حياه زمني (علم)
Chronobiology - Chronobiologie
الحياة الزمني (علم -)
علم الحياة الزمني chronobiology هو العلم الذي يبحث في توقيت الفعاليات الحيوية الإيقاعية اليومية circadian rhythms والفصلية والسنوية annual rhythms التي تشمل تلاؤم النبات والحيوان والأحياء الدقيقة مع البيئة المحيطة، وهو ما يعرف عادة بالساعات الحيوية biological clocks.
تطور مفهوم علم الحياة الزمني: انطلق علم الحياة الزمني من دراسة الفرنسي دوميران Demairan عام 1728 حركة النوم sleep movement اليومية لأوراق نبات المستحية Mimosa pudica الممثلة بارتفاع الأوراق وهبوطها المتوافق مع تعاقب الإنارة والظلمة، أو النهار والليل، وأيدت دراسات قام بها زين Zinn في عام 1759، ودو كاندول De Candole في عام 1825، أي بعد قرن كامل، نتائج دوميران، كما أوضحت إتمام دورة انفتاح الأوراق وانغلاقها في الأحوال الطبيعية في حدود 22 إلى 23 ساعة بدل 24 ساعة. وشُغل علماء النبات، في النصف الثاني من القرن الثامن عشر ومطلع القرن التاسع عشر، بدراسة تعاقب حركات الأوراق مع استمرارية الإنارة أو الظلمة. ففي عام 1875 اخترع بفيفر Pfeffer جهازاً لتسجيل نظام الإيقاع اليومي لحركة الأوراق. كما تحسنت التقانات في العشرينيات من القرن المنصرم ومكنت من استمرارية التصوير الفوتوغرافي لحركة الأوراق في أحوال بيئية ثابتة من ضوء وحرارة، وقد أدت هذه الدراسات إلى تقدم ملموس في فهم آلية حركة الأوراق بقيادة الألماني روز ستوبل Rose Stoppel الذي لاحظ أن الانتصاب الأقصى لأوراق الفاصولياء يجري دوماً بين الســاعة 3و4 بعد منتصف الليل من كل يوم أي بفاصل زمني قدره 24 ساعة تماماً، وفسر ذلك بوجود منظم داخلي دقيق للزمن، سمي بالعامل «س» وربطه بعامل بيئي خارجي يُحدد بدء عمل الساعة الحيوية، كما حدده فيما بعد بالضوء الأحمر الخافت الذي تتعرض له أوراق الفاصولياء قرابة 16 ساعة كل 24 ساعة، فإذا ما حجب الضوء الأحمر فقد التعاقب وأصبح كل 25.7 ساعة (الشكل-1).
الإيقاعات السنوية: تتمثل الإيقاعات السنوية بالبيات الشتوي لعدد من الثدييات في الوقت ذاته تقريباً من كل عام، حتى لو وضعت في شروط بيئية خارجية تحرمها من معرفة قدوم الشتاء. كما تتمثل بسقوط قرون الغزال، في الوقت نفسه من كل سنة، على الرغم من وضعه في ظروف بيئية ثابتة. ومن أمثلة الإيقاعات السنوية هجرة الطيور في الوقت نفسه من كل سنة للتزاوج من دون تعرض لإشارات بيئية فصلية محددة في منتجعاتها الشتوية الاستوائية الثابتة الفصول السنويةً.
خصائص الإيقاعات الحيوية: تتميز الإيقاعات الحيوية بالدورية أي إنها تتكرر في دور period محدّد الزمن كدورية نبضات القلب، والدورية الحيوية المرتبطة بالليل والنهار والأشهر والفصول والسنوات غير المرتبطة بالعوامل البيئية الخارجية. كما تتميز بالثبات الذي لا يتبع التغيرات الحرارية والكيميائية، وأخيراً تتميز بالارتباط بالتوقيت الداخلي المسمى بالساعة الحيوية.
وتقسم دورة الإيقاعات الحيوية إلى أجزاء تدعى أطوار phases. كما تتمثل سعة amplitude الدور بالزمن الفاصل بين الحدين الأقصى والأدنى (الشكل-2).
