يميز علم النفس بين شكلين من الجنس: الجنس البيولوجي (ذكر أو أنثى أو ثنائي الجنس)، والجنس الاجتماعي النفسي (الذكورة والأنوثة إضافةً إلى الهويات الأخرى المختلفة). في كتابي القادم «المعيار الصعب»، الذي أشارك في تأليفه مع رونالد ليفاند وشانا بريور، حددنا الذكورة بوصفها مجموعة الأفكار والمشاعر والسلوكيات التي تُعد عمومًا مناسبة للفتيان والرجال. وأهم من ذلك، أنها تشمل أيضًا تلك التي تُعد غير مناسبة للفتيان والرجال.
غالبًا ما يُنظر إلى الذكورة بأنها معتقد كغيره من المعتقدات التي يعتنقها الإنسان، تستند المعتقدات عادةً إلى الأيديولوجيات الاجتماعية والثقافية. لذا فإن صفات الذكورة ناتجة عن النشأة الاجتماعية، ولا علاقة لها بالجنس البيولوجي للذكور. ومن هنا، اختلفت تعريفات الذكورة باختلاف الثقافات والفترات التاريخية، ولذ يُعد الجنس البيولوجي للذكور مقابلًا لدور الجنس الاجتماعي للإناث.
«إن النظر إلى الذكورة من منظور الجنس الاجتماعي النفسي يوفر لنا فرصة رائعة، لأن الأفكار والمعتقدات والعواطف والسلوكيات أكثر قابلية للتغيير مقارنةً بالجينات والهرمونات. نرغب في تحرير الأولاد والرجال من الالتزام الصارم بمعايير الذكورة لتحسين الحياة وتحقيق فائدة كبرى للمجتمع».
الحاصل أن الذكورة ليست مرتبطة بالجينات والهرمونات، وهي ليست ضرورية ولا حتمية للفتيان والرجال. باستطاعة هؤلاء جميعًا الاحتفاظ بهوياتهم الجنسية البيولوجية دون ضرورة الحفاظ على أفكارهم وعواطفهم وسلوكياتهم التي تُعد معايير لصفات الذكورة بمعناها الاجتماعي.
لا ريب أن ليس الأمر سهلًا، ولكن بإمكان الصبيان والرجال أن يختاروا ترك الامتثال لمعايير الذّكورة عبر مقاومتها، أو أن يختاروا معايير الذكورة التي يتوافقون معها ويتركوا ما لا يحبذون. أحد الأشكال التي قد يتخذها الذكور هنا هو الذكورة الهجينة، التي تُعرَّف بأنها قيام الرجال بدمج انتقائي لعدد من عناصر الذكورة والأنوثة. ربما يتخذ بعض الرجال شكلًا آخر من الذكورة وهو الذّكورة الشاملة. بالاعتماد على مختلف البيئات الموجهة للذكور.
أخذ رهاب المثلية الثقافية بالانخفاض، إذ أظهر العديد من الذكور ارتياحًا بوجود روابط عاطفية ومودة جسدية مع ذكور آخرين، إضافةً إلى أن لدى هؤلاء مواقف إيجابية تجاه الرجال المثليين، بل ذهب بعضهم إلى رفض التعليقات المعادية للمثليين.
مع ذلك، يهيمن على معتقدات الذكور مجموعة واحدة في الولايات المتحدة، سادت هذه المجموعة دون معارضة إلى حد كبير قبل الحركة النسوية في أواخر الستينيات وتُعرف أفكارهم بأيديولوجية الذكورة التقليدية (TMI). يشير هذا المصطلح إلى المعتقدات الثقافية المتعلقة بالمعايير التي تدعم ممارسات الذكورة -بوصفها بُعدًا اجتماعيًا- لدى الذكور. بقيت هذه الذّكورة مهيمنةً ومتأصلةً بعمق في الثقافة الأميركية، إذ يجب على جميع الأولاد والرجال الاقتناع بها والتعامل معها بإيجابية، بصرف النظر عن العِرق أو الدين أو الهوية الجنسية أو أي بُعد آخر من أبعاد التنوع الإنساني.
