نفسي (علم لغه)
Psycholinguistics - Psycholinguistique
النفسي (علم اللغة ـ)
علم اللغة النفسي psycholinguistics (علم نفس اللغة) هو المدخل النفسي للغة، حيث يعدها رد فعلٍ للعمليات العقلية، والتفكير، ومحاولة فهم الدوافع، والاحتياجات المختلفة للإنسان في أثناء وجوده في المواقف الاجتماعية المختلفة في ضوء ما يتعرض له من مثيرات وما يصدر عنه من استجابات تعكس قدرته على التكيف والتوافق النفسي مستنداً في ذلك إلى خبراته السابقة وخصائصه الشخصية.
ويهتم هذا المدخل أيضاً بصور التعبير المختلفة للإنسان سواء منها اللفظية أم غير اللفظية التي تعتمد على الإشارات والحركات الجسمية، بوصفها جميعاً تعكس الدوافع الكامنة في أعماق النفس البشرية، إضافة إلى الاهتمام بالطبيعة الصوتية للغة ووظيفتها الاجتماعية والتنوع البنيوي اللغوي واستخدامه بين الأفراد من مجتمع إنساني إلى آخر.
وقد أفاد علم اللغة النفسي في الآونة الأخيرة من نظريتي التعلم والاتصال ومن ثورة المعلومات، مما أدى إلى تحسين العلاقة بين أركان عملية الاتصال (المرسل والمستقبل والرسالة) وتطويرها. ويركز هذا المدخل على فهم المعنى النفسي (دلالة الألفاظ)، أو المعنى الدلالي الذي يختلف من فرد إلى آخر وفقاً لما يسميه علماء النفس بالتمايز الدلالي للألفاظ semantic differentiation.
ويُبرِز علم اللغة النفسي الروابط المختلفة بين الظواهر اللغوية والدراسات النفسية للعمليات العقلية لكل من الذاكرة والحالات الوجدانية والنفسية، مما يُتيح الفرصة لفهم كثير من الظواهر اللغوية فهماً متعمقاً وتفسيرها.
يُعْنى علم اللغة النفسي بدراسة اكتساب اللغة عند الأطفال خاصة، إضافة إلى دراسة العوامل المؤثرة في ذلك بيولوجية كانت أو نفسية أو اجتماعية. كما يبحث في تعلم اللغات الأجنبية والعوامل المؤثرة في ذلك، ويعنى بدراسة عيوب النطق والكلام… إلخ. ويدخل ضمن اهتمام هذا العلم الحالة التي عليها كل من الشخص المرسل والمتلقي (المستقبل).
لقد اتسع علم اللغة النفسي، فتحدد موضوعه بدراسة ظاهرة الكلام من حيث كيفية نشأتها لدى المرسل وكيفية تحققها لدى المستقبل. وإذا كان علم اللغة يهتم بالتراكيب والبنى اللغوية فإن علم اللغة النفسي يهتم بتتبع كيفية اكتساب اللغة و قيام الأنظمة اللغوية بوظيفتها بين المرسل والمستقبل إلى جانب اهتمام هذا العلم بالأداء الكلامي وكيفية استعمال اللغة.
ولا يعدّ علم اللغة النفسي علماً قائماً بذاته، بل يقوم على العلاقات المتبادلة بين علم النفس من جهة واللسانيات أو علوم اللغة من جهة أخرى. ويدرس اللغة في استخداماتها اليومية، ويفيد من طرائق تدريسها وسيكولوجية تعلمها ومن مدارس علم النفس المختلفة؛ وذلك في علاج عيوب النطق وتعليم القراءة والكتابة سواء اللغة الأم أم اللغات الأجنبية.
ـ مجالات الدراسة في علم اللغة النفسي:
تركز الدراسة في علم اللغة النفسي على الأساس الفيزيائي والعضوي والعصبي للغة من جهة وعلى الأساس النفسي للغة من جهة ثانية. ويتناول الأساس الأول الجانب الصوتي والمرئي للغة، والحواس التي تنقل اللغة إلى الإنسان، وهي حواس السمع والبصر وكذلك اللمس للمكفوفين. كما يشتمل على النواحي البيولوجية والفيزيولوجية للغة، إضافة إلى الأساس العصبي لها عند المتحدث والمتلقي والقارئ. ويختص الأساس النفسي بالعمليات الذهنية المختلفة التي يتم فيها اكتساب اللغة منذ الطفولة وفي مدارج العمر التالية، وكذلك بتعلم اللغات الأجنبية إلى جانب اللغة القومية.
