ابو لينير غيوم Apollinaire Guillaumeشاعر فرنسي ولد في رومة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ابو لينير غيوم Apollinaire Guillaumeشاعر فرنسي ولد في رومة

    ابولينير (غيوم)

    Apollinaire (Guillaume-) - Apollinaire (Guillaume-)

    أبولينير (غيوم -)
    (1880-1918)

    غيوم أبولينير Guillaume Apollinaire شاعر فرنسي ولد في رومة، ولازمه سوء الطالع منذ إطلالته على الحياة، فقد جاء ثمرة لحب خاطئ بين أبيه فرانشيسكو داسبيرمونت المنحدر من أسرة إيطالية نبيلة، وأمه أنجليكا كوستروفيتزكي، من أسرة بولندية الأصل، كانت قد استسلمت لغوايته فهربت معه وحملت منه، وولدت طفلاً سمته غيوم، سجل على أنه من أب مجهول، وأتبعته بعد عامين بصبي آخر لم يكن حظه من الشرعية أفضل من أخيه، لأن أباهما رفض الاعتراف بهما، ولم يكتف القدر القاسي بحرمان الطفلين شرف النسب، فقد انبتَّ ما بين والديهما فافترقا واضطرت الأم إلى مغادرة إيطالية مع طفليها، متنقلة بين الملاهي، إلى أن استقر بهم المقام في موناكو. في هذا الجو القلق، يتجاذبه التشرُّد والحرمان ويغيب عنه طيف الأب عائل الأسرة، عاش غيوم طفولة شقية، فلا عجب، أن تنساق إلى شعره، فيما بعد، صور مؤسية تمتح من مواجع ماضيه الحزين.
    وقد أتيح له أن يتابع دراسته وأن يشغف بالمطالعة ليجد في الكتابة ونظم الشعر منفسحاً يرفد فيه اسمه بشرف الأدب بعد أن حرم شرف النِّجار والنسب، وقد امتحن قلبه بالإخفاق في حياته العاطفية وخلفت كل قطيعة في قلبه جراحاً وحسرات، كانت كسباً للشعر وغنماً، إذ كان يفزع إلى القصيد، يجلو فيه مواجيد قلبه العميد. وفي باريس، حيث شاء الإقامة طلباً للرزق، لمع اسمه في الأوساط الأدبية، شاعراً ملهماً، مشغوفاً بالتجديد، وصحافياً مبرزاً، وناقداً فنياً متميزاً، كان ل-ه فضل كبير في التنويه بعمالقة التصوير في عصره، كبيكاسو وبراك وغيرهما، ولكن حظه العاثر لم يلبث أن لاحقه، إذ جلبت له صداقته لمغامر بلجيكي متهم بسرقة تماثيل من اللوفر، متاعب جمة، فأوقف ظلماً، وأفرج عنه بعد أن ثبتت براءته، ولكن حبيبته المصورة ماري لورانسان هجرته فوجد في الشعر ملاذاً له وسلوى، وأصدر ديوانيه «كحول» و«دلالات جمالية» اللذين يعدَّان، بحق، فتحاً جديداً في الشعر الفرنسي، ولما نشبت الحرب العالمية الأولى، تطوَّع في الجيش، لعله أن ينسى في غمرات الحرب خيباته المترادفة في الحياة، وأصيب بشظية في رأسه، ولم يلبث أن شفي من جرحه، وقُدِّر له أن يتزوج فتاة صبا إليها قلبه، بيد أن طالعه النكد، كان يتربص بهناءته القصيرة فوقع مريضاً بوباء الأنفلونزا الإسبانية، وقضى نحبه في باريس ولحقت به أمه ثم أخوه، بعد أمد قصير، وكذلك غال الموت في أوقات متقاربة، أفراد هذه الأسرة الشقية.
    يعد كثير من النقاد أبولينير أحد كبار الشعراء الرواد الفرنسيين الذين بثوا في الشعر الفرنسي المعاصر رعشة جديدة يمكن أن تماثل، في تأثيرها وعمقها، ثورة بودلير الشعرية حتى أن اسمه يرد في أي حركة تجديد في الفنون العامة، وفي الشعر خاصة، لأن نفسه القلقة الطموح، كانت تملي عليه نشدان كل جديد مبتكر ونبذ كل مألوف مطروق في الفن والأدب، فقد دافع عن الحركة «التكعيبية» في التصوير، وكان بيكاسو أحد أعلامها، إبَّان نشأتها وذيوعها. كما أن السريالية، التي أطلق عليها أبولينير نفسه هذا التعبير الملائم، وجدت في شعره، بعد أن جفا الرمزية وأباها، الرائد الفذّ الحقيقي بصوره الخلابة الغريبة المنتزعة من اللا شعور المحلقة فيما وراء الواقع. كما أن حركة الدادائية [ر] التي ذاعت، بعد موته بأمد قصير، متحت من بعض أوابد صوره الشعرية وطفرات خياله. إن قصائد أبولينير مترعة ماء وطلاوة ورقة، ما أغرى كبار الموسيقيين في عصره مثل هونيغر وبولينك بتلحينها، حتى لقد ناسمت شفاه الشبيبة في عصره. غير أن ما استحدثه أبولينير في شعره، هو أنه استطاع أن يلائم بين الواقع والخيال، فتجد فيه صفير القطار وأطيط العجلات ونداء الباعة وصخب الحانة، إلى جانب الصور المجنحة التي تنفض أعماق الضمير. كان شعره محاولة جريئة، لاقتناص الواقع وتصعيده، من ثم، إلى ما فوق الواقع بأسلوب عفوي مباشر يتكئ على التدفق البريء من التكلف والتعسف، إذ تنساب كلماته سهلة رهوة، من دون أن يحجز فيما بينها نقطة أو فاصلة، كأنها قطرات النهر المنحدرة من نبعها متماسكة متصلة.
    وكان يبتكر ويتفنن في تسطير قصائده، كأنه طفل فنان يعبث بكلماته فيسطرها، وفقاً لموضوعاتها، على شكل حصان أو امرأة أو زجاجة، أو غير ذلك، فتجد سطور قصيدة «مطر» مثلاً، بحروفها المرسومة، وكأنها خيوط المطر المنهمر.
    وقد قُدِّر لهذا الشاعر المجدد،الذي مات في ريِّق العمر، فقيراً، بائساً، أن يغني حركة الشعر الفرنسي المعاصر، ويوشِّيها بالنغم الطلي والصورة الحية المبتكرة، كما أسهم في إغناء النقد الفني، وكان له فضل كبير في التنويه بكبار المصورين العباقرة في عصره. يقول الناقد ج.ناتان: «لقد مات أبولينير في الثامنة والثلاثين من عمره وشارك في جميع الحركات والمدارس المنتمية إلى الشعر الجديد، ولم تمض سنوات حتى اتخذ الشعر الجديد بفضله، اتجاهاً طليعياً تهفو إليه أنظار الشبيبة، موثقة وشائجها مع جميع أشكال الفن الحي من تصوير وموسيقى وشعر وتمثيل وسينما».

يعمل...
X