قيس مصطلح أيديولوجيا الذكورة التقليدية وفق العديد من المقاييس، سنناقش ثلاثة منها في هذا المقال:
• النسخة الأساسية لمقياس أيديولوجيا الذكورة التقليدية، التي طورها عالم النفس ديفيد برانون، وتُعرف بمقياس برانون للذكورة (BMS)، الذي حدد أربعة معايير:
• الإصدار التالي الأحدث هو مقياس «نموذج قصير لحصر قواعد دور الذكور» (MRNI-SF)، الذي طورته مع زملائي في جامعة بوسطن في أواخر الثمانينيات، يحدد سبعة معايير:
كان هدفنا هنا تحسين مقياس ديفيد برانون عبر تطوير مقياس يستند إلى مراجعة شاملة للثقافات. في مقياسنا هذا، درسنا كيف تختلف الذكورة باختلاف الثقافات الفرعية في الولايات المتحدة وفي الدول الأخرى. يطلب هذا المقياس من الذكور المشاركين الإشارة إلى مدى موافقتهم أو رفضهم بعبارات تتراوح من أوافق بشدة إلى أرفض بشدة. وعبارات حول الكيفية التي ينبغي أو لا ينبغي أن يفكر ويشعر ويتصرف بها الرجال على مقياس تتراوح درجاته من 0 إلى 4 أو 1 إلى 7.
• مقياس «حصر التوافق مع القواعد الذكورية» (CMNI) الذي طوره جيم ماهاليك وزملاؤه، وهو مقياس آخر مُستخدم على نطاق واسع يقيس مدى توافق المشاركين مع معايير الذكورة التقليدية، حدد هذا المقياس 11 معيارًا:
«لدى الكثيرين في مجتمعنا اعتقاد خاطئ بأن الذكورة مرادفة لكونك ذكرًا. في الواقع، وللأسف فإن قلة من الناس يدركون أن الجنس البيولوجي مختلف عن الجنس الاجتماعي».
باختصار، هذا هو الاتجاه التقليدي، فمنذ زمن بعيد، كان يُعتقد بوجود حاجة أصيلة لدى الرجال للامتثال لمجموعة من المعايير التي تمليها عليهم أفكارهم ومشاعرهم وسلوكياتهم. ومع ذلك، فلا يوجد دليل على الرأي القائل بوجود حاجة بيولوجية إلى أن يمتثل الرجال لقواعد الذّكورة الاجتماعية.
«بإمكان الرجال اختيار نوع آخر هجين من الذكورة، أو اختيار نوع يكون أكثر شمولًا لهوياته المختلفة. اليوم، نحن ندافع عن حق الرجل في اختيار نوع الذكورة التي يريد».
حدد علم النفس أن الذكورة تُبنى اجتماعيًا، وهي انعكاس لأيديولوجيا المجتمع التي تفرض وتحدد الكيفية التي يجب أن يتصرف بها الرجال في ذلك المجتمع. إضافةً إلى ذلك، وجدت الأبحاث أنه لا توجد طريقة واحدة تعني ممارستها القيام بمتطلبات الذكورة. في الواقع، تختلف الذّكورة اعتمادًا على الهويات المختلفة للفرد مثل الجنس والعرق والفئة العمرية وغيرها.
قاس الباحثون النفسيون ودرسوا الذكورة منذ عقود. أُنشِئت العديد من المقاييس مثل BMS وMRNI وCMNI وغيرها. وجميعها سلطت الضوء على المعايير الاجتماعية المحددة لصفات الذكورة، مثل الشراسة والهيمنة والتسلط على النساء والسلبية تجاه الأقليات الجنسية. رغم المفاهيم الخاطئة للمجتمع عن الجنس، فلدى الرجال خيارات أكثر مما كان معروفًا في السابق.
