"القدس: التطهير العرقي وأساليب المقاومة": في موقع زهرة المدائن
محمود شريح
19 مارس 2023
شارك هذا المقال
حجم الخط
عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات [الدوحة/ بيروت] صدر مؤخرًا كتاب "القدس: التطهير العرقي وأساليب المقاومة"، من تحرير آيات حمدان، وفيه ستة عشر مبحثًا تتناولُ جوانبَ القدس التاريخية والتعليم فيها وأدوات السيطرة عليها وأساليب المواجهة ومكانة القدس في السياسة الدوليّة، في 584 صفحة من القطع الكبير، مع جداول وأشكال وصُوَر وخرائط ووثائق وفهرس عام، لستة عشر باحثًا في شأن القدس، ماضيًا وحاضرًا ومستقبلًا [أحمد جميل عزم، أحمد عز الدين أسعد، أديب زيادة، أسامة أبو ارشيد، أنوار حمد الله قدح، بلال فلاح، جاودة منصور، جوني منصور، حنين مجادلة، راسم خمايسي، رشيد البزيم، سامح حلاق، عبد الله معروف عمر، عصام نصار، موسى سرور، نزار أيوب ] يعيدون إلى زهرة المدائن بهاءها ورونقها.
في تقديمها للكتاب تشيرُ محرّرته آيات حمدان إلى أنه يبرزُ ساحات الصراع على المدينة القائمة على التطهير العرقي وآليات مقاومتها الفلسطينية التي تتجلّى في الصراع على المقدّسات، والصراع الديموغرافي والتطهير العرقي المكاني والبيئي، والحرب على الوعي من خلال تزوير المناهج التعليميّة، والمواقف الدوليّة، ومستقبل الصراع على القدس. منطلق آيات حمدان أنّ سياسات التطهير العرقي داخل المدينة تتخفّى تحت ستار القوانين الإدارية، من تنظيم حضري وهدم بيوت، لكن محتواها الأصلي قائم على تحقيق التطهير العرقي، وأغلبيّة يهوديّة متفوّقة.
في "إشكالية الديني والسياسي في العلاقة بين الدولة السلطانية والأوقاف المسيحيّة في القدس العثمانية" يرى موسى سرور أنّ منحَ الفرمانات السلطانيّة البطاركة في الولايات العثمانية حقّ "التولية" على أوقاف طوائفهم الدينية مكّن دولًا أوروبية ليس الإشراف عليها فحسب، بل كذلك من تحويل مؤسسات وقفية إسلامية إلى ملكيات غير وقفيّة لمصلحة دول أجنبية، ومؤسسات وقفيّة مسيحيّة أيضًا بطرائق قانونيّة وشرعيّة، ما أدّى الى تسريب العديد من الأوقاف الى حركة الاستيطان الصهيونيّة، وخصوصًا ما كان منها تابعًا للبطريركية الأرثوذكسيّة، على الرغم من حصانة الأوقاف المسيحية في القانون العثماني وقوانين السلطات الانتدابية البريطانية، أو السلطات الأردنية.
في "الاستعمار بالمُخيِّلة: القدس في الصُورة الفوتوغرافية المُبكرة" يعالج عصام نصار تمثيل القدس في الصُوَر الفوتوغرافية المبكرة الني أنتجها مصوّرون غربيّون زاروا القدس فاعتبرَ أن الصورة الفوتوغرافية ليست لقطة محايدة، بل أنّها انتاجٌ تقني وفنّي وتمثيلي اختيرَ موضوعُها بعناية، وأُنتجت بهدف توزيعها في الأسواق الأوروبية، وعليه فهي مُستندة إلى رغبة المشاهد الأوروبي في رؤية ما هو متّوقع بالنسبة إليه عندما يكون الأمرُ مرتبطًا بالمدينة المقدّسة، فلم يظهر الفلسطيني فيها جزءًا من الطوبوغرافيا الاجتماعية للمدينة، بل من جهة استدعاء ذاكرة جماعية دينية متخيّلة ترى فلسطين أرضًا بلا شعب، حتى قبل أن تُطلق الحركة الصهيونية هذا الشعار بعقود، ومن هنا يرى الباحث ان القدس استُعمرتْ بالمخيِّلة والنصّ أوّلًا، فيما الآن تُستعمر في الواقع.
