مع كورال "أرجوان" السوري.. ليلة حالمة
أحمد عزيز الحسين
موسيقى
فرقة "أرجوان"
شارك هذا المقال
حجم الخط
ليلة حالمة أمضيناها بصحبة فرقة (أرجوان) الطّرطوسيّة وقائدها المايسترو، بِشْر عيسى، وعازفة البيانو، شذى طعمة؛ حيث أتيح لأرواحنا الظّمأى أن تحلّق معهما في سماء الملكوت، وأن تنعم بالحياة والأمل بعد أن أصابها القحط واليباس بفعل الحرب التي التهمت الأخضر واليابس، وتركت في القلوب حزنًا ممضًّا، وجراحًا لا تندمل. وقد حلّقنا بصحبتهما في سماء الفنّ الخالد عبر مقطوعات كورالية متنوِّعة، وأداء فنيّ رفيع لفرقتهما الفنيّة الشّابّة التي أمست توأمًا فنيًّا لفرقتين فنيّتين عالميّتين هما: (كورال كوراييس Korais Choir اليونانيّ من مدينة تسالونيكي)، و(أوركسترا شباب فينيسيا - البندقيّة- التّابعة لمدينة ومقاطعة فينيسيا GIOVANE ORCHESTRA METROPOLITANA ـ إيطاليا)، وقد توزّعت الأغاني التي قدّمتها الفرقةُ الكورالية الشّابّة على مسرح المركز الثّقافيّ العربيّ في طرطوس بين التّراث العربيّ (لمّا بدا يتثنّى)، والتّراث الشّاميّ (يا لور حبّك/ أسمر اللّون)، والتّراث الفراتيّ (عالمايا)، وتراث السّاحل السّوريّ (على روض الحبيب/ على دلعونا)، كما اختارت من تراث سيد درويش الخالد أغنية سياسية ذات دلالة باهرة عنوانها (أهو دا اللي صار)، وممّا تركه الملحِّن اللبنانيّ المتميّز زكي ناصيف اختارت أغنية ( نقّيلي أحلى زهرة) بتوزيع جديد لإدوار توريكيان، ثمّ انعطفت الفرقة إلى التّراث البلقانيّ، فاقتطفتْ نموذجًا بديعًا منه هو(Sto mi e milo/ لو كان عندي دكان)، ثمّ ولجت التُّراث الأفريقيّ، فاختارت أغنية ثوريّة كثيرة الانتشار عالميًّا هي (Shosho Loza)، طالما صدح بها نيلسون مانديلا، وهو في سجنه، وأكملت رحلتها إلى الفولكلور الإيطاليّ فقدّمت نموذجًا رهيفًا منه هو (Vitti Na Crozza/ حارس المدفع)، ثمّ عادت إلى التّراث اليونانيّ، واختارت أغنية رهيفة منه تنضح بالرّقّة والشّغف عنوانها (Ekheya Panaya/ وداعًا يا سيّدتي)، وأكملت رحلتها باتّجاه تراث أميركا الجنوبيّة، حيث اختارت من أغانيها الفولكلوريّة الشّائعة أغنية (La Paloma/ الحمامة)، وهي أغنية كثيرة الذُّيوع والانتشار في كوبا والمكسيك معًا، وقد ختمت الفرقةُ رحلتها البانوراميّة الشّائقة بأغنية (Koni/ الأحصنة) التي تتمحور حول ثيمة الحبّ، وتدّعي كلّ من روسيا وأوكرانيا ملكيّتها التُّراثيّة!!!
الجدير بالذّكر أنّ بشر عيسى وشذى طعمة أسّسا كورال (أرجوان) في مدينة طرطوس في عام 2015، وتضمّ برامجه مجموعة كبيرة من أشهر الأعمال الكوراليّة وأغاني الشعوب. وقد حرص الثّنائيّ بشر وطعمة على أن تمثِّل أغاني فرقتهما مختلف العصور والأنماط الموسيقيّة، فضلًا عن حرصهما على اختيار أجمل الأغاني والموشَّحات العربيّة، حيث تصدح جوقات الفرقة الثّلاث بأكثر من 20 لغة من لغات العالم اليوم، وتعتمد جميعُها الأسلوب المتعدِّد الأصوات والموزَّع هارمونيًّا.
ويُعدُّ كورال (أرجوان) اليوم بجوقاته الثّلاث واحدًا من أكبر الكورالات العربيّة وكورالات الشّرق الأوسط، حيث يضمُّ في صفوفه ما يزيد على 250 عضوًا مقسَّمين إلى 3 جوقات بحسب الفئات العمريّة : (كورال أرجوان الكبار)، و(كورال أرجوان اليافعين)، و(كورال أرجوان الأطفال). وأفلح (أرجوان) في الحصول على عضويّة وزمالة الاتّحاد العالميّ للموسيقى الكوراليّة (IFCM)، كما نال عضويّة شبكة الكورالات العربيّة (ACN)، وعضويّة شبكة الكورالات العالميّة (Choir Place).