غالبًا ما يُنظر إلى الذكورة بأنها معتقد كغيره من المعتقدات التي يعتنقها الإنسان، تستند المعتقدات عادةً إلى الأيديولوجيات الاجتماعية والثقافية. لذا فإن صفات الذكورة ناتجة عن النشأة الاجتماعية، ولا علاقة لها بالجنس البيولوجي للذكور. ومن هنا، اختلفت تعريفات الذكورة باختلاف الثقافات والفترات التاريخية، ولذ يُعد الجنس البيولوجي للذكور مقابلًا لدور الجنس الاجتماعي للإناث.
«إن النظر إلى الذكورة من منظور الجنس الاجتماعي النفسي يوفر لنا فرصة رائعة، لأن الأفكار والمعتقدات والعواطف والسلوكيات أكثر قابلية للتغيير مقارنةً بالجينات والهرمونات. نرغب في تحرير الأولاد والرجال من الالتزام الصارم بمعايير الذكورة لتحسين الحياة وتحقيق فائدة كبرى للمجتمع».
الحاصل أن الذكورة ليست مرتبطة بالجينات والهرمونات، وهي ليست ضرورية ولا حتمية للفتيان والرجال. باستطاعة هؤلاء جميعًا الاحتفاظ بهوياتهم الجنسية البيولوجية دون ضرورة الحفاظ على أفكارهم وعواطفهم وسلوكياتهم التي تُعد معايير لصفات الذكورة بمعناها الاجتماعي.
لا ريب أن ليس الأمر سهلًا، ولكن بإمكان الصبيان والرجال أن يختاروا ترك الامتثال لمعايير الذّكورة عبر مقاومتها، أو أن يختاروا معايير الذكورة التي يتوافقون معها ويتركوا ما لا يحبذون. أحد الأشكال التي قد يتخذها الذكور هنا هو الذكورة الهجينة، التي تُعرَّف بأنها قيام الرجال بدمج انتقائي لعدد من عناصر الذكورة والأنوثة. ربما يتخذ بعض الرجال شكلًا آخر من الذكورة وهو الذّكورة الشاملة. بالاعتماد على مختلف البيئات الموجهة للذكور.
أخذ رهاب المثلية الثقافية بالانخفاض، إذ أظهر العديد من الذكور ارتياحًا بوجود روابط عاطفية ومودة جسدية مع ذكور آخرين، إضافةً إلى أن لدى هؤلاء مواقف إيجابية تجاه الرجال المثليين، بل ذهب بعضهم إلى رفض التعليقات المعادية للمثليين.
مع ذلك، يهيمن على معتقدات الذكور مجموعة واحدة في الولايات المتحدة، سادت هذه المجموعة دون معارضة إلى حد كبير قبل الحركة النسوية في أواخر الستينيات وتُعرف أفكارهم بأيديولوجية الذكورة التقليدية (TMI). يشير هذا المصطلح إلى المعتقدات الثقافية المتعلقة بالمعايير التي تدعم ممارسات الذكورة -بوصفها بُعدًا اجتماعيًا- لدى الذكور. بقيت هذه الذّكورة مهيمنةً ومتأصلةً بعمق في الثقافة الأميركية، إذ يجب على جميع الأولاد والرجال الاقتناع بها والتعامل معها بإيجابية، بصرف النظر عن العِرق أو الدين أو الهوية الجنسية أو أي بُعد آخر من أبعاد التنوع الإنساني.
قيس مصطلح أيديولوجيا الذكورة التقليدية وفق العديد من المقاييس، سنناقش ثلاثة منها في هذا المقال:
• النسخة الأساسية لمقياس أيديولوجيا الذكورة التقليدية، التي طورها عالم النفس ديفيد برانون، وتُعرف بمقياس برانون للذكورة (BMS)، الذي حدد أربعة معايير:
- لا ينبغي للرجل أن يكون أنثويًا.
- يسعى الرجل لتحقيق نجاحات وإنجازات تضفي على شخصه احترامًا.
- يجب على الرجل ألا يُظهر الضعف أبدًا.
