يُشير مصطلح الأنوثة عمومًا إلى مجموعة صفات مرتبطة بالمرأة تميزها عن الرجل، الذي يُشار إلى صفاته المميزة بالذكورة. ومع هذا يقع خلاف حول الصفات الأنثوية أو الذكورية، فهل تعد هذه الصفات أمورًا فطرية أم معايير ثقافية مكتسبة؟
يُعد الاستسلام والخضوع والرحمة ورعاية الآخرين والعناية بهم، وخاصةً الأطفال، سمات أنثويةً منتشرةً على نطاق واسع مقارنةً بالذكور. لكن ما الذي أدى إلى هذه النظرة؟
ساهم الانتشار الواسع لهذه الصفات عند الإناث في رفع مصداقية الظن بأن هذه الخصال متجذرة في بيولوجيا الإناث وتشريحهن، سواءً كان ذلك بواسطة التصميم الإلهي أو الانتقاء الطبيعي الدارويني، في الحالة الأخيرة، تفترض نظرية التطور ارتفاع معدلات التكاثر لدى النساء سريعات الاستسلام، أي اللائي يسهل إخضاعهن جنسيًا، وتؤكد النظرية وجود معدلات بقاء أعلى للأطفال المولودين لأمهات كثيرات الرعاية لهم. ومع ذلك، لا تعد أكثر السمات الأنثوية انتشارًا سمات عالميةً، سواءً بمراعاة الثقافات المختلفة، أو المجموعات المتنوعة أو الأفراد داخل مجتمع معين، أو فترات التاريخ المختلفة.
حاز هذا الموضوع لاحقًا الكثير من الاهتمام العلمي، منذ دراسة مارغريت ميد عالمة الأنثروبولوجيا الرائدة سنة 1936 التي أظهرت للمروة الأولى التباين الثقافي في السلوك والمزاج بين كلا الجنسين، ومن ثُم تحدّت الافتراضات القديمة حول الطبيعة العالمية للأنوثة والذكورة.
تدعم النساء معايير السلوك الأنثوي ومظاهره، لا تضع الأنثى تلك المعايير غالبًا، بل توضع تلك المعاير أساسًا عبر آليات التنشئة الاجتماعية التي قد تكون متعددةً أحيانًا، وغير واضحة دائمًا.
على مدى آلاف السنين، ساهمت النظم الثقافية ذات نطاق التأثير الواسع، مثل الديانات اليهودية والمسيحية والإسلامية والهندوسية والكونفوشيوسية، بحديثها صراحةً حول اقتصار الواجب الاجتماعي الأساسي للنساء على كونهن زوجات مطيعات وأمهات مخلصات، إذ طبقت الهياكل القانونية وشبه القانونية المستمدة من هذه التقاليد الدينية والأخلاقية تلك التوجيهات باستخدام عقوبات متباينة تتراوح بين الاعتدال والشدة، اعتمادًا على ظروف اجتماعية وتاريخية محددة.
في ظل نظام طالبان في أفغانستان في بداية القرن 21، تضمنت عقوبة عدم الامتثال للقيود الشديدة الوحشية المفروضة على مظهر المرأة وسلوكها الجلد العلني والإعدام، ومع هذا، لا يُعد الإكراه الوسيلة الوحيدة أو الأكثر فاعليةً لتشجيع النساء على الاشتراك في تحديد معايير الأنوثة، إذ تعد المكافآت الاجتماعية والرضا الشخصي للأنثى محفزات أخرى، ويعني التزامها بتلك المعايير مزيدًا من التقوى، ومن ثم تؤجر دينيًا، إذ تعتقد أنها تتصرف وفقًا لإرادة الرب، ومن ثم سيكافئها.
بناءً على كيفية تفسيرها لعقيدتها، قد تشير المرأة المسلمة اليوم إلى أنوثتها وتقواها عبر ارتداء الحجاب، بصرف النظر عن نظام الدولة السياسي، ثيوقراطيًا كان أم علمانيًا، إذ تستطيع المكافآت الإضافية تعزيز اختيارها للحجاب من دون الحاجة إلى فرضه عليها بالقانون الثيوقراطي، ومن جملة تلك المُحفزات: تحقيق مزيد من الاحترام داخل مجتمعها، فضلًا عن الاستقلالية والمركزية الشخصية التي تستمدها من عائلتها والمجتمع المسلم المحيط بها.
