قد تكون العزلة الوجودية مهولةً، إلا أنها ضرورية لإنشاء علاقات صحية.《ترشدنا عملية الاستجلاء المعمَّق إلى إدراك مدى تناهينا وحتمية فنائنا. وإلى إدراك كم نحن أحرار ولا نقدر الهروب من حريتنا. نتعلم أيضًا أننا وحيدون بصورة لا ترحم!》(إرفين دي يالوم ص٣٥٣).
عالجت في كتاباتي قضايا الحرية واعتناق الموت في سبيل إضفاء الأهمية إلى حياتنا. لكن وخلال عشر سنوات من عملي في الكتابة لم أتطرق إلى فكرة العزلة الوجودية!
يصنّف إرفين دي يالوم في كتابه العلاج النفسي الوجودي العزلة الوجودية إلى ثلاثة أنماط:
النمط الأول -الأشيع- هو العزلة عن الآخرين (Interpersonal) وهو الانسلاخ عن الآخرين، والوحدة التي نعانيها جراء عدم قدرتنا أو رفضنا التواصل مع الناس.
النمط الثاني هو العزلة عن الذات (Intrapersonal) وفيها ينسلخ الشخص عن نفسه، وقد يحدث هذا لأيٍّ كان لكنه غالبًا ينجم عن فرط حماية الذات أو التصرّف بطريقة غير أصيلة ومراوِغة.
وأعتقد أن الموضوع يحتمل نقاشًا موسَّعًا، لكنه ليس موضوعنا حاليًّا.
النمط الثالث والذي آمل مناقشته في هذا المقال هو الانعزال الوجودي. وعلى الرغم من وجود تشابه مع النمطين آنفي الذكر، فإن الانعزال الوجودي أعظم وأعمق وأشمل. وهو التوصّل إلى الاقتناع أن المرء وحيد كليًّا. هي صحوة تتجلى عند انتهاء كلّ الحيرة (وهذا قد يحدث للبعض، وقد لا يحدث للبعض الآخر، بما أن هذا العصر غامرٌ في ارتباكاته).
العزلة الوجودية هي إدراكنا أننا عالقون داخل قوقعة إنسانيتنا، وأننا -مهما كَثُر الناس من حولنا- دخلنا هذا العالم وحيدين وسنموت وحيدين.
إنّها لَفكرةٌ مقلقة. وقد كتب يالوم الكثير من الصفحات مقتبسًا لكتّاب وشعراء وفلاسفة حول كدر هذه الفكرة. لذا قد يتساءل أحدهم ما الهدف من وراء كل هذه البلبلة؟ ولمَ لا أكتفي بارتباكاتي اليومية؟ إنها تساؤلات مهمة أمام الاضطراب الذي يجلبه الانعزال الوجودي. فأنا لم ألتقِ بأي زبون أو زميل عمل أو صفًّا تعليميًّا وتجاوب مع الموضوع بإيجابية. وفي الحقيقة كتبت الفكرة على صورة وأرسلتها إلى زميلٍ لي وصديق ونصحني بألّا أتطرق إلى الموضوع لقتامته الشديدة، حسب رأيه.
لكن وعلى الرغم من هذه الحُلكة، يتطرق الكتّاب الوجوديون والفلاسفة كثيرًا إلى هذه الفكرة. فهل هم أشرار أم ساديّون!
قد يُنظَر للعديد من الوجوديين على أنهم مبهمون، لكن السبب وراء ذلك إيجابي على الأرجح. فكما يعتقد الوجوديون أن من يواجه هشاشة وجوده سيعيش حياةً غنية، فإنهم يؤمنون أيضًا أن على المرء مواجهة انفراده في سبيل أن يحظى بعلاقات طيبة. وغالبًا قد سمع العديدون بهذا، فعندما تصل علاقة ما إلى خواتيمها يُنصَح الشخص بالاختلاء وخدمة ذاته أو حتى ربما إيجاد ذاته. ويندم الكثيرون على النصيحة، أو في أحسن الأحوال يتقبلها على مضض باعتبارها نصيحة طيبة لكن مرفوضة.
يتشبث العديد منا بأي علاقة ويشعرون بالضياع دونها. وهذا ما يسعى الوجوديون إلى مساعدة الناس على تجنبه.
فكرة حكيمة هي فكرة عدم احتياج شخص ما وإنما الرغبة فيه لأنه يجمّل حياتك. واحتجّ العديدون أمام المقولة المقتبسة من فيلم جيري مغواير: 《أنتَ تُكملني》فالبعض يراها رومانسية والبعض الآخر يعتقد بعدم حاجتك لشخصٍ آخر حتى تكتمل. واعتقادي هو أن الوجوديين يتفقون مع الرأي الأخير.
