قد يراودك شعور حاسم بأنك لا ترغب في مشاهدة أي عمل جديد، وهو أمر شائع للغاية بعد تكريس أشهر بل ربما سنوات من وقتك في مشاهدة سلسلة أفلام أو مسلسل مسلٍ. تكون النهاية دومًا فراقًا مؤثرًا، حلوًا ومرًا في الوقت ذاته، يتمثل في وداع الشخصيات الخيالية التي عرفتها ربما أكثر من أصدقائك المقربين، وكثيرًا ما ينتهي الأمر بالموت.
من يموت في النهاية؟ عادةً ما تكون آخر شخصية تخيلت رحيلها، فتجسد دور الشخصية الشهيدة، أو -في السياق الأدبي- تجسد شخصية تشبه المسيح في صراعها وموتها. يعلم الجميع أن أفضل المسلسلات تنتهي نهايةً رائعة، لكن برحيل محطم للقلب، في حين تنتهي مسلسلات أخرى بنهاية معلقة ومربكة.
إذن، لماذا نحزن لموت شخصيات خيالية لا نعرفها في الواقع بهذه الشدة؟ لماذا نبقى معلقين بصورهم بعد رحيلهم؟ ولمَ نمجد الممثلين كأنهم نصب تذكارية للأشخاص الذين جسدوا أدوارهم؟
لماذا نرى الطيبة والإيثار في شخصية بول ويسلي إذ يؤدي دور ستيفان سالفاتور في مسلسل مذكرات مصاص الدماء Vampire Diaries؟ ماذا عن شخصية سيفروس سنيب المحبوبة في سلسلة هاري بوتر، الذي يؤدي دور المنقذ غير المتوقع؟ أو إحدى أشهر الشخصيات، جاك دوسون في تيتانيك؟
تجسد تلك الشخصيات النقاء والصدق والشهامة. القاسم المشترك بينها هو التفاني والإيثار للشخصية الرئيسية في العمل لدرجة أن يهبوها حياتهم، فيكون موتهم كارثيًا لنا.
سيكولوجيا الحزن على الشخصيات الخيالية
قد تكون الطريقة الأفضل لفهم الشعور بالخسارة الكبيرة بعد موت شخصية خيالية هي فهم طبيعة الحزن على موت أحدهم من منظور نفسي أو سيكولوجي. أجرت كريستيل راسل، المتخصصة في مجال التسويق في كلية كوجود، بحثًا عن هذه الظاهرة سعيًا لتفسيرها من منظور العلاقة بين العلامة التجارية -المسلسل أو الفيلم- والمستهلك. يُعد المسلسل التليفزيوني علامةً تجارية واسعة النطاق، ويؤدي المشاهد دور المستهلك.
تُعد دراسة سلوك المستهلك طريقةً بسيطة وموثوقة لتفسير التعلق الغريب بشخصياتنا المحبوبة. تشرح كريستيل في بحثها أن التلفاز يعزز الروابط الاجتماعية والثقافية ويحافظ عليها. تكون المسلسلات التليفزيونية أكثر تأثيرًا لأن الأحداث تتغير مع الوقت، ما يعطي المشاهد فرصة التفكير في الشخصيات ومحاور القصة ومناقشتها مع متابعين آخرين.
تضيف كريستيل أن شخصياتنا المحبوبة لا تعيش على شاشاتنا فحسب. أيّ أنماط مجتمعية تظهر عبر المسلسلات تصبح جزءًا من فهمنا الثقافي وحياتنا في الواقع، سواءً أكانت جيدة أم سيئة.
تجتاز شخصيات التلفاز والأفلام حاجز الخيال وتشكل الثقافة الرائجة والتوجهات التي تسود واقعنا. فلا تنحصر هذه الشخصيات في عقولنا فحسب، بل تشكل أساسًا لأحاديثنا مع الآخرين الذين يشاركوننا اهتمامنا وإخلاصنا لهذه الشخصيات.
تضيف راسل: «يختبر المعجبون بالشخصيات الخيالية الخسارة كما نختبر الانفصال عن أحد في الواقع. يتعامل المعجبون مع هذه الخسارة بطريقة مشابهة، فيبحثون عن أحد يشاركهم ذات الشعور، وعن طرق لتذكر اللحظات السعيدة السابقة».