في معظم الثقافات، يُعد الزواج مكافأةً رئيسيةً للمرأة التي تُحسن ممارسة أنوثتها، ويعتمد رفاه بعض الأسر في ظل بعض الظروف الاقتصادية اعتمادًا كبيرًا على دخل المرأة، وفي علاقات زوجية أخرى لا يكون عمل المرأة خارج المنزل ضروريًا، وعلى ذلك تمارس المرأة أنشطة العمل المنزلي بوصفها أنشطةً نسائية، سواء كان هذا بسبب التمييزات الطبقية، أو تجاوزًا للهياكل الاقتصادية ورفضها في العصر ما بعد الصناعي الذي تحول فيه الإنتاج ليقتصر على العمل بعيدًا عن المنزل، فكيف تُقاس أنوثة المرأة في هذه الحال؟
لا تُقاس أنوثتها بعملها خارج المنزل ومقدار دخلها، بل بمظهرها وشخصيتها، إذ تحدد الظروف الثقافية البطريركية -الأبوية الذكورية- السائدة في معظم المجتمعات، المظهر الأنثوي المثالي والسمات الشخصية المُحبذة لتحدد جاذبية المرأة للرجل جنسيًا، وكيف تصبح أكثر ملاءمةً لوضعه الاجتماعي، وأكثر موثوقيةً لتربية أطفاله. وهكذا أصبح الجمال الجسدي الطبيعي والاصطناعي مضافًا إلى سمات شخصية أخرى، بجانب تنشئة الأطفال والواجب تجاه الأسرة، من السمات المميزة الشائعة للأنثى المثالية، ومع أن المرأة تمتلك الرضا الشخصي في سبيل تلبية هذه التدابير، فإن الثمن يُعد باهظًا في كثير من الأحيان، ففي المجتمعات الطبقية، لا تقتصر معايير الجمال المُشيرة إلى الأنوثة على الرقة والنقاء والذوق في التزيّن، بل تتعداها إلى صفات أخرى مثل الهشاشة الجسدية والضعف وحتى العجز، لتشكل معًا رموزًا مميزةً للزوج في مجتمعه، فتضفي عليه مزيدًا من الهيبة الاجتماعية والاقتصادية، إذ تُعد المرأة غير العاملة خارج المنزل مؤشرًا لنجاح الزوج ماديًا في تشييد أسرته دون الحاجة إلى عمل زوجته.
اكتشف علماء النفس كيف سبب اهتمام المرأة بالآخرين ورعايتها لهم معاناة الكثيرات مشكلات في الصحة النفسية نتيجة التضحية بأنفسهن، لذا وُصفت الرعاية سمةً أنثويةً سلبية.
كتب العديد من العلماء عن كيفية إظهار النساء أنفسهن بوصفهن أشياءً في غضون سعيهن لتطبيق معايير الجمال الأنثوي، بدلاً من ممارسة دورهن بوصفهن ذواتًا، ومع ذلك فإنهن لسن ملزمات فقط بالنجاح في هذا المسعى، ولكن أيضًا يتلقون التذكير بفشلهن في الوصول إلى الشكل المثالي باستمرار، ويتشتت انتباههن مرارًا وتكرارًا بوعود جديدة للنجاح. تحدد وسائل الإعلام الحديثة المنتشرة والاقتصاد الرأسمالي معايير الأنوثة بصرامة، فتضع قواعدها الخاصة للجمال، واللائي لا يتطابق سنهن أو لون بشرتهن أو ملمس شعرهن أو نوع لياقتهن البدنية مع الموضة السائدة والمعايير الجمالية، تُستَغل مشاعر النقص عندهن لبيع منتجات التجميل والخدمات العديدة، من أحمر الشفاه إلى مفتح البشرة إلى عمليات شفط الدهون وتكبير الثدي، ولا يهدف ذلك إلا إلى جني المزيد من الأرباح. وهنا علينا التذكر أن نظام الجمال ليس ثابتًا والموضة تتغير باستمرار، والثابت في هذه المعادلة الرأسمالية هو أن كل تفاصيل الجسم تتطلب اهتمامًا خاصًا، متضمنةً تفاصيل شكل جسم المرأة وشعرها ورائحتها ولبسها ومكياج وجهها وغيرها من وسائل التزيين، فهل يكتفون بهذا الحد؟ بالطبع لا، بل يتدخلون حتى في طريقة حديث المرأة وحركتها. ليُنتجن الجسد الأنثوي الحديث، سيحتجن إلى جهود متواصلة هائلة من المراقبة والانضباط الذاتيين منذ سن مبكرة.
