جزاير (دوله)(جغرافيه)
Algeria - Algérie
الجزائر
الجزائر دولة عربية مغربية متوسطية، يحدها البحر المتوسط من الشمال والمملكة المغربية وموريتانية من الغرب، ومالي والنيجر من الجنوب، وتونس وليبية من الشرق. وهي ثاني دولة عربية من حيث المساحة بعد السودان، إذ تبلغ مساحتها نحو 2381741كم2، كما أنها تحتل المرتبة الثانية من حيث السكان بعد جمهورية مصر العربية.
تمتد بلاد الجزائر بين خطي العرض 18 و38 درجة شمالاً، وخطي الطول 12 و9 درجة غرباً، في الجزء الأوسط من بلدان المغرب العربي. وتقع بين البحر المتوسط شمالاً والصحراء الكبرى جنوباً، وبهذا تشمل نطاقين كبيرين هما: النطاق الشمالي الساحلي والجبلي الحديث التكوين، ثم النطاق الجنوبي القديم التكوين. ولقد كان لموقع البلاد واتساعها وتضاريسها أثر في تنوع مناخها وغطائها النباتي.
النطاق الأطلسي
تظهر به سلسلتان جبليتان هما الأطلس التلي والأطلس الصحراوي يحصران بينهما إقليم النجود.
الأطلس التلي: يتشكل من سلاسل جبلية متوالية، أغلبها من صخور كلسية تعود للزمنين الثاني والثالث، ممتدة من الغرب إلى الشرق، متماشية واتجاه ساحل البحر الذي تضرب فيه أقدامها أحياناً، خاصة في جهاتها الشرقية، تتخللها الأودية القصيرة الضيقة التي تصب في البحر، والسهول الخصبة والمنخفضة أحياناً، مثل سهل متيجة وعنابة ووهران، والمرتفعة أحياناً أخر مثل سهل بلعباس والسرسو وعين بسام، وأهم أودية هذا الإقليم وادي الشلف.
ومن أهم جبال الأطلس التلي جبال تلمسان (1824م)، الواقعة على الحدود الجزائرية المغربية، ثم إلى الشرق منها جبال تاسالا والضاية وفرندا والونشريس وتيطري والزكار، وكلها لا يزيد ارتفاعها على 1600م، ثم إلى الشرق منها جبال جرجرة التي يبلغ ارتفاعها 2328م، والبابور وإيدوغ وسوق أهراس الواقعة على الحدود الجزائرية التونسية.
الأطلس الصحراوي: كما يدل عليه اسمه، هو الحد الفاصل بين صحراء الجزائر في الجنوب وشمالي البلاد، أو هو الجدار الطبيعي الحاجز لزحف رمال الصحراء نحو الشمال. يمتد من الحدود المغربية إلى الحدود التونسية في اتجاه من الجنوب الغربي نحو الشمال الشرقي، سفوحه الجنوبية شديدة الانحدار، إذ تظهر أحياناً في شكل حافات قائمة، على عكس سفوحه الشمالية الخفيفة الانحدار. ومن أهم جباله من الغرب إلى الشرق جبال القصور (2226م) ثم عمور ثم أولاد نايل (1500م) ثم الأوراس (2329م)، وأودية هذه الجبال صرفها داخلي، حيث تصب في الصحراء، مثل وادي جدى، أو تصب في منطقة النجود، مثل وادي بوسعادة.
النجود: هضبة مرتفعة (أكثر من 400م)، تكسوها قشور صخرية صلبة أو طبقات صخرية كلسية، تعلوها طبقة رقيقة من التربة الرملية أو الحصوية الفقيرة. وتمتد أرض النجود على طول يزيد على 700كم، في شكل مثلث قاعدته الحدود الجزائرية المغربية، حيث مرتفعات التندرارة (1200م)، ورأسه منخفض الحضنة الذي يقرب ارتفاعه من 400م. تتخلل أرض النجود الأحواض المغلقة والشطوط الواسعة، كشط الحضنة والغربي والشرقي والزواغز التي تتجمع فيها مياه الأمطار شتاءً، حاملة إليها عند جريانها على سطح الأرض رواسب ملحية وأخرى طينية من المناطق المجاورة لها.
النطاق الصحراوي
قاعدة قديمة تعود إلى ما قبل الزمن الأول واسعة الأطراف، تحتل نسبة تقرب من 90% من مجموع مساحة الجزائر، تتخللها أربعة مظاهر تضريسية: الحمادة، الرق، العرق، الجبال.
الحمادة: هضاب صخرية واسعة الأرجاء، ممتدة في شكل صفائح صخرية كلسية أو رملية عارية من التربة، مثل حمادة الذراع بالحدود الجزائرية المغربية، وحمادة القلاع بالحدود الجزائرية الموريتانية، وحمادة تادمايت إلى الشمال من عين صالح.
الرق: أحواض حصوية ناتجة من السيول الجارفة التي تحمل إليها هذه الحجارة المفتتة من الحمادة.
العِرْق: كثبان رملية (ناتجة من حت الرياح)، متحركة ممتدة على مدى البصر، مثل العرق الشرقي الكبير الممتد من السفوح الجنوبية لجبال أوراس إلى هضبة تادمايت، والعرق الغربي الكبير الذي يغطي مساحة واسعة من منطقة بشّار.
جبال الهوقار: وهي كتل من المرتفعات المخروطية الشكل في الغالب، تحتل الركن الجنوبي الشرقي من صحراء الجزائر، معظمها صخور نارية ناتجة من ثورات بركانية قديمة، يصل ارتفاعها إلى 2918م، كما هي الحال في جبل تاهت بتمنراست.
المناخ والنبات
إن اتساع بلاد الجزائر وموقعها في النطاق شبه المداري، جعل فيها ثلاثة أقاليم مناخية نباتية هي:
مناخ البحر المتوسط
تسود في جبال الأطلس التلي، وخاصة في سفوحها الشمالية المواجهة للبحر، الرياح الشمالية الغربية، وهو رطب للغاية معتدل الحرارة، تمثله مدينة الجزائر التي يقرب معدلها السنوي للأمطار من 700مم، وهي أمطار شتوية، تقل بالاتجاه من الشرق إلى الغرب، ناتجة في الغالب من مسار الانخفاضات الجوية القادمة من الجهات الشمالية الغربية من منطقة الضغط المرتفع من الأطلسي الأزوري، وتظهر بهذا المناخ الغابات الكثيفة من أشجار الزيتون والأرز والسنديان والريحان والصنوبر الحلبي، وقد تتخللها الأحراج من شجيرات السرو وغيرها.
المناخ القاري
يسود فيما وراء السفوح الجنوبية لجبال الأطلس التلي، بنطاقي النجود والأطلس الصحراوي المحجوبين والبعيدين عن المؤثرات البحرية، وهو مناخ شبه جاف يتميز بفروقه الحرارية المرتفعة وأمطاره القليلة، تمثله المحطة المناخية لمدينة الجلفة التي يقرب متوسطها السنوي للأمطار من 400مم. الغطاء النباتي لهذا الإقليم فقير، ويتجلى في بعض الأشجار المتناثرة هنا وهناك، مثل أشجار العرعر والأعشاب القليلة مثل الشيح والحرمل والحلفاء وغيرها.
