الوجود والكينونة، هو ما يربطني بالجزيرة العربية وليس اللغة والشعر فقط"، بهذه الكلمات أطّل أدونيس من المملكة العربية السعودية، متحدثاً عن الشعر والحياة من أرضها في زيارة ممتدة لعشرة أيام، يجول في مدنها شعراً ونقداً، احتفاءً بعام الشعر العربي 2023.
قدم الشاعر والمفكر أدونيس أولى أمسياته في ندوة حوارية نظمتها أكاديمية الشعر العربي، بدعم من هيئة الأدب والنشر والترجمة، وتأتي ضمن جولة ثقافية للشاعر المعروف حول عدد من مدن المملكة، تشمل الرياض والطائف وجدة.
صاحب كتاب "الثابت والمتحول" المثير للجدل، تحدث للسعوديين لأكثر من ساعتين، في حضور "النهار العربي"، وأعرب له عن سعادته بتواجده في قلب المملكة، وهو ما عبّر عنه أيضاً حينما بدأ محاضرته بقوله: "شكراً لكم يا من تعاملون وطنكم كعملٍ فني".
الإنسان خُلق شاعراً
الناقد الحداثي تناول في حديثه الشعر العربي وارتباطه بجملة من المفاهيم والعلاقات، في حضور نخبة من المثقفين والأدباء والإعلاميين في قصر الثقافة بحي السفارات، ورأى إن الإنسان خُلق شاعراً، فالشعر مثل الحب، أعمق ما يفصح عن الإنسان، واصفاً الشعر أنه كالإنسان، عالمٌ من الأسرار.
الإنسان، كما يراه أدونيس - سؤال لا جواب، وقوته في طرح الأسئلة وليس إعطاء الأجوبة، فهو الكائن الوحيد الذي يسأل، وتلك هي فرادته وأعمق ما يميزه، طرح الأسئلة.
وقال، في الندوة التي أدارها الإعلامي يحي الأمير، إن الآلة تعلم التماثل والتبعية، أما الشعر، فيعلّم الفرادة والإبداع والذهاب نحو مجهولات الكون لمزيد من الكشف والمعرفة.
شوقي لم يُضف شيئاً
بعد أن تجاوز عامه التسعين، يقول أدونيس أمام الجمهور الذي امتلأت به قاعة المسرح: "لا أزال تلميذاً"، وانطلق في محاضرته بإلقاء أبيات شعرية تعود لذي الرمة ومجنون ليلى، وكأنه يعلن عن ارتباطه الوجودي بأصول الأدب العربي ومنبعه، ومضى يقول إنه تعلم لغة المجاز من شعر عمر بن أبي ربيعة.
بعدما استعاد تاريخ الشعر العربي، تحدث أدونيس عن البنية الثقافية السائدة التي توحّد بين اليمين واليسار على مستوى ممارسة الشعر، في ظاهرة يجب أن تُدرس من المتخصصين والباحثين، ورأى أن أمير الشعراء أحمد شوقي لم يضف أي جديدٍ في الشعر على أي مستوى، وإنما استعاد الآداب العربية القديمة، عكس الشاعر صلاح جاهين الذي يمثل أدونيس، على حد تعبيره.
على مستوى اليسار، يرى كذلك أن الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري استعاد البلاغة العربية القديمة، المديح والهجاء، وكساهما بكساء شكلي يساري، وحينما قارن بينه وبين الشاعر العراقي مظفر النواب، أكد قطعاً أنه سيكون في جهة النواب.
الثائر والمتمرد
"لست متشائماً. أنا ثائر على كل شيء، والمتشائم لا يكون ثائراً بل يكون منهزماً"... قالها أدونيس قبل سنوات، وفي الرياض عاد مجدداً وأكّد أن الشعر في جوهره تمرد؛ فالتمرد يخبو قليلاً أو يكبر أكثر مما ينبغي، ولا شعر بالمعنى الذي أفهمه إلا الشعر الذي ينقل تساؤلات متمردة، وفيه عدم رضا، فالتمرد بُعد جوهري من أبعاد الشعر.
وكعادته، لم يكف أدونيس عن إثارة الجدل، فقال إننا نعاني حالة إبداعية تعيش ركوداً، عازياً ذلك إلى شيخوخة اللغة التي نعيشها، من دون أن نعترف ثقافياً بهذه العلة.