ويعدّ اكتساب اللغة الأم من أساسيات علم اللغة النفسي، فهي اللغة الأولى التي ينطق بها الطفل في المراحل المبكرة من العمر والتي تؤثر في عملية اكتسابها مؤثرات بيولوجية وفيزيولوجية واجتماعية. كما أن تعلم اللغات الأجنبية بجانب اللغة الأصلية أو اللغة الأم أمر جوهري في علم اللغة النفسي، ويختص ذلك بالبحث في العوامل المختلفة المؤثرة في تعلم اللغات، ومنها عوامل داخلية وخارجية، ومساعدة، ومُعوِّقة.
يضاف إلى ذلك الاضطرابات اللغوية الخاصة بعيوب النطق والكلام نتيجة إصابة بعض أجهزة الإنسان ذات الصلة باللغة (اضطراب أو تلف في أجهزة النطق أو في المراكز العصبية بالمخ…إلخ)، وتعد هذه الاضطرابات اللغوية جانباً مهماً من جوانب الدراسة في علم اللغة النفسي، إذ إن هذه الاضطرابات تؤثر من الناحية النفسية في شخصية الفرد.
من الدراسات الحديثة في مجال علم اللغة النفسي:
ـ دراسات ثورندايك:
أشار ثورندايك E.L.Thorndike إلى أن وظيفة اللغة تقوم على التعبير عن أفكار الإنسان المتكلم أو عواطفه ووجداناته، وقد تعرض هذا الرأي لمجموعة من الانتقادات، إذ إن اللغة لا تستعمل للتعبير فقط، ولكنها تستعمل أيضاً لإثارة أفكار السامع ومشاعره، بل قد تدفعه إلى العمل والحركة…
ـ دراسات واطسون:
يُعدّ واطسون J.B.Watson من روّاد المدرسة السلوكية، وعدّ اللغة هي الكلام المنطوق فعلاً، وعدّ التفكير نوعاً من الكلام الداخلي.
ـ دراسات باڤلوڤ:
إن اللغة عند باڤلوڤ I.Pavlov تتألف من ردود أفعال أو استجابات للمؤثرات الخارجية بحيث يؤدي الشكل المقبول اجتماعياً منها إلى تكوين عادة لدى الفرد، وهذه العادة يتم تكوينها وتثبيتها عن طريق الثواب الذي يقدمه المجتمع للفرد ابتداء من الوالدين وامتداداً إلى باقي أفراد المجتمع ومؤسساته، وبذلك يتعلم الطفل اللغة ويحفظ ويختزن عدداً محدوداً من نماذج الجمل، وعندما يتأثر الفرد بمؤثر خارجي يستجيب له بإحدى هذه النماذج المخزونة.
ـ دراسات سكِنر:
أشارت تجارب سكِنر B.F.Skinner إلى اللغة على أنها عادة مكتسبة، مثلها في ذلك مثل عادات الإنسان الأخرى التي يكتسبها عبر مراحل نموه، ووصف سكنر الطفل بأنه يولد وذهنه صفحة بيضاء خالية من اللغة تماماً، وعندما ينجح الطفل في اكتساب عادة اللغة معقدة التكوين ـ نتيجة التدريب المتواصل الذي يخضع لنظام وتَحَكُّمٍ ـ فإن ذلك يمكنه من تعلم عادات لغوية أخرى، وهكذا. وعدّ سكنر التفكير نوعاً من السلوك البشري مثل السلوك اللغوي، وأشار إلى عدم جواز التمييز بينهما على أساس أنهما شيئان مختلفان.
نظريات أساسية في علم اللغة النفسي:
ـ نظرية شترن:
تتسم نظرية شترن W.L.Stern بالعقلانية، وهو يميز بين ثلاثة أصول للكلام، هي: الميل التعبيري والميل الاجتماعي والميل القصدي، أما الميلان الاجتماعي والتعبيري فهما وراء ما يلاحظ من مبادئ اللغة لدى الحيوانات، والميل القصدي يميز الإنسان على وجه الخصوص. ويحدد شترن القصدية على أنها توجيه نحو مضمون أو معنى معيّن، ويرى أن الطفل في عامه الثاني يصبح واعياً الرموز والحاجة إليها، ويعتقد شترن أن اكتشاف الطفل للوظيفة الرمزية للكلام يمثل فعلاً عملية تفكيرية بكل معنى هذه الكلمة؛ إذ إن فهم العلاقة بين الرمز والمعنى تختلف من حيث المبدأ عن الاستخدام البسيط للصور الصوتية وصور الموضوعات وارتباطاتها الحسية.