المناخ الصحراوي
يسود في كل الجهات الممتدة إلى الجنوب من السفوح الجنوبية لجبال الأطلس الصحراوي، وهو مناخ جاف فأمطاره السنوية تقل عن 200مم، وتشتد فيه عملية التبخر، تمثله مدينة غرداية (68مم)، وهو فقير جداً بالغطاء النباتي، الذي يظهر غالباً في النباتات أو الشجيرات الشوكية، مثل السدرة والأكاسيا المتناثرة على أبعاد كبيرة.
السكان
سكن الجزائر قديماً جنس البحر المتوسط في الشمال والجنس الزنجي في الجنوب، ثم هاجر إليها البربر أو الأمازيغ نحو الألف الرابع قبل الميلاد من الشرق الأدنى، وفي فجر التاريخ ازدادت الصلات التجارية والاحتكاك الحضاري بين سكان شمالي إفريقية وجيرانهم من سكان البحر المتوسط، ثم جاء العنصر العربي على مراحل منذ الفتح الإسلامي، ليتمم لهذه المنطقة خاصيتها البشرية، وبمرور الزمن انمحت الفوارق البشرية بين أهل الشمال والجنوب وبين سكان التل وسكان الصحراء، ثم بين الأصليين والأقدمين والمهاجرين، وظهرت عادات وتقاليد واحدة ودين واحد ومستقبل واحد بين جميع أبناء الجزائر.
تعدادات السكان في الجزائر تجري كل عشر سنوات، ومنذ استقلال البلاد أُجريت أربعة تعدادات كان أولها سنة 1966، وكان فيها عدد السكان 12 مليون نسمة، وآخرها كان سنة 1998، الذي دلت نتائجه على أن عدد السكان 29272343 نسمة، ثم ارتفع هذا العدد في أول كانون ثاني من عام 2000 إلى نحو 30.17 مليون نسمة، وتشير الإحصاءات الحيوية على أن الجزائر بدأت تتجه نحو تناقص معدل المواليد، حيث انحدر من 31 في الألف تقريباً سنة 1990 إلى 20.2 في الألف سنة 1999، وكذلك معدل الوفيات الذي تناقص من 6 في الألف تقريباً سنة 1990 إلى 5.6 في الألف سنة 1999. وقد نتج عن هذا التناقص في المواليد والوفيات، كما هو معروف، تناقص في الزيادة الطبيعية من 25 في الألف تقريباً سنة 1990 إلى 14.6 في الألف سنة 1999. كما أثرت الزيادة الطبيعية المرتفعة للسكان في أزمة السكن، خاصة في المدن التي أصبحت مكتظة، إذ إن عدد سكان المدن لسنة 1966 كان لا يتجاوز 50%، فارتفع سنة 1998 إلى ما يقرب من 80%، نتيجة لهجرة سكان الأرياف نحو المدن أو المراكز العمرانية، حتى صارت مدينة الجزائر وسطيف ووهران وتيزي وزو وباتنة تضم ما يقرب من ربع مجموع سكان الجزائر كلها.
وفيما يتعلق بالكثافة السكانية، فإن توزيع سكان الجزائر على البلاد غير متساوٍ، إذ تقل الكثافة البشرية الحسابية، بالاتجاه نحو الداخل، تماشياً مع قلة الأمطار من الشمال إلى الجنوب، فالشريط الشمالي الذي لا يزيد عرضه على 50كم، تزيد كثافته السكانية على 230 نسمة/كم2، بل إن سهل متيجة مثلاً تزيد فيه الكثافة البشرية على 500 نسمة/كم2، وفي النجود 50 نسمة/كم2 تقريبا، وفي الصحراء تنخفض الكثافة إلى ما دون نسمة/كم2.
التعليم
عملت الجزائر منذ استقلالها على محو الأمية التي كانت منتشرة في العهد الاستعماري الفرنسي، حين كان التعليم آنذاك مقتصراً على أبناء المستعمرين الفرنسيين والقليل من أبناء الأهالي المواطنين باللغة الفرنسية فقط، لذلك كانت نسبة الأمية سنة 1962 تزيد على 80% لدى الأهالي، وكان التعليم باللغة العربية مقتصراً على الزوايا أو الجمعيات الخيرية، مثل جمعية العلماء التي كانت تعتمد في قيامها على إعانات وهبات الأهالي. أما في عهد الاستقلال، فقد أخذت نسبة الأمية تنخفض من سنة لأخرى إلى أن بلغت سنة 1998 أقل من 30%، وذلك بفضل توجه الدولة الجزائرية المستقلة نحو تعميم التعليم وإلزاميته بين 6 و14 سنة لكلا الجنسين (الذكور والإناث)، ومجانيته في كل المراحل (الأساسي، الثانوي، العالي)، كما خصصت الدولة ما يقرب ربع ميزانيتها للتعليم وبناء المدارس والجامعات والمراكز المهنية في الأرياف والمدن، فارتفعت بذلك نسبة المنتسبين إلى المدارس من الأطفال الذين تراوح أعمارهم ما بين 6 و14سنة إلى 84%.
الجغرافية الاقتصادية
كان الاقتصاد الجزائري قبل الاستقلال رأسمالياً موجهاً نحو خدمة الاستعمار وتطوير الاقتصاد الفرنسي، وبعد أن نالت الجزائر استقلالها أخذت تتخلص شيئاً فشيئاً من التبعية الاقتصادية لفرنسة، وتوجهت نحو نمط اقتصادي جديد، هو النمط الاشتراكي والتسيير الذاتي، وجعل ثروات البلاد في خدمة التنمية والتطور الاقتصادي الجزائري والتقدم الاجتماعي ومحو الفوارق الإقليمية. لذلك بادرت الجزائر المستقلة بتأميم المزارع التي كانت بأيدي المستعمرين (1963) وشركات المناجم (1966) ثم المصانع الموجودة بأيدي رأس المال الأجنبي وهي مؤسسات مهمة مثل مصانع المنتجات الميكانيكية والكهربائية والأسمدة ولوازم البناء وأدوات الصيانة والمواد الغذائية، مع إعطاء تعويض لأصحابها، وفي المدة الممتدة ما بين شهري أيار وتموز من سنة 1968، أممت الحكومة الجزائرية ما يقرب من 60 شركة أجنبية أغلبها فرنسية، كما قامت بتأميم النفط والغاز الطبيعي والنقل والتجارة الخارجية، وأُسندت إدارة هذه القطاعات الاقتصادية الحيوية إلى شركات وطنية أو دواوين حكومية أو مديريات عمومية أعطت لها الأسبقية على القطاع الخاص والأولوية في التمويل بالقروض من ميزانية الدولة.
