شخصيات مؤثرة
قبل النفط والغاز.. 3 حروب على الملح والسكر والشاي
حروب طاحنة يسقط فيها آلاف الضحايا وتحتل عشرات البلدان عبر التاريخ على مذبح الملح والسكر والشاي.
الشاي :
بعد حرب السنوات السبع بين فرنسا وبريطانيا، خرجت بريطانيا في النهاية منتصرة سنة 1763، وفي نفس الوقت مُفلسة تمامًا، وهو ما عنى أنّ عليها الحصول على موارد جديدة وفرض ضرائب على المستعمرات.
و كان الهدف الأسهل لهذه الضرائب هو السلعة الأكثر رواجًا حينها في بريطانيا وأمريكا على حدّ سواء؛ الشاي.
ولذلك قامت بريطانيا بإصدار قانون جديد يمنح «شركة الهند الشرقية»، وهي أكبر الشركات البريطانية وذراعها الاستعماري في العالم حينها، يمنحها حقّ احتكار المتاجرة بمادّة الشاي في أمريكا، وهو ما يعني منع التجّار الأمريكيين من استيراده بأنفسهم.
استفزّ هذا القرار الأمريكيين الذين رأوا فيه وسيلة لإخضاعهم وتكريس الهيمنة البريطانيّة على حياتهم، ورأوا أنّ أفضل ردّ على «قانون الشاي» هو التعرّض للسُفُن البريطانية التي تأتي محمّلة بالشاي وإجبارها على المغادرة.
وهو ما جرى فعلاً في كل من نيويورك وفيلاديلفيا وبوسطن، إذ اقتحم الأمريكيون سُفُن الشاي وقاموا بإلقاء حمولتها في البحر، وهو ما شكّل فتيل الحرب بين البريطانيين والأمريكيين، والتي انتهت بما يسمى “استقلال أمريكا”.
السكر:
هذه المرة في البرازيل خلال القرن السادس عشر، حيث تحولت هذه المادة التي تخفف مرارة القهوة والشاي وتحسن المزاج، سبباً في انتعاش تجارة العبيد الأفارقة.
خلال القرن السادس عشر، كان العالم ساحة للحروب التجاريّة بين الإمبراطوريات والشركات الكبرى التابعة لها من أجل السيطرة على الأسواق وطرق التجارة والموارد الغنيّة والأراضي الزراعية الخصبة، بالتحديد بين كلّ من البرتغال وإسبانيا وهولندا.
وفي خضمّ هذا التنافس ، استطاعت البرتغال أن تُنشئ اقتصادًا مبنيًّا على السكر في مستعمرتها بالبرازيل، وسرعان ما أصبحت الأراضي البرازيلية من خلال التقنيات الزراعية التي جلبها البرتغاليّون، بالإضافة إلى العمالة المجانيّة الممثّلة في العبيد الذين جرى جلبهم من أفريقيا؛ المصدر الرئيسي للسكّر في العالم.
هذا المورد الثمين أسال لُعاب المنافس الأوروبيّ اللدود للبرتغاليين حينها، «شركة الهند الغربيّة» الهولنديّة التي كانت تسعى للسيطرة على المستعمرات البرتغاليّة في أمريكا وأفريقيا.
وبالفعل استطاعت الشركة احتلال الشمال الشرقي للبرازيل لتسيطر بذلك على محاصيل السكّر، وتحصل على العمالة الرخيصة من خلال مستعمراتها في أفريقيا، وبذلك انتزعت من البرتغاليين تجارة السكّر في العالم.
لكن سيطرة الهولنديين لم تستمرّ لفترة طويلة، إذ نظّم فلاّحو قصب السكّر أنفسهم في ميليشيات مسلّحة، كان يجري تمويلها من خلال محاصيل قصب السكّر التي يمتلكونها، وخاضوا حرب عصابات ضد الهولنديين فيما يسمّى بـ«حرب السكّر» التي اندلعت في أواسط القرن السابع عشر، لتنتهي بخسارة الهولنديين لأراضيهم في البرازيل.
الملح:
بدأت قصة الملح منذ «مسيرة الملح» التي قادها غاندي ضد الاحتلال البريطاني للهند، حين فرض البريطانيون احتكار إنتاج الملح ومنعوا الهنود من تصنيعه، قاد غاندي مسيرةً على الأقدام بطول 240 ميلا من مدينة أحمد أباد وسط الهند إلى البحر احتجاجًا على السياسة البريطانيّة.
وفي مدينة بيروجيا وسط إيطاليا، يقدّمون الخبز دون ملح، والسبب -حسب بعض الروايات- يرجع إلى ما يسمّى بـ”حرب الملح” الطاحنة التي نشبت بين هذه المدينة وبين إمارة الكنيسة في القرن السادس بعشر.
بعد عدّة محاولات للسيطرة على مدينة بيروجيا الإيطالية من طرف إمارة الكنيسة ، ومع تنصيب البابا الجديد بول الثالث، أمر بإصدار ضريبة جديدة على الملح، وهو ما عدّه سكّان بيروجيا مخالفًا للاتفاق السابق الذي أقرّه البابا في بداية تنصيبه، والذي يفيد بأنّه سيحترم جميع الاتفاقيات التي وقّعها الباباوات الذين سبقوه.
ومن هنا اندلعت انتفاضة ضد البابا بول الثالث في سنة 1540 بقيادة الثوّار االبيروجيين سُمّيت بـ”حرب الملح”، إذ قاد قوّات البابا ابنه من أجل قمع الانتفاضة الشعبيّة، وتشير بعض الروايات إلى أنّ سكّان بيروجيا، احتجاجًا على ضريبة الملح التي أقرّها البابا، امتنعوا عن وضع الملح في الخبز نهائيًّا.