كيف تشجع شريكك على الإفصاح عن مشاعره؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كيف تشجع شريكك على الإفصاح عن مشاعره؟

    يُعد السؤال عن كيفية نوال ارتياح الشريك للإفصاح عن مشاعره من أكثر الشكاوى شيوعًا في العلاقات العاطفية، والألم وراء هذه الشكوى له ما يسوغه، إذ ينبغي للعلاقات العاطفية أن تبنى على أساس «الألفة».






    الألفة مفهوم أساسي في نظر العلماء المختصين في العلاقات العاطفية، ولخدمة هدفي من هذه المقالة، سأستعير تعريف لايمن وين وأديل وين الباحثين في مجال العلاج النفسي العائلي: «الألفة شعور يُستدل على وجوده في العلاقة عند تحقيق أجواء التشارك والتقارب والتناغم بين الشريكين».

    بكلمات أخرى، نعرّف الألفة بأنها التمكن النفسي من التعبير عن مشاعره، لثقتك من أن مشاركتك ستلاقى بالحب والاحترام. يدور الحوار في الأوساط البحثية عن كون الألفة سمةً شخصية. يرى بعض العلماء أن شعور الألفة يتجلى بنسب متفاوتة حسب طبيعة العلاقة ومدى الارتياح فيها. يبدو أن الألفة تعتمد على كلا الأمرين، فهي ثابتة من منطلق السمة الشخصية، ومتغيرة أيضًا لأن ظهور هذه السمة في العلاقات يعتمد على طبيعتها. وذلك يؤكد لنا من جديد أن الحب المتبادل بإخلاص هو السبيل إلى حل معظم المشكلات في العلاقات.

    يشتاق جنسنا البشري إلى التقارب، إذ نطمح إلى إطلاع من نحب على أعماقنا ومشاركته بآمالنا وأحلامنا ومخاوفنا واهتماماتنا وتساؤلاتنا. وكذلك نشتاق إلى الاطلاع على أعماق شريكنا وأسراره، لذلك تؤلمنا رؤية شريكنا منغلقًا على نفسه غير قادر على مشاركتنا مشاعره، فذلك يولد فينا شعور الوحدة.




    ما وراء الكواليس


    مع ذلك، ينطوي سؤالنا «كيف نجعل شريكنا يعبر عن مشاعره؟» على مفارقة، فهو -ضمنيًا- يتساءل عن كيفية «التحكم» في شخص آخر، لذلك أود تذكيركم هنا بأننا لا نستطيع التحكم في الآخرين، إنما صلاحية التحكم مقتصرة على أنفسنا، لذا ينبغي أن تقتصر جهودنا على إعداد منضدة الحوار على رجاء أن يجلس شريكنا إليها.

    فلنجرب إعادة صياغة السؤال ليصبح: «ما الذي يمنع شريكي من مشاركتي مشاعره؟» إذا كنتَ على اطلاع على أعمالي، فأنت تعرف أني أحب أسئلة الموانع، إذ تُعد محورية في العلاج النفسي التكاملي للمجموعات، وهو العلاج الذي طوره قسم العائلة في جامعة نورث وسترن خلال الأعوام الخمسة والعشرين الماضية.
    • ابدأ بتقبل فكرة أن المشكلات قد تُحل بالنظر إليها بتفاؤل.
    • حاول إيجاد ما يمنعكما من الوصول إلى الحل -البدء بالتعبير- لتبدأ بالعمل على إزالة هذا المانع.
    • اسأل نفسك «ما الذي يمنع شريكي من مشاركتي مشاعره؟» وإن رغبت في استحصال «العلامة الكاملة» اسأل شريكك السؤال ذاته.