الزراعة
الجزائر بلد زراعي بالدرجة الأولى، وأغلب العمال فيها يشتغلون في القطاع الزراعي، الذي يضم ما يقرب من المليون ونصف المليون فلاح، وتتركز الأراضي الزراعية والمراعي الطبيعية بالجزائر في المناطق الشمالية التي تزيد أمطارها على 200مم، وهي مساحة تقرب من الأربعين مليون هكتار. وفي سنة 1963 أصدرت الحكومة الجزائرية قوانين التأميم لأراضي المستعمرين، وتشكيل لجان التسيير الذاتي لإدارتها، ومنذ هذا التاريخ أصبح القطاع الفلاحي يتركب من نمطين: اشتراكي أو تسيير ذاتي، تشرف عليه الدولة، وخاص يملكه الفلاحون الجزائريون. وبصفة عامة، فإن الإنتاج الوطني للقطاع الزراعي كان يغطي سنة 1969 نحو 73% من حاجات السكان، فأصبح سنة 1998 لا يغطي سوى 40%.
ومن أهم المنتوجات الزراعية في الجزائر، الحبوب من قمح وشعير وذرة، والخضر من بطاطا وبصل وفاصولياء وجزر، والمزروعات الصناعية من تبغ وبندورة، والبقوليات من فول وعدس وحمص، والحمضيات من برتقال وليمون، والزيتون والتمور والتين، وفواكه أخرى من مشمش وتفاح ورمان وزعرور وسفرجل وخوخ وعنب.
إلى جانب هذه الثروة الزراعية، يوجد في الجزائر ثروة حيوانية تُقدر بنحو 21 مليون رأس، وأهم هذه الحيوانات: الأغنام (17 مليون رأس)، الماعز (مليونا رأس)، الأبقار (مليون رأس)، أما الجمال فلا نجدها إلا في الإقليم الصحراوي (300 ألف رأس). وهناك أيضاً ثروة الصيد البحري التي تقرب من 100 ألف طن سنوياً من أسماك وقشريات، وثروة غابية منها الحلفاء التي تغطي مساحتها 4.6 مليون هكتار، وغابات أشجار الفلين.
الصناعة
عدت الصناعة الوطنية منذ الاستقلال أهم عامل للنمو والتحرر الاقتصادي والتقدم الاجتماعي، لذلك ظلت الدولة تخصص ما يقرب الثلث من ميزانيتها للصناعة بغية توفير حاجيات السكان وخلق فرص العمل، والحد من الهجرة وترجيح كفة ميزان الصادرات على الواردات وتوفير العملة الصعبة، ذلك أن قواعد التصنيع متوافرة في البلاد من يد عاملة ومواد أولية زراعية ومعدنية، وخاصة معادن الحديد، والزنك والفوسفات والرصاص والكاولان والملح والباريت، وطاقة محركة: نفط وغاز وكهرباء وفحم حجري، أما رأس المال الضروري لبناء المصانع وتجهيزها فيمكن توفيره بالاعتماد على مبيعات النفط والغاز الطبيعي، أو على السكان بفتح صناديق التوفير، وعند الضرورة اللجوء إلى القروض من الخارج.
بدأت سياسة الدولة بتأميم الشركات الصناعية الأجنبية، كما ذُكر سابقاً، وأُسندت إدارتها إلى تسيير وطني اشتراكي، وأطلقت على هذه المصانع اسم الشركات الوطنية، ومن أهم هذه الشركات الشركة الوطنية للنقل وتسويق المحروقات. كما قامت الدولة ببناء مصانع جديدة في معظم ولايات الوطن، خاصة مصانع المواد الغذائية ومواد البناء والإصلاحات والصيانة، قصد محو الفوارق الإقليمية. كما أن هذا القانون أكد على بقاء الدولة محتكرة للتجارة الخارجية وفتح أبواب الاستثمارات الخاصة في ميدان التصنيع وغيره، سواء كانت هذه الاستثمارات محلية أو خارجية، وبذلك أصبح القطاع الصناعي في الجزائر يديره القطاع العام الوطني والمحلي والقطاع الخاص، لكن 90% من الإنتاج الوطني الصناعي ظل بين أيدي المؤسسات العامة، وخاصة الصناعات الاستراتيجية مثل الطاقة والمياه والفولاذ والسكك الحديدية التي بلغ عددها سنة 1996 نحو 300 مؤسسة عامة، تتركز في الجهات الشمالية من الجزائر، خاصة في مدن الموانئ الرئيسية، مثل مدينة الجزائر، أرزيو، عنابة وسكيكدة، التي تمثل أقطاب الصناعة في الجزائر، كمصانع تركيب السيارات في الجزائر، والفولاذ في عنابة، والأسمدة في سكيكدة، وتمييع الغاز الطبيعي في أرزيو.
وقد بلغ الإنتاج الجزائري من الفولاذ نحو 600 ألف طن في سنة 1996، ومن الحديد 800 ألف طن، ومن صفائح الحديد 280 ألف طن، وتركيب 2000 سيارة شحن، و1200 جرار، وإنتاج 7.4 مليون طن من الإسمنت، و400 ألف طن من الأسمدة الفوسفاتية والآزوتية، و30 ألف طن من المنتوجات البلاستيكية، و17.4 ألف طن من الزجاج و100 ألف طن من الورق، وأنواع أخرى من المصنوعات.
المواصلات
لم تكن شبكة المواصلات من طرق وسكك حديدية ومطارات بالجزائر في عهد الاستعمار الفرنسي تخدم مصلحة المواطنين، ولا في خدمة الاقتصاد الوطني، لكنها تخدم مصالح الاستعمار الموجهة نحو جلب خيرات البلاد إلى الموانئ لتصديرها إلى فرنسة، ولم يكن بالجزائر إلا ثلاثة مطارات. وفي عهد الاستقلال توجهت الجزائر، بعد أن أممت السكك الحديدية سنة 1967 وكذلك النقل البري، نحو إصلاح شبكة المواصلات وتكثيفها وجعلها في خدمة المجتمع والاقتصاد الوطني، وأنشأت لذلك الطريق المعبد الصحراوي العظيم الذي يزيد طوله على 2000كم، يربط بين أقصى الحدود الشمالية للبلاد وأقصى جنوبها، وزادت من شق الطرق المعبدة، فأصبحت أطوال الطرق البرية سنة 1998 تقرب من 100 ألف كم (منها نحو الربع معبدة)، بدلاً من 50 ألف في عهد الاستعمار، وأطوال السكك الحديدية تقرب من 4290كم، وبُنيت المطارات في أهم المدن الشمالية التلية والصحراوية، ويزيد عددها على 15 مطاراً، وبذلك أصبح التنقل بين المناطق النائية في البلاد ميسراً للغاية، تقوم به الشركة الوطنية للنقل الجوي وأخرى للنقل البري، منها الخاصة ومنها العامة، كما أُصلحت الموانئ، وأُسند النقل البحري إلى الشركة الوطنية للنقل البحري التي تربط بين موانئ الجزائر وخارجها.
