عندليب التصوير الصحفي الفنان: زهير سعادة يعود إلى كنف الفوتوغرافيا..بقلم المصور : فريد ظفور
ضحك اللوز ..وتمايلت أغصانه مع نسائم وتباشير فصل الربيع.الذي بدت شمسه خجولة..يحييها..هزات أرضية زلزالية وامطار متفرقة من سماء مكفهرة بنفسجية.. وأنا للمرات المائة..اعاود تصفح إعداد مجلة فن التصوير الورقية اللبنانية.التي كنت احد روافدها كمراسل لها في سوريا..وأما حق الملكية والأمتياز فكان للمشرف العام الفنان المصور زهير سعادة.. ورئاسة تحريرها للمصور المبدع البرفسور صالح الرفاعي..ولم يعد هناك مايميز تبحري في أعدادها..سوى إعادة ذكراها بطريقة ما..ونظرا للظروف المادية العالمية..كان توجهي نحو إطلاق مجلة فن التصوير الرقمية في ٤/٤/٢٠١٤..والحق اقول غمرتني مساهمات ودعم زملائي من الوطن العربي ومن دول العالم.واعطتني دافعا لمواصلة مسيرة التطور واللحاق بركب الحضارة والبحث المتواصل عن كل جديد.ليكون مادة دسمة للمتابعين على الشبكة العنكبوتية..ولكن سعادتي لم تكتمل حتى أبحرت وغصت في الاعماق للتنقيب والحصول على الزملاء الذين كانوا يساهمون بإدارة عجلة مجلة فن التصوير اللبنانية التي بدأت عام ١٩٨٢ وتوقفت عام ١٩٨٨م..وحين أسدل ستار نهايتها وتوقفها الذي شكل صدمة لي وللكثيرين من عشاقها و المتابعين لأعدادها..لأنها كانت خبزنا الثقافي البصري اليومي ووقودنا وزادنا المعرفي الفني والتقني الشهري.والحق اقول باني شبه اعتزلت النشاط الفوتوغرافي ..إلا ماندر بالمشاركة ببعض المعارض الجماعية .وبعض الرحلات حتى عام ٢٠٠٤م بإطلاق موقع المفتاح وبعدها منتديات المفتاح عام ٢٠٠٩م ..وبعدها مجلة المفتاح عام ٢٠١٢م..وكانت إنطلاقة مجلة فن التصوير الرقمية عام ٢٠١٤م ومن ثم منتدى فن التصوير عام ٢٠٢١م..بين تلك السنوات استطعت التواصل مع المصور صالح الرفاعي..وأصبح المشرف العام الفخري للمجلة..وبعدها تعرفت على المصور نبيل إسماعيل..وعلى المصور جمال سعيدة..واخيرا حصلت المفاجأة نهاية عام ٢٠٢٢م.. بالتواصل مع عميد وصاحب المجلة المصور الصحفي زهير سعادة..الذي بنى شهرته من الصحافة ومن مجلة فن التصوير..وكانت الظروف اللبنانية.تتويجا لحالة رحيل وإغتراب متزايد بين مطرقة الوطن وسندان الغربة..حيث هاجر الاستاز زهير إلى باريس ليقضي أوقاته بين الأولاد والاحفاد.معتزلا التصوير ومهنة المتاعب الصحافة..وبعد مد وجزر ومحاولات فاشلة.حتى تحقق التجاوب والتواصل وإرسال مسيرته الفنية..بحيث تم تكريمه من قبل الأتحاد العربي للثقافة.التي ترأسه الدكتورة عائشة الخضر ..وايضا ارسلت مسيرته إلى إدارة جائزة حمدان الدولية للتصوير ..ولكن حقه على راسي بأنني استطعت من خلال عملي بالمجلة أن انطلق نحو الوطن العربي والعالميه..كمصور وصحفي.وهذا يعود فضله لمجلة فن التصوير في ثمانينات القرن الماضي.وظلت آثار الحرب الأهلية اللبنانية والإجتياح الإسرائيلي إلى لبنان وما تبعها من ظروف دولية وعربية..مقبرة الراغبين في التحليق بجناحي الهروب نحو الحرية والرخاء .الحريةالمفتقدة في بلدهم لبنان والرخاء الغائب عنه.وفي ظل بنية تحتية اخذت تتكلس وتنهار عام بعد عام.