نكبر مع الشخصيات التي نحبها ونراهم في أفضل لحظاتهم وأسوئها، ونتعرف على نقاط ضعفهم ومواطن قوتهم. نمجد انتصاراتهم ونحزن على خسارتهم ونثور غضبًا أو نشعر بالإحباط حين يواجهون التحديات أو يتعرضون للأذى. نتقبلهم كما نتقبل أصدقاءنا كونهم شخصيات غير مثالية، ونغض الطرف عن سلوكهم السيئ ونعذرهم لأننا نحبهم ببساطة.
الصلة العميقة
ليس تعلقنا بالشخصيات الخيالية تعلقًا غير شخصي أو متباعد. نرى أوجه التشابه بيننا وبين هذه الشخصيات، نرى جوانب من أنفسنا فيهم ونفضلهم لأنهم يمثلون بطريقة معقدة ومؤثرة الجوانب الخفية من أنفسنا التي نخاف من إظهارها أو التعبير عنها. في مقال مشابه يصف روبرت روني -وهو طبيب نفسي في كليفلاند كلينك- محبتنا لبعض الشخصيات بأنها وسيلة للهرب من صعوبات الحياة اليومية.
يضيف قائلًا: «تسمح لنا مشاهدة هذه المسلسلات بالاسترخاء والابتعاد بعض الوقت عن التفكير في الأشياء التي تقلقنا. يكون المشاهد معرضًا لجوانب مختلفة من حياة الشخصيات مثل خساراتهم وحبهم وأحزانهم، وكل ما يتعلق بحياة الإنسان عمومًا. في النهاية، يبدأ المشاهد بالتعاطف معهم وبتكوين رابط بينه وبينهم. يلمس المشاهد جوانب من شخصيته في هذه الشخصيات».
المشاعر المختلطة بين الألم والحزن التي نعانيها عند فقدان شخصية معينة تبدو منطقية تمامًا لنا، وإن لم يكن هذا الشخص حقيقيًا. قد لا يكون حدث الموت واقعيًا، لكنه يبدو كذلك بسبب ارتباطنا بالشخصية.
يكمن جمال الأمر في واقع أن المعجب الذي يحزن لفقدان شخصيته المحبوبة ليس وحيدًا في حزنه، على عكس الكثير من حالات الوفاة الواقعية. يشاركه الآلاف بل الملايين من الناس حزنه، فهؤلاء الأشخاص شاركوه حبه وتقديره للشخصية أيضًا. يجعل هذا من التجربة أمرًا مؤثرًا ومعنويًا أكثر، بصرف النظر عن غرابة الأمر لمن لم يشهدوا الرحلة الطويلة المعبرة لتلك الشخصية الخيالية.
من يموت في النهاية؟ عادةً ما تكون آخر شخصية تخيلت رحيلها، فتجسد دور الشخصية الشهيدة، أو -في السياق الأدبي- تجسد شخصية تشبه المسيح في صراعها وموتها. يعلم الجميع أن أفضل المسلسلات تنتهي نهايةً رائعة، لكن برحيل محطم للقلب، في حين تنتهي مسلسلات أخرى بنهاية معلقة ومربكة.
إذن، لماذا نحزن لموت شخصيات خيالية لا نعرفها في الواقع بهذه الشدة؟ لماذا نبقى معلقين بصورهم بعد رحيلهم؟ ولمَ نمجد الممثلين كأنهم نصب تذكارية للأشخاص الذين جسدوا أدوارهم؟
لماذا نرى الطيبة والإيثار في شخصية بول ويسلي إذ يؤدي دور ستيفان سالفاتور في مسلسل مذكرات مصاص الدماء Vampire Diaries؟ ماذا عن شخصية سيفروس سنيب المحبوبة في سلسلة هاري بوتر، الذي يؤدي دور المنقذ غير المتوقع؟ أو إحدى أشهر الشخصيات، جاك دوسون في تيتانيك؟
تجسد تلك الشخصيات النقاء والصدق والشهامة. القاسم المشترك بينها هو التفاني والإيثار للشخصية الرئيسية في العمل لدرجة أن يهبوها حياتهم، فيكون موتهم كارثيًا لنا.
سيكولوجيا الحزن على الشخصيات الخيالية
قد تكون الطريقة الأفضل لفهم الشعور بالخسارة الكبيرة بعد موت شخصية خيالية هي فهم طبيعة الحزن على موت أحدهم من منظور نفسي أو سيكولوجي. أجرت كريستيل راسل، المتخصصة في مجال التسويق في كلية كوجود، بحثًا عن هذه الظاهرة سعيًا لتفسيرها من منظور العلاقة بين العلامة التجارية -المسلسل أو الفيلم- والمستهلك. يُعد المسلسل التليفزيوني علامةً تجارية واسعة النطاق، ويؤدي المشاهد دور المستهلك.