وسائل قياس الإيقاعات الحيوية: تقاس الإيقاعات الحيوية بعدد من الوسائل أقدمها جهاز بفيفر الآلي لعام 1875 القائم على وصل ورقة النبات بمؤشر يلامس أسطوانة دوارة مغطاة بهباب الفحم لتسجيل حركة الورقة (الشكل-3). تليها أجهزة تخطيط وقائع الأفعال المعروفة بالأكتوغراف actograph التي تسجل إيقاعات الفعاليات الحيوية الحيوانية الحركية والفيزيولوجية مثل قياس الأكسجين المستهلك وغاز ثاني أكسيد الكربون المنطلق من عمليات التنفس، وأجهزة التصوير الفوتوغرافي البطيء المستمر (الشكل-4). وطرائق التحليل الكيميائية الحيوية الدالة على التغيرات الفيزيولوجية في المتعضيات. واستخدام الأمواج الضوئية وشدة الضوء و درجات الحرارة لتحديد سعة الأدوار وأقسام أطوارها.
الإيقاعات اليومية في عالم الحيوان: تبدي جميع حقيقيات النوى من وحيدات الخلية حتى كثيرات الخلايا، دورات يومية مرتبطة بالكثير من فعالياتها الفيزيولوجية. فمعظم الفقاريات تخضع لدورات تتكرر كل 24 ساعة، تنعكس في نواتج الاستقلاب[ر]، وحرارة الجسم، وتركيز السكر في الدم، وتركيب البول، والفعاليات العصبية وغيرها. كما تبحث الصراصير والفئران عن غذائها ليلاً وتختبئ في النهار، ويتلون سرطان الحقل field crab بلون داكن في النهار وشاحب في الليل، كما أن الحياة الإنسانية مرتبطة بإيقاعات فطرية innate يومية غير مكتسبة من يقظة ونوم وغيرهما. ولقد برهنت الدراسات الوراثية على تحكم الذخيرة الوراثية بالإيقاعات الداخلية، كما بينت تكرار الإيقاع اليومي للدجاج والسحالي المولدة من بيض حُضن في ظروف ثابتة لم تتعرض لتناوب الليل والنهار، وفقس ذبابة الندى Drosophila، من محفظة العذراء دوماً قرب الفجر. كما يمكن إعادة ضبط الساعة الحيوية تجريبياً بوضع الحيوان الفقاري في محيط إنارة ليلية فقط ليصبح فيها الليل نهاراً والعكس بالعكس. ويمكن تأخير الساعة الحيوية 12 ساعة في كثير من الحيوانات ليلية النشاط بتعريضها إلى نور ساطع في الليل وضوء خافت في النهار ليصبح ليلها نهاراً في حدائق الحيوان فتنشط في أثناء النهار ليشاهدها الزوار. وهكذا تمكن الإيقاعات الداخلية الحيوان من التنبؤ بحوادث اليوم القادم قبل ظهور مشعراتها البيئية في مدة 24 ساعة يتعاقب فيها الليل والنهار. ويستمر الحس بهذه الإيقاعات داخلياً، لفترة من الزمن، على الرغم من عدم تكرارها تجريبياً في الوسط الخارجي.
الإيقاعات اليومية في عالم النبات: ترتبط دورية الإيقاعات اليومية بالذخيرة الوراثية أكثر من ارتباطها بدورية الإيقاعات اليومية الخارجية التي تؤيدها الوقائع الآتية:
1ـ محافظة أوراق الأكاسيا عرفية الزهر Acacia lophantha على حركاتها اليومية على الرغم من تعريض بذورها ونباتاتها مدة طويلة لنوبات ضوئية من مرتبة 6 ساعات و 24 ساعة ونور خافت أو شديد.
2ـ محافظة أوراق المستحية على تهدلها في الليل وانتصابها في النهار على الرغم من وضعها في الظلام عدة أيام.
3ـ انتصاب أوراق بادرات الفاصولياء بين الساعة 3-4 من صباح كل يوم بفاصل قدره 24 ساعة يومياً.
4ـ إصدار السوطي الرضفي المخدد Gonyaulax الضوء ليلاً حتى لو وضع في إنارة مستمرة خافتة.
5ـ دوام انفتاح المسام نهاراً وانغلاقها ليلاً في بعض الأنواع والعكس بالعكس في أنواع أخرى.
6ـ التوضع الأفقي لأوراق القطيف Amaranthus نهاراً وانتصابها ليلاً.
7ـ تفتح ازهار الخمري Oenothera ليلاً وانغلاقها نهاراً، والعكس بالعكس في أزهار الحماض Oxalis.
