روالد دال وجيمس بوند: تحت رحمة الفكر الشمولي
سناء عبد العزيز 9 مارس 2023
تغطيات
الروائي البريطاني روالد دال (10/12/1971/ Getty)
شارك هذا المقال
حجم الخط
اللغة كائن حي ينمو ويتطور ويشيخ. تجري عليها سنن الانقراض، وطقوس الولادة، كلما تعاقبت العصور وتغيرت منظومة القيم والعادات الخاضعة بطبيعتها للتبديل والتصحيح المستمر من دون فعل فاعل، فيغدو ما كان مقبولًا في زمنٍ ما مستهجنًا في غيره، وما كان مباحًا في الأمس محظورًا اليوم أو غدًا، وهكذا دواليك.
فهل نرى في هذا مسوغًا للعبث بالكلاسيكيات، وتمرير فكرة معالجة أدب الماضي كي يتماشى مع عصر ما بعد الحداثة؟!
في الآونة الأخيرة، جرت مئات التغييرات على بعض أفضل كتب الأطفال بناء على توصيات "القراء الحساسين"، وهم فريق من المحررين عينتهم شركة بافن، بالتعاون مع مجموعة "عقول شمولية"، لجعل أدب الأطفال شموليًا ومتاحًا للجميع. على مدار عامين، قام الفريق المتحمس بتطهير الكتب العظيمة من الحشائش الضارة والآفات، عن طريق تحرير، أو حذف، أو إعادة صياغة العبارات المسيئة، والأوصاف المتنمرة، والأفكار العنصرية، من كل جنس ولون، كما تفعل شرطة الرقابة على العالم الرقمي. في تلك المجزرة غير المسبوقة، تصدرت أعمال الكاتب البريطاني روالد دال/ Roald Dahl (1916 ـ 1990) القائمة السوداء، وخضعت لمبضع الجراح، وهو ما يبرره ناشر دال قائلًا: "نريد أن نضمن استمتاع جميع الأطفال اليوم بقصص وشخصيات روالد دال الرائعة... وليس غريبًا عند إعادة الطبع أن تتم مراجعة اللغة المستخدمة جنبًا إلى جنب مع تحديث التفاصيل الأخرى، بما في ذلك غلاف الكتاب، وتصميم الصفحة. كان مبدؤنا التوجيهي طوال الوقت هو الحفاظ على خطوط القصة والشخصيات والروح العبقرية للنص الأصلي، أي أن التغييرات التي جرت صغيرة ومدروسة بعناية".
التأثير بالكلمات
يُعدُّ روالد دال واحدًا من أشهر مؤلفي قصص الأطفال على الإطلاق. باعت كتبه أكثر من 250 مليون نسخة في جميع أنحاء العالم، وترجمت إلى 25 لغة، وتشمل "الساحرات"، و"آل تويت"، و"تشارلي ومصنع الشيكولاته". وفي الوقت الذي أثارت فيه الجدل، فإنها ليست المرة الأولى التي تجرى فيها تعديلات على كتبه لتعكس القيم المعاصرة، أو تتوافق مع اهتمامات هوليوود.
في الإصدار الأول من "تشارلي ومصنع الشيكولاته" عام 1964، كانت شخصيات أومبا لومباس من الزنوج الأقزام، استعبدهم ويلي ونكا من أعمق وأحلك جزء من الغابة الأفريقية. في أواخر الستينيات من القرن الماضي اضطر دال إلى تبديل كلمة زنجي من النص الأصلي، وفي طبعة عام 1973، أصبحوا "مخلوقات خرافية صغيرة" فحسب. لكن اللافت في أمر دال الذي طالما اتهم بالعنصرية وكراهية النساء، هو الاتهام الأخير بمعاداة السامية كما ظهر في حياته وكتاباته لدرجة أن عائلته أصدرت في 2020 هذا البيان: "عائلة دال وشركة روالد دال ستوري تعتذر بشدة عن الأذى الناجم عن بعض تصريحات روالد. هذه التصريحات المتحيزة غير مفهومة بالنسبة لنا وتتناقض تمامًا مع طبيعة الرجل الذي عرفناه، والقيم الكامنة في صميم قصصه، والتي أثرت بشكل إيجابي على الشباب لأجيال. نأمل، كما فعل في أفضل حالاته، وفي أسوأ حالاته على الإطلاق، أن يساعدنا روالد دال في تذكيرنا بالتأثير الدائم للكلمات".