كما أتيح له بسبب مثابرته ودأبه، الحصول على مجموعة من الجوائز العالميّة أيضًا: جائزة المركز الأوّل Grand Prix على 40 كورالًا من جميع أنحاء العالم في مسابقة المهرجان العالميّ "معًا في القرن الحادي والعشرين/ Together in XXIst c" في صوفيا ببلغاريا في يونيو/ حزيران 2021، والميداليّة الفضّيّة في أكبر مهرجان كوراليّ في العالم (بمشاركة 250 كورالًا من جميع أنحاء العالم World Peace Choral Festival) في فيينا عاصمة النّمسا في شهر يوليو/ تمّوز من عام 2021، وجائزة غصن الزّيتون الذهبّي بوصفه أفضل كورال أجنبيّ في "مهرجان الكورال العالميّ للمسرح الموسيقيّ" في مدينة تسالونيكي ـ اليونان في عام 2019.
أمّا قائد هذا الكورال المتميّز، ومدرِّبه أيضًا، فهو بِشْر عيسى، الذي ولد في دمشق عام 1974، وحصل على درجة ماجستير في الهندسة الجيوتكنيكيّة، ويحمل إجازة في الموسيقى من المعهد العالي للموسيقى في العزف على التّرومبيت والعود. وهو مؤلّف وموزِّع موسيقيّ، وعازف ترومبيت وقائد كورال، وباحث وكاتب ومحاضر في الموسيقى الكلاسيكيّة، وفلسفة الفنّ. وقد عمل مدّة 15 عامًا مغنيًّا من طبقة تينور، ومديرًا إداريًّا لكورال (الحجرة) التّابع للمعهد العالي للموسيقى، وقاد الكورال بين عامي 2013 و2015، كما عمل عازف ترومبيت في الأوركسترا السّيمفونيّة الوطنيّة السّوريّة بين عامي 2000 و2015، وأستاذًا محاضرًا في علم الجمال وفلسفة الفنّ والموسيقى في المعهد العالي للموسيقى بين عامي 2009 و2015. ثمّ انتقل للعيش في مدينة طرطوس في عام 2015 بسبب الحرب، وهناك أسّس "جمعيّة أصدقاء الموسيقى في طرطوس"، و"كورال أرجوان" للغناء متعدِّد الأصوات بجوقاته الثّلاث. وهو فضلًا عن ذلك مؤلِّف وموزِّع للعديد من المقطوعات الغنائيّة العربيّة والغربيّة التي غنّاها ويغنِّيها عدد من الكورالات العربيّة، والتي تنشرها له دار النّشر الكنديّة Dozan World، كما أنّه عضو في الجمعيّة الأوروبيّة للكورال(ECA) European Choral Association، وعضو الاتّحاد العالميّ للموسيقى الكوراليّة International Federation of Choral Music، وله عدد من المقالات حول الموسيقى وفلسفة الفنّ في الصُّحف والمجلّات السّورية والعربيّة.
أمّا شذى طعمة فهي مديرة كورال "أرجوان"، وعازفة البيانو فيه، وقد بدأت بدراسة البيانو منذ الثّامنة من عمرها في طرطوس، ثمّ تابعت دراستها الموسيقيّة في معهد "بالي" الموسيقيّ في حلب. وتخرّجت في المعهد العاليّ للموسيقى في عام 2002 باختصاص رئيس على آلة البيانو، وباختصاص ثانويّ في العزف على آلة "الفلوت". وقد شاركت في عدد من الحفلات والأمسيات الموسيقيّة الكلاسيكيّة بوصفها عازفة بيانو منفردة (صولو)، وعازفة مرافقة مع عدد من العازفين والفرق الكلاسيكيّة الصّغيرة. لها عدد من الدُّروس التّعليميّة الموسيقيّة المصوَّرة مع الفضائيّة التّربويّة السّوريّة، وقد عملت، ولا تزال، في حقل التّعليم والتّأهيل والإعداد الموسيقيّ للأطفال.
* كاتب سوري.
