نحول
Emaciation - Emaciation
النحول
يبذل كثير من الناس جهداً ومالاً كثيراً بالحمية والدواء والتمارين للتخلص من وزنهم الزائد للمحافظة على صحتهم الجيدة ومظهرهم اللائق؛ أي إن النحافة أصبحت هدفاً وليس مرضاً، لكن فئة من الناس تعاني النحول الزائد (الهزال) emaciation المزعج صحياً واجتماعياً.
تصف كلمة نحول نقص الوزن عن المثالي بالنسبة إلى الطول إذا نقص أكثر من 15% من الوزن (أي ينخفض منسب كتلة البدن BMI -Body Mass Index ـ والذي هو: الوزن (كغ)/مربع الطول (م2)، فإذا كان الحاصل 18.5ـ 25 فهو مثالي، وإذا كان الحاصل 25ـ30 فهو زائد الوزن، وإذا كان الحاصل ـ40 فهو بدين، وإذا كان الحاصل 40ـ60 فهو مفرط البدانة). يتصف النحيل برقة الجسم ودقة الأطراف (ساقان كالقنب يشبهان ساقي اللقلق، وأطراف كالحبال) وقلة الشحم واللحم والنسيج الضام تحت الجلد، وضمور العضلات.
يشكو النحيل من نقص وزنه وما يرافق ذلك من فقر دم وهبوط ضغط شرياني وضعف مناعة تجاه الأمراض وزيادة الشعور بالبرد.
يتضمن النحول حالات عديدة، ويحدث سريعاً أو متدرجاً، وقد يكون منذ الطفولة، ويستمر بتقدم العمر أو يحدث متأخراً مرافقاً لأمراض عديدة. فهناك نحيل منذ طفولته يتمتع بصحة جيدة ويمارس حياته بنشاط، وسبب نحوله إما عادات غذائية مكتسبة منذ الطفولة (كره بعض الأطعمة)، وأمّا لتكوينه البنيوي (أبوان نحيلان)؛ فهو يأكل جيداً ويتحرك بنشاط من دون أن يؤثر ذلك في وزنه. وقد يكون السبب وجود مشكلات نفسية تؤثر في شهيته ونومه كالاكتئاب والأرق وتناول المنبهات والتدخين المفرط. وهناك نحول أو هزال مرافق لبعض الأمراض الحادة، كالتهاب المعدة والتهاب الأمعاء والحمى التيفية والحصبة. ويستعيد المريض وزنه عادة بعد شفائه إذا توافر الغذاء الكافي في طور النقاهة. تؤدي هجمات الخمج المتكررة إلى تدهور مترق في الحالة الاغتذائية تتظاهر بنقص الوزن وتعثر النمو الطولي، وأهم هذه الأخماج الإسهالات المزمنة في البلدان الفقيرة قليلة الموارد الغذائية رديئة التصحاح البيئي، ولهذا تأثيرات سيئة على النساء الحوامل وعلى نمو الأجنة والرضع والأطفال. ينقص استهلاك الطعام في أثناء الخمج وتكون الأغذية غير كافية في فترة النقاهة، وهذا يؤدي إلى السغل marasmus، وهو نحافة شديدة تصيب البدن كله، والكواشركور kwashiorkor الذي يصيب الرضيع، كما أن النساء سيئات التغذية ينجبن ولداناً متأخري النمو وقبل الأوان.
وهناك أمراض مزمنة تترافق بالنحول كالداء السكري، وفرط نشاط الغدة الدرقية (التي تسبب نقص وزن بسبب زيادة الاستقلاب)، وسوء امتصاص الأغذية (كالداء الزلاقي الذي يتحسس فيه الطفل من مادة الغلوتن الموجودة في القمح)، والإصابة بالديدان المعوية (كداء الصفر والانكلستوما)، والطفيليات الأخرى (كالزحار المزمن واللمبيليات المعوية)، والسرطانات المختلفة (التي تصيب المعدة والقولون والمعثكلة واللمفيات)، والالتهابات المزمنة (كالتدرن وعوز المناعة المكتسب)، وسوء التغذية في البلدان الفقيرة، وبعض المجاعات المرافقة للحروب والقحط وقلة الموارد الغذائية.
وهناك نحول ناجم عن سلوك غذائي مضطرب كحالة فقد الشهية العصبي وخوف السمنة anorexia nervosa، وفيها يمتنع المريض عن تناول الطعام لمعالجة البدانة أو خوف حدوثها، وكذلك حالة النهم المرضي (النُهام bulimia) التي يفرط المريض فيها من تناول الطعام، ثم يتقيأه عمداً، أو يتناول الملينات ليتخلص من زيادة الوزن، وتحتاج هاتان الحالتان إلى معالجة نفسية وغذائية خاصة بإشراف طبي.
