هل يوجد هدف نهائي عام يجب أن يسعى إليه العلاج النفسي ؟ استعرض ثاديوس ميتز ثلاث إجابات ممكنة لهذا السؤال.
الجواب الأول أن الهدف من العلاج النفسي هو السعادة الشخصية. تهدف العلاجات النفسية وفقًا لهذه الفرضية لجعل الناس يشعرون بسعادة شخصية دون أخذ العوامل الملموسة بالحسبان. يعتقد مؤيدو هذه الفرضية أن هدف العلاج هو إنقاص معاناة المرضى وتحسين مشاعر السعادة لديهم، وزيادة إحساسهم بالقوة ودعم نظرتهم الإيجابية للحياة، أو تقوية الثقة بالنفس وقبول الذات والتفاؤل.
يُشير ميتز إلى عدة علماء في مجال العلاج النفسي مثل وينيكوت وجانك، تؤكد كتاباتهم صحة هذه الفكرة. تناسب هذه النظرة أيضًا حقيقة لجوء الناس إلى العلاج لأنهم غير سعداء شخصيًا في مجالات متنوعة من حياتهم، وتصمد جيدًا أمام التقليد المتبع الذي يشير إلى وجوب احترام المعالِجين قيم المرضى.
يقترح ميتز وجود مشكلة في هذه النظرة. فكِّر مثلًا في متعاطي الهيرويين الذي يحظى بكل الدعم الذي قد يحتاج إليه، إنه سعيد بإدمانه ولا يريد أن يعمل أي شيء آخر في حياته. مع هذا فمن الطبيعي أن يشعر المعالِج بعدم فعالية العلاج وعدم نجاحه إذا تابع المدمن إدمانه أو زاده في أثناء العلاج.
نفس الأمر ينطبق على النرجسيين السعداء بنجاحهم في التلاعب بالآخرين والتصنع الذي يمكنّهم من إيجاد من يمنحهم الاهتمام، أو المرضى نفسيًا المقتنعين بسلوكهم. الجواب الأول يبدو خاطئًا لأن منطقه في علاج هذه الحالات غير ناجح، وإن اعتقد المرضى أنهم سعداء ووجدوا أو كوّنوا البيئة التي تساندهم.
الجواب البديل أن الهدف الصحيح للعلاج هو دعم الرفاهية الملموسة للمرضى، أي تغيير حياتهم فعليًا إلى الأفضل، وعيش حياة أفضل حقًا، لا حياة يعتقدون هم أنفسهم فقط أنها جيدة. مجددًا ذكر ميتز عدة علماء في هذا المجال دعموا هذا الهدف النهائي للعلاج النفسي، مثل إيرش فروم وأبراهام ماسلو. يصمد هذا الجواب أمام الانتقاد في الأمثلة الموضحة سابقًا.
إضافةً إلى طرح الأسئلة حول كيفية تعريف القيم الصحيحة موضوعيًا، ناقش ميتز أن الجواب الثاني أيضًا سهل الانتقاد في بعض الأدلة المفصلة. مثلًا، الأب الذي يقرر الحفاظ على زواجه غير السعيد عدة سنوات أخرى لأنه يعلم أن الطلاق في هذه الظروف قد يسبب ضررًا كبيرًا للأبناء. وفقًا لميتز فإن هدف العلاج في هذه الحالة هو مساعدة الأب على المضي قدمًا، مع أن سعادته الفعلية لن تتحسن بل ستنخفض.
مثال آخر هو القتال من أجل الحق، مثلًا الانضمام للمقاومة الفرنسية ضد النازيين في الحرب العالمية الثانية. إن متابعة الحياة رغم الإصابات والتعذيب والاقتراب من الموت قد تخفض سعادة المريض الفعلية، وعلى هذا سيكون هدف العلاج الناجح دعم قرار المريض بمتابعة حياته بطرق قد تخفض سعادته الملموسة.
الجواب الثالث وفقًا لميتز، أن هدف العلاج النفسي تحسين معنى الحياة. تعنى الحياة الهادفة القيام بالكثير من الأمور الجديرة بالإعجاب في حياة الآخرين وحياتك الخاصة، وما يستحق الاحترام والتوقير والهيبة والفخر.
يرى ميتز أن النظرية الثالثة تتلافى الانتقاد بأي من النقاط التي تقوض النظريتين السابقتين، لن يدعم الطبيب النفسي الذي يعتمد النظرة الثالثة قرار مدمن الهيرويين في تعميق إدمانه أو جهود النرجسي في التلاعب بالآخرين ضعيفي الثقة، مع هذا سيدعم هذا العلاج قرار الحفاظ على الزواج غير السعيد عدة سنوات وقرار الانضمام للقتال ضد النازيين.
