يتوضّع عنق الرحم أسفلَ جسم الرحم، ويتبارز قسمه السفلي في قبو vault المهبل. يتألف معظم حجمه من نسيجٍ ضامٍ (80%)، والبقية من ألياف عضلية ومن أوعية دموية بنسبة (10%) لكلٍ منهما. تمرّ من وسطه قناة عنق الرحم وهي مغطاة بظِهارة أسطوانيةٍ مفرزة للموسين .columnar mucinـsecreting epithelium أما قسمه السفلي فمُغطّى بظِهارة مُطبّقة حَرشَفية stratifiedـsquamous عند الفوهة الظاهرة للعنق أو ما يدعى بالمَوْصِل junction الحرشفي ـ الأسطواني. يتأثر هذا الموصل ـ مداً وجزراً ـ بإفراز الهرمونات الستيروئيدية: الإستروجين والبروجسترون وبالحمل، كما يتأثر بالعوامل الرضية وبالعوامل الخمجية infectious وهو الموضع الأول لمعظم حالات سرطان عنق الرحم cervical cancer. ترويه شُعبٌ من الشريانين الرحميين، وتنزحه drain شُعبٌ من الأوردة ومن الأقنية اللمفية lymphatic channels لتصل إلى العقد اللمفية المجاورة للعنق paracervical والحرقفية الغائرةinternal iliac والظاهرة external والسِّداديةobturator والعجزية sacral.
يعدّ سرطان عنق الرحم الغازي invasive من السرطانات التي يمكن الوقاية منها، إذ إنه يمرّ بحالة سابقة للغزو طويلة الأمد، كما أن برامج التحرّي الخلوي cytologic screeningللعنق تستطيع أن تكشف معظم الحالات ـ إن لم يكن كلها ـ عندما تتوافر هذه الطريقة لكامل جَمهَرة المجتمع . لقد تراجعت مواتةmortality هذا السرطان في العالم المتطوّر بسبب كشفه المبكر في مراحله قبل الغازية في حين لاتزال نسبها عالية في بلدان العالم الثالث بسبب تأخر التشخيص، بل هي في تزايد بسبب تزايد نسب الإصابات بالعوامل المُسرطِنة وعلى رأسها ذراري فيروس الورم الحُبيبي البشري human papilloma virus؛ ولاسيما المُسرطِنة منها: HPV 18 &16 التي تصاب بها النساء في سنٍّ مبكرة نسبياً عدوى من قرنائها الجنسيين المصابين، وخصوصاً عندما يتعدّد هؤلاء القرناء. يزداد اختطار الإصابة بالسرطان كلما بكّر سنّ الجماع الأول، وكلما تخلخل صون الأسس الناظمة للحياة الجنسية في المجتمع. تؤدي العدوى بذراري هذا الفيروس المُسرطِنة إلى فقد نُضجِ الخلايا القاعدية في الظِهارة المُطبقة لعنق الرحم وإلى درجةٍ من اللانمطية atypiaوإلى شذوذاتٍ تُعدّ آفاتٍ حرشفية داخل الظِّهارة squamous intraepithelial lesions (SIL)، وهي ذات درجاتٍ ثلاث تُعرف بالأورام داخل الظِّهارة العنقية cervical intraepithelial neoplasia (CIN) بحسب درجة وخامتها. لا تسبق هذه المراحل كلها مرحلة الغزو السرطانية، والمهم أن هذه المراحل يمكن كشفها ومعالجتها، وتنتهي عادةً بالشفاء، أما في مراحل السرطان الغازي فلا يمكن التحدث عن الشفاء، بل عن مجرد البُقيا على الحياة حُرّة من الداء في مراحل متتابعة تبلغ كلٌّ منها خمس سنوات، لهذا فكشف هذه الحالات السابقة للغزو أمر مهم وحيوي لقابلية شفائه، ولأنه يؤدي إلى تناقص حالات السرطان الغازي. يتمّ الكشف المبكّر عن هذه الحالات ما قبل الغزوية بإخضاع كل النساء الناشطات جنسياً لإجراء لطاخات خلوية عُنقية بفترات منتظمة من 1 ـ3 سنوات، وبحسب طبيعة الحياة والمفاهيم الجنسية للزوجين أو للقرينين الجنسيين ومدى احتمال تعرضهما للعدوى الجنسية المؤهّبة للتسرطن. كذلك يساعد اللجوء إلى تنظير عنق الرحم colposcopy رديفاً للطاخات العنقية. وعلاج هذه الدرجات قبل الغازية موضعي وغير باتر، أي يحافظ على الوظيفة الإنجابية.
