ندره اقتصاديه
Scarcity - Rareté
الندرة الاقتصادية
تتمثل المشكلة الاقتصادية في الندرة النسبية للموارد الاقتصادية إزاء تعدد احتياجات الإنسان وتطورها ولهذه المشكلة ركنان أساسيان هما: الندرة من جهة، والاختيار، وهو الطريق الذي يحدده علم الاقتصاد بهدف حلها من جهة أخرى.
فالندرة الاقتصادية economic scarcity بهذا المعنى يقصد بها الندرة النسبية لا المطلقة. أي إن الموارد الاقتصادية والمنتجات متوفرة بكمية تقل عن احتياجات المجتمع ورغبات الأفراد, وتعبر عن العلاقة بين هذه الرغبات والاحتياجات, وبين الموارد غير الكافية والمحدودة، فقد تكون سلعة ما متوفرة بكمية أكبر من سلعة ثانية، لكن حاجة الأفراد والمجتمع إلى السلعة الأولى أكبر بكثير من حاجته إلى السلعة الثانية؛ فحاجة الإنسان والمجتمع إلى الخبز يفوق بكثير احتياجاته إلى السيارة، ومن هنا تكتسب الندرة معناها النسبي.
ولما كان المستهلك يملك دخلاً محدوداً يتيح لـه الحصول على كميات وأنواع محدودة من السلع لتلبية احتياجاته وإرضاء رغباته فإنه سيختار مجموعة من السلع والأشياء التي تلبي احتياجاته وترضي رغباته أكثر من غيرها، وبذلك تكون مشكلة المستهلك هي الحصول على الحد الأعلى من الرضى وتلبية الرغبات بالاستناد إلى دخل معين.
وحين تكون الموارد نادرة نسبياً يتحتم على الفرد أن يقوم بعملية الاختيار ويحدد السلع التي يحتاج إليها ويريد إشباعها وفقاً لأهميتها النسبية بموجب سلم أولويات، كذلك الأمر للمجتمع, حيث يظهر الاختيار وسيلة تعبير عن كيفية استخدام الموارد الاقتصادية في توفير السلع إلى المستهلك، سواء مباشرة بطريق استيرادها جاهزة من الخارج، أم بإنشاء وسائل إنتاج لهذه السلع عن طريق التصنيع أو الإنتاج المحلي، وفي هذا الإطار فإن عملية الاختيار قد تؤدي إلى التضحية عندما يقرر الفرد أو المجتمع إعطاء الأولوية لحاجات معينة والنزول عن إشباع حاجات أخرى.
والندرة النسبية أحد عوامل ثلاثة في عد مورد ما أنه اقتصادي، فلكي يسمى المورد اقتصادياً ينبغي أن يتوافر فيه فضلاً عن الندرة وجود ثمن، وأن يرتبط بجهد ووقت للحصول عليه (عمل)، ولذلك فإن الهواء على سبيل المثال لا يعد مورداً اقتصادياً بل مورداً مباحاً دون ثمن، وكذلك فإن الندرة النسبية تعد عنصراً أساسياً في اعتبار النقود واعتمادها وحدة قوة شرائية عند التبادل في الأسواق، وبموجب هذه الندرة لا يمكن للفرد في المجتمع أن يحصل على النقود إلا وفق قواعد وطرق معترف بها من قبل المجتمع كله…
ولقد واجه الإنسان المشكلة الاقتصادية عبر الأفكار والنظم الاقتصادية التي انتشرت في العالم المعاصر من خلال ثلاثة نظم رئيسية:
1ـ الفكر والنظام الرأسمالي: الذي يقوم أساساً على تملك الأفراد موارد الإنتاج ملكية خاصة، وأن المنافسة تسود الأسواق وأن أثمان السلع تتحدد بالعرض والطلب، وفي ضوء ذلك يتحدد إنتاج السلع وتوزيعها في المجتمع.
2ـ الفكر والنظام الاشتراكي: ويقوم على مبادئ ملكية الدولة لموارد الإنتاج ملكية عامة, وبالتالي فلا سبيل للمنافسة في الأسواق, والتخطيط المركزي هو الذي يحدد إنتاج السلع والخدمات وتوزيعها على الناس للاستهلاك.
