في رحيل جينا لولو بريجيدا: كنت أشغل نفسي دومًا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • في رحيل جينا لولو بريجيدا: كنت أشغل نفسي دومًا



    في رحيل جينا لولو بريجيدا: كنت أشغل نفسي دومًا
    سمير رمان 29 يناير 2023
    تغطيات
    جينا لولو بريجيدا في بريطانيا (4/ 8/ 1968/Getty)
    شارك هذا المقال
    حجم الخط

    عن عمرٍ ناهز 96 عامًا، توفيت يوم 16 يناير/ كانون الثاني الحالي في روما واحدة من أشهر أيقونات السينما الإيطالية، جينا لولو بريجيدا.
    في مهرجان موسكو السينمائي عام 1961، التقى أوّل رائد فضاء في العالم، السوفياتي يوري غاغارين، الممثلة الإيطالية الساحرة جينا لولو بريجيدا. أرادت الفنانة الحصول على صورة غاغارين، فكتب على خلفية الصورة: "لقد رأيت كثيرًا من النجوم في السماء، ولكنني لم أر أبدًا نجمة تضاهيك روعة". أمّا الزعيم الكوبي فيدل كاسترو فيقال إنّه قال لها مجاملًا: "لم أتزوج حتى الآن، فقط لأنني لم ألتق بعد امرأة مثلك". وعندما أسرَّت لها مارلين مونرو بصوتٍ كلّه غيرة: "يدعونني في أميركا جينا الأميركية"، أجابتها جينا لولو بريجيدا بتواضع: "ويلقبونني في إيطاليا بمارلين مونرو الإيطالية". وعندما أمّنت صوفيا لورين على صدرها بـ120 ألف دولار أميركي، ردّت جينا بتأمين صدرها بمبلغ 600 ألف دولار أميركي. ويقال إنّ الجنرال السوري مصطفى طلاس حّذر جنوده من إطلاق النار على الجنود الإيطاليين في لبنان كي لا يزعج جينا. قد يكون كلّ هذا لم يحدث فعلًا، ولكنّه يبيّن مدى الاهتمام العالمي بهذه الشخصية الفريدة.
    لم تكن جينا ممثلةً استثنائية على غرار مواطنتيها صوفي لورين، أو كلوديا كاردينالي، كما لم تحاول لعب أدوار درامية مثلهما. لم ترد جينا أن تصبح ممثلة، وأصبحتها، فقالت معقبة على تساؤلات الصحافيين بهذا الخصوص: لقد كان ذلك "خطًأ". كان حلم جينا لولو بريجيدا، ابنة النجّار الفقير، أن تصبح مغنية أوبرا، أو رسّامة، حيث كانت في شبابها ترسم خلال الحرب العالمية الثانية على أرصفة روما المدمرة رسومًا كاريكاتورية للمارّة، وكانت تنادي العابرين: "إي سنيور، تعال واشتر اللوحة، إنها رخيصة". ولكنّ أمّها أجبرتها على وضع نير السينما، بذريعة أنّ أخواتها الثلاث يمثلن أمام الجمهور ويكسبون مالًا ليس بالقليل بالنسبة لعائلة فقيرةٍ حقًا. كانت الأمّ تتكرر عبارة واحدة متسائلةً: "بمَ أنت أفضل منهنّ؟"، بيد أنّ جينا كانت بالفعل أفضل الجميع.
    جينا لولو بريجيدا في منزلها في روما تعرض صورة لها مع فيدل كاسترو التقطها هنري كيسنجر (14/ 10/ 2008/ Getty)
    "فيدل كاسترو قال لها مجاملًا: "لم أتزوج حتى الآن، فقط لأنني لم ألتق بعد امرأة مثلك!""