إذا تُركَ الورم داخل الظهارة CIN، ولم يعالج فقد يتطور إلى سرطانٍ غازٍ باختراق خلاياه للغشاء القاعدي وببلوغه السدى stroma، وإذا أهمل فيستفحل الخرق، وتنتشر الخلايا السرطانية عبر الأقنية اللمفية، أي تكون الحالة قد بلغت مرحلة الداء الغازي invasive disease.
التصنيف
تصنيف الاتحاد الدولي للتوليد وطب النساء لسرطان عنق الرحم (وهو الأشيع استعمالاً):
ـ المرحلة 0: CIN3 (سرطان لابِدcarcinoma in situ)، ويجب ألا تُشمل هذه الحالات في أي إحصائيات علاجية.
ـ المرحلة IA: سرطانة مِكروية الغزوmicroinvasive carcinoma.
ـ المرحلة :IB سرطانة غازية محدودة في العنق.
ـ المرحلة :IIA يمتد الورم إلى الثلث العلوي للمهبل.
ـ المرحلة :IIB يمتد الورم إلى مجاورات الرحم دون أن يبلغ جدار الحوض الجانبي.
ـ المرحلة :IIIA يكتنف الورم الثلث السفلي للمهبل.
ـ المرحلة IIIB: يمتد الورم إلى الجدار الجانبي للحوض، وغالباً ما يسدّ الحالبureter.
ـالمرحلة :IVA يكتنف الورم المثانة أو المستقيم.
ـ المرحلة IVB: ينتشر خارج الحوض مثلاً إلى الكبد أو الرئة.
الأعراض
أكثر ما تتجلّى الأعراض بالنزف التناسلي، وهو غالباً نزفٌ تالٍ للجماع أو قُرئي (ما بين الطموث) intermenstrual أو تالٍ للإياسmenopause. غالباً ما يتظاهر في المراحل المتأخرة والمهملة نجيجاً مهبلياً vaginal discharge غزيراً وكريه الرائحة. أما الأعراض الأخرى كالألم فتدلّ على مرحلة متأخرة جداً. من المهم التشديد على أن المراحل المبكّرة للسرطان الغازي لاتترافق بأي أعراض وأن مجرد ظهور عرض النزف الرضي ـأي ما بعد الجماع ـ دليلٌ على أن السرطان قد خطا خطوات مهمة في الانتشار، وبدأ بالتقرّح، وهذا مما يؤكد أهمية الكشف المبكّر للسرطان في مراحله قبل الغازية، وذلك بالشك الدائم واليقِظ إلى أن أي أعراض بسيطة قد تشير إلى احتمال وجود سرطان في بداياته، وبالاعتياد على تنظير عنق الرحم بالمنظار لكل مريضة مراجِعة وناشطة جنسياً (سابقاً أو حالياً؛ ولاسيما عند من لها قرينٌ كثير الأسفار وبعيدُها) وتأملِ هذا العنق جيداً بعينٍ مدقّقة ومشككة. يتمّ التشخيص بالفحص السريري: بفحص الحوض بالمسّ المهبلي المدقّق وبتنظير عنق الرحم بالمنظار speculum وبالانتباه إلى تفاصيل منظر العنق العياني وإلى أي تقرحات أو عُقيداتٍ فيه ثم بأخذ لطاخاتٍ وخزعة أو خزعاتٍ عنقية موجّهة نحو الآفة، وفي بعض الحالات المبكرة بأخذ مخروطٍ conization(تشخيصيٍ وربما علاجيٍ) عنقي للفحص النسيجي (الهيستولوجي) الشامل، كذلك من الضروري إجراء مسّ شرجيٍ لتفحّص مدى حرية حركة العنق ولكشف أي انتشار للورم نحو جدر الحوض.