عبد الله معروف عمر في مبحثه "قراءة في النظرة الصهيونية إلى المنطقة الشرقية في الأقصى ومشروعات السيطرة عليه وتقسيمه" يؤرّخ لظهور فكرة التقسيم ومحاولات تطبيقها اسرائيليًا، إذ أكّدت انتفاضة موسم النبي موسى [1920] وثورة البراق [1925] أن المسجد الأقصى هو المحرّك الأساسي للانتفاضات الإسلامية في المنطقة ضد الاحتلال على الدوام، ما أوجدَ نوعًا من الحاجز النفسي أو الردع الذاتي لدى بريطانيا وحليفتها الحركة الصهيونية، إلاّ ان فكرة تقسيم المسجد ظهرت إثر توقيع اتفاقية أوسلو [1993]. وفي عام 2000 عندما اندلعت الانتفاضة الثانية حين بدأت جماعات يهودية متطرّفة باقتحامات جماعية ذات طابع ديني للمسجد.
ويعالج جوني منصور في "سياسات الأسرلة في المجال التعليمي ومناهجه في الأرض المحتلّة" كيفية استخدام إسرائيل، منذ حرب 1967، أدوات السيطرة والقمع والإقصاء، من خلال محاولاتها المستمرّة فرض مناهج وكتب التعليم في المدارس العربية في القدس الشرقية المحتلّة، فيبيّن أن إسرائيل تعمل على وضع جهاز التعليم العربي في القدس تحت سيطرتها ومراقبتها المباشرة، واخضاع هذا الجهاز للأسرلة أيضًا، أي إلزام الطلّاب بدراسة نصوص تسعى لطرح مفاهيم ومصطلحات تعزّز الرواية الإسرائيلية بإنكار المناهج وإقصاء الوجود الفلسطيني، ومنع المؤسسات التعليمية الفلسطينية من استخدام كتب تعليم فلسطينية تشتمل على فصول تحكي الرواية الفلسطينية، فيعرض نماذج وعيّنات من أدوات القمع والسيطرة والإنكار التي توردها الكتب التعليمية وخصوصًا في مجال التاريخ والجغرافيا.
في مبحثها "تحريف المناهج الفلسطينية في القدس: حرب هويّة" تذهب أنوار حمد الله قدح إلى أنّ الحرب على المنهاج في القدس ليست خلافًا بين مدارس فكرية تتبنّى رؤى ومناهج متباينة فحسب، بل هي أيضًا شكلٌ آخر من أشكال الحرب غير المتكافئة التي تمارسها سلطات الاحتلال في حقّ شعب مُحتَلّ يحاول جاهدًا الإبقاء على وجوده، فأظهرت الباحثة أن عملية محاربة المنهاج والسعي لتهويده كليًّا جاءت على مراحل، فكان تزوير المناهج يتمثّل في الاستبدال والطمس والتغيير في المتن، والتحريف.
واهتمّت حنين مجادلة في " نحلم بخليل السكاكيني: عن المعلّمين المقدسيين وكلاء للتغيير المجتمعي" بالتحديات التي يعانيها قطاع التعليم في شرقي القدس من الجوانب البنيوية والبيئية والبشرية، فتسلّط الضوء على دور المعلّمين المقدسيين في مواجهة سياسات الطمس والمحو التي تمارسها اسرائيل، فتعرض الباحثة المصادر البديلة التي اعتمدها المعلّمون والمعلّمات لصقل هويّتهم المهنيّة والقومية، من منطلق فخر بالذاكرة الجمعية، فالتعليم بالنسبة إليهم معركة صمود وبقاء.
