نفقه
Alimony - Pension alimentaire
النفقة
النفقة مشتقة من الإنفاق وهو الإخراج، ولا يستعمل إلا في الخير، وجمعها نفقات، وهي لغة: ما ينفقه الإنسان على عياله: أهله وذويه.
وشرعاً: هي كفاية من يمونه من الطعام والكسوة والسكنى.
وأشكالها: تشمل كل ما يجب على الإنسان نحو نفسه إذا قدر عليها، ويقدمها على غيرها، للحديث النبوي عند البخاري ومسلم وغيرهما عن جابر: «ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء، فهكذا وهكذا» أي من النفقات العامة.
وتشمل أيضاً ما يجب على الإنسان لغيره بأحد أسباب ثلاثة: الزوجية، والقرابة الخاصة، والملك، أي كل ما يملكه من التوابع كالحيوان، فعلى صاحبه إطعامه وسقيه وريّه، للحديث المتفق عليه في تعذيب امرأة في هرة حبستها، وتجب أيضاً نفقة الزروع والأشجار: سقيها ورعايتها إذا لم يرغب صاحبها في اقتلاعها، لأن إهمالها إضاعة للمال من دون مسوغ شرعي.
والقرابة: الفروع والأصول وذوو الأرحام.
وأدلة وجوب النفقة: من القرآن قوله تعالى في نفقة الزوجية: ]لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا ءَاتَاهُ اللَّهُ[ (الطلاق 7)، ]أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ[ (الطلاق 6) أي على قدر طاقتكم. وفي نفقة الفروع: ]وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ[ (البقرة 233)، ]فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ[ (الطلاق 6) ومن الحديث قولهr لهند زوجة أبي سفيان فيما يرويه أحمد وأبو داود عن ابن عمرو: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف».
وفي نفقة الأصول آية: ]وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا[ (الأنعام 151)، وآية: ]وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا[ (لقمان 15) والحديث الذي رواه ابن ماجه عن جابر: «أنت ومالك لأبيك». وفي نفقة ذوي الأرحام: ]وَءَاتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ[ (الإسراء 26) والحديث الذي رواه النسائي وغيره عن طارق المحاربي: «يد المعطي العليا، وأبدأ بمن تعول: أمك وأباك، وأختك وأخاك، ثم أدناك أدناك».
والنفقة سبعة أنواع: الطعام، والإدام، والكسوة، وآلة التنظيف، ومتاع البيت، والسكنى، وخادم إن كانت الزوجة ممن تخدم.
أقسام النفقة: النفقة واجبة للزوجة، والفروع، والأصول.
أما نفقة الزوجة: فتجب باتفاق الفقهاء، سواء كانت الزوجة مسلمة أم غير مسلمة، عاملة أم غير عاملة، حتى إن غاب الزوج أو سافر، إذا وجد زواج صحيح شرعاً. وأما نفقة الأولاد أو الفروع فتجب على الأب ثم الجد الموسر أو القادر على الكسب أو العمل في رأي أكثر الفقهاء. والأصول الواجبة نفقتهم هم الآباء والأجداد والأمهات والجدات، وإن علوا في رأي غالبية الفقهاء.
والذي تجب عليه نفقة الأصول هو الولد، وولد الولد في رأي الجمهور، ولا تجب عند المالكية على ولد الابن.
وأما القرابة الذين تجب النفقة عليهم: فهم الحواشي (أقارب الإنسان من جهة أبيه) وذوو الأرحام (الأقارب من جهة الأم) كالإخوة وأبنائهم والأخوات، والأخوال والخالات، والأعمام والعمات، وقصرها المالكية على الوالدين والمولودين من الأقارب كالإخوة والأعمام وغيرهم، وأوجبها الحنفية لكل ذي رحم محرم كالعم والأخ وابن الأخ والعمة والخالة والخال. وأوجبها الحنابلة لكل قريب وارث، بفرض أو تعصيب كالأخ، والعم وابن العم، ولا تجب لذوي الأرحام كبنت العم، والخال والخالة والعمة ونحوهم ممن لا يرث بفرض ولا تعصيب، لأن قرابتهم ضعيفة.