المعالجة
تتمّ معالجة المريضات بداءٍ قبل سريريٍpreclinical أو ما يدعى بالغزو المكرويmicroinvasion، أي حينما يقلّ غزو الآفة للسدى stroma عمقاً عن 3ملم ولايتجاوز الغزو عرضاً 7ملم بإجراء خزعة مخروطيةcone biopsy موجَّهة بمنظار العنقcolposcope، ومن المؤسف أن مثل هذه الحالات المبكّرة من السرطان ندَرَ أن تشاهد وتكشف في بلدان العالم الثالث. إذا تأكد اشتمال المخروط على كامل الآفة الغازية أمكن الاكتفاء به مع مراقبة دورية للمريضة. أما بعد ذلك فتتمّ المعالجة عن طريق إجراء جراحة جذرية radical أو بمعالجة إشعاعيةradiotherapy أو بتوليفةٍ منهما بحسب توافر مهارات كلٍّ من الطريقتين، وغالباً ما يُلجأ إلى الجراحة في المراحل الأولى، أما متى انتشر الداء خارج العنق فتغدو المعالجة الإشعاعية هي حجر الأساس للمعالجة.
تعدّ عملية استئصال الرحم الواسع بحسب ڤيرتهايم Wertheim الإجراء الجراحي المعياري، وتكتنف استئصال الرحم والنسج المجاورة للعنق paracervical tissues، ولها ثلاثة أنماط: النمط الثاني type II وهو ما كان وصفه ڤيرتهايم، ويقتصر على استئصال النصف الإنسي للرباطين الرئيسين cardinal ligaments وللرباطين الرحميين العجزيين، والنمط الثالث type III وهو ما وصفه ميغزMeigs، ويشتمل على نزع كامل هذين الرباطين مع استئصال كل العقد اللمفية الحوضية والنصف العلوي للمهبل، أما النمط الأول فهو استئصال الرحم التام البسيط، ولا مكان له في هذه الحالات. وكذلك هناك نمطان رابعٌ وخامس تتسع فيهما ساحة الاستئصال لتشمل النسج المحيطة بالحالبين والشريان المثاني العلوي وثلاثة أرباع المهبل العليا في النمط IV، ولتشمل استئصال الجزء القاصي من الحالب واستئصال المثانة في النمط V، وقلما يُلجأ إلى هذا الأخير لأن المعالجة الإشعاعية أفضل فيها. تترافق الجراحة بنسبٍ متفاوتة من المراضةmorbidity والمواتة، بحسب مهارات الأطباء وظروف المشافي والعاملين فيها، ومن الأذيات الحالبية أو المثانية أو الحوضية والبطنية الأخرى، ولكنها تترك مهبلاً سليماً وليناً يوفّر استمرار الحياة الجنسية الطبيعية للمريضة. أما المعالجة الإشعاعية فتكتنف استعمال مُعجّلٍ خطيٍ linear acceleratorيشعّع كامل الحوض مع معالجة بحزمة خارجية external beam تؤدي إلى انكماش السرطانة المركزية كما تعالج النقائل المحتملة في الناحية regional metastases. تترافق هذه المعالجة بمراضاتٍ مثل الإياس الإشعاعي المبكّر لمن لم يبلغن الإياس الطبيعي وبفقد المهبل لبعضٍ من مرونته وإلى تضيّقه. كما أن هناك من ينصح بإضافة المعالجة الكيمياوية التي قد تزيد الشفاء بنسبة 10%. كذلك تستعمل المعالجة الإشعاعية في صيغة مساعدة بعد الجراحة إذا كانت عقدتان لمفيتان أو أكثر إيجابية وإذا كانت حواف الاستئصال قريبة من الورم أو إذا كان الورم كبير الحجم، ويملك احتمالاً كبيراً للنكس. في الحالات المتقدمة لسرطان عنق الرحم يمكن استعمال المعالجة الإشعاعية بصيغة مُلطّفة وكذلك استعمال المعالجة الكيمياوية، وفي الحالات الانتهائية توصف مسكنات الألم. هناك حالات من سرطان العنق تُكشف في أثناء الحمل، وفي هذه الحالات قد يُلجأ إلى الجراحة في مراحل الحمل المبكرة، أو إلى التشعيع الخارجي الذي يعقبه إجهاض بجنين ميت من التشعيع أو إلى التشعيع الموضعي بالسيزيوم caesium، أو إلى إجراء قيصرية يتلوها استئصال الرحم الجذري مع العقد اللمفية في أواخر الحمل. كذلك تصادف حالات من نماء سرطانة عنقية فيمن سبق أن أجريت عندهن عملية استئصال رحم تحت التام، وتركت جَدَعة stump العنق. ونتائج معالجة سرطان الجَدَعة أسوأ كثيراً مما لو كانت الرحم موجودة بسبب عدم التمكن من استعمال الحاوي داخل الرحم، لذا ينصح دوماً باستئصال الرحم التام عند كل من استطبّ عندها هذا العمل الجراحي خيفة أن تظهر عندها سرطانة تالية في جَدَعة العنق.
