جنوه
Genoa - Gênes
جنوة
جنوة Genoa (بالإيطالية Genova) مدينة وميناء رئيسي في شمال غربي إيطالية على البحر المتوسط، حاضرة مقاطعة تحمل اسمها، وعاصمة إقليم ليغورية Liguria ومركز الرفييرا الإيطالية. تقع على خليج جنوة (البحر التيراني) على مسافة 120كم جنوب ميلانو. تحتل المدينة شريطاً ضيقاً من السهل الساحلي بطول 25كم، وتتدرج في الارتفاع على سفوح جبال الأبنين إلى مسافة 15كم، مناخها متوسطي معتدل، ومعدل الهطل فيها 1300مم. وعدد سكانها نحو 731484 نسمة ( 1999).
لمحة تاريخية
في القرن الخامس قبل الميلاد، أقام الليغوريون (أحد الشعوب التي استوطنت إيطالية) مستوطنة فوق مرتفع سارزانو المشرف على مرفأ طبيعي، أصبحت فيما بعد نواة مدينة جنوة. أقامت المدينة علاقات جيدة مع الإتروسكيين واليونان، وتحالفت مع رومة في الحرب البونية الثانية (ق 3ق.م) ودمرها القرطاجيون، فأعاد الرومان بناءها وغدت مركز مواصلات وسوقاً تجارية مزدهرة. بعد سقوط الامبراطورية الرومانية (476م)، خضعت جنوة للبيزنطيين ثم استولى عليها اللمبارديون وخلفتهم مملكة الفرنجة. وحاول العرب فتحها أكثر من مرة بين عامي 934-972م.
جنوة في القرون الوسطى: استردت جنوة مكانتها في أواخر القرن العاشر، ونعمت بنوع من الاستقلال في ظل مجلس من النبلاء ينتخب سنوياً، وانتعشت تجارتها واتسعت فيها صناعة النسيج وبناء السفن، وتمت لها السيطرة على جزيرتي كورسيكة وسردينية والساحل الليغوري بكامله، فغدت قوة بحرية كبيرة، وأسهمت في الحروب الصليبية بنقل القوات الأوربية إلى الأراضي المقدسة، وبناء آلات الحصار التي استعملت في حصار بيت المقدس، فكوفئت بممتلكات وامتيازات ومستعمرات تجارية في أكثر البلاد المحيطة بالبحر المتوسط. وأقيمت حول المدينة أسوار جديدة، لمّا حاول الامبراطور فريدريك بربروسا الاستيلاء عليها، وما تزال بعض بقاياها بادية للعيان إلى اليوم.
جمهورية جنوة: في أواخر القرن الثاني عشر، اتفق أثرياء المدينة على تعيين رئيس لها Podesta عن طريق الانتخاب مدة عام واحد، ودخلت في صراع شديد مع منافستيها بيزا[ر] والبندقية[ر] من أجل السيطرة على الطرق التجارية البحرية في المتوسط، ونجحت في ذلك. وبلغت أوج ازدهارها في أواخر القرن الثالث عشر، مع ما أحرزته من تقدم في مجالات الصناعة والتقانة وفي صناعة الخرائط وأدوات الملاحة، وكانت أول مدينة تسك نقوداً ذهبية في أوربة الغربية (1252م) وأول مدينة تعبِّد طرقاتها، واتسع نفوذها حتى البحر الأسود وفارس وأواسط آسيا وأطراف الصين.
غير أن الثروة والنفوذ كانا من أسباب تنافس الأسر الغنية فيها على السلطة، وفي القرن الرابع عشر أعلنت جنوة دوقية، وحمل حاكمها لقب دوق (دوج doge) مدى الحياة، وأبعدت الأسر «النبيلة» عن البلاط، ولكن الأمور لم تستقر فيها. وضربها الطاعون في العامين 1346- 1348، وأدت حربها المستمرة مع البندقية، وانهيار حليفتها بيزنطة على يد العثمانيين الذين سيطروا على شرقي البحر المتوسط إلى إفلاسها. غير أنها تمكنت من تعويض بعض خسائرها بتوجه أثريائها إلى الغرب بحثاً عن مصادر الثروة، حيث راجت صناعة الحرير وزراعة قصب السكر وصيد السمك، وتمكن المواطن الجنوي كريستوفر كولومبس من شق طريقه إلى العالم الجديد، وتبعه كثيرون من أبناء جلدته.
تحولت جنوة إلى محمية إسبانية تحت حكم آل هابسبورغ عام 1528، وغدت جمهورية أرستقراطية تتمتع بنفوذ مالي كبير، ويحكمها دوقات منتخبون لمدة عامين، غير أن سوء الإدارة والاستغلال الجائر لجزيرة كورسيكة أوقع الجمهورية في مشكلات مالية ضخمة وعرّضها للاضطرابات والتدخل من جانب دوقية سافوا وفرنسة، واستمر الأمر على هذا النحو حتى عام 1649، حين خرجت جنوة من دائرة النفوذ الإسباني وخضعت لوصاية لويس الرابع عشر. وفي عام 1746 احتلت النمسة جنوة ثم خرجت منها إثر ثورة شعبية. وفي عام 1797 صار اسمها جمهورية ليغورية الديمقراطية، وفرض عليها نابليون حصاراً عام 1800، ثم ألحقها بفرنسة سنة 1805. وثار الجنويون سنة 1814 على أمل استرداد حريتهم، لكن مؤتمر فيينة قرر ضمها إلى مملكة سردينية، ولم يفقدها هذا الضم مكانتها، فاتسعت مصالحها وازدهرت مؤسساتها وغدت المرفأ الرئيسي لجميع إيطالية.
