جرجان
Gorgan - Gorgan
جرجان
عُرفت جرجان Gorgan بالفارسية القديمة باسم «فركانا» Varkana، وباليونانية باسم «هركانية» Hyrcania، وتقع في الزاوية الجنوبية الشرقية من بحر الخزر «قزوين». ويعود خصب الولاية ورخاؤها إلى نهري آترك وجرجان، اللذين يفيضان أحياناً فيغرقان أرضها.
كانت جرجان في العهد الساساني ولاية ثغرية تصد عادية البدو الذين كانوا يغيرون على أراضي الدولة من الشمال، وقد شُيّد حصنا شهرستان يزدجرد وشهر فيروز Peroz لرد بدو سهوب دهستان، وبُني سور طويل على امتداد حدودها الشمالية للدفاع عن أراضيها.
في سنة 30هـ/650م، وصلت جيوش العرب بقيادة سعيد بن العاص إلى نواحي جرجان، فصالحه أهلها على جزية يؤدونها، ثم امتنعوا وثاروا، وبقيت جرجان بعيدة عن المخططات العسكرية العربية حتى تولى يزيد بن المهلب خراسان (97-99هـ) في خلافة سليمان بن عبد الملك «96-99هـ»، وقد استغل يزيد النزاع الذي نشب بين المرزبان حاكم جرجان وبين الزعيم التركي «صول» الذي كانت السلطة الفعلية في يده. سار يزيد بعد وصوله إلى خراسان بجيش قوامه مئة ألف مقاتل من أهل الكوفة والبصرة والشام ووجوه أهل خراسان والري ونزل دهستان (رستاق من رساتيق جرجان) فحاصرها وقطع المواد عن أهلها، فأرسل «صول» إلى يزيد يسأله الصلح، على أن يؤمنه على نفسه وماله وأهل بيته فيسلمه المدينة وأهلها وما فيها، فقبل يزيد ذلك وصالحه ثم توجه إلى جرجان فتلقاه أهلها بالإتاوة التي كان سعيد بن العاص قد صالحهم عليها فقبلها، وتوجه إلى طبرستان فاستنجد حاكمها الأصبهبذ بالديلم، فقاتلهم يزيد، ولكن عندما بلغه أمر مقتل عامله في دهستان وثورة أهل جرجان رجع إليها، وقتل عدداً كبيراً من أهلها لنكثهم العهد وغدرهم بعامله عبد الله بن معمر اليشكري، الذي قتل وحاميته التي كان يزيد قد تركها معه، وعدد أفرادها أربعة آلاف، وهذا ما يُعرف عند المؤرخين بفتح جرجان الثاني. وبعد انتهاء يزيد من عملياته العسكرية قام ببناء مدينة جرجان التي صارت من أعظم مدن منطقة جرجان وأشهرها وعاصمة لها.
وصلت مدينة جرجان أوج ازدهارها في القرنين الثالث والرابع الهجريين، ويصفها الاصطخري (ت 346هـ/957م) بأنها من أكبر مدن جرجان، وليس في المشرق بعد أن يتجاوز المسافر العراق مدينة أخصب من جرجان ولا أجمع منها، وذلك أن بها الثلج والنخيل وفيها فواكه المناطق الباردة والحارة. وهي تقسم قسمان: القسم الشرقي وهو المدينة أي الشهرستان، والقسم الغربي وهو ضاحيتها بكر آباذ «ولعلها نُسبت إلى قبيلة بكر التي استقرت فيها»، وتنتج جرجان الكثير من الحرير والثياب الحريرية، وكذلك أستراباذ التي هي من مدن جرجان المشهورة. وقد ظهر في جرجان عدد كبير من الأدباء والعلماء والفقهاء والمحدثين ونقودهم الدنانير والدراهم، ولهم ميناء على بحر الخزر يركبون منه إلى مدينة باب الأبواب «دربند» في أذربيجان.
هددت الانقسامات الداخلية ازدهار الولاية، ووجدت الدعوة العلوية تربة خصبة في البلاد المحيطة ببحر الخزر، وقد دخلت جرجان في نطاق نفوذ السلالة العلوية التي حكمت طبرستان. وفي جرجان كان قبر محمد بن جعفر الصادق موضع التبجيل والتقديس.
ساعد الاضطراب المستمر مرداويج بن زيار أن يؤسس دولة في جرجان بمساعدة الديلم سنة 316هـ/928م، واستمرت هذه الدولة ما يزيد على قرن من الزمان، وإن تبعت اسمياً السامانيين ومن بعدهم الغزنويين، ومازالت قبة ضريح الأمير قابوس بن وشكمير (366-403هـ/976-1012م) قائمة تخلد ذكرى هذا العهد.
