كيف تتعامل مع شريك مصاب باضطراب التوحد؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كيف تتعامل مع شريك مصاب باضطراب التوحد؟

    تخيل أن تكون متزوجًا من شخص يصر على غسل الملابس في ليلة محددة من كل أسبوع، ويغضب إذا طرأ تغير على روتينه. أو أن يكون لديك زوج لا يستطيع فهم ما تقوله إذا كنت تتحدث معه في غرفة مزدحمة وصاخبة. هذه بعض التحديات المتعددة التي تواجه الأشخاص الذين لديهم شركاء مصابين باضطرابات طيف التوحد.






    لقد أثارت الممثلة الكوميدية آمي شومر حديثًا في أحد عروضها الكوميدية نقاشًا حول هذا الموضوع، عندما كشفت أن زوجها شُخص باضطراب نمو عصبي، ما يجعل التفاعلات الاجتماعية صعبة له. وقالت: «أعلم أن دماغ زوجي مختلف عني».

    أثارت شومر الضحك عندما قلدت ردة فعل زوجها كريس فيشر عندما تعثرت في أثناء مشيها، موضحةً أن تعبيرات الوجه غير المناسبة هي سمة لاضطراب التوحد. وأشادت بعدم قدرة زوجها على الكذب وإن أساء إلى الآخرين إذ قالت: «لا يستطيع الكذب ويقول ما يدور بباله، ولا يبالي بالأعراف الاجتماعية، كل هذه الأمور توضح أنه مصاب باضطراب التوحد، وهذا يجعلني أحبه بجنون».



    يشير مصطلح اضطراب طيف التوحد إلى طيف واسع من الأعراض المختلفة المتنوعة بين الأفراد المصابين، ولعل أشدها عدم القدرة على الكلام والحاجة إلى عناية دائمة، إذ إن البعض قد يكون صاحب موهبة معينة، ويكون معدل ذكائه عاليًا، رغم كونهم ملتزمين بروتين صارم، وحساسية من الضوء والضجيج وغيرها من المنبهات الحسية. ويشكل التواصل تحديًا لدى المصابين باضطراب التوحد، لكن المفارقة هي قدرتهم على الحديث عن المواضيع التي تهمهم دون توقف، أو دون إعطاء الآخر فرصة الكلام. وأيضًا يواجه الأشخاص المصابون بالتوحد صعوبة في فهم ما يقوله الآخرون سواءً كانت الرسالة لفظية أم بواسطة لغة الجسد.






    يعاني طفل من أصل 59 طفلًا اضطراب التوحد، وفقًا لتقديرات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها عام 2018، ويصيب الذكور بنسبة أربعة أضعاف إصابة الإناث.

    يُعتقد أن الجينات والعوامل البيئية مثل تقدم عمر الوالدين وقت الحمل والولادة المبكرة تزيد خطر الإصابة بالتوحد، إلا أن العلماء لم يحددوا السبب بعد.

    تعتقد غيل المقيمة في غرب الولايات المتحدة أن اضطراب التوحد يخلق فجوة عاطفية. وقالت: «ستوجد دائمًا فجوة في علاقتكما، ما لم تتمكن من تحويل نفسك إلى روبوت، لتكون على ما يرام مع غياب أنواع التواصل العاطفي مع شريكك. كل البشر يحتاجون إلى الشعور بنوع من التواصل، وعندما لا تفهم ذلك ستكون وحيدًا». قالت غريس ميهيل، مديرة معهد بيتر إم فريدمان للأزواج أصحاب التنوع في الحالات العصبية، وهو برنامج في ماساتشوستس يدرب المعالجين على العمل مع المصابين باضطراب التوحد: «إن الأساليب المعتادة لسد فجوات التواصل لا تساعد في حالة اضطراب التوحد».

    «لا يمكنك الطلب من شريكك أن يكون أكثر تعاطفًا عندما يكون منزعجًا، فغالبًا لا يمكنهم فهم ذلك». ويواجه المصابون باضطراب التوحد صعوبة في فهم وجهات نظر الآخرين، ما يؤدي إلى حدوث انقسامات وصراعات، بسبب قولهم كل ما يخطر في أذهانهم دون مراعاة وقع كلماتهم على الآخرين.