3ـ النظام الاقتصادي المختلط: الذي اعتمد على مبادئ مستمدة من كلا النظامين أي ملكية عامة وخاصة مع تدخل الدولة في مراقبة الأسعار والإنتاج والتوزيع.
وكان أساس المشكلة الاقتصادية المتمثل بالندرة النسبية يطرح على الفكر الاقتصادي، وهذه النظم عدة تساؤلات تتعلق بفكرة القيمة والمنفعة والأسعار المتعلقة باحتياجات الفرد والمجتمع فظهرت في هذا الإطار نظريات متعددة ألفت جوهر الفكر الاقتصادي والسياسي عبر التاريخ.
وكانت النزعة التشاؤمية التي أثارها مالتوس في نظريته قد شحذت الفكر الاقتصادي نحو ابتداع الحلول والخيارات أمام مواجهة هذه المشكلة، وواجهت هذه النظرية نقداً كبيراً اذ عدت زيادة عدد السكان في الأرض تتم بنسبة متوالية هندسية في حين أن الموارد الاقتصادية تتزايد بمتوالية حسابية، ووجد أن الخيار هو تقليل عدد سكان الأرض للمواءمة بين الاحتياج والإنتاج وأغفل مالتوس ماطرأ لاحقاً من تطور تقني وصناعي أدى إلى زيادة الإنتاج.
إزاء فكرة الندرة النسبية ظهرت نظريات في طليعتها نظرية المنفعة التي رأى أصحابها أن فكرة قيمة السلعة ترتبط بالندرة؛ لأن منفعة كل وحدة من الشيء تتعلق بغزارة الحاجات الحالية والملحة التي تريد إشباعها، ومن الطبيعي أن السلع تفقد مزية النفع كلما كانت غزيرة كما قال الفرنسي فالراس فيما سمي نظرية المنفعة الهامشية أو الحدية.
وعلى العموم فإن نظرية المنفعة تؤسس على أنه يمكن دراسة سلوك المستهلك واختياره بين السلع بوساطة طريقتين تتعلقان بنظرية المنفعة وتوازن المستهلك.
فالمستهلك يحصل على إشباع أو منفعة من استهلاكه وحدات من السلعة، وهذا الإشباع قابل للقياس الكمي بوحدات تسمى وحدات المنفعة أي إنه باستهلاك وحدة من السلعة يحصل المستهلك على عدد معين من وحدات المنفعة وباستهلاك وحدة أخرى من السلعة تزداد وحدات المنفعة المتحصلة أي يزداد الإشباع، وبعد حد معين من الاستهلاك يبلغ الإشباع الكلي حداً أقصى أي حد التشبع، والاستهلاك الذي يزيد على هذا الحد يؤدي إلى الضرر.
كذلك فإن ارتباط فكرة الندرة بالمنفعة أدى إلى ظهور نظرية توازن المستهلك؛ والتي تستند إلى أن المستهلك شخص عاقل ورشيد، يهدف من وراء سلوكه إلى تحقيق أقصى إشباع ممكن من دخله، فإذا وزع دخله على السلع المختلفة بحيث يحقق أقصى إشباع ممكن فإنه يصل إلى حالة من التوازن.
ويرتبط مفهوم القيمة بفكرة الندرة الاقتصادية، ووفق ذلك فإن السلع بعد إنتاجها يتم تبادلها في الأسواق استناداً إلى قيمتها المستمدة من نفقات الإنتاج (العرض) ومنفعتها المتحصلة (الطلب) وذلك بأثمان معينة، وإذا التقى جانبا العرض والطلب يصبح الثمن توازنياً ويتم التبادل.
وحول مفهوم القيمة ظهرت مدارس فكرية عديدة تناولت هذه المسألة، كان في طليعتها ماسمي المدرسة الكلاسيكية وفق نظرية آدم سميث الذي حدد لقيمة السلعة مفهومين:
ـ القيمة الاستعمالية: وهي التي تعبر عن منفعة السلعة.
