أزور اليوم، موطن الروح بعد مرور عشر سنوات.
-أعرفُ هنا، أيّ وجه يبادلني النظر، ذلك المارد اللامرئي الذي التقيته ذات زمن. .
-تصدعت كثير من البيوت، عقب الهزّات الأرضية التي عصفت بأرض المنطقة، بينما بقيت قبب الطين المتهالكة والتي تجاوز عمر بعضها المئة عام وظلت سالمة، لا يخذلنا الطين فهو مادتنا، أليس كذلك!؟
-هذه القبب جديرة باهتمام منظمة اليونسكو كتراث إنساني.
-أقف في مكانٍ يطلُّ على الصحراء: أفكرّ بالوجه الغربي من هنا، حيث خناصرة الأحص التي ترعرع فيها المتنبي:
أُحِبّ حِمْصاً إلى خُناصِرَةٍ وَكُلُّ نَفْسٍ تُحبّ مَحْيَاهَا
وأحبّها وتوفي فيها الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز صاحب القول الشهيرأنثروا القمحَ على رؤوسِ الجبال لكي لا يُقال: جاعَ طيرٌ في بلاد المسلمين)
تخفقُ في رأسي رايات ملك الملوك أذينة، وزنوبيا أوغستا يوم هتف الرومان بإمبراطورهم ( يا كلوديوس نجنّا من زنوبيا)
أفكّر بالوجه الغربي من هنا: وتلوح أوابد مدينة تغنّى بها عمرو بن كلثوم في مطلع معلقته الفخورة، إنها مدينة الأندرين:
أَلا هُبّي بِصَحنِكِ فَاصبَحينا وَلا تُبقي خُمورَ الأَندَرينا
مُشَعشَعَةً كَأَنَّ الحُصَّ فيها إِذا ما الماءُ خالَطَها سَخينا
تَجورُ بِذي اللُبانَةِ عَن هَواهُ إِذا ما ذاقَها حَتّى يَلينا
-تخيّل أن يكون وطنك مكانٌ يحده من الشمال قلعة سمعان العمودي ومن الغرب خناصرة الأحص، وشرقه الأندرين، وجنوبه جبال البلعاس و تدمر التي حلمت بها كاترين العظمى وبنت مدينة سانت بطرسبورغ لتكون بالميرا الشمال. .
كما ترون في الصور، وحده الخراب ينطق، بينما يتظاهر التاريخ بالنوم.
لينا هويان الحسن