ـ نظرية بياجيه:
يطلق على نظرية بياجيه Jean Piaget النظرية التكوينية؛ لأنها تتناول اللغة في إطار تكوينها عند الطفل ودورها في نمو الإدراك والفكر، واللغة برأيه تنظيم قائم ضمن المجتمع، وقد أفرد بياجيه مساحة كبيرة لبحث العلاقة بين اللغة والفكر، ويرى أن النمو الفكري يتم بذاته، ويتبعه التطور اللغوي، فالنمو الفكري سابق للنمو اللغوي، والنمو العقلي وطرق تمثل الأشياء تسير بمرحلة العمل action ثم الصورة image ثم اللغة langue.
ـ نظرية فيغوتسكي:
عرض فيغوتسكي L.S.Vygotsky العلاقة بين الفكر واللغة، فمعنى الكلمة يمثل الارتباط الوثيق بين الفكر واللغة، فالكلمة الخالية من المعنى ليست إلا صوتاً أجوف، ولا تعدّ كلمة، ومعنى الكلمة ليس إلا تعميماً أو مفهوماً، والتعميم والمفهوم هما أكثر وظائف الفكر خصوصية.
ويفرق فيغوتسكي بين مستويين مختلفين من الكلام، أولهما المظهر الداخلي الدلالي للكلام، وثانيهما المظهر الخارجي الصوتي الذي يبدأ عند الطفل من كلمة واحدة، ثم يربط الطفل بين كلمتين أو ثلاث، ومن ثم يؤلّف جملاً قصيرة في البدء، وطويلة بعد ذلك؛ أي يمثل انتقالاً من الجزء (الكلمة) إلى الكل (الجملة).
ـ نظرية تشومسكي:
اللغة في رأي تشومسكي Noam Chomsky عملية عقلية معقدة، والإنسان يولد ولديه قدرة لغوية محدودة تساعده على اكتساب أيّ لغة يعيش في مجتمعها. وأضاف تشومسكي صفة مهمّة للغة، وهي قدرة المتكلم بلغة معيّنة على تأليف جمل وتعابير جديدة لم يستخدمها أحد من قبله وابتكارها، أو على الأقل لم يسمعها هو نفسه من قبل.
إن ما عرض سابقاً هو بعض النظريات اللغوية الأساسية، وتوجد دراسات نظرية أخرى غيرها، منها على سبيل المثال دراسات دي سوسور F.de Saussur وبوس Boas وسابير Sapir وبلومفيلد Bloomfield وغيرهم.
علم اللغة التطبيقي:
يهتم هذا المجال بتطبيقات اللغة علماً في المجالات المختلفة، مثل:
علم اللغة النفسي الذي تم تعريفه بداية وعلم اللغة الاجتماعي الذي يُعْنَى بتأثير المجتمع في اللغة واللغة في المجتمع، ويدرس مشكلة اللهجات الجغرافية والطبقية، والازدواج اللغوي وما شابه ذلك. وعلم اللغة الآلي الذي يدرس تطوير المادة اللغوية للحاسوب والاستفادة منه في الدراسات اللغوية.
ومن تطبيقات اللغة الأخرى صناعة المعاجم وإعداد المعاجم أحادية اللغة وثنائية اللغة أو متعددة اللغات، وتنسيق المواد اللغوية وجمعها وأساليب عرضها… وتعليم اللغات، وهو أهم فروع علم اللغة التطبيقي على الإطلاق، وهو الذي يعنى بكلّ ما له صلة بتعليم اللغات من أمور نفسية واجتماعية وتربوية بما في ذلك الاتجاهات والطرائق المختلفة والتقنيات التربوية، إضافة إلى دراسة أوجه الشبه والاختلاف بين اللغات المختلفة والصعوبات التي تواجه دارسي اللغات الأجنبية، وكذلك تصميم الاختبارات في اللغات المختلفة وطرق تحسينها بمحتواها وجوانبها الفنية، وأخيراً طرائق محو الأمية وأساليب تعليم الكبار وطرق التعليم المستمر.