ـ القيمة التبادلية: أي تبادل سلعة بسلعة أخرى.
وقد ركز سميث على القيمة التبادلية التي فسرها بكمية العمل المبذول في إنتاج السلعة في الاقتصاد البدائي، أما في الاقتصاد الحديث فإن قيمة التبادل تفسر بنفقة الإنتاج من حيث عناصر الإنتاج، وهي العمل والادخار ورأس المال.
وأيد ريكاردو هذا الاتجاه, ونبذ فكرة قيمة الاستعمال وركز على قيمة التبادل، ولكن نفقة الإنتاج عنده تتوقف على عنصر العمل فقط.
أما المدرسة الكلاسيكية الحديثة فقد استندت إلى نظرية المنفعة الحدية في تحديد مفهوم قيمة السلعة، أي إنها تتحدد بمنفعتها للمستهلك لا بنفقة الإنتاج.
وحاول ألفريد مارشال الأخذ بجانبي السوق أي عنصري العرض والطلب (نفقة الإنتاج والمنفعة في تحديد قيمة السلعة).
وكانت إسهامات ماركس في هذا الاطار ذات أهمية من خلال رؤيته لقوانين الإنتاج الرأسمالي، إذ حدد قيمة البضاعة بكمية العمل الاجتماعي الضروري لإنتاجها، فالقيمة ذات طابع ازدواجي.
ـ القيمة الاستعمالية التبادلية.
ـ القيمة الزائدة (الربح ـ الفائدة ـ ريع الأرض…إلخ) وعنده أن قيمة العمل وكمية العمل شيئان متمايزان تماماً.
وإذا كانت ندرة السلعة والحاجة إليها هما عنصري ثمن السلعة فإن الحاجة وحدها لا تكفي ليكون للسلعة ثمن، فاللحم عند النباتيين تنعدم الحاجة إليه ولا ثمن لـه عندهم على الرغم من أنه يتصف بالندرة، وهكذا فالحاجة (الطلب) والندرة (العرض) عنصران متلازمان في تكوين سعر السلعة أي طلب السوق وعرض السوق معاً يحددان الثمن.
وتزيد الكمية المطلوبة مع نقص الثمن والسعر، ومع زيادته تنقص الكمية المطلوبة من السلعة، وتغير الثمن يؤدي الى تغير الكمية المطلوبة لسببين: 1ـ أثر الدخل الفردي والاجتماعي، حيث ينفق المستهلك من دخله مبلغاً أكبر لشراء الكمية نفسها التي كان يشتريها قبل ارتفاع السعر فتقل كمية طلب الاستهلاك.
ـ الإحلال: إذ إنه عند ارتفاع سعر السلعة يقوم المستهلك بالاستعاضة عنها جزئياً بسلعة أخرى تعطيه إشباعاً مماثلاً وتحافظ على سعرها.
ويستقر التبادل في السوق عندما يسمى الثمن التوازني والكمية التوازنية الذي يتحدد نتيجة تفاعل عنصري العرض والطلب، فإذا كان هناك فائض عرض فإنه يدفع بقوى السوق نحو خفض الثمن ليصل إلى مايسمى السعر التوازني، وإذا ما بلغ السعر أقل من السعر التوازني فإن هناك فائض طلب يدفع بقوى السوق إلى رفع السعر ليصل إلى ثمن التوازن، وعنده ينعدم فائض العرض وفائض الطلب ويستقر التبادل في السوق.
وفي الظروف الاستثنائية، كحالة الحرب أو الكوارث الطبيعية تفرض الدولة أسعاراً إلزامية للمواد، منعاً لارتفاعها على نحو كبير، وفي معظم الأحيان تؤدي مثل هذه الحالة إلى أوضاع استثنائية تطرأ على حالة السلع، تتمثل في ندرتها بشكل خارج عن قوانين السوق منها:
ـ اختفاء السلعة من السوق.
ـ توزيع السلعة بالبطاقة.
ـ السوق السوداء نتيجة عدم إشباع السوق وتلبية الطلب.