    بعض الموانع الشائعة حسب خبرتي هي:
    البرمجة المشوهة للدور الجندري:


    إذا نشأ شريكك تنشئة ذكورية مشوهة، فقد تبرمج منذ الصغر على أن يربط المشاعر بالضعف، ستجد أن بيئته قد غرست فيه المعتقد القائل بأن ستر مشاعره من الواجبات، وأن البكاء من المحرمات. فتكون بذلك علاقتكما أول فرصة تتاح له ليعبر عن ما يختلج في صدره من مشاعر وهموم، صحيح أن ما يشاركه قد يبدو ضئيلًا جدًا في نظرك، لكن الإفصاح عنه يتطلب منه جهدًا عظيمًا! كون الإفصاح تصرفًا دخيلًا على سلوكه، مناقضًا لما اعتاده طوال حياته. هنا لا أسوغ تصرف الشريك، إنني فقط أصف الظاهرة ضمن سياقها، وأريد منك تفهم هذا السياق لتُظهر الرقة والتعاطف اللازمين لاحتواء خوف الشريك ومساعدته على تجاوزه، وأن تصبر وتدرك أن ما تظنه مقاومةً من قبل الشريك، ما هو إلا ضعف خبرته في المصارحة والتعبير.


    بيئة الشريك وعائلته:


    إذا نشأ شريكك في عائلة لم تعتد التعبير عن المشاعر ، معنى ذلك أن «عضلة التعبير» لدى شريكك لم تتطور وتقوَ كما يجب. مرة أخرى، هذا ليس تسويغًا، إنما هو توضيح للسياق الذي نمى في شريكك خبرةً واعتيادًا معاكسين لما تحتاج إليه منه.
    الفئات المهمشة:


    إذا كان شريكك ينتمي إلى فئة مهمشة -كذوي الإعاقة وذوي القدرات العقلية المتدنية والأقلية السكانية ومثليي الجنس- فقد مرّ غالبًا بتجربة قوبل فيها بالرفض أو عدم الاكتراث أو الاستنكار أو الهجوم عند تعبيره عن نفسه، ما جعله حريصًا على نفسه، متخذًا الحذر أسلوب حياة يساعده على التغلب على تحدياتها.
    الحلول


    بعد اطلاعنا على بعض التفسيرات والأمثلة التي من شأنها أن تحول دون ارتياح شريكك لفكرة التعبير عن مشاعره، فلنستعرض معًا بعض الحلول الممكنة حتى تتمكنا من خوض حوار عاطفي صادق.
    1. تحاورا عن الحوار!


    اطلب من شريكك تخصيص وقت يكون فيه متاحًا ليمنحك كامل انتباهه، فإذا كان التعبير عن المشاعر خارج سيطرة شريكك، فإن اختياره لميعاد الحديث ومكان اللقاء سيعيد إليه الشعور بالسيطرة إلى حد ما، ومن المهم أن يكون الحوار غير مفروض عليه كي لا يشعر بالانضغاط والإكراه.


    2. جهز الأجواء


    فكر في الأجواء التي تحفز التقارب والراحة بينكما. احتساء القهوة في أثناء جلوسكما على الشرفة وقت الغروب مثلًا، أو التنزه مشيًا في الحديقة صباحًا، أو قيادة السيارة دون وجهة محددة، ربما استلقاؤكما بين الفقاعات التي تملأ حوض الاستحمام. تعتمد الألفة على الأجواء، لذا فالتحضير مهم.
    3. كن لطيفًا واكتفِ بالقليل


    تذكر أن «عضلة التعبير» لدى شريكك قيد الاستخدام الأول، لذلك الحوار القصير الذي يزرع بذور التواصل خير من حوار طويل تنحرفان عنه فتصطدمان. فرحلة ألف ميل تبدأ بخطوة واحدة.
    4. احتفل بالتقدم الذي أحرزته


    عبر عن شكرك الصادق لشريكك على تعبيره عن مشاعره وأبدِ تقديرك لإقباله على أن يُدخل ضمن سلوكياته سلوكًا جديدًا يخدم علاقتكما، واحذر من نظرة الاستعلاء -وإن لم تفصح عنها- بالمقارنة الذهنية بين مقدار تعبيرك وتعبيره، فالجانب الذي تركز ذهنك عليه من المعادلة يطغى على الجانب الآخر في ظهوره على أرض الواقع.
    5. استغل طاقة الأبعاد الثلاثة «أنت، والشريك، واهتمامكما المشترك».


    تتجلى الألفة بسهولة أكبر بينكما عندما تتحاوران حول شيء رأيتماه أو قرأتماه أو سمعتماه، عندما تستعين باهتمام مشترك، فأنت تدعو الشريك إلى موضوع تستكشفانه معًا، كالمقالة التي قرأتها للتو
يعمل...
X