    قالت غيل: «لا يفهم المصابون باضطراب التوحد أنك لا تقول كل ما تفكر فيه»، مشيرةً إلى أن زوجها يضيف تعليقات قد تكون مزعجة، إذا أخبرها مباشرةً بأن رائحتها كريهة، عندما يزول تأثير مزيل العرق في نهاية اليوم. وأضافت: «لا يمكنه أن يفهم الخطأ الذي ارتكبه، فهو يرى العالم فقط من خلال ناظريه».

    يشمل التزامه الصارم بالروتين أعمالًا مثل غسل الملابس أيام الجمعة فقط، إذ يبقى مستيقظًا حتى ساعات الصباح الباكر للتيقن من طي الملابس، فيُصاب بالانزعاج وينفجر غاضبًا عند تعديل هذا الروتين لأي سبب. تقول غيل إنها منهكة لدرجة أنها تفكر في إنهاء زواجهما الذي دام 34 عامًا. ويُعد فرط نشاط المستقبلات الحسية لدى مرضى اضطراب طيف التوحد أحد أسباب المشاحنات بين الشركاء، وقد تجعل محاولات النقاش في أثناء الحفلات الصاخبة مريض التوحد قلقًا وأقل انتباهًا إلى شريكه.

    قال أحد المشاركين: «إن مقدار الطاقة التي يجب أن أبذلها بهدف معالجة المعلومات الحسية يجعل استيعاب المعلومات الاجتماعية أصعب».

    لاحظت لين التي شُخصت حالتها بالتوحد أنها لا تستطيع الانتباه إلى تعابير الوجه والإيماءات مع وجود ضجيج سمعي. وتصف علاقتها بزوجها الذي يحترم احتياجاتها أنه «حلم تحقق»، وإذا واجهت صعوبة في فهم ما يقوله بسبب وجود ضوضاء، فإنه يكرر قوله. أما إذا استمرت في سوء فهمها، فسيلجأ إلى الاقتراب أكثر حتى تتمكن من رؤية إشاراته غير اللفظية. أضافت: «لا أشعر أن التوحد يفرقنا. أشعر بأننا تكيفنا بتناغم».




    لحظات مضيئة


    أشارت بعض المُشارِكات إلى كيفية تأثير التوحد في زواجهن، إذ قالوا إنهن تنفسن الصعداء فور معرفتهن بهذا الاضطراب، وأصبح لديهن أخيرًا تفسير لسلوك أزواجهن المحير. قالت ديانا أندرسون إن تشخيص زوجها البالغ من العمر 55 عامًا باضطراب التوحد قبل 3 سنوات كان نقطة مضيئة في حياتها، فجميع التصرفات التي لم تجد لها تفسيرًا مقنعًا في الماضي أصبحت منطقية الآن، وأضافت: «أدرك الآن أن ما كنت أظنه سلوكًا عدوانيًا، هو ببساطة محاولة نسيان، وتلك أحدى خصائص التوحد».

    لم تستطع أندرسون فهم ردة فعل زوجها عندما أخبرته بأن ابن عمها قد مات، فقال لها إنه ذاهب إلى الطابق السفلي لمشاهدة التلفاز ودعاها إلى الانضمام إليه.

    تقول أندرسون إنها دربت زوجها على ما أرادت أن يقول لها في تلك الحالات، لكنه «ما زال لا يفهم احتياجاتي أو كيف يتصرف تصرفًا مناسبًا»، أما الآن فإن زواجهما يزدهر بعد بضع جلسات مع طبيب نفسي متخصص في العمل مع الأزواج المصابين بالتوحد، وتعزو السيدة أندرسون سبب نجاح علاقتهما إلى استجابة زوجها للعلاج، والآن بعد أن فهمت أنه لا يقصد إيذاء مشاعرها، تقول إنها تتعلم عدم الرد بطريقة دفاعية.
يعمل...
X