سامي هابيل
Scarcity - Rareté
الندرة الاقتصادية
تتمثل المشكلة الاقتصادية في الندرة النسبية للموارد الاقتصادية إزاء تعدد احتياجات الإنسان وتطورها ولهذه المشكلة ركنان أساسيان هما: الندرة من جهة، والاختيار، وهو الطريق الذي يحدده علم الاقتصاد بهدف حلها من جهة أخرى.
فالندرة الاقتصادية economic scarcity بهذا المعنى يقصد بها الندرة النسبية لا المطلقة. أي إن الموارد الاقتصادية والمنتجات متوفرة بكمية تقل عن احتياجات المجتمع ورغبات الأفراد, وتعبر عن العلاقة بين هذه الرغبات والاحتياجات, وبين الموارد غير الكافية والمحدودة، فقد تكون سلعة ما متوفرة بكمية أكبر من سلعة ثانية، لكن حاجة الأفراد والمجتمع إلى السلعة الأولى أكبر بكثير من حاجته إلى السلعة الثانية؛ فحاجة الإنسان والمجتمع إلى الخبز يفوق بكثير احتياجاته إلى السيارة، ومن هنا تكتسب الندرة معناها النسبي.
ولما كان المستهلك يملك دخلاً محدوداً يتيح لـه الحصول على كميات وأنواع محدودة من السلع لتلبية احتياجاته وإرضاء رغباته فإنه سيختار مجموعة من السلع والأشياء التي تلبي احتياجاته وترضي رغباته أكثر من غيرها، وبذلك تكون مشكلة المستهلك هي الحصول على الحد الأعلى من الرضى وتلبية الرغبات بالاستناد إلى دخل معين.
وحين تكون الموارد نادرة نسبياً يتحتم على الفرد أن يقوم بعملية الاختيار ويحدد السلع التي يحتاج إليها ويريد إشباعها وفقاً لأهميتها النسبية بموجب سلم أولويات، كذلك الأمر للمجتمع, حيث يظهر الاختيار وسيلة تعبير عن كيفية استخدام الموارد الاقتصادية في توفير السلع إلى المستهلك، سواء مباشرة بطريق استيرادها جاهزة من الخارج، أم بإنشاء وسائل إنتاج لهذه السلع عن طريق التصنيع أو الإنتاج المحلي، وفي هذا الإطار فإن عملية الاختيار قد تؤدي إلى التضحية عندما يقرر الفرد أو المجتمع إعطاء الأولوية لحاجات معينة والنزول عن إشباع حاجات أخرى.
والندرة النسبية أحد عوامل ثلاثة في عد مورد ما أنه اقتصادي، فلكي يسمى المورد اقتصادياً ينبغي أن يتوافر فيه فضلاً عن الندرة وجود ثمن، وأن يرتبط بجهد ووقت للحصول عليه (عمل)، ولذلك فإن الهواء على سبيل المثال لا يعد مورداً اقتصادياً بل مورداً مباحاً دون ثمن، وكذلك فإن الندرة النسبية تعد عنصراً أساسياً في اعتبار النقود واعتمادها وحدة قوة شرائية عند التبادل في الأسواق، وبموجب هذه الندرة لا يمكن للفرد في المجتمع أن يحصل على النقود إلا وفق قواعد وطرق معترف بها من قبل المجتمع كله…
ولقد واجه الإنسان المشكلة الاقتصادية عبر الأفكار والنظم الاقتصادية التي انتشرت في العالم المعاصر من خلال ثلاثة نظم رئيسية:
1ـ الفكر والنظام الرأسمالي: الذي يقوم أساساً على تملك الأفراد موارد الإنتاج ملكية خاصة، وأن المنافسة تسود الأسواق وأن أثمان السلع تتحدد بالعرض والطلب، وفي ضوء ذلك يتحدد إنتاج السلع وتوزيعها في المجتمع.
2ـ الفكر والنظام الاشتراكي: ويقوم على مبادئ ملكية الدولة لموارد الإنتاج ملكية عامة, وبالتالي فلا سبيل للمنافسة في الأسواق, والتخطيط المركزي هو الذي يحدد إنتاج السلع والخدمات وتوزيعها على الناس للاستهلاك.
