أدب المهاجرين الإيطالي: قصائد مهاجرة
ميلتون فرنانديز
ترجمات
ميلتون فرنانديز
شارك هذا المقال
حجم الخط
ميلتون فرنانديز: كاتب وشاعر ومخرج مسرحي من الأورغواي. تخرج في الفن الدرامي من الأكاديمية الوطنية لمونتفيديو، وتابع بعد ذلك دراسته في "بيكّولو تياترو" في ميلانو. عمل كممثل ومدرّب على استعمال الأسلحة في العديد من المسارح الإيطالية، مثل: مسرح وأوبرا لا سكالا، بيكّولو تياترو في ميلانو، ماجّو ميوزيكال في فلورنسا، مسرح سان كارلو في نابولي، مسرح سوليس في مونتفيديو، مسرح ماسّيمو في باليرمو، وغيرها من المسارح الإسبانية والأرجنتينية، بالإضافة إلى استعراضات في أقنية التلفزيون الإيطالي، العام والخاص. ألّف وأخرج مسرحيات عديدة، منها: "كساندرا إكسبريس"، "الحياة سهلة" للشاعرة الراحلة ألدا ماريني، "ليلة في بيت موزارت". عقد ندوات حول التقنيات المسرحية في بوينس آيرس وريو دي جانيرو وكويتو ومدريد وفلورنسا وروما وميلانو.
نشر باللغة الإيطالية: القصائد الضالة (2004، ديوان حاز على الجائزة الأولى لكلية الأدب الإيطالي بجامعة بولونيا)، المغامر المستكشف (2010)، لو تعلم، يا سيباستيان (2011)، للوصول إلى المساء (2012).
يشغل حاليًا منصب المدير الفني لمهرجان ميلانو للأدب.
إن لم يكن الصوت، فعلى الأقل الصدى، أو ما يمكن أن يرافقه من إصرار لتخطّي كل الحدود الممكنة، فما من مجال لخنقه أو محاولة إيقافه. المهاجر، تحت هذا المنظور، بات يرافق الكلمة أينما حطّت، شاعرية تحاكي ما هو ظاهر وما يستعر تحت رماد الحنين ووطأة الغربة، وقبل كل شيء الاندفاع المحموم في أراضٍ (وبحارٍ) ملغومة. بالنسبة لميلتون فرنانديز، شتّان بين الاستلاب وما رسمه المحيط الجديد من بديهيات في العلاقة الشائكة بين المهاجر والمجتمع المضيف، التي اتخذت، مع تصاعد حمى الشعبوية، شكلًا آخر، أكثر عمقًا وإيلامًا. فمن وجهة النظر الدلالية، كما في إحدى القصائد أدناه، ثمّة اتساق هشّ، كما هي الحال في الاتساق الافتراضي بين العمل والمردود في الاقتصاد النيو ليبرالي، وانكماش متلاحق لخطّ تجميع يرى في أحلام القادمين من وراء البحار، موردًا طارئًا لحل أزمة أمة، بل أمم، ريثما يستعيدون أنفاسهم ويتفادون، قدر الإمكان، الصورة الجديدة التي تكتمل في الظل، بعيدًا عن الأعين، في ورشات البناء وإسطبلات الخيول ومزارع تربية الماشية ومصانع الدباغة. عوالم متعددة، تنصهر فجأة في عالم واحد، دون الحاجة لمعرفة حدوده أو ما يكمن خلفه، طالما الجميع، في النهاية، عرضة لمصير واحد: "معركتك هي معركتي، وجسدك عربون سلام". النواة المجازية في هذه الشاعرية تنبع أصلًا من الذات، كخطوة أولى لفهم الآخر، ذلك أن إيقاع الحياة ومعجزة الفن التي باتت تشكل الثقافة البصرية المكتسبة حديثًا للمهاجر، أمسيا من الملامح المستجدّة لارتباط ما زال في طور الجذب والنبذ بين الطرفين:
بيني وبينك مطر
مُعلّق
لا فرق إن أمطرت
في أغسطس أو فبراير
فأنا سأجفّف شعركِ
وأنتِ سوف تبلّلين حياتي.