وعن النساء، قال إن "المرأة تنجح اليوم عبر صراعها ورغباتها وحبها للجمال وتتخطى المفكر والشاعر"، لافتاً إلى أن شعر المرأة العربية الآن يُعتبر مادة غنية لرؤية الجمالية الناشئة في اللغة الشعرية العربية، وتقدم لنا كذلك مادة غنية للتحليل.
أدونيس طفلاً
رداً على أسئلة جمهوره، كشف الشاعر عن كواليس اختياره لاسمه المستعار "أدونيس" دوناً عن غيره، ويروي: "حينما كنت تلميذاً، كنت أكتب نصوصاً شعرية وأذيلها باسمي الواضح (علي أحمد سعيد إسبر)، وأرسلها للمجلات اللبنانية آنذاك، ولم يكن ينشرها أحد، فحزنت".
وأضاف: "لاحقاً وأنا في البيت، قرأت قصة تستعيد الأسطورة الفينيقية أدونيس الذي أحبته الآلهة، حينها قررت أن أسمي نفسي أدونيس، ووقعت قصيدة بهذا الاسم وأرسلتها لمجلة لم تكن تنشر لي سابقاً، فنشرتها! ومنذ ذلك الوقت أحببت أن أستمر بهذا الاسم".
أعادنا أدونيس في حديثه إلى بداياته، وقال إن زيارته إلى المملكة بدعوة من أكاديمية الشعر العربي تذكره بأيام الطفولة، "نشأت في قرية لا مدرسة فيها، والبيت من طين، فعلمني أبي القراءة والكتابة، وحفظت معظم آيات القرآن الكريم، وكان الشعر وسيلتي للتعرف إلى أراضي نجد والحجاز وبقية مناطق الجزيرة العربية".
على أرض مملوءة بالأسرار
كان أدونيس قد وصل المملكة العربية السعودية قبل يومين، في زيارة نادرة، وثقتها أكاديمية الشعر العربي في فيديو قصير للشاعر عبر حساباتها الرسمية، يصف مشاعره لحظة وصوله صالة مطار الملك خالد الدولي في الرياض بقوله: "أنا سعيد جداً لدرجة لا أعرف كيف أصف هذه السعادة".
وفي محاضرته أكد أدونيس إن علاقته بالجزيرة العربية لا تتعلق باللغة والشعر فقط؛ ولكنها علاقة ترتبط بالوجود والكينونة، بأرضٍ مملوءة بأسرار لم تُكتشف بعد.
قدم الشاعر والمفكر أدونيس أولى أمسياته في ندوة حوارية نظمتها أكاديمية الشعر العربي، بدعم من هيئة الأدب والنشر والترجمة، وتأتي ضمن جولة ثقافية للشاعر المعروف حول عدد من مدن المملكة، تشمل الرياض والطائف وجدة.
صاحب كتاب "الثابت والمتحول" المثير للجدل، تحدث للسعوديين لأكثر من ساعتين، في حضور "النهار العربي"، وأعرب له عن سعادته بتواجده في قلب المملكة، وهو ما عبّر عنه أيضاً حينما بدأ محاضرته بقوله: "شكراً لكم يا من تعاملون وطنكم كعملٍ فني".
الإنسان خُلق شاعراً
الناقد الحداثي تناول في حديثه الشعر العربي وارتباطه بجملة من المفاهيم والعلاقات، في حضور نخبة من المثقفين والأدباء والإعلاميين في قصر الثقافة بحي السفارات، ورأى إن الإنسان خُلق شاعراً، فالشعر مثل الحب، أعمق ما يفصح عن الإنسان، واصفاً الشعر أنه كالإنسان، عالمٌ من الأسرار.
الإنسان، كما يراه أدونيس - سؤال لا جواب، وقوته في طرح الأسئلة وليس إعطاء الأجوبة، فهو الكائن الوحيد الذي يسأل، وتلك هي فرادته وأعمق ما يميزه، طرح الأسئلة.
وقال، في الندوة التي أدارها الإعلامي يحي الأمير، إن الآلة تعلم التماثل والتبعية، أما الشعر، فيعلّم الفرادة والإبداع والذهاب نحو مجهولات الكون لمزيد من الكشف والمعرفة.
شوقي لم يُضف شيئاً
بعد أن تجاوز عامه التسعين، يقول أدونيس أمام الجمهور الذي امتلأت به قاعة المسرح: "لا أزال تلميذاً"، وانطلق في محاضرته بإلقاء أبيات شعرية تعود لذي الرمة ومجنون ليلى، وكأنه يعلن عن ارتباطه الوجودي بأصول الأدب العربي ومنبعه، ومضى يقول إنه تعلم لغة المجاز من شعر عمر بن أبي ربيعة.