يتحدث بعض المفكرين عن هذا الشكل الحديث من التحديد لمعايير الأنوثة بوصفه أكثر إخضاعًا من السلطة البطريركية، تلك السلطة التي تقوم على فرض نظام وقيود صارمة وعقوبات قد تكون أحيانًا وحشية، ما يعني أن وسائل فرض معايير الأنوثة البطريركية التي تبدو للوهلة الأولى غير مقبولة، تُعد أقل اجتياحًا لذاتية الكائن البشري مقارنةً بالمعايير الإعلامية والرأسمالية الحديثة.
غالبًا ما يركز الهادفين إلى العودة إلى المثل العليا البطريركية في تحديد معايير الأنوثة على نقد الأضرار الجسدية والنفسية والاقتصادية والسياسية الناتجة عن عمليات التنميط والتنشئة الاجتماعية التي يمارسها المجتمع الحديث في أعقاب الحركات النسوية، التي تتضمن خصائص مثل تطوير الميزات التنافسية وتنمية القوة البدنية والعضلية في شخصيات الفتيات والنساء وأجسادهن وممارستهن الرياضات المختلفة. إن التعبير عن هذه الممارسات النسوية الرياضية في وسائل الإعلام يضخم من مدى الأنوثة ونطاقها، ليجعل معناها فضفاضًا يتسع ليشمل صفات كانت تُعد سابقًا محصورةً بالذكورية.
على عكس ما سبق، يرى بعض منتقدي معايير الأنوثة البطريركية، أن التطورات الاجتماعية التي تطمس الأدوار التقليدية للجنسين، مثل مشاركة النساء في الرياضة أو السياسة أو الجيش، هي وسائل تحيي الأمل، إذ تساعد على نقل الفهم العام للأنوثة إلى ما وراء الإطار الثنائي الذي لا يزال مهيمنًا، ذلك الإطار الذي يرونه مُزعجًا وضارًا إذ يجري فيه تصور الأنوثة والذكورة بوصفهما متضادين متعارضين.
يُعد الاستسلام والخضوع والرحمة ورعاية الآخرين والعناية بهم، وخاصةً الأطفال، سمات أنثويةً منتشرةً على نطاق واسع مقارنةً بالذكور. لكن ما الذي أدى إلى هذه النظرة؟
ساهم الانتشار الواسع لهذه الصفات عند الإناث في رفع مصداقية الظن بأن هذه الخصال متجذرة في بيولوجيا الإناث وتشريحهن، سواءً كان ذلك بواسطة التصميم الإلهي أو الانتقاء الطبيعي الدارويني، في الحالة الأخيرة، تفترض نظرية التطور ارتفاع معدلات التكاثر لدى النساء سريعات الاستسلام، أي اللائي يسهل إخضاعهن جنسيًا، وتؤكد النظرية وجود معدلات بقاء أعلى للأطفال المولودين لأمهات كثيرات الرعاية لهم. ومع ذلك، لا تعد أكثر السمات الأنثوية انتشارًا سمات عالميةً، سواءً بمراعاة الثقافات المختلفة، أو المجموعات المتنوعة أو الأفراد داخل مجتمع معين، أو فترات التاريخ المختلفة.
حاز هذا الموضوع لاحقًا الكثير من الاهتمام العلمي، منذ دراسة مارغريت ميد عالمة الأنثروبولوجيا الرائدة سنة 1936 التي أظهرت للمروة الأولى التباين الثقافي في السلوك والمزاج بين كلا الجنسين، ومن ثُم تحدّت الافتراضات القديمة حول الطبيعة العالمية للأنوثة والذكورة.
تدعم النساء معايير السلوك الأنثوي ومظاهره، لا تضع الأنثى تلك المعايير غالبًا، بل توضع تلك المعاير أساسًا عبر آليات التنشئة الاجتماعية التي قد تكون متعددةً أحيانًا، وغير واضحة دائمًا.
