نباهي (علي عبد الله)
Al-Nubahi (Ali ibn Abdullah-) - Al-Nubahi (Ali ibn Abdullah-)
النُّباهي (علي بن عبد الله ـ)
(713ـ نحو792هـ/1313ـ نحو1390م)
عليّ بن عبد الله بن محمَّد بن الحسن الجُذاميُّ المالقيُّ النُّباهيُّ، يكنَّى أبا الحسن و أبا عليّ، ويُعْرَفُ بابن الحسن. أديبٌ ناثرٌ شاعرٌ مؤرِّخٌ قاضٍ فقيهٌ.
وُلِدَ النُّباهيُّ بمالقةَ، وكان من أكابر ذلك القُطْرِ وأعيانه وقضاته، وهو من بيت قضاءٍ وعلمٍ، ورث أجدادُه ذلك كابراً عن كابر، رحل إلى غرناطة، وكان من المشهورين فيها بالفصاحة والبلاغة، أخذ عن أبي محمد عبد الله بن أحمد التجيبي »الموطَّأ« و«الشفاء« وأكثر الصحيحين، ولي القضاء في غرناطة، وأُرْسِلَ مرتين في سفارة من غرناطة إلى فاس، ترجم له لسان الدين بن الخطيب في «الإحاطة»، فقال: «قائمٌ على تاريخ بلده، شرعَ في تكميل ما صنَّف فيه… حسنُ الخطِّ ناظمٌ ناثرٌ … استظهرَ محفوظاتٍ منها «النَّوادر» للقالي»، ثم ذكرَ ما كان من خبر إسناد قضاء مالقة إليه، فقال: «ثم قُدِّم للقضاء الفقيهُ الحسيبُ أبو الحسن، وهو عينُ الأعيان بمالقةَ، المخصوص برسم التَّجِلَّة والقيام بالعَقْدِ والحَلِّ، فسدَّدَ وقاربَ، وحملَ الكَلَّ، وأحسنَ مصاحبةَ الخُطْبَةِ والخُطَّة، وأكرم المشيخةَ مع النَّزاهة،ولم يقف في حُسْنِ التَّأتي عند غايةٍ، فاتُّفِقَ على رجاحته».
كانت بين لسان الدين بن الخطيب والنُّباهيِّ مراسلاتٌ كثيرةٌ، إذ صحبَه لسانُ الدِّين مدَّةً، فكانت بينهما أوَّل الأمر مصافاةٌ، ثمَّ استحالت إلى عداوةٍ، ونال ابنُ الخطيب منه، ولقَّبَهُ الجُعْسُوس، أي القصير الدَّميم، ووصمه بما لا يليق، ولم يقنعه ذلك حتَّى ألَّفَ فيه رسالةً هجاه فيها سمَّاها «خَلْعُ الرَّسن في وصف القاضي ابن الحسن»، وانتصفَ كلُّ واحدٍ منهما من صاحبه بلسانه.
نثرُ النُّباهيِّ متينُ السَّبْكِ، يظهرُ فيه أثرُ ثقافته الدِّينية الواسعةِ، فمن ذلك قولُه في رسالة إلى لسان الدِّين بن الخطيب: «واللهُ الشَّهيدُ بأنِّي نصحتُكُمْ وما غَشَشْتُكُمْ، وليس هذا القولُ ـ وإنْ كانَ ثقيلاً عليكم ـ بمُخالِفٍ كلَّ المخالفةِ لما أذنبتم به من تقدُّمِ المواجهةِ بالمُلاطفةِ، والمعاملةِ بالمُكارهة، فليست المداراةُ بقادحةٍ في الدِّين، بل هي محمودةٌ في بعض الأحوال، مُسْتَحْسَنَةٌ على ما بيَّنَهُ العلماءُ». لا يخلو بعض نثره من محسِّناتٍ بديعيَّةٍ وُسِـمَ بها النَّثرُ في عصره، كقوله في رسالةٍ بعثَ بها إلى لسان الدِّين بن الخطيب حين رحل إلى المغرب: «يا أيَّتها الآيةُ البالغةُ، وقد طُمِسَتِ الأعلامُ، والغُرَّةُ الواضحةُ، وقد تَنَكَّرَتِ الأيَّامُ، والبقيَّةُ الصَّالحةُ، وقد ذهبَ الكرامُ، أبقاكمُ الله تعالى البقاءَ الجميلَ، وأبلغكُمْ غايةَ المُرادِ ومنتهى التَّأميل، أبى الله أن يتمكَّنَ المقامُ بالأندلس بعدَكُمْ، وأن يكونَ سكونُ النَّفس إلاَّ عندَكُمْ».