بعدما استعاد تاريخ الشعر العربي، تحدث أدونيس عن البنية الثقافية السائدة التي توحّد بين اليمين واليسار على مستوى ممارسة الشعر، في ظاهرة يجب أن تُدرس من المتخصصين والباحثين، ورأى أن أمير الشعراء أحمد شوقي لم يضف أي جديدٍ في الشعر على أي مستوى، وإنما استعاد الآداب العربية القديمة، عكس الشاعر صلاح جاهين الذي يمثل أدونيس، على حد تعبيره.
على مستوى اليسار، يرى كذلك أن الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري استعاد البلاغة العربية القديمة، المديح والهجاء، وكساهما بكساء شكلي يساري، وحينما قارن بينه وبين الشاعر العراقي مظفر النواب، أكد قطعاً أنه سيكون في جهة النواب.
الثائر والمتمرد
"لست متشائماً. أنا ثائر على كل شيء، والمتشائم لا يكون ثائراً بل يكون منهزماً"... قالها أدونيس قبل سنوات، وفي الرياض عاد مجدداً وأكّد أن الشعر في جوهره تمرد؛ فالتمرد يخبو قليلاً أو يكبر أكثر مما ينبغي، ولا شعر بالمعنى الذي أفهمه إلا الشعر الذي ينقل تساؤلات متمردة، وفيه عدم رضا، فالتمرد بُعد جوهري من أبعاد الشعر.
وكعادته، لم يكف أدونيس عن إثارة الجدل، فقال إننا نعاني حالة إبداعية تعيش ركوداً، عازياً ذلك إلى شيخوخة اللغة التي نعيشها، من دون أن نعترف ثقافياً بهذه العلة.
وعن النساء، قال إن "المرأة تنجح اليوم عبر صراعها ورغباتها وحبها للجمال وتتخطى المفكر والشاعر"، لافتاً إلى أن شعر المرأة العربية الآن يُعتبر مادة غنية لرؤية الجمالية الناشئة في اللغة الشعرية العربية، وتقدم لنا كذلك مادة غنية للتحليل.
أدونيس طفلاً
رداً على أسئلة جمهوره، كشف الشاعر عن كواليس اختياره لاسمه المستعار "أدونيس" دوناً عن غيره، ويروي: "حينما كنت تلميذاً، كنت أكتب نصوصاً شعرية وأذيلها باسمي الواضح (علي أحمد سعيد إسبر)، وأرسلها للمجلات اللبنانية آنذاك، ولم يكن ينشرها أحد، فحزنت".
وأضاف: "لاحقاً وأنا في البيت، قرأت قصة تستعيد الأسطورة الفينيقية أدونيس الذي أحبته الآلهة، حينها قررت أن أسمي نفسي أدونيس، ووقعت قصيدة بهذا الاسم وأرسلتها لمجلة لم تكن تنشر لي سابقاً، فنشرتها! ومنذ ذلك الوقت أحببت أن أستمر بهذا الاسم".
أعادنا أدونيس في حديثه إلى بداياته، وقال إن زيارته إلى المملكة بدعوة من أكاديمية الشعر العربي تذكره بأيام الطفولة، "نشأت في قرية لا مدرسة فيها، والبيت من طين، فعلمني أبي القراءة والكتابة، وحفظت معظم آيات القرآن الكريم، وكان الشعر وسيلتي للتعرف إلى أراضي نجد والحجاز وبقية مناطق الجزيرة العربية".
على أرض مملوءة بالأسرار
كان أدونيس قد وصل المملكة العربية السعودية قبل يومين، في زيارة نادرة، وثقتها أكاديمية الشعر العربي في فيديو قصير للشاعر عبر حساباتها الرسمية، يصف مشاعره لحظة وصوله صالة مطار الملك خالد الدولي في الرياض بقوله: "أنا سعيد جداً لدرجة لا أعرف كيف أصف هذه السعادة".
وفي محاضرته أكد أدونيس إن علاقته بالجزيرة العربية لا تتعلق باللغة والشعر فقط؛ ولكنها علاقة ترتبط بالوجود والكينونة، بأرضٍ مملوءة بأسرار لم تُكتشف بعد.