يبدو أن ميتز يفضل الجواب الثالث إذ لم يطرح أي انتقاد بشأنه، لكن قد توجد بعض الانتقادات. إذا تأملت مثلًا الرسام فان جوخ أو الشاعرة إميلي ديكنسون ستجد أن حياة كل منهما هادفة بفضل أعماله الفنية الرائعة، لكن هذه الأعمال نابعة من حياة بائسة. كان فان جوخ تعيسًا أغلب أوقات حياته وعانى أوهامًا واضطرابات ذهانية وأزمات عاطفية إلى أن قرر الانتحار بعمر 37 سنة. أما ديكنسون فامتنعت عن مقابلة الناس ثم لم تعد تغادر غرفة نومها، وتحكي الكثير من قصائدها عن المرض والموت والحب المستحيل.
تخيل أن العلاج الذي قد يساعدهما على الحصول على حياة شخصية سعيدة أو رفاهية ملموسة قد يقودهما أيضًا إلى التخلي عن فنهما، يعني ذلك عيش حياة شخصية سعيدة ورفاهية ملموسة، لكنها أقل قيمة أو غير هادفة، يبدو بديهيًا أن المعالج النفسي قد ينجح في مساعدة فان جوخ أو ديكنسون على التحسن في هذا الاتجاه، وهذا يتعارض مع الجواب الثالث.
مع أن ميتز يفضل الجواب الثالث فإن الاعتبارات التي قدمها غير كافية لبرهنة فكرة سعي العلاج النفسي إلى هدف وحيد هو «تحسين معنى الحياة». يأمل ميتز أن تُسهِّل نقاشاته العمل أكثر على الموضوع، وهو منفتح على خيار «النظرة التعددية»؛ أي اعتماد خليط متوازن من السعادة الشخصية والرفاهية الملموسة والحياة الهادفة هدفًا عامًا للعلاج النفسي. قد نحتاج إلى التركيز على أحد هذه الأهداف في بعض الظروف، عندها قد يظهر بعض التفضيل بين الأهداف الثلاثة. نحتاج إلى المزيد من العمل على مسألة الهدف الصحيح للعلاج النفسي مع الأخذ في الحسبان معنى الحياة بوصفه خيارًا مهمًا
الجواب الأول أن الهدف من العلاج النفسي هو السعادة الشخصية. تهدف العلاجات النفسية وفقًا لهذه الفرضية لجعل الناس يشعرون بسعادة شخصية دون أخذ العوامل الملموسة بالحسبان. يعتقد مؤيدو هذه الفرضية أن هدف العلاج هو إنقاص معاناة المرضى وتحسين مشاعر السعادة لديهم، وزيادة إحساسهم بالقوة ودعم نظرتهم الإيجابية للحياة، أو تقوية الثقة بالنفس وقبول الذات والتفاؤل.
يُشير ميتز إلى عدة علماء في مجال العلاج النفسي مثل وينيكوت وجانك، تؤكد كتاباتهم صحة هذه الفكرة. تناسب هذه النظرة أيضًا حقيقة لجوء الناس إلى العلاج لأنهم غير سعداء شخصيًا في مجالات متنوعة من حياتهم، وتصمد جيدًا أمام التقليد المتبع الذي يشير إلى وجوب احترام المعالِجين قيم المرضى.
يقترح ميتز وجود مشكلة في هذه النظرة. فكِّر مثلًا في متعاطي الهيرويين الذي يحظى بكل الدعم الذي قد يحتاج إليه، إنه سعيد بإدمانه ولا يريد أن يعمل أي شيء آخر في حياته. مع هذا فمن الطبيعي أن يشعر المعالِج بعدم فعالية العلاج وعدم نجاحه إذا تابع المدمن إدمانه أو زاده في أثناء العلاج.
نفس الأمر ينطبق على النرجسيين السعداء بنجاحهم في التلاعب بالآخرين والتصنع الذي يمكنّهم من إيجاد من يمنحهم الاهتمام، أو المرضى نفسيًا المقتنعين بسلوكهم. الجواب الأول يبدو خاطئًا لأن منطقه في علاج هذه الحالات غير ناجح، وإن اعتقد المرضى أنهم سعداء ووجدوا أو كوّنوا البيئة التي تساندهم.