كتب يالوم في الكتاب آنف الذكر فصلًا تحت مسمّى 《الحب الخالي من الحاجة》، ويبدأ الفصل بالمقولة: 《تشتمل العلاقة المثالية على أفرادٍ يميلون إلى بعضهما دونما احتياج》.
ويناقش آراء العديد من المفكرين العظماء -ممن كتبت عنهم في الماضي- حول الحب الصحي. مثل ماسلو (مؤسس الفرضية الإنسانية) والذي سكّ ووصف الدافع الإنساني نحو تحقيق الذات، وناقش نمطين للحب هما:
(الحب الفقير-Deficiency Love, D-Love)، و(الحب الوجودي-Being Love, B-Love) وهو الحب عند من حققوا ذاتهم.
باستفاضة، يكون الحب فقيرًا عندما تحتاج شخصًا آخر لتكتمل، وهذا يدل على جوع في الذات يريد الشخص إشباعه بشخصٍ آخر.
وجزء من مواجهة العزلة الوجودية هي تخطي فكرة 《الحاجة》للآخر. وبدلًا عن ذلك تجميل حياتكما بالوجود؛ أنت في حياته وهو في حياتك.
فوجودك في حياة الآخر هو أكثر من مجرد حضورك معه أو تواجدك في محيطه المادي أو مناداته 《محبوبي》. بل يتطلب ذلك التواجد الفعلي وتخطي التحفظات والشكليات التالية للعلاقات ومحبته لشخصه وليس لما يقدّمه من اهتمام. وصف رولو ماي -كاتب ومنظّر ومعالج وجودي آخر- الحب بأنه: 《هو حالةٌ من الغبطة لوجود الشخص الآخر، وتأكيد على قيمة هذا الشخص ورقيّه إلى مستوى قيمة الآخر》.
يرى الحب الفقير المحبوب على أنه شيء وظيفته العطاء، بينما يرى الحب الوجودي المحبوب على حقيقته؛ أي كيانًا مستقلًّا.
الفكرة هي أن تجاهل وتحاشي أو إلهاء النفس عن العزلة الوجودية، سيأتي بنتائج وخيمة على الشخص وعلاقاته. فلكي يحب الشخص بصدق وبأكثر الطرق معافاةً؛ عليه أن يواجه عزلته ويدركها، وأن يتعلق بالآخرين ليس لما يمنحونه لكن لما يمثلونه.
وأختم بمقولة لبروبر من كتاب (دي يالوم) والذي -باعتقادي- يلخص الهدف وراء مواجهة المرء لعزلته: 《تخترق العلاقة العظيمة حواجز العزلة الجليلة وتقهر قانونها الصارم، وتصل جسرًا بين كيانين فوق الهاوية المخيفة للكون》.
العلاج النفسي الوجودي والتكيّف مع الشرط الإنساني
هو نمط ديناميكي للعلاج النفسي يساعدنا في الإجابة عن الأسئلة الوجودية والمخاوف المطلقة التي تحيط بالعديد من صراعاتنا واضطراباتنا ومحفزاتنا. وتشمل هذه المخاوف المطلقة ما يلي:
يتفرع العلاج الوجودي من فرع من الفلسفة يُعرَف بالوجودية؛ والذي يستجلي معنى الوجود. وتعود بدايته إلى القرن الماضي وأعمال الفلاسفة كيركيغارد ونيتشه. ومن الوجوديين المشهورين فيكتور فرانكل، ورولو ماي، وجان بول سارتر، وإرفين دي يالوم.
ويستند العلاج الوجودي على فهم أن كل إنسان هو خالق حياته الخاصة، ولديه حرية اختيار كيفية الاستجابة لكل لحظة في الوجود.
يسعى المعالجون -في المقاربة الوجودية- إلى فهم كيفية اختبار المريض للحياة من منظوره الفريد. وهذه المقاربة تفيد في معرفة الأسباب أكثر مما تفيد في علاج الأعراض، ولا تتبع إجراءات إكلينيكية صارمة.
أهداف العلاج النفسي الوجودي
يركّز العلاج الوجودي غالبًا على ما يلي:
زيادة وعي الذات والحياة الأصيلة:
يرفض الناس غالبًا الإصغاء إلى أنفسهم وحاجاتهم الحقيقية ورغباتهم، وبدلًا من ذلك يأخذون القرارات بناءًا على تأثير المجتمع والعائلة والقرناء. وقد ينتج عن ذلك صراعات ذاتية مؤلمة وتعاسة ومشاعر ضعف. ويكمن التحدي في العلاج النفسي الوجودي في مساعدة الشخص في إيجاد سلطته الداخلية والتوصل إلى التصالح مع الذات والأصالة في الخيارات التي يتخذها.