وأخيراً يعدّ سرطان عنق الرحم من السرطانات الأكثر إماتة بعد سرطان الثدي، وقد تمكنت بلدان العالم المتطور من كشفه في مراحله قبل الغزوية ومعالجته معالجة فعالة ينجم عنها شفاء وتراجع في وقوعات المواتة منه، وما يزال تشخيص معظم حالات سرطانة العنق يتمّ في مراحل متأخرة حيث تقلّ احتمالات البُقيا على قيد الحياة حرّة من الداء وحيث لا يمكن الحديث عن شفاء أكيد. لذا فإن من واجبات الأطباء في بلدان العالم الثالث العمل على كشفه في مراحله قبل الغازية وقبل السريرية لبلوغ ما سبق أن بلغه الغرب المتقدّم؛ وذلك بنشر برامج التوعية والوقاية والكشف المبكّر للورم قبل الغزو.
بما أن بعضاً من ذراري فيروس الورم الحُبيبي البشري هي العامل الرئيس المُسبب لسرطان عنق الرحم وللثّدن dysplasia فإن بالإمكان الوقاية منها ومن الخباثات المرتبطة بها باستعمال اللقاح الخاص بها. وقد تمّ حديثاً تطوير لقاحين خاصين بالفيروس يحرضان تشكيل أضداد قُفيصة مُستعدِلة نوعية capsid -specific neutralizing antibodies، الأول لـ HPV16 والثاني لـHPV16 &18، وما يزالان قيد التجربة السريرية، وهما فعالان في الوقاية من الإصابة بهذه الفيروسات، وليسا علاجيين للسرطان متى ابتدأ.
الدكتور صادق فرعون
يعدّ سرطان عنق الرحم الغازي invasive من السرطانات التي يمكن الوقاية منها، إذ إنه يمرّ بحالة سابقة للغزو طويلة الأمد، كما أن برامج التحرّي الخلوي cytologic screeningللعنق تستطيع أن تكشف معظم الحالات ـ إن لم يكن كلها ـ عندما تتوافر هذه الطريقة لكامل جَمهَرة المجتمع . لقد تراجعت مواتةmortality هذا السرطان في العالم المتطوّر بسبب كشفه المبكر في مراحله قبل الغازية في حين لاتزال نسبها عالية في بلدان العالم الثالث بسبب تأخر التشخيص، بل هي في تزايد بسبب تزايد نسب الإصابات بالعوامل المُسرطِنة وعلى رأسها ذراري فيروس الورم الحُبيبي البشري human papilloma virus؛ ولاسيما المُسرطِنة منها: HPV 18 &16 التي تصاب بها النساء في سنٍّ مبكرة نسبياً عدوى من قرنائها الجنسيين المصابين، وخصوصاً عندما يتعدّد هؤلاء القرناء. يزداد اختطار الإصابة بالسرطان كلما بكّر سنّ الجماع الأول، وكلما تخلخل صون الأسس الناظمة للحياة الجنسية في المجتمع. تؤدي العدوى بذراري هذا الفيروس المُسرطِنة إلى فقد نُضجِ الخلايا القاعدية في الظِهارة المُطبقة لعنق الرحم وإلى درجةٍ من اللانمطية atypiaوإلى شذوذاتٍ تُعدّ آفاتٍ حرشفية داخل الظِّهارة squamous intraepithelial lesions (SIL)، وهي ذات درجاتٍ ثلاث تُعرف بالأورام داخل الظِّهارة العنقية cervical intraepithelial neoplasia (CIN) بحسب درجة وخامتها. لا تسبق هذه المراحل كلها مرحلة الغزو السرطانية، والمهم أن هذه المراحل يمكن كشفها ومعالجتها، وتنتهي عادةً بالشفاء، أما في مراحل السرطان الغازي فلا يمكن التحدث عن الشفاء، بل عن مجرد البُقيا على الحياة حُرّة من الداء في مراحل متتابعة تبلغ كلٌّ منها خمس سنوات، لهذا فكشف هذه الحالات السابقة للغزو أمر مهم وحيوي لقابلية شفائه، ولأنه يؤدي إلى تناقص حالات السرطان الغازي. يتمّ الكشف المبكّر عن هذه الحالات ما قبل الغزوية بإخضاع كل النساء الناشطات جنسياً لإجراء لطاخات خلوية عُنقية بفترات منتظمة من 1 ـ3 سنوات، وبحسب طبيعة الحياة والمفاهيم الجنسية للزوجين أو للقرينين الجنسيين ومدى احتمال تعرضهما للعدوى الجنسية المؤهّبة للتسرطن. كذلك يساعد اللجوء إلى تنظير عنق الرحم colposcopy رديفاً للطاخات العنقية. وعلاج هذه الدرجات قبل الغازية موضعي وغير باتر، أي يحافظ على الوظيفة الإنجابية.