السياحة
مع أن الحوافز لتنمية القطاع السياحي الجزائري متوافرة ومتنوعة، من وسائل الإيواء كالفنادق والأنزال التي يبلغ عددها نحو 186 فندقاً ونزلاً موزعاً في المدن الصحراوية والتلية، ووفرة وسائل النقل البرية والجوية في الوطن، ووجود مناظر طبيعية خلابة، وحمامات معدنية طبيعية وسواحل بحرية ومواقع سياحية منقطعة النظير، وآثار تاريخية رومانية وإسلامية، فإن القطاع السياحي في الجزائر ضعيف للغاية ولا يسهم في الدخل القومي إسهاماً فعالاً، بل كثيراً ما سجل خسارة أو عجزاً في ميزانيته، لأسباب كثيرة منها عدم الاهتمام بهذا القطاع من قلة الدعاية وسوء التنظيم وضعف الاستقبال وعدم الجدية في تكوين الكوادر المتخصصة في هذا الميدان.
التجارة الخارجية
في عهد الاستعمار الفرنسي، لم تكتف فرنسة بربط الجزائر بها اقتصادياً في ميدان الصادرات والواردات فقط، بل عمدت أيضاً إلى ربطها جمركياً ونقدياً. وحتى تخرج الجزائر من إطار التبعية الاقتصادية لفرنسة، بدأت منذ 1963 تدريجياً تعمل على تحرير تجارتها الخارجية، وذلك بتنويع الزبائن ومراقبة أنواع الصادرات والواردات وفرض الضرائب عليها، ثم بتأميمها وإنشاء دواوين وهيئات متخصصة للإشراف عليها، فأنشأت لذلك الديوان الوطني للتسويق وأسندت إليه استيراد المواد الغذائية، والديوان الوطني للحبوب.
أما فيما يخص التجارة الخارجية، فقد بقيت دول القارة الأوربية، خاصة فرنسة، من أكثر دول العالم تبادلاً تجارياً مع الجزائر، إذ بلغ سنة 1996 ما يقرب من 70% من مجموع الصادرات الجزائرية، موجهاً نحو السوق الأوربية المشتركة وخاصة فرنسة، مقابل 72% من مجموع الواردات الجزائرية جاءت من الدول نفسها.
وأهم الصادرات الجزائرية هي خامات المعادن مثل الحديد والفوسفات، وقليل من المواد المصنعة التي تجابه منافسة شديدة في أسواق الدول المصنعة، كما تصدر الجزائر القليل من المنتوجات الزراعية، مثل التمور والحمضيات والخمور، ويبقى النفط أهم الصادرات، إذ يسهم بنسبة 95% من مجموع قيمة الصادرات الجزائرية. وأهم الواردات الجزائرية تتمثل في المنتوجات الميكانيكية وبعض الخامات، مثل القطن لإدارة مصانع البلاد، وقطع الغيار والمواد الكيمياوية والصيدلانية، وتعد المواد الغذائية، منذ الاستقلال إلى سنة 2000، أكثر الواردات الجزائرية من الخارج، خاصة الحبوب، ويأتي القمح على رأس القائمة.
المعالم الثقافية
إن الفن المعماري والقصص الأدبية والتاريخية والمسرح والرسم والموسيقى والفولكلور، كل هذه الفنون المتنوعة تعد انعكاساً للحياة الشعبية وصدى للأصوات العميقة في المجتمع وانتعاشاً للثقافة الوطنية، وانطلاقاً من هذه المفاهيم راحت الدولة الجزائرية تعمل على ترقية هذا الميدان وتشجيع انطلاقه وتأييد مبادراته، فعملت منذ سنة 1965 على تصفية الاستعمار الثقافي، فبادرت بإعادة النظر في المسرح والموسيقى والفنون الشعبية وإعطائها أبعاداً وطنية، وبهذه الروح أمدت المسرح الجزائري بمدرسة للفنون المسرحية والرقص، الموجودة بضاحية مدينة الجزائر في برج الكيفان، كما أنشأت المعهد الوطني للموسيقى والفولكلور لإثراء المهرجانات، وشجعت على عقد معارض الفنون. وقد اشتهر في تأليف الروايات المسرحية عبد القادر علولة صاحب مسرحيتي «حوت يأكل حوت»، و«حمام ربى»، كما اشتهر في كتابة الروايات السينمائية محمد الأخضر حمينة، وفي الإخراج مصطفى بادي وأحمد رشدي.
اهتمت الدولة بالفنون التشكيلية والرسم، وممن حازوا الشرف في الرسم نذكر محمد راسم (1892-1975) الذي سخر فنه لخدمة التراث العربي الإسلامي بالجزائر، فاستوحى مواضيع أعماله من واقع الشخصية الجزائرية، وقد منح الجائزة الفنية الكبرى للجزائر سنة 1933 وانتُخب سنة 1950 عضواً شرفياً في الجمعية الملكية البريطانية للرسامين، كما حاز على كثير من الأوسمة والميداليات والجوائز من رؤساء الدول وحكوماتها بمناسبة المعارض التي أقامها.
ولقد أسهم المؤلفون الجزائريون في إثراء الثقافة الوطنية بما كتبوه من مؤلفات في الآداب والقصص والروايات باللغتين العربية والفرنسية، خاصة في عهد الاستقلال، أما قبل ذلك فإن ما كتبوه باللغة العربية كان قليلاً للغاية. وقد انطلقت أقلام الكتاب بظهور الحركات السياسية، وخاصة جمعية العلماء وعلى رأسها عبد الحميد بن باديس (1889-1940) والبشير الإبراهيمي (1889-1965)، ومن أدباء هذا العصر محمد العيد آل خليفة (1904- 1979)، ومحمد مبارك الميلى (1897-1945) ورضا حوحو (1911-1956) ومحمد السعيد الزاهري. وفي عهد الثورة التحريرية برز الشعراء وعلى رأسهم مفدى زكريا (1913-1977) الذي يعد بحق شاعر الثورة الجزائرية، له ديوان «اللهيب المقدس» وهو المؤلف للنشيد الوطني. أما أبو القاسم سعد الله، فقد اشتهر بتآليفه في التاريخ والآداب، فهو صاحب كتب: «الحركة الوطنية الجزائرية» (1977)، و«أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر» (1978)، و«محمد العيد آل خليفة» (1976)، وله من المؤلفات «تاريخ الجزائر الثقافي» (1976)، و«المفتي الجزائري ابن العنابي» (1977)، و«حكاية العشاق في الحب والاشتياق»، و«حياة الأمير عبد القادر» (1974)، و«دراسات في الأدب الجزائري الحديث»، والأديب عبد الله شريط (1921) صاحب كتب: «واقع الثقافة الجزائرية»، و«أخلاقيات غربية في الجزائر»، و«من أجل سعادة الإنسان»، و«معركة المفاهيم»، و«المنابع الفلسفية في الفكر الاشتراكي»، و«شخصيات أدبية»، و«الفكر الأخلاقي عند ابن خلدون». وألف الأديب عبد الحميد بن هدوقة المولود سنة 1925 قصصاً كثيرة، منها قصة «رياح الجنوب» (1971)، و«ظلال جزائرية» (1960)، و«السراب»، و«نهاية الأمس»، و«الأشعة السبعة» (1962)، و«الأرواح الشاغرة» (1967). أما الأديب الشاعر أبو العيد دودو (1934) فقد اشتهر بكتابة الروايات والقصص فهو صاحب قصص: «المئزر الوردي»، و«بحيرة الزيتون»، و«مدخنو الحشيش»، و«عرس الذيب».
