بديهيًا، قد يعتقد المرء أن مشاهدة العنف تضعف حساسية الناس تجاهه، ما يجعلهم أكثر قدرة على التصرف بعدوانية ومحاكاة الأشياء التي يرونها، ويفترض كثيرون ذلك. وعلى مر السنين، ألقِي اللوم على ألعاب الكمبيوتر للتحريض -أو على الأقل التشجيع- على جرائم متنوعة وأنشطة غير قانونية وسلوك معادٍ للمجتمع، لكن هل يوجد دليل على أي من هذه الادعاءات؟ هل ألعاب الفيديو بالفعل تسبب العنف؟
هل تسبب ألعاب الفيديو العنف؟
بقي هذا الجدال محتدمًا عقودًا، وأُجريت دراسات علمية كثيرة في محاولة لإيجاد صلة واضحة، وعلى الرغم من كل ذلك العمل، لا يزال الجدال قائمًا حول حقيقة انتقال إطلاق النار من ألعاب الفيديو إلى الحياة الواقعية.
على الرغم من أن العلم لا يستقر إلا نادرًا، فإننا نملك في هذه المرحلة ما يكفي من البيانات للإدلاء ببعض المعلومات القاطعة نسبيًا.
ولكن قبل أن نتعمق في الموضوع، من المهم أن نعترف بالطرق الخاطئة التي تُعرَض فيها ألعاب الفيديو، كأنها تختلف بطريقة ما عن غيرها من الفنون الثقافية الأخرى، مثل الكتب والأفلام.
صحيح أن ألعاب الفيديو تميل إلى العنف أكثر من الوسائط الأخرى، وتتضمن الكثير من ألعاب الكمبيوتر صورة من صور العنف، أو محتوًى رسوميًا، أو سلوكيات أخرى تُعد غير مقبولة اجتماعيًا في الحياة الواقعية، لكن من المهم أن نلاحظ أننا إذا استثنينا الألعاب المصممة أساسًا للتعليم، لن يكون لعناوين الفيديوهات تأثير مختلف فينا، وبهذا السياق بصرف النظر عن حقيقة كونها تميل إلى إدراج مزيد من العنف، يجب ألا تعد مختلفة عن الأفلام أو الكتب أو الوسائط الأخرى التي تتضمن العنف.
ألعاب الفيديو العنيفة ورأي العلم:
كما ذُكر أعلاه، أُجريت دراسات كثيرة حول هذا الموضوع، وتعد النتائج والاستنتاجات مختلطة على نحو لا يمكن إنكاره، مع ذلك يتفق الرأي العام على أن ارتباط العنف في ألعاب الفيديو بالعنف في الواقع ضعيف جدًا لدرجة أن معظم العلماء يؤكدون أن ألعاب الفيديو لا تسبب العنف.
ووفقًا لبيان السياسة العامة الصادر عن قسم علم النفس الإعلامي في جمعية علم النفس الأميركية APA، لا يوجد رابط واضح، وجاء في البيان ما يلي: «لم تظهر أدلة واضحة على أي علاقة سببية أو عرضية بين لعب ألعاب الفيديو العنيفة والانخراط في نشاطات عنيفة»، مع ذلك يبدو أن الأطفال الأصغر سنًا يتأثرون بألعاب الكمبيوتر أكثر من المراهقين أو البالغين، وليس التأثير كبيرًا لدرجة أن نتخذ من ألعاب الفيديو مصدرًا للقلق؛ في الواقع رفضت المحكمة العليا تلك الفكرة، عندما أسقطوا قانون كاليفورنيا الذي حظر بيع ألعاب الفيديو للأطفال في عام 2011، وعارضت المحكمة كليًا الأدلة التي حصلت عليها كاليفورنيا لدعم قانونها.
وأشار أنطونين سكاليا الذي كتب رأي أغلبية القضاة إلى أن الأدلة مفقودة، وقال: «رفضت كل المحاكم النظر إلى هذه الدراسات، ولسبب وجيه، أنها لا تثبت أن ألعاب الفيديو العنيفة تدفع القاصرين إلى التصرف بعدوانية»، وأضاف قائلًا: «تُظهر في أحسن الأحوال العلاقة بين مخاطر التعرض إلى العنف بوساطة وسائل الترفيه، وتأثيرات العالم الواقعي الضئيلة، مثل شعور الأطفال بعدوانية أكثر، وإصدار ضجة أعلى بعد دقائق قليلة فقط من ممارسة ألعاب الفيديو العنيفة، وأعلى مما لو لعب لعبة لا تحتوي على العنف».
وما نراه في العالم الحقيقي يدعم هذه النظرة، فإذا تسببت ألعاب الفيديو بالعنف وإطلاق النار، فسيتوقع المرء أحداثًا شائعة كهذه في اليابان أو كوريا الجنوبية، حيث ينفق كل فرد على ألعاب الفيديو أكثر من الولايات المتحدة، ومع ذلك فهي تملك أدنى معدلات جريمة في العالم.