تحمّل مسؤولية القرارات التي تتخذها:
يساعد المعالجون الوجوديون الناس في استنهاض الوعي بخياراتهم وحريتهم وفي اتخاذ قراراتهم وتبعات أفعالهم. ويساهم هذا النمط العلاجي في تطوير حسهم أنهم كتّاب رواية حياتهم الخاصة.
إيجاد المعنى الذاتي:
يعتقد المعالجون الوجوديون أن الفراغ وانعدام المعنى هي معضلات واسعة الانتشار في المجتمع المعاصر، ما يقود إلى القنوط والعديد من الأمراض النفسية والأفعال التدميرية.
يساعد المعالجون الناس في كشف المعنى الخبيء لحياتهم -ومنها المعنى وراء التجارب المؤلمة والأزمات- من خلال الانعكاس الذاتي العميق والأفعال اللاحقة. وسيغير المعالج انتباهه لمشاعر الشخص ومعتقداته ومواهبه. وسيتشجع الشخص على إيجاد معناه الخاص ومعتقداته.
التغلّب على القلق:
يتشارك جميع الناس اضطرابات واعية أو غير واعية، والقيم الذاتية والأهداف غير واضحة المعالم دائمًا خلال مراحل مختلفة من الحياة. يعاني الناس حيرةً مؤلمة وقلقًا جراء عدم معرفة أي الطرق يسلكون. وبإمكان المعالجين الوجوديين مساعدة الناس في اكتشاف جذور قلقهم وتعلّم كيفية التغلب عليها بطريقة أفضل.
العيش في الحاضر:
يساعد المعالج الناس في فهم فكرة أننا نعيش في اللحظة الراهنة وأن كل الأمور تمضي وإلى فناء. والهدف هو حثّ الشخص على الإيمان أن الحياة هي 《الآن وهنا》وأن عليهم عيش كل لحظةٍ حتى نهايتها.
المنفعة وراء العلاج الوجودي هي مساهمته في تصفية الرؤية والاختيار بين طرق مختلفة في الحياة، والتوصل -في النهاية- إلى حياة غنية وهادفة.
عالجت في كتاباتي قضايا الحرية واعتناق الموت في سبيل إضفاء الأهمية إلى حياتنا. لكن وخلال عشر سنوات من عملي في الكتابة لم أتطرق إلى فكرة العزلة الوجودية!
يصنّف إرفين دي يالوم في كتابه العلاج النفسي الوجودي العزلة الوجودية إلى ثلاثة أنماط:
النمط الأول -الأشيع- هو العزلة عن الآخرين (Interpersonal) وهو الانسلاخ عن الآخرين، والوحدة التي نعانيها جراء عدم قدرتنا أو رفضنا التواصل مع الناس.
النمط الثاني هو العزلة عن الذات (Intrapersonal) وفيها ينسلخ الشخص عن نفسه، وقد يحدث هذا لأيٍّ كان لكنه غالبًا ينجم عن فرط حماية الذات أو التصرّف بطريقة غير أصيلة ومراوِغة.
وأعتقد أن الموضوع يحتمل نقاشًا موسَّعًا، لكنه ليس موضوعنا حاليًّا.
النمط الثالث والذي آمل مناقشته في هذا المقال هو الانعزال الوجودي. وعلى الرغم من وجود تشابه مع النمطين آنفي الذكر، فإن الانعزال الوجودي أعظم وأعمق وأشمل. وهو التوصّل إلى الاقتناع أن المرء وحيد كليًّا. هي صحوة تتجلى عند انتهاء كلّ الحيرة (وهذا قد يحدث للبعض، وقد لا يحدث للبعض الآخر، بما أن هذا العصر غامرٌ في ارتباكاته).
العزلة الوجودية هي إدراكنا أننا عالقون داخل قوقعة إنسانيتنا، وأننا -مهما كَثُر الناس من حولنا- دخلنا هذا العالم وحيدين وسنموت وحيدين.
