مهرجان بيروت للصورة.. شهادات على الزمن والتاريخ
دارين حوماني
فوتوغراف
ملصقات معارض المهرجان
شارك هذا المقال
حجم الخط
بمبادرة من "جمعية مهرجان الصورة – ذاكرة" وبالشراكة مع "دار المصور" (بيروت) و"اتحاد المصوّرين العرب" افتتحت "جمعية مهرجان الصورة – ذاكرة" النسخة الثانية من "مهرجان بيروت للصورة"، وهو المهرجان الأول من نوعه في تاريخ لبنان ومن التجارب الرائدة في العالم العربي. يهدف المهرجان إلى خلق مساحة لتعزيز ونشر ثقافة الصورة في لبنان والعالم العربي، وإبراز مواهب الشباب، والتأكيد على دور بيروت كنقطة تفاعل ثقافي وحضاري وإعلامي. كما يهدف إلى التركيز على الصورة كعامل أساسي في أحداث التاريخ وكشف أوجه الحياة الإنسانية المختلفة، وحفظ هذه التجربة ببعديها التوثيقي والفني. يتضمن المهرجان إقامة معارض للصور الفوتوغرافية في بيروت ومختلف المناطق اللبنانية، تنظيم ندوات ولقاءات حوارية حول إشكاليات الصورة، وإقامة برامج التبادل الثقافي في مجال التصوير، وبمشاركة نحو مئة مصوّر.
وكان المهرجان بنسخته الأولى قد انطلق في أيلول/ سبتمبر 2019، وتلقى صورًا من 678 مصورًا من 36 جنسية تقدموا بـ 3884 صورة. اختارت منها اللجنة الفنية 600 صورة لـ 122 مصورًا من 25 جنسية، تم عرض الصور المختارة عام 2019 على مدى خمسة أسابيع وعُرض المهرجان في 25 موقعًا في معارض في بيروت ومدن لبنانية مختلفة كطرابلس وصيدا وصور وبعلبك وحمّانا، كما أقيمت معارض في مساحات خارجية كالكورنيش البحري في بيروت، وفي أسواق بيروت والحمامات الرومانية.
اليوم، يعود المهرجان بعنوان "رحلة عبر الذاكرة" مع ستة معارض في عدد من المناطق اللبنانية. اختارت اللجنة حوالي 600 صورة لـ98 مصوّرًا فوتوغرافيًا من 28 بلدًا و30 جنسية، 66 مصورًا عربيًا و33 مصورًا من دول أجنبية. وتتألف اللجنة من فؤاد الخوري (مصور ومخرج لبناني)، ديمة رعد (دكتورة محاضرة لبنانية ورئيسة قسم الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية ببيروت)، جان- لويس بيرسودير (مصوّر ومحرر صور لبناني فرنسي)، جنين حيدر (محررة صور لبنانية بريطانية)، نوربرت شيلر (مصور صحافي ومؤرشف صور نمساوي- أميركي)، وأحمد بزون (صحافي وكاتب لبناني).
في حديثنا مع مؤسس ومدير "مهرجان بيروت للصورة" ورئيس جمعية "دار المصوّر"، رمزي حيدر، عن الدعم لهذا المهرجان، علّق قائلًا: "لدينا موقف من الصورة. كان المطلوب أن نعمّم ثقافة الصورة وأن نؤسس لمهرجان في بيروت تحديدًا. في ظل هذه الظروف الصعبة واجهنا تحديًا كبيرًا من حيث التمويل لهذا المشروع. عملنا كما يقول المثل ’باللحم الحي’. اشتغل فريق العمل في المهرجان من دون أن يتقاضى أحد أي أجر، حتى طباعة الأعمال المصوّرة كان تمويلها ذاتيًا مع دعم من بعض الأصدقاء والمحبين والمهتمين بالصورة في بيروت. نأمل في أن يكون هذا المهرجان موجودًا سنويًا برغم كل الظروف محليًا وعالميًا. وعلى الرغم من أننا لم نجد من يتبنى هذه الفكرة ولكن نحن كفريق عمل لدينا إصرار على استمرارية المهرجان لعدة أسباب منها تعميم ثقافة الصورة وحضور بيروت كعاصمة ثقافية، عاصمة تهتم بالكلمة وبالصورة وبالشعر وبالمسرح والسينما وكل المسائل التي لها علاقة بالثقافة".