دال بعد التهذيب
من خلال مقارنة الإصدارات الحديثة بالنسخة الأصلية، رصدت "تلغراف" مئات التغييرات في قصص دال، منها مفردات تتعلق بالوزن، والعرق، واللون، والصحة العقلية، والعنف، والجنس، وإعادة صياغتها بلغة تتناسب مع الحساسية المعاصرة، أو إدراج تعليق لنفي القصد المسيء. في "جيمس والخوخة العملاقة" لم تعد الآنسة سبونج "السمينة"، ولا رأس الآنسة العنكبوت "أسود" في "آل تويت"، وحتى "اللغة الأفريقية الغريبة" لم تعد غريبة. حذفت أيضًا كل صفة تشي بالقبح، أو التهكم، أو بهرجة الأفراد، كبروز الأسنان، والصلع، واستطالة الوجه كالأحصنة. في نسخة "دواء جورج الرائع" الأصلية كانت الجرارات سوداء اللون. أما في عالم دال الجديد، على ما يبدو، لا يمكن وصف الآلات ولا الحيوانات بالألوان. ولا يمكن أن يكون أي شيء سمينًا. "بونس، القزم الصغير ذو البطون"، أصبح الآن مجرد بونس العجوز. لم تعد السلاحف تأتي "في الغالب من شمال أفريقيا"، ولكن من "عدد من البلدان المختلفة".
حذفت أيضًا الأوصاف الخاصة بالنساء "الساحرة دائمًا امرأة، لا أرغب في التحدث بشكل سيء عن النساء. معظم النساء جميلات. لكن تظل الحقيقة أن جميع السحرة من النساء. لا يوجد شيء اسمه ساحرة ذكر". أصبحت، ببساطة، "الساحرة دائمًا ما تكون امرأة. لا يوجد شيء اسمه ساحرة ذكر". و"الخادمة" تحولت إلى "عاملة النظافة"، وتحول "القطيع الهائل من السيدات" إلى "مجموعة رائعة من السيدات". "ولكن ماذا عن بقية العالم؟"، ماذا عن "أميركا وفرنسا وهولندا وألمانيا؟ وماذا عن النرويج؟"، الجملة الأخيرة تم حذفها تمامًا، لأن "بقية العالم" أكبر الآن مما كان عليه في عين دال، كما أصبح للساحرات دور في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات لخدمة النساء.
القارئ الحساس والقارئ غير الحساس
أثارت الرقابة "الأورويلية" على أعمال دال، وغيره، رد فعل عنيفًا على بافن، وكان سلمان رشدي على رأس المعترضين، فكتب على تويتر: "لم يكن روالد دال ملاكًا، لكن هذه رقابة سخيفة. ألا نستطيع حقًا أن نقول سمينة، أو أنثى؟ يجب أن تشعر دار بافن وناشر دال بالخجل". وفي رسالته إلى سوزان نوسيل، الرئيس التنفيذي لرابطة كتاب أميركا، تساءل رشدي عما إذا كان في إمكان الرابطة "اتخاذ موقف ما ضد هذا الجنون". انضمت الملكة كاميلا، زوجة الملك تشارلز الثالث، إلى الحملة التي قادها رشدي، ففي حفل استقبال في كلارنس هاوس لنادي الكتاب على الإنترنت وجهت تلك الكلمة إلى الكتاب: "حافظوا من فضلكم على صدقكم، من دون عوائق من قبل أولئك الذين قد يرغبون في كبح حرية تعبيرك، أو فرض قيود على خيالك". تحت هذا الضغط الجماعي، أعلن الناشر صدور طبعة جديدة غير منقحة من كتب دال سيتم وضعها جنبًا إلى جنب مع النسخ المعاد صياغتها، ويمكن لكل قارئ أن يختار نسخته بما يتناسب مع حساسيته.
