الحقب الأول Primary هو أحد التقسيمات الزمنية للتأريخ الجيولوجي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحقب الأول Primary هو أحد التقسيمات الزمنية للتأريخ الجيولوجي

    حقب اول

    Palaeozoic era - Ere primaire

    الحقب الأول

    الحقب الأول Primary هو أحد التقسيمات الزمنية للتأريخ الجيولوجي، وهو أقدم الأحقاب الثلاثة المكوِّنة لدهر الحياة الظاهرة (فانروزوي Phanerozaic) وأطولها.
    بدأ هذا الحقب منذ 540 مليون سنة تقريباً، عندما ظهرت بقايا الحياة على هيئة مستحاثات، وانتهى في بداية الحقب الثاني Secondary، أو ما يدعى بحقب الحياة المتوسطة (المزوزوي Mesozoic) عندما تعرضت الأرض لأول أزمة بيولوجية كبرى أدت إلى انقراض كثير من النباتات والحيوانات الباليوزوية.
    تقسيم الحقب الأول وحدوده
    قُسِّمَ هذا الحقب إلى ستة أدوار، تم الاتفاق عليها عالمياً، هي:

    الكمبري Cambrian (وهو الأقدم)، والأوردوفيسي Ordovician، والسيلوري Silurian (وتكوّن الباليوزوي الأسفل lower Paleozoic)، والديفوني Devonian والكربونيفري Carboniferous، والبِرمي Permian (وهو الأحدث)، وتكوّن الباليوزوي الأعلى upper Paleozoic. وقد اشتقت أسماء هذه الأدوار بعد أن درست ووصفت مقاطعها النموذجية من أسماء مواقع في أوربا، أو من أسماء القبائل التي كانت تقطن تلك المواقع.
    ويعود تقسيم هذا الحقب إلى باليوزوي أسفل وباليوزوي أعلى إلى وجود دورتين رسوبيتين، انتهت كل منهما بحركة مكوّنة للجبال. حصلت الدورة الأولى في الباليوزوي الأسفل وانتهت بتكوين السلسلة الكاليدونية. وحصلت الدورة الثانية في الباليوزوي الأعلى، وانتهت بتكوين السلسلة الهرسينية التي تعرف أيضاً بالسلسلة الفاريسكية. ولذلك فإن الحدود الفاصلة بين هاتين الدورتين هي حدود بنيوية أكثر منها بيولوجية أي مستحاثية. تجدر الإشارة إلى أن هاتين الحركتين أعطتا القارات معالمها البنيوية، ولاسيما الجزء الكبير من أوربا وأمريكا الشمالية.
    الحياة في الحقب الأول
    تعدّ الكأسيات العتيقة Archaeocyathida من الحيوانات المنقرضة المهمة المميزة للكمبري، فقد ظهرت في الكمبري الأسفل، وانقرضت في الكمبري الأوسط، وأسهمت مستعمراتها في تكوين أرصفة هامة في بحاره. وهناك مجموعات منقرضة أخرى ميزت الحقب الأول ولم يُعرف وضعها التصنيفي، منها الحيوانات الكيتينية Chitinozoa، وهي حيوانات مجهرية ظهرت في الكمبري وانقرضت في الديفوني، والكونودُنتات Conodonts، وهي أيضاً كائنات مجهرية تشبه الأسنان، ظهرت في الكمبري وانقرضت في الترياسي. ومن المجموعات التي ازدهرت في الحقب الأول المرجانيات الرباعية Tetracorallia والصفائحيات Tabulata، وهما مجموعتان ظهرتا في الأُوردوفيسي وانقرضتا في قمة البرمي، وكوّن أفرادهما أرصفة مرجانية مهمة. أما عضديات الأرجل Brachiopoda التي ظهرت في أسفل الكمبري، فقد تطورت في أثناء الحقب الأول وتنوعت، واستُخْدِمت أجناسها وأنواعها في تمييز أدوار هذا الحقب، لكن معظمها انقرض في نهاية الحقب الأول ولم يبق منها إلا مجموعتان تابعتا تطورهما في الحقب الثاني. وقد برزت رأسيات الأرجل Cephalopoda من بين الرخويات الأخرى لتقوم بدور مهم في الحقب الأول، فقد ظهر أول أفرادها في الكمبري الأعلى وتنوعت بظهور مجموعة النوتيلانيات Nautiloidea في الأوردوفيسي. وبدأت أعداد هذه المجموعة بالتقهقر التدريجي بدءاً من السيلوري، على حين ظهرت في الديفوني مجموعات أخرى هي العمونانيات Ammonoidea التي تابعت تطورها في الباليوزوي الأعلى.