يؤدي النحول ونقص الوزن عموماً إلى ضعف مقاومة البدن للأمراض بسبب نقص إنتاج الأضداد الممنعة، وضعف مقاومة البرد لرقة الطبقة الدهنية والنسيج الضام تحت الجلد التي تعزل البدن عن المحيط، كما يشعر المريض بتعب وضعف ووهن. يؤدي النحول إلى تغيرات فيزيولوجية في الجسم كاضطراب دورة الحيض والنوم والمزاج.
ولمعالجة النحول ينبغي أولاً كشف الأسباب التي أدت إليه إذا وجدت، فيتحقق ما إذا كان النحول منذ الطفولة والمراهقة، ويُستفسر عن نوعية الغذاء وطبيعة العمل، وما إذا كان الأبوان نحيلين، وهل هناك عادات غذائية خاصة (كره بعض الأطعمة)، أو أن الوجبات غير كافية. ويُسأل عن الأمراض التي اشتكى منها المريض (كالإسهالات المزمنة، والحرارة المديدة)، وعن الحالة النفسية (خوف البدانة)، وعن الحالة الاجتماعية (أبوان منفصلان)، وعن الضغوط النفسية في البيت والمدرسة والعمل. فمعرفة السبب المؤدي إلى النحول ومعالجته هي الخطوة الأولى في معالجة النحول، كمعالجة السكري والإسهال وفرط نشاط الدرق وغيرها.
أما في النحول البنيوي فإن اكتساب الوزن عند المصابين بالنحافة الزائدة ليس بأسهل من صعوبة انقاص الوزن عند المصابين بالبدانة المفرطة، وهذا لا ينطبق على النحافة بسبب القوت (الريجيم) القاسي، والرياضة لفترات طويلة أو التالية لبعض الأمراض، وفيها يتحسن الوزن بزوال السبب.
بعد كشف سبب النحول يُعالج المريض، وتُقدم النصائح إليه حول التغذية وأسلوب تحضير الوجبات على نحو صحيح. تهدف المعالجة إلى تحسين الراتب الغذائي بما يلبي احتياجات زيادة الوزن، فتُقدم الأغذية المولدة للطاقة كالسكريات والدهون (الخبز، الأرز، البطاطا، المحليات، الزبدة، الحليب كامل الدسم) بزيادة 500 ـ 1000 حريرة عن حاجة المريض يومياً، وتكون هذه الزيادة متدرجة حتى لا ترهق الجهاز الهضمي أو تسبب متاعب نفسية، فيضطر المريض إلى تناول كميات كبيرة من الطعام على نحو مفاجئ فيتمرد عليها.
كما يجب أن يحتوي الغذاء على كمية وافرة من البروتينات (لا تقل عن 100 غرام في اليوم) لبناء أنسجة جديدة بدلاً من التي تلفت بفعل المرض والهزال، ولابد من أن يحتوي الغذاء على المعادن والفيتامينات وخاصة الفيتامين بB : لدوره في زيادة الشهية واستقلاب الأغذية، وتُزاد ساعات الراحة والاستجمام لتخفف من صرف الطاقة بغية تخزينها.
ولابد من تقديم الوجبات الإضافية (الحريرات المضافة) في جو فاتح للشهية باعث على الاسترخاء العصبي (سماع موسيقى هادئة، ومشاهدة برامج مريحة، وتناول الطعام جماعة مع أفراد العائلة والأصدقاء).
تفيد الفواكه المجففة (العنب والتين) بين الوجبات، فهي ذات محتوى غذائي جيد غني بالحريرات، كما تفيد إضافة المنكهات والمقبلات إلى وجبات الطعام تبعاً لرغبة المريض، وعليه أن يتوقف عن التدخين لأن ذلك يزيد الشهية للطعام.
يفضل كبار السن النحيلون توزيع الحريرات المضافة إلى وجبات الطعام الرئيسة، في حين يفضل الأطفال النحيلون تناول الحريرات المضافة في الفترات بين الوجبات.
وتفيد التمارين الرياضية في تنمية العضلات واكتساب الوزن كالجري والسباحة وركوب الدراجة، مما يكسب قواماً عضلياً متناسقاً بعيداً عن الترهل.
وتجدر الإشارة إلى صغر حجم بحث النحول في كتب الأمراض وازدياد حجمه في كتب الصحة والقوت والجمال عدا النحول الزائد البنيوي والهزال الناجم عن الأمراض المختلفة، وأن برنامج زيادة الوزن لا يبلغ سهولة إنقاص الوزن، لذا يجب أن يتم بعناية وتصميم وتنظيم بعد كشف الأسباب المؤدية إليه.