3ـ النظام الاقتصادي المختلط: الذي اعتمد على مبادئ مستمدة من كلا النظامين أي ملكية عامة وخاصة مع تدخل الدولة في مراقبة الأسعار والإنتاج والتوزيع.
وكان أساس المشكلة الاقتصادية المتمثل بالندرة النسبية يطرح على الفكر الاقتصادي، وهذه النظم عدة تساؤلات تتعلق بفكرة القيمة والمنفعة والأسعار المتعلقة باحتياجات الفرد والمجتمع فظهرت في هذا الإطار نظريات متعددة ألفت جوهر الفكر الاقتصادي والسياسي عبر التاريخ.
وكانت النزعة التشاؤمية التي أثارها مالتوس في نظريته قد شحذت الفكر الاقتصادي نحو ابتداع الحلول والخيارات أمام مواجهة هذه المشكلة، وواجهت هذه النظرية نقداً كبيراً اذ عدت زيادة عدد السكان في الأرض تتم بنسبة متوالية هندسية في حين أن الموارد الاقتصادية تتزايد بمتوالية حسابية، ووجد أن الخيار هو تقليل عدد سكان الأرض للمواءمة بين الاحتياج والإنتاج وأغفل مالتوس ماطرأ لاحقاً من تطور تقني وصناعي أدى إلى زيادة الإنتاج.
إزاء فكرة الندرة النسبية ظهرت نظريات في طليعتها نظرية المنفعة التي رأى أصحابها أن فكرة قيمة السلعة ترتبط بالندرة؛ لأن منفعة كل وحدة من الشيء تتعلق بغزارة الحاجات الحالية والملحة التي تريد إشباعها، ومن الطبيعي أن السلع تفقد مزية النفع كلما كانت غزيرة كما قال الفرنسي فالراس فيما سمي نظرية المنفعة الهامشية أو الحدية.
وعلى العموم فإن نظرية المنفعة تؤسس على أنه يمكن دراسة سلوك المستهلك واختياره بين السلع بوساطة طريقتين تتعلقان بنظرية المنفعة وتوازن المستهلك.
فالمستهلك يحصل على إشباع أو منفعة من استهلاكه وحدات من السلعة، وهذا الإشباع قابل للقياس الكمي بوحدات تسمى وحدات المنفعة أي إنه باستهلاك وحدة من السلعة يحصل المستهلك على عدد معين من وحدات المنفعة وباستهلاك وحدة أخرى من السلعة تزداد وحدات المنفعة المتحصلة أي يزداد الإشباع، وبعد حد معين من الاستهلاك يبلغ الإشباع الكلي حداً أقصى أي حد التشبع، والاستهلاك الذي يزيد على هذا الحد يؤدي إلى الضرر.
كذلك فإن ارتباط فكرة الندرة بالمنفعة أدى إلى ظهور نظرية توازن المستهلك؛ والتي تستند إلى أن المستهلك شخص عاقل ورشيد، يهدف من وراء سلوكه إلى تحقيق أقصى إشباع ممكن من دخله، فإذا وزع دخله على السلع المختلفة بحيث يحقق أقصى إشباع ممكن فإنه يصل إلى حالة من التوازن.
ويرتبط مفهوم القيمة بفكرة الندرة الاقتصادية، ووفق ذلك فإن السلع بعد إنتاجها يتم تبادلها في الأسواق استناداً إلى قيمتها المستمدة من نفقات الإنتاج (العرض) ومنفعتها المتحصلة (الطلب) وذلك بأثمان معينة، وإذا التقى جانبا العرض والطلب يصبح الثمن توازنياً ويتم التبادل.
وحول مفهوم القيمة ظهرت مدارس فكرية عديدة تناولت هذه المسألة، كان في طليعتها ماسمي المدرسة الكلاسيكية وفق نظرية آدم سميث الذي حدد لقيمة السلعة مفهومين:
ـ القيمة الاستعمالية: وهي التي تعبر عن منفعة السلعة.