في "الديموغرافوبيا في القدس: الواقع والتحوّلات والاستشراف" يبحث راسم خمايسي في كيفيّة تشكيل الصراع على الديموغرافيا والجغرافيا لُبّ الصراع الفلسطيني – الصهيوني، فالحضور الفلسطيني – الصهيوني المستمرّ والمتزايد مؤثّرٌ في القدس ومحيطها، ما يمثّلُ هاجسًا للسلطات الإسرائيلية ويدفعها إلى نهج سياسات ديموغرافية وكولونيالية أوجدتْ واقعًا ديموغرافيًا جديدًا، ما دفع إسرائيل إلى مصادرة أراضٍ فلسطينية في القدس القديمة وإقامة مستوطنات إسرائيلية عليها، فأمستْ هذه المستوطنات حزامًا ديموغرافيًا وجغرافيًا استيطانيًّا أحاطَ بالأحياء والقرى الفلسطينية وقطع التواصل الحضري بينها، وعلى الرغم من ذلك فالوجود الفلسطيني في المدينة لا يزال يقاومُ هذه السياسات.
في"قراءة في السياسة الإسرائيلية لتهويد القدس الشرقية، سياسة هدم المنازل في القدس أُنموذجًا للتطهير العرقي" يتناول نزار سلّوم سياسة هدم المنازل التي تنتهجها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الأحياء العربية في مدينة القدس، بوصف ذلك أُنموذجًا للتطهير العرقي، بالنظر الى أن الهدف الرئيس لسياسة الهدم هو الحفاظ على غالبية يهودية في المدينة.
وفي "الإجراءات الإسرائيلية وأثرها في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لسكّان القدس الشرقية" يسلّط الباحثان سامح حلاق وبلال فلاح الضوء على تأثير السياسات والإجراءات الإسرائيلية ضد السكّان الفلسطينيين في القِدس الشرقية في مجالات السكن وأوضاع التجارة والتعليم والعمل، وناقشا سياسات الضرائب الإسرائيلية، وتحديد إقامة الفلسطينيين، والتمييز ضدّهم في الخدمات، والحدّ من التوسّع العمراني في القدس الشرقية، وانعكاسات ذلك من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية.
جاودة منصور في مبحثها "استعمار الطبيعة من خلال ممارسات هادفة لحماية البيئة" تسعى الى الإماطة عن منظور متعلّق بالجانب الطبيعي للقدس وكيفية استخدام إسرائيل السياسات البيئية والتدخّلات المتعلّقة بتغيّر المناخ كالتشجير وزراعة الغابات لإحداث تغيّرات هائلة في الهوية الثقافية والطبيعية لمشهد القدس وتهويده، وكيفية مساهمة هذه التدخلات في اقتلاع المقدسيين وإلحاق مظالم بيئية بالسكّان في القدس وضواحيها.
وفي سياق سوسيولوجي – سياسي يقدّم أحمد عز الدين أسعد صورة تحليلية لحراك المرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى في مبحثه "السوسيولوجي والسياسي في حراك/ لاحراك المرابطين في المسجد الأقصى 2000 – 2019" من خلال التركيز على ماهيّة الحراك نفسه وطبيعته ووظائفه ودوافعه، فيشير إلى أنّ ظاهرة الرباط في المسجد الأقصى بدأت في التبلور والتشكّل مع بداية انتفاضة الأقصى عام 2000، وأنّ أهل الضفّة الغربية وقطاع غزّة لم يعد في إمكانهم، بعد اندلاع الانتفاضة، الدخول بيسر الى القدس والصلاة في المسجد الأقصى.
