التجريدية الفوتوغرافية .. ملامح ورؤيا
تصوير اللقطات الفوتوغرافية التجريدية مرفق مستقل بحد ذاته من مرافق التصوير الفوتوغرافي ، كيف نبدأ في رحلتنا مع هذا المجال وما هـي المواضيع والأهداف التي تشكل مادة مثلى للتصوير التجريدي ؟
حين نريد التقاط صور لمواضيع عادية نسعى جاهدين إلى تامين أفضل الظروف الضوئية وزاوية المشاهدة وما إلى ذلك سعيا وراء نقل الموضوع على الصورة بحيث يكون أقرب إلى الواقع بشكله وابعاده محاولين قدر الإمكان إظهار الابعاد الثلاثة بصورة واقعية ضمن بنية البعدين اللذين تتيحهما الصور الفوتوغرافية ، هذا الأمر يهدر الكثير من وقت المصور عادة .
هناك نوع من التصوير الذي يجنبنا كل هذه التفاصيل والدقة ونحصل معه على صور فنية بـغـايـة الجـودة والأهمية ، صحيح أن المواضيع
هنا ستفقد واقعيتها إنما ستحصل على ما هو أكثر إثارة من الواقع ، سنحصل على صور تجريدية كتلك التي نراها في لوحات ورسـوم مشـاهيـر التشكيليين ..
لكن بطـابـع فوتوغرافي وربما بإمكاننا إدراج هذه المواضيع ضمن مفهوم التجريدية الفوتوغرافية حيث حرية الخروج بالموضوع المألوف من محتواه العادي إلى نظام من الأشكال والألوان ذات البعدين وباسلوب خاص ومميز .
مع هذا الاسلوب لا وجود لقوانين صارمة لأن اللقطات التجريدية ليست صورا لمواضيع ستظهر حسيما نشاهدها في الأحوال العادية ، بل تعتمد بشكل صرف على قوة التصميم ، وعلى إمكانية الابداع لدى المصور إنه إسلوب قائم بحد ذاته ومصادره لا تنضب ، خصوصاً وأن الموضوع الذي سنتعامل معه يمكن أن يشكل عبر اجزائه أكثر من مصدر ، ولن تكون له ـ للموضوع - أي علاقة شكلا باللقطة الحاصلة احياناً .
حيث سيعتمد الأمر على طريقة العرض وهنا تبرز قدرة المصور في تحديد وترتيب إطاره ، باعتبار أن الصورة ستكون بكاملها من إبتكاره اما دور الموضوع الواقعي فيقتصر هنا على اعتباره وسيلة لاستخراج المواد الأولية :
يمكن البدء في البحث عن المواضيع التجريدية بالعمل على عزل موضوع ما عما يحيط به وذلك بالاعتماد على إطار من الكرتون . ومع كاميرا 35 ملم . تمسك بالإطار عالياً وتستخدمه لعزل مساحة صغيرة من هدف ما ثم نحرك الاطار بحيث تتبدل زاوية المشاهدة ، مرة بالاقتراب من الموضوع ومرة بالابتعاد عنه .
هذه التجارب وغيرها من وجهات نظر مختلفة ، كالنظر من الأعلى نحو أشياء إعتدنا رؤيتها من الأسفل ، والعكس بالعكس مع مشاهدة المواضيـع بـابعـاد مختلفة ، كل ذلك يسهم في تقديم الصورة بأسلوب تجريدي إذا ما تناسينا المظهر العادي للموضوع الذي نتعامل معه .
ومن أهم أساليب التصوير التجريدي ، التركيز على جزء من موضوع ما ، أو مجرد وحدة من محتواه الشامل ، هذه الوحدة قد تشكل لنا هدفاً جديداً - شكلا أو بنية هيئة - قد يساعدنا في بعض الأمور أن ننظر إلى مواضيعنا ونحن نغمض أعيننا نصف إغمـاضـة لـرؤيـة الموضوع بصورة مختلفة .