    ومن أهم اللافقريات في الباليوزوي ثلاثيات الفصوص Trilobita، التي بلغت أوج ازدهارها في الحقب الأول الأسفل، غير أن أعدادها بدأت بالتقهقر في نهاية السيلوري وانقرضت في نهاية الحقب الأول.
    ومن شوكيات الجلد Echinodermata ظهرت مجموعات غريبة في الحقب الأول تابعت تطورها في الباليوزوي الأعلى، ما عدا الكيسائيات والرسغانيات اللتين انقرضتا في الديفوني. أسهمت مجموعة الزنبقانيات في تكوين الصخور غير أن أعدادها تقهقرت في البرمي، وانقرضَ معظم رتبها في نهاية الحقب الأول، كما انقرضت معها مجموعة البرعمانيات بعد أن بلغت أوج انتشارها في العصر الكربونيفري Carboniferovs.
    وتعد مجموعة النقشيات (الغرابتوليتات) Graptolites من المجموعات المنقرضة المهمة المميزة للحقب الأول، فقد ظهرت في الكمبري، واستعملت أجناسها وأنواعها في تمييز نطاقات مستحاثية عالمية في دوري الأوردوفيسي والسيلوري وانقرضت في البرمي.
    ويعدّ الحقب الأول مرحلة مهمة من تاريخ الحياة، من حيث ظهور الحيوانات الفقرية وتطورها، فقد ظهرت أول الفقاريات في السيلوري الأعلى إذ عُثر على قوقعيات الأدمة Ostracodermi التي تابعت تطورها في الديفوني، غير أنها تقهقرت بسرعة وانقرضت جميع أنماطها المدرّعة في نهاية هذا الدور بعد انتشار أحد فروعها الناجحة، وهي الأسماك لوحيات الأدمة Placodermi بدءاً من الديفوني الأسفل. بلغت هذه الأسماك أوج ازدهارها في الديفوني وانقرضت في البرمي. ظهرت في الوقت نفسه، أي في الديفوني، الأسماك الغضروفية، إذ عثر على أسنانها وأشواكها بكثرة في الرواسب الديفونية محفوظة على هيئة مستحاثات. أما الأسماك العظمية Osteichthyes فقد تمايزت منذ ظهورها في الديفوني إلى مجموعتين لهما اتجاهان تطوريان متباعدان. وازدهرت منها قوسيات الزعانف ازدهاراً كبيراً في أثناء الديفوني وأعطت الأرومة التي اشتقت منها البرمائيات. تنوعت البرمائيات في العصر الكربونيفري وأعطت مجموعة تيهيات الأسنان Labyrinthodonts، وقبل أن تنقرض في الترياسي أعطت في العصر الكربونيفري الأعلى الزواحف الأولى التي يمكنها أن تضع بيوضها على اليابسة، حيث تفقس وتعطي صغاراً يمكنها العيش بعيدة عن الماء. ازدهرت الزواحف ازدهاراً كبيراً في البرمي إلى جانب مجموعة أخرى انحدرت منها عرفت بالزواحف الثديية الشكل Theropsids، التي تمثل الأرومة التي اشتقت منها الثدييات التي ظهرت في نهاية الترياسي.
    أما نباتات الحقب الأول، فقد انتشرت في الباليوزوي الأسفل: النباتات البحرية البدائية، ومنها الطحلبيات. ولم تظهر النباتات البرية إلا في نهاية السيلوري، إذ عثر على بعض بقاياها النادرة التي تنتمي إلى النباتات النحيلة (بسيلوبسيدا) Psilopsoda، من النباتات الوعائية خفيات الإلقاح. ويبدو أن الانتقال من الحياة النباتية المائية إلى الحياة البرية قد تم في أثناء الدور السيلوري. تنوعت هذه النباتات وخاصة السراخس تنوعاً كبيراً في الديفوني وفي العصر الكربونيفري، وأسهمت أشجارها الضخمة في تكوين الغابات الكثيفة التي تحولت فيما بعد إلى طبقات ثخينة من الفحم الحجري. وإلى جانب هذه النباتات من خفيات الإلقاح الوعائية ظهرت السراخس البذرية Pteridosperms وهي أنماط منقرضة، كانت تمثّل مرحلة انتقالية بين خفيات الإلقاح الوعائية وظاهراتها، ويعدّ ظهورها واحداً من أهم التطورات التي تمت في العالم النباتي، ألا وهو تكوّن البذرة. وانتشرت أيضاً في أثناء الباليوزي الأعلى عريانات البذور، التي انقرض بعضها في نهاية الحقب الأول وتابع بعضها الآخر (مثل المخروطيات Conifers) تطوره في الحقب الثاني قبل ظهور مغلفات البذور في الكريتاسي.
    الجغرافية القديمة للحقب الأول