[ترجمة وتقديم: يوسف وقاص - ميلانو]
1- إنه لمن المحزن أنك لست معي
الآن وقد استدرتُ
والسرير عبارة عن سافانا
الآن وقد استيقظتُ دون وقت محدّد
دون مَوْضع أحطّ فيه قدميّ/ (ناهيكِ عن الروح)
الآن وقد انفتحت النافذة بِهُزْءٍ ماكرٍ
والباب يتحدّاني
الآن وقد اتخذت قراري لأعدّ القهوة
وأتذكّر للمرة الأولى/ بعد أيام عديدة
أنه يكفي كوب واحد
ولكن ربما لمجرد نزوة/
أضع كوبين.
إنه لمن المحزن أنكِ لستِ معي
حين أحاول الكتابة/ وليس ثمّة مجال
حين أشعر أن شهر مارس لا ينهج على رقبتي
وأن الوقت صنع عشّه
ولم يهتم.
إنه لمن المحزن أنكِ لستِ معي
الآن وقد وجدنا/ ربّما/ السؤال
لجميع الإجابات
اسم كل شيء.
الآن وقد أغلقنا أعيننا
وحدّدنا الهدف لما ينبغي التفكير به
والصوت يرتدّ بحثًا عن عذر
لنعود وننام.
والساعة ما زالت الثامنة
ليوم مثل أيّ يوم آخر
والقهوة أصبحت باردة
وعناقك الأخير
ينزلق من بين يدي
بينما أغسلهما.
2- إخلاص
أن تكون مخلصًا
للمعانقة
للنظرة
للمصافحة
للعهد
للآونة المشتركة.
أن يكون نهجنا الإخلاص
لمواجهة اليوم المُعاش.
لنلتقي في المنزل
لننظف الشوارع
لنُغري الفرح
لنُهدهد الحزن
لنَجد أنفسنا في المرآة
لنَستحقّ الخبز
لنُرحّب أو نقول
وداعا للحب
لنَجُلّ الحياة
كهبة ثمينة.
أن نكون مخلصين حتى
مع من لا يستحقّ ذلك (غالبًا)
ببساطة لأننا نستحقّ ذلك
أن نكون مخلصين
ضد الرياح والمدّ والجزر
حطام السفن الوشيك
خداع المساء
مخلصون حتى النهاية
مهما كان مؤلمًا
مخلصون كمبدأ
أخيرًا.
3- الآن وقد حلّ الظلام يا حبيبتي
ضغينة الأيام
هذا الطقس الذي يسري القشعريرة في القدمين
مجرد التفكير به
عند سيلان الأنف
والمساء يداهم فجأة المنزل.
قبل أن يأتي الصقيع
يا حبيبتي
ليتمنى لنا يومًا سعيدًا
وعلينا أن نطير مثل الخفافيش
ونمشي بيدين ممدودتين إلى الأمام.
عندما ستحلّ الأوقات المظلمة
حيث لن نتعرّف فيها على بعضنا البعض بعد الآن
ألّا يجدوننا عزّل
ألّا يُرغمنا أحد على أن نخفض أذرعنا
ألّا يتفوّقوا
ألّا تُضيع يدي طريقها للوصول
إليك
أن يظلّ جسدكِ
في قاع السرير
أفضل شارة للعثور على طريق المنزل.
الآن وقد حلّ الظلام،
يا حبيبتي.
4- وكان من الجميل أن أفكر بك
كما كنت أفكر ذات مرة في الثورة
ذلك المكان حيث يمكن للروح أن تتسكّع
مع علمي أنها تسير في الاتجاه الصحيح
كان من الجميل التفكير في أنها يمكن أن تحدث
حتى لو لم تحدث أبدًا
وأن المحاولة تستحقّ العناء
لأفقد نفسي فيك
لعلها أفضل طريقة للعثور على نفسي.
كان جميلًا مثل الوهم
لَمّا يكون الوهم جميلًا
مثل عناق مع صديق
بعد أن جابهتُ الخوف
مثل كأس حيث يرجف النبيذ
بينما نتحدث عن الحبّ
مثل الشجاعة التي لم نجدها قطّ
بينما كنا نمشي في الشارع
دون خوف من الموت.
كان من الجميل التفكير فيك
بينما يحلّ الظلام
ويتشتّت الليل
أن نفكر أنه غدًا
هناك تمامًا
على مرمى حجر
أن معركتك هي معركتي
وجسدك
عربون سلام.