شروط إيجاب (توجب) النفقة:
تجب عند الجمهور (غير المالكية) نفقة الزوجة بشروط أربعة:
1ـ أن تمكِّن المرأة نفسها لزوجها تمكيناً تاماً: إما فعلاً وإما بالاستعداد.
2ـ أن تكون الزوجة كبيرة يمكن وطؤها: فإن كانت صغيرة لا تحتمل الوطء فلا نفقة لها.
3ـ أن يكون الزواج صحيحاً: فإن كان فاسداً فلا نفقة على الزوج مثل الزواج المؤقت.
4ـ ألا يفوت حق الزوج من دون مسوغ شرعي أو بسبب ليس من جهته: فإن فات حقه بغير مسوغ شرعي كالنشوز (الخروج عن الطاعة) أو بسبب ليس من جهته فلا نفقة.
وتجب نفقة المعتدة من طلاق رجعي أو حامل بالاتفاق، وأما من طلاق بائن فلها جميع أنواع النفقة عند الحنفية، والسكنى فقط عند المالكية والشافعية، وليس للبائن غير الحامل شيء عند الحنابلة.
ويشترط لوجوب نفقة الأولاد ثلاثة شروط:
1ـ أن يكون الأصل قادراً على الإنفاق بيسار أو قدرة على الكسب.
2ـ أن يكون الولد فقيراً معسراً: لا مال له ولا قدرة له على الاكتساب.
3ـ ألا يختلف الدين في رأي الحنابلة فقط. ولم يشترط بقية الفقهاء اتحاد الدين لنفقة الأولاد.
وأما شروط وجوب النفقة للأصول فهي ثلاثة أيضاً:
1ـ أن يكون الأصل فقيراً أو عاجزاً عن الكسب.
2ـ أن يكون الفرع موسراً بمال، أو قادراً على الكسب في رأي الجمهور، ولم يوجب المالكية على الولد المعسر تكسباً لينفق على والديه.
3ـ أن يكون المنفق وارثاً في رأي الحنابلة، فلا نفقة مع اختلاف الدين، ولم يشترط اتحاد الدين عند بقية الفقهاء.
وشروط وجوب نفقة الحواشي وذوي الأرحام ثلاثة في رأي الحنفية:
1ـ أن يكون القريب ذا رحم محرم فقيراً، عاجزاً عن الكسب لصغر أو أنوثة أو مرض أو عمى.
2ـ اتحاد الدين مع القريب المنفق، فلا نفقة على القريب مع اختلاف الدين.
3ـ أن يكون المنفق موسراً غير معسر.
الأحكام الخاصة بالنفقة:
تجب النفقة بنصوص شرعية في الإسلام، فهي حكم دياني وقضائي، وهذا لا مثيل له في الأنظمة الأخرى.
وتكون النفقة الزوجية وغيرها بقدر الكفاية، وعلى قدر حال المنفق يساراًَ وإعساراً، وبحسب عادات البلاد أو أعرافها، لأنها وجبت للحاجة، فتقدر بقدر الحاجة. ونفقة كل إنسان في ماله إلا الزوجة فنفقتها على زوجها.
وتسقط نفقة الزوجة إما بمضي الزمان من غير حكم قضائي أو تراضٍ، وإما بالإبراء من النفقة الماضية، وإما بالنشوز (معصية المرأة لزوجها) فيما أوجبه عقد الزواج، وإما بالردة لخروجها عن الإسلام وعدم مشروعية الاستمتاع، وإما بإبائها الإسلام إذا أسلم الزوج وظلت الزوجة وثنية أو مجوسية، وإما تمكينها ابن الزوج من نفسها، وتسقط نفقة الأقارب بمضي المدة من غير قبض ولا استدانة، فلا تصير ديناً على المنفق بمضي الزمان، لأنها مواساة من الأصل لفرعه، ويصح الصلح عن النفقة.
وجاء في القانون المصري أنه إذا امتنع المحكوم عليه عن النفقة المحكوم بها، حكمت المحكمة بحبسه مدة لا تزيد على عشرين يوماً.
