جراد
Locusts - Locuste
الجراد
الجراد Locusts حشرة ذات أضرار اقتصادية معروفة منذ القدم، وقد ورد ذكره في الكتب المقدسة (التوراة والإنجيل والقرآن)، وعُثر على صورة محفورة له ضمن آثار الأسرة السادسة (2420-2270ق.م) في مقابر سقارة في مصر.
يتبع الجراد مجموعة كبيرة من الحشرات. وتنتمي أهم أنواعه إلى فصيلة Acrididae وهي من رتبة مستقيمات الأجنحة Order Orlhoptera، وقد يظن الإنسان غير المتخصص أن كثيراً من أنواع النطاط الكبيرة هي من الجراد، ولابد بالتالي من التمييز العلمي الصحيح لتحديد عينة مدروسة على أنها من الجراد أو النطاط.
حشرات الجراد متوسطة إلى كبيرة الحجم، أرجلها الخلفية متضخمة معدة للقفز (الشكل-1). يغطي جسم الجرادة جلد صلب يؤلف هيكل الجسم، وهو أقل سماكة عند المفاصل لتسهيل حركة الأعضاء، وتقيه طبقات من الشمع لحماية الحشرة من فقد الماء واختراق السموم. ويقع الرأس في مقدمة الجسم، وهو صندوقي متطاول مزود بقرني استشعار هما عضوي اللمس والشم، وشفع من العيون المركبة الكبيرة المحدبة تعطي الجرادة دائرة إبصار واسعة، وعوينات ثلاث تقع في مقدمة الرأس. وأكثر ما يميز الجراد من الألوان هو الأخضر. ويتمفصل مع الجزء السفلي للرأس أجزاء الفم المعدّة لقرض وتفتيت الغذاء، وملامس تُستخدم في تذوق الطعام.
ويتألف الصدر من ثلاثة أقسام، الأمامي درعي كبير مقوس نحو الأسفل. والمتوسط صغير يحمل شفعاً من الأجنحة الضيقة الجلدية، أما الخلفي فيتمفصل معه شفع من الأجنحة الغشائية مروحية الشكل. ويتمفصل مع حلقات الصدر من الناحية السفلية ثلاثة أزواج من الأرجل الخلفي منها طويل جداً ويستعمل للقفز. ويشتمل الصدر على عضلات السير والقفز والطيران (وهو الجزء الذي يأكله بعض الناس).
يتألف البطن من 9 حلقات، توجد على الأولى منها فتحتا سمع، وينتهي بآلة وضع بيض حادة معدة للحفر في الترب القاسية حيث يوضع البيض. ويقع على جانبي حلقات البطن فتحات تنفس صغيرة(ثغور).
تتألف دورة حياة الجراد والنطاط من ثلاثة أطوار هي:
البيضة، فالحورية (عدة أطوار)، فالحشرة الكاملة
وتختلف مدد هذه الأطوار وأعداد أطوار الحوريات، والوقت اللازم حتى تصبح الأخيرة حشرات مجنحة كاملة قادرة على التناسل، باختلاف الأنواع، ويتأثر ذلك بالشروط المناخية السائدة. ويمكن تلخيص دورة حياة الجراد الصحراوي، وهو الأكثر انتشاراً في العالم القديم، على النحو المبين في المخطط.
تراوح فترة التزاوج بين الذكور والإناث بين 3ـ14 ساعة، وتضع الإناث البيض في حفر تحت سطح التربة حيث تتوافر الرطوبة المناسبة. ويكون البيض الذي تضعه الأنثى كبير العدد، ويلتصق بعضه مع بعض بوساطة مادة رغوية تكسبه شكل كتلة تحتوي على 20ـ100 بيضة. ويمكن للأنثى أن تضع نحو 3ـ5 كتل. يفقس البيض عن حوريات بعد 10ـ14 يوماً في فصل الصيف، وقد تطول هذه المدة إلى 60ــ70 يوماً في فصلي الشتاء والربيع. ولصلابة أجسام الحوريات فإنها لا تكبر حجماً، ويستدعي هذا حصول عملية الانسلاخ. وتبدأ براعم الأجنحة بالتميز بدءاً من الطور الرابع للحوريات، وتتحول الحورية إلى حشرة مجنحة كاملة بعد الانسلاخ الخامس والأخير. ولا تنمو الحشرات بعد ذلك ولكنها تزداد وزناً. وتعيش الحشرة الكاملة نحو 2ـ12 شهراً، وتتأثر دورة حياتها بالشروط الجوية والبيئية.