- يبحث الرجال عن المغامرة والمخاطرة، ويتقبلون العنف إذا لزم الأمر.
• الإصدار التالي الأحدث هو مقياس «نموذج قصير لحصر قواعد دور الذكور» (MRNI-SF)، الذي طورته مع زملائي في جامعة بوسطن في أواخر الثمانينيات، يحدد سبعة معايير:
- تجنب الأنوثة.
- النظرة السلبية تجاه الأقليات الجنسية.
- الاعتماد على الذات من خلال المهارات.
- القوة.
- السيطرة.
- أهمية الجنس.
- العاطفة المقيَّدة.
كان هدفنا هنا تحسين مقياس ديفيد برانون عبر تطوير مقياس يستند إلى مراجعة شاملة للثقافات. في مقياسنا هذا، درسنا كيف تختلف الذكورة باختلاف الثقافات الفرعية في الولايات المتحدة وفي الدول الأخرى. يطلب هذا المقياس من الذكور المشاركين الإشارة إلى مدى موافقتهم أو رفضهم بعبارات تتراوح من أوافق بشدة إلى أرفض بشدة. وعبارات حول الكيفية التي ينبغي أو لا ينبغي أن يفكر ويشعر ويتصرف بها الرجال على مقياس تتراوح درجاته من 0 إلى 4 أو 1 إلى 7.
• مقياس «حصر التوافق مع القواعد الذكورية» (CMNI) الذي طوره جيم ماهاليك وزملاؤه، وهو مقياس آخر مُستخدم على نطاق واسع يقيس مدى توافق المشاركين مع معايير الذكورة التقليدية، حدد هذا المقياس 11 معيارًا:
- التفوق.
- السيطرة.
- العاطفة.
- المخاطرة.
- العنف.
- الهيمنة.
- الاعتماد على الذات.
- أسبقية العمل.
- التسلط على النساء.
- ازدراء المثلية الجنسية.
- السعي وراء المكانة.
«لدى الكثيرين في مجتمعنا اعتقاد خاطئ بأن الذكورة مرادفة لكونك ذكرًا. في الواقع، وللأسف فإن قلة من الناس يدركون أن الجنس البيولوجي مختلف عن الجنس الاجتماعي».
باختصار، هذا هو الاتجاه التقليدي، فمنذ زمن بعيد، كان يُعتقد بوجود حاجة أصيلة لدى الرجال للامتثال لمجموعة من المعايير التي تمليها عليهم أفكارهم ومشاعرهم وسلوكياتهم. ومع ذلك، فلا يوجد دليل على الرأي القائل بوجود حاجة بيولوجية إلى أن يمتثل الرجال لقواعد الذّكورة الاجتماعية.
«بإمكان الرجال اختيار نوع آخر هجين من الذكورة، أو اختيار نوع يكون أكثر شمولًا لهوياته المختلفة. اليوم، نحن ندافع عن حق الرجل في اختيار نوع الذكورة التي يريد».
حدد علم النفس أن الذكورة تُبنى اجتماعيًا، وهي انعكاس لأيديولوجيا المجتمع التي تفرض وتحدد الكيفية التي يجب أن يتصرف بها الرجال في ذلك المجتمع. إضافةً إلى ذلك، وجدت الأبحاث أنه لا توجد طريقة واحدة تعني ممارستها القيام بمتطلبات الذكورة. في الواقع، تختلف الذّكورة اعتمادًا على الهويات المختلفة للفرد مثل الجنس والعرق والفئة العمرية وغيرها.
قاس الباحثون النفسيون ودرسوا الذكورة منذ عقود. أُنشِئت العديد من المقاييس مثل BMS وMRNI وCMNI وغيرها. وجميعها سلطت الضوء على المعايير الاجتماعية المحددة لصفات الذكورة، مثل الشراسة والهيمنة والتسلط على النساء والسلبية تجاه الأقليات الجنسية. رغم المفاهيم الخاطئة للمجتمع عن الجنس، فلدى الرجال خيارات أكثر مما كان معروفًا في السابق.