محمد خير الحلبي
Emaciation - Emaciation
النحول
يبذل كثير من الناس جهداً ومالاً كثيراً بالحمية والدواء والتمارين للتخلص من وزنهم الزائد للمحافظة على صحتهم الجيدة ومظهرهم اللائق؛ أي إن النحافة أصبحت هدفاً وليس مرضاً، لكن فئة من الناس تعاني النحول الزائد (الهزال) emaciation المزعج صحياً واجتماعياً.
تصف كلمة نحول نقص الوزن عن المثالي بالنسبة إلى الطول إذا نقص أكثر من 15% من الوزن (أي ينخفض منسب كتلة البدن BMI -Body Mass Index ـ والذي هو: الوزن (كغ)/مربع الطول (م2)، فإذا كان الحاصل 18.5ـ 25 فهو مثالي، وإذا كان الحاصل 25ـ30 فهو زائد الوزن، وإذا كان الحاصل ـ40 فهو بدين، وإذا كان الحاصل 40ـ60 فهو مفرط البدانة). يتصف النحيل برقة الجسم ودقة الأطراف (ساقان كالقنب يشبهان ساقي اللقلق، وأطراف كالحبال) وقلة الشحم واللحم والنسيج الضام تحت الجلد، وضمور العضلات.
يشكو النحيل من نقص وزنه وما يرافق ذلك من فقر دم وهبوط ضغط شرياني وضعف مناعة تجاه الأمراض وزيادة الشعور بالبرد.
يتضمن النحول حالات عديدة، ويحدث سريعاً أو متدرجاً، وقد يكون منذ الطفولة، ويستمر بتقدم العمر أو يحدث متأخراً مرافقاً لأمراض عديدة. فهناك نحيل منذ طفولته يتمتع بصحة جيدة ويمارس حياته بنشاط، وسبب نحوله إما عادات غذائية مكتسبة منذ الطفولة (كره بعض الأطعمة)، وأمّا لتكوينه البنيوي (أبوان نحيلان)؛ فهو يأكل جيداً ويتحرك بنشاط من دون أن يؤثر ذلك في وزنه. وقد يكون السبب وجود مشكلات نفسية تؤثر في شهيته ونومه كالاكتئاب والأرق وتناول المنبهات والتدخين المفرط. وهناك نحول أو هزال مرافق لبعض الأمراض الحادة، كالتهاب المعدة والتهاب الأمعاء والحمى التيفية والحصبة. ويستعيد المريض وزنه عادة بعد شفائه إذا توافر الغذاء الكافي في طور النقاهة. تؤدي هجمات الخمج المتكررة إلى تدهور مترق في الحالة الاغتذائية تتظاهر بنقص الوزن وتعثر النمو الطولي، وأهم هذه الأخماج الإسهالات المزمنة في البلدان الفقيرة قليلة الموارد الغذائية رديئة التصحاح البيئي، ولهذا تأثيرات سيئة على النساء الحوامل وعلى نمو الأجنة والرضع والأطفال. ينقص استهلاك الطعام في أثناء الخمج وتكون الأغذية غير كافية في فترة النقاهة، وهذا يؤدي إلى السغل marasmus، وهو نحافة شديدة تصيب البدن كله، والكواشركور kwashiorkor الذي يصيب الرضيع، كما أن النساء سيئات التغذية ينجبن ولداناً متأخري النمو وقبل الأوان.
وهناك أمراض مزمنة تترافق بالنحول كالداء السكري، وفرط نشاط الغدة الدرقية (التي تسبب نقص وزن بسبب زيادة الاستقلاب)، وسوء امتصاص الأغذية (كالداء الزلاقي الذي يتحسس فيه الطفل من مادة الغلوتن الموجودة في القمح)، والإصابة بالديدان المعوية (كداء الصفر والانكلستوما)، والطفيليات الأخرى (كالزحار المزمن واللمبيليات المعوية)، والسرطانات المختلفة (التي تصيب المعدة والقولون والمعثكلة واللمفيات)، والالتهابات المزمنة (كالتدرن وعوز المناعة المكتسب)، وسوء التغذية في البلدان الفقيرة، وبعض المجاعات المرافقة للحروب والقحط وقلة الموارد الغذائية.
وهناك نحول ناجم عن سلوك غذائي مضطرب كحالة فقد الشهية العصبي وخوف السمنة anorexia nervosa، وفيها يمتنع المريض عن تناول الطعام لمعالجة البدانة أو خوف حدوثها، وكذلك حالة النهم المرضي (النُهام bulimia) التي يفرط المريض فيها من تناول الطعام، ثم يتقيأه عمداً، أو يتناول الملينات ليتخلص من زيادة الوزن، وتحتاج هاتان الحالتان إلى معالجة نفسية وغذائية خاصة بإشراف طبي.