عادة ما تؤدي الأشكال البسيطة إلى صنع صور تجريدية جيدة وهنا يمكن البحث عن خطوط هندسية ودوائر وأشكال بيضاوية لاظهارها بمصدر ضوئي توجيهي خفيف مع إبقاء المحتوى على بساطته قدر الإمكان وذلك بتجنب ظهور عدد بالغ من الاشكال المختلفة في صورة واحدة إضافة لتجنب الظلال الناتجة عن الاضاءة القوية والمباشرة يؤدي إلى التضليل والإعاقة .
في المشاهد الخارجية يمكن البحث عن أشكال مثيرة وممتعة مظللة مقابل السماء ، وبالاقتراب الزائد نحوها يمكن عزل الموضوع إلى الحد الذي يكفي لاخفاء ماهيته مع إحتفاظه بشكل تجريدي ممتع من هذه المواضيع يمكن اختيار سلسلة من اضواء النيون مثلا ، او زاوية رافعة ونش - وهنا مع إعتماد العدسات المقربة - تيليفوتو - سوف تستطيع عزل تفاصيل صغيرة بمنتهى السهولة . يمكن للمواد التي يتالف منها الموضوع ان تكون أكثر إثارة من شكله ، بحيث يمكن لالتقاط بنية هذه المواد أن تشكل صورة تجريدية ، والمثال على ذلك المقطع الصغير من جذع شجرة ، أو قمة موجة في بحر هائج ، أو السطح الناعم واللقاع لمعدن مصقول .
كذلك الصخور المشققة أو الورق المجعد والبنيات الخشنة أو الناعمة . وكل ما هو بين هذه وتلك
هنا تعمل بفيلم بطيء ناعم التنقيط لابراز أفضل ما في البنية وأكثر ما هو مثير فيها إلى جانب العمل بإضاءة جانبية قوية .
يمكن التعامل ايضا مع الأنظمة المخططة على انواعها - الطبيعية والاصطناعية - كمـواضيـع نموذجية للتصوير الفوتوغرافي التجريدي .
ومع تبديل وجهة النظر وزاوية الكاميرا ، قد تشاهد أنظمة تخطيطية لم تكن متنبهين لها سابقاً ، كمشهد قفص زجاجات الحليب أو المرطبات مثلا مشهد علوي لمفاتيح حروف الآلة الكاتبة .. هنا علينا تجنب الضوء التوجيهي حيث سيسقط النظام التخطيطي في غشاوة من الظلال هذه الظلال التي تفيدنا في مواضيع تجريدية أخرى .
مناطق الألوان البراقة في الأجواء الساطعة تعطينا المجال لتحقيق صور تجريدية ناجحة والمثال على ذلك دهان بدا بالتقشر على جسم ما أو بلاستيك لماع وملون خارج - سوبر مارکت ، او رسوم على جانب زورق او غيره وعموما يمكن البحث عن تبقعات لونية يمكن تحويلها إلى مواضيع تجريدية بمجرد فصلها عن محيطها وشكلها على أن إضاءة اللقطات التجريدية مهم للغاية ، خصوصاً حين تسعى للتشديد على ميزة معينة ، فالنور يتفاوت إلى حد كبير بين وقت وآخر من النهار وتبعاً للطقس ايضا ، لذلك علينا التنبه للتغييرات الطارئة بحكم هذا التبدل في النور تبعاً لقوته ولزاويته .
النور الأكثر بريقاً ، بالمناسبة هو ذاك الذي يشع على الموضوع من الأعلى مباشرة في منتصف النهار وباستطاعته إعطاء تأثير ذي بعدين كاشفاً عن الشكل لا العمق كذلك يستطيع إظهار الالوان اکثر بريقا ، بحيث تصبح مثالية في صورة تعتمد على التبقعات اللونية أساساً لها هذا النور نفسه لدى تغيير زاوية توجيهه قد يشدد على بروز ما يوحي بالابعاد الثلاثة في الصورة ، وهنا يمكن الافادة حين تريد الاعتماد على الظلال لتشكل بحد ذاتها ترتيباً تجريدياً للموضوع ، أو حين نريد الكشف عن البنية في هدف ما .
النور الخفيف والمساوي الذي نراه في يوم مكلل بالسحب والغيوم لا يرمي طبعاً بظلال ثقيلة على المواضيع ، بل يغطيها بضوء ناعم ولطيف ، وهكذا يساعد على إعطاء تاثير افضل للصور التجريدية التي تركز على بعدين فقط .
