المرجعيات النقدية عند حاتم الصكر": دفاع عن "فراشة حالمة"

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المرجعيات النقدية عند حاتم الصكر": دفاع عن "فراشة حالمة"

    المرجعيات النقدية عند حاتم الصكر": دفاع عن "فراشة حالمة"

    صدام الزيدي

    18 مارس 2023
    شارك هذا المقال
    حجم الخط


    عن دار مسامير للنشر في العراق، صدر حديثًا للباحث العراقي أحمد قاسم محمد كتاب بعنوان "المرجعيات النقدية عند حاتم الصكر"، هو عبارة عن دراسة نقدية موسعة نال عنها الباحث رسالة الماجستير في أواخر العام المنصرم 2022 من جامعة عراقية.
    اعتمدت الدراسة المنهج التحليلي والوصفي، في تتبعها للمنجز النقدي للصكر، ساعية إلى الكشف والبحث عن الآثار الاجتماعية والسياسية والثقافية والأدبية في بناء شخصيته الأدبية والنقدية، وسبر غور مرجعياته المتعددة والمتنوعة والمتباعدة زمنيًا، من خلال أربعة فصول ومقدمة وخاتمة.
    وتخلص الدراسة إلى استناد الدكتور الصكر في خطابه النقدي على مرجعيات نقدية متنوعة: عربيةٍ قديمة، وعربية حديثة، وغربيةٍ متعددة المشارب، فضلًا عن المرجعيات الذاتية، منوهةً أن موهبته الشخصية الإبداعية النقدية تأثرت بعوامل ومؤثرات ثقافية وسياسية واجتماعية، من أهمها موهبته النقدية والشعرية التي ظهرت مبكرًا، وبالتالي تميز خطابه النقدي بلون شعريٍ إبداعي خاص، مما جعل كثيرًا من النقاد يصفون أسلوبه في الكتابة النقدية بـ(النقد الشاعريّ).
    وتشير الدراسة إلى مزج الصكر في خطابه النقدي بين المرجعيات النقدية العربية القديمة والحديثة، والغربية، ومراجعته لمرجعيات ثقافية وحضارية وأسطورية قديمة معتمدًا على الكتب والآراء والقضايا النقدية العربية القديمة من ناحية، ومن ناحية أخرى القصائد والنصوص الإبداعية القديمة، هو ما يتشكل منه القسم الأكثر حضورًا في خطابه النقدي.

    "تخلص الدراسة إلى استناد الصكر في خطابه النقدي على مرجعيات نقدية متنوعة: عربيةٍ قديمة، وعربية حديثة، وغربيةٍ متعددة المشارب، فضلًا عن المرجعيات الذاتية"


    وتكشف الدراسة اعتماد الصكر في تحليله للنصوص الإبداعية على مناهج غربية حديثة، من أهمها (المنهج النصي) الذي يعتمد على معطيات القراءة والتأويل، في تحليله وتفسيره للنصوص، محتكمًا إلى معطيات النص؛ من دون الافتراق عن المناهج السياقية الأخرى التي زاوجها مع منهجه النصي، مثل المنهج التاريخي، والمنهج الاجتماعي، والمنهج النفسي، وكذلك السيرة الذاتية، والأسطورة.
    وتجد الدراسة بأن القارئ شغل مساحة واسعة من تفكير الصكر، فقد بذل جهدًا كبيرًا في بيان مستويات التلقي، وطرق القراءة الصحيحة، بما يتناسب مع التركيب الفني لنوع النص الإبداعي، ومعطيات العصر الحديث، كما أن الطبقة المهمشة في المجتمع العربي (المتمثلة بالشباب والمرأة) لم تُهمش عنده، إذ تكفلت بعض كتبه النقدية ومقالاته بهذه الطبقة التي يرى بأنها هي من ترسم هويةً حداثويةً للمستقبل الأدبي والإبداعي عند العرب، فكتابهُ "اِنفجار الصمت" يعالج مشاكل الكتابة النسوية. وفي كتابيه "قصيدة النثر في اليمن"، و"مواجهات الصوت القادم"، يتحدث عن التحديات التي يصطدم بها الكتاب والشعراء الشباب في المجتمع العربي الذي ظهروا فيه.

