جاز
Jazz - Jazz
الجاز
الجاز Jazz موسيقى شعبية راقصة تمتاز بإيقاعاتها المتنوعة، والصاخبة في كثير منها. وأصل اصطلاح الجاز مختلف في مصدره، إذ يعتقد أنه جاء من اللهجة الإقليمية للمولّدين Creoles (من زنوج وأمريكيين من ذوي البشرة البيضاء)، أو من معنى التسارع أو الثرثرة. وقد أطلق هذا الاصطلاح على موسيقى الزنوج، الأفرو أمريكيين الجنوبيين، الذي شاع عام 1915 في مدينة نيو أورليانز New Orleans بسبب كثرة ملاهيها وصالات الرقص فيها، والتي كانت مركز نشاطهم الموسيقي، ومصدر موسيقييهم الأوائل الذين نشروا الجاز في المدن الأمريكية الكبرى. ولما كانت الموسيقى، التي ترتكز على الإيقاع أساساً، تلعب دوراً مهماً في الحياة اليومية لهؤلاء الزنوج، ولاسيما في العبادة والرقص، عُدّ الجاز العمل الموسيقي الشعبي الأكثر ارتباطاً بينهم. واستطاعت هذه الأقلية الزنجية على ضعفها وقلة إمكاناتها، أن تنشر ثقافتها الموسيقية الجازية (نسبة إلى الجاز) في أمريكة وفي مختلف بقاع العالم.
بدأ التعبير الموسيقي في الظهور عند الزنوج الأفرو أمريكيين في أغاني العمل، زمن العبودية، وخاصة عند جني القطن، وتمديد السكك الحديدية، وفي الاحتفالات وأداء الطقوس الدينية التي أوجدت عندهم عزاءً في الراحة النفسانية وخلاصاً من متاعب العبودية والتعاسة الحياتية، فأفرغوها في «أغانيهم الروحانية» Negro spirituals.
تشكلت أولى فرق الجاز الموسيقية المسماة «جاز باند» Jazz Band في بداية القرن العشرين. وتشكلت فرق موسيقية أخرى مختلفة الأنواع، منها دينية الطابع كان أفرادها يرتجلون موسيقاهم رقصاً وغناءً، ومنها فرق عازفي آلات نفخ نحاسية وإيقاعية [ر.الآلات الموسيقية] لمرافقة مواكب الجنازات. وكانت ديكسيلاند Dixie land المدينة الثانية التي تشكلت فيها فرق الجاز التي ضمت عازفين أمريكيين يقلدون موسيقى الزنوج. ثم توالى تشكيل الفرق الموسيقية في كثير من المدن الأمريكية الأخرى مثل شيكاغو ولويزيانا ونيويورك مع ازدياد في عدد عازفيها. ثم توسعت فرق الجاز بعدد أفرادها والآلات التي تحتويها، وكان أول ظهورها في بداية العشرينيات بقيادة فليتشر هندرسون F.Henderson مع أبرز موسيقييها عازف الترومبيت[ر.البوق] الشهير لويس آرمسترونغ[ر] L. Armstrong كما أن فرقة ديوك إلينغتون[ر] D.Ellington، آنذاك، كانت تضم عشرين عازفاً مهرة. أما بول وايتمان P.Whiteman فقد استخدم آلات الكمان[ر] في فرقته الموسيقية الموسعة التي تجاوزت الثلاثين عازفاً والتي اشتهرت بـ«الجاز السمفوني». واستخدمت، في مثل هذه الفرق، التوزيعات الأوركسترالية Orchestration، وصارت الألحان الرئيسة في القطع الموسيقية تؤديها معظم آلات الأوركسترا[ر.الفرقة الموسيقية]. وتشكلت فرق جاز كبيرة (كالأوركسترات السمفونية) مثل فرقة «جاز الفيلهارمونيك» J.A.T.P التي ظهرت أول مرة، عام 1944، على مسرح لوس أنجلس الفيلهارموني.