على مدى آلاف السنين، ساهمت النظم الثقافية ذات نطاق التأثير الواسع، مثل الديانات اليهودية والمسيحية والإسلامية والهندوسية والكونفوشيوسية، بحديثها صراحةً حول اقتصار الواجب الاجتماعي الأساسي للنساء على كونهن زوجات مطيعات وأمهات مخلصات، إذ طبقت الهياكل القانونية وشبه القانونية المستمدة من هذه التقاليد الدينية والأخلاقية تلك التوجيهات باستخدام عقوبات متباينة تتراوح بين الاعتدال والشدة، اعتمادًا على ظروف اجتماعية وتاريخية محددة.
في ظل نظام طالبان في أفغانستان في بداية القرن 21، تضمنت عقوبة عدم الامتثال للقيود الشديدة الوحشية المفروضة على مظهر المرأة وسلوكها الجلد العلني والإعدام، ومع هذا، لا يُعد الإكراه الوسيلة الوحيدة أو الأكثر فاعليةً لتشجيع النساء على الاشتراك في تحديد معايير الأنوثة، إذ تعد المكافآت الاجتماعية والرضا الشخصي للأنثى محفزات أخرى، ويعني التزامها بتلك المعايير مزيدًا من التقوى، ومن ثم تؤجر دينيًا، إذ تعتقد أنها تتصرف وفقًا لإرادة الرب، ومن ثم سيكافئها.
بناءً على كيفية تفسيرها لعقيدتها، قد تشير المرأة المسلمة اليوم إلى أنوثتها وتقواها عبر ارتداء الحجاب، بصرف النظر عن نظام الدولة السياسي، ثيوقراطيًا كان أم علمانيًا، إذ تستطيع المكافآت الإضافية تعزيز اختيارها للحجاب من دون الحاجة إلى فرضه عليها بالقانون الثيوقراطي، ومن جملة تلك المُحفزات: تحقيق مزيد من الاحترام داخل مجتمعها، فضلًا عن الاستقلالية والمركزية الشخصية التي تستمدها من عائلتها والمجتمع المسلم المحيط بها.
في معظم الثقافات، يُعد الزواج مكافأةً رئيسيةً للمرأة التي تُحسن ممارسة أنوثتها، ويعتمد رفاه بعض الأسر في ظل بعض الظروف الاقتصادية اعتمادًا كبيرًا على دخل المرأة، وفي علاقات زوجية أخرى لا يكون عمل المرأة خارج المنزل ضروريًا، وعلى ذلك تمارس المرأة أنشطة العمل المنزلي بوصفها أنشطةً نسائية، سواء كان هذا بسبب التمييزات الطبقية، أو تجاوزًا للهياكل الاقتصادية ورفضها في العصر ما بعد الصناعي الذي تحول فيه الإنتاج ليقتصر على العمل بعيدًا عن المنزل، فكيف تُقاس أنوثة المرأة في هذه الحال؟
لا تُقاس أنوثتها بعملها خارج المنزل ومقدار دخلها، بل بمظهرها وشخصيتها، إذ تحدد الظروف الثقافية البطريركية -الأبوية الذكورية- السائدة في معظم المجتمعات، المظهر الأنثوي المثالي والسمات الشخصية المُحبذة لتحدد جاذبية المرأة للرجل جنسيًا، وكيف تصبح أكثر ملاءمةً لوضعه الاجتماعي، وأكثر موثوقيةً لتربية أطفاله. وهكذا أصبح الجمال الجسدي الطبيعي والاصطناعي مضافًا إلى سمات شخصية أخرى، بجانب تنشئة الأطفال والواجب تجاه الأسرة، من السمات المميزة الشائعة للأنثى المثالية، ومع أن المرأة تمتلك الرضا الشخصي في سبيل تلبية هذه التدابير، فإن الثمن يُعد باهظًا في كثير من الأحيان، ففي المجتمعات الطبقية، لا تقتصر معايير الجمال المُشيرة إلى الأنوثة على الرقة والنقاء والذوق في التزيّن، بل تتعداها إلى صفات أخرى مثل الهشاشة الجسدية والضعف وحتى العجز، لتشكل معًا رموزًا مميزةً للزوج في مجتمعه، فتضفي عليه مزيدًا من الهيبة الاجتماعية والاقتصادية، إذ تُعد المرأة غير العاملة خارج المنزل مؤشرًا لنجاح الزوج ماديًا في تشييد أسرته دون الحاجة إلى عمل زوجته.