في الظروف الضوئية الضعيفة قد لا تظهر أية تفاصيل على الموضوع . ذلك أنه سيفقد الهيئة والشكل الفعليين له وهنا لا نستفيد من هذه الظروف الاحين تكون الأنظمة التخطيطية للضوء والظل هي العوامل الأساسية للقطاننا التجريدية .
لقد استعرضنا ظروف الاضاءة هذه لاننا مع معرفة كيفية استخدامها بشكل ناجح في مجال ابتداع الصور ، سوف نصبح قادرين على إكتشاف طرق متعددة لاعداد لقطات تجريدية من وحي
مخيلتنا .
ومن السبل الشائعة للعثور على منظر تجريدي لهدف مألوف . وذلك باجتزاء السمات التي تعرف في جهاز الهاتف بالموضوع مثلا ، يمكننا فصل السلك الذي يصل السماعة بالجهاز ، وهنا مع
ترتيب الاضاءة بحيث لا يلقي الهاتف بظله كاشفاً بذلك عن حقيقته يمكن الوصول إلى لقطة تجريدية غير متوقعة .
قد نجد ايضا في الاقتراب من بعض الأبنية الضخمة ، والتركيز على بعض الخطوط الهندسية أو المنحنيات فيها المجال لانتاج صور تجريدية ناجحة وربما بإمكاننا في هذا المجال أيضاً أن تعتمد على عزل مساحة صغيرة من إحدى النوافذ ، ويستحسن ان يكون فيها بعض الأعطاب للوصول إلى مواضيع أكثر تجريدية .
احيانا ومع مواضيع عادية يمكن بمجرد تمبيل الكاميرا ، بحيث يبدو الموضوع منحرفا إلى حد ما ، ان نصل إلى لقطات تجريدية مذهلة كذلك يمكن تعمد إظهار بعض المواضيع المتحركة بشكل ضبابي ، هذا على أن تعمل بسرعة مغلاق بطيئة جدا . من هذه المواضيع سيارة تومض وهي تجتازنا ، او حركة الأمواج وهي تعلو وتهبط ، أو حتى الاشخاص وهم يركضون .
و ابسط من كل ذلك أن تتعمد تحريك الكاميرا لدى الضغط على زر المغلاق وهو يعمل بسرعة بطيئة مع هذا الاسلوب يمكن لساحات المعارض والشوارع ليلا ان تعطينا صوراً تجريدية جميلة .
اما انعكاسات الأشياء في الماء فيمكنها إنتاج صور تجريدية رائعة أيضا ، ومن الأمثلة مجموعة زوارق تجذيف براقة الألوان ، او اشجار على ضفاف الأنهار وهذه يمكن التقاطها بالأبيض والاسود للتشديد على بروز الاشكال .
قد نصاب بالدهشة لو أحصينا المواقع في الجسم البشري التي يمكن أن تشكل أيضا مادة للصور التجريدية ومنها على سبيل المثال الشعر المنثور على وسادة شقوق في الجلد أو انحناءة في قدم مدبب او موقع إنطواء الذراع وما إلى ذلك لا بد هنا من الاقتراب بالشكل الكافي ، وأحياناً بشكل مبالغ به من هذه الأهداف لتبدو مبهمة وتفقد ملامحها المعروفة بحيث يستحيل معرفتها .
كذلك يمكن ان نتعاون مع الشخص الذي نصوره بان تطلب منه إمساك قطعة من الزجاج المحجر ، امام وجهه ، شرط اختيار نوع منقوش بشكل يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات مثيرة نتيجة ظهور الوجه متقطعاً ومتكسراً .
وحين نقترب لاختيار تفاصيل معينة تصبح عدسة التصوير عن قرب أو مجموعة الوصلات الانبوبية من اللوازم الضرورية ، بينما العدسة واسعة الزاوية تفيدنا في اللعب بمسـالـة القياسات . وهذا مع الإشارة إلى انه لكل عدسة حسناتها في هذا المجال علماً أننا لن نكون بحاجة إلى مجموعة من العدسات المختلفة للبدء في الاتجاه نحو التصوير التجريدي .
