الحسن بن الصبّاح Al-Hasan ibn al-Sabbah أوالكيال أول دعاة الفرقة الإسماعيلية النزارية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحسن بن الصبّاح Al-Hasan ibn al-Sabbah أوالكيال أول دعاة الفرقة الإسماعيلية النزارية

    حسن صباح

    Al-Hasan ibn al-Sabbah - Al-Hassan ibn al-Sabbah

    الحسن بن الصبّاح
    (445-518هـ/1052-1124م)

    الحسن بن علي بن محمد بن جعفر ابن الحسين بن محمد بن الصبّاح الحِمْيَريّ، المعروف بالكيال أول دعاة الفرقة الإسماعيلية النزارية، ومؤسس دولتهم في قلعة ألَموت[ر]. ولد حسن في بلدة قم من بلاد فارس، وتضاربت الأنباء حول تاريخ ولادته والأرجح أنها كانت سنة 445هـ، كان أبوه علي بن محمد الصبّاح الحميري من علماء الشيعة، رحل من اليمن إلى الكوفة ومنها إلى قُمْ ثم إلى الريّ، وفيها تلقى الحسن تعليمه، واتصل وهو في السابعة عشرة من عمره، في زمن السلطان ملكشاه السلجوقي، بكبير الدعاة الإسماعيلية في أصبهان عبد الملك بن العطّاش الطبيب وابنه أحمد، وتحول إلى مذهبهما وأظهر من العلم بالهندسة والحساب والفلك والتنجيم ما لفت إليه الأنظار، وقد أعجب ابن العطّاش بنباهته وأدبه فجعله من خواصه، واختاره في عام 464هـ نائبا عنه في الدعوة، وبعثه في عام 469 إلى مصر (وكانت تحت حكم الفاطميين) لتلقي أصول الدعوة في دار الحكمة[ر] ومكث فيها نحو ثلاث سنوات، وقيل إنه اتصل في أثنائها بالخليفة المستنصر بالله معد (427-487هـ/1036-1094م) وخاطبه في إقامة الدعوة له في بلاد العجم فأذن له. وزعم الحسن أنه سأل المستنصر من الإمام بعده فأشار إلى ابنه نزار. وفي أواخر عام 472هـ غادر الحسن ابن الصبّاح مصر إلى الشام بحراً وطاف فيها يدعو إلى الخليفة المستنصر، ثم انتقل إلى الجزيرة وديار بكر وبلاد الروم ورجع إلى أصفهان سنة 473هـ، وتحول منها إلى كاشغر وما وراء النهر وبث دعاته في أرجاء خراسان وبلاد الديلم، ولما أراد العودة إلى الري طلبه نظام الملك وزير السلطان ملكشاه، وكلّف صهره أبا مسلم الرازي واليه على الري ملاحقة الحسن وأتباعه، فخشي حسن مغبة الأمر وتوجه إلى قزوين، وراح يبحث عن ملجأ آمن يوفر له الحماية ويتيح له مزاولة نشاطه، ووقعت عينه على قلعة ألموت في منطقة رودبار من إقليم الديلم، وكان فيها داعية علوي يدعى المهدي العلوي، فتمكن منها، وغدر بأصحابه فأخرجهم إلى واد متاخم للقلعة ليس له منفذ وأغلق الأبواب دونهم. وتختلف الروايات في كيفية حصول الحسن بن الصباح على القلعة. وأقرب تلك الروايات إلى الواقع أن حسناً أرسل عددا من أتباعه إلى القرى المجاورة لألموت واستطاع بعضهم التسلل إلى القلعة نفسها وصار من سكانها، وجاء الحسن متخفياً فمكث في جوار القلعة أياماً، وفي يوم الأربعاء السادس من شهر رجب سنة 483 رفعه أصحابه إلى القلعة سراً بالحبال، ومكث فيها أياماً لا يعلم به أحد وتلقب «دهخدا» (مختار القرية) وعندما عرف المهدي العلوي بأمره وأدرك أنه فقد السيطرة على قلعته كان الوقت قد فات، فوافق على بيعها وأكره على مغادرتها، وأوعز الحسن إلى الرئيس المظفر المستوي حاكم كردكوه في الدامغان بدفع ثلاثة آلاف دينار ذهباً لصاحبها، وتمكن ابن الصباح في مقره الجديد فكان ذلك أول نجاح ذي شأن حققه الإسماعيلية في مواجهة السلاجقة. وقد تأكدت هذه المواجهة باستيلائهم على قلاع أخرى واغتيال خصومهم من أولي الأمر، وفيهم نظام الملك نفسه وولداه من بعده، وقد حقق ابن الصباح نجاحًا واسعاً وخاصة بعد موت ملكشاه (سنة 485هـ/1092م). ولما توفي الإمام المستنصر بالله في مصر سنة 487هـ أيد إسماعيليو إيران الدعوة لنزار، ولكن