يوسف وقاص
ميلتون فرنانديز
ترجمات
ميلتون فرنانديز
شارك هذا المقال
حجم الخط
ميلتون فرنانديز: كاتب وشاعر ومخرج مسرحي من الأورغواي. تخرج في الفن الدرامي من الأكاديمية الوطنية لمونتفيديو، وتابع بعد ذلك دراسته في "بيكّولو تياترو" في ميلانو. عمل كممثل ومدرّب على استعمال الأسلحة في العديد من المسارح الإيطالية، مثل: مسرح وأوبرا لا سكالا، بيكّولو تياترو في ميلانو، ماجّو ميوزيكال في فلورنسا، مسرح سان كارلو في نابولي، مسرح سوليس في مونتفيديو، مسرح ماسّيمو في باليرمو، وغيرها من المسارح الإسبانية والأرجنتينية، بالإضافة إلى استعراضات في أقنية التلفزيون الإيطالي، العام والخاص. ألّف وأخرج مسرحيات عديدة، منها: "كساندرا إكسبريس"، "الحياة سهلة" للشاعرة الراحلة ألدا ماريني، "ليلة في بيت موزارت". عقد ندوات حول التقنيات المسرحية في بوينس آيرس وريو دي جانيرو وكويتو ومدريد وفلورنسا وروما وميلانو.
نشر باللغة الإيطالية: القصائد الضالة (2004، ديوان حاز على الجائزة الأولى لكلية الأدب الإيطالي بجامعة بولونيا)، المغامر المستكشف (2010)، لو تعلم، يا سيباستيان (2011)، للوصول إلى المساء (2012).
يشغل حاليًا منصب المدير الفني لمهرجان ميلانو للأدب.
إن لم يكن الصوت، فعلى الأقل الصدى، أو ما يمكن أن يرافقه من إصرار لتخطّي كل الحدود الممكنة، فما من مجال لخنقه أو محاولة إيقافه. المهاجر، تحت هذا المنظور، بات يرافق الكلمة أينما حطّت، شاعرية تحاكي ما هو ظاهر وما يستعر تحت رماد الحنين ووطأة الغربة، وقبل كل شيء الاندفاع المحموم في أراضٍ (وبحارٍ) ملغومة. بالنسبة لميلتون فرنانديز، شتّان بين الاستلاب وما رسمه المحيط الجديد من بديهيات في العلاقة الشائكة بين المهاجر والمجتمع المضيف، التي اتخذت، مع تصاعد حمى الشعبوية، شكلًا آخر، أكثر عمقًا وإيلامًا. فمن وجهة النظر الدلالية، كما في إحدى القصائد أدناه، ثمّة اتساق هشّ، كما هي الحال في الاتساق الافتراضي بين العمل والمردود في الاقتصاد النيو ليبرالي، وانكماش متلاحق لخطّ تجميع يرى في أحلام القادمين من وراء البحار، موردًا طارئًا لحل أزمة أمة، بل أمم، ريثما يستعيدون أنفاسهم ويتفادون، قدر الإمكان، الصورة الجديدة التي تكتمل في الظل، بعيدًا عن الأعين، في ورشات البناء وإسطبلات الخيول ومزارع تربية الماشية ومصانع الدباغة. عوالم متعددة، تنصهر فجأة في عالم واحد، دون الحاجة لمعرفة حدوده أو ما يكمن خلفه، طالما الجميع، في النهاية، عرضة لمصير واحد: "معركتك هي معركتي، وجسدك عربون سلام". النواة المجازية في هذه الشاعرية تنبع أصلًا من الذات، كخطوة أولى لفهم الآخر، ذلك أن إيقاع الحياة ومعجزة الفن التي باتت تشكل الثقافة البصرية المكتسبة حديثًا للمهاجر، أمسيا من الملامح المستجدّة لارتباط ما زال في طور الجذب والنبذ بين الطرفين:
بيني وبينك مطر
مُعلّق
لا فرق إن أمطرت
في أغسطس أو فبراير
فأنا سأجفّف شعركِ
وأنتِ سوف تبلّلين حياتي.