إذا تُركَ الورم داخل الظهارة CIN، ولم يعالج فقد يتطور إلى سرطانٍ غازٍ باختراق خلاياه للغشاء القاعدي وببلوغه السدى stroma، وإذا أهمل فيستفحل الخرق، وتنتشر الخلايا السرطانية عبر الأقنية اللمفية، أي تكون الحالة قد بلغت مرحلة الداء الغازي invasive disease.
التصنيف
تصنيف الاتحاد الدولي للتوليد وطب النساء لسرطان عنق الرحم (وهو الأشيع استعمالاً):
ـ المرحلة 0: CIN3 (سرطان لابِدcarcinoma in situ)، ويجب ألا تُشمل هذه الحالات في أي إحصائيات علاجية.
ـ المرحلة IA: سرطانة مِكروية الغزوmicroinvasive carcinoma.
ـ المرحلة :IB سرطانة غازية محدودة في العنق.
ـ المرحلة :IIA يمتد الورم إلى الثلث العلوي للمهبل.
ـ المرحلة :IIB يمتد الورم إلى مجاورات الرحم دون أن يبلغ جدار الحوض الجانبي.
ـ المرحلة :IIIA يكتنف الورم الثلث السفلي للمهبل.
ـ المرحلة IIIB: يمتد الورم إلى الجدار الجانبي للحوض، وغالباً ما يسدّ الحالبureter.
ـالمرحلة :IVA يكتنف الورم المثانة أو المستقيم.
ـ المرحلة IVB: ينتشر خارج الحوض مثلاً إلى الكبد أو الرئة.
الأعراض
أكثر ما تتجلّى الأعراض بالنزف التناسلي، وهو غالباً نزفٌ تالٍ للجماع أو قُرئي (ما بين الطموث) intermenstrual أو تالٍ للإياسmenopause. غالباً ما يتظاهر في المراحل المتأخرة والمهملة نجيجاً مهبلياً vaginal discharge غزيراً وكريه الرائحة. أما الأعراض الأخرى كالألم فتدلّ على مرحلة متأخرة جداً. من المهم التشديد على أن المراحل المبكّرة للسرطان الغازي لاتترافق بأي أعراض وأن مجرد ظهور عرض النزف الرضي ـأي ما بعد الجماع ـ دليلٌ على أن السرطان قد خطا خطوات مهمة في الانتشار، وبدأ بالتقرّح، وهذا مما يؤكد أهمية الكشف المبكّر للسرطان في مراحله قبل الغازية، وذلك بالشك الدائم واليقِظ إلى أن أي أعراض بسيطة قد تشير إلى احتمال وجود سرطان في بداياته، وبالاعتياد على تنظير عنق الرحم بالمنظار لكل مريضة مراجِعة وناشطة جنسياً (سابقاً أو حالياً؛ ولاسيما عند من لها قرينٌ كثير الأسفار وبعيدُها) وتأملِ هذا العنق جيداً بعينٍ مدقّقة ومشككة. يتمّ التشخيص بالفحص السريري: بفحص الحوض بالمسّ المهبلي المدقّق وبتنظير عنق الرحم بالمنظار speculum وبالانتباه إلى تفاصيل منظر العنق العياني وإلى أي تقرحات أو عُقيداتٍ فيه ثم بأخذ لطاخاتٍ وخزعة أو خزعاتٍ عنقية موجّهة نحو الآفة، وفي بعض الحالات المبكرة بأخذ مخروطٍ conization(تشخيصيٍ وربما علاجيٍ) عنقي للفحص النسيجي (الهيستولوجي) الشامل، كذلك من الضروري إجراء مسّ شرجيٍ لتفحّص مدى حرية حركة العنق ولكشف أي انتشار للورم نحو جدر الحوض.