كيف يؤثر الإعلام في الناس؟
يشير العلم إلى أن وسائل الإعلام التي تظهر المشاهد العنيفة لا تدفع الناس إلى الخروج والتصرف بعنف، ومن المهم أن نلاحظ أن أفكارنا ومعتقداتنا وأفعالنا لا تأتي من فراغ، بل نتيجة لتجاربنا وتفاعلاتنا وتأثيرنا، سواءً كان ذلك من طريق قراءة مقالات الرأي في المواقع الإخبارية، أو الاستماع إلى بودكاست الخبراء العلميين، أو الحوارات الواقعية أو من طريق قراءة الكتب ومشاهدة الأفلام، ونشرات مواقع التواصل الاجتماعي، وغيرها.
وبهذا السياق، إن قلنا إن ألعاب الفيديو لا تؤثر فينا، فكأننا نقول إن تغطية الإعلام للثورات العربية لم تسهم في تعاطف الكثيرين مع ما يجري في الشرق الأوسط.
تسهم ألعاب الفيديو في تكوين أفكارنا وقيمنا ولكنها جزء صغير فقط من مجمل تجربتنا، وفي نهاية المطاف يشير العلم إلى أن السلوك المعادي للمجتمع هو على الأرجح نتيجة خيارات الفرد الشخصية، سواءً أكانت فطرية أم مكتسبة.
وبذلك يكون إلقاء اللوم على بعض وسائط الإعلام كألعاب الكمبيوتر، نتيجة أفعال شخص ما في الواقع، مشابه لوضع العربة قبل الحصان.
على سبيل المثال، إذا كان لأحد ما بالفعل ميل إلى العنف، فمن الأرجح أن ينجذب إلى محتوى يتسم بالعنف المفرط لأغراض ترفيهية، لا العكس، ويُرجح أنهم سيظلون عنيفين حتى إن لم تكن اللعبة كذلك.
وفي أغلب الحالات، يميز متابعو الإعلام بسهولة بين الواقع والخيال، وهم قادرون على التبصر الذاتي وتنظيم سلوكهم بما يتناسب مع المعايير الاجتماعية، وهذا في النهاية جزء من تكويننا النفسي بصفتنا حيوانات اجتماعية.
ومع ذلك، من المهم أن نفهم أنه ينبغي لعب ألعاب الفيديو باعتدال، كأي شيء آخر في الحياة، وقد يؤدي الإفراط في الألعاب إلى بعض المشكلات العقلية والجسدية الخطيرة، وقد تسبب الإدمان.
وينبغي لنا أن ندرك أيضًا أن انعدام القدرة على اللعب باعتدال مختلف عن تقليد محتوى لعبة فيديو عنيفة في الحياة الواقعية، وعن تغيير المنظور إلى العالم بسبب لعبة فيديو.
هل تسبب ألعاب الفيديو العنف؟
بقي هذا الجدال محتدمًا عقودًا، وأُجريت دراسات علمية كثيرة في محاولة لإيجاد صلة واضحة، وعلى الرغم من كل ذلك العمل، لا يزال الجدال قائمًا حول حقيقة انتقال إطلاق النار من ألعاب الفيديو إلى الحياة الواقعية.
على الرغم من أن العلم لا يستقر إلا نادرًا، فإننا نملك في هذه المرحلة ما يكفي من البيانات للإدلاء ببعض المعلومات القاطعة نسبيًا.
ولكن قبل أن نتعمق في الموضوع، من المهم أن نعترف بالطرق الخاطئة التي تُعرَض فيها ألعاب الفيديو، كأنها تختلف بطريقة ما عن غيرها من الفنون الثقافية الأخرى، مثل الكتب والأفلام.
صحيح أن ألعاب الفيديو تميل إلى العنف أكثر من الوسائط الأخرى، وتتضمن الكثير من ألعاب الكمبيوتر صورة من صور العنف، أو محتوًى رسوميًا، أو سلوكيات أخرى تُعد غير مقبولة اجتماعيًا في الحياة الواقعية، لكن من المهم أن نلاحظ أننا إذا استثنينا الألعاب المصممة أساسًا للتعليم، لن يكون لعناوين الفيديوهات تأثير مختلف فينا، وبهذا السياق بصرف النظر عن حقيقة كونها تميل إلى إدراج مزيد من العنف، يجب ألا تعد مختلفة عن الأفلام أو الكتب أو الوسائط الأخرى التي تتضمن العنف.
ألعاب الفيديو العنيفة ورأي العلم:
كما ذُكر أعلاه، أُجريت دراسات كثيرة حول هذا الموضوع، وتعد النتائج والاستنتاجات مختلطة على نحو لا يمكن إنكاره، مع ذلك يتفق الرأي العام على أن ارتباط العنف في ألعاب الفيديو بالعنف في الواقع ضعيف جدًا لدرجة أن معظم العلماء يؤكدون أن ألعاب الفيديو لا تسبب العنف.
