هرمون النمو البقري bovine somatotropin (bST) .هرمون بروتيني تفرزه الغدة النخامية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هرمون النمو البقري bovine somatotropin (bST) .هرمون بروتيني تفرزه الغدة النخامية

    هرمون نمو بقري

    Bovine somatotropin - Somatotropine bovine

    هرمون النمو البقري

    هرمون النمو البقري bovine somatotropin (bST) (أو bovine growth hormone) هو هرمون بروتيني يفرزه الفص الأمامي من الغدة النخامية pituitary gland، وينتقل منها عبر الدم، وهو - كغيره من الهرمونات البروتينية (مثل الإنسولين insulin) - عديم الفعالية إذا أُخذ عن طريق الفم، وذلك على النقيض من الهرمونات الستروئيدية steroids الفعَّالة التي تؤخذ عن طريق الفم كالإستروجينات والبروجسترون المستخدمة في حبوب تنظيم الحمل.
    هرمون النمو كما يدُّل اسمه يُنظم أساساً نمو الكائن الحي من الثدييات، وله وظائف أخرى. وفي الخمسينيات من القرن العشرين استخدم هرمون النمو البقري حقناً في محاولة لتشجيع نمو الأطفال القصيري القامة، لكنها لم تنجح؛ بسبب اختلاف التركيب الكيمياوي لهرموني النمو البشري والبقري.
    تمكن الباحثون من إنتاج هذا الهرمون في المخبر باستخدام تقانات الهندسة الوراثية[ر]، ويُطلق على الهرمون المصنَّع اسم هرمون النمو البقري المأشوب recombinant bovine somatotropin (rbST).
    يُشارك هذا الهرمون هرمونات أخرى في تنظيم إنتاج اللبن (الحليب). وقد تبين أن كلاً من الهرمونين الطبيعي والمصنَّع المحقونين ينتقل عبر الدم إلى الكبد، وفيه يُنشَّط تكوين عامل النمو 1 المشابه للإنسولين insulin-like growth factor (IGF-1)، وهو هرمون بروتيني آخر يؤدي دوراً مهماً في تنظيم تحويل العناصر الغذائية إلى حليب.
    يُزيد هذا الهرمون المحقون كفاءة تحويل العناصر الغذائية إلى حليب في ضرع البقرة، وقد ثبت أن البقرة التي حُقنت بهرمون النمو تستهلك كميات أكبر من الأعلاف، ولما كان ما تحتاج إليه من أغذية تلزمها للمحافظة على جسمها يظل ثابتاً في الأحوال الطبيعية فإن ما يتبقى في جسمها من عناصر غذائية إضافية يُستخدم في إنتاج كميات أكبر من الحليب. ويمكن العثور على آثارٍ من الهرمون الطبيعي أو المحقون في حليب الأبقار، وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن حليب الأبقار التي حقنت بالهرمون لم يحتوِ على كميات أكبر منه عما يحتويه حليب الأبقار التي لم تُحقن به.
    يبلغ طول الموسم الإنتاجي القياسي للأبقار المحسَّنة عشرة أشهر، ويتزايد الإنتاج اليومي من الحليب بعد وضع البقرة للمولود أو المولودة ليصل إلى أقصاه بعد نحو 8 أسابيع من الوضع، ومن ثم يبتدئ الإنتاج اليومي بالتناقص التدريجي حتى نهاية الموسم. وتختلف معدلات تناقص إنتاج الحليب حسب نوعية الأبقار، وهي أبطأ في الأبقار الجيدة الإنتاج وأسرع في المنخفضة الإنتاج.
    عُرفت آثار هرمون النمو البقري في الماشية منذ اكتشفها الروسيان أزيموف وكروز Azimov and Krouz عام 1937، إذ لاحظا أن معاملة الأبقار بمستخلص من غددها النخامية زادت إنتاجها من الحليب، ثم عاد إلى مستواه السابق بعد إيقاف المعاملة، من دون حدوث آثار سيئة في الأبقار المعاملة. وحدّد يونغ Young عام 1947 المادة الفعَّالة في خلاصة النخامة بكونها هرمون النمو. وتأكد علماء بريطانيون من ذلك في أثناء الحرب العالمية الثانية، إلا أنه كان متعذراً الحصول على كميات كافية من الهرمون الطبيعي من الأبقار المذبوحة لاستخدامها على نطاق واسع.
    في الستينيات من القرن العشرين باشرت الشركة الأمريكية العملاقة مونسانتو Monsanto (وكانت آنذاك شركة للكيمياويات) أبحاثاً كثيرة حول تصنيع أجزاء من جزيء هرمون النمو البقري، وتبين لها أنه يجب أن تتوافر جميع الحموض الأمينية المكوِّنة للهرمون والبالغ عددها نحو 190 حمضاً أمينياً من هذه الأحماض لإنتاج آثارها. ولما كان من الصعب آنذاك تركيب بروتين يمتلك هذا الحجم فقد أوقفت العمل بهذا المشروع، ولكن التفكير بدأ قوياً ومستمراً بضرورة إنتاجه صنعياً، لما لذلك من فوائد تجارية كبيرة، ومن هنا باشرت العمل لإنتاج هرمون النمو البقري المأشوب. وتعاونت بين عامي 1973-1981 مع شركة ناشئة آنذاك أصبحت فيما بعد من كبريات شركات بحوث التقانات الحيوية biotechnologies، واسمها جِنتِك Gentech فأنتجت لمصلحة مونسانتو أول هرمون نمو بقري مصنّع.