المعالجة
تتمّ معالجة المريضات بداءٍ قبل سريريٍpreclinical أو ما يدعى بالغزو المكرويmicroinvasion، أي حينما يقلّ غزو الآفة للسدى stroma عمقاً عن 3ملم ولايتجاوز الغزو عرضاً 7ملم بإجراء خزعة مخروطيةcone biopsy موجَّهة بمنظار العنقcolposcope، ومن المؤسف أن مثل هذه الحالات المبكّرة من السرطان ندَرَ أن تشاهد وتكشف في بلدان العالم الثالث. إذا تأكد اشتمال المخروط على كامل الآفة الغازية أمكن الاكتفاء به مع مراقبة دورية للمريضة. أما بعد ذلك فتتمّ المعالجة عن طريق إجراء جراحة جذرية radical أو بمعالجة إشعاعيةradiotherapy أو بتوليفةٍ منهما بحسب توافر مهارات كلٍّ من الطريقتين، وغالباً ما يُلجأ إلى الجراحة في المراحل الأولى، أما متى انتشر الداء خارج العنق فتغدو المعالجة الإشعاعية هي حجر الأساس للمعالجة.
تعدّ عملية استئصال الرحم الواسع بحسب ڤيرتهايم Wertheim الإجراء الجراحي المعياري، وتكتنف استئصال الرحم والنسج المجاورة للعنق paracervical tissues، ولها ثلاثة أنماط: النمط الثاني type II وهو ما كان وصفه ڤيرتهايم، ويقتصر على استئصال النصف الإنسي للرباطين الرئيسين cardinal ligaments وللرباطين الرحميين العجزيين، والنمط الثالث type III وهو ما وصفه ميغزMeigs، ويشتمل على نزع كامل هذين الرباطين مع استئصال كل العقد اللمفية الحوضية والنصف العلوي للمهبل، أما النمط الأول فهو استئصال الرحم التام البسيط، ولا مكان له في هذه الحالات. وكذلك هناك نمطان رابعٌ وخامس تتسع فيهما ساحة الاستئصال لتشمل النسج المحيطة بالحالبين والشريان المثاني العلوي وثلاثة أرباع المهبل العليا في النمط IV، ولتشمل استئصال الجزء القاصي من الحالب واستئصال المثانة في النمط V، وقلما يُلجأ إلى هذا الأخير لأن المعالجة الإشعاعية أفضل فيها. تترافق الجراحة بنسبٍ متفاوتة من المراضةmorbidity والمواتة، بحسب مهارات الأطباء وظروف المشافي والعاملين فيها، ومن الأذيات الحالبية أو المثانية أو الحوضية والبطنية الأخرى، ولكنها تترك مهبلاً سليماً وليناً يوفّر استمرار الحياة الجنسية الطبيعية للمريضة. أما المعالجة الإشعاعية فتكتنف استعمال مُعجّلٍ خطيٍ linear acceleratorيشعّع كامل الحوض مع معالجة بحزمة خارجية external beam تؤدي إلى انكماش السرطانة المركزية كما تعالج النقائل المحتملة في الناحية regional metastases. تترافق هذه المعالجة بمراضاتٍ مثل الإياس الإشعاعي المبكّر لمن لم يبلغن الإياس الطبيعي وبفقد المهبل لبعضٍ من مرونته وإلى تضيّقه. كما أن هناك من ينصح بإضافة المعالجة الكيمياوية التي قد تزيد الشفاء بنسبة 10%. كذلك تستعمل المعالجة الإشعاعية في صيغة مساعدة بعد الجراحة إذا كانت عقدتان لمفيتان أو أكثر إيجابية وإذا كانت حواف الاستئصال قريبة من الورم أو إذا كان الورم كبير الحجم، ويملك احتمالاً كبيراً للنكس. في الحالات المتقدمة لسرطان عنق الرحم يمكن استعمال المعالجة الإشعاعية بصيغة مُلطّفة وكذلك استعمال المعالجة الكيمياوية، وفي