    قصيدة النثر/ الفراشة الحالمة
    وتشير الدراسة إلى توظيف الصكر مرجعياته للدفاع عن قصيدة النثر، عندما شرع في بيان الأسباب التي دعت إلى تحريمها، ومن ثم الكشف عن مميزاتها الفنية، وإعطاء مقترحات مخصصة لقراءتها بوصفها "فراشة حالمة".
    وتلفت الدراسة إلى تنوع دراسات الصكر النقدية بين الشعر والرواية والقصة والسيرة والتشكيل، انطلاقًا من ثقافته المتبحرة بالفنون الإبداعية، وتركيزه على مستويين في دراسته النقدية لهذه الفنون، الأول الكشف عن سماتها الفنية والجمالية كأعمال إبداعية، والثاني التركيز على مشكلة تلقّيها، فهو يرى أن مشكلتي القراءة والتلقي هما من المشكلات العصرية التي يعاني منها القارئ والمتلقي العربي للأجناس الإبداعية الحديثة؛ نتيجةً لترسخ مفاهيم وطرق تلقٍّ تعود إلى أزمنةٍ ونصوصٍ إبداعية لا تتناسب مع المرحلة الزمنية الحديثة والمتطورة التي نعيشها الآن.
    وعدّت الدراسة خطاب الصكر النقدي خطابًا مرحليًا متجددًا بحسب متطلبات ونظريات الحداثة ومبتكراتها.
    ويعزو الباحث أسباب الدراسة إلى المكانة التي يتبوّؤها الناقد الصكر في المشهد النقدي، بوصفه واحدًا من أبرز النقاد العرب المعاصرين الذين أثروا المشهد الثقافي والأدبي العربي، منوهًا أن كثيرًا من الدراسات النقدية الحديثة لا تخلو من الإشارة إليه، لتعدد اشتغالاته واهتماماته النقدية، وتعدد مرجعياته الثقافية والأدبية، ورؤيته التحديثية التي تنطلق من استلهام التراث العربي، وصهره مع الفكر والأدب الغربيين بما يتناسب مع الثقافة المعاصرة، ناهيك عن تناوله في كتبه النقدية التي تزيد عن 20 كتابًا نقديًا مختلف الفنون الأدبية.
    في الفصل الأول من الدراسة، عمد أحمد قاسم محمد إلى بيان الأصول النقدية في الخطاب العراقي الحديث، ليهتمّ في الفصل الثاني بدراسة آثار المرجعيات الاجتماعية في تكوين شخصية حاتم الصكر النقدية والإبداعية. وهذه المؤثرات تعددت بين أدبية، وثقافية، وسياسية، ونقدية. وفي الفصل الثالث، سعى الباحث إلى الكشف عن أصول المرجعيات العربية القديمة في خطاب النقد عند الصكر، وبيان أهم القضايا والمفاهيم في خطابه النقدي. وعبر مبحثين، خصص محمد الفصل الرابع لدراسة المناهج النقدية عند الصكر، للكشف عن الأصول الغربية والعربية الحديثة في خطابه، وبيان أهم القضايا والمفاهيم النقدية الغربية والعربية الحديثة.
    ومن بين أهم توصيات الدراسة، يرى الباحث محمد بأنه ينبغي على الناقد الأدبي العربي، إجمالًا، صبّ جهده في تحليل وتفسير النص الإبداعي متجردًا من أي سلطة عليا يتربع عليها، وكشف ما في أعماق النص من مزايا لا يمكن للقارئ البسيط الوصول إليها إلا بمساعدته. كما ينبغي أيضًا البحث عن حلول لتسهيل عملية تلقي الفنون الإبداعية الحديثة، ذلك أن عملية التلقي السلبي هي من أهم ما يعاني منه القارئ العربي. كما يوصي بإشراك القارئ ليسهم في إعادة إنتاج النص وفق ذخيرته المعرفية، والرجوع للتراث العربي، كونه إرثًا حضاريًا عريقًا وكبيرًا، ولكن من دون المكوث فيه طويلًا.
    • عنوان الكتاب: المرجعيات النقدية عند حاتم الصكر
    • المؤلف: أحمد قاسم محمد
يعمل...
X