ـ القيمة التبادلية: أي تبادل سلعة بسلعة أخرى.
وقد ركز سميث على القيمة التبادلية التي فسرها بكمية العمل المبذول في إنتاج السلعة في الاقتصاد البدائي، أما في الاقتصاد الحديث فإن قيمة التبادل تفسر بنفقة الإنتاج من حيث عناصر الإنتاج، وهي العمل والادخار ورأس المال.
وأيد ريكاردو هذا الاتجاه, ونبذ فكرة قيمة الاستعمال وركز على قيمة التبادل، ولكن نفقة الإنتاج عنده تتوقف على عنصر العمل فقط.
أما المدرسة الكلاسيكية الحديثة فقد استندت إلى نظرية المنفعة الحدية في تحديد مفهوم قيمة السلعة، أي إنها تتحدد بمنفعتها للمستهلك لا بنفقة الإنتاج.
وحاول ألفريد مارشال الأخذ بجانبي السوق أي عنصري العرض والطلب (نفقة الإنتاج والمنفعة في تحديد قيمة السلعة).
وكانت إسهامات ماركس في هذا الاطار ذات أهمية من خلال رؤيته لقوانين الإنتاج الرأسمالي، إذ حدد قيمة البضاعة بكمية العمل الاجتماعي الضروري لإنتاجها، فالقيمة ذات طابع ازدواجي.
ـ القيمة الاستعمالية التبادلية.
ـ القيمة الزائدة (الربح ـ الفائدة ـ ريع الأرض…إلخ) وعنده أن قيمة العمل وكمية العمل شيئان متمايزان تماماً.
وإذا كانت ندرة السلعة والحاجة إليها هما عنصري ثمن السلعة فإن الحاجة وحدها لا تكفي ليكون للسلعة ثمن، فاللحم عند النباتيين تنعدم الحاجة إليه ولا ثمن لـه عندهم على الرغم من أنه يتصف بالندرة، وهكذا فالحاجة (الطلب) والندرة (العرض) عنصران متلازمان في تكوين سعر السلعة أي طلب السوق وعرض السوق معاً يحددان الثمن.
وتزيد الكمية المطلوبة مع نقص الثمن والسعر، ومع زيادته تنقص الكمية المطلوبة من السلعة، وتغير الثمن يؤدي الى تغير الكمية المطلوبة لسببين: 1ـ أثر الدخل الفردي والاجتماعي، حيث ينفق المستهلك من دخله مبلغاً أكبر لشراء الكمية نفسها التي كان يشتريها قبل ارتفاع السعر فتقل كمية طلب الاستهلاك.
ـ الإحلال: إذ إنه عند ارتفاع سعر السلعة يقوم المستهلك بالاستعاضة عنها جزئياً بسلعة أخرى تعطيه إشباعاً مماثلاً وتحافظ على سعرها.
ويستقر التبادل في السوق عندما يسمى الثمن التوازني والكمية التوازنية الذي يتحدد نتيجة تفاعل عنصري العرض والطلب، فإذا كان هناك فائض عرض فإنه يدفع بقوى السوق نحو خفض الثمن ليصل إلى مايسمى السعر التوازني، وإذا ما بلغ السعر أقل من السعر التوازني فإن هناك فائض طلب يدفع بقوى السوق إلى رفع السعر ليصل إلى ثمن التوازن، وعنده ينعدم فائض العرض وفائض الطلب ويستقر التبادل في السوق.
وفي الظروف الاستثنائية، كحالة الحرب أو الكوارث الطبيعية تفرض الدولة أسعاراً إلزامية للمواد، منعاً لارتفاعها على نحو كبير، وفي معظم الأحيان تؤدي مثل هذه الحالة إلى أوضاع استثنائية تطرأ على حالة السلع، تتمثل في ندرتها بشكل خارج عن قوانين السوق منها:
ـ اختفاء السلعة من السوق.
ـ توزيع السلعة بالبطاقة.
ـ السوق السوداء نتيجة عدم إشباع السوق وتلبية الطلب.
سامي هابيل