*****
افتُتح المهرجان في الأول من الشهر الجاري ويستمر حتى نهايته، وكان الافتتاح مع معرض "تحية إلى شيرين أبو عاقلة" في "المكتبة الوطنية اللبنانية" في منطقة الصنائع (بيروت)، وهو معرض توثيقي يعرض لخمس وثلاثين صورة من الحجم الكبير للشهيدة أبو عاقلة التي اغتالها قناص من الجيش الإسرائيلي في 11 أيار/ مايو الفائت. صُوَر جسّدت مراحل من حياة الشهيدة منذ طفولتها وحتى استشهادها. وقد تم التعاون مع عدد من المصورين العاملين في فلسطين والتواصل مع عائلتها وكذلك الاستعانة بأرشيف قناة الجزيرة للحصول على الصور. تضمّن المعرض- التحية أيضًًا عرضًا وثائقيًا من إنتاج قناة "الجزيرة" عن شيرين أبو عاقلة بعنوان "اللقاء الأخير"، وسيستمر عرض الوثائقي حتى نهاية الشهر في "المكتبة الوطنية اللبنانية". وقد شارك في إعداد الفيلم عدد من المصورين الفلسطينيين الذين رغبوا في توجيه هذه التحية إلى الصحافية التي ألهمتهم وكانت مرجعًا مهمًا في العمل الصحافي في فلسطين وتغطية جرائم الاحتلال، وهم: عمار عوض، محفوظ أبو ترك، معمر عوض، موسى الشاعر، إياد الطويل، بيان جعبة، جعفر اشتيه، ديالا جويحان، ريناد الشرباتي، عزات جمجوم، فايز أبو رميلة، فواز طوباسي، محمود عليان، مصطفى الخاروف، ناصر ناصر، معاذ الخطيب. سنرى شيرين الطفلة في الكنيسة، وشيرين خلال تغطيتها الصحافية، وشيرين الشهيدة خلال التشييع محاطة بالمحبّين وبجنود الاحتلال، وسنرى صورتها وخلفها قبة الصخرة، ووجهها مثل منحوتة أُعّدت لتكون رمزًا لفلسطين، وكأن وجه شيرين في الصورة هو وجه فلسطين كلها، يحتمل كل الأحاسيس، متحدًا مع خضرة الشجر ورقّة مياه النهر، محمّلًا بحبنا جميعًا، في طريقه ليصبح نجمًا في سمائنا، وسنقرأ على جدار المعرض قرب وجهها "لم يكن ممكنًا أن يقام هذا المهرجان من دون عيون شيرين الساخرة من قاتلها". وقد أعلن وزير الثقافة اللبناني محمد مرتضى خلال الافتتاح عن تخصيص ركن خاص لصورة شيرين أبو عاقلة (مرتدية سترة الصحافة) في المكتبة الوطنية وكُتب عليها "تخليدًا لذكرى الشهيدة المبدعة شيرين نصري أبو عاقلة، بطلة الإعلام الحر والحق والقيم وضحية الغدر الإسرائيلي جرى تثبيت هذه اللوحة على هذا الجدار في المكتبة الوطنية- بيروت". وقد حضرت الافتتاح الصحافية شدا حنايشة التي كانت متواجدة مع أبو عاقلة عند استشهادها، وصرخت طالبة النجدة، وقد سلّمها وزير الثقافة اللبناني درع تقدير من وزارة الثقافة اللبنانية.