أوقفوا الأخطاء لأطفالنا
لم يمض يوم واحد على هذا الانتصار حتى تفاجأ الجميع بإعادة إصدار روايات جيمس بوند بمناسبة مرور 70 عامًا على نشر "كازينو رويال" لإيان فليمنغ (1908 ـ 1964)، ولكن في طبعة مهذبة تخلو من الإشارات العرقية، مع بيان بإخلاء المسؤولية: "لقد كتب هذا الكتاب في وقت كانت فيه المصطلحات والمواقف التي يمكن اعتبارها مسيئة من قبل القراء المعاصرين شائعة".
أدت التغييرات التي تم إجراؤها على كتب فليمنغ بدورها إلى إعادة صياغة بعض الصور، أو حذفها كلية، كما في الفقرة: "كان في إمكان بوند أن يسمع الجمهور يلهث ويصرخ مثل الخنازير في الحوض الصغير. شعر بيديه تمسكان مفرش المائدة. كان فمه جافًا". هذا المقطع تم استبداله بـ: "كان في وسع بوند أن يشعر بتوتر كهربي في الغرفة"! على الرغم من استبقاء بعض مصطلحات بوند العرقية الخاصة بشعوب شرق آسيا، وبعض الإشارات إلى كراهية المرأة، والمثلية الجنسية، فشلت مجموعة الفكر الشمولي والقراء الحساسين في إزالتها تمامًا.
يرى بعضهم أن السماح بمراجعة الكلاسيكيات يفتح بابًا خطيرة للرقابة الشمولية، ولا يسهم من قريب أو بعيد في مساعدة الطفل على الرؤية الكلية، ويربطون ما حدث بالقانون الذي وقعه حاكم فلوريدا، رون ديسانتيس، "أوقفوا الأخطاء لأطفالنا"، في محاولة منه لجعل العالم أكثر مثالية، ولكن عند أي مرحلة من القص واللصق والترقيع يصبح النص ليس أصليًا ولا ينتمي إلى كاتبه على أي حال.
سناء عبد العزيز 9 مارس 2023
تغطيات
الروائي البريطاني روالد دال (10/12/1971/ Getty)
شارك هذا المقال
حجم الخط
اللغة كائن حي ينمو ويتطور ويشيخ. تجري عليها سنن الانقراض، وطقوس الولادة، كلما تعاقبت العصور وتغيرت منظومة القيم والعادات الخاضعة بطبيعتها للتبديل والتصحيح المستمر من دون فعل فاعل، فيغدو ما كان مقبولًا في زمنٍ ما مستهجنًا في غيره، وما كان مباحًا في الأمس محظورًا اليوم أو غدًا، وهكذا دواليك.
فهل نرى في هذا مسوغًا للعبث بالكلاسيكيات، وتمرير فكرة معالجة أدب الماضي كي يتماشى مع عصر ما بعد الحداثة؟!
في الآونة الأخيرة، جرت مئات التغييرات على بعض أفضل كتب الأطفال بناء على توصيات "القراء الحساسين"، وهم فريق من المحررين عينتهم شركة بافن، بالتعاون مع مجموعة "عقول شمولية"، لجعل أدب الأطفال شموليًا ومتاحًا للجميع. على مدار عامين، قام الفريق المتحمس بتطهير الكتب العظيمة من الحشائش الضارة والآفات، عن طريق تحرير، أو حذف، أو إعادة صياغة العبارات المسيئة، والأوصاف المتنمرة، والأفكار العنصرية، من كل جنس ولون، كما تفعل شرطة الرقابة على العالم الرقمي. في تلك المجزرة غير المسبوقة، تصدرت أعمال الكاتب البريطاني روالد دال/ Roald Dahl (1916 ـ 1990) القائمة السوداء، وخضعت لمبضع الجراح، وهو ما يبرره ناشر دال قائلًا: "نريد أن نضمن استمتاع جميع الأطفال اليوم بقصص وشخصيات روالد دال الرائعة... وليس غريبًا عند إعادة الطبع أن تتم مراجعة اللغة المستخدمة جنبًا إلى جنب مع تحديث التفاصيل الأخرى، بما في ذلك غلاف الكتاب، وتصميم الصفحة. كان مبدؤنا التوجيهي طوال الوقت هو الحفاظ على خطوط القصة والشخصيات والروح العبقرية للنص الأصلي، أي أن التغييرات التي جرت صغيرة ومدروسة بعناية".