يؤدي النحول ونقص الوزن عموماً إلى ضعف مقاومة البدن للأمراض بسبب نقص إنتاج الأضداد الممنعة، وضعف مقاومة البرد لرقة الطبقة الدهنية والنسيج الضام تحت الجلد التي تعزل البدن عن المحيط، كما يشعر المريض بتعب وضعف ووهن. يؤدي النحول إلى تغيرات فيزيولوجية في الجسم كاضطراب دورة الحيض والنوم والمزاج.
ولمعالجة النحول ينبغي أولاً كشف الأسباب التي أدت إليه إذا وجدت، فيتحقق ما إذا كان النحول منذ الطفولة والمراهقة، ويُستفسر عن نوعية الغذاء وطبيعة العمل، وما إذا كان الأبوان نحيلين، وهل هناك عادات غذائية خاصة (كره بعض الأطعمة)، أو أن الوجبات غير كافية. ويُسأل عن الأمراض التي اشتكى منها المريض (كالإسهالات المزمنة، والحرارة المديدة)، وعن الحالة النفسية (خوف البدانة)، وعن الحالة الاجتماعية (أبوان منفصلان)، وعن الضغوط النفسية في البيت والمدرسة والعمل. فمعرفة السبب المؤدي إلى النحول ومعالجته هي الخطوة الأولى في معالجة النحول، كمعالجة السكري والإسهال وفرط نشاط الدرق وغيرها.
أما في النحول البنيوي فإن اكتساب الوزن عند المصابين بالنحافة الزائدة ليس بأسهل من صعوبة انقاص الوزن عند المصابين بالبدانة المفرطة، وهذا لا ينطبق على النحافة بسبب القوت (الريجيم) القاسي، والرياضة لفترات طويلة أو التالية لبعض الأمراض، وفيها يتحسن الوزن بزوال السبب.
بعد كشف سبب النحول يُعالج المريض، وتُقدم النصائح إليه حول التغذية وأسلوب تحضير الوجبات على نحو صحيح. تهدف المعالجة إلى تحسين الراتب الغذائي بما يلبي احتياجات زيادة الوزن، فتُقدم الأغذية المولدة للطاقة كالسكريات والدهون (الخبز، الأرز، البطاطا، المحليات، الزبدة، الحليب كامل الدسم) بزيادة 500 ـ 1000 حريرة عن حاجة المريض يومياً، وتكون هذه الزيادة متدرجة حتى لا ترهق الجهاز الهضمي أو تسبب متاعب نفسية، فيضطر المريض إلى تناول كميات كبيرة من الطعام على نحو مفاجئ فيتمرد عليها.
كما يجب أن يحتوي الغذاء على كمية وافرة من البروتينات (لا تقل عن 100 غرام في اليوم) لبناء أنسجة جديدة بدلاً من التي تلفت بفعل المرض والهزال، ولابد من أن يحتوي الغذاء على المعادن والفيتامينات وخاصة الفيتامين بB : لدوره في زيادة الشهية واستقلاب الأغذية، وتُزاد ساعات الراحة والاستجمام لتخفف من صرف الطاقة بغية تخزينها.
ولابد من تقديم الوجبات الإضافية (الحريرات المضافة) في جو فاتح للشهية باعث على الاسترخاء العصبي (سماع موسيقى هادئة، ومشاهدة برامج مريحة، وتناول الطعام جماعة مع أفراد العائلة والأصدقاء).
تفيد الفواكه المجففة (العنب والتين) بين الوجبات، فهي ذات محتوى غذائي جيد غني بالحريرات، كما تفيد إضافة المنكهات والمقبلات إلى وجبات الطعام تبعاً لرغبة المريض، وعليه أن يتوقف عن التدخين لأن ذلك يزيد الشهية للطعام.
يفضل كبار السن النحيلون توزيع الحريرات المضافة إلى وجبات الطعام الرئيسة، في حين يفضل الأطفال النحيلون تناول الحريرات المضافة في الفترات بين الوجبات.
وتفيد التمارين الرياضية في تنمية العضلات واكتساب الوزن كالجري والسباحة وركوب الدراجة، مما يكسب قواماً عضلياً متناسقاً بعيداً عن الترهل.
وتجدر الإشارة إلى صغر حجم بحث النحول في كتب الأمراض وازدياد حجمه في كتب الصحة والقوت والجمال عدا النحول الزائد البنيوي والهزال الناجم عن الأمراض المختلفة، وأن برنامج زيادة الوزن لا يبلغ سهولة إنقاص الوزن، لذا يجب أن يتم بعناية وتصميم وتنظيم بعد كشف الأسباب المؤدية إليه.
محمد خير الحلبي