عبد الستار الضاهر
Psycholinguistics - Psycholinguistique
النفسي (علم اللغة ـ)
علم اللغة النفسي psycholinguistics (علم نفس اللغة) هو المدخل النفسي للغة، حيث يعدها رد فعلٍ للعمليات العقلية، والتفكير، ومحاولة فهم الدوافع، والاحتياجات المختلفة للإنسان في أثناء وجوده في المواقف الاجتماعية المختلفة في ضوء ما يتعرض له من مثيرات وما يصدر عنه من استجابات تعكس قدرته على التكيف والتوافق النفسي مستنداً في ذلك إلى خبراته السابقة وخصائصه الشخصية.
ويهتم هذا المدخل أيضاً بصور التعبير المختلفة للإنسان سواء منها اللفظية أم غير اللفظية التي تعتمد على الإشارات والحركات الجسمية، بوصفها جميعاً تعكس الدوافع الكامنة في أعماق النفس البشرية، إضافة إلى الاهتمام بالطبيعة الصوتية للغة ووظيفتها الاجتماعية والتنوع البنيوي اللغوي واستخدامه بين الأفراد من مجتمع إنساني إلى آخر.
وقد أفاد علم اللغة النفسي في الآونة الأخيرة من نظريتي التعلم والاتصال ومن ثورة المعلومات، مما أدى إلى تحسين العلاقة بين أركان عملية الاتصال (المرسل والمستقبل والرسالة) وتطويرها. ويركز هذا المدخل على فهم المعنى النفسي (دلالة الألفاظ)، أو المعنى الدلالي الذي يختلف من فرد إلى آخر وفقاً لما يسميه علماء النفس بالتمايز الدلالي للألفاظ semantic differentiation.
ويُبرِز علم اللغة النفسي الروابط المختلفة بين الظواهر اللغوية والدراسات النفسية للعمليات العقلية لكل من الذاكرة والحالات الوجدانية والنفسية، مما يُتيح الفرصة لفهم كثير من الظواهر اللغوية فهماً متعمقاً وتفسيرها.
يُعْنى علم اللغة النفسي بدراسة اكتساب اللغة عند الأطفال خاصة، إضافة إلى دراسة العوامل المؤثرة في ذلك بيولوجية كانت أو نفسية أو اجتماعية. كما يبحث في تعلم اللغات الأجنبية والعوامل المؤثرة في ذلك، ويعنى بدراسة عيوب النطق والكلام… إلخ. ويدخل ضمن اهتمام هذا العلم الحالة التي عليها كل من الشخص المرسل والمتلقي (المستقبل).
لقد اتسع علم اللغة النفسي، فتحدد موضوعه بدراسة ظاهرة الكلام من حيث كيفية نشأتها لدى المرسل وكيفية تحققها لدى المستقبل. وإذا كان علم اللغة يهتم بالتراكيب والبنى اللغوية فإن علم اللغة النفسي يهتم بتتبع كيفية اكتساب اللغة و قيام الأنظمة اللغوية بوظيفتها بين المرسل والمستقبل إلى جانب اهتمام هذا العلم بالأداء الكلامي وكيفية استعمال اللغة.
ولا يعدّ علم اللغة النفسي علماً قائماً بذاته، بل يقوم على العلاقات المتبادلة بين علم النفس من جهة واللسانيات أو علوم اللغة من جهة أخرى. ويدرس اللغة في استخداماتها اليومية، ويفيد من طرائق تدريسها وسيكولوجية تعلمها ومن مدارس علم النفس المختلفة؛ وذلك في علاج عيوب النطق وتعليم القراءة والكتابة سواء اللغة الأم أم اللغات الأجنبية.
ـ مجالات الدراسة في علم اللغة النفسي:
تركز الدراسة في علم اللغة النفسي على الأساس الفيزيائي والعضوي والعصبي للغة من جهة وعلى الأساس النفسي للغة من جهة ثانية. ويتناول الأساس الأول الجانب الصوتي والمرئي للغة، والحواس التي تنقل اللغة إلى الإنسان، وهي حواس السمع والبصر وكذلك اللمس للمكفوفين. كما يشتمل على النواحي البيولوجية والفيزيولوجية للغة، إضافة إلى الأساس العصبي لها عند المتحدث والمتلقي والقارئ. ويختص الأساس النفسي بالعمليات الذهنية المختلفة التي يتم فيها اكتساب اللغة منذ الطفولة وفي مدارج العمر التالية، وكذلك بتعلم اللغات الأجنبية إلى جانب اللغة القومية.