يعيش الجراد في جماعات كبيرة يطلق عليها اسم الأسراب عندما تتكون من الحشرات المجنحة الكاملة، واسم الجراد الزاحف عندما تتكون من الحوريات (الحشرات عديمة الأجنحة). وتمتلك أسراب عدة أنواع من الجراد القدرة على الهجرة لمسافات طويلة تبلغ بضع مئات الكيلومترات. وهذه الظاهرة تميّز الجراد النموذجي من أنواع النطاط الأخرى المسماة بالجنادب.
ومن أشهر أنواع الجراد المعروفة (ومعظمها يعيش في إفريقية وآسيا) ما يأتي:
الجراد الصحراوي Schistocerca gregaria (Fors).
الجراد الآسيوي المهاجر Locusta migratoria migratoria (L).
الجراد الإفريقي المهاجر Locusta migratoria migritorioides.
الجراد المهاجر الشرقي Locusta migratoria mamilensis.
إلى جانب الجراد الأحمر والمراكشي والأسمر وجراد الشجر وجراد بمباي.
مناطق تكاثر الجراد وانتشاره وسلوكه
تبين الخريطة مناطق العالم المعرضة للإصابة بالجراد والنطاط، وهي مناطق واسعة جداً في الأمريكيتين وإفريقية وآسيا والشرق الأقصى وأسترالية، يمكن أن يغزو الجراد الصحراوي مناطق في آسيا وإفريقية، وتقدر مساحتها بنحو 20% من سطح الكرة الأرضية. ويتأثر بأضرارها نحو عِشر سكان العالم، وهذا الغزو لا يحدث كله في وقت واحد.
يقال إذا وجدت أسراب الجراد في عدة بلدان (بآن واحد)، إن هناك غزوة للجراد، ولكن عند وجود عدد محدد من هذه الأسراب في بلد أو بلدين فقط فيقال إن الجراد في فترة سكون. هذا ولا توجد فترات منتظمة للغزوات ولفترات السكون. كما لا تعرف بالدقة الأسباب المؤدية إلى بدء حدوث الغزوات أو انتهائها. غير أن كليهما مرتبط غالباً بالتبدلات الجوية، وخاصة كمية الأمطار وتوزيعها. وقد يستمر تكاثر الجراد على نطاق محدود عدة سنوات في مناطق تكاثره الدائمة من دون أن ينتج من ذلك أي سرب. بينما تتزايد أعداد الجراد سريعاً في بعض الأعوام مما يؤدي إلى تكاثره بشكل كبير يؤدي إلى تكوين الأسراب، ولا تعرف أسباب ذلك حتى اليوم . هذا ولا توجد منطقة واحدة تبدأ منها غزوات الجراد (وخاصة الصحراوي)، وتتحرك أسرابه مع الرياح السائدة. وهنالك مناطق مميزة في كل بلد يحتمل وصول الأسراب إليها وحدوث التكاثر فيها في مواسم خاصة. كما يعرف العاملون في مكافحة الجراد مدى إمكانية حدوث الغزوات والتكاثر في كل بلد، فيعملون على وضع هذه المعلومات في خرائط خاصة يعتمد عليها في تحديد مصادر الأسراب ووجهات ترحالها.
يمكن أن يظهر الجراد على شكلين: مهاجر أو غير مهاجر (مقيم)، ولكل جراد أماكن محددة ينتشر فيها، ما عدا الجراد الصحراوي إذ عُرف عنه عدم وجود مثل هذه الأماكن (المنابت). ومن المهم معرفة المناطق التي يمكن أن يوجد فيها في مظهره الانفرادي (حيث يعيش مبعثراً)، حين لا توجد الأسراب (المظهر التجمعي).
يبدأ ظهور الأسراب عادة من الجراد الانفرادي المبعثر نتيجة للتغيرات في الشروط الجوية التي تقود إلى تجمعه. وتزداد أعداده نتيجة هطل الأمطار ونمو الغطاء النباتي. ويتغير مسلك الجراد مع زيادة كثافته العددية ومحدودية الغطاء النباتي فيميل إلى التجمع مما يؤدي إلى ظهور الأسراب.
أضرار الجراد ومكافحته
مازال الجراد على الرغم من تقدم طرائق مكافحته من أكبر الآفات الزراعية ضرراً، وقد يؤدي إلى القضاء على زراعات بلد بكاملها. وقد تضافرت الجهود الإقليمية والدولية لمكافحته، فحد ذلك من أضراره بشكل كبير. وتسعى خطط مكافحة الجراد إلى التحول نحو مواجهة الغزوات في منابتها قبل انتشارها إلى مناطق أخرى. وهنالك تعاون دولي بهذا الشأن يعود إلى عام 1960.