وفي اليوم نفسه، افتتح المهرجان معرضًا آخر في "المكتبة الوطنية اللبنانية" بعنوان "ذكرى مدينة" من إنتاج دار المصوّر، ويُقام هذا المعرض تخليدًا لضحايا انفجار مرفأ بيروت، ويضم المعرض أعمالًا للمصورة الفوتوغرافية شيرين يزبك تحت عنوان "ذلك اليوم الذي متُّ فيه". وقد كان لشيرين يزبك معارض متعددة في مختلف دول العالم، ومن أشهر معارضها معرض "مستشفى غزة" في بيروت، والذي يقع على مقربة من مخيم صبرا وكان منذ بدايات الحرب الأهلية اللبنانية (1975) مركزًا طبيًا للفلسطينيين واللبنانيين بالمجان وهو المكان الذي تم وضع جثث ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا فيه في أيلول/ سبتمبر من العام 1982 وفيه تمت معاينة الجرحى، ولكنه اليوم عبارة عن خراب مأهول بعائلات فلسطينية ولبنانية فقيرة وفيه أيضًا صالة لكمال الأجسام، ويستقطب هذا المبنى "المهمل" اليوم المهتمين بتوثيق الحرب في لبنان. وإلى جانب شيرين يزبك سنرى أعمالًا لدار المصوّر ومصوّرين آخرين وثّقوا فيه لحظات الموت والرعب والدمار في 4 آب/ أغسطس 2020. سنتمكن عبر صور هذا المعرض من مشاهدة المأساة كاملة. سنرى أحذية بلا أقدام وأقمشة ممزقة ملطخة بالدم بلا أجساد لتكون هذه الأحذية والأقمشة الممزقة شاهدًا على الأسى الذي أصاب بيروت فوق أساها. ثمة أيضًا صور لقطع متناثرة من حطام الأبنية والأمكنة. هنا الألم على حقيقته بين هذه الصور التوثيقية لانفجار قلب بيروت، لوجع لا يزال مستمرًا حتى الآن.
المعرض الثالث بعنوان "طهران، القدس، بيروت- رحلة ألفرد"، للمصور الإيراني الفرنسي ألفرد يعقوب زاده يجسّد فيه "رحلة بين آلام وآمال ثلاث دول" منذ ثمانينيات القرن الماضي. افتُتح المعرض في الثاني من هذا الشهر في مبنى جريدة "السفير" في منطقة الحمرا ببيروت. ويعقوب زاده من أسرة أرمينية- آشورية وعُرف بدايةً من خلال تصويره لأحداث الثورة الإيرانية عام 1979 ثم الحرب الإيرانية- العراقية حيث عمل في أهم وكالات الأنباء العالمية، وغطى يعقوب زاده الحرب الأهلية اللبنانية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، كما غطى النزاعات المسلحة والحروب في العديد من الدول منها كوبا، أفغانستان، الصومال، أوزبكستان، وغيرها من الدول، وقد أصيب أثناء تغطيته للحرب الأهلية اللبنانية كما أصيب في الشيشان وأصيب أيضًا أثناء تغطيته الثورة المصرية عام 2011. وكان يعقوب زاده قد اختطف عام 2006 مع الصحافية الفرنسية كارولين لوران على يد فصيل فلسطيني في غزة أثناء عملهما على قصة حول حياة النساء الفلسطينيات للمجلة الفرنسية "إل" Elle. وعمل يعقوب زاده على توثيق الطقوس الدينية في 24 دولة على مدار عقد من الزمان. ونشر عددًا من الكتب المصورة منها "مسيحيو العالم" و"الأقلية الدينية الإيرانية" و"حرب إيران والعراق"، و"وعد السلام". وقد فاز أيضًا بالعديد من جوائز التصوير العالمية. من صوره في هذا المعرض، شاب يحاول تسلق جدار الفصل العنصري، وصورة أخرى لجندي إسرائيلي يمسك برأس مسنّ فلسطيني، وصورة لجنود إسرائيليين يجلسون متعبين في حافلة. أيضًا هناك صورة لمبنى محطّم وصورة لدبابة وصورة لفلاح يحرث أرضه مع حصان وتظهر الجبال المكللة بالثلوج في خلفية الصورة.
المعرض الرابع هو "فلسطين.. حياة بعيون المصور خليل رعد: معرض تكريمي" الذي افتُتح في الثامن من هذا الشهر بالتعاون مع مؤسسة الدراسات الفلسطينية (فردان- بيروت) في قاعة المعارض في مؤسسة الدراسات، ويتضمن صورًا تاريخية من أرشيف المصور خليل رعد، توثّق الحياة اليومية ومشاهد طبيعية وصورًا من المدن والقرى الفلسطينية منذ ما قبل النكبة وبعدها. وخليل رعد (1857-1957) مصوّر فلسطيني ولد في بحمدون بلبنان، وهو عميد المصورين الفوتوغرافيين الفلسطينيين، ترعرع في القدس وتتلمذ على يد مصور أرمني يدعى جاربيد كريكوريان قبل أن يدرس فن التصوير في مدينة بازل بسويسرا، ويبدأ التصوير عام 1891 منطلقًا من استوديو افتتحه في شارع يافا بالقدس. وكان رعد مصورًا عثمانيًا رسميًا وكان توثيق الحرب العالمية الأولى مشروعه التوثيقي الأول. ترك خليل رعد ما يزيد عن 3000 صورة وثّقت لجوانب مختلفة من الحياة اليومية والاجتماعية في المدن والقرى الفلسطينية قبل وبعد الاحتلال الإسرائيلي إضافة إلى الأحداث والشخصيات السياسية ما جعل صوره تشكّل إرثًا فوتوغرافيًا وطنيًا مهمًا.