    وصلت القشرة الأرضية في نهاية الحقب ما قبل الكمبري إلى مرحلة مهمة من تطورها، فقد انتهت سلسلة من الحركات المكوّنة للجبال سميت بأسماء متعددة تختلف باختلاف القارات، وأدت إلى تكوين مناطق قاريّة، بقيت مستقرة منذ نهاية الحقب ما قبل الكمبري، تعرف بالمجنّات Shields التي سينتظم حولها التاريخ اللاحق للكرة الأرضية. وأهم هذه المجنات، المجن الكندي، والمجن البلطي (البلطيقي) والمجن الأنغاري في نصف الكرة الشمالي، والمجن البرازيلي والمجن الإفريقي والمجن الهندي في نصف الكرة الجنوبي. وتبين الأدلة الجيولوجية أن هذه المناطق القارية كانت فيما قبل الكمبري مغطاة بجليديات واسعة الامتداد خَلَّفت آثاراً لها في بقاع مختلفة من العالم.
    وقد ساعدت نظرية تكتونية الصفائح[ر] Plate Tectonics، على فهم منشأ المحيطات والإقرار بوجود انزياح مبكر للقارات، كانت تحيط بالمجنات بنيات متطاولة غير مستقرة هي المقعرات الجيولوجية Geosynclines، التي تكونت في مواقعها، نتيجة تصادم الصفائح، السلاسلُ الجبلية الكاليدونية والهرسينية. فالحركة الكاليدونية المكونة للجبال التي انتهت في نهاية الباليوزوي الأسفل أدت إلى تكوين السلسلة الكاليدونية، نتيجة تصادم صفيحة قارة أمريكا الشمالية وصفيحة قارة أوراسيا، وانغلاق المحيط الأطلسي الأولي Proatlantic، كما أدت إلى زيادة رقعة المناطق القارية في نصف الكرة الشمالي، وتكوين قارة ضخمة واسعة الامتداد هي قارة لوراسية أو قارة شمال الأطلسي. وأمّا الحركة الهرسينية التي انتهت في نهاية الباليوزوي، فقد أدت إلى تكوين سلاسل جبلية سيطرت على قسم كبير من تضاريس أوربا وأمريكا الشمالية.
    الشكل (2) تشابه شواطئ أمريكا الجنوبية وأفريقيا
    أما في نصف الكرة الجنوبي فيظهر من الأدلة الجيولوجية ومن المستحاثات أن الكتل القارية أو المجنات الجنوبية كانت ملتحمة مكوّنة قارة غوندوانة Gondwana التي كانت منفصلة عن قارة لوراسية في الشرق بخليج بحري هو بحر التيتس Tethys، ومتصلة معها في الغرب ببرزخ في سوية جبل طارق.
    الشكل (3) مواقع انتشار الجليديات
    خلال دوري العصر
    الكربونيفري والبرمي في نصف الكرة الجنوبي
    وتبين الأدلة الجيولوجية والمستحاثات أن وضعية القارات والمحيطات كانت في نهاية الحقب الأول مختلفة تماماً عن وضعياتها في أثناء الأحقاب اللاحقة، إذ لم تكن المحيطات المعروفة حالياً، الأطلسي والهادي والهندي، موجودة لأن القارات كانت مجتمعة في كتلة موحدة هي قارة عموم الأرض (بنجية) pangaea (الشكل-1)، وهذا ما يفسره التشابه بين شواطئ أمريكا الجنوبية وإفريقيا (الشكل-2)، والآثار التي خلفتها جليديات العصر الكربونيفرية - البرمية في قارات نصف الكرة الجنوبي (الشكل-3) وتماثل التطور البنيوي لشرقي أمريكا الشمالية وغربي أوربا. وتدل الرواسب الجليدية والآثار التي تركتها الجليديات على الصخور، على انتشار الجليديات في أثناء الحقب الأول، إذ غطت الجليديات أثناء الأوردوفيسي الأعلى والسيلوري والديفوني، بقاعاً مختلفة من قارة غوندوانة، غير أنّ الجليديات التي تكوّنت أثناء دوري العصر الكربونيفري والبرمي غطت مساحات واسعة (الشكل-3) من قارة غوندوانة، إذ وجدت آثارها في أمريكا الجنوبية وإفريقيا الجنوبية والقطب الجنوبي والهند وأستراليا.


    فؤاد العجل
يعمل...
X