نزاراً هزم في الإسكندرية وألقي القبض عليه، وتولى الإمامة في مصر المستعلي بن المستنصر بمعاونة خاله الأفضل بن أمير الجيوش بدر الجمالي، فرفض إسماعيلية إيران الاعتراف به واستقلوا بأمورهم. وبعد سنة 498هـ في عهد السلطان محمد ابن ملكشاه استردت القوات السلجوقية عدداً من قلاع النزارية وسقطت قلعة أحمد بن عبد الملك العطاش قرب أصفهان، وتعرضت ألموت لخطر ماحق ولكنها ثبتت أمام الحصار نحواً من سبع سنين. وفي تلك الأثناء توفي السلطان محمد عام 511هـ، فرفعت قواته الحصار عن القلعة وانسحبت، وانفرد الحسن بن الصباح بزعامة الحركة النزارية من دون منازع، فصرف همه إلى الاستيلاء على المناطق الحصينة في البلاد وعمارتها حتى أضحت دولته في وقت قصير متسعة الأرجاء مجزأة الأنحاء مرهوبة الجانب، وزادت قلاعها على الخمسين قلعة في إيران وحدها، ومارست نفوذاً كبيراً على جميع الإمارات والأقاليم المجاورة، وانتشر أتباعه في كل مكان وصارت لهم في الشام قلاع عرفت باسم «بلاد الدعوة» يتزعمها شيخ الجبل. فكانت دولة ضمن دولة يخضع لها أكثر إسماعيلية إيران والعراق والشام، وبعض النزارية في مصر.
    كان الاغتيال السياسي المنظم من الوسائل الأساسية التي لجأت إليها «الدعوة الجديدة» كما سماها أصحابها، وعرف مقاتلتها باسم الفداوية أو الحشيشية، فكانوا ينتقون بعناية فائقة ويُؤَهَّلون للقيام بما يؤمرون به بدقة وإتقان مع الالتزام التام بقواعد التخفي والتمويه والاستعداد للفداء بلا حدود، وكان ولاؤهم لابن الصبّاح مطلقاً، ويعيشون متخفين بين الناس جاهزين لأي مهمة يكلفونها حتى خشيهم الجميع، وربما قدموا خدماتهم لمن يلجأ إليهم من الحكام الآخرين، وقد أوجد ابن الصبّاح أساليب مبتكرة لإعداد أتباعه وكسب ولائهم.
    أقام الحسن بن الصبّاح في ألموت خمسة وثلاثين عاماً لم يبرحها قط، ولم يغادر منزله فيها سوى مرتين خرج فيهما إلى سطح القصر، وشغل كل وقته بالتعلم والتعليم وتحصين القلعة وتحسين أحوال المعيشة فيها، وتوفي فيها تاركاً الزعامة لأحد قادتـه المدعو «بُزرُك أُمّيد»، وصار قبره مزاراً. وتوالى على القلعة من بعده عدد من وكلاء الأئمة من سلالة بزرك أميد.
    ويقول المؤرخ رشيد الدين عن الحسن بن الصبّاح في كتابه جامع التواريخ: «لقد أمضى بقية الوقت حتى موته في داخل البيت، حيث عاش، وانشغل بقراءة الكتب ووضعِ كلمات الدعوة بالكتابة، وبإدارة أعمال مملكته، وعاش حياة زهد وتقشف وورع». وقد أعدم ولديه الاثنين لأسباب أخلاقية، فقتل الأول لتورطه في جريمة قتل، وحدث أن اتهم ابنه الثاني محمد بشرب الخمرة فأمر بقتله.
    كان الحسن بن الصبّاح شهماً تقياً واسع الثقافة عالماً بالهندسة والحساب والفلك والتنجيم وشخصية سياسية بارعة، وكان شعاره الزهد والورع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان أتباعه يلقبونه «الخوجة» و«سيدنا» ويعدونه وكيلاً عن الإمام نزار، جمع مكتبة ضخمة ضمت نفائس الكتب وألف كتباً ورسائل كثيرة لم يبق منها إلا النادر بسبب إتلاف ما يمت إلى هذا المذهب من المؤلفات التي ضمتها مكتبة القلعة بعد أن استولى هولاكو على ألموت سنة 654هـ/1256م، وقد عثر بينها عطا الملك الجويني المؤرخ مؤلف كتاب «تاريخ فاتح العالم» على ترجمة للحسن بن الصبّاح بعنوان «سر كذشت سيدنا» ومعناه «سيرة حياة سيدنا» أملاها الحسن نفسه على تلامذته فذكر نبذاً منها، كذلك بقيت بعض الاقتباسات عن كتابات ابن الصباح وملخصات لبعض أفكاره موزعة في عدد من مؤلفات النزارية المتأخرة ذكر الشهرستاني بعضاً منها، ونقل عنها المؤرخ رشيد الدين ولخصها.
    محمد وليد الجلاد
يعمل...
X