في افتتاح هذا المعرض لخليل رعد ألقى كلمة مؤسسة الدراسات الفلسطينية رئيس تحرير "مجلة الدراسات الفلسطينية"، الروائي إلياس خوري، فقال: "النضال والصمود وإرادة الحياة تجمعنا كلنا، الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين وجميع شعوب المنطقة العربية.. الشعب الفلسطيني ضحية، والتلاقي بين صور خليل رعد وشيرين أبو عاقلة، يكمن في أن رعد يتحدث عن الماضي، فصوره عن الزمن العثماني والانتداب البريطاني، وشيرين تتكلم عن الحاضر، والعلاقة بين الحاضر والماضي هي علاقة تواصُل. والمشروع الصهيوني ومشروع الاستبداد العربي كانا يريدان فصل الماضي عن الحاضر، وكأن الماضي مضى والحاضر مضى". وأكد خوري "إن لم يكن لدينا حاضر، لن يكون لدينا ماض، نشاهد صور خليل رعد اليوم، لأن أناسًا مثل شيرين أبو عاقلة وإبراهيم النابلسي موجودون في فلسطين، وهكذا نرى التواصل، ونرى أن تاريخنا لم ينكسر، وهو مستمر وحيٌّ، ونحن قادرون، إذا امتلكنا رؤية صحيحة، وإذا امتلكنا الحب لهذه البلاد، على الخروج من هذه المأساة التي نحن فيها".
بدوره، قال مدير المهرجان رمزي حيدر، إن "الصورة شاهد على التاريخ، وجزء كبير من الجيل الجديد لا يعرف فلسطين، لكن فلسطين في ذاكرته من خلال صور أجداده، وصور القرى والمدن، فالصورة شاهد على الزمن". ويشمل المعرض 64 صورة من مجموعة خليل رعد المكونة من نحو 3000 صورة، متوفرة في قسم الأرشيف والتوثيق في مكتبة قسطنطين زريق في مؤسسة الدراسات الفلسطينية. وتمثّل الصور المعروضة جوانب من حياة الشعب الفلسطيني خلال الفترة العثمانية والانتداب البريطاني، وقد قُسّمت هذه الجوانب إلى أربعة أقسام: فلسطين.. الحياة؛ مناظر طبيعية؛ مشاهد ممسرحة؛ وفلسطين.. الاحتلال.
وفي السادس عشر من الشهر الجاري افتتح "المعرض العام لمهرجان بيروت للصورة-2022 - الذاكرة"، ويتضمن مشاريع تصوير متنوعة لـ38 مصورًا من أنحاء العالم، يجمعها محور "الذاكرة"، وتختلف بين التحقيقات الإخبارية والقصص الشخصية الحميمية وفولكلور وثقافات لشعوب متنوعة. سنرى فتاة تلبس الأحمر في سيارة محطمة "لأولئك الذين يعيشون داخل لبنان وخارجه" للمصورة اللبنانية رانيا مطر، وصورة لفتاتين، إحداهما بثياب البحر، والثانية ترتدي الحجاب على شاطئ بحر بيروت للمصورة الأميركية أليكس فيتش، ومشفى مهجورًا في تبليسي عاصمة جورجيا تعيش فيه 150 عائلة دون مأوى للمصور الأميركي جاكوب بوردن، وامرأة مسنة في بيروت للمصور الإيطالي فرانشسكو نيكستري، ومن روسيا صورة لفتاة بين مجموعة من الحيوانات في مزرعة روسية للمصورة الروسية جوليا نفسكايا، وغيرها الكثير من الصور التي تعرّفنا على ثقافات الشعوب وعلى مقاسات الحزن والبؤس المختلفة من بلد لآخر.