وللتعرف على أضرار الجراد الاقتصادية يمكن الإشارة إلى أن سرباً واحداً منه يمكن أن يتألف من نحو 100 مليون حشرة على الأقل، وقد يصل عددها أحياناً إلى نحو 200 مليون جرادة يمكن أن توجد في مساحة 2.5كم2. ويستهلك الطن الواحد منها قدر ما تأكله عشرة فيلة في اليوم الواحد. وقد تبين أن نحو 23% من الأضرار تسببه الأسراب البالغة، و8% فقط منه تسببه الحوريات، و69% تسببه الأطوار البالغة وغير البالغة. ويهاجم الجراد أكثر من 50 نوعاً من النباتات تشكل 98% من الغطاء النباتي المستخدم في مناطق وجوده.
وليتمكن الإنسان من استخدام جميع وسائل المكافحة الحديثة فإنه لا بد من توافر معلومات دقيقة في الوقت المناسب عن تحركات الأسراب وأماكن التكاثر. وقد نشأ ما يسمى بنظام التبليغ حيث تُعرف جميع التفصيلات عن الأسراب وحجمها وتحركاتها ووجهتها ويُتصدى لها براً وجواً باستخدام مواد المكافحة الحديثة. ويمكن أن تساعد بعض العوامل الطبيعية على مكافحة الجراد والحدِّ من أعداده مثل العوامل المناخية (درجات الحرارة، الأمطار، الرياح) والحيوية الطبيعية (المفترسات من حشرات وطيور وزواحف وثدييات، ومتطفلات كالأحياء الدقيقة)، ولكن استخدام هذه الأساليب ما يزال محدوداً.
أحمد زياد الأحمدي
Locusts - Locuste
الجراد
الجراد Locusts حشرة ذات أضرار اقتصادية معروفة منذ القدم، وقد ورد ذكره في الكتب المقدسة (التوراة والإنجيل والقرآن)، وعُثر على صورة محفورة له ضمن آثار الأسرة السادسة (2420-2270ق.م) في مقابر سقارة في مصر.
يتبع الجراد مجموعة كبيرة من الحشرات. وتنتمي أهم أنواعه إلى فصيلة Acrididae وهي من رتبة مستقيمات الأجنحة Order Orlhoptera، وقد يظن الإنسان غير المتخصص أن كثيراً من أنواع النطاط الكبيرة هي من الجراد، ولابد بالتالي من التمييز العلمي الصحيح لتحديد عينة مدروسة على أنها من الجراد أو النطاط.
ويتألف الصدر من ثلاثة أقسام، الأمامي درعي كبير مقوس نحو الأسفل. والمتوسط صغير يحمل شفعاً من الأجنحة الضيقة الجلدية، أما الخلفي فيتمفصل معه شفع من الأجنحة الغشائية مروحية الشكل. ويتمفصل مع حلقات الصدر من الناحية السفلية ثلاثة أزواج من الأرجل الخلفي منها طويل جداً ويستعمل للقفز. ويشتمل الصدر على عضلات السير والقفز والطيران (وهو الجزء الذي يأكله بعض الناس).
يتألف البطن من 9 حلقات، توجد على الأولى منها فتحتا سمع، وينتهي بآلة وضع بيض حادة معدة للحفر في الترب القاسية حيث يوضع البيض. ويقع على جانبي حلقات البطن فتحات تنفس صغيرة(ثغور).
تتألف دورة حياة الجراد والنطاط من ثلاثة أطوار هي:
البيضة، فالحورية (عدة أطوار)، فالحشرة الكاملة
وتختلف مدد هذه الأطوار وأعداد أطوار الحوريات، والوقت اللازم حتى تصبح الأخيرة حشرات مجنحة كاملة قادرة على التناسل، باختلاف الأنواع، ويتأثر ذلك بالشروط المناخية السائدة. ويمكن تلخيص دورة حياة الجراد الصحراوي، وهو الأكثر انتشاراً في العالم القديم، على النحو المبين في المخطط.
يعيش الجراد في جماعات كبيرة يطلق عليها اسم الأسراب عندما تتكون من الحشرات المجنحة الكاملة، واسم الجراد الزاحف عندما تتكون من الحوريات (الحشرات عديمة الأجنحة). وتمتلك أسراب عدة أنواع من الجراد القدرة على الهجرة لمسافات طويلة تبلغ بضع مئات الكيلومترات. وهذه الظاهرة تميّز الجراد النموذجي من أنواع النطاط الأخرى المسماة بالجنادب.