وإلى جانب هؤلاء الأدباء والشعراء باللغة العربية، فقد ظهر إخوانهم من الأدباء والشعراء الجزائريين الذين كتبوا باللغة الفرنسية، منهم على سبيل المثال: مولود فرعون (1913-1962) صاحب قصص: «ابن الفقير» (1950)، و«الأرض والدم» (1953). والأديب مولود معمري المؤلف لقصص: «الربوة المنسية»، و«الأفيون والعصا». والروائي رشيد بوجدرة صاحب قصة «الطلاق» (1977)، و«الحلزون المعاند». واشتهرت من النسوة الأديبات آسيا جبار بقصصها: «أبناء العالم الجديد» (1962)، و«العطش» (1957)، و«القلقون» (1958).
عبد القادر حليمي
Algeria - Algérie
الجزائر
الجزائر دولة عربية مغربية متوسطية، يحدها البحر المتوسط من الشمال والمملكة المغربية وموريتانية من الغرب، ومالي والنيجر من الجنوب، وتونس وليبية من الشرق. وهي ثاني دولة عربية من حيث المساحة بعد السودان، إذ تبلغ مساحتها نحو 2381741كم2، كما أنها تحتل المرتبة الثانية من حيث السكان بعد جمهورية مصر العربية.
تمتد بلاد الجزائر بين خطي العرض 18 و38 درجة شمالاً، وخطي الطول 12 و9 درجة غرباً، في الجزء الأوسط من بلدان المغرب العربي. وتقع بين البحر المتوسط شمالاً والصحراء الكبرى جنوباً، وبهذا تشمل نطاقين كبيرين هما: النطاق الشمالي الساحلي والجبلي الحديث التكوين، ثم النطاق الجنوبي القديم التكوين. ولقد كان لموقع البلاد واتساعها وتضاريسها أثر في تنوع مناخها وغطائها النباتي.
النطاق الأطلسي
ومن أهم جبال الأطلس التلي جبال تلمسان (1824م)، الواقعة على الحدود الجزائرية المغربية، ثم إلى الشرق منها جبال تاسالا والضاية وفرندا والونشريس وتيطري والزكار، وكلها لا يزيد ارتفاعها على 1600م، ثم إلى الشرق منها جبال جرجرة التي يبلغ ارتفاعها 2328م، والبابور وإيدوغ وسوق أهراس الواقعة على الحدود الجزائرية التونسية.
الأطلس الصحراوي: كما يدل عليه اسمه، هو الحد الفاصل بين صحراء الجزائر في الجنوب وشمالي البلاد، أو هو الجدار الطبيعي الحاجز لزحف رمال الصحراء نحو الشمال. يمتد من الحدود المغربية إلى الحدود التونسية في اتجاه من الجنوب الغربي نحو الشمال الشرقي، سفوحه الجنوبية شديدة الانحدار، إذ تظهر أحياناً في شكل حافات قائمة، على عكس سفوحه الشمالية الخفيفة الانحدار. ومن أهم جباله من الغرب إلى الشرق جبال القصور (2226م) ثم عمور ثم أولاد نايل (1500م) ثم الأوراس (2329م)، وأودية هذه الجبال صرفها داخلي، حيث تصب في الصحراء، مثل وادي جدى، أو تصب في منطقة النجود، مثل وادي بوسعادة.
النجود: هضبة مرتفعة (أكثر من 400م)، تكسوها قشور صخرية صلبة أو طبقات صخرية كلسية، تعلوها طبقة رقيقة من التربة الرملية أو الحصوية الفقيرة. وتمتد أرض النجود على طول يزيد على 700كم، في شكل مثلث قاعدته الحدود الجزائرية المغربية، حيث مرتفعات التندرارة (1200م)، ورأسه منخفض الحضنة الذي يقرب ارتفاعه من 400م. تتخلل أرض النجود الأحواض المغلقة والشطوط الواسعة، كشط الحضنة والغربي والشرقي والزواغز التي تتجمع فيها مياه الأمطار شتاءً، حاملة إليها عند جريانها على سطح الأرض رواسب ملحية وأخرى طينية من المناطق المجاورة لها.
النطاق الصحراوي
قاعدة قديمة تعود إلى ما قبل الزمن الأول واسعة الأطراف، تحتل نسبة تقرب من 90% من مجموع مساحة الجزائر، تتخللها أربعة مظاهر تضريسية: الحمادة، الرق، العرق، الجبال.
تخوم هضبة تادمايت |
الرق: أحواض حصوية ناتجة من السيول الجارفة التي تحمل إليها هذه الحجارة المفتتة من الحمادة.
العِرْق: كثبان رملية (ناتجة من حت الرياح)، متحركة ممتدة على مدى البصر، مثل العرق الشرقي الكبير الممتد من السفوح الجنوبية لجبال أوراس إلى هضبة تادمايت، والعرق الغربي الكبير الذي يغطي مساحة واسعة من منطقة بشّار.
جبال الهوقار: وهي كتل من المرتفعات المخروطية الشكل في الغالب، تحتل الركن الجنوبي الشرقي من صحراء الجزائر، معظمها صخور نارية ناتجة من ثورات بركانية قديمة، يصل ارتفاعها إلى 2918م، كما هي الحال في جبل تاهت بتمنراست.
المناخ والنبات
إن اتساع بلاد الجزائر وموقعها في النطاق شبه المداري، جعل فيها ثلاثة أقاليم مناخية نباتية هي:
مناخ البحر المتوسط
تسود في جبال الأطلس التلي، وخاصة في سفوحها الشمالية المواجهة للبحر، الرياح الشمالية الغربية، وهو رطب للغاية معتدل الحرارة، تمثله مدينة الجزائر التي يقرب معدلها السنوي للأمطار من 700مم، وهي أمطار شتوية، تقل بالاتجاه من الشرق إلى الغرب، ناتجة في الغالب من مسار الانخفاضات الجوية القادمة من الجهات الشمالية الغربية من منطقة الضغط المرتفع من الأطلسي الأزوري، وتظهر بهذا المناخ الغابات الكثيفة من أشجار الزيتون والأرز والسنديان والريحان والصنوبر الحلبي، وقد تتخللها الأحراج من شجيرات السرو وغيرها.
المناخ القاري
يسود فيما وراء السفوح الجنوبية لجبال الأطلس التلي، بنطاقي النجود والأطلس الصحراوي المحجوبين والبعيدين عن المؤثرات البحرية، وهو مناخ شبه جاف يتميز بفروقه الحرارية المرتفعة وأمطاره القليلة، تمثله المحطة المناخية لمدينة الجلفة التي يقرب متوسطها السنوي للأمطار من 400مم. الغطاء النباتي لهذا الإقليم فقير، ويتجلى في بعض الأشجار المتناثرة هنا وهناك، مثل أشجار العرعر والأعشاب القليلة مثل الشيح والحرمل والحلفاء وغيرها.