المعرض الأخير "شاهد على الزمن الجميل" لعدنان ناجي سيتم افتتاحه في 22 من هذا الشهر. وقد فتح عدنان ناجي أرشيفه لعرض صور النجوم اللبنانيين والعرب من ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، فيروز وأم كلثوم وصباح وشوشو وسميرة توفيق وغيرهم من الأسماء التي ملأت الوسط الفني بالجمال والإبداع. وكان عدنان ناجي قد عُرف بالتقاطه لأجمل الصور وأشهرها للفنانات والفنانين.
يُذكر أن موقع وصفحة مهرجان بيروت للصورة على مواقع التواصل الاجتماعي تعرض العديد من هذه الصور، وهي:
https://beirutimagefestival.org/ar/ara-home-new/
https://www.facebook.com/BeirutImageFestival
https://www.instagram.com/bif_beirut_image_festival/
دارين حوماني
فوتوغراف
ملصقات معارض المهرجان
شارك هذا المقال
حجم الخط
بمبادرة من "جمعية مهرجان الصورة – ذاكرة" وبالشراكة مع "دار المصور" (بيروت) و"اتحاد المصوّرين العرب" افتتحت "جمعية مهرجان الصورة – ذاكرة" النسخة الثانية من "مهرجان بيروت للصورة"، وهو المهرجان الأول من نوعه في تاريخ لبنان ومن التجارب الرائدة في العالم العربي. يهدف المهرجان إلى خلق مساحة لتعزيز ونشر ثقافة الصورة في لبنان والعالم العربي، وإبراز مواهب الشباب، والتأكيد على دور بيروت كنقطة تفاعل ثقافي وحضاري وإعلامي. كما يهدف إلى التركيز على الصورة كعامل أساسي في أحداث التاريخ وكشف أوجه الحياة الإنسانية المختلفة، وحفظ هذه التجربة ببعديها التوثيقي والفني. يتضمن المهرجان إقامة معارض للصور الفوتوغرافية في بيروت ومختلف المناطق اللبنانية، تنظيم ندوات ولقاءات حوارية حول إشكاليات الصورة، وإقامة برامج التبادل الثقافي في مجال التصوير، وبمشاركة نحو مئة مصوّر.
"يعود المهرجان بعنوان "رحلة عبر الذاكرة" مع ستة معارض. اختارت اللجنة حوالي 600 صورة لـ98 مصوّرًا فوتوغرافيًا من 28 بلدًا و30 جنسية، 66 مصورًا عربيًا و33 مصورًا من دول أجنبية" |
اليوم، يعود المهرجان بعنوان "رحلة عبر الذاكرة" مع ستة معارض في عدد من المناطق اللبنانية. اختارت اللجنة حوالي 600 صورة لـ98 مصوّرًا فوتوغرافيًا من 28 بلدًا و30 جنسية، 66 مصورًا عربيًا و33 مصورًا من دول أجنبية. وتتألف اللجنة من فؤاد الخوري (مصور ومخرج لبناني)، ديمة رعد (دكتورة محاضرة لبنانية ورئيسة قسم الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية ببيروت)، جان- لويس بيرسودير (مصوّر ومحرر صور لبناني فرنسي)، جنين حيدر (محررة صور لبنانية بريطانية)، نوربرت شيلر (مصور صحافي ومؤرشف صور نمساوي- أميركي)، وأحمد بزون (صحافي وكاتب لبناني).
الصحافية شدا حنايشة ودرع التقدير الذي تسلمته من وزارة الثقافة اللبنانية وصورة الشهيدة شيرين أبو عاقلة في المكتبة الوطنية اللبنانية |
في حديثنا مع مؤسس ومدير "مهرجان بيروت للصورة" ورئيس جمعية "دار المصوّر"، رمزي حيدر، عن الدعم لهذا المهرجان، علّق قائلًا: "لدينا موقف من الصورة. كان المطلوب أن نعمّم ثقافة الصورة وأن نؤسس لمهرجان في بيروت تحديدًا. في ظل هذه الظروف الصعبة واجهنا تحديًا كبيرًا من حيث التمويل لهذا المشروع. عملنا كما يقول المثل ’باللحم الحي’. اشتغل فريق العمل في المهرجان من دون أن يتقاضى أحد أي أجر، حتى طباعة الأعمال المصوّرة كان تمويلها ذاتيًا مع دعم من بعض الأصدقاء والمحبين والمهتمين بالصورة في بيروت. نأمل في أن يكون هذا المهرجان موجودًا سنويًا برغم كل الظروف محليًا وعالميًا. وعلى الرغم من أننا لم نجد من يتبنى هذه الفكرة ولكن نحن كفريق عمل لدينا إصرار على استمرارية المهرجان لعدة أسباب منها تعميم ثقافة الصورة وحضور بيروت كعاصمة ثقافية، عاصمة تهتم بالكلمة وبالصورة وبالشعر وبالمسرح والسينما وكل المسائل التي لها علاقة بالثقافة".