*من الذكريات الجميلة لقائي الأول مع الأستاذ زهير سعادة في العاصمة السورية دمشق وهو يغادر المدينة بعد مهمة صحفية..وأما لقائي الثاني فكان في العاصمة بيروت في مقر المجلة.ومن خلال الرسائل.وهكذا دواليك.. انقط الوصال بيننا حتى أشرقت شمس عام ٢٠٢٢ و٢٠٢٣م.وكم كنت مسرورا لعودة المياه إلى مجاريها..والكتابة والتذكير بأحد أساتذتي الذين تعلمت منهم الكثير هو والأستاذ صالح الرفاعي وبقية طاقم المجلة.
* الفنان زهير سعادة المصور المكافح في الظروف القاهرات..ماتت على شطآنه أعداد مجلة فن التصوير..وتساقطت ذكرياته وايامه خلف الرياح اللبنانية العاتيات..وفي وجهه سد الطريق وخانه طوق النجاة..الحزن لازمه واذاقه مر الحياة.وهو الذي عشق الظل والنور واللون الأحادي وكل ألوان قوس قزح..وحتى الأشجار والبشر والحجر..وصمد في ساحات الوغى يرصد بكاميراته وعدساته الأحداث وينقل لنا الحقيقة.ذكراك تحيي في نفوس المصورين ايام الزمن الجميل.. أزمة الولادة و الثبات والتفاؤل والأمل والعمل لمواصلة المسيرة ورفع راية فن التصوير لتبقى خفاقة فوق روابي وقمم الثقافة البصرية العربية والأجنبية.
*كانت لفرنسا وعاصمتها باريس مدينة النور والعطور ملاذ الفنان زهير سعادة والحضن الدافي والآمن له ولعائلته.
ولأن باريس شهدت تحولات جذرية بالعمارة والعمران بالقرنين التاسع عشر والعشرين..فقد افرزت حاضرة باريس ثورات فكرية فنية وجمالية وتقنية غيرت ماهية وصورة المدينة الحديثة إلى الأبد..فباريس مدينة البارون هوسمان مجدد مناهج تخطيط وتغيير المدينة وآليات إنتاج نسيجها العمراني.والمهندس إيفل صاحب البرج الذي اقدم تقنية وجمالية الثورة الصناعية في قلب المدينة الكلاسيكية.وكذلك هيكتور جيتار مصمم مداخل محطات المترو الفريدة من نوعها..ولوكوربوزيي صاحب الأفكار والمشاريع النظرية عن باريس.واما روجرز وبيانو مبعثا جمالية وظيفية تكنولوجيا جديدة من خلال مبنى مركز بومبيدو في قلب حي ليهال الباريسي.. وأيضا باريس مدينة المشاريع المتراكمة.بتوسيع متحف اللوفر مبنى قوس حي لاديفو وهذا يؤكد تقليديا فرنسيا راسخا يتمثل برغبة الحكام المستمرة في تغيير صورة المدينة تخليدا لإسمهم..
*لقد أسعف الفنان سعادة في إسترفاد عوالم جديدة بحكم تواجدة ببلاد العم سام.ليتعرف ويتطلع على كل جديد في عالم الفوتوغرافيا. الديجيتال عبر الثورة الرقمية.وإنطلاقة شبكة الأنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي المتعددة..لكن فنانا زهير كان يتكيف في حقل السرديات والمخزن المعرفي على تراث عمه ووالده اللذين تركا بصمة بالصحافة اللبنانية.ساعدته بالإنطلاق بخطى ثابتة وواثقة.وضعته على سكة قطار العمل الصحفي الصعب..وهذه الميزة في الإستعارة والخبرة وضعته بين واقع ثقافي حضاري في فرنسا وواقع آخر يقف على أطلاله وذكرياته في لبنان وغيرها من البلدان التي عمل بها كمصور ومراسل للعديد من وكالات الأنباء الصحفية العالمية التي حقق منها شهرة وجوائز عدة.