إنّها لَفكرةٌ مقلقة. وقد كتب يالوم الكثير من الصفحات مقتبسًا لكتّاب وشعراء وفلاسفة حول كدر هذه الفكرة. لذا قد يتساءل أحدهم ما الهدف من وراء كل هذه البلبلة؟ ولمَ لا أكتفي بارتباكاتي اليومية؟ إنها تساؤلات مهمة أمام الاضطراب الذي يجلبه الانعزال الوجودي. فأنا لم ألتقِ بأي زبون أو زميل عمل أو صفًّا تعليميًّا وتجاوب مع الموضوع بإيجابية. وفي الحقيقة كتبت الفكرة على صورة وأرسلتها إلى زميلٍ لي وصديق ونصحني بألّا أتطرق إلى الموضوع لقتامته الشديدة، حسب رأيه.
لكن وعلى الرغم من هذه الحُلكة، يتطرق الكتّاب الوجوديون والفلاسفة كثيرًا إلى هذه الفكرة. فهل هم أشرار أم ساديّون!
قد يُنظَر للعديد من الوجوديين على أنهم مبهمون، لكن السبب وراء ذلك إيجابي على الأرجح. فكما يعتقد الوجوديون أن من يواجه هشاشة وجوده سيعيش حياةً غنية، فإنهم يؤمنون أيضًا أن على المرء مواجهة انفراده في سبيل أن يحظى بعلاقات طيبة. وغالبًا قد سمع العديدون بهذا، فعندما تصل علاقة ما إلى خواتيمها يُنصَح الشخص بالاختلاء وخدمة ذاته أو حتى ربما إيجاد ذاته. ويندم الكثيرون على النصيحة، أو في أحسن الأحوال يتقبلها على مضض باعتبارها نصيحة طيبة لكن مرفوضة.
يتشبث العديد منا بأي علاقة ويشعرون بالضياع دونها. وهذا ما يسعى الوجوديون إلى مساعدة الناس على تجنبه.
فكرة حكيمة هي فكرة عدم احتياج شخص ما وإنما الرغبة فيه لأنه يجمّل حياتك. واحتجّ العديدون أمام المقولة المقتبسة من فيلم جيري مغواير: 《أنتَ تُكملني》فالبعض يراها رومانسية والبعض الآخر يعتقد بعدم حاجتك لشخصٍ آخر حتى تكتمل. واعتقادي هو أن الوجوديين يتفقون مع الرأي الأخير.
كتب يالوم في الكتاب آنف الذكر فصلًا تحت مسمّى 《الحب الخالي من الحاجة》، ويبدأ الفصل بالمقولة: 《تشتمل العلاقة المثالية على أفرادٍ يميلون إلى بعضهما دونما احتياج》.
ويناقش آراء العديد من المفكرين العظماء -ممن كتبت عنهم في الماضي- حول الحب الصحي. مثل ماسلو (مؤسس الفرضية الإنسانية) والذي سكّ ووصف الدافع الإنساني نحو تحقيق الذات، وناقش نمطين للحب هما:
(الحب الفقير-Deficiency Love, D-Love)، و(الحب الوجودي-Being Love, B-Love) وهو الحب عند من حققوا ذاتهم.
باستفاضة، يكون الحب فقيرًا عندما تحتاج شخصًا آخر لتكتمل، وهذا يدل على جوع في الذات يريد الشخص إشباعه بشخصٍ آخر.
وجزء من مواجهة العزلة الوجودية هي تخطي فكرة 《الحاجة》للآخر. وبدلًا عن ذلك تجميل حياتكما بالوجود؛ أنت في حياته وهو في حياتك.
فوجودك في حياة الآخر هو أكثر من مجرد حضورك معه أو تواجدك في محيطه المادي أو مناداته 《محبوبي》. بل يتطلب ذلك التواجد الفعلي وتخطي التحفظات والشكليات التالية للعلاقات ومحبته لشخصه وليس لما يقدّمه من اهتمام. وصف رولو ماي -كاتب ومنظّر ومعالج وجودي آخر- الحب بأنه: 《هو حالةٌ من الغبطة لوجود الشخص الآخر، وتأكيد على قيمة هذا الشخص ورقيّه إلى مستوى قيمة الآخر》.
يرى الحب الفقير المحبوب على أنه شيء وظيفته العطاء، بينما يرى الحب الوجودي المحبوب على حقيقته؛ أي كيانًا مستقلًّا.
الفكرة هي أن تجاهل وتحاشي أو إلهاء النفس عن العزلة الوجودية، سيأتي بنتائج وخيمة على الشخص وعلاقاته. فلكي يحب الشخص بصدق وبأكثر الطرق معافاةً؛ عليه أن يواجه عزلته ويدركها، وأن يتعلق بالآخرين ليس لما يمنحونه لكن لما يمثلونه.