    وفي عام 1982 بُوشر بإجراء دراسات حول هذا الهرمون في الولايات المتحدة الأمريكية، وأظهرت أبحاث في جامعة كورنيل عام 1985 أن استخدام هرمون النمو البقري المأشوب recombinant سبب زيادة في إنتاج الحليب من دون إضرار بصحة وسلامة الأبقار المعاملة به. وباشرت مونسانتو حملات دعائية واسعة له في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأوربا وغيرها، ولكن الحملات المناهضة لاستعماله بدأت في أوربا قبل أن تبدأ في بلد منشأ الهرمون، وكانت مرتكزة على أخطاره على سلامة الغذاء والإنسان والحيوان، والآثار الاقتصادية التي يمكن أن تصيب صغار المزارعين من زيادة إنتاج الحليب، والتي يمكن أن يستفيد منها كبار المزارعين فقط، وكان حزب الخضر في أوربا في مقدمة المعارضين لاستخدام هذا الهرمون، وساعدت مؤسسات كثيرة في بلدان عدة في الحملات المضادة. وفي عام 1990 سَنَّ الاتحاد الأوربي قراراً بتأجيل إصدار الموافقة على استخدام الهرمون حتى نهاية ذلك العام، ثم تم تمديد العمل بهذا التأجيل عدة مرات بعد ذلك، وفي عام 1991 أكدت المؤسسات الوطنية للصحة في الولايات المتحدة أن استخدام الهرمون غير ضار بالإنسان. وبعد دراسات ومناقشات علمية كثيرة حصلت شركة مونسانتو في عام 1993 على دعم لجنة المنتجات الطبية الجديدة Committee of New Medical Products. وفي العام ذاته اكتملت عمليات الموافقة عليه من قبل وكالة الغذاء والأدوية Food and Drug Administration (FDA) في حين مُدِّد العمل بالحظر الأوربي. وبوشر بيع الهرمون في الولايات المتحدة عام 1994 تحت اسم بوسيلاك Posilac، وتبيعه الشركة المصنعة مباشرة إلى المزارعين. وتقوم وكالة الغذاء والعقاقير بإصدار تقرير متابعة نصف سنوي حول هذا الهرمون، وفي عام 1999 أكَّدت هذه الوكالة سلامة الهرمون على الإنسان، في حين رفضت السلطات الكندية طلب شركة مونسانتو الترخيص لها بإنتاجه، كما أقّر الاتحاد الأوربي حظر استخدام هذا الهرمون، والذي كان يُمدَّد دورياً، وجعله قراراً دائماً.
    هنالك اعتراضات قوية في بلدان كثيرة على استخدام هرمون النمو البقري المأشوب لزيادة إنتاج الحليب، ولكثير منها أسس علمية جيدة، وزاد من تشجيعها ظهور آثار حالات مرض جنون الأبقار الذي ظهر في بريطانيا، ثم تبعها في عدد من الدول الأخرى في التسعينيات - وليس لها بالتأكيد علاقة بهرمون النمو-، وزاد من تخوف الأوربيين الآثار الضارة للهرمونات الستيروئيدية مما أدى إلى المنع الحازم لاستخدامها في غذاء الحيوان أو إعطائها له بوسائل أخرى، وكذلك خشية الكثيرين من احتمال زيادة إصابة الأبقار بالتهابات الضرع mastitis وما يُرافق ذلك من معالجتها بالصادات الحيوية antibiotics، ومن ثم احتمال انتقال بعض الصادات في الحليب إلى الإنسان، وقد شجَّعت الحملات الإعلامية المركَّزة الأوربيين - حكومات وشعوباً- على مقاومة استخدام هذا الهرمون في الأبقار. كما أن السلطات الصحية الكندية فرضت حظراً على استخدامه في الأبقار، وذلك لقدرته على إحداث نقص في الخصوبة وعاهات في المواليد، إضافة إلى السرطان وإلى تشويشات مناعية. وأظهرت دراسات أخرى ارتباط عامل النمو 1 المشابه للإنسولين (IGF-1) بسرطانَيْ الثدي والبروستات. وقد اعترض بعض الباحثين على ذلك منوهين إلى أن الفروق الموجودة بين الأنواع species هي فروق ملموسة وكافية لمنع حدوث الأضرار في الإنسان (أي إن هرمون النمو البقري المأشوب لا يُنتج تأثيراً ضاراً عنده)، وادَّعت شركة مونسانتو، وهي المنتج الأكبر لهذا الهرمون في العالم أن هذه الكميات صغيرة جداً، وأن هضمها كامل تماماً، وهذا يعني - بحسب رأيها- أنها لا تُضر بالإنسان. كما ادعت عدم وجود فروق معنوية بين كمية الهرمون في حليب الأبقار المعاملة وغير المعاملة. ولكن آخرين يشيرون إلى أن زيادة مستوى العامل المذكور في حليب الأبقار المعاملة بالهرمون مقابل غير المعاملة به يُمكن أن تحدث آثاراً ضارة بالإنسان الذي يستهلك حليب الأبقار المعاملة، ويقولون إن هرمون النمو البقري الطبيعي والمأشوب يختلفان في نوعية الحموض الأمينية، وإن هذا الفرق يمكن أن يُحدث تغييرات ملموسة في الخواص المناعية لكل منهما. وفي عام 2006 نشرت مجلة الطب التناسلي Journal of Reproductive Medicine بحثاً لغاري ستاينمن Gary Steinman اقترح فيه وجود علاقة بين عامل النمو المشابه للإنسولين وحدوث الولادات التوءامية.
    أسامة عارف العوا
يعمل...
X