**سلام عليكم مصورين اوفياء..حصون الفوتوغرافيا واسرارها..نفختم بالأجيال روح المحبة والتعاون .عبدتم لنا الطرقات الفنية..حلم ضوئي تحقق..قدمتم عصارة فكركم وخلاصة تجاربكم العملية في ميدان التصوير الضوئي الكلاسيكي البورترية والتصوير الصحفي..كانت مجلتكم جامعة عربية معرفية بصرية..ومرآة للتقنية والمعدات والخامات الفوتوغرافية..ومازالت دروسكم تتعالى في فضاء المكتبات. مرتشفين من تجاربكم كل ما تزخر به أعداد المجلة التي وصلت إلى ٦٤ عدد.والاستاذ زهير سعادة كان المعلم الراهب الذي إنقطع لخدمة التصوير..عن طريق تقديمه شقته السكنية..وتقديم كل نفقات المجلة المادية..واذكر بأنه طلب منه بان تكون بيروت غربية وشرقية.فرفض ذلك ..لذلك دفع الثمن غاليا بتوقف الإعلانات المساعدة وانتهاء عصر مجلة فن التصوير بالتوقف عن الإصدار.حيث كانت افكاره ومبادؤه صلبة وراسخة.من هنا كان سعادة المصور المعلم المشرف العام على مجلة فن التصوير..كان وزملاؤه موسوعة معرفة بصرية وتكوينه وتشكيلة بخيرات حياتية ميدانية..يردها آلاف القراء وعشاق الفوتوغرافيا .ينهلون من علومها وفنونها وتجاربها وآدابها وحكمها..يردونها أفواجا أفواجا.فكانت بحق المجلة الموسوعة العربية الوحيدة في عالم التصوير..فكانت نبع فياض لا ينضب.. بل يزيد مع كل عدد وشهر علما وفنانا وادبا وخبرة..وكان فريق العمل بالمجلة.. آية الحياة ودليل الوجود..فهي حق من حقوق المصورين ينزلون منه ويمارسونه ويتعلمون منه..لكي ينسجم التعليم النظري مع التجريب العملي.فكانوا بحق اشغل من وكر نمل وأكثر تنظيما من خلية نحل..يعملون ليل نهار لكي يخرج العدد مع مطلع كل شهر بابهى حلة قرشيبة جميلة.
*ندلف اخيرا للقول بأننا أمام عمود من اعمدة شارع النصر الفوتوغرافي العربي..وعلم من معالم الحضارة والتقدم الضوئي..واي حلم لا يمكنه أن يرى النور دون الإرادة والتصميم والحب الأمل والعمل..فالعمل هو نسغ الحياة وهو جوهره.. فلا حياة دون عمل ولا تقدم دون عاملين. والعمال ركيزة استمرارية الحياة وتقدمها.لان العمل قوة بحاجة للعلم .والعلم بغير عمل لاخير فيه مثله مثل شجرة بغير ثمر. فلنكن عمال ومصورين متقنين لأعمالنا..لنكمل مسيرة رواد مجلة فن التصوير ..سيما وان وسائل التواصل الإجتماعي متعددة ومتنوعة.. تتيح لنا نشر أعمالنا والكشف عن المبدعين من جيل الشباب الذين هم بنات المستقبل الفوتوغرافي..من هنا وجب علينا تسليط الضوء على تجربة صحفية غنية ورائدة في مضمار العمل الفني والصحفي الميداني.. فقد كان قلمه وعدسات وكاميراته هي السبيل لكشف الغطاء عن الحقيقة..وحري بالمؤسسات الثقافية والأدبية والفنية أن تسلط الضوء وتكرم الفنان المصور الصحفي الأستاذ زهير سعادة..الذي ترفع له القبعة لما بذله من جهد مادي ومعنويا لبناء صرح الحضارة الفنية الفوتوغرافية في شتى أصقاع المعمورة..فكل الحب والتقدير من تلميذ تخرج من مدرسة مجلة فن التصوير.. ليكمل رفع راية الفن الفوتوغرافي ونشر ثقافة الصورة لتبقى مجلة فن التصوير منارة هداية ومدرسة لكل عشاق الفن البصري في شتى البلدان والأمصار.
بقلم المصور: فريد ظفور
فن التصوير..بتاريخ/٣/٣/٢٠٢٣
*******&&&&****
تعليق