في "الموقف الأوروبي من القدس في ظلّ صفقة القرن الأميركية" يعمد أديب زيادة الى استجلاء الموقف الأوروبي من هذه الصفقة، فيبرز طبيعة الموقف الأوروبي الكلاسيكي والمتجدّد من مسألة القدس، فحدّدها في ثلاثة مستويات: اعتبار القدس إحدى قضايا الحلّ الدائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين، واستناد سياسة الاتحاد الأوروبي المتعلّقة بالقدس الشرقية الى القانون الدولي، والالتزام الراسخ بحلّ الدولتين مع اعتبار القدس عاصمة لكلتيهما.
وفي "القدس في السياسة الأميركية" يدرس أُسامة أبو ارشيد السياسة الأميركية نحو القدس منذ احتلال إسرائيل لأجزائها الغربية عام 1948، ثم يشير إلى أن التحوّل في السياسة الأميركية تجاه القدس جاء مع وصول الرئيس كلينتون إلى البيت الأبيض مطلع 1993، لكنّه يلحّ على ان قرار الرئيس ترامب المتعلّق بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في 2017 وقَطْعِه مع الإطار العام للسياسة الأميركية نحو وضع المدينة المقدّسة على مدى سبعين عامًا ما كان له أن يحدث لولا تراكم أكثر من سبعة عقود من المراوغة الأميركية والتراجع أمام إسرائيل والانحياز إليها والتواطؤ معها.
في مبحثه "نقل السفارة الأميركية الى القدس: الأبعاد والتداخلات التاريخية والقانونية" يحلّل رشيد البزيم الأبعاد التاريخية والقانونية لقرار ترامب واعترافه بالقدس عاصمة إسرائيل ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، فيقترح التمسّك بآليّةٍ عدم الاعتراف التي ينصّ عليها القانون الدولي، والاستمرار في الرهان على اللجوء إلى الهيئات الدولية لمواجهة محاولات إسرائيل فرض الأمر الواقع وشرعنته من خلال توظيف قرارات ترامب، ويرى أنّ الولايات المتحدة انتهكتْ التزام القانون الدولي العام بعدم الاعتراف بالأوضاع غير القانونية أمرًا فعّالًا في مواجهة السياسات الاسرائيلية والأميركية الساعية إلى تغيير الوضع القانوني في القدس.
كتاب "القدس: التطهير العرقي وأساليب المقاومة" سِفر مرجعي موثّق وشهادة لا غنى عنها لدارس موقع القدس حضاريًا وتاريخيًا وثقافيًا وقانونيًا مُلكًا لشعب فلسطين على مرّ العصور.
محمود شريح
19 مارس 2023
شارك هذا المقال
حجم الخط
عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات [الدوحة/ بيروت] صدر مؤخرًا كتاب "القدس: التطهير العرقي وأساليب المقاومة"، من تحرير آيات حمدان، وفيه ستة عشر مبحثًا تتناولُ جوانبَ القدس التاريخية والتعليم فيها وأدوات السيطرة عليها وأساليب المواجهة ومكانة القدس في السياسة الدوليّة، في 584 صفحة من القطع الكبير، مع جداول وأشكال وصُوَر وخرائط ووثائق وفهرس عام، لستة عشر باحثًا في شأن القدس، ماضيًا وحاضرًا ومستقبلًا [أحمد جميل عزم، أحمد عز الدين أسعد، أديب زيادة، أسامة أبو ارشيد، أنوار حمد الله قدح، بلال فلاح، جاودة منصور، جوني منصور، حنين مجادلة، راسم خمايسي، رشيد البزيم، سامح حلاق، عبد الله معروف عمر، عصام نصار، موسى سرور، نزار أيوب ] يعيدون إلى زهرة المدائن بهاءها ورونقها.