آلية الإيقاعات الحيوية اليومية: مازالت آلية الإيقاعات الحيوية اليومية مجهولة بصورة عامة على الرغم من وجود التفسيرات الآتية:
ـ تضبط آلية الإيقاعات الحيوية اليومية في عالم الحيوان باستقبال العين للضوء المفكِّك لبروتين الميلاتونين melatonin المتكوِّن بوساطة إنزيم acetytransferase في الظلام والذي تزداد كميته في الوطاء hypothalamus ليلا ً، وتبدأ بالهبوط مع حلول النهار. ثم ترسل الإشارة من الوطاء إلى الغدة الصنوبرية أي مكان ضبط الساعة الحيوية.
ـ تضبط آلية الإيقاعات الحيوية اليومية في عالم النبات بوساطة الأشعة الحمراء والصباغات النباتية كالفيتوكرومات.
ـ تضبط الفترة الفاصلة بين إيقاعين بوساطة وحدة حيوية فيزيائية كيميائية بروتوبلاسمية داخلية التكوين endogenous قسومة مع الانقسام الخلوي، غير مرتبطة بالتغيرات البيئية، تعمل بطريقة عمل الساعة الرملية.
ـ تضبط الفترة الفاصلة بين إيقاعين بوساطة إشارة جيوفيزيائية خارجية التكوين exogenous، محددة، قادرة على النفوذ عبر الحواجز الخلوية والأحوال البيئية الثابتة وجسم الكائن الحي إلى الوسط بين الخلايا، تعمل بطريقة الساعة الشمسية أو الساعة الكهربائية حيث تتمركز داخلياً الاستجابة لإيقاع الساعة الحيوية.
حمزة قاسم حمزة
Chronobiology - Chronobiologie
الحياة الزمني (علم -)
علم الحياة الزمني chronobiology هو العلم الذي يبحث في توقيت الفعاليات الحيوية الإيقاعية اليومية circadian rhythms والفصلية والسنوية annual rhythms التي تشمل تلاؤم النبات والحيوان والأحياء الدقيقة مع البيئة المحيطة، وهو ما يعرف عادة بالساعات الحيوية biological clocks.
تطور مفهوم علم الحياة الزمني: انطلق علم الحياة الزمني من دراسة الفرنسي دوميران Demairan عام 1728 حركة النوم sleep movement اليومية لأوراق نبات المستحية Mimosa pudica الممثلة بارتفاع الأوراق وهبوطها المتوافق مع تعاقب الإنارة والظلمة، أو النهار والليل، وأيدت دراسات قام بها زين Zinn في عام 1759، ودو كاندول De Candole في عام 1825، أي بعد قرن كامل، نتائج دوميران، كما أوضحت إتمام دورة انفتاح الأوراق وانغلاقها في الأحوال الطبيعية في حدود 22 إلى 23 ساعة بدل 24 ساعة. وشُغل علماء النبات، في النصف الثاني من القرن الثامن عشر ومطلع القرن التاسع عشر، بدراسة تعاقب حركات الأوراق مع استمرارية الإنارة أو الظلمة. ففي عام 1875 اخترع بفيفر Pfeffer جهازاً لتسجيل نظام الإيقاع اليومي لحركة الأوراق. كما تحسنت التقانات في العشرينيات من القرن المنصرم ومكنت من استمرارية التصوير الفوتوغرافي لحركة الأوراق في أحوال بيئية ثابتة من ضوء وحرارة، وقد أدت هذه الدراسات إلى تقدم ملموس في فهم آلية حركة الأوراق بقيادة الألماني روز ستوبل Rose Stoppel الذي لاحظ أن الانتصاب الأقصى لأوراق الفاصولياء يجري دوماً بين الســاعة 3و4 بعد منتصف الليل من كل يوم أي بفاصل زمني قدره 24 ساعة تماماً، وفسر ذلك بوجود منظم داخلي دقيق للزمن، سمي بالعامل «س» وربطه بعامل بيئي خارجي يُحدد بدء عمل الساعة الحيوية، كما حدده فيما بعد بالضوء الأحمر الخافت الذي تتعرض له أوراق الفاصولياء قرابة 16 ساعة كل 24 ساعة، فإذا ما حجب الضوء الأحمر فقد التعاقب وأصبح كل 25.7 ساعة (الشكل-1).
الشكل (1) حركة الورقة في نبات الفاصولياء |
أ - تسجيل الحركة في ستة أيام مع تناوب الليل والنهار. |
المساحات السوداء تمثل الليل والبيضاء للنهار. الخطوط العمودية تمثل منتصف الليل |
ب - الإيقاعات الحرة في ضوء مستمر. |
تمتد الفترة إلى 25.7 ساعة، تقل السعة قليلاً بعد الدورة الأولى |
خصائص الإيقاعات الحيوية: تتميز الإيقاعات الحيوية بالدورية أي إنها تتكرر في دور period محدّد الزمن كدورية نبضات القلب، والدورية الحيوية المرتبطة بالليل والنهار والأشهر والفصول والسنوات غير المرتبطة بالعوامل البيئية الخارجية. كما تتميز بالثبات الذي لا يتبع التغيرات الحرارية والكيميائية، وأخيراً تتميز بالارتباط بالتوقيت الداخلي المسمى بالساعة الحيوية.