اكتشف علماء النفس كيف سبب اهتمام المرأة بالآخرين ورعايتها لهم معاناة الكثيرات مشكلات في الصحة النفسية نتيجة التضحية بأنفسهن، لذا وُصفت الرعاية سمةً أنثويةً سلبية.
كتب العديد من العلماء عن كيفية إظهار النساء أنفسهن بوصفهن أشياءً في غضون سعيهن لتطبيق معايير الجمال الأنثوي، بدلاً من ممارسة دورهن بوصفهن ذواتًا، ومع ذلك فإنهن لسن ملزمات فقط بالنجاح في هذا المسعى، ولكن أيضًا يتلقون التذكير بفشلهن في الوصول إلى الشكل المثالي باستمرار، ويتشتت انتباههن مرارًا وتكرارًا بوعود جديدة للنجاح. تحدد وسائل الإعلام الحديثة المنتشرة والاقتصاد الرأسمالي معايير الأنوثة بصرامة، فتضع قواعدها الخاصة للجمال، واللائي لا يتطابق سنهن أو لون بشرتهن أو ملمس شعرهن أو نوع لياقتهن البدنية مع الموضة السائدة والمعايير الجمالية، تُستَغل مشاعر النقص عندهن لبيع منتجات التجميل والخدمات العديدة، من أحمر الشفاه إلى مفتح البشرة إلى عمليات شفط الدهون وتكبير الثدي، ولا يهدف ذلك إلا إلى جني المزيد من الأرباح. وهنا علينا التذكر أن نظام الجمال ليس ثابتًا والموضة تتغير باستمرار، والثابت في هذه المعادلة الرأسمالية هو أن كل تفاصيل الجسم تتطلب اهتمامًا خاصًا، متضمنةً تفاصيل شكل جسم المرأة وشعرها ورائحتها ولبسها ومكياج وجهها وغيرها من وسائل التزيين، فهل يكتفون بهذا الحد؟ بالطبع لا، بل يتدخلون حتى في طريقة حديث المرأة وحركتها. ليُنتجن الجسد الأنثوي الحديث، سيحتجن إلى جهود متواصلة هائلة من المراقبة والانضباط الذاتيين منذ سن مبكرة.
يتحدث بعض المفكرين عن هذا الشكل الحديث من التحديد لمعايير الأنوثة بوصفه أكثر إخضاعًا من السلطة البطريركية، تلك السلطة التي تقوم على فرض نظام وقيود صارمة وعقوبات قد تكون أحيانًا وحشية، ما يعني أن وسائل فرض معايير الأنوثة البطريركية التي تبدو للوهلة الأولى غير مقبولة، تُعد أقل اجتياحًا لذاتية الكائن البشري مقارنةً بالمعايير الإعلامية والرأسمالية الحديثة.
غالبًا ما يركز الهادفين إلى العودة إلى المثل العليا البطريركية في تحديد معايير الأنوثة على نقد الأضرار الجسدية والنفسية والاقتصادية والسياسية الناتجة عن عمليات التنميط والتنشئة الاجتماعية التي يمارسها المجتمع الحديث في أعقاب الحركات النسوية، التي تتضمن خصائص مثل تطوير الميزات التنافسية وتنمية القوة البدنية والعضلية في شخصيات الفتيات والنساء وأجسادهن وممارستهن الرياضات المختلفة. إن التعبير عن هذه الممارسات النسوية الرياضية في وسائل الإعلام يضخم من مدى الأنوثة ونطاقها، ليجعل معناها فضفاضًا يتسع ليشمل صفات كانت تُعد سابقًا محصورةً بالذكورية.
على عكس ما سبق، يرى بعض منتقدي معايير الأنوثة البطريركية، أن التطورات الاجتماعية التي تطمس الأدوار التقليدية للجنسين، مثل مشاركة النساء في الرياضة أو السياسة أو الجيش، هي وسائل تحيي الأمل، إذ تساعد على نقل الفهم العام للأنوثة إلى ما وراء الإطار الثنائي الذي لا يزال مهيمنًا، ذلك الإطار الذي يرونه مُزعجًا وضارًا إذ يجري فيه تصور الأنوثة والذكورة بوصفهما متضادين متعارضين.