*****
"كان الافتتاح مع معرض "تحية إلى شيرين أبو عاقلة" في "المكتبة الوطنية اللبنانية" في منطقة الصنائع (بيروت)، وهو معرض توثيقي يعرض لخمس وثلاثين صورة من الحجم الكبير للشهيدة أبو عاقلة" |
وفي اليوم نفسه، افتتح المهرجان معرضًا آخر في "المكتبة الوطنية اللبنانية" بعنوان "ذكرى مدينة" من إنتاج دار المصوّر، ويُقام هذا المعرض تخليدًا لضحايا انفجار مرفأ بيروت، ويضم المعرض أعمالًا للمصورة الفوتوغرافية شيرين يزبك تحت عنوان "ذلك اليوم الذي متُّ فيه". وقد كان لشيرين يزبك معارض متعددة في مختلف دول العالم، ومن أشهر معارضها معرض "مستشفى غزة" في بيروت، والذي يقع على مقربة من مخيم صبرا وكان منذ بدايات الحرب الأهلية اللبنانية (1975) مركزًا طبيًا للفلسطينيين واللبنانيين بالمجان وهو المكان الذي تم وضع جثث ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا فيه في أيلول/ سبتمبر من العام 1982 وفيه تمت معاينة الجرحى، ولكنه اليوم عبارة عن خراب مأهول بعائلات فلسطينية ولبنانية فقيرة وفيه أيضًا صالة لكمال الأجسام، ويستقطب هذا المبنى "المهمل" اليوم المهتمين بتوثيق الحرب في لبنان. وإلى جانب شيرين يزبك سنرى أعمالًا لدار المصوّر ومصوّرين آخرين وثّقوا فيه لحظات الموت والرعب والدمار في 4 آب/ أغسطس 2020. سنتمكن عبر صور هذا المعرض من مشاهدة المأساة كاملة. سنرى أحذية بلا أقدام وأقمشة ممزقة ملطخة بالدم بلا أجساد لتكون هذه الأحذية والأقمشة الممزقة شاهدًا على الأسى الذي أصاب بيروت فوق أساها. ثمة أيضًا صور لقطع متناثرة من حطام الأبنية والأمكنة. هنا الألم على حقيقته بين هذه الصور التوثيقية لانفجار قلب بيروت، لوجع لا يزال مستمرًا حتى الآن.
"في معرض "ذكرى مدينة" سنرى أحذية بلا أقدام وأقمشة ممزقة ملطخة بالدم بلا أجساد لتكون هذه الأحذية والأقمشة الممزقة شاهدًا على الأسى الذي أصاب بيروت فوق أساها. ثمة أيضًا صور لقطع متناثرة من حطام الأبنية والأمكنة. هنا الألم على حقيقته بين هذه الصور التوثيقية لانفجار قلب بيروت" |
من الصور المعروضة: سميرة توفيق بعدسة المصور اللبناني عدنان ناجي، وصورة من ثورة تشرين في لبنان للمصور الإسباني دييغو إيبارا شانسيز |
المعرض الرابع هو "فلسطين.. حياة بعيون المصور خليل رعد: معرض تكريمي" الذي افتُتح في الثامن من هذا الشهر بالتعاون مع مؤسسة الدراسات الفلسطينية (فردان- بيروت) في قاعة المعارض في مؤسسة الدراسات، ويتضمن صورًا تاريخية من أرشيف المصور خليل رعد، توثّق الحياة اليومية ومشاهد طبيعية وصورًا من المدن والقرى الفلسطينية منذ ما قبل النكبة وبعدها. وخليل رعد (1857-1957) مصوّر فلسطيني ولد في بحمدون بلبنان، وهو عميد المصورين الفوتوغرافيين الفلسطينيين، ترعرع في القدس وتتلمذ على يد مصور أرمني يدعى جاربيد كريكوريان قبل أن يدرس فن التصوير في مدينة بازل بسويسرا، ويبدأ التصوير عام 1891 منطلقًا من استوديو افتتحه في شارع يافا بالقدس. وكان رعد مصورًا عثمانيًا رسميًا وكان توثيق الحرب العالمية الأولى مشروعه التوثيقي الأول. ترك خليل رعد ما يزيد عن 3000 صورة وثّقت لجوانب مختلفة من الحياة اليومية والاجتماعية في المدن والقرى الفلسطينية قبل وبعد الاحتلال الإسرائيلي إضافة إلى الأحداث والشخصيات السياسية ما جعل صوره تشكّل إرثًا فوتوغرافيًا وطنيًا مهمًا.