في تقديمها للكتاب تشيرُ محرّرته آيات حمدان إلى أنه يبرزُ ساحات الصراع على المدينة القائمة على التطهير العرقي وآليات مقاومتها الفلسطينية التي تتجلّى في الصراع على المقدّسات، والصراع الديموغرافي والتطهير العرقي المكاني والبيئي، والحرب على الوعي من خلال تزوير المناهج التعليميّة، والمواقف الدوليّة، ومستقبل الصراع على القدس. منطلق آيات حمدان أنّ سياسات التطهير العرقي داخل المدينة تتخفّى تحت ستار القوانين الإدارية، من تنظيم حضري وهدم بيوت، لكن محتواها الأصلي قائم على تحقيق التطهير العرقي، وأغلبيّة يهوديّة متفوّقة.
في "إشكالية الديني والسياسي في العلاقة بين الدولة السلطانية والأوقاف المسيحيّة في القدس العثمانية" يرى موسى سرور أنّ منحَ الفرمانات السلطانيّة البطاركة في الولايات العثمانية حقّ "التولية" على أوقاف طوائفهم الدينية مكّن دولًا أوروبية ليس الإشراف عليها فحسب، بل كذلك من تحويل مؤسسات وقفية إسلامية إلى ملكيات غير وقفيّة لمصلحة دول أجنبية، ومؤسسات وقفيّة مسيحيّة أيضًا بطرائق قانونيّة وشرعيّة، ما أدّى الى تسريب العديد من الأوقاف الى حركة الاستيطان الصهيونيّة، وخصوصًا ما كان منها تابعًا للبطريركية الأرثوذكسيّة، على الرغم من حصانة الأوقاف المسيحية في القانون العثماني وقوانين السلطات الانتدابية البريطانية، أو السلطات الأردنية.
في "الاستعمار بالمُخيِّلة: القدس في الصُورة الفوتوغرافية المُبكرة" يعالج عصام نصار تمثيل القدس في الصُوَر الفوتوغرافية المبكرة الني أنتجها مصوّرون غربيّون زاروا القدس فاعتبرَ أن الصورة الفوتوغرافية ليست لقطة محايدة، بل أنّها انتاجٌ تقني وفنّي وتمثيلي اختيرَ موضوعُها بعناية، وأُنتجت بهدف توزيعها في الأسواق الأوروبية، وعليه فهي مُستندة إلى رغبة المشاهد الأوروبي في رؤية ما هو متّوقع بالنسبة إليه عندما يكون الأمرُ مرتبطًا بالمدينة المقدّسة، فلم يظهر الفلسطيني فيها جزءًا من الطوبوغرافيا الاجتماعية للمدينة، بل من جهة استدعاء ذاكرة جماعية دينية متخيّلة ترى فلسطين أرضًا بلا شعب، حتى قبل أن تُطلق الحركة الصهيونية هذا الشعار بعقود، ومن هنا يرى الباحث ان القدس استُعمرتْ بالمخيِّلة والنصّ أوّلًا، فيما الآن تُستعمر في الواقع.
في تقديمها للكتاب تشيرُ محرّرته آيات حمدان إلى أنه يبرزُ ساحات الصراع على المدينة القائمة على التطهير العرقي وآليات مقاومتها الفلسطينية التي تتجلّى في الصراع على المقدّسات، والصراع الديموغرافي والتطهير العرقي المكاني والبيئي، والحرب على الوعي من خلال تزوير المناهج التعليميّة، والمواقف الدوليّة، ومستقبل الصراع على القدس |
ويعالج جوني منصور في "سياسات الأسرلة في المجال التعليمي ومناهجه في الأرض المحتلّة" كيفية استخدام إسرائيل، منذ حرب 1967، أدوات السيطرة والقمع والإقصاء، من خلال محاولاتها المستمرّة فرض مناهج وكتب التعليم في المدارس العربية في القدس الشرقية المحتلّة، فيبيّن أن إسرائيل تعمل على وضع جهاز التعليم العربي في القدس تحت سيطرتها ومراقبتها المباشرة، واخضاع هذا الجهاز للأسرلة أيضًا، أي إلزام الطلّاب بدراسة نصوص تسعى لطرح مفاهيم ومصطلحات تعزّز الرواية الإسرائيلية بإنكار المناهج وإقصاء الوجود الفلسطيني، ومنع المؤسسات التعليمية الفلسطينية من استخدام كتب تعليم فلسطينية تشتمل على فصول تحكي الرواية الفلسطينية، فيعرض نماذج وعيّنات من أدوات القمع والسيطرة والإنكار التي توردها الكتب التعليمية وخصوصًا في مجال التاريخ والجغرافيا.