ويعدّ اكتساب اللغة الأم من أساسيات علم اللغة النفسي، فهي اللغة الأولى التي ينطق بها الطفل في المراحل المبكرة من العمر والتي تؤثر في عملية اكتسابها مؤثرات بيولوجية وفيزيولوجية واجتماعية. كما أن تعلم اللغات الأجنبية بجانب اللغة الأصلية أو اللغة الأم أمر جوهري في علم اللغة النفسي، ويختص ذلك بالبحث في العوامل المختلفة المؤثرة في تعلم اللغات، ومنها عوامل داخلية وخارجية، ومساعدة، ومُعوِّقة.
يضاف إلى ذلك الاضطرابات اللغوية الخاصة بعيوب النطق والكلام نتيجة إصابة بعض أجهزة الإنسان ذات الصلة باللغة (اضطراب أو تلف في أجهزة النطق أو في المراكز العصبية بالمخ…إلخ)، وتعد هذه الاضطرابات اللغوية جانباً مهماً من جوانب الدراسة في علم اللغة النفسي، إذ إن هذه الاضطرابات تؤثر من الناحية النفسية في شخصية الفرد.
من الدراسات الحديثة في مجال علم اللغة النفسي:
ـ دراسات ثورندايك:
أشار ثورندايك E.L.Thorndike إلى أن وظيفة اللغة تقوم على التعبير عن أفكار الإنسان المتكلم أو عواطفه ووجداناته، وقد تعرض هذا الرأي لمجموعة من الانتقادات، إذ إن اللغة لا تستعمل للتعبير فقط، ولكنها تستعمل أيضاً لإثارة أفكار السامع ومشاعره، بل قد تدفعه إلى العمل والحركة…
ـ دراسات واطسون:
يُعدّ واطسون J.B.Watson من روّاد المدرسة السلوكية، وعدّ اللغة هي الكلام المنطوق فعلاً، وعدّ التفكير نوعاً من الكلام الداخلي.
ـ دراسات باڤلوڤ:
إن اللغة عند باڤلوڤ I.Pavlov تتألف من ردود أفعال أو استجابات للمؤثرات الخارجية بحيث يؤدي الشكل المقبول اجتماعياً منها إلى تكوين عادة لدى الفرد، وهذه العادة يتم تكوينها وتثبيتها عن طريق الثواب الذي يقدمه المجتمع للفرد ابتداء من الوالدين وامتداداً إلى باقي أفراد المجتمع ومؤسساته، وبذلك يتعلم الطفل اللغة ويحفظ ويختزن عدداً محدوداً من نماذج الجمل، وعندما يتأثر الفرد بمؤثر خارجي يستجيب له بإحدى هذه النماذج المخزونة.
ـ دراسات سكِنر:
أشارت تجارب سكِنر B.F.Skinner إلى اللغة على أنها عادة مكتسبة، مثلها في ذلك مثل عادات الإنسان الأخرى التي يكتسبها عبر مراحل نموه، ووصف سكنر الطفل بأنه يولد وذهنه صفحة بيضاء خالية من اللغة تماماً، وعندما ينجح الطفل في اكتساب عادة اللغة معقدة التكوين ـ نتيجة التدريب المتواصل الذي يخضع لنظام وتَحَكُّمٍ ـ فإن ذلك يمكنه من تعلم عادات لغوية أخرى، وهكذا. وعدّ سكنر التفكير نوعاً من السلوك البشري مثل السلوك اللغوي، وأشار إلى عدم جواز التمييز بينهما على أساس أنهما شيئان مختلفان.
نظريات أساسية في علم اللغة النفسي:
ـ نظرية شترن:
تتسم نظرية شترن W.L.Stern بالعقلانية، وهو يميز بين ثلاثة أصول للكلام، هي: الميل التعبيري والميل الاجتماعي والميل القصدي، أما الميلان الاجتماعي والتعبيري فهما وراء ما يلاحظ من مبادئ اللغة لدى الحيوانات، والميل القصدي يميز الإنسان على وجه الخصوص. ويحدد شترن القصدية على أنها توجيه نحو مضمون أو معنى معيّن، ويرى أن الطفل في عامه الثاني يصبح واعياً الرموز والحاجة إليها، ويعتقد شترن أن اكتشاف الطفل للوظيفة الرمزية للكلام يمثل فعلاً عملية تفكيرية بكل معنى هذه الكلمة؛ إذ إن فهم العلاقة بين الرمز والمعنى تختلف من حيث المبدأ عن الاستخدام البسيط للصور الصوتية وصور الموضوعات وارتباطاتها الحسية.