أحمد عزيز الحسين
موسيقى
فرقة "أرجوان"
شارك هذا المقال
حجم الخط
ليلة حالمة أمضيناها بصحبة فرقة (أرجوان) الطّرطوسيّة وقائدها المايسترو، بِشْر عيسى، وعازفة البيانو، شذى طعمة؛ حيث أتيح لأرواحنا الظّمأى أن تحلّق معهما في سماء الملكوت، وأن تنعم بالحياة والأمل بعد أن أصابها القحط واليباس بفعل الحرب التي التهمت الأخضر واليابس، وتركت في القلوب حزنًا ممضًّا، وجراحًا لا تندمل. وقد حلّقنا بصحبتهما في سماء الفنّ الخالد عبر مقطوعات كورالية متنوِّعة، وأداء فنيّ رفيع لفرقتهما الفنيّة الشّابّة التي أمست توأمًا فنيًّا لفرقتين فنيّتين عالميّتين هما: (كورال كوراييس Korais Choir اليونانيّ من مدينة تسالونيكي)، و(أوركسترا شباب فينيسيا - البندقيّة- التّابعة لمدينة ومقاطعة فينيسيا GIOVANE ORCHESTRA METROPOLITANA ـ إيطاليا)، وقد توزّعت الأغاني التي قدّمتها الفرقةُ الكورالية الشّابّة على مسرح المركز الثّقافيّ العربيّ في طرطوس بين التّراث العربيّ (لمّا بدا يتثنّى)، والتّراث الشّاميّ (يا لور حبّك/ أسمر اللّون)، والتّراث الفراتيّ (عالمايا)، وتراث السّاحل السّوريّ (على روض الحبيب/ على دلعونا)، كما اختارت من تراث سيد درويش الخالد أغنية سياسية ذات دلالة باهرة عنوانها (أهو دا اللي صار)، وممّا تركه الملحِّن اللبنانيّ المتميّز زكي ناصيف اختارت أغنية ( نقّيلي أحلى زهرة) بتوزيع جديد لإدوار توريكيان، ثمّ انعطفت الفرقة إلى التّراث البلقانيّ، فاقتطفتْ نموذجًا بديعًا منه هو(Sto mi e milo/ لو كان عندي دكان)، ثمّ ولجت التُّراث الأفريقيّ، فاختارت أغنية ثوريّة كثيرة الانتشار عالميًّا هي (Shosho Loza)، طالما صدح بها نيلسون مانديلا، وهو في سجنه، وأكملت رحلتها إلى الفولكلور الإيطاليّ فقدّمت نموذجًا رهيفًا منه هو (Vitti Na Crozza/ حارس المدفع)، ثمّ عادت إلى التّراث اليونانيّ، واختارت أغنية رهيفة منه تنضح بالرّقّة والشّغف عنوانها (Ekheya Panaya/ وداعًا يا سيّدتي)، وأكملت رحلتها باتّجاه تراث أميركا الجنوبيّة، حيث اختارت من أغانيها الفولكلوريّة الشّائعة أغنية (La Paloma/ الحمامة)، وهي أغنية كثيرة الذُّيوع والانتشار في كوبا والمكسيك معًا، وقد ختمت الفرقةُ رحلتها البانوراميّة الشّائقة بأغنية (Koni/ الأحصنة) التي تتمحور حول ثيمة الحبّ، وتدّعي كلّ من روسيا وأوكرانيا ملكيّتها التُّراثيّة!!!
"توزّعت الأغاني التي قدّمتها الفرقةُ الكورالية الشّابّة على مسرح المركز الثّقافيّ العربيّ في طرطوس بين التّراث العربيّ (لمّا بدا يتثنّى)، والتّراث الشّاميّ (يا لور حبّك/ أسمر اللّون)، والتّراث الفراتيّ (عالمايا)، وتراث السّاحل السّوريّ (على روض الحبيب/ على دلعونا)" |
الجدير بالذّكر أنّ بشر عيسى وشذى طعمة أسّسا كورال (أرجوان) في مدينة طرطوس في عام 2015، وتضمّ برامجه مجموعة كبيرة من أشهر الأعمال الكوراليّة وأغاني الشعوب. وقد حرص الثّنائيّ بشر وطعمة على أن تمثِّل أغاني فرقتهما مختلف العصور والأنماط الموسيقيّة، فضلًا عن حرصهما على اختيار أجمل الأغاني والموشَّحات العربيّة، حيث تصدح جوقات الفرقة الثّلاث بأكثر من 20 لغة من لغات العالم اليوم، وتعتمد جميعُها الأسلوب المتعدِّد الأصوات والموزَّع هارمونيًّا.