ووفقًا لبيان السياسة العامة الصادر عن قسم علم النفس الإعلامي في جمعية علم النفس الأميركية APA، لا يوجد رابط واضح، وجاء في البيان ما يلي: «لم تظهر أدلة واضحة على أي علاقة سببية أو عرضية بين لعب ألعاب الفيديو العنيفة والانخراط في نشاطات عنيفة»، مع ذلك يبدو أن الأطفال الأصغر سنًا يتأثرون بألعاب الكمبيوتر أكثر من المراهقين أو البالغين، وليس التأثير كبيرًا لدرجة أن نتخذ من ألعاب الفيديو مصدرًا للقلق؛ في الواقع رفضت المحكمة العليا تلك الفكرة، عندما أسقطوا قانون كاليفورنيا الذي حظر بيع ألعاب الفيديو للأطفال في عام 2011، وعارضت المحكمة كليًا الأدلة التي حصلت عليها كاليفورنيا لدعم قانونها.
وأشار أنطونين سكاليا الذي كتب رأي أغلبية القضاة إلى أن الأدلة مفقودة، وقال: «رفضت كل المحاكم النظر إلى هذه الدراسات، ولسبب وجيه، أنها لا تثبت أن ألعاب الفيديو العنيفة تدفع القاصرين إلى التصرف بعدوانية»، وأضاف قائلًا: «تُظهر في أحسن الأحوال العلاقة بين مخاطر التعرض إلى العنف بوساطة وسائل الترفيه، وتأثيرات العالم الواقعي الضئيلة، مثل شعور الأطفال بعدوانية أكثر، وإصدار ضجة أعلى بعد دقائق قليلة فقط من ممارسة ألعاب الفيديو العنيفة، وأعلى مما لو لعب لعبة لا تحتوي على العنف».
وما نراه في العالم الحقيقي يدعم هذه النظرة، فإذا تسببت ألعاب الفيديو بالعنف وإطلاق النار، فسيتوقع المرء أحداثًا شائعة كهذه في اليابان أو كوريا الجنوبية، حيث ينفق كل فرد على ألعاب الفيديو أكثر من الولايات المتحدة، ومع ذلك فهي تملك أدنى معدلات جريمة في العالم.
كيف يؤثر الإعلام في الناس؟
يشير العلم إلى أن وسائل الإعلام التي تظهر المشاهد العنيفة لا تدفع الناس إلى الخروج والتصرف بعنف، ومن المهم أن نلاحظ أن أفكارنا ومعتقداتنا وأفعالنا لا تأتي من فراغ، بل نتيجة لتجاربنا وتفاعلاتنا وتأثيرنا، سواءً كان ذلك من طريق قراءة مقالات الرأي في المواقع الإخبارية، أو الاستماع إلى بودكاست الخبراء العلميين، أو الحوارات الواقعية أو من طريق قراءة الكتب ومشاهدة الأفلام، ونشرات مواقع التواصل الاجتماعي، وغيرها.
وبهذا السياق، إن قلنا إن ألعاب الفيديو لا تؤثر فينا، فكأننا نقول إن تغطية الإعلام للثورات العربية لم تسهم في تعاطف الكثيرين مع ما يجري في الشرق الأوسط.
تسهم ألعاب الفيديو في تكوين أفكارنا وقيمنا ولكنها جزء صغير فقط من مجمل تجربتنا، وفي نهاية المطاف يشير العلم إلى أن السلوك المعادي للمجتمع هو على الأرجح نتيجة خيارات الفرد الشخصية، سواءً أكانت فطرية أم مكتسبة.
وبذلك يكون إلقاء اللوم على بعض وسائط الإعلام كألعاب الكمبيوتر، نتيجة أفعال شخص ما في الواقع، مشابه لوضع العربة قبل الحصان.
على سبيل المثال، إذا كان لأحد ما بالفعل ميل إلى العنف، فمن الأرجح أن ينجذب إلى محتوى يتسم بالعنف المفرط لأغراض ترفيهية، لا العكس، ويُرجح أنهم سيظلون عنيفين حتى إن لم تكن اللعبة كذلك.
وفي أغلب الحالات، يميز متابعو الإعلام بسهولة بين الواقع والخيال، وهم قادرون على التبصر الذاتي وتنظيم سلوكهم بما يتناسب مع المعايير الاجتماعية، وهذا في النهاية جزء من تكويننا النفسي بصفتنا حيوانات اجتماعية.
ومع ذلك، من المهم أن نفهم أنه ينبغي لعب ألعاب الفيديو باعتدال، كأي شيء آخر في الحياة، وقد يؤدي الإفراط في الألعاب إلى بعض المشكلات العقلية والجسدية الخطيرة، وقد تسبب الإدمان.
وينبغي لنا أن ندرك أيضًا أن انعدام القدرة على اللعب باعتدال مختلف عن تقليد محتوى لعبة فيديو عنيفة في الحياة الواقعية، وعن تغيير المنظور إلى العالم بسبب لعبة فيديو.