التأثير بالكلمات
يُعدُّ روالد دال واحدًا من أشهر مؤلفي قصص الأطفال على الإطلاق. باعت كتبه أكثر من 250 مليون نسخة في جميع أنحاء العالم، وترجمت إلى 25 لغة، وتشمل "الساحرات"، و"آل تويت"، و"تشارلي ومصنع الشيكولاته". وفي الوقت الذي أثارت فيه الجدل، فإنها ليست المرة الأولى التي تجرى فيها تعديلات على كتبه لتعكس القيم المعاصرة، أو تتوافق مع اهتمامات هوليوود.
"باعت كتب دال أكثر من 250 مليون نسخة في جميع أنحاء العالم، وترجمت إلى 25 لغة" |
في الإصدار الأول من "تشارلي ومصنع الشيكولاته" عام 1964، كانت شخصيات أومبا لومباس من الزنوج الأقزام، استعبدهم ويلي ونكا من أعمق وأحلك جزء من الغابة الأفريقية. في أواخر الستينيات من القرن الماضي اضطر دال إلى تبديل كلمة زنجي من النص الأصلي، وفي طبعة عام 1973، أصبحوا "مخلوقات خرافية صغيرة" فحسب. لكن اللافت في أمر دال الذي طالما اتهم بالعنصرية وكراهية النساء، هو الاتهام الأخير بمعاداة السامية كما ظهر في حياته وكتاباته لدرجة أن عائلته أصدرت في 2020 هذا البيان: "عائلة دال وشركة روالد دال ستوري تعتذر بشدة عن الأذى الناجم عن بعض تصريحات روالد. هذه التصريحات المتحيزة غير مفهومة بالنسبة لنا وتتناقض تمامًا مع طبيعة الرجل الذي عرفناه، والقيم الكامنة في صميم قصصه، والتي أثرت بشكل إيجابي على الشباب لأجيال. نأمل، كما فعل في أفضل حالاته، وفي أسوأ حالاته على الإطلاق، أن يساعدنا روالد دال في تذكيرنا بالتأثير الدائم للكلمات".
دال بعد التهذيب
من خلال مقارنة الإصدارات الحديثة بالنسخة الأصلية، رصدت "تلغراف" مئات التغييرات في قصص دال، منها مفردات تتعلق بالوزن، والعرق، واللون، والصحة العقلية، والعنف، والجنس، وإعادة صياغتها بلغة تتناسب مع الحساسية المعاصرة، أو إدراج تعليق لنفي القصد المسيء. في "جيمس والخوخة العملاقة" لم تعد الآنسة سبونج "السمينة"، ولا رأس الآنسة العنكبوت "أسود" في "آل تويت"، وحتى "اللغة الأفريقية الغريبة" لم تعد غريبة. حذفت أيضًا كل صفة تشي بالقبح، أو التهكم، أو بهرجة الأفراد، كبروز الأسنان، والصلع، واستطالة الوجه كالأحصنة. في نسخة "دواء جورج الرائع" الأصلية كانت الجرارات سوداء اللون. أما في عالم دال الجديد، على ما يبدو، لا يمكن وصف الآلات ولا الحيوانات بالألوان. ولا يمكن أن يكون أي شيء سمينًا. "بونس، القزم الصغير ذو البطون"، أصبح الآن مجرد بونس العجوز. لم تعد السلاحف تأتي "في الغالب من شمال أفريقيا"، ولكن من "عدد من البلدان المختلفة".