ويُعدُّ كورال (أرجوان) اليوم بجوقاته الثّلاث واحدًا من أكبر الكورالات العربيّة وكورالات الشّرق الأوسط، حيث يضمُّ في صفوفه ما يزيد على 250 عضوًا مقسَّمين إلى 3 جوقات بحسب الفئات العمريّة : (كورال أرجوان الكبار)، و(كورال أرجوان اليافعين)، و(كورال أرجوان الأطفال). وأفلح (أرجوان) في الحصول على عضويّة وزمالة الاتّحاد العالميّ للموسيقى الكوراليّة (IFCM)، كما نال عضويّة شبكة الكورالات العربيّة (ACN)، وعضويّة شبكة الكورالات العالميّة (Choir Place).
كما أتيح له بسبب مثابرته ودأبه، الحصول على مجموعة من الجوائز العالميّة أيضًا: جائزة المركز الأوّل Grand Prix على 40 كورالًا من جميع أنحاء العالم في مسابقة المهرجان العالميّ "معًا في القرن الحادي والعشرين/ Together in XXIst c" في صوفيا ببلغاريا في يونيو/ حزيران 2021، والميداليّة الفضّيّة في أكبر مهرجان كوراليّ في العالم (بمشاركة 250 كورالًا من جميع أنحاء العالم World Peace Choral Festival) في فيينا عاصمة النّمسا في شهر يوليو/ تمّوز من عام 2021، وجائزة غصن الزّيتون الذهبّي بوصفه أفضل كورال أجنبيّ في "مهرجان الكورال العالميّ للمسرح الموسيقيّ" في مدينة تسالونيكي ـ اليونان في عام 2019.
"بشر عيسى وشذى طعمة أسّسا كورال "أرجوان" في مدينة طرطوس في عام 2015، وتضمّ برامجه مجموعة كبيرة من أشهر الأعمال الكوراليّة وأغاني الشعوب" |
أمّا قائد هذا الكورال المتميّز، ومدرِّبه أيضًا، فهو بِشْر عيسى، الذي ولد في دمشق عام 1974، وحصل على درجة ماجستير في الهندسة الجيوتكنيكيّة، ويحمل إجازة في الموسيقى من المعهد العالي للموسيقى في العزف على التّرومبيت والعود. وهو مؤلّف وموزِّع موسيقيّ، وعازف ترومبيت وقائد كورال، وباحث وكاتب ومحاضر في الموسيقى الكلاسيكيّة، وفلسفة الفنّ. وقد عمل مدّة 15 عامًا مغنيًّا من طبقة تينور، ومديرًا إداريًّا لكورال (الحجرة) التّابع للمعهد العالي للموسيقى، وقاد الكورال بين عامي 2013 و2015، كما عمل عازف ترومبيت في الأوركسترا السّيمفونيّة الوطنيّة السّوريّة بين عامي 2000 و2015، وأستاذًا محاضرًا في علم الجمال وفلسفة الفنّ والموسيقى في المعهد العالي للموسيقى بين عامي 2009 و2015. ثمّ انتقل للعيش في مدينة طرطوس في عام 2015 بسبب الحرب، وهناك أسّس "جمعيّة أصدقاء الموسيقى في طرطوس"، و"كورال أرجوان" للغناء متعدِّد الأصوات بجوقاته الثّلاث. وهو فضلًا عن ذلك مؤلِّف وموزِّع للعديد من المقطوعات الغنائيّة العربيّة والغربيّة التي غنّاها ويغنِّيها عدد من الكورالات العربيّة، والتي تنشرها له دار النّشر الكنديّة Dozan World، كما أنّه عضو في الجمعيّة الأوروبيّة للكورال(ECA) European Choral Association، وعضو الاتّحاد العالميّ للموسيقى الكوراليّة International Federation of Choral Music، وله عدد من المقالات حول الموسيقى وفلسفة الفنّ في الصُّحف والمجلّات السّورية والعربيّة.
أمّا شذى طعمة فهي مديرة كورال "أرجوان"، وعازفة البيانو فيه، وقد بدأت بدراسة البيانو منذ الثّامنة من عمرها في طرطوس، ثمّ تابعت دراستها الموسيقيّة في معهد "بالي" الموسيقيّ في حلب. وتخرّجت في المعهد العاليّ للموسيقى في عام 2002 باختصاص رئيس على آلة البيانو، وباختصاص ثانويّ في العزف على آلة "الفلوت". وقد شاركت في عدد من الحفلات والأمسيات الموسيقيّة الكلاسيكيّة بوصفها عازفة بيانو منفردة (صولو)، وعازفة مرافقة مع عدد من العازفين والفرق الكلاسيكيّة الصّغيرة. لها عدد من الدُّروس التّعليميّة الموسيقيّة المصوَّرة مع الفضائيّة التّربويّة السّوريّة، وقد عملت، ولا تزال، في حقل التّعليم والتّأهيل والإعداد الموسيقيّ للأطفال.
* كاتب سوري.