فقدت جرجان مكانتها بعد الغزو المغولي لإيران، ولم تستعد ازدهارها السابق، وصارت أستراباذ أهم مدينة في المنطقة، ولكن الولاية كانت مسرحاً للصراع بين آخر حكام الإيلخانيين[ر] والتيموريين[ر] وزعماء قبائل الأتراك المحليين. وفي القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي، صارت قبيلة القاجار التركمانية القوة المسيطرة في أستراباذ، كما أن آغا محمد أول شاه قاجاري وُلد في أستراباذ. وأُطلق اسم أستراباذ على الولاية في عهد القاجاريين (1193-1343هـ/1779-1925م) وكان يحدها نهر جرجان من الشمال وجبال البرز من الجنوب، وبحر قزوين ومازندران غرباً ومقاطعة جاجارم Djadjarm شرقاً.
حين تولى رضا شاه بهلوي الحكم في إيران سنة 1926، أُطلق على أستراباذ اسم جرجان، ولكنها كانت أصغر مساحة من سابقتها، وكانت تضم منطقة جبلية كثيرة المياه والأشجار وأخرى سهلية خصبة وحتى سبخية تصبح صحراوية في الشمال، ويُزرع التبغ والقمح على نطاق واسع فيها وسكانها مزيج من الذين يتكلمون الفارسية في المناطق الجبلية والمدن، في حين يقيم التركمان في السهول.
نجدة خماش
Gorgan - Gorgan
جرجان
عُرفت جرجان Gorgan بالفارسية القديمة باسم «فركانا» Varkana، وباليونانية باسم «هركانية» Hyrcania، وتقع في الزاوية الجنوبية الشرقية من بحر الخزر «قزوين». ويعود خصب الولاية ورخاؤها إلى نهري آترك وجرجان، اللذين يفيضان أحياناً فيغرقان أرضها.
كانت جرجان في العهد الساساني ولاية ثغرية تصد عادية البدو الذين كانوا يغيرون على أراضي الدولة من الشمال، وقد شُيّد حصنا شهرستان يزدجرد وشهر فيروز Peroz لرد بدو سهوب دهستان، وبُني سور طويل على امتداد حدودها الشمالية للدفاع عن أراضيها.
وصلت مدينة جرجان أوج ازدهارها في القرنين الثالث والرابع الهجريين، ويصفها الاصطخري (ت 346هـ/957م) بأنها من أكبر مدن جرجان، وليس في المشرق بعد أن يتجاوز المسافر العراق مدينة أخصب من جرجان ولا أجمع منها، وذلك أن بها الثلج والنخيل وفيها فواكه المناطق الباردة والحارة. وهي تقسم قسمان: القسم الشرقي وهو المدينة أي الشهرستان، والقسم الغربي وهو ضاحيتها بكر آباذ «ولعلها نُسبت إلى قبيلة بكر التي استقرت فيها»، وتنتج جرجان الكثير من الحرير والثياب الحريرية، وكذلك أستراباذ التي هي من مدن جرجان المشهورة. وقد ظهر في جرجان عدد كبير من الأدباء والعلماء والفقهاء والمحدثين ونقودهم الدنانير والدراهم، ولهم ميناء على بحر الخزر يركبون منه إلى مدينة باب الأبواب «دربند» في أذربيجان.
هددت الانقسامات الداخلية ازدهار الولاية، ووجدت الدعوة العلوية تربة خصبة في البلاد المحيطة ببحر الخزر، وقد دخلت جرجان في نطاق نفوذ السلالة العلوية التي حكمت طبرستان. وفي جرجان كان قبر محمد بن جعفر الصادق موضع التبجيل والتقديس.
ساعد الاضطراب المستمر مرداويج بن زيار أن يؤسس دولة في جرجان بمساعدة الديلم سنة 316هـ/928م، واستمرت هذه الدولة ما يزيد على قرن من الزمان، وإن تبعت اسمياً السامانيين ومن بعدهم الغزنويين، ومازالت قبة ضريح الأمير قابوس بن وشكمير (366-403هـ/976-1012م) قائمة تخلد ذكرى هذا العهد.
فقدت جرجان مكانتها بعد الغزو المغولي لإيران، ولم تستعد ازدهارها السابق، وصارت أستراباذ أهم مدينة في المنطقة، ولكن الولاية كانت مسرحاً للصراع بين آخر حكام الإيلخانيين[ر] والتيموريين[ر] وزعماء قبائل الأتراك المحليين. وفي القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي، صارت قبيلة القاجار التركمانية القوة المسيطرة في أستراباذ، كما أن آغا محمد أول شاه قاجاري وُلد في أستراباذ. وأُطلق اسم أستراباذ على الولاية في عهد القاجاريين (1193-1343هـ/1779-1925م) وكان يحدها نهر جرجان من الشمال وجبال البرز من الجنوب، وبحر قزوين ومازندران غرباً ومقاطعة جاجارم Djadjarm شرقاً.
حين تولى رضا شاه بهلوي الحكم في إيران سنة 1926، أُطلق على أستراباذ اسم جرجان، ولكنها كانت أصغر مساحة من سابقتها، وكانت تضم منطقة جبلية كثيرة المياه والأشجار وأخرى سهلية خصبة وحتى سبخية تصبح صحراوية في الشمال، ويُزرع التبغ والقمح على نطاق واسع فيها وسكانها مزيج من الذين يتكلمون الفارسية في المناطق الجبلية والمدن، في حين يقيم التركمان في السهول.
نجدة خماش