"السماح بمراجعة الكلاسيكيات يفتح بابًا خطيرة للرقابة الشمولية، ولا يسهم من قريب أو بعيد في مساعدة الطفل على الرؤية الكلية" |
حذفت أيضًا الأوصاف الخاصة بالنساء "الساحرة دائمًا امرأة، لا أرغب في التحدث بشكل سيء عن النساء. معظم النساء جميلات. لكن تظل الحقيقة أن جميع السحرة من النساء. لا يوجد شيء اسمه ساحرة ذكر". أصبحت، ببساطة، "الساحرة دائمًا ما تكون امرأة. لا يوجد شيء اسمه ساحرة ذكر". و"الخادمة" تحولت إلى "عاملة النظافة"، وتحول "القطيع الهائل من السيدات" إلى "مجموعة رائعة من السيدات". "ولكن ماذا عن بقية العالم؟"، ماذا عن "أميركا وفرنسا وهولندا وألمانيا؟ وماذا عن النرويج؟"، الجملة الأخيرة تم حذفها تمامًا، لأن "بقية العالم" أكبر الآن مما كان عليه في عين دال، كما أصبح للساحرات دور في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات لخدمة النساء.
القارئ الحساس والقارئ غير الحساس
أثارت الرقابة "الأورويلية" على أعمال دال، وغيره، رد فعل عنيفًا على بافن، وكان سلمان رشدي على رأس المعترضين، فكتب على تويتر: "لم يكن روالد دال ملاكًا، لكن هذه رقابة سخيفة. ألا نستطيع حقًا أن نقول سمينة، أو أنثى؟ يجب أن تشعر دار بافن وناشر دال بالخجل". وفي رسالته إلى سوزان نوسيل، الرئيس التنفيذي لرابطة كتاب أميركا، تساءل رشدي عما إذا كان في إمكان الرابطة "اتخاذ موقف ما ضد هذا الجنون". انضمت الملكة كاميلا، زوجة الملك تشارلز الثالث، إلى الحملة التي قادها رشدي، ففي حفل استقبال في كلارنس هاوس لنادي الكتاب على الإنترنت وجهت تلك الكلمة إلى الكتاب: "حافظوا من فضلكم على صدقكم، من دون عوائق من قبل أولئك الذين قد يرغبون في كبح حرية تعبيرك، أو فرض قيود على خيالك". تحت هذا الضغط الجماعي، أعلن الناشر صدور طبعة جديدة غير منقحة من كتب دال سيتم وضعها جنبًا إلى جنب مع النسخ المعاد صياغتها، ويمكن لكل قارئ أن يختار نسخته بما يتناسب مع حساسيته.
أوقفوا الأخطاء لأطفالنا
لم يمض يوم واحد على هذا الانتصار حتى تفاجأ الجميع بإعادة إصدار روايات جيمس بوند بمناسبة مرور 70 عامًا على نشر "كازينو رويال" لإيان فليمنغ (1908 ـ 1964)، ولكن في طبعة مهذبة تخلو من الإشارات العرقية، مع بيان بإخلاء المسؤولية: "لقد كتب هذا الكتاب في وقت كانت فيه المصطلحات والمواقف التي يمكن اعتبارها مسيئة من قبل القراء المعاصرين شائعة".
أدت التغييرات التي تم إجراؤها على كتب فليمنغ بدورها إلى إعادة صياغة بعض الصور، أو حذفها كلية، كما في الفقرة: "كان في إمكان بوند أن يسمع الجمهور يلهث ويصرخ مثل الخنازير في الحوض الصغير. شعر بيديه تمسكان مفرش المائدة. كان فمه جافًا". هذا المقطع تم استبداله بـ: "كان في وسع بوند أن يشعر بتوتر كهربي في الغرفة"! على الرغم من استبقاء بعض مصطلحات بوند العرقية الخاصة بشعوب شرق آسيا، وبعض الإشارات إلى كراهية المرأة، والمثلية الجنسية، فشلت مجموعة الفكر الشمولي والقراء الحساسين في إزالتها تمامًا.
يرى بعضهم أن السماح بمراجعة الكلاسيكيات يفتح بابًا خطيرة للرقابة الشمولية، ولا يسهم من قريب أو بعيد في مساعدة الطفل على الرؤية الكلية، ويربطون ما حدث بالقانون الذي وقعه حاكم فلوريدا، رون ديسانتيس، "أوقفوا الأخطاء لأطفالنا"، في محاولة منه لجعل العالم أكثر مثالية، ولكن عند أي مرحلة من القص واللصق والترقيع يصبح النص ليس أصليًا ولا ينتمي إلى كاتبه على أي حال.