وتقسم دورة الإيقاعات الحيوية إلى أجزاء تدعى أطوار phases. كما تتمثل سعة amplitude الدور بالزمن الفاصل بين الحدين الأقصى والأدنى (الشكل-2).
الشكل (2) |
أ - إيقاع يومي سركادي نموذجي. |
الدور هو الزمن بين قمتين متتاليتين. |
السعة هي المسافة بين القمة والنقطة الدنيا |
الطور هو أي نقطة معروفة بالنسبة لباقي الدورة |
ب - انزياح نموذجي في الطور استجابة لنبضة ضوئية بعد النقل للظلام بقليل. يعاد ضبط الإيقاع بتأخير |
الطور من دون أن تتغير الفترة |
الشكل (3) مخطط يوضح مبدأ جهاز تسجيل حركة الورقة على الأسطوانة الدوارة | الشكل (4) جهاز أكتوغراف استخدم لتسجيل حركة السَّمِك | |
الإيقاعات اليومية في عالم النبات: ترتبط دورية الإيقاعات اليومية بالذخيرة الوراثية أكثر من ارتباطها بدورية الإيقاعات اليومية الخارجية التي تؤيدها الوقائع الآتية:
1ـ محافظة أوراق الأكاسيا عرفية الزهر Acacia lophantha على حركاتها اليومية على الرغم من تعريض بذورها ونباتاتها مدة طويلة لنوبات ضوئية من مرتبة 6 ساعات و 24 ساعة ونور خافت أو شديد.
2ـ محافظة أوراق المستحية على تهدلها في الليل وانتصابها في النهار على الرغم من وضعها في الظلام عدة أيام.
3ـ انتصاب أوراق بادرات الفاصولياء بين الساعة 3-4 من صباح كل يوم بفاصل قدره 24 ساعة يومياً.
4ـ إصدار السوطي الرضفي المخدد Gonyaulax الضوء ليلاً حتى لو وضع في إنارة مستمرة خافتة.
5ـ دوام انفتاح المسام نهاراً وانغلاقها ليلاً في بعض الأنواع والعكس بالعكس في أنواع أخرى.
6ـ التوضع الأفقي لأوراق القطيف Amaranthus نهاراً وانتصابها ليلاً.
7ـ تفتح ازهار الخمري Oenothera ليلاً وانغلاقها نهاراً، والعكس بالعكس في أزهار الحماض Oxalis.
آلية الإيقاعات الحيوية اليومية: مازالت آلية الإيقاعات الحيوية اليومية مجهولة بصورة عامة على الرغم من وجود التفسيرات الآتية:
ـ تضبط آلية الإيقاعات الحيوية اليومية في عالم الحيوان باستقبال العين للضوء المفكِّك لبروتين الميلاتونين melatonin المتكوِّن بوساطة إنزيم acetytransferase في الظلام والذي تزداد كميته في الوطاء hypothalamus ليلا ً، وتبدأ بالهبوط مع حلول النهار. ثم ترسل الإشارة من الوطاء إلى الغدة الصنوبرية أي مكان ضبط الساعة الحيوية.
ـ تضبط آلية الإيقاعات الحيوية اليومية في عالم النبات بوساطة الأشعة الحمراء والصباغات النباتية كالفيتوكرومات.
ـ تضبط الفترة الفاصلة بين إيقاعين بوساطة وحدة حيوية فيزيائية كيميائية بروتوبلاسمية داخلية التكوين endogenous قسومة مع الانقسام الخلوي، غير مرتبطة بالتغيرات البيئية، تعمل بطريقة عمل الساعة الرملية.
ـ تضبط الفترة الفاصلة بين إيقاعين بوساطة إشارة جيوفيزيائية خارجية التكوين exogenous، محددة، قادرة على النفوذ عبر الحواجز الخلوية والأحوال البيئية الثابتة وجسم الكائن الحي إلى الوسط بين الخلايا، تعمل بطريقة الساعة الشمسية أو الساعة الكهربائية حيث تتمركز داخلياً الاستجابة لإيقاع الساعة الحيوية.
حمزة قاسم حمزة