الجواب البديل أن الهدف الصحيح للعلاج هو دعم الرفاهية الملموسة للمرضى، أي تغيير حياتهم فعليًا إلى الأفضل، وعيش حياة أفضل حقًا، لا حياة يعتقدون هم أنفسهم فقط أنها جيدة. مجددًا ذكر ميتز عدة علماء في هذا المجال دعموا هذا الهدف النهائي للعلاج النفسي، مثل إيرش فروم وأبراهام ماسلو. يصمد هذا الجواب أمام الانتقاد في الأمثلة الموضحة سابقًا.
إضافةً إلى طرح الأسئلة حول كيفية تعريف القيم الصحيحة موضوعيًا، ناقش ميتز أن الجواب الثاني أيضًا سهل الانتقاد في بعض الأدلة المفصلة. مثلًا، الأب الذي يقرر الحفاظ على زواجه غير السعيد عدة سنوات أخرى لأنه يعلم أن الطلاق في هذه الظروف قد يسبب ضررًا كبيرًا للأبناء. وفقًا لميتز فإن هدف العلاج في هذه الحالة هو مساعدة الأب على المضي قدمًا، مع أن سعادته الفعلية لن تتحسن بل ستنخفض.
مثال آخر هو القتال من أجل الحق، مثلًا الانضمام للمقاومة الفرنسية ضد النازيين في الحرب العالمية الثانية. إن متابعة الحياة رغم الإصابات والتعذيب والاقتراب من الموت قد تخفض سعادة المريض الفعلية، وعلى هذا سيكون هدف العلاج الناجح دعم قرار المريض بمتابعة حياته بطرق قد تخفض سعادته الملموسة.
الجواب الثالث وفقًا لميتز، أن هدف العلاج النفسي تحسين معنى الحياة. تعنى الحياة الهادفة القيام بالكثير من الأمور الجديرة بالإعجاب في حياة الآخرين وحياتك الخاصة، وما يستحق الاحترام والتوقير والهيبة والفخر.
يرى ميتز أن النظرية الثالثة تتلافى الانتقاد بأي من النقاط التي تقوض النظريتين السابقتين، لن يدعم الطبيب النفسي الذي يعتمد النظرة الثالثة قرار مدمن الهيرويين في تعميق إدمانه أو جهود النرجسي في التلاعب بالآخرين ضعيفي الثقة، مع هذا سيدعم هذا العلاج قرار الحفاظ على الزواج غير السعيد عدة سنوات وقرار الانضمام للقتال ضد النازيين.
يبدو أن ميتز يفضل الجواب الثالث إذ لم يطرح أي انتقاد بشأنه، لكن قد توجد بعض الانتقادات. إذا تأملت مثلًا الرسام فان جوخ أو الشاعرة إميلي ديكنسون ستجد أن حياة كل منهما هادفة بفضل أعماله الفنية الرائعة، لكن هذه الأعمال نابعة من حياة بائسة. كان فان جوخ تعيسًا أغلب أوقات حياته وعانى أوهامًا واضطرابات ذهانية وأزمات عاطفية إلى أن قرر الانتحار بعمر 37 سنة. أما ديكنسون فامتنعت عن مقابلة الناس ثم لم تعد تغادر غرفة نومها، وتحكي الكثير من قصائدها عن المرض والموت والحب المستحيل.
تخيل أن العلاج الذي قد يساعدهما على الحصول على حياة شخصية سعيدة أو رفاهية ملموسة قد يقودهما أيضًا إلى التخلي عن فنهما، يعني ذلك عيش حياة شخصية سعيدة ورفاهية ملموسة، لكنها أقل قيمة أو غير هادفة، يبدو بديهيًا أن المعالج النفسي قد ينجح في مساعدة فان جوخ أو ديكنسون على التحسن في هذا الاتجاه، وهذا يتعارض مع الجواب الثالث.
مع أن ميتز يفضل الجواب الثالث فإن الاعتبارات التي قدمها غير كافية لبرهنة فكرة سعي العلاج النفسي إلى هدف وحيد هو «تحسين معنى الحياة». يأمل ميتز أن تُسهِّل نقاشاته العمل أكثر على الموضوع، وهو منفتح على خيار «النظرة التعددية»؛ أي اعتماد خليط متوازن من السعادة الشخصية والرفاهية الملموسة والحياة الهادفة هدفًا عامًا للعلاج النفسي. قد نحتاج إلى التركيز على أحد هذه الأهداف في بعض الظروف، عندها قد يظهر بعض التفضيل بين الأهداف الثلاثة. نحتاج إلى المزيد من العمل على مسألة الهدف الصحيح للعلاج النفسي مع الأخذ في الحسبان معنى الحياة بوصفه خيارًا مهمًا