للنُّباهيِّ شعرٌ لا يرقى إلى نِتَاجِهِ في فنِّ التَّرسُّــل كثرةً وإجادةً، فمن ذلك قوله:
بنفسيَ مِنْ غزلان حزوى غــزالةٌ جمالُ مُحَيَّاها عن النُّسـك زاجرُ
تصيدُ بِلَحْظِ الطَّرْفِ مَنْ رامَ صَيْدَها ولو أنَّه النَّســرُ الَّذي هو طائرُ
وقوله أيضاً:
لكَ اللهُ قلبــــي في هواكَ رهينُ وروحي عنِّي إنْ رحلْـتَ ظَعِيْنُ
ملكْتَ بِحُكْمِ الْفَضْلِ كُلِّيَ خالصــاً ومُلْكُكَ للحُـــرِّ الصَّريح يَزِيْنُ
له مصنَّفاتٌ جليلةٌ منها: «المَرْقَبَةُ العليا فيمن يستحقُّ القضاءَ والفِتيا» وســـمَّاه ناشره «تاريخ قضاة الأندلس»، وله «نزهة البصائر والأبصار» وهو في تاريخ الدَّولة النَّصريَّة بغرناطة، وله بحثٌ في «مسألة الدُّعاء بعد الصَّلاة» في الرَّدِّ على أبي إســـحاق الشَّاطبيِّ.
أسـامة اختيـار
Al-Nubahi (Ali ibn Abdullah-) - Al-Nubahi (Ali ibn Abdullah-)
النُّباهي (علي بن عبد الله ـ)
(713ـ نحو792هـ/1313ـ نحو1390م)
عليّ بن عبد الله بن محمَّد بن الحسن الجُذاميُّ المالقيُّ النُّباهيُّ، يكنَّى أبا الحسن و أبا عليّ، ويُعْرَفُ بابن الحسن. أديبٌ ناثرٌ شاعرٌ مؤرِّخٌ قاضٍ فقيهٌ.
وُلِدَ النُّباهيُّ بمالقةَ، وكان من أكابر ذلك القُطْرِ وأعيانه وقضاته، وهو من بيت قضاءٍ وعلمٍ، ورث أجدادُه ذلك كابراً عن كابر، رحل إلى غرناطة، وكان من المشهورين فيها بالفصاحة والبلاغة، أخذ عن أبي محمد عبد الله بن أحمد التجيبي »الموطَّأ« و«الشفاء« وأكثر الصحيحين، ولي القضاء في غرناطة، وأُرْسِلَ مرتين في سفارة من غرناطة إلى فاس، ترجم له لسان الدين بن الخطيب في «الإحاطة»، فقال: «قائمٌ على تاريخ بلده، شرعَ في تكميل ما صنَّف فيه… حسنُ الخطِّ ناظمٌ ناثرٌ … استظهرَ محفوظاتٍ منها «النَّوادر» للقالي»، ثم ذكرَ ما كان من خبر إسناد قضاء مالقة إليه، فقال: «ثم قُدِّم للقضاء الفقيهُ الحسيبُ أبو الحسن، وهو عينُ الأعيان بمالقةَ، المخصوص برسم التَّجِلَّة والقيام بالعَقْدِ والحَلِّ، فسدَّدَ وقاربَ، وحملَ الكَلَّ، وأحسنَ مصاحبةَ الخُطْبَةِ والخُطَّة، وأكرم المشيخةَ مع النَّزاهة،ولم يقف في حُسْنِ التَّأتي عند غايةٍ، فاتُّفِقَ على رجاحته».