وأختم بمقولة لبروبر من كتاب (دي يالوم) والذي -باعتقادي- يلخص الهدف وراء مواجهة المرء لعزلته: 《تخترق العلاقة العظيمة حواجز العزلة الجليلة وتقهر قانونها الصارم، وتصل جسرًا بين كيانين فوق الهاوية المخيفة للكون》.
العلاج النفسي الوجودي والتكيّف مع الشرط الإنساني
هو نمط ديناميكي للعلاج النفسي يساعدنا في الإجابة عن الأسئلة الوجودية والمخاوف المطلقة التي تحيط بالعديد من صراعاتنا واضطراباتنا ومحفزاتنا. وتشمل هذه المخاوف المطلقة ما يلي:
- وعينا بمحدودية حياتنا.
- حريتنا في اتخاذ القرارات.
- التهديد الذي يسببه انعدام المعنى.
- وعينا بانفرادنا (انسلاخنا).
يتفرع العلاج الوجودي من فرع من الفلسفة يُعرَف بالوجودية؛ والذي يستجلي معنى الوجود. وتعود بدايته إلى القرن الماضي وأعمال الفلاسفة كيركيغارد ونيتشه. ومن الوجوديين المشهورين فيكتور فرانكل، ورولو ماي، وجان بول سارتر، وإرفين دي يالوم.
ويستند العلاج الوجودي على فهم أن كل إنسان هو خالق حياته الخاصة، ولديه حرية اختيار كيفية الاستجابة لكل لحظة في الوجود.
يسعى المعالجون -في المقاربة الوجودية- إلى فهم كيفية اختبار المريض للحياة من منظوره الفريد. وهذه المقاربة تفيد في معرفة الأسباب أكثر مما تفيد في علاج الأعراض، ولا تتبع إجراءات إكلينيكية صارمة.
أهداف العلاج النفسي الوجودي
يركّز العلاج الوجودي غالبًا على ما يلي:
زيادة وعي الذات والحياة الأصيلة:
يرفض الناس غالبًا الإصغاء إلى أنفسهم وحاجاتهم الحقيقية ورغباتهم، وبدلًا من ذلك يأخذون القرارات بناءًا على تأثير المجتمع والعائلة والقرناء. وقد ينتج عن ذلك صراعات ذاتية مؤلمة وتعاسة ومشاعر ضعف. ويكمن التحدي في العلاج النفسي الوجودي في مساعدة الشخص في إيجاد سلطته الداخلية والتوصل إلى التصالح مع الذات والأصالة في الخيارات التي يتخذها.
تحمّل مسؤولية القرارات التي تتخذها:
يساعد المعالجون الوجوديون الناس في استنهاض الوعي بخياراتهم وحريتهم وفي اتخاذ قراراتهم وتبعات أفعالهم. ويساهم هذا النمط العلاجي في تطوير حسهم أنهم كتّاب رواية حياتهم الخاصة.
إيجاد المعنى الذاتي:
يعتقد المعالجون الوجوديون أن الفراغ وانعدام المعنى هي معضلات واسعة الانتشار في المجتمع المعاصر، ما يقود إلى القنوط والعديد من الأمراض النفسية والأفعال التدميرية.
يساعد المعالجون الناس في كشف المعنى الخبيء لحياتهم -ومنها المعنى وراء التجارب المؤلمة والأزمات- من خلال الانعكاس الذاتي العميق والأفعال اللاحقة. وسيغير المعالج انتباهه لمشاعر الشخص ومعتقداته ومواهبه. وسيتشجع الشخص على إيجاد معناه الخاص ومعتقداته.
التغلّب على القلق:
يتشارك جميع الناس اضطرابات واعية أو غير واعية، والقيم الذاتية والأهداف غير واضحة المعالم دائمًا خلال مراحل مختلفة من الحياة. يعاني الناس حيرةً مؤلمة وقلقًا جراء عدم معرفة أي الطرق يسلكون. وبإمكان المعالجين الوجوديين مساعدة الناس في اكتشاف جذور قلقهم وتعلّم كيفية التغلب عليها بطريقة أفضل.
العيش في الحاضر:
يساعد المعالج الناس في فهم فكرة أننا نعيش في اللحظة الراهنة وأن كل الأمور تمضي وإلى فناء. والهدف هو حثّ الشخص على الإيمان أن الحياة هي 《الآن وهنا》وأن عليهم عيش كل لحظةٍ حتى نهايتها.
المنفعة وراء العلاج الوجودي هي مساهمته في تصفية الرؤية والاختيار بين طرق مختلفة في الحياة، والتوصل -في النهاية- إلى حياة غنية وهادفة.