المناخ الصحراوي
يسود في كل الجهات الممتدة إلى الجنوب من السفوح الجنوبية لجبال الأطلس الصحراوي، وهو مناخ جاف فأمطاره السنوية تقل عن 200مم، وتشتد فيه عملية التبخر، تمثله مدينة غرداية (68مم)، وهو فقير جداً بالغطاء النباتي، الذي يظهر غالباً في النباتات أو الشجيرات الشوكية، مثل السدرة والأكاسيا المتناثرة على أبعاد كبيرة.
السكان
سكن الجزائر قديماً جنس البحر المتوسط في الشمال والجنس الزنجي في الجنوب، ثم هاجر إليها البربر أو الأمازيغ نحو الألف الرابع قبل الميلاد من الشرق الأدنى، وفي فجر التاريخ ازدادت الصلات التجارية والاحتكاك الحضاري بين سكان شمالي إفريقية وجيرانهم من سكان البحر المتوسط، ثم جاء العنصر العربي على مراحل منذ الفتح الإسلامي، ليتمم لهذه المنطقة خاصيتها البشرية، وبمرور الزمن انمحت الفوارق البشرية بين أهل الشمال والجنوب وبين سكان التل وسكان الصحراء، ثم بين الأصليين والأقدمين والمهاجرين، وظهرت عادات وتقاليد واحدة ودين واحد ومستقبل واحد بين جميع أبناء الجزائر.
تعدادات السكان في الجزائر تجري كل عشر سنوات، ومنذ استقلال البلاد أُجريت أربعة تعدادات كان أولها سنة 1966، وكان فيها عدد السكان 12 مليون نسمة، وآخرها كان سنة 1998، الذي دلت نتائجه على أن عدد السكان 29272343 نسمة، ثم ارتفع هذا العدد في أول كانون ثاني من عام 2000 إلى نحو 30.17 مليون نسمة، وتشير الإحصاءات الحيوية على أن الجزائر بدأت تتجه نحو تناقص معدل المواليد، حيث انحدر من 31 في الألف تقريباً سنة 1990 إلى 20.2 في الألف سنة 1999، وكذلك معدل الوفيات الذي تناقص من 6 في الألف تقريباً سنة 1990 إلى 5.6 في الألف سنة 1999. وقد نتج عن هذا التناقص في المواليد والوفيات، كما هو معروف، تناقص في الزيادة الطبيعية من 25 في الألف تقريباً سنة 1990 إلى 14.6 في الألف سنة 1999. كما أثرت الزيادة الطبيعية المرتفعة للسكان في أزمة السكن، خاصة في المدن التي أصبحت مكتظة، إذ إن عدد سكان المدن لسنة 1966 كان لا يتجاوز 50%، فارتفع سنة 1998 إلى ما يقرب من 80%، نتيجة لهجرة سكان الأرياف نحو المدن أو المراكز العمرانية، حتى صارت مدينة الجزائر وسطيف ووهران وتيزي وزو وباتنة تضم ما يقرب من ربع مجموع سكان الجزائر كلها.
وفيما يتعلق بالكثافة السكانية، فإن توزيع سكان الجزائر على البلاد غير متساوٍ، إذ تقل الكثافة البشرية الحسابية، بالاتجاه نحو الداخل، تماشياً مع قلة الأمطار من الشمال إلى الجنوب، فالشريط الشمالي الذي لا يزيد عرضه على 50كم، تزيد كثافته السكانية على 230 نسمة/كم2، بل إن سهل متيجة مثلاً تزيد فيه الكثافة البشرية على 500 نسمة/كم2، وفي النجود 50 نسمة/كم2 تقريبا، وفي الصحراء تنخفض الكثافة إلى ما دون نسمة/كم2.
التعليم
عملت الجزائر منذ استقلالها على محو الأمية التي كانت منتشرة في العهد الاستعماري الفرنسي، حين كان التعليم آنذاك مقتصراً على أبناء المستعمرين الفرنسيين والقليل من أبناء الأهالي المواطنين باللغة الفرنسية فقط، لذلك كانت نسبة الأمية سنة 1962 تزيد على 80% لدى الأهالي، وكان التعليم باللغة العربية مقتصراً على الزوايا أو الجمعيات الخيرية، مثل جمعية العلماء التي كانت تعتمد في قيامها على إعانات وهبات الأهالي. أما في عهد الاستقلال، فقد أخذت نسبة الأمية تنخفض من سنة لأخرى إلى أن بلغت سنة 1998 أقل من 30%، وذلك بفضل توجه الدولة الجزائرية المستقلة نحو تعميم التعليم وإلزاميته بين 6 و14 سنة لكلا الجنسين (الذكور والإناث)، ومجانيته في كل المراحل (الأساسي، الثانوي، العالي)، كما خصصت الدولة ما يقرب ربع ميزانيتها للتعليم وبناء المدارس والجامعات والمراكز المهنية في الأرياف والمدن، فارتفعت بذلك نسبة المنتسبين إلى المدارس من الأطفال الذين تراوح أعمارهم ما بين 6 و14سنة إلى 84%.
الجغرافية الاقتصادية
كان الاقتصاد الجزائري قبل الاستقلال رأسمالياً موجهاً نحو خدمة الاستعمار وتطوير الاقتصاد الفرنسي، وبعد أن نالت الجزائر استقلالها أخذت تتخلص شيئاً فشيئاً من التبعية الاقتصادية لفرنسة، وتوجهت نحو نمط اقتصادي جديد، هو النمط الاشتراكي والتسيير الذاتي، وجعل ثروات البلاد في خدمة التنمية والتطور الاقتصادي الجزائري والتقدم الاجتماعي ومحو الفوارق الإقليمية. لذلك بادرت الجزائر المستقلة بتأميم المزارع التي كانت بأيدي المستعمرين (1963) وشركات المناجم (1966) ثم المصانع الموجودة بأيدي رأس المال الأجنبي وهي مؤسسات مهمة مثل مصانع المنتجات الميكانيكية والكهربائية والأسمدة ولوازم البناء وأدوات الصيانة والمواد الغذائية، مع إعطاء تعويض لأصحابها، وفي المدة الممتدة ما بين شهري أيار وتموز من سنة 1968، أممت الحكومة الجزائرية ما يقرب من 60 شركة أجنبية أغلبها فرنسية، كما قامت بتأميم النفط والغاز الطبيعي والنقل والتجارة الخارجية، وأُسندت إدارة هذه القطاعات الاقتصادية الحيوية إلى شركات وطنية أو دواوين حكومية أو مديريات عمومية أعطت لها الأسبقية على القطاع الخاص والأولوية في التمويل بالقروض من ميزانية الدولة.
الزراعة
ومن أهم المنتوجات الزراعية في الجزائر، الحبوب من قمح وشعير وذرة، والخضر من بطاطا وبصل وفاصولياء وجزر، والمزروعات الصناعية من تبغ وبندورة، والبقوليات من فول وعدس وحمص، والحمضيات من برتقال وليمون، والزيتون والتمور والتين، وفواكه أخرى من مشمش وتفاح ورمان وزعرور وسفرجل وخوخ وعنب.