ـ نظرية بياجيه:
يطلق على نظرية بياجيه Jean Piaget النظرية التكوينية؛ لأنها تتناول اللغة في إطار تكوينها عند الطفل ودورها في نمو الإدراك والفكر، واللغة برأيه تنظيم قائم ضمن المجتمع، وقد أفرد بياجيه مساحة كبيرة لبحث العلاقة بين اللغة والفكر، ويرى أن النمو الفكري يتم بذاته، ويتبعه التطور اللغوي، فالنمو الفكري سابق للنمو اللغوي، والنمو العقلي وطرق تمثل الأشياء تسير بمرحلة العمل action ثم الصورة image ثم اللغة langue.
ـ نظرية فيغوتسكي:
عرض فيغوتسكي L.S.Vygotsky العلاقة بين الفكر واللغة، فمعنى الكلمة يمثل الارتباط الوثيق بين الفكر واللغة، فالكلمة الخالية من المعنى ليست إلا صوتاً أجوف، ولا تعدّ كلمة، ومعنى الكلمة ليس إلا تعميماً أو مفهوماً، والتعميم والمفهوم هما أكثر وظائف الفكر خصوصية.
ويفرق فيغوتسكي بين مستويين مختلفين من الكلام، أولهما المظهر الداخلي الدلالي للكلام، وثانيهما المظهر الخارجي الصوتي الذي يبدأ عند الطفل من كلمة واحدة، ثم يربط الطفل بين كلمتين أو ثلاث، ومن ثم يؤلّف جملاً قصيرة في البدء، وطويلة بعد ذلك؛ أي يمثل انتقالاً من الجزء (الكلمة) إلى الكل (الجملة).
ـ نظرية تشومسكي:
اللغة في رأي تشومسكي Noam Chomsky عملية عقلية معقدة، والإنسان يولد ولديه قدرة لغوية محدودة تساعده على اكتساب أيّ لغة يعيش في مجتمعها. وأضاف تشومسكي صفة مهمّة للغة، وهي قدرة المتكلم بلغة معيّنة على تأليف جمل وتعابير جديدة لم يستخدمها أحد من قبله وابتكارها، أو على الأقل لم يسمعها هو نفسه من قبل.
إن ما عرض سابقاً هو بعض النظريات اللغوية الأساسية، وتوجد دراسات نظرية أخرى غيرها، منها على سبيل المثال دراسات دي سوسور F.de Saussur وبوس Boas وسابير Sapir وبلومفيلد Bloomfield وغيرهم.
علم اللغة التطبيقي:
يهتم هذا المجال بتطبيقات اللغة علماً في المجالات المختلفة، مثل:
علم اللغة النفسي الذي تم تعريفه بداية وعلم اللغة الاجتماعي الذي يُعْنَى بتأثير المجتمع في اللغة واللغة في المجتمع، ويدرس مشكلة اللهجات الجغرافية والطبقية، والازدواج اللغوي وما شابه ذلك. وعلم اللغة الآلي الذي يدرس تطوير المادة اللغوية للحاسوب والاستفادة منه في الدراسات اللغوية.
ومن تطبيقات اللغة الأخرى صناعة المعاجم وإعداد المعاجم أحادية اللغة وثنائية اللغة أو متعددة اللغات، وتنسيق المواد اللغوية وجمعها وأساليب عرضها… وتعليم اللغات، وهو أهم فروع علم اللغة التطبيقي على الإطلاق، وهو الذي يعنى بكلّ ما له صلة بتعليم اللغات من أمور نفسية واجتماعية وتربوية بما في ذلك الاتجاهات والطرائق المختلفة والتقنيات التربوية، إضافة إلى دراسة أوجه الشبه والاختلاف بين اللغات المختلفة والصعوبات التي تواجه دارسي اللغات الأجنبية، وكذلك تصميم الاختبارات في اللغات المختلفة وطرق تحسينها بمحتواها وجوانبها الفنية، وأخيراً طرائق محو الأمية وأساليب تعليم الكبار وطرق التعليم المستمر.
عبد الستار الضاهر