جنوة في العصر الحاضر: أسهم مواطنو جنوة في النضال من أجل الوحدة الإيطالية، وكانت ضاحية كوارتو Quarto القريبة من جنوة نقطة انطلاق حملة غاريبالدي عام 1860. وظلت جنوة تتمتع بمركزها المميز بعد الوحدة، فأعيد بناء مرافقها ومينائها، واتسعت فيها الصناعات الثقيلة، وكانت مسرحاً لحركات المقاومة السرية ضد الفاشية في الحرب العالمية الثانية، وأول مدينة في الشمال الإيطالي تتحرر من القوات الألمانية قبل وصول الحلفاء، وقد تعرض ميناؤها للتدمير الشديد نتيجة قصف الحلفاء جواً وبحراً.
معالم المدينة
تبدو جنوة للقادم من البحر مدينة رائعة المنظر، تمد جناحيها على طرفي الخليج الجنوي، وتتسلق التلال شماليها حتى القلعة القديمة، وتتوغل السفن التجارية في القلب منها، حيث ميناؤها، وأقدم أحيائها بشوارعها وأزقتها الضيقة، وكنائسها القوطية الطراز ومنازلها الجميلة ومنارتها الضخمة، وحيث ينتصب برج إمبرياتشي Embriaci الشهير (ق12م). وفي العمق تصبح الشوارع أكثر اتساعاً وأحدث عمراناً، وتنطق بما طرأ على المدينة من تطورات متتالية منذ القرن السابع عشر إلى اليوم.
تتمتع جنوة اليوم بمركز تجاري ومالي مرموق، وتعد ثاني أكبر الموانئ على البحر المتوسط بعد مرسيلية. وتنشط فيها صناعة السفن ومحركاتها، وصناعة الحديد والفولاذ والدهانات والقاطرات والبتروكيمياويات ومعامل الورق والمنظفات والإسمنت والأسمدة، إلى جانب العديد من المصارف وبيوت المال ومؤسسات التأمين ومطار صغير. أما أشهر معالمها فمنتجع الليدو على ساحل البحر، وقصر الدوقات، وقصور آل دوريا الملونة وكنيسة القديس ماثيو وقصر البلدية ومبنى الجامعة، وفي جنوة صالتان ضخمتان في قصرين مميزين مخصصتان للمعارض واللوحات الفنية لمشاهير الفنانين الإيطاليين والفلمنكيين، إضافة إلى عدد كبير من المتاحف، وخاصة متحف الفن الشرقي ومنزل كريستوف كولومبس، ومقبرة تضم عدداً من الأوابد والأضرحة لكبار مشاهير المدينة.
محمد وليد الجلاد
Genoa - Gênes
جنوة
لمحة تاريخية
في القرن الخامس قبل الميلاد، أقام الليغوريون (أحد الشعوب التي استوطنت إيطالية) مستوطنة فوق مرتفع سارزانو المشرف على مرفأ طبيعي، أصبحت فيما بعد نواة مدينة جنوة. أقامت المدينة علاقات جيدة مع الإتروسكيين واليونان، وتحالفت مع رومة في الحرب البونية الثانية (ق 3ق.م) ودمرها القرطاجيون، فأعاد الرومان بناءها وغدت مركز مواصلات وسوقاً تجارية مزدهرة. بعد سقوط الامبراطورية الرومانية (476م)، خضعت جنوة للبيزنطيين ثم استولى عليها اللمبارديون وخلفتهم مملكة الفرنجة. وحاول العرب فتحها أكثر من مرة بين عامي 934-972م.
جنوة في القرون الوسطى: استردت جنوة مكانتها في أواخر القرن العاشر، ونعمت بنوع من الاستقلال في ظل مجلس من النبلاء ينتخب سنوياً، وانتعشت تجارتها واتسعت فيها صناعة النسيج وبناء السفن، وتمت لها السيطرة على جزيرتي كورسيكة وسردينية والساحل الليغوري بكامله، فغدت قوة بحرية كبيرة، وأسهمت في الحروب الصليبية بنقل القوات الأوربية إلى الأراضي المقدسة، وبناء آلات الحصار التي استعملت في حصار بيت المقدس، فكوفئت بممتلكات وامتيازات ومستعمرات تجارية في أكثر البلاد المحيطة بالبحر المتوسط. وأقيمت حول المدينة أسوار جديدة، لمّا حاول الامبراطور فريدريك بربروسا الاستيلاء عليها، وما تزال بعض بقاياها بادية للعيان إلى اليوم.