تصوير اللقطات الفوتوغرافية التجريدية مرفق مستقل بحد ذاته من مرافق التصوير الفوتوغرافي ، كيف نبدأ في رحلتنا مع هذا المجال وما هـي المواضيع والأهداف التي تشكل مادة مثلى للتصوير التجريدي ؟
حين نريد التقاط صور لمواضيع عادية نسعى جاهدين إلى تامين أفضل الظروف الضوئية وزاوية المشاهدة وما إلى ذلك سعيا وراء نقل الموضوع على الصورة بحيث يكون أقرب إلى الواقع بشكله وابعاده محاولين قدر الإمكان إظهار الابعاد الثلاثة بصورة واقعية ضمن بنية البعدين اللذين تتيحهما الصور الفوتوغرافية ، هذا الأمر يهدر الكثير من وقت المصور عادة .
هناك نوع من التصوير الذي يجنبنا كل هذه التفاصيل والدقة ونحصل معه على صور فنية بـغـايـة الجـودة والأهمية ، صحيح أن المواضيع
هنا ستفقد واقعيتها إنما ستحصل على ما هو أكثر إثارة من الواقع ، سنحصل على صور تجريدية كتلك التي نراها في لوحات ورسـوم مشـاهيـر التشكيليين ..
لكن بطـابـع فوتوغرافي وربما بإمكاننا إدراج هذه المواضيع ضمن مفهوم التجريدية الفوتوغرافية حيث حرية الخروج بالموضوع المألوف من محتواه العادي إلى نظام من الأشكال والألوان ذات البعدين وباسلوب خاص ومميز .
مع هذا الاسلوب لا وجود لقوانين صارمة لأن اللقطات التجريدية ليست صورا لمواضيع ستظهر حسيما نشاهدها في الأحوال العادية ، بل تعتمد بشكل صرف على قوة التصميم ، وعلى إمكانية الابداع لدى المصور إنه إسلوب قائم بحد ذاته ومصادره لا تنضب ، خصوصاً وأن الموضوع الذي سنتعامل معه يمكن أن يشكل عبر اجزائه أكثر من مصدر ، ولن تكون له ـ للموضوع - أي علاقة شكلا باللقطة الحاصلة احياناً .
حيث سيعتمد الأمر على طريقة العرض وهنا تبرز قدرة المصور في تحديد وترتيب إطاره ، باعتبار أن الصورة ستكون بكاملها من إبتكاره اما دور الموضوع الواقعي فيقتصر هنا على اعتباره وسيلة لاستخراج المواد الأولية :
يمكن البدء في البحث عن المواضيع التجريدية بالعمل على عزل موضوع ما عما يحيط به وذلك بالاعتماد على إطار من الكرتون . ومع كاميرا 35 ملم . تمسك بالإطار عالياً وتستخدمه لعزل مساحة صغيرة من هدف ما ثم نحرك الاطار بحيث تتبدل زاوية المشاهدة ، مرة بالاقتراب من الموضوع ومرة بالابتعاد عنه .
هذه التجارب وغيرها من وجهات نظر مختلفة ، كالنظر من الأعلى نحو أشياء إعتدنا رؤيتها من الأسفل ، والعكس بالعكس مع مشاهدة المواضيـع بـابعـاد مختلفة ، كل ذلك يسهم في تقديم الصورة بأسلوب تجريدي إذا ما تناسينا المظهر العادي للموضوع الذي نتعامل معه .
ومن أهم أساليب التصوير التجريدي ، التركيز على جزء من موضوع ما ، أو مجرد وحدة من محتواه الشامل ، هذه الوحدة قد تشكل لنا هدفاً جديداً - شكلا أو بنية هيئة - قد يساعدنا في بعض الأمور أن ننظر إلى مواضيعنا ونحن نغمض أعيننا نصف إغمـاضـة لـرؤيـة الموضوع بصورة مختلفة .