تُعد دراسة سلوك المستهلك طريقةً بسيطة وموثوقة لتفسير التعلق الغريب بشخصياتنا المحبوبة. تشرح كريستيل في بحثها أن التلفاز يعزز الروابط الاجتماعية والثقافية ويحافظ عليها. تكون المسلسلات التليفزيونية أكثر تأثيرًا لأن الأحداث تتغير مع الوقت، ما يعطي المشاهد فرصة التفكير في الشخصيات ومحاور القصة ومناقشتها مع متابعين آخرين.
تضيف كريستيل أن شخصياتنا المحبوبة لا تعيش على شاشاتنا فحسب. أيّ أنماط مجتمعية تظهر عبر المسلسلات تصبح جزءًا من فهمنا الثقافي وحياتنا في الواقع، سواءً أكانت جيدة أم سيئة.
تجتاز شخصيات التلفاز والأفلام حاجز الخيال وتشكل الثقافة الرائجة والتوجهات التي تسود واقعنا. فلا تنحصر هذه الشخصيات في عقولنا فحسب، بل تشكل أساسًا لأحاديثنا مع الآخرين الذين يشاركوننا اهتمامنا وإخلاصنا لهذه الشخصيات.
تضيف راسل: «يختبر المعجبون بالشخصيات الخيالية الخسارة كما نختبر الانفصال عن أحد في الواقع. يتعامل المعجبون مع هذه الخسارة بطريقة مشابهة، فيبحثون عن أحد يشاركهم ذات الشعور، وعن طرق لتذكر اللحظات السعيدة السابقة».
نكبر مع الشخصيات التي نحبها ونراهم في أفضل لحظاتهم وأسوئها، ونتعرف على نقاط ضعفهم ومواطن قوتهم. نمجد انتصاراتهم ونحزن على خسارتهم ونثور غضبًا أو نشعر بالإحباط حين يواجهون التحديات أو يتعرضون للأذى. نتقبلهم كما نتقبل أصدقاءنا كونهم شخصيات غير مثالية، ونغض الطرف عن سلوكهم السيئ ونعذرهم لأننا نحبهم ببساطة.
الصلة العميقة
ليس تعلقنا بالشخصيات الخيالية تعلقًا غير شخصي أو متباعد. نرى أوجه التشابه بيننا وبين هذه الشخصيات، نرى جوانب من أنفسنا فيهم ونفضلهم لأنهم يمثلون بطريقة معقدة ومؤثرة الجوانب الخفية من أنفسنا التي نخاف من إظهارها أو التعبير عنها. في مقال مشابه يصف روبرت روني -وهو طبيب نفسي في كليفلاند كلينك- محبتنا لبعض الشخصيات بأنها وسيلة للهرب من صعوبات الحياة اليومية.
يضيف قائلًا: «تسمح لنا مشاهدة هذه المسلسلات بالاسترخاء والابتعاد بعض الوقت عن التفكير في الأشياء التي تقلقنا. يكون المشاهد معرضًا لجوانب مختلفة من حياة الشخصيات مثل خساراتهم وحبهم وأحزانهم، وكل ما يتعلق بحياة الإنسان عمومًا. في النهاية، يبدأ المشاهد بالتعاطف معهم وبتكوين رابط بينه وبينهم. يلمس المشاهد جوانب من شخصيته في هذه الشخصيات».
المشاعر المختلطة بين الألم والحزن التي نعانيها عند فقدان شخصية معينة تبدو منطقية تمامًا لنا، وإن لم يكن هذا الشخص حقيقيًا. قد لا يكون حدث الموت واقعيًا، لكنه يبدو كذلك بسبب ارتباطنا بالشخصية.
يكمن جمال الأمر في واقع أن المعجب الذي يحزن لفقدان شخصيته المحبوبة ليس وحيدًا في حزنه، على عكس الكثير من حالات الوفاة الواقعية. يشاركه الآلاف بل الملايين من الناس حزنه، فهؤلاء الأشخاص شاركوه حبه وتقديره للشخصية أيضًا. يجعل هذا من التجربة أمرًا مؤثرًا ومعنويًا أكثر، بصرف النظر عن غرابة الأمر لمن لم يشهدوا الرحلة الطويلة المعبرة لتلك الشخصية الخيالية.