"قيل في افتتاح معرض "فلسطين.. حياة بعيون المصور خليل رعد: معرض تكريمي": "الشعب الفلسطيني ضحية، والتلاقي بين صور خليل رعد وشيرين أبو عاقلة، يكمن في أن رعد يتحدث عن الماضي، فصوره عن الزمن العثماني والانتداب البريطاني، وشيرين تتكلم عن الحاضر، والعلاقة بين الحاضر والماضي هي علاقة تواصُل"" |
بدوره، قال مدير المهرجان رمزي حيدر، إن "الصورة شاهد على التاريخ، وجزء كبير من الجيل الجديد لا يعرف فلسطين، لكن فلسطين في ذاكرته من خلال صور أجداده، وصور القرى والمدن، فالصورة شاهد على الزمن". ويشمل المعرض 64 صورة من مجموعة خليل رعد المكونة من نحو 3000 صورة، متوفرة في قسم الأرشيف والتوثيق في مكتبة قسطنطين زريق في مؤسسة الدراسات الفلسطينية. وتمثّل الصور المعروضة جوانب من حياة الشعب الفلسطيني خلال الفترة العثمانية والانتداب البريطاني، وقد قُسّمت هذه الجوانب إلى أربعة أقسام: فلسطين.. الحياة؛ مناظر طبيعية؛ مشاهد ممسرحة؛ وفلسطين.. الاحتلال.
وفي السادس عشر من الشهر الجاري افتتح "المعرض العام لمهرجان بيروت للصورة-2022 - الذاكرة"، ويتضمن مشاريع تصوير متنوعة لـ38 مصورًا من أنحاء العالم، يجمعها محور "الذاكرة"، وتختلف بين التحقيقات الإخبارية والقصص الشخصية الحميمية وفولكلور وثقافات لشعوب متنوعة. سنرى فتاة تلبس الأحمر في سيارة محطمة "لأولئك الذين يعيشون داخل لبنان وخارجه" للمصورة اللبنانية رانيا مطر، وصورة لفتاتين، إحداهما بثياب البحر، والثانية ترتدي الحجاب على شاطئ بحر بيروت للمصورة الأميركية أليكس فيتش، ومشفى مهجورًا في تبليسي عاصمة جورجيا تعيش فيه 150 عائلة دون مأوى للمصور الأميركي جاكوب بوردن، وامرأة مسنة في بيروت للمصور الإيطالي فرانشسكو نيكستري، ومن روسيا صورة لفتاة بين مجموعة من الحيوانات في مزرعة روسية للمصورة الروسية جوليا نفسكايا، وغيرها الكثير من الصور التي تعرّفنا على ثقافات الشعوب وعلى مقاسات الحزن والبؤس المختلفة من بلد لآخر.
""المعرض العام لمهرجان بيروت للصورة-2022 - الذاكرة"، يتضمن مشاريع تصوير متنوعة لـ38 مصورًا من أنحاء العالم، يجمعها محور "الذاكرة"، صور ستعرّفنا على ثقافات الشعوب وعلى مقاسات الحزن والبؤس المختلفة من بلد لآخر" |
يُذكر أن موقع وصفحة مهرجان بيروت للصورة على مواقع التواصل الاجتماعي تعرض العديد من هذه الصور، وهي:
https://beirutimagefestival.org/ar/ara-home-new/
https://www.facebook.com/BeirutImageFestival
https://www.instagram.com/bif_beirut_image_festival/