وهبة الزحيلي
Alimony - Pension alimentaire
النفقة
النفقة مشتقة من الإنفاق وهو الإخراج، ولا يستعمل إلا في الخير، وجمعها نفقات، وهي لغة: ما ينفقه الإنسان على عياله: أهله وذويه.
وشرعاً: هي كفاية من يمونه من الطعام والكسوة والسكنى.
وأشكالها: تشمل كل ما يجب على الإنسان نحو نفسه إذا قدر عليها، ويقدمها على غيرها، للحديث النبوي عند البخاري ومسلم وغيرهما عن جابر: «ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء، فهكذا وهكذا» أي من النفقات العامة.
وتشمل أيضاً ما يجب على الإنسان لغيره بأحد أسباب ثلاثة: الزوجية، والقرابة الخاصة، والملك، أي كل ما يملكه من التوابع كالحيوان، فعلى صاحبه إطعامه وسقيه وريّه، للحديث المتفق عليه في تعذيب امرأة في هرة حبستها، وتجب أيضاً نفقة الزروع والأشجار: سقيها ورعايتها إذا لم يرغب صاحبها في اقتلاعها، لأن إهمالها إضاعة للمال من دون مسوغ شرعي.
والقرابة: الفروع والأصول وذوو الأرحام.
وأدلة وجوب النفقة: من القرآن قوله تعالى في نفقة الزوجية: ]لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا ءَاتَاهُ اللَّهُ[ (الطلاق 7)، ]أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ[ (الطلاق 6) أي على قدر طاقتكم. وفي نفقة الفروع: ]وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ[ (البقرة 233)، ]فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ[ (الطلاق 6) ومن الحديث قولهr لهند زوجة أبي سفيان فيما يرويه أحمد وأبو داود عن ابن عمرو: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف».
وفي نفقة الأصول آية: ]وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا[ (الأنعام 151)، وآية: ]وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا[ (لقمان 15) والحديث الذي رواه ابن ماجه عن جابر: «أنت ومالك لأبيك». وفي نفقة ذوي الأرحام: ]وَءَاتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ[ (الإسراء 26) والحديث الذي رواه النسائي وغيره عن طارق المحاربي: «يد المعطي العليا، وأبدأ بمن تعول: أمك وأباك، وأختك وأخاك، ثم أدناك أدناك».
والنفقة سبعة أنواع: الطعام، والإدام، والكسوة، وآلة التنظيف، ومتاع البيت، والسكنى، وخادم إن كانت الزوجة ممن تخدم.
أقسام النفقة: النفقة واجبة للزوجة، والفروع، والأصول.
أما نفقة الزوجة: فتجب باتفاق الفقهاء، سواء كانت الزوجة مسلمة أم غير مسلمة، عاملة أم غير عاملة، حتى إن غاب الزوج أو سافر، إذا وجد زواج صحيح شرعاً. وأما نفقة الأولاد أو الفروع فتجب على الأب ثم الجد الموسر أو القادر على الكسب أو العمل في رأي أكثر الفقهاء. والأصول الواجبة نفقتهم هم الآباء والأجداد والأمهات والجدات، وإن علوا في رأي غالبية الفقهاء.
والذي تجب عليه نفقة الأصول هو الولد، وولد الولد في رأي الجمهور، ولا تجب عند المالكية على ولد الابن.
وأما القرابة الذين تجب النفقة عليهم: فهم الحواشي (أقارب الإنسان من جهة أبيه) وذوو الأرحام (الأقارب من جهة الأم) كالإخوة وأبنائهم والأخوات، والأخوال والخالات، والأعمام والعمات، وقصرها المالكية على الوالدين والمولودين من الأقارب كالإخوة والأعمام وغيرهم، وأوجبها الحنفية لكل ذي رحم محرم كالعم والأخ وابن الأخ والعمة والخالة والخال. وأوجبها الحنابلة لكل قريب وارث، بفرض أو تعصيب كالأخ، والعم وابن العم، ولا تجب لذوي الأرحام كبنت العم، والخال والخالة والعمة ونحوهم ممن لا يرث بفرض ولا تعصيب، لأن قرابتهم ضعيفة.
