تغيرك هذه الصدمة للأبد. عندما تصل هذه الأخبار، تشعر بأن الزمن توقف. لا توجد إلا أشياء قليلة محطِّمة مثل الموت المفاجئ لأحد أحبائك. بينما تشعر بأن عالمك ينحدر إلى الفوضى وتشعر باليأس يعتريك، ستظن أنك عالق في كابوس لا تستطيع الاستيقاظ منه: «كيف يمكن لهذا أن يحدث؟ لا! محال!».
إن الموت المفاجئ يهدم إحساسنا بالأمان.
نميل للاعتقاد بأن أحباءنا آمنون على الدوام، ونجزم بأن الحوادث والأمراض ستمر بهم دون أدنى أذًى. لهذا تصدمنا الفجائع عندما تقع. تتردد كلمة واحدة فقط في أذهاننا باستمرار: لماذا؟
يهز الموت المفاجئ أعماقك. لا تستطيع الالتفات والهرب منه؛ لا تستطيع التصالح منطقيًا معه. تعلم يقينًا أن الحياة لن تعود كما كانت أبدًا.
تجاوز الموت: المراحل الخمس للحزن
عرفت كيوبلر روس المراحل الخمس للحزن المحددة للإطار العام لتجاوز الموت. كرست روس معظم حياتها للتعامل مع المرضى الميؤوس من شفائهم. ومع أن هذه المراحل ليست معيارًا كونيًا ولا تحدث بتطابق متماثل لدى الجميع، فهي تقدم لنا مساعدة في فهم آلية تخطي الموت.
- الإنكار: ستختبر الصدمة وعدم التصديق، وسيترافق ذلك غالبًا بالخدر والانفصال والانفصام. قد تود التركيز على الحقائق أو البقاء مشغولًا؛ قد تفعل أي شيء لتؤخر إحساس الألم واليأس من فقدان أحبائك.
- الغضب: يتصاعد الغضب من أعماقك. قد تصب غضبك على الأطباء أو الأصدقاء أو الشركاء أو الأشقاء أو المجتمع أو حتى على نفسك. لكن ارتكاز الغضب على اللوم لا يقدم إلا قليلًا من الراحة. بينما يخمد الغضب، يعاود الألم الظهور. يتسبب الغضب بأزمة في الإيمان، الغضب من الإله الذي سمح لشيء فظيع كهذا بالحدوث. قد تشعر بالغضب على المتوفى لهجرانه إياك.
- المساومة: ستبدأ بالتساوم مع ألم الفقد في محاولة منك للتخلص منه. ستحدث تغيرات أو تطلق وعودًا مفاجئة مثل «سأصبح شخصًا أفضل» أو «سأغير أساليبي في الحياة إكرامًا لذكراه/ذكراها». لكن هذه الوعود النابعة من الحزن قصيرة الأمد. تساعدك المساومة على تخفيف غضبك، وهو بمثابة المحاولة الأولى للتصالح مع الفقد.
- الاكتئاب: بعد مرورك بمراحل الإنكار والغضب والمساومة، ستبدأ الحقيقة المؤلمة بالترسخ. سيضغطك الاكتئاب حتى تنهار تحت ثقله. سيكون كل شيء بلا جدوى. ستصاب بالإرهاق. قد تعود إلى عاداتك القديمة السيئة مثل الإفراط في الأكل أو النوم أو الانعزال. تزداد هذه الأنماط المدمرة للذات التي كنت تمارسها بتكرار مسبقًا خلال فترة الاكتئاب.
- القبول: ستبدأ بتقبل واقعك الجديد. ستدرك أنه عليك المضي قدمًا رغم تغيّر حياتك كليًا. ستجد لحظات من السلام الداخلي. وقد تشعرك الذكريات بالراحة لا بالاكتئاب أو الألم. قد تحلم بأحبائك في منامك وقد تخاطبهم في ذهنك. ستبدأ بالبحث عن علاقات جديدة.
تمتد مراحل الفقد من أشهر حتى سنوات. يختبر كل شخص هذه المراحل بطريقة مميزة. ضع في الحسبان هذه الاقتراحات لتساعد نفسك على التعافي:
- ابحث عن الدعم: إن أصدقائك وعائلتك بيئة ممتازة لتجد فيها الراحة بعد الفقد. تقبل أي دعم يستطيعون تقديمه ولا تتردد في طلب المزيد.
- تواصل مع معارفك: العزلة بعد الفقد شائعة، لكن الإفراط في العزلة يولد الاكتئاب. تواصل مع الآخرين أو انضم إلى نادٍ للثكلة أو جد جماعةً دينيةً أو ممارسة تأملية تمنحك السلام.
- حافظ على عنايتك بنفسك: ابقَ نشيطًا واكتشف عادات جديدة مثل التمارين أو تسجيل يومياتك أو ممارسة اليوغا. جد طريقك للخروج من دائرة الحزن عبر الابتكار، فيمكنك مثلًا أخذ دروس تعليمية أو الذهاب إلى حفلات تزرع فيك الإلهام أو زيارة المعارض.
- ابحث عن المعنى: يوجد كتاب جميل لدايفيد كيسلر بعنوان «إيجاد المعنى: المرحلة السادسة للحزن». يناقش فيه الكاتب كيف أن خسارة ابنه ذي الواحد والعشرين عامًا بسبب جرعة زائدة من المخدرات فتحت أبوابًا لحزن لم يعهده مسبقًا. يمنحك كتاب كهذا الراحة في إدراكك أنك لست وحيدًا، ويمنحك أيضًا بعض الطرق للتعافي من حزنك.
- ابدأ من جديد: عليك اتخاذ قرار في مرحلة ما من حياتك: هل ستدع الحزن يسيطر على حياتك ويحتجزك رهينة أو هل ستحاول المضي قدمًا؟ أعرف صديقًا مات ابنه على الفور حين صدمته سيارة بينما كان يتزلج.
دهشت حينها لدرجة أني أشعر بالحزن العارم حتى عندما أفكر في الأمر الآن بعد مضي عشرين عامًا. تحول صديقي إلى شخص جديد بعد تعافيه من حزنه. ونشر أيضًا رسالةً جميلةً إلى ابنه في الصحيفة المحلية، احتفل فيها بوقته الذي أمضاه مع ابنه وشكره عليه. ذكر فيها تبرع ابنه بأعضائه فقال: «عيناه وهبت البصيرة إلى الأعمى. رئتاه تتنفسان الآن في جسد آخر». كانت بادرةً جميلةً.
وعندما سألته كيف وجد القوة لمتابعة الطريق، أجابني: «تيقنت من أن الطريقة الأفضل لأجل ذكرى ولدي هي أن أعيش حياةً سعيدةً. أنا متيقن من أن هذا ما أراده».
لا يتعافى أحد كليًا من صدمة الموت المفاجئ لأحد أحبائه. نتغير جميعنا إثر خسائر كهذه. لكن لا تستلم في معركتك، فالحزن الذي يُجَلُّ ويُكرَّم بطرق مناسبة ثم يتعافى منه المرء تمامًا، كثيرًا ما يترك وراءه تقديرًا أعظم والتزامًا أكبر بالحياة.
المصدر:ibelieveinsci