جمهورية جنوة: في أواخر القرن الثاني عشر، اتفق أثرياء المدينة على تعيين رئيس لها Podesta عن طريق الانتخاب مدة عام واحد، ودخلت في صراع شديد مع منافستيها بيزا[ر] والبندقية[ر] من أجل السيطرة على الطرق التجارية البحرية في المتوسط، ونجحت في ذلك. وبلغت أوج ازدهارها في أواخر القرن الثالث عشر، مع ما أحرزته من تقدم في مجالات الصناعة والتقانة وفي صناعة الخرائط وأدوات الملاحة، وكانت أول مدينة تسك نقوداً ذهبية في أوربة الغربية (1252م) وأول مدينة تعبِّد طرقاتها، واتسع نفوذها حتى البحر الأسود وفارس وأواسط آسيا وأطراف الصين.
غير أن الثروة والنفوذ كانا من أسباب تنافس الأسر الغنية فيها على السلطة، وفي القرن الرابع عشر أعلنت جنوة دوقية، وحمل حاكمها لقب دوق (دوج doge) مدى الحياة، وأبعدت الأسر «النبيلة» عن البلاط، ولكن الأمور لم تستقر فيها. وضربها الطاعون في العامين 1346- 1348، وأدت حربها المستمرة مع البندقية، وانهيار حليفتها بيزنطة على يد العثمانيين الذين سيطروا على شرقي البحر المتوسط إلى إفلاسها. غير أنها تمكنت من تعويض بعض خسائرها بتوجه أثريائها إلى الغرب بحثاً عن مصادر الثروة، حيث راجت صناعة الحرير وزراعة قصب السكر وصيد السمك، وتمكن المواطن الجنوي كريستوفر كولومبس من شق طريقه إلى العالم الجديد، وتبعه كثيرون من أبناء جلدته.
تحولت جنوة إلى محمية إسبانية تحت حكم آل هابسبورغ عام 1528، وغدت جمهورية أرستقراطية تتمتع بنفوذ مالي كبير، ويحكمها دوقات منتخبون لمدة عامين، غير أن سوء الإدارة والاستغلال الجائر لجزيرة كورسيكة أوقع الجمهورية في مشكلات مالية ضخمة وعرّضها للاضطرابات والتدخل من جانب دوقية سافوا وفرنسة، واستمر الأمر على هذا النحو حتى عام 1649، حين خرجت جنوة من دائرة النفوذ الإسباني وخضعت لوصاية لويس الرابع عشر. وفي عام 1746 احتلت النمسة جنوة ثم خرجت منها إثر ثورة شعبية. وفي عام 1797 صار اسمها جمهورية ليغورية الديمقراطية، وفرض عليها نابليون حصاراً عام 1800، ثم ألحقها بفرنسة سنة 1805. وثار الجنويون سنة 1814 على أمل استرداد حريتهم، لكن مؤتمر فيينة قرر ضمها إلى مملكة سردينية، ولم يفقدها هذا الضم مكانتها، فاتسعت مصالحها وازدهرت مؤسساتها وغدت المرفأ الرئيسي لجميع إيطالية.
جنوة في العصر الحاضر: أسهم مواطنو جنوة في النضال من أجل الوحدة الإيطالية، وكانت ضاحية كوارتو Quarto القريبة من جنوة نقطة انطلاق حملة غاريبالدي عام 1860. وظلت جنوة تتمتع بمركزها المميز بعد الوحدة، فأعيد بناء مرافقها ومينائها، واتسعت فيها الصناعات الثقيلة، وكانت مسرحاً لحركات المقاومة السرية ضد الفاشية في الحرب العالمية الثانية، وأول مدينة في الشمال الإيطالي تتحرر من القوات الألمانية قبل وصول الحلفاء، وقد تعرض ميناؤها للتدمير الشديد نتيجة قصف الحلفاء جواً وبحراً.
معالم المدينة
تتمتع جنوة اليوم بمركز تجاري ومالي مرموق، وتعد ثاني أكبر الموانئ على البحر المتوسط بعد مرسيلية. وتنشط فيها صناعة السفن ومحركاتها، وصناعة الحديد والفولاذ والدهانات والقاطرات والبتروكيمياويات ومعامل الورق والمنظفات والإسمنت والأسمدة، إلى جانب العديد من المصارف وبيوت المال ومؤسسات التأمين ومطار صغير. أما أشهر معالمها فمنتجع الليدو على ساحل البحر، وقصر الدوقات، وقصور آل دوريا الملونة وكنيسة القديس ماثيو وقصر البلدية ومبنى الجامعة، وفي جنوة صالتان ضخمتان في قصرين مميزين مخصصتان للمعارض واللوحات الفنية لمشاهير الفنانين الإيطاليين والفلمنكيين، إضافة إلى عدد كبير من المتاحف، وخاصة متحف الفن الشرقي ومنزل كريستوف كولومبس، ومقبرة تضم عدداً من الأوابد والأضرحة لكبار مشاهير المدينة.
محمد وليد الجلاد