كان «الراغتايم» Ragtime الاسم الشعبي الشائع للجاز قبل نشوئه عام 1890، وكانت تؤديه الآلات الموسيقية في إيقاعات قوية متأخرة النبر Syncope دون ألحان رئيسة معينة. وظهرت في مطلع القرن العشرين أغاني البلوز، التي تعد أساساً لموسيقى الجاز، وهي مزيج من الغناء الديني وغناء العمل اللذين كثيراً ما كانا يقومان على الحوار بين المغني المنفرد والجوقة الغنائية. وكانت بعض آلات النفخ الخشبية والنحاسية هي الرئيسة في هذا النوع من الغناء.
واشتهرت بيسّي سميث B.Smith آنذاك، بلقب (إمبراطورة البلوز). واقتبس موسيقيو ديكسيلاند عناصر موسيقاهم من نوعي الراغتايم والبلوز، وكانت الترومبيت الآلة المسيطرة في موسيقاهم، وكان كينغ أوليفر K.Oliver وآرمسترونغ من أوائل موسيقيي ديكسيلاند.
صار الجاز منذ عام 1920 أكثر رسوخاً وانتشاراً في مدن نيويورك ولندن وباريس، وغدا تقليداً شعبياً عاماً. وتتألف الجمل اللحنية في الكثير من موسيقاه حسب الخطة: أ-أ-ب-أ. وظهر في الحقبة ذاتها «المغنون المتزنّجون» Negro Minstrels وهم منشدون أمريكيون جنوبيون جوالون كانوا يطلون وجوههم باللون الأسود ويغنون على الطريقة الزنجية. ثم انضم إليهم بعض الموسيقيين الزنوج، إلا أن وجودهم زال عندما ازدهرت موسيقى الجاز في أمريكة وأوربة.
وجاء أسلوب «الستريت» Straight (المستقيم أو الصحيح) ليلتزم العازف بالتدوين الموسيقي دون تبديل فيه، مما ألغى، تقريباً، خصائص الإبداع في الارتجال في الجاز الذي هو من مميزاته الأساسية. ثم ظهر الأسلوب «الحار» Hot Music، وهو يدفع عازف آلة النفخ إلى استنباط أقصى طاقة آلته وإمكاناتها الفنية في الأداء. ويعد هذا الأسلوب نقيضاً لـ «الستريت». ونتج عن البلوز، أيضاً، نوع موسيقي آخر هو «البوغي ووغي»Boogie Woogie (نحو عام 1928) كان يؤدى في شيكاغو، في الأصل، على آلة البيانو[ر]. وشاعت، بدءاً من عام 1935، رقصة «السوينغ» Swing وهي ذات تمايل وتأرجح حركيين، كان بنّي غودمان B.Goodman الملقب «ملك السوينغ» من أشهر عازفي اليراعة[ر] (الكلارينيت) لهذه الرقصة. وفي الثلاثينيات، أيضاً، برز نوع آخر هو «الروك أند رول» Rock and Roll تطور عن البوغي ووغي. والروك رقص إيقاعي يمتاز بتأخير النبر في إيقاعه، اشتهر في الخمسينيات على يد مغنيين شعبيين شهيرين مثل إلفيس بريسلي[ر] E.Presley وأبدع، في الأربعينيات، فريق من الموسيقيين الشباب نوعاً من موسيقى الجاز أقلُّ حدَّةً إيقاعية وأكثر ارتجالاً موسيقياً أطلقوا عليه الـ«بي بوب» Bi-Bop وتمَّ إهماله في نهاية السبعينيات. ثم توالت أنواع كثيرة من هذه الموسيقى مثل «الجاز البارد» (1949) Cool.J، و«الجاز الحر» (1964) free.J، وما زالت تتزايد هذه الأنواع ابتكاراً، بعد السبعينيات، إلى حد كبير يصعب تحديده. ومع أن الجاز وفرقه الموسيقية شاع بين ذوي البشرة البيضاء في أصقاع العالم، منذ العشرينيات، إلا أن الزنوج الأفرو أمريكيين مازالوا الأوائل بين الجميع في أداء هذا النوع الموسيقي.
