مفهوم الحساب الجاري عرّفه قانون التجارة السوري بأنه الاتفاق الحاصل بين شخصين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفهوم الحساب الجاري عرّفه قانون التجارة السوري بأنه الاتفاق الحاصل بين شخصين

    حساب جاري

    Current account - Compte courant

    الحساب الجاري

    مفهوم الحساب الجاري وأهميته
    عرّف قانون التجارة السوري الحساب الجاري Le compte courant بأنه الاتفاق الحاصل بين شخصين، على أن ما يسلّمه كل منهما للآخر بدفعات مختلفة من نقود وأموال وأسناد تجارية يسجّل في حساب واحد لمصلحة الدافع وديناً على القابض من دون أن يكون لأي منهما حق مطالبة الآخر بما سلّمه له بكل دفعة على حده، بحيث يصبح الرصد النهائي وحده عند إقفال الحساب ديناً مستحقاً ومهيأً للأداء.
    وما يتضح من هذا التعريف أن الحساب الجاري يفترض وجود عمليات متبادلة ومستمرة بين شخصين تجعل كلاً منهما دائناً أحياناً وديناً أحياناً أخرى. وبدلاً من تسوية كل عملية على حده فإنها تدرج جميعاً في حساب تفقد فيه ذاتيتها واستقلالها وتندمج في كل لا يتجزأ، ثم تسوى جميعها دفعة واحدة بطريقة المقاصة عند إقفال الحساب ويتحدد عندها من هو الدائن ومن هو المدين.
    وللحساب الجاري مزايا متعددة: فهو يقلل من استخدام النقود، حيث لا محل فيه للوفاء قبل إقفاله. وهو أداة ائتمان حين يسمح للطرف المدين فيه عدم دفع الدين فوراً اكتفاءً بقيده في الحساب. كما إنه أداة ضمان إذ أن حقوق كل طرف في الحساب تجاه الآخر تكون مضمونة بحقوق الآخر تجاهه الأمر الذي يؤدي إلى تفادي تعرض أحد الطرفين إلى خطر إعسار الطرف الآخر.
    والغالب أن يتم الاتفاق على فتح الحساب الجاري بين مصرف معين وأحد المتعاملين، وأن يكون الحساب مكشوفاً لجهة طرفيه، أي يسمح باحتمال المديونية لكل من طرفيه في أي وقت، ومع ذلك تشترط المصارف غالباً على الزبون ألا يكون الحساب مكشوفاً من جانبه، أي لزوم كون المبالغ المقيدة في الحساب وبالحقل الدائن للزبون أكثر من المبالغ المقيدة في الحقل المدين للزبون المذكور.
    ومن الجدير بالذكر أن ما يميز الحساب الجاري عن بقية الحسابات التي تفتحها المصارف للمتعاملين معها(مثل حسابات الودائع، حسابات التوفير الخ) أن السحب من الحساب الجاري غير مقيد بزمن محدد ما دامت قيمة المحسوبات في حدود الرصيد الدائن للمتعامل أو في حدود مبلغ الائتمان الذي يقدمه المصرف للزبون. ولهذا فإن المصارف لا تستطيع استعمال المبالغ المودعة في الحسابات الجارية في استثمارات طويلة الأجل وتبقى حريصة على تجميد نسبة منها سيولة نقدية في صناديقها، مما يتطلب تخفيض معدلات الفائدة الممنوحة للزبائن في حساباتهم الجارية مقابل رفع هذه المعدلات على الأرصدة المدينة المسجلة فيها، بينما تكون معدلات الفائدة على حسابات الودائع لأجل وحسابات التوفير مرتفعة نسبياً لأن المصارف تستطيع التصرف بها بيسر أكبر. وفي بعض الدول لا تعطي المصارف أية فوائد على الأموال المودعة في الحسابات الجارية لديها.
    فالحساب الجاري يسهل التعامل بين الناس بعيداً عن حمل الأموال ونقلها وتحمل مخاطر ذلك، ولكنه لا يلعب دوراً كبيراً في تشجيع الادخار والاستثمار في الاقتصاد الوطني كما تفعل حسابات الودائع لأجل.
    الدفعات في الحساب الجاري
    الدفعات هي الحقوق التي تنشأ لكل طرفي الحساب على الآخر نتيجة العمليات المتبادلة بينهما. ويسمى الطرف الذي أُدرج دينه كدفعة في الحساب «الدافع» ومن تسلّم الدفعة «القابض». فإذا أُودع الزبون نقوداً لدى المصرف عُدَّ ذلك دفعة منه تُقيد في الجانب الدائن للحساب. وإذا اشترى المصرف أوراقاً مالية كأسهم أو سندات لصالح زبونه، فإن الأخير يصبح مديناً للمصرف بثمنها ويشكل ذلك دفعة من المصرف تُقيد في الجانب المدين للحساب. هذا ويجب، كي تقيد الدفعات في الحساب، أن تتوافر فيها الشروط الآتية:
    1- التماثل: ويقصد بالتماثل أن تكون الدفعات من طبيعة واحدة كي يسهل اندماجها في الحساب وتصح المقاصة فيما بينها. هذا ولا يستلزم شرط التماثل أن تكون الدفعات نقوداً إذ يمكن أن ترد الدفعات على أشياء مثلية كالبضائع أو الأسناد التجارية بحيث تسجل قيمة هذه الأشياء كدفعات تدخل في مفردات الحساب. والتماثل لا يعني التماثل في مصادر الدفعات، فهذه يمكن أن تحصل من خلال تصرفات قانونية متنوعة كوديعة نقدية أو خصم سند تجاري أو فتح اعتماد مالي.