ومن أشهر أنواع الجراد المعروفة (ومعظمها يعيش في إفريقية وآسيا) ما يأتي:
الجراد الصحراوي Schistocerca gregaria (Fors).
الجراد الآسيوي المهاجر Locusta migratoria migratoria (L).
الجراد الإفريقي المهاجر Locusta migratoria migritorioides.
الجراد المهاجر الشرقي Locusta migratoria mamilensis.
إلى جانب الجراد الأحمر والمراكشي والأسمر وجراد الشجر وجراد بمباي.
مناطق تكاثر الجراد وانتشاره وسلوكه
تبين الخريطة مناطق العالم المعرضة للإصابة بالجراد والنطاط، وهي مناطق واسعة جداً في الأمريكيتين وإفريقية وآسيا والشرق الأقصى وأسترالية، يمكن أن يغزو الجراد الصحراوي مناطق في آسيا وإفريقية، وتقدر مساحتها بنحو 20% من سطح الكرة الأرضية. ويتأثر بأضرارها نحو عِشر سكان العالم، وهذا الغزو لا يحدث كله في وقت واحد.
مناطق العالم المعرضة للإصابة بالجراد والنطاط |
يمكن أن يظهر الجراد على شكلين: مهاجر أو غير مهاجر (مقيم)، ولكل جراد أماكن محددة ينتشر فيها، ما عدا الجراد الصحراوي إذ عُرف عنه عدم وجود مثل هذه الأماكن (المنابت). ومن المهم معرفة المناطق التي يمكن أن يوجد فيها في مظهره الانفرادي (حيث يعيش مبعثراً)، حين لا توجد الأسراب (المظهر التجمعي).
يبدأ ظهور الأسراب عادة من الجراد الانفرادي المبعثر نتيجة للتغيرات في الشروط الجوية التي تقود إلى تجمعه. وتزداد أعداده نتيجة هطل الأمطار ونمو الغطاء النباتي. ويتغير مسلك الجراد مع زيادة كثافته العددية ومحدودية الغطاء النباتي فيميل إلى التجمع مما يؤدي إلى ظهور الأسراب.
أضرار الجراد ومكافحته
مازال الجراد على الرغم من تقدم طرائق مكافحته من أكبر الآفات الزراعية ضرراً، وقد يؤدي إلى القضاء على زراعات بلد بكاملها. وقد تضافرت الجهود الإقليمية والدولية لمكافحته، فحد ذلك من أضراره بشكل كبير. وتسعى خطط مكافحة الجراد إلى التحول نحو مواجهة الغزوات في منابتها قبل انتشارها إلى مناطق أخرى. وهنالك تعاون دولي بهذا الشأن يعود إلى عام 1960.
وللتعرف على أضرار الجراد الاقتصادية يمكن الإشارة إلى أن سرباً واحداً منه يمكن أن يتألف من نحو 100 مليون حشرة على الأقل، وقد يصل عددها أحياناً إلى نحو 200 مليون جرادة يمكن أن توجد في مساحة 2.5كم2. ويستهلك الطن الواحد منها قدر ما تأكله عشرة فيلة في اليوم الواحد. وقد تبين أن نحو 23% من الأضرار تسببه الأسراب البالغة، و8% فقط منه تسببه الحوريات، و69% تسببه الأطوار البالغة وغير البالغة. ويهاجم الجراد أكثر من 50 نوعاً من النباتات تشكل 98% من الغطاء النباتي المستخدم في مناطق وجوده.
وليتمكن الإنسان من استخدام جميع وسائل المكافحة الحديثة فإنه لا بد من توافر معلومات دقيقة في الوقت المناسب عن تحركات الأسراب وأماكن التكاثر. وقد نشأ ما يسمى بنظام التبليغ حيث تُعرف جميع التفصيلات عن الأسراب وحجمها وتحركاتها ووجهتها ويُتصدى لها براً وجواً باستخدام مواد المكافحة الحديثة. ويمكن أن تساعد بعض العوامل الطبيعية على مكافحة الجراد والحدِّ من أعداده مثل العوامل المناخية (درجات الحرارة، الأمطار، الرياح) والحيوية الطبيعية (المفترسات من حشرات وطيور وزواحف وثدييات، ومتطفلات كالأحياء الدقيقة)، ولكن استخدام هذه الأساليب ما يزال محدوداً.
أحمد زياد الأحمدي