إلى جانب هذه الثروة الزراعية، يوجد في الجزائر ثروة حيوانية تُقدر بنحو 21 مليون رأس، وأهم هذه الحيوانات: الأغنام (17 مليون رأس)، الماعز (مليونا رأس)، الأبقار (مليون رأس)، أما الجمال فلا نجدها إلا في الإقليم الصحراوي (300 ألف رأس). وهناك أيضاً ثروة الصيد البحري التي تقرب من 100 ألف طن سنوياً من أسماك وقشريات، وثروة غابية منها الحلفاء التي تغطي مساحتها 4.6 مليون هكتار، وغابات أشجار الفلين.
الصناعة
عدت الصناعة الوطنية منذ الاستقلال أهم عامل للنمو والتحرر الاقتصادي والتقدم الاجتماعي، لذلك ظلت الدولة تخصص ما يقرب الثلث من ميزانيتها للصناعة بغية توفير حاجيات السكان وخلق فرص العمل، والحد من الهجرة وترجيح كفة ميزان الصادرات على الواردات وتوفير العملة الصعبة، ذلك أن قواعد التصنيع متوافرة في البلاد من يد عاملة ومواد أولية زراعية ومعدنية، وخاصة معادن الحديد، والزنك والفوسفات والرصاص والكاولان والملح والباريت، وطاقة محركة: نفط وغاز وكهرباء وفحم حجري، أما رأس المال الضروري لبناء المصانع وتجهيزها فيمكن توفيره بالاعتماد على مبيعات النفط والغاز الطبيعي، أو على السكان بفتح صناديق التوفير، وعند الضرورة اللجوء إلى القروض من الخارج.
بدأت سياسة الدولة بتأميم الشركات الصناعية الأجنبية، كما ذُكر سابقاً، وأُسندت إدارتها إلى تسيير وطني اشتراكي، وأطلقت على هذه المصانع اسم الشركات الوطنية، ومن أهم هذه الشركات الشركة الوطنية للنقل وتسويق المحروقات. كما قامت الدولة ببناء مصانع جديدة في معظم ولايات الوطن، خاصة مصانع المواد الغذائية ومواد البناء والإصلاحات والصيانة، قصد محو الفوارق الإقليمية. كما أن هذا القانون أكد على بقاء الدولة محتكرة للتجارة الخارجية وفتح أبواب الاستثمارات الخاصة في ميدان التصنيع وغيره، سواء كانت هذه الاستثمارات محلية أو خارجية، وبذلك أصبح القطاع الصناعي في الجزائر يديره القطاع العام الوطني والمحلي والقطاع الخاص، لكن 90% من الإنتاج الوطني الصناعي ظل بين أيدي المؤسسات العامة، وخاصة الصناعات الاستراتيجية مثل الطاقة والمياه والفولاذ والسكك الحديدية التي بلغ عددها سنة 1996 نحو 300 مؤسسة عامة، تتركز في الجهات الشمالية من الجزائر، خاصة في مدن الموانئ الرئيسية، مثل مدينة الجزائر، أرزيو، عنابة وسكيكدة، التي تمثل أقطاب الصناعة في الجزائر، كمصانع تركيب السيارات في الجزائر، والفولاذ في عنابة، والأسمدة في سكيكدة، وتمييع الغاز الطبيعي في أرزيو.
وقد بلغ الإنتاج الجزائري من الفولاذ نحو 600 ألف طن في سنة 1996، ومن الحديد 800 ألف طن، ومن صفائح الحديد 280 ألف طن، وتركيب 2000 سيارة شحن، و1200 جرار، وإنتاج 7.4 مليون طن من الإسمنت، و400 ألف طن من الأسمدة الفوسفاتية والآزوتية، و30 ألف طن من المنتوجات البلاستيكية، و17.4 ألف طن من الزجاج و100 ألف طن من الورق، وأنواع أخرى من المصنوعات.
المواصلات
لم تكن شبكة المواصلات من طرق وسكك حديدية ومطارات بالجزائر في عهد الاستعمار الفرنسي تخدم مصلحة المواطنين، ولا في خدمة الاقتصاد الوطني، لكنها تخدم مصالح الاستعمار الموجهة نحو جلب خيرات البلاد إلى الموانئ لتصديرها إلى فرنسة، ولم يكن بالجزائر إلا ثلاثة مطارات. وفي عهد الاستقلال توجهت الجزائر، بعد أن أممت السكك الحديدية سنة 1967 وكذلك النقل البري، نحو إصلاح شبكة المواصلات وتكثيفها وجعلها في خدمة المجتمع والاقتصاد الوطني، وأنشأت لذلك الطريق المعبد الصحراوي العظيم الذي يزيد طوله على 2000كم، يربط بين أقصى الحدود الشمالية للبلاد وأقصى جنوبها، وزادت من شق الطرق المعبدة، فأصبحت أطوال الطرق البرية سنة 1998 تقرب من 100 ألف كم (منها نحو الربع معبدة)، بدلاً من 50 ألف في عهد الاستعمار، وأطوال السكك الحديدية تقرب من 4290كم، وبُنيت المطارات في أهم المدن الشمالية التلية والصحراوية، ويزيد عددها على 15 مطاراً، وبذلك أصبح التنقل بين المناطق النائية في البلاد ميسراً للغاية، تقوم به الشركة الوطنية للنقل الجوي وأخرى للنقل البري، منها الخاصة ومنها العامة، كما أُصلحت الموانئ، وأُسند النقل البحري إلى الشركة الوطنية للنقل البحري التي تربط بين موانئ الجزائر وخارجها.
السياحة
مع أن الحوافز لتنمية القطاع السياحي الجزائري متوافرة ومتنوعة، من وسائل الإيواء كالفنادق والأنزال التي يبلغ عددها نحو 186 فندقاً ونزلاً موزعاً في المدن الصحراوية والتلية، ووفرة وسائل النقل البرية والجوية في الوطن، ووجود مناظر طبيعية خلابة، وحمامات معدنية طبيعية وسواحل بحرية ومواقع سياحية منقطعة النظير، وآثار تاريخية رومانية وإسلامية، فإن القطاع السياحي في الجزائر ضعيف للغاية ولا يسهم في الدخل القومي إسهاماً فعالاً، بل كثيراً ما سجل خسارة أو عجزاً في ميزانيته، لأسباب كثيرة منها عدم الاهتمام بهذا القطاع من قلة الدعاية وسوء التنظيم وضعف الاستقبال وعدم الجدية في تكوين الكوادر المتخصصة في هذا الميدان.