كتاب "القدس: التطهير العرقي وأساليب المقاومة" سِفر مرجعي موثّق وشهادة لا غنى عنها لدارس موقع القدس حضاريًا وتاريخيًا وثقافيًا وقانونيًا مُلكًا لشعب فلسطين على مرّ العصور |
واهتمّت حنين مجادلة في " نحلم بخليل السكاكيني: عن المعلّمين المقدسيين وكلاء للتغيير المجتمعي" بالتحديات التي يعانيها قطاع التعليم في شرقي القدس من الجوانب البنيوية والبيئية والبشرية، فتسلّط الضوء على دور المعلّمين المقدسيين في مواجهة سياسات الطمس والمحو التي تمارسها اسرائيل، فتعرض الباحثة المصادر البديلة التي اعتمدها المعلّمون والمعلّمات لصقل هويّتهم المهنيّة والقومية، من منطلق فخر بالذاكرة الجمعية، فالتعليم بالنسبة إليهم معركة صمود وبقاء.
في "الديموغرافوبيا في القدس: الواقع والتحوّلات والاستشراف" يبحث راسم خمايسي في كيفيّة تشكيل الصراع على الديموغرافيا والجغرافيا لُبّ الصراع الفلسطيني – الصهيوني، فالحضور الفلسطيني – الصهيوني المستمرّ والمتزايد مؤثّرٌ في القدس ومحيطها، ما يمثّلُ هاجسًا للسلطات الإسرائيلية ويدفعها إلى نهج سياسات ديموغرافية وكولونيالية أوجدتْ واقعًا ديموغرافيًا جديدًا، ما دفع إسرائيل إلى مصادرة أراضٍ فلسطينية في القدس القديمة وإقامة مستوطنات إسرائيلية عليها، فأمستْ هذه المستوطنات حزامًا ديموغرافيًا وجغرافيًا استيطانيًّا أحاطَ بالأحياء والقرى الفلسطينية وقطع التواصل الحضري بينها، وعلى الرغم من ذلك فالوجود الفلسطيني في المدينة لا يزال يقاومُ هذه السياسات.
في"قراءة في السياسة الإسرائيلية لتهويد القدس الشرقية، سياسة هدم المنازل في القدس أُنموذجًا للتطهير العرقي" يتناول نزار سلّوم سياسة هدم المنازل التي تنتهجها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الأحياء العربية في مدينة القدس، بوصف ذلك أُنموذجًا للتطهير العرقي، بالنظر الى أن الهدف الرئيس لسياسة الهدم هو الحفاظ على غالبية يهودية في المدينة.
وفي "الإجراءات الإسرائيلية وأثرها في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لسكّان القدس الشرقية" يسلّط الباحثان سامح حلاق وبلال فلاح الضوء على تأثير السياسات والإجراءات الإسرائيلية ضد السكّان الفلسطينيين في القِدس الشرقية في مجالات السكن وأوضاع التجارة والتعليم والعمل، وناقشا سياسات الضرائب الإسرائيلية، وتحديد إقامة الفلسطينيين، والتمييز ضدّهم في الخدمات، والحدّ من التوسّع العمراني في القدس الشرقية، وانعكاسات ذلك من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية.