شروط إيجاب (توجب) النفقة:
تجب عند الجمهور (غير المالكية) نفقة الزوجة بشروط أربعة:
1ـ أن تمكِّن المرأة نفسها لزوجها تمكيناً تاماً: إما فعلاً وإما بالاستعداد.
2ـ أن تكون الزوجة كبيرة يمكن وطؤها: فإن كانت صغيرة لا تحتمل الوطء فلا نفقة لها.
3ـ أن يكون الزواج صحيحاً: فإن كان فاسداً فلا نفقة على الزوج مثل الزواج المؤقت.
4ـ ألا يفوت حق الزوج من دون مسوغ شرعي أو بسبب ليس من جهته: فإن فات حقه بغير مسوغ شرعي كالنشوز (الخروج عن الطاعة) أو بسبب ليس من جهته فلا نفقة.
وتجب نفقة المعتدة من طلاق رجعي أو حامل بالاتفاق، وأما من طلاق بائن فلها جميع أنواع النفقة عند الحنفية، والسكنى فقط عند المالكية والشافعية، وليس للبائن غير الحامل شيء عند الحنابلة.
ويشترط لوجوب نفقة الأولاد ثلاثة شروط:
1ـ أن يكون الأصل قادراً على الإنفاق بيسار أو قدرة على الكسب.
2ـ أن يكون الولد فقيراً معسراً: لا مال له ولا قدرة له على الاكتساب.
3ـ ألا يختلف الدين في رأي الحنابلة فقط. ولم يشترط بقية الفقهاء اتحاد الدين لنفقة الأولاد.
وأما شروط وجوب النفقة للأصول فهي ثلاثة أيضاً:
1ـ أن يكون الأصل فقيراً أو عاجزاً عن الكسب.
2ـ أن يكون الفرع موسراً بمال، أو قادراً على الكسب في رأي الجمهور، ولم يوجب المالكية على الولد المعسر تكسباً لينفق على والديه.
3ـ أن يكون المنفق وارثاً في رأي الحنابلة، فلا نفقة مع اختلاف الدين، ولم يشترط اتحاد الدين عند بقية الفقهاء.
وشروط وجوب نفقة الحواشي وذوي الأرحام ثلاثة في رأي الحنفية:
1ـ أن يكون القريب ذا رحم محرم فقيراً، عاجزاً عن الكسب لصغر أو أنوثة أو مرض أو عمى.
2ـ اتحاد الدين مع القريب المنفق، فلا نفقة على القريب مع اختلاف الدين.
3ـ أن يكون المنفق موسراً غير معسر.
الأحكام الخاصة بالنفقة:
تجب النفقة بنصوص شرعية في الإسلام، فهي حكم دياني وقضائي، وهذا لا مثيل له في الأنظمة الأخرى.
وتكون النفقة الزوجية وغيرها بقدر الكفاية، وعلى قدر حال المنفق يساراًَ وإعساراً، وبحسب عادات البلاد أو أعرافها، لأنها وجبت للحاجة، فتقدر بقدر الحاجة. ونفقة كل إنسان في ماله إلا الزوجة فنفقتها على زوجها.
وتسقط نفقة الزوجة إما بمضي الزمان من غير حكم قضائي أو تراضٍ، وإما بالإبراء من النفقة الماضية، وإما بالنشوز (معصية المرأة لزوجها) فيما أوجبه عقد الزواج، وإما بالردة لخروجها عن الإسلام وعدم مشروعية الاستمتاع، وإما بإبائها الإسلام إذا أسلم الزوج وظلت الزوجة وثنية أو مجوسية، وإما تمكينها ابن الزوج من نفسها، وتسقط نفقة الأقارب بمضي المدة من غير قبض ولا استدانة، فلا تصير ديناً على المنفق بمضي الزمان، لأنها مواساة من الأصل لفرعه، ويصح الصلح عن النفقة.
وجاء في القانون المصري أنه إذا امتنع المحكوم عليه عن النفقة المحكوم بها، حكمت المحكمة بحبسه مدة لا تزيد على عشرين يوماً.
وهبة الزحيلي