التجارة الخارجية
في عهد الاستعمار الفرنسي، لم تكتف فرنسة بربط الجزائر بها اقتصادياً في ميدان الصادرات والواردات فقط، بل عمدت أيضاً إلى ربطها جمركياً ونقدياً. وحتى تخرج الجزائر من إطار التبعية الاقتصادية لفرنسة، بدأت منذ 1963 تدريجياً تعمل على تحرير تجارتها الخارجية، وذلك بتنويع الزبائن ومراقبة أنواع الصادرات والواردات وفرض الضرائب عليها، ثم بتأميمها وإنشاء دواوين وهيئات متخصصة للإشراف عليها، فأنشأت لذلك الديوان الوطني للتسويق وأسندت إليه استيراد المواد الغذائية، والديوان الوطني للحبوب.
أما فيما يخص التجارة الخارجية، فقد بقيت دول القارة الأوربية، خاصة فرنسة، من أكثر دول العالم تبادلاً تجارياً مع الجزائر، إذ بلغ سنة 1996 ما يقرب من 70% من مجموع الصادرات الجزائرية، موجهاً نحو السوق الأوربية المشتركة وخاصة فرنسة، مقابل 72% من مجموع الواردات الجزائرية جاءت من الدول نفسها.
وأهم الصادرات الجزائرية هي خامات المعادن مثل الحديد والفوسفات، وقليل من المواد المصنعة التي تجابه منافسة شديدة في أسواق الدول المصنعة، كما تصدر الجزائر القليل من المنتوجات الزراعية، مثل التمور والحمضيات والخمور، ويبقى النفط أهم الصادرات، إذ يسهم بنسبة 95% من مجموع قيمة الصادرات الجزائرية. وأهم الواردات الجزائرية تتمثل في المنتوجات الميكانيكية وبعض الخامات، مثل القطن لإدارة مصانع البلاد، وقطع الغيار والمواد الكيمياوية والصيدلانية، وتعد المواد الغذائية، منذ الاستقلال إلى سنة 2000، أكثر الواردات الجزائرية من الخارج، خاصة الحبوب، ويأتي القمح على رأس القائمة.
المعالم الثقافية
إن الفن المعماري والقصص الأدبية والتاريخية والمسرح والرسم والموسيقى والفولكلور، كل هذه الفنون المتنوعة تعد انعكاساً للحياة الشعبية وصدى للأصوات العميقة في المجتمع وانتعاشاً للثقافة الوطنية، وانطلاقاً من هذه المفاهيم راحت الدولة الجزائرية تعمل على ترقية هذا الميدان وتشجيع انطلاقه وتأييد مبادراته، فعملت منذ سنة 1965 على تصفية الاستعمار الثقافي، فبادرت بإعادة النظر في المسرح والموسيقى والفنون الشعبية وإعطائها أبعاداً وطنية، وبهذه الروح أمدت المسرح الجزائري بمدرسة للفنون المسرحية والرقص، الموجودة بضاحية مدينة الجزائر في برج الكيفان، كما أنشأت المعهد الوطني للموسيقى والفولكلور لإثراء المهرجانات، وشجعت على عقد معارض الفنون. وقد اشتهر في تأليف الروايات المسرحية عبد القادر علولة صاحب مسرحيتي «حوت يأكل حوت»، و«حمام ربى»، كما اشتهر في كتابة الروايات السينمائية محمد الأخضر حمينة، وفي الإخراج مصطفى بادي وأحمد رشدي.
اهتمت الدولة بالفنون التشكيلية والرسم، وممن حازوا الشرف في الرسم نذكر محمد راسم (1892-1975) الذي سخر فنه لخدمة التراث العربي الإسلامي بالجزائر، فاستوحى مواضيع أعماله من واقع الشخصية الجزائرية، وقد منح الجائزة الفنية الكبرى للجزائر سنة 1933 وانتُخب سنة 1950 عضواً شرفياً في الجمعية الملكية البريطانية للرسامين، كما حاز على كثير من الأوسمة والميداليات والجوائز من رؤساء الدول وحكوماتها بمناسبة المعارض التي أقامها.
ولقد أسهم المؤلفون الجزائريون في إثراء الثقافة الوطنية بما كتبوه من مؤلفات في الآداب والقصص والروايات باللغتين العربية والفرنسية، خاصة في عهد الاستقلال، أما قبل ذلك فإن ما كتبوه باللغة العربية كان قليلاً للغاية. وقد انطلقت أقلام الكتاب بظهور الحركات السياسية، وخاصة جمعية العلماء وعلى رأسها عبد الحميد بن باديس (1889-1940) والبشير الإبراهيمي (1889-1965)، ومن أدباء هذا العصر محمد العيد آل خليفة (1904- 1979)، ومحمد مبارك الميلى (1897-1945) ورضا حوحو (1911-1956) ومحمد السعيد الزاهري. وفي عهد الثورة التحريرية برز الشعراء وعلى رأسهم مفدى زكريا (1913-1977) الذي يعد بحق شاعر الثورة الجزائرية، له ديوان «اللهيب المقدس» وهو المؤلف للنشيد الوطني. أما أبو القاسم سعد الله، فقد اشتهر بتآليفه في التاريخ والآداب، فهو صاحب كتب: «الحركة الوطنية الجزائرية» (1977)، و«أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر» (1978)، و«محمد العيد آل خليفة» (1976)، وله من المؤلفات «تاريخ الجزائر الثقافي» (1976)، و«المفتي الجزائري ابن العنابي» (1977)، و«حكاية العشاق في الحب والاشتياق»، و«حياة الأمير عبد القادر» (1974)، و«دراسات في الأدب الجزائري الحديث»، والأديب عبد الله شريط (1921) صاحب كتب: «واقع الثقافة الجزائرية»، و«أخلاقيات غربية في الجزائر»، و«من أجل سعادة الإنسان»، و«معركة المفاهيم»، و«المنابع الفلسفية في الفكر الاشتراكي»، و«شخصيات أدبية»، و«الفكر الأخلاقي عند ابن خلدون». وألف الأديب عبد الحميد بن هدوقة المولود سنة 1925 قصصاً كثيرة، منها قصة «رياح الجنوب» (1971)، و«ظلال جزائرية» (1960)، و«السراب»، و«نهاية الأمس»، و«الأشعة السبعة» (1962)، و«الأرواح الشاغرة» (1967). أما الأديب الشاعر أبو العيد دودو (1934) فقد اشتهر بكتابة الروايات والقصص فهو صاحب قصص: «المئزر الوردي»، و«بحيرة الزيتون»، و«مدخنو الحشيش»، و«عرس الذيب».
وإلى جانب هؤلاء الأدباء والشعراء باللغة العربية، فقد ظهر إخوانهم من الأدباء والشعراء الجزائريين الذين كتبوا باللغة الفرنسية، منهم على سبيل المثال: مولود فرعون (1913-1962) صاحب قصص: «ابن الفقير» (1950)، و«الأرض والدم» (1953). والأديب مولود معمري المؤلف لقصص: «الربوة المنسية»، و«الأفيون والعصا». والروائي رشيد بوجدرة صاحب قصة «الطلاق» (1977)، و«الحلزون المعاند». واشتهرت من النسوة الأديبات آسيا جبار بقصصها: «أبناء العالم الجديد» (1962)، و«العطش» (1957)، و«القلقون» (1958).
عبد القادر حليمي