جاودة منصور في مبحثها "استعمار الطبيعة من خلال ممارسات هادفة لحماية البيئة" تسعى الى الإماطة عن منظور متعلّق بالجانب الطبيعي للقدس وكيفية استخدام إسرائيل السياسات البيئية والتدخّلات المتعلّقة بتغيّر المناخ كالتشجير وزراعة الغابات لإحداث تغيّرات هائلة في الهوية الثقافية والطبيعية لمشهد القدس وتهويده، وكيفية مساهمة هذه التدخلات في اقتلاع المقدسيين وإلحاق مظالم بيئية بالسكّان في القدس وضواحيها.
وفي سياق سوسيولوجي – سياسي يقدّم أحمد عز الدين أسعد صورة تحليلية لحراك المرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى في مبحثه "السوسيولوجي والسياسي في حراك/ لاحراك المرابطين في المسجد الأقصى 2000 – 2019" من خلال التركيز على ماهيّة الحراك نفسه وطبيعته ووظائفه ودوافعه، فيشير إلى أنّ ظاهرة الرباط في المسجد الأقصى بدأت في التبلور والتشكّل مع بداية انتفاضة الأقصى عام 2000، وأنّ أهل الضفّة الغربية وقطاع غزّة لم يعد في إمكانهم، بعد اندلاع الانتفاضة، الدخول بيسر الى القدس والصلاة في المسجد الأقصى.
في "الموقف الأوروبي من القدس في ظلّ صفقة القرن الأميركية" يعمد أديب زيادة الى استجلاء الموقف الأوروبي من هذه الصفقة، فيبرز طبيعة الموقف الأوروبي الكلاسيكي والمتجدّد من مسألة القدس، فحدّدها في ثلاثة مستويات: اعتبار القدس إحدى قضايا الحلّ الدائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين، واستناد سياسة الاتحاد الأوروبي المتعلّقة بالقدس الشرقية الى القانون الدولي، والالتزام الراسخ بحلّ الدولتين مع اعتبار القدس عاصمة لكلتيهما.
وفي "القدس في السياسة الأميركية" يدرس أُسامة أبو ارشيد السياسة الأميركية نحو القدس منذ احتلال إسرائيل لأجزائها الغربية عام 1948، ثم يشير إلى أن التحوّل في السياسة الأميركية تجاه القدس جاء مع وصول الرئيس كلينتون إلى البيت الأبيض مطلع 1993، لكنّه يلحّ على ان قرار الرئيس ترامب المتعلّق بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في 2017 وقَطْعِه مع الإطار العام للسياسة الأميركية نحو وضع المدينة المقدّسة على مدى سبعين عامًا ما كان له أن يحدث لولا تراكم أكثر من سبعة عقود من المراوغة الأميركية والتراجع أمام إسرائيل والانحياز إليها والتواطؤ معها.
في مبحثه "نقل السفارة الأميركية الى القدس: الأبعاد والتداخلات التاريخية والقانونية" يحلّل رشيد البزيم الأبعاد التاريخية والقانونية لقرار ترامب واعترافه بالقدس عاصمة إسرائيل ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، فيقترح التمسّك بآليّةٍ عدم الاعتراف التي ينصّ عليها القانون الدولي، والاستمرار في الرهان على اللجوء إلى الهيئات الدولية لمواجهة محاولات إسرائيل فرض الأمر الواقع وشرعنته من خلال توظيف قرارات ترامب، ويرى أنّ الولايات المتحدة انتهكتْ التزام القانون الدولي العام بعدم الاعتراف بالأوضاع غير القانونية أمرًا فعّالًا في مواجهة السياسات الاسرائيلية والأميركية الساعية إلى تغيير الوضع القانوني في القدس.
كتاب "القدس: التطهير العرقي وأساليب المقاومة" سِفر مرجعي موثّق وشهادة لا غنى عنها لدارس موقع القدس حضاريًا وتاريخيًا وثقافيًا وقانونيًا مُلكًا لشعب فلسطين على مرّ العصور.
- عنوان الكتاب: القدس: التطهير العرقي وأساليب المقاومة
- المؤلف: مجموعة من المؤلفين