عادة ما تؤدي الأشكال البسيطة إلى صنع صور تجريدية جيدة وهنا يمكن البحث عن خطوط هندسية ودوائر وأشكال بيضاوية لاظهارها بمصدر ضوئي توجيهي خفيف مع إبقاء المحتوى على بساطته قدر الإمكان وذلك بتجنب ظهور عدد بالغ من الاشكال المختلفة في صورة واحدة إضافة لتجنب الظلال الناتجة عن الاضاءة القوية والمباشرة يؤدي إلى التضليل والإعاقة .
في المشاهد الخارجية يمكن البحث عن أشكال مثيرة وممتعة مظللة مقابل السماء ، وبالاقتراب الزائد نحوها يمكن عزل الموضوع إلى الحد الذي يكفي لاخفاء ماهيته مع إحتفاظه بشكل تجريدي ممتع من هذه المواضيع يمكن اختيار سلسلة من اضواء النيون مثلا ، او زاوية رافعة ونش - وهنا مع إعتماد العدسات المقربة - تيليفوتو - سوف تستطيع عزل تفاصيل صغيرة بمنتهى السهولة . يمكن للمواد التي يتالف منها الموضوع ان تكون أكثر إثارة من شكله ، بحيث يمكن لالتقاط بنية هذه المواد أن تشكل صورة تجريدية ، والمثال على ذلك المقطع الصغير من جذع شجرة ، أو قمة موجة في بحر هائج ، أو السطح الناعم واللقاع لمعدن مصقول .
كذلك الصخور المشققة أو الورق المجعد والبنيات الخشنة أو الناعمة . وكل ما هو بين هذه وتلك
هنا تعمل بفيلم بطيء ناعم التنقيط لابراز أفضل ما في البنية وأكثر ما هو مثير فيها إلى جانب العمل بإضاءة جانبية قوية .
يمكن التعامل ايضا مع الأنظمة المخططة على انواعها - الطبيعية والاصطناعية - كمـواضيـع نموذجية للتصوير الفوتوغرافي التجريدي .
ومع تبديل وجهة النظر وزاوية الكاميرا ، قد تشاهد أنظمة تخطيطية لم تكن متنبهين لها سابقاً ، كمشهد قفص زجاجات الحليب أو المرطبات مثلا مشهد علوي لمفاتيح حروف الآلة الكاتبة .. هنا علينا تجنب الضوء التوجيهي حيث سيسقط النظام التخطيطي في غشاوة من الظلال هذه الظلال التي تفيدنا في مواضيع تجريدية أخرى .
مناطق الألوان البراقة في الأجواء الساطعة تعطينا المجال لتحقيق صور تجريدية ناجحة والمثال على ذلك دهان بدا بالتقشر على جسم ما أو بلاستيك لماع وملون خارج - سوبر مارکت ، او رسوم على جانب زورق او غيره وعموما يمكن البحث عن تبقعات لونية يمكن تحويلها إلى مواضيع تجريدية بمجرد فصلها عن محيطها وشكلها على أن إضاءة اللقطات التجريدية مهم للغاية ، خصوصاً حين تسعى للتشديد على ميزة معينة ، فالنور يتفاوت إلى حد كبير بين وقت وآخر من النهار وتبعاً للطقس ايضا ، لذلك علينا التنبه للتغييرات الطارئة بحكم هذا التبدل في النور تبعاً لقوته ولزاويته .
النور الأكثر بريقاً ، بالمناسبة هو ذاك الذي يشع على الموضوع من الأعلى مباشرة في منتصف النهار وباستطاعته إعطاء تأثير ذي بعدين كاشفاً عن الشكل لا العمق كذلك يستطيع إظهار الالوان اکثر بريقا ، بحيث تصبح مثالية في صورة تعتمد على التبقعات اللونية أساساً لها هذا النور نفسه لدى تغيير زاوية توجيهه قد يشدد على بروز ما يوحي بالابعاد الثلاثة في الصورة ، وهنا يمكن الافادة حين تريد الاعتماد على الظلال لتشكل بحد ذاتها ترتيباً تجريدياً للموضوع ، أو حين نريد الكشف عن البنية في هدف ما .
النور الخفيف والمساوي الذي نراه في يوم مكلل بالسحب والغيوم لا يرمي طبعاً بظلال ثقيلة على المواضيع ، بل يغطيها بضوء ناعم ولطيف ، وهكذا يساعد على إعطاء تاثير افضل للصور التجريدية التي تركز على بعدين فقط .
