد أن يحظى بأهمية أكبر لدى إنتاج الدراما لتعريف الأجيال الحالية بالرموز التي حققت نجاحات سابقة في الفن المصري أو في مجالات أخرى، غير أن هذا النوع يصطدم بمجموعة من العقبات التي تؤدي إلى عزوف من المؤلفين عنها، لأنها تناقش تفاصيل شائكة في حياة المشاهير، وتبقى بحاجة إلى دراسة وافية عن الشخصيات المقدمة واختيار الممثلين بما يقنع المشاهدين الذين عاصر بعضهم تلك الشخصيات، وهو أمر نجح فيه الفنان أحمد زكي عندما قدم السيرة الذاتية للرئيسين الراحلين جمال عبدالناصر وأنور السادات.
وأضافت لـ”العرب” أن كتابة هذا النوع من الأعمال بحاجة إلى تدقيق كبير ودراسة وافية للبيئة المحيطة بالشخصيات، وبحاجة إلى كُتاب على درجة عالية من الاحتراف وقد لا تحقق بعض الأعمال نجاحاً لأن كتابتها لم تكن على القدر المطلوب، والأعمال التي كتبت بحرفية كبيرة حققت نجاحاً، مثل أم كلثوم وقاسم أمين وأسمهان.
وأوضحت هنداوي أن أعمال السيرة الذاتية صالحة لتكون حاضرة في كافة العصور وعبر مختلف أدوات العرض سواء أكانت عبر المنصات الرقمية التي تولي اهتماماً أكبر بالأعمال القصيرة أو شاشات التلفزيون، والفيصل في العمل هو جودته، وعدم اعتماد منتجيه على المط غير المفيد لأهداف تجارية ترتبط بموسم رمضان مثلا، لكن فئات الشباب تنجذب لمسلسلات الأجزاء العديدة التي تقدمها الدراما الأجنبية لجودتها.
ويتخوف بعض النقاد من عدم تحقيق مسلسل “الضاحك الباكي” نجاحاً يضاهي أعمالا أخرى قدمت حول السيرة الذاتية، لأن موعد عرضه جاء بعيداً عن موسم رمضان، ومع بدء العام الدراسي الذي تبتعد فيه الكثير من الأسر عن شاشات التلفزيون، وهو ما يعني أن العرض غير موات لتحقيق النجاح التسويقي.
◙ مسلسل "الضاحك الباكي" لا يعد التجسيد الأول لشخصية الريحاني، فقد سبق وقدم العديد من الفنانين هذه الشخصية
كما أن الأعمال الاجتماعية لا تزال هي الأكثر جذبًا للمشاهدين، ومناقشة فترة تاريخية سلطت مجموعة من المسلسلات والأفلام الضوء عليها في القرن الماضي قد لا تكون جذابة للمشاهدين مرة أخرى، لكن النجاح الذي حققه فيلم “كيرة والجن” مؤخرا يعيد صياغة هذه المعادلة بصورة إيجابية.
ولا يعد مسلسل “الضاحك الباكي” التجسيد الأول لشخصية الريحاني في عمل فني، فقد سبق وقدم العديد من الفنانين هذه الشخصية ضمن أعمال مختلفة.
وجسد الفنان الراحل سمير غانم شخصية الريحاني في الفوازير، ومسلسل “أبوضحكة جنان” في العام 2009، وفي العام ذاته جسده الفنان أحمد راتب في مسلسل “قلبي دليلي”، كما ظهرت شخصية الريحاني في مسلسل “كاريوكا” الذي عرض عام 2012.
سرديات لأجيال جديدة
يعتبر نجيب الريحاني الذي لقب بـ”الضاحك الباكي” واحدا من رواد المسرح والسينما، وهو مصري من أصل عراقي، واشتهر بشخصية “كشكش بيه” التي طاف بها دولا عربية عديدة وحققت نجاحا كبيرا، وجمعته تجربة مسرحية مهمة مع سيد درويش، وكوّن ثنائيا “دويتو” مسرحيا مع بديع خيري وقدما أعمالا مهمة.
وأشارت الناقدة الفنية ماجدة موريس إلى أن التركيز على الصعوبات التي تواجه الفنانين في فترات صعودهم الفني تبعث رسائل للشباب وصغار الفنانين أنه ليس كل من شارك في تقديم عمل درامي أصبح فنانا يستطيع ترك بصمة في التاريخ الفني، والنجاح دائما ما تقف خلفه رحلة طويلة بحاجة إلى مزيد من تسليط الضوء عليها وتقديمها في قوالب فنية مقنعة للجمهور.
وذكرت في تصريح لـ”العرب” أن تراجع هذا النوع من الأعمال يرجع إلى أن الألوان الدرامية التي تحظى بنسب مشاهدات مرتفعة اختلفت الآن عما كان في السابق، وقد دفع طغيان الأعمال المجتمعية على التاريخية الكثير من المنتجين إلى إعادة التفكير في ما يقدمونه من أعمال، وتقديم “الضاحك الباكي” والاستعانة بالمخرج محمد فاضل بعد غياب يبعث إشارة بأن مسارات الدراما السابقة في طريقها للعودة مرة أخرى.
وأكدت موريس أن المخرج محمد فاضل يمثل جيلا أسهم في إنتاج الدراما وليس لهم مكان لائق حاليا في الأعمال المقدمة، ما يفتح المجال أمام عودة أسماء أخرى مثل إنعام محمد علي، وجمال عبدالحميد في مجال الإخراج، ومحمد جلال عبدالقوي في التأليف، وغيرهم من نجوم الفن الذين غابوا عن الشاشات لسنوات طويلة.
ويستعد المسرح المصري لتقديم عرض “كازينو بديعة”، ويسلط الضوء على حياة الفنانة الراحلة بديعة مصابني، في إطار استعراضي غنائي، وتضم المسرحية البعض من النجوم الكبار منهم سمية الخشاب وإدوارد وعلاء مرسي وهي من تأليف أحمد الإبياري وإخراج طارق الإبياري.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
أحمد جمال
صحافي مصري