تأثَّر الكثير من المؤلفين الموسيقيين الجادين (في الموسيقى السمفونية) بالجاز وإيقاعاته المثيرة. فمنهم من استخدم «الراغتايم» في مؤلفاته الموسيقية مثل ديبوسي [ر] C. Debussy في المتتالية[ر.الصيغ الموسيقية] Suite «زاوية الأطفال»، وسترافنسكي [ر] I. Stravinsky في حوارية[ر] (كونشرتو) إيبوني Ibony Concerto. وتَمثّل رافيل[ر] M.Ravel «البلوز» في بعض مؤلفاته من السوناتا[ر]، والحوارية للبيانو مع الأوركسترا، وكذلك ميو[ر] D.Milhaud في مؤلفته «ولادة العالم». وكتب مؤلفون موسيقيون آخرون موسيقاهم، فكانت جسراً بين الموسيقى السمفونية وموسيقى الجاز منهم غيرشوين[ر] G.Gershwin في مؤلفته «رابسودي إن بلو» Rhapsody in Blue.
حسني الحريري
Jazz - Jazz
الجاز
الجاز Jazz موسيقى شعبية راقصة تمتاز بإيقاعاتها المتنوعة، والصاخبة في كثير منها. وأصل اصطلاح الجاز مختلف في مصدره، إذ يعتقد أنه جاء من اللهجة الإقليمية للمولّدين Creoles (من زنوج وأمريكيين من ذوي البشرة البيضاء)، أو من معنى التسارع أو الثرثرة. وقد أطلق هذا الاصطلاح على موسيقى الزنوج، الأفرو أمريكيين الجنوبيين، الذي شاع عام 1915 في مدينة نيو أورليانز New Orleans بسبب كثرة ملاهيها وصالات الرقص فيها، والتي كانت مركز نشاطهم الموسيقي، ومصدر موسيقييهم الأوائل الذين نشروا الجاز في المدن الأمريكية الكبرى. ولما كانت الموسيقى، التي ترتكز على الإيقاع أساساً، تلعب دوراً مهماً في الحياة اليومية لهؤلاء الزنوج، ولاسيما في العبادة والرقص، عُدّ الجاز العمل الموسيقي الشعبي الأكثر ارتباطاً بينهم. واستطاعت هذه الأقلية الزنجية على ضعفها وقلة إمكاناتها، أن تنشر ثقافتها الموسيقية الجازية (نسبة إلى الجاز) في أمريكة وفي مختلف بقاع العالم.
بدأ التعبير الموسيقي في الظهور عند الزنوج الأفرو أمريكيين في أغاني العمل، زمن العبودية، وخاصة عند جني القطن، وتمديد السكك الحديدية، وفي الاحتفالات وأداء الطقوس الدينية التي أوجدت عندهم عزاءً في الراحة النفسانية وخلاصاً من متاعب العبودية والتعاسة الحياتية، فأفرغوها في «أغانيهم الروحانية» Negro spirituals.
فرقة جاز باند بقيادة كينغ أوليفر في شيكاغو عام 1923 |
كان «الراغتايم» Ragtime الاسم الشعبي الشائع للجاز قبل نشوئه عام 1890، وكانت تؤديه الآلات الموسيقية في إيقاعات قوية متأخرة النبر Syncope دون ألحان رئيسة معينة. وظهرت في مطلع القرن العشرين أغاني البلوز، التي تعد أساساً لموسيقى الجاز، وهي مزيج من الغناء الديني وغناء العمل اللذين كثيراً ما كانا يقومان على الحوار بين المغني المنفرد والجوقة الغنائية. وكانت بعض آلات النفخ الخشبية والنحاسية هي الرئيسة في هذا النوع من الغناء.
واشتهرت بيسّي سميث B.Smith آنذاك، بلقب (إمبراطورة البلوز). واقتبس موسيقيو ديكسيلاند عناصر موسيقاهم من نوعي الراغتايم والبلوز، وكانت الترومبيت الآلة المسيطرة في موسيقاهم، وكان كينغ أوليفر K.Oliver وآرمسترونغ من أوائل موسيقيي ديكسيلاند.