    2- الوجود والتعيين: يشترط في الدفعة أن تكون ناشئة عن دين أكيد خالياً من النزاع ومعيّن المقدار. فإذا كان الدين منازعاً فيه فإنه لايجوز قيده في الحساب إلا بعد انتهاء النزاع بشأنه. أما إذا كان الدين مؤجلاً أو معلقاً على شرط فليس ثمة ما يمنع من قيده في الحساب، فإذا لم يتم تسديد الدين في الأجل المعين أو لم يتحقق الشرط المعلق عليه الدين، فإن الدفعة تكون غير قطعية ويمكن من ثم إجراء القيد المعاكس بشأنها.
    3- التبادل: يشترط لوجود الحساب الجاري أن تكون الدفعات متبادلة. وهذا يعني أن يقوم كل من الطرفين بدور الدافع حيناً ودور القابض حيناً آخر. والعبرة في ذلك هي قصد الطرفين، إذ لا يلزم لتوافر هذا الشرط أن يتحقق تبادل الدفعات باستمرار من دون انقطاع، بل يكفي أن تكون نيّة الطرفين قد انصرفت على ذلك.
    آثار القيد في الحساب الجاري
    يرتب دخول الدفعات في الحساب الجاري النتائج الآتية:
    1- تحول الدفعة إلى عنصر أو بند في الحساب: من القواعد الأساسية المعمول بها في الحساب الجاري هو أن كل دفعة تدخل الحساب تصبح بنداً أي عنصراً من عناصره وتفقد صفاتها الأصلية التي ترافقها. وإلى هذا تشير المادة 398 من قانون التجارة السوري بقولها: «إن الديون المترتبة لأحد الفريقين، إذا دخلت في الحساب الجاري فقدت صفاتها الخاصة وكيانها الذاتي، فلا تعود بعد ذلك قابلة على حده للوفاء ولا للمقاصة ولا للمداعاة ولا لإحدى طرق التنفيذ ولا للسقوط منفردة بالتقادم. كما تزول التأمينات الشخصية أو العينية المتصلة بالديون التي أدخلت في الحساب الجاري مالم يكن هناك اتفاق مخالف بين الفريقين».
    2- عدم تجزئة الحساب الجاري: إن الديون التي تقيد في الحساب الجاري تتحول إلى بنود فيه وتشكل كلاً لا يتجزأ تحليله أو تفكيكه. وما دام الحساب مفتوحاً فإنه لا يوجد هناك موجودات أو مطالب، ولا يعد أحد الطرفين دائناً أو مديناً للطرف الآخر قبل ختام الحساب، وإغلاق الحساب هو وحده الذي يحدد حالة العلاقات القانونية بين الطرفين وهو الذي تنشأ عنه المقاصة الإجمالية لجميع بنود الحساب من تسليف واستلاف وهو الذي يعين الدائن والمدين. ومما قيل في التعبير عن ذلك أن الحساب الجاري هو بوتقة يلقى فيها بالحقوق فتنصهر ويذوب بعضها في بعض وينتج عنها شيء واحد هو دين الرصيد.
    3- الحجز على الحساب الجاري: ذهب الرأي التقليدي إلى أنه لا يجوز الحجز على الحساب أثناء سيره تطبيقاً لمبدأ عدم تجزئته الذي يحول من دون معرفة الدائن أو المدين حتى إقفاله وبيان الرصيد النهائي الذي يعد وحده ديناً قابلاً للحجز. إلا أن هذا الحل كان يؤدي على إهدار حقوق الدائنين وتمكين المدين السيئ النية من الإضرار بهم عن طريق سحب أمواله من الحساب قبل إقفاله أو عن طريق إدخال أمواله في الحساب الجاري ليحول بذلك بين دائنيه وبين الحجز عليها.
    وتلافياً لهذه النتائج المضرة بالدائنين، فقد لجأ القضاء حديثاً إلى الاعتداد بالرصيد المؤقت وتقرير جواز الحجز عليه. فالمصارف، ومع تطور العمل المصرفي لديها، قد جرت على بيان الرصيد المؤقت بعد كل عملية تقيدها في الحساب، كما جرى العمل لديها على قطع الحساب بصفة دورية في أثناء سيره لاحتساب الفوائد على الرصيد أو لبيان المركز المالي عند انتهاء السنة المالية حيث يذكر الرصيد المؤقت في الميزانية سواء للمصرف أو للزبون. وإذا ما صدر قرار الحجز وتبلغه المصرف فإنه يتوجب عليه ألا يسمح بتشغيل الحساب بعد الحجز بصورة تؤدي إلى نقص الرصيد الذي تحدد وقت توقيعه وإلا كان مسؤولاً تجاه الحاجز عن الضرر الذي يلحقه من جراء ذلك.
    الفوائد في الحساب الجاري
    تنتج الدفعات في الحساب الجاري لمصلحة المسّلم على المستلم فائدة تحسب على المعدل القانوني إذا لم تكن معينة بمقتضى العقد أو العرف وذلك من يوم دخولها في الحساب. وقد جرى العرف التجاري على جواز الفائدة المستحقة وذلك كلما أوقف الحساب ونقل رصيده إلى حساب جديد.
    إغلاق الحساب الجاري
    ينتهي الحساب الجاري بانتهاء المدة التي حددها عقد فتح الحساب، وإذا لم يتم الاتفاق على الأجل فإنه ينتهي بحسب إرادة أحد طرفيه، كما ينتهي أيضاً بوفاة أحدهما أو بفقدانه الأهلية أو بإفلاسه.
    وبانتهاء الحساب تقع المقاصة القانونية بين مفردات الحساب ويظهر الرصيد النهائي الذي يؤلف ديناً صافياً مستحق الأداء لأحد الطرفين تجاه الطرف الآخر.
    إلياس حداد
يعمل...
X