    إذا كانت السينما حلمًا عامًّا، وتجسيدًا للعقل الجماعي، فإنّ جينا الصغيرة كانت حلم الجميع. كيف لا، وهي التي تمتلك خصرًا ضامرًا كساق شجرة حور، وصدرًا أسطوريًا، وشعرًا أسود كظلام الليل، ولها عينان ساحرتان كعيون المها.
    بدأت مسيرتها السينمائية في إيطاليا أواخر أربعينيات القرن الماضي، ونجحت في تجاوز شغفها بالواقعية الاجتماعية الجديدة القاسية: فلم تلعب أدوار بطلات المقاومة، أو فتيات سقطن بسبب ظروف الحياة القاسية. بعد أن لعبت دور ماري اللعوب في فيلم "الخبز، الحبّ والفانتازيا/ Comencini s BreadK Love and Fantasy"، أصبحت جينا رمزًا لما سمي بالواقعية الوردية الجديدة. في إيطاليا، شكّلت السينما، حيث يبدو كلّ شيءٍ كما لو كان في الحياة الحقيقية مواساة للإيطاليين: كلّ شيءٍ سيكون على ما يرام، وسيكون هنالك كثير من الخبز، وحيث سيكون الحبّ في أوجه، وحيث تتحقق كلّ الرغبات الخيالية.
    في خمسينيات القرن الماضي، أصبحت جينا الغجرية الرئيسية في السينما العالمية. إنّها حقيقية، كما هي الغجرية أزميرالدا في فيلم جان دي لانوا "كاتدرائية نوتردام الباريسية" (1956). ومن لم يشاهد كيف كانت ترقص جينا في دور أزميرالدا في ساحة الكاتدرائية، فإنّه لا يعرف شيئًا عن الجنس على شاشات السينما في الأيام الخوالي. وهي أيضًا غجرية مزيفة، مثل أديلينا في فيلم "فانفان ـ التوليب"، التي أغوت فانفان البسيط، الجندي في قوات الجيش الملكي الفرنسي زمن حرب السنوات السبع.
    في طبيعة الحال، لن تفوِّت هوليوود لقمة سائغة لذيذة مثل جينا لولو بريجيدا، إذ استدرجها إلى كاليفورنيا فتى مجنون فاسق، هو أحد أغنى أغنياء العالم، هوارد هيوز "الطيار". لم يحتفظ تاريخ السينما من كلّ تجاربها في هوليوود إلا بفيلم المخرج كينغ فيدور "سليمان وملكة سبأ/ Solomon and Queen of Sheba" )1959)، حيث لعبت جينا دور الملكة بالطبع.
    في أوائل سبعينيات القرن الماضي، وبعد أن لعبت جينا لولو بريجيدا، بشكلٍ غير متوقع، دور الملكة في فيلم جيرزي سكوليموفسكي "الملك، الملكة، الشابّ/ (ورق اللعب)"، كادت أن تهجر العمل السينمائي، فقد كرّست بعده نفسها لتحقيق حلم حياتها منذ الشباب، للتصوير الفوتوغرافي والنحت، حيث وجدت هناك سعادتها أخيرًا.
    ولدت جينا لولو بريجيدا في الرابع من يوليو/ تموز عام 1927 في بلدة إيطالية صغيرة. عاشت عائلتها أوقاتًا مالية صعبة. وفي تلك الظروف الصعبة، استطاعت الممثلة المستقبلية كسب بعض النقود من الرسوم الكاريكاتورية التي كانت ترسمها حسب الطلب. كان عام 1947 هو بداية شهرتها، بعد أن حلّت ثالثة في مسابقة ملكة جمال إيطاليا، لتتلقى عددًا من العروض من المخرجين والمنتجين السينمائيين. جاءت الشهرة الجماهيرية عام 1952، بعد ظهورها في الفيلم الكوميدي الدرامي "فانفان ـ توليب"، حيث لاقى الفيلم نجاحًا منقطع النظير في العالم. وفي عام 1953، مثلت جينا أول أفلامها الأميركية "قهر للشيطان/ Beat the Devil"، ومن ثمّ في الفيلم الموسيقي "أجمل امرأة في العالم" (1955)، حيث لعبت دور مغنية أدت فيها بصوتها المقاطع الموسيقية.
    في الخمسينيات، أطلقت الصحافة الإيطالية على الممثلات: جينا لولو بريجيدا، صوفيا لورين، وميشيل ميرسيه، لقب "رموز الجنس في عصرنا". عن هذا التصنيف، قالت جينا: "أنا لا أنافس في قلّة الحياء". كما أنّها تعاملت بتشاؤمٍ مع أيّة تصريحاتٍ عن تنافسها غير المعلن مع زميلاتها.
    صرّحت جينا غير مرّة: "لا يقيّم الرجال الجمال في النساء، بل الخضوع والاستكانة. وهذا شيءٌ لم أستطع أن أقدمه لأي رجل". بعد 15 عامًا، انهار زواج جينا لولو بريجيدا الأول من الطبيب اليوغسلافي ميلكو سكوتيش، بسبب غيرة الزوج المفرطة من تهافت المعجبين. أما الزوج الثاني فكان الإسباني خافيير ريغايو، الذي كان يصغرها بـ35 عامًا. رسميًا، استمر الزواج ثلاث سنوات، مع أنّ جينا أعلنت أنّها لم تعط موافقتها على العرس، وأنّ وثيقة الزواج وقّعت من دون علمها.
    لم تقتصر مكانة جينا في العالم على كونها ممثلة عالمية فقط، بل كمصورة محترفة، أيضًا. ومن حينٍ إلى آخر، كانت جينا تقوم بجلسات تصوير لمشاهير مثل: هنري كيسينجر، بول نيومان، ديفيد كيسيد، سلفادور دالي، وحتى فيدل كاسترو. وقد نشرت جميع هذه الأعمال لاحقًا في ألبومٍ بعنوان "إيطاليا كما أراها". اقتنت جينا فيلَّا بحديقة جمعت فيها الممثلة المئات من الطيور النادرة. وفي عام 1999، أعلنت جينا عن رغبتها في الترشح للبرلمان الأوروبي، ممثلة لحزب يسار الوسط، ولكنّها لم تتمكن من جمع الأصوات اللازمة.
    تقول جينا عن الشيخوخة: "يشيخ الإنسان عندما لا يجد ما يشغل به وقته. كنت أشغل نفسي على الدوام: ألتقط الصور، أنحت التماثيل، أستمع إلى تغريد الطيور. ربما هنا يكمن سرّ الشباب الدائم".
يعمل...
X