صار الجاز منذ عام 1920 أكثر رسوخاً وانتشاراً في مدن نيويورك ولندن وباريس، وغدا تقليداً شعبياً عاماً. وتتألف الجمل اللحنية في الكثير من موسيقاه حسب الخطة: أ-أ-ب-أ. وظهر في الحقبة ذاتها «المغنون المتزنّجون» Negro Minstrels وهم منشدون أمريكيون جنوبيون جوالون كانوا يطلون وجوههم باللون الأسود ويغنون على الطريقة الزنجية. ثم انضم إليهم بعض الموسيقيين الزنوج، إلا أن وجودهم زال عندما ازدهرت موسيقى الجاز في أمريكة وأوربة.
وجاء أسلوب «الستريت» Straight (المستقيم أو الصحيح) ليلتزم العازف بالتدوين الموسيقي دون تبديل فيه، مما ألغى، تقريباً، خصائص الإبداع في الارتجال في الجاز الذي هو من مميزاته الأساسية. ثم ظهر الأسلوب «الحار» Hot Music، وهو يدفع عازف آلة النفخ إلى استنباط أقصى طاقة آلته وإمكاناتها الفنية في الأداء. ويعد هذا الأسلوب نقيضاً لـ «الستريت». ونتج عن البلوز، أيضاً، نوع موسيقي آخر هو «البوغي ووغي»Boogie Woogie (نحو عام 1928) كان يؤدى في شيكاغو، في الأصل، على آلة البيانو[ر]. وشاعت، بدءاً من عام 1935، رقصة «السوينغ» Swing وهي ذات تمايل وتأرجح حركيين، كان بنّي غودمان B.Goodman الملقب «ملك السوينغ» من أشهر عازفي اليراعة[ر] (الكلارينيت) لهذه الرقصة. وفي الثلاثينيات، أيضاً، برز نوع آخر هو «الروك أند رول» Rock and Roll تطور عن البوغي ووغي. والروك رقص إيقاعي يمتاز بتأخير النبر في إيقاعه، اشتهر في الخمسينيات على يد مغنيين شعبيين شهيرين مثل إلفيس بريسلي[ر] E.Presley وأبدع، في الأربعينيات، فريق من الموسيقيين الشباب نوعاً من موسيقى الجاز أقلُّ حدَّةً إيقاعية وأكثر ارتجالاً موسيقياً أطلقوا عليه الـ«بي بوب» Bi-Bop وتمَّ إهماله في نهاية السبعينيات. ثم توالت أنواع كثيرة من هذه الموسيقى مثل «الجاز البارد» (1949) Cool.J، و«الجاز الحر» (1964) free.J، وما زالت تتزايد هذه الأنواع ابتكاراً، بعد السبعينيات، إلى حد كبير يصعب تحديده. ومع أن الجاز وفرقه الموسيقية شاع بين ذوي البشرة البيضاء في أصقاع العالم، منذ العشرينيات، إلا أن الزنوج الأفرو أمريكيين مازالوا الأوائل بين الجميع في أداء هذا النوع الموسيقي.
تأثَّر الكثير من المؤلفين الموسيقيين الجادين (في الموسيقى السمفونية) بالجاز وإيقاعاته المثيرة. فمنهم من استخدم «الراغتايم» في مؤلفاته الموسيقية مثل ديبوسي [ر] C. Debussy في المتتالية[ر.الصيغ الموسيقية] Suite «زاوية الأطفال»، وسترافنسكي [ر] I. Stravinsky في حوارية[ر] (كونشرتو) إيبوني Ibony Concerto. وتَمثّل رافيل[ر] M.Ravel «البلوز» في بعض مؤلفاته من السوناتا[ر]، والحوارية للبيانو مع الأوركسترا، وكذلك ميو[ر] D.Milhaud في مؤلفته «ولادة العالم». وكتب مؤلفون موسيقيون آخرون موسيقاهم، فكانت جسراً بين الموسيقى السمفونية وموسيقى الجاز منهم غيرشوين[ر] G.Gershwin في مؤلفته «رابسودي إن بلو» Rhapsody in Blue.
حسني الحريري