الحالات الانتهائية توصف مسكنات الألم. هناك حالات من سرطان العنق تُكشف في أثناء الحمل، وفي هذه الحالات قد يُلجأ إلى الجراحة في مراحل الحمل المبكرة، أو إلى التشعيع الخارجي الذي يعقبه إجهاض بجنين ميت من التشعيع أو إلى التشعيع الموضعي بالسيزيوم caesium، أو إلى إجراء قيصرية يتلوها استئصال الرحم الجذري مع العقد اللمفية في أواخر الحمل. كذلك تصادف حالات من نماء سرطانة عنقية فيمن سبق أن أجريت عندهن عملية استئصال رحم تحت التام، وتركت جَدَعة stump العنق. ونتائج معالجة سرطان الجَدَعة أسوأ كثيراً مما لو كانت الرحم موجودة بسبب عدم التمكن من استعمال الحاوي داخل الرحم، لذا ينصح دوماً باستئصال الرحم التام عند كل من استطبّ عندها هذا العمل الجراحي خيفة أن تظهر عندها سرطانة تالية في جَدَعة العنق.
وأخيراً يعدّ سرطان عنق الرحم من السرطانات الأكثر إماتة بعد سرطان الثدي، وقد تمكنت بلدان العالم المتطور من كشفه في مراحله قبل الغزوية ومعالجته معالجة فعالة ينجم عنها شفاء وتراجع في وقوعات المواتة منه، وما يزال تشخيص معظم حالات سرطانة العنق يتمّ في مراحل متأخرة حيث تقلّ احتمالات البُقيا على قيد الحياة حرّة من الداء وحيث لا يمكن الحديث عن شفاء أكيد. لذا فإن من واجبات الأطباء في بلدان العالم الثالث العمل على كشفه في مراحله قبل الغازية وقبل السريرية لبلوغ ما سبق أن بلغه الغرب المتقدّم؛ وذلك بنشر برامج التوعية والوقاية والكشف المبكّر للورم قبل الغزو.
بما أن بعضاً من ذراري فيروس الورم الحُبيبي البشري هي العامل الرئيس المُسبب لسرطان عنق الرحم وللثّدن dysplasia فإن بالإمكان الوقاية منها ومن الخباثات المرتبطة بها باستعمال اللقاح الخاص بها. وقد تمّ حديثاً تطوير لقاحين خاصين بالفيروس يحرضان تشكيل أضداد قُفيصة مُستعدِلة نوعية capsid -specific neutralizing antibodies، الأول لـ HPV16 والثاني لـHPV16 &18، وما يزالان قيد التجربة السريرية، وهما فعالان في الوقاية من الإصابة بهذه الفيروسات، وليسا علاجيين للسرطان متى ابتدأ.
علينا أن نتذكر > تسبق سرطان عنق الرحم الغازي مرحلة لاعرضية، إذا كشفت أمكن الوقاية من حدوث السرطان نفسه. > يمكن كشف المرحلة السابقة للسرطان بالانتباه للعدوى بڤيروس الورم الحبيبي البشري في كل من مارست الجنس باكراً أو مارسته أو تمارسه مع أكثر من قرين، وذلك بالمسح الخلوي المهبلي المكرر وبالفحص النسائي الدقيق، ولاسيما بالتنظير والتنظير المكبر. > أهم عرض يجب الانتباه له هو النزف المهبلي، ولاسيما الرضي بعد الجماع أو الفحص النسائي أو الحادث بين الطموث أو بعد الإياس مهما كان هذا النزف قليلاً؛ لأنه يدل على تحول السرطان إلى سرطان غازٍ. > يؤكد التشخيص بالفحص النسائي ورؤية التقرحات على عنق الرحم وبالخزعة أو بالخزعة المخروطية إن لزم الأمر. > يمر سرطان عنق الرحم بعدة مراحل يزداد خطره ويسوء إنذاره كلما تقدمت المرحلة. > يعالج السرطان جراحياً أو بالإشعاع أو باشتراك الطريقتين حسب درجة الإصابة. |