كانت بين لسان الدين بن الخطيب والنُّباهيِّ مراسلاتٌ كثيرةٌ، إذ صحبَه لسانُ الدِّين مدَّةً، فكانت بينهما أوَّل الأمر مصافاةٌ، ثمَّ استحالت إلى عداوةٍ، ونال ابنُ الخطيب منه، ولقَّبَهُ الجُعْسُوس، أي القصير الدَّميم، ووصمه بما لا يليق، ولم يقنعه ذلك حتَّى ألَّفَ فيه رسالةً هجاه فيها سمَّاها «خَلْعُ الرَّسن في وصف القاضي ابن الحسن»، وانتصفَ كلُّ واحدٍ منهما من صاحبه بلسانه.
نثرُ النُّباهيِّ متينُ السَّبْكِ، يظهرُ فيه أثرُ ثقافته الدِّينية الواسعةِ، فمن ذلك قولُه في رسالة إلى لسان الدِّين بن الخطيب: «واللهُ الشَّهيدُ بأنِّي نصحتُكُمْ وما غَشَشْتُكُمْ، وليس هذا القولُ ـ وإنْ كانَ ثقيلاً عليكم ـ بمُخالِفٍ كلَّ المخالفةِ لما أذنبتم به من تقدُّمِ المواجهةِ بالمُلاطفةِ، والمعاملةِ بالمُكارهة، فليست المداراةُ بقادحةٍ في الدِّين، بل هي محمودةٌ في بعض الأحوال، مُسْتَحْسَنَةٌ على ما بيَّنَهُ العلماءُ». لا يخلو بعض نثره من محسِّناتٍ بديعيَّةٍ وُسِـمَ بها النَّثرُ في عصره، كقوله في رسالةٍ بعثَ بها إلى لسان الدِّين بن الخطيب حين رحل إلى المغرب: «يا أيَّتها الآيةُ البالغةُ، وقد طُمِسَتِ الأعلامُ، والغُرَّةُ الواضحةُ، وقد تَنَكَّرَتِ الأيَّامُ، والبقيَّةُ الصَّالحةُ، وقد ذهبَ الكرامُ، أبقاكمُ الله تعالى البقاءَ الجميلَ، وأبلغكُمْ غايةَ المُرادِ ومنتهى التَّأميل، أبى الله أن يتمكَّنَ المقامُ بالأندلس بعدَكُمْ، وأن يكونَ سكونُ النَّفس إلاَّ عندَكُمْ».
للنُّباهيِّ شعرٌ لا يرقى إلى نِتَاجِهِ في فنِّ التَّرسُّــل كثرةً وإجادةً، فمن ذلك قوله:
بنفسيَ مِنْ غزلان حزوى غــزالةٌ جمالُ مُحَيَّاها عن النُّسـك زاجرُ
تصيدُ بِلَحْظِ الطَّرْفِ مَنْ رامَ صَيْدَها ولو أنَّه النَّســرُ الَّذي هو طائرُ
وقوله أيضاً:
لكَ اللهُ قلبــــي في هواكَ رهينُ وروحي عنِّي إنْ رحلْـتَ ظَعِيْنُ
ملكْتَ بِحُكْمِ الْفَضْلِ كُلِّيَ خالصــاً ومُلْكُكَ للحُـــرِّ الصَّريح يَزِيْنُ
له مصنَّفاتٌ جليلةٌ منها: «المَرْقَبَةُ العليا فيمن يستحقُّ القضاءَ والفِتيا» وســـمَّاه ناشره «تاريخ قضاة الأندلس»، وله «نزهة البصائر والأبصار» وهو في تاريخ الدَّولة النَّصريَّة بغرناطة، وله بحثٌ في «مسألة الدُّعاء بعد الصَّلاة» في الرَّدِّ على أبي إســـحاق الشَّاطبيِّ.
أسـامة اختيـار