في الظروف الضوئية الضعيفة قد لا تظهر أية تفاصيل على الموضوع . ذلك أنه سيفقد الهيئة والشكل الفعليين له وهنا لا نستفيد من هذه الظروف الاحين تكون الأنظمة التخطيطية للضوء والظل هي العوامل الأساسية للقطاننا التجريدية .
لقد استعرضنا ظروف الاضاءة هذه لاننا مع معرفة كيفية استخدامها بشكل ناجح في مجال ابتداع الصور ، سوف نصبح قادرين على إكتشاف طرق متعددة لاعداد لقطات تجريدية من وحي
مخيلتنا .
ومن السبل الشائعة للعثور على منظر تجريدي لهدف مألوف . وذلك باجتزاء السمات التي تعرف في جهاز الهاتف بالموضوع مثلا ، يمكننا فصل السلك الذي يصل السماعة بالجهاز ، وهنا مع
ترتيب الاضاءة بحيث لا يلقي الهاتف بظله كاشفاً بذلك عن حقيقته يمكن الوصول إلى لقطة تجريدية غير متوقعة .
قد نجد ايضا في الاقتراب من بعض الأبنية الضخمة ، والتركيز على بعض الخطوط الهندسية أو المنحنيات فيها المجال لانتاج صور تجريدية ناجحة وربما بإمكاننا في هذا المجال أيضاً أن تعتمد على عزل مساحة صغيرة من إحدى النوافذ ، ويستحسن ان يكون فيها بعض الأعطاب للوصول إلى مواضيع أكثر تجريدية .
احيانا ومع مواضيع عادية يمكن بمجرد تمبيل الكاميرا ، بحيث يبدو الموضوع منحرفا إلى حد ما ، ان نصل إلى لقطات تجريدية مذهلة كذلك يمكن تعمد إظهار بعض المواضيع المتحركة بشكل ضبابي ، هذا على أن تعمل بسرعة مغلاق بطيئة جدا . من هذه المواضيع سيارة تومض وهي تجتازنا ، او حركة الأمواج وهي تعلو وتهبط ، أو حتى الاشخاص وهم يركضون .
و ابسط من كل ذلك أن تتعمد تحريك الكاميرا لدى الضغط على زر المغلاق وهو يعمل بسرعة بطيئة مع هذا الاسلوب يمكن لساحات المعارض والشوارع ليلا ان تعطينا صوراً تجريدية جميلة .
اما انعكاسات الأشياء في الماء فيمكنها إنتاج صور تجريدية رائعة أيضا ، ومن الأمثلة مجموعة زوارق تجذيف براقة الألوان ، او اشجار على ضفاف الأنهار وهذه يمكن التقاطها بالأبيض والاسود للتشديد على بروز الاشكال .
قد نصاب بالدهشة لو أحصينا المواقع في الجسم البشري التي يمكن أن تشكل أيضا مادة للصور التجريدية ومنها على سبيل المثال الشعر المنثور على وسادة شقوق في الجلد أو انحناءة في قدم مدبب او موقع إنطواء الذراع وما إلى ذلك لا بد هنا من الاقتراب بالشكل الكافي ، وأحياناً بشكل مبالغ به من هذه الأهداف لتبدو مبهمة وتفقد ملامحها المعروفة بحيث يستحيل معرفتها .
كذلك يمكن ان نتعاون مع الشخص الذي نصوره بان تطلب منه إمساك قطعة من الزجاج المحجر ، امام وجهه ، شرط اختيار نوع منقوش بشكل يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات مثيرة نتيجة ظهور الوجه متقطعاً ومتكسراً .
وحين نقترب لاختيار تفاصيل معينة تصبح عدسة التصوير عن قرب أو مجموعة الوصلات الانبوبية من اللوازم الضرورية ، بينما العدسة واسعة الزاوية تفيدنا في اللعب بمسـالـة القياسات . وهذا مع الإشارة إلى انه لكل عدسة حسناتها في هذا المجال علماً أننا لن نكون بحاجة إلى مجموعة من العدسات المختلفة للبدء في الاتجاه نحو التصوير التجريدي .
تعليق