التلاعب النفسي هو أحد أشكال سوء المعاملة التي تُمارَس في العلاقات العاطفية المؤذية، يعني التلاعب بشخص ما دفعه إلى التشكك في أفكاره وذكرياته والأحداث التي تجري حوله، وقد يصل ضحية التلاعب النفسي إلى درجة الشك في صحته العقلية.
يعود مصطلح التلاعب النفسي أو تأثير «الأضواء الغازية» إلى فيلم «غازلايت» المقتبس من مسرحية بالاسم نفسه، ففي الفيلم يتلاعب الزوج المخادع بزوجته ويعذبها لإقناعها بأنها تفقد عقلها.
يُعد التلاعب النفسي، سواءً أكان متعمدًا أم غير مقصود، أحد أشكال الغش والخداع، وقد يحدث في العديد من أنواع العلاقات مثل العلاقة مع مدير في العمل أو مع الأصدقاء أو مع العائلة، لكن أحد أكثر أشكال التلاعب النفسي تدميرًا هو الذي يحدث في العلاقة مع الشريك.
علامات التلاعب النفسي
وفقًا للبروفيسور روبين ستيرن مؤلف كتاب «تأثير الأضواء الخافتة: كيف تكتشف التلاعب الخفي الذي يمارسه الآخرون للسيطرة على حياتك وتنجو منه؟»، من العلامات التي تشير إلى أنك ضحية تلاعب نفسي:
- الشعور بأنك لم تعد كما كنت سابقًا.
- الشعور بالقلق وانعدام الثقة في النفس أكثر من السابق.
- الاعتقاد أنك تفرط في الحساسية.
- الشعور أن كل ما تفعله خطأ.
- الاعتقاد الدائم أنك المذنب عندما لا تسير الأمور على ما يرام.
- الرغبة في الاعتذار أحيانًا.
- الإحساس بوجود شيء غير طبيعي، لكنك غير قادر على تحديده.
- التفكير في ردود أفعالك مع شريكك، وهل هي ملائمة أم لا؟ فتتساءل مثلًا هل أنت مفرط أم مُقل في حبك له؟
- اختلاق الأعذار لتصرفات الشريك.
- تجنب إطلاع أصدقائك أو عائلتك على أي معلومات تجنبًا للمواجهة.
- الشعور أنك بمعزل عن أصدقائك وأفراد عائلتك.
- وجود صعوبة متزايدة في اتخاذ القرارات.
- الشعور باليأس، وغياب المتعة عند ممارسة أنشطة كنت تستمتع بها سابقًا.
يغدو الأشخاص الذين يتلاعبون بك نفسيًا أكثر خبرةً في إثارتك، وفي معرفة مدى حساسيتك وهشاشتك، ويستغلون هذه المعرفة ضدك، ويدفعونك إلى التشكيك في نفسك وأحكامك وذاكرتك، وحتى في صحتك العقلية. من الأمثلة على التلاعب النفسي:
- الاستخفاف بمشاعرك: «أنت الآن تشعر بالشفقة على نفسك».
- إخبارك أن الناس يتكلمون عنك في غيابك: «ألا تعلم أن العائلة بأسرها تتكلم عنك؟ يظنون أنك في طريقك إلى الجنون».
- إخبارك بشيء ثم إنكار الأمر فيما بعد: «لم أقل إنني سآخذ الوديعة إلى البنك، ما الذي تتحدث عنه؟! شكرًا جزيلًا على الخسائر غير الضرورية».
- إخفاء الأغراض ثم إنكار الأمر: «أحقًا لا تستطيع إيجاد نظاراتك الشمسية مجددًا؟! إن الأمر مخيف!».
- الإصرار -كذبًا- على أنك ذهبت إلى مكان ما، أو لم تذهب: «أنت مجنون! أنت لم ترافقني إلى هذا الحفل، لو ذهبتَ لعلمتُ بذلك!».
قد يعاني من يتلاعب نفسيًا بأشخاص في حياته ما يُسمى اضطراب الشخصية النرجسية. يؤمن صاحب الشخصية النرجسية بأهميته، ويظن أنه محور العالم، هو شخص منغمس للغاية في ذاته، ولا يعير الوقت أو الانتباه للآخرين إلا بما يخدم مصالحه. لا يتعاطف النرجسي مع الآخرين، ولا يمتلك القدرة على فهم واستيعاب مشاعر الغير وما يمرون به من تجارب.
يتعطش النرجسي للفت الانتباه والمديح، وقد يبدو متطلبًا، يجل نفسه وحياته ومستقبله، وغالبًا ما يلجأ إلى التلاعب والمخادعة لتحقيق مآربه الشخصية.
قد يفعل النرجسي ما يأتي:
- تقديم صورة مضخمة لذاته.
- المبالغة في وصف إنجازاته.
- الغضب عند تلقي الانتقادات.
- استغلال الآخرين لتحقيق مآربه الشخصية.
- يتوقع أن يُعامَل بعناية واهتمام بالغين.
- انتقاد الآخرين بشدة.
- كثيرًا ما يشعر بالحسد أو الغيرة.
الخطوة الأولى والأهم للحصول على المساعدة هي أن تعرف أنك ضحية تلاعب نفسي، أما الخطوة التالية فهي استشارة طبيب نفسي، أو مختص في علم النفس أو معالج نفسي، فهم يستطيعون مساعدتك على تخطي شكوكك ومخاوفك، وإدراك حقيقة ما مررت به، وستتعلم مع الوقت كيفية التعامل مع قلقك وشكّك وكيف تتأقلم معهما.