[ترجمة وتقديم: يوسف وقاص - ميلانو]
1- إنه لمن المحزن أنك لست معي
الآن وقد استدرتُ
والسرير عبارة عن سافانا
الآن وقد استيقظتُ دون وقت محدّد
دون مَوْضع أحطّ فيه قدميّ/ (ناهيكِ عن الروح)
الآن وقد انفتحت النافذة بِهُزْءٍ ماكرٍ
والباب يتحدّاني
الآن وقد اتخذت قراري لأعدّ القهوة
وأتذكّر للمرة الأولى/ بعد أيام عديدة
أنه يكفي كوب واحد
ولكن ربما لمجرد نزوة/
أضع كوبين.
إنه لمن المحزن أنكِ لستِ معي
حين أحاول الكتابة/ وليس ثمّة مجال
حين أشعر أن شهر مارس لا ينهج على رقبتي
وأن الوقت صنع عشّه
ولم يهتم.
إنه لمن المحزن أنكِ لستِ معي
الآن وقد وجدنا/ ربّما/ السؤال
لجميع الإجابات
اسم كل شيء.
الآن وقد أغلقنا أعيننا
وحدّدنا الهدف لما ينبغي التفكير به
والصوت يرتدّ بحثًا عن عذر
لنعود وننام.
والساعة ما زالت الثامنة
ليوم مثل أيّ يوم آخر
والقهوة أصبحت باردة
وعناقك الأخير
ينزلق من بين يدي
بينما أغسلهما.
2- إخلاص
أن تكون مخلصًا
للمعانقة
للنظرة
للمصافحة
للعهد
للآونة المشتركة.
أن يكون نهجنا الإخلاص
لمواجهة اليوم المُعاش.
لنلتقي في المنزل
لننظف الشوارع
لنُغري الفرح
لنُهدهد الحزن
لنَجد أنفسنا في المرآة
لنَستحقّ الخبز
لنُرحّب أو نقول
وداعا للحب
لنَجُلّ الحياة
كهبة ثمينة.
أن نكون مخلصين حتى
مع من لا يستحقّ ذلك (غالبًا)
ببساطة لأننا نستحقّ ذلك
أن نكون مخلصين
ضد الرياح والمدّ والجزر
حطام السفن الوشيك
خداع المساء
مخلصون حتى النهاية
مهما كان مؤلمًا
مخلصون كمبدأ
أخيرًا.
3- الآن وقد حلّ الظلام يا حبيبتي
ضغينة الأيام
هذا الطقس الذي يسري القشعريرة في القدمين
مجرد التفكير به
عند سيلان الأنف
والمساء يداهم فجأة المنزل.
قبل أن يأتي الصقيع
يا حبيبتي
ليتمنى لنا يومًا سعيدًا
وعلينا أن نطير مثل الخفافيش
ونمشي بيدين ممدودتين إلى الأمام.
عندما ستحلّ الأوقات المظلمة
حيث لن نتعرّف فيها على بعضنا البعض بعد الآن
ألّا يجدوننا عزّل
ألّا يُرغمنا أحد على أن نخفض أذرعنا
ألّا يتفوّقوا
ألّا تُضيع يدي طريقها للوصول
إليك
أن يظلّ جسدكِ
في قاع السرير
أفضل شارة للعثور على طريق المنزل.
الآن وقد حلّ الظلام،
يا حبيبتي.
4- وكان من الجميل أن أفكر بك
كما كنت أفكر ذات مرة في الثورة
ذلك المكان حيث يمكن للروح أن تتسكّع
مع علمي أنها تسير في الاتجاه الصحيح
كان من الجميل التفكير في أنها يمكن أن تحدث
حتى لو لم تحدث أبدًا
وأن المحاولة تستحقّ العناء
لأفقد نفسي فيك
لعلها أفضل طريقة للعثور على نفسي.
كان جميلًا مثل الوهم
لَمّا يكون الوهم جميلًا
مثل عناق مع صديق
بعد أن جابهتُ الخوف
مثل كأس حيث يرجف النبيذ
بينما نتحدث عن الحبّ
مثل الشجاعة التي لم نجدها قطّ
بينما كنا نمشي في الشارع
دون خوف من الموت.
كان من الجميل التفكير فيك
بينما يحلّ الظلام
ويتشتّت الليل
أن نفكر أنه غدًا
هناك تمامًا
على مرمى